إذا كان نقد الحداثة يشكل محورًا أساسيًا من محاور هذا الكتاب، فإن نقد الخطاب القومي يشكل المحور الأساسي الثاني له. فقد جرت العادة على القول بأن الجيش الذي أسسه محمد علي قد أعطى الفلاحين «حق» حمل السلاح والدفاع عن الوطن والذود عن شرفه، فاستطاعوا بذلك أن يتعرفوا على هويّتهم الحقيقية، أي كونهم في الأساس وبشكل جوهري مصريين، وأن هويتهم العثمانية أو الإسلامية هويّات ثانوية وفرعية. وقد قيل مثلا في هذا السياق أن الفلاحين «الذين كانوا قد رُبطوا بالأرض عدة قرون حرموا فيها من حريتهم قد عادوا أخيرًا إلى الحياة وأفاقوا من وهدتهم وتلقوا لأول مرة منذ عهد صلاح الدين الدروس الأولية في المواطنة والقومية(57)».

