وكما قلنا من قبل لا يجب أن يُفهم هذا التحول من تنظيم يقوم على فرض النظام باللجوء إلى الاستخدام الوحشي المفرط للقوة إلى تنظيم آخر أكثر خفاء وبعدا وأقل شخصنة كتحول إلى تطبيق أكثر تنورا وإصلاحية للقانون، وإنما هو يبرهن بالأحرى على ما يسميه فوكو في كتابه «المراقبة والعقاب» تحولا من العقاب الاستعراضي إلى العقاب التمثيلي، ثم إلى العقاب الانضباطي. لم تكن المثل الإنسانية العقلانية التقدمية للتنوير هي التي أملت هذا التحول، وإنما أملته الحاجة إلى جعل سلطة العاهل (محمد علي في هذه الحالة) محتملة ومقبولة من جانب رعاياه. لأن «السلطة لا تكون محتملة إلا إذا أخفت جانبا معتبرا من ذاتها»(459). ومن هنا كان هذا
...more

