ويؤيد تتبع سياسة وزير الخارجية البريطاني تجاه الباشا من الشهور الأولى للأزمة السورية الأولى في أعوام ١٨٣١ ـ ١٨٣٣ إلى الشهور الحاسمة من الأزمة الثانية لأعوام ١٨٣٩ ـ ١٨٤١ ما ذهبنا إليه من أن الخوف من التوسع الروسي، لا الاهتمام بالأسواق البريطانية في شرق المتوسط، هو الذي أفزع بالمرستون من احتكارات محمد علي. ففي خلال الشهور الأولى من الأزمة الأولى، كما ذكرنا في الفصل الأول، لم يكد وزير الخارجية البريطاني يقول شيئا، مفضلا فيما يبدو أن يعتبر الأزمة شأنا عثمانيا داخليا: «لا توجد كلمة واحدة [من بالمرستون] سواء للقسطنطينية [إسطنبول] أو للإسكندرية أو للسفراء البريطانيين في باريس وفيينا وسان بطرسبرج
ويؤيد تتبع سياسة وزير الخارجية البريطاني تجاه الباشا من الشهور الأولى للأزمة السورية الأولى في أعوام ١٨٣١ ـ ١٨٣٣ إلى الشهور الحاسمة من الأزمة الثانية لأعوام ١٨٣٩ ـ ١٨٤١ ما ذهبنا إليه من أن الخوف من التوسع الروسي، لا الاهتمام بالأسواق البريطانية في شرق المتوسط، هو الذي أفزع بالمرستون من احتكارات محمد علي. ففي خلال الشهور الأولى من الأزمة الأولى، كما ذكرنا في الفصل الأول، لم يكد وزير الخارجية البريطاني يقول شيئا، مفضلا فيما يبدو أن يعتبر الأزمة شأنا عثمانيا داخليا: «لا توجد كلمة واحدة [من بالمرستون] سواء للقسطنطينية [إسطنبول] أو للإسكندرية أو للسفراء البريطانيين في باريس وفيينا وسان بطرسبرج [عاصمة روسيا آنذاك]؛ ولا تكاد توجد ملاحظات تُذكر [بخطه] خلال عام ١٨٣٢ على [هوامش] البرقيات القادمة من هذه العواصم وتمس مسألة الحرب السورية»(1094). وقد دفع ذلك بعض المؤرخين إلى القول بأن بالمرستون لم يكن قد عزم أمره بعد على الحصان الذي سيراهن عليه، إن جاز التعبير، أهو السلطان أم محمد علي(1095)؟ في هذا الوقت الحرج كان السؤال الذي يدور في ذهن بالمرستون هو: أيهما يسبب ضررا أكبر للمصالح البريطانية؛ معارضة بريطانيا لمحمد علي، والتي ستؤدي إلى زيادة ميله تجاه فرنسا، وبالتالي زيادة نفوذها في مصر، أم تركه سادرا في هجومه على السلطان بغير عقاب، الأمر الذي سيعرض وجود الدولة العثمانية ذاته للخطر؟ وقد انتهى بالمرستون في وقت مبكر يرجع إلى سبتمبر ١٨٣٢ إلى أنه: إذا ضُرب السلطان ربما تتناثر إمبراطوريته أشلاء، وستؤثر طريقة التصرف في هذه الشظايا تأثيرا أساسيا على توازن القوى في أوربا؛ وستستفيد روسيا من التكالب بدرجة ربما تكون مقلقة للغاية لجيرانها. صحيح أننا إذا قمنا بمقاومة تقدم محمد [علي] ورحبت به فرنسا ونج...
...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.