إذا نظرنا لمحمد علي كحاكم لولاية عثمانية مهتم بشكل دائم بوضعه داخل الدولة العثمانية، ينصب قلقه على مستقبل أسرته بعد وفاته، وهو ما يشكل رؤيته هو بالتأكيد، لن يكون الخصم اللدود للباشا هو السلطان محمود، الذي قضى حياته بأكملها يقاتله، ولا حتى اللورد بالمرستون Lord Palmerston، وزير الخارجية البريطاني (الذي سنعود إليه بعد قليل)، وإنما محمد خسرو باشا، عدوه القديم الذي التقى به لأول مرة عام ١٨٠١، والذي عُين منذ ذلك الحين واليا على ولايات مختلفة في الأناضول والروم ايلي، وقائدًا عامًا للأسطول العثماني، وأصبح في نهاية المطاف الصدر الأعظم أكثر من مرة في تاريخ خدمته العامة الطويل. والواقع أن سيرة حياة
إذا نظرنا لمحمد علي كحاكم لولاية عثمانية مهتم بشكل دائم بوضعه داخل الدولة العثمانية، ينصب قلقه على مستقبل أسرته بعد وفاته، وهو ما يشكل رؤيته هو بالتأكيد، لن يكون الخصم اللدود للباشا هو السلطان محمود، الذي قضى حياته بأكملها يقاتله، ولا حتى اللورد بالمرستون Lord Palmerston، وزير الخارجية البريطاني (الذي سنعود إليه بعد قليل)، وإنما محمد خسرو باشا، عدوه القديم الذي التقى به لأول مرة عام ١٨٠١، والذي عُين منذ ذلك الحين واليا على ولايات مختلفة في الأناضول والروم ايلي، وقائدًا عامًا للأسطول العثماني، وأصبح في نهاية المطاف الصدر الأعظم أكثر من مرة في تاريخ خدمته العامة الطويل. والواقع أن سيرة حياة الرجلين وعقليتيهما تبدوان متشابهتان بشكل ملحوظ: فكلاهما كان مهتما بالإصلاحات العسكرية، ومعنيا بمصير الدولة العثمانية، ومتلهفا على المساهمة في الدفاع عنها. ولكن بينما نجح محمد علي في تحويل مصر إلى إقطاعية تخصه واستثمرها لصالحه ولصالح أسرته، مع التفكير في ذات الوقت في أنه يقدم بذلك نموذجا لكيفية إصلاح الدولة العثمانية، كان خسرو أقل حظا بكثير. فلم يحكم أبدا ولاية غنية كولاية محمد علي ليجرب فيها على نطاق ضيق أفكاره بشأن كيفية تجديد شباب الدولة، ومع أنه كان محسوبا من محاسيب الموظفين ذوي العقلية الإصلاحية، فإنه لم يصل أبدا إلى تحقيق نجاح مشابه لنجاح الباشا المصري في وضع أفكاره عن الإصلاح العسكري موضع التطبيق، هذا برغم توليه لأسمى مناصب الدولة العثمانية العسكرية المدنية في تاريخه الطويل النشط. وإذا كان خسرو قد صادف العديد من العقبات في طريقه لتطبيق أفكاره، فإن محمد علي ذاته كان أحد أهم هذه العقبات. وكان هذا الشعور بالعداء متبادلا، لأن الباشا المصري كان مقتنعا بأن خسرو يقود عصبة في إسطنبول مصممة ...
...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.