وكان المأمول في هذا النظام أن يستهدف عقول المجندين، لا أجسادهم وحدها؛ بحيث يستطيع، بكلمات مفكر عسكري فرنسي في القرن الثامن عشر، أن يربطهم «بقيد من أفكارهم ذاتها» بأكثر مما «يقيدهم بسلاسل حديدية»(451). وهناك حدثان يمكن استخدامهما لإيضاح تحول أجهزة محمد علي تدريجيا إلى نظام سيطرة خفي وأقل انكشافا، نظام لا يعتمد على مشهد العقاب الاستعراضي ولكن على فكرة النظام، وهو تنظيم يمكن وصفه بأنه «الحكم عن بعد»(452). يروي هنري صولت، القنصل البريطاني العام في العشرينيات، الحدث الأول، الذي يتعلق بضابط يسمى كُرد علي. فبعد أن سجنه جنوده بسبب تأخر توزيع عطاياهم كلمهم في إنهاء عصيانهم وتسليم أنفسهم «لأنه ليس له
...more

