حين ننظر في سيرة محمد علي من هذا المنظور لن تبدو لنا سيرة لقائد وطني قاتل باجتهاد ليخلص مصر من عبء القهر الأجنبي الثقيل، ولكن كمصلح إشكالي للدولة العثمانية، بيَّن لإداريي إسطنبول، عن طريق التغييرات العديدة التي عمل على إدخالها في الاقتصاد والمجتمع المصري، نموذجا لكيفية إجراء الإصلاحات التي كانت الدولة في أشد الحاجة إليها في أراضيها المركزية. لم يكن محمد علي في عمله هذا مدفوعا بأية رغبة في تحسين نصيب المصريين، ناهيك عن إنقاذهم من «القهر الأجنبي»، وإنما كان مدفوعا برغبته الملحة الثابتة في تأمين وضعه القلق كوالٍ على مصر.

