وفي الشهر التالي، أي في أبريل ١٨٢٤، أتيحت للقوات الجديدة فرصة ثالثة لتُظهر مدى ولائها وانضباطها وإمكانية الاعتماد عليها. فقد نشبت انتفاضة كبيرة في الصعيد ضد سياسات الباشا في التجنيد والضرائب، وشارك أكثر من ٣٠ ألف رجل وامرأة في التمرد الذي قاده شيخ يدعى رضوان، ادعى أنه المهدي المنتظر وأعلن كفر محمد علي. وزحف السكان المحليون على مقرات حكم الحكام المحليين عدة مرات وأَسروهم(322). واتضح أن التمرد بالغ الخطورة، وبدأ يمتد إلى المديريات المجاورة في مصر الوسطى التي كان التجنيد قد طُبق عليها بالفعل في نفس العام. وقد حاولت السلطات أن تُخمد التمرد بمختلف وسائل التهديد والإرهاب(323)، وحين ثبت عدم تأثير هذه
وفي الشهر التالي، أي في أبريل ١٨٢٤، أتيحت للقوات الجديدة فرصة ثالثة لتُظهر مدى ولائها وانضباطها وإمكانية الاعتماد عليها. فقد نشبت انتفاضة كبيرة في الصعيد ضد سياسات الباشا في التجنيد والضرائب، وشارك أكثر من ٣٠ ألف رجل وامرأة في التمرد الذي قاده شيخ يدعى رضوان، ادعى أنه المهدي المنتظر وأعلن كفر محمد علي. وزحف السكان المحليون على مقرات حكم الحكام المحليين عدة مرات وأَسروهم(322). واتضح أن التمرد بالغ الخطورة، وبدأ يمتد إلى المديريات المجاورة في مصر الوسطى التي كان التجنيد قد طُبق عليها بالفعل في نفس العام. وقد حاولت السلطات أن تُخمد التمرد بمختلف وسائل التهديد والإرهاب(323)، وحين ثبت عدم تأثير هذه التدابير ولم تبد أية علامة على انحسار التمرد، تقرر في نهاية المطاف أن تُرسل بعض القوات المدربة حديثا لتحارب المتمردين. وكان هذا قرارا خطيرا للغاية، بالنظر إلى أن معظم الجنود آنذاك كانوا مجندين من قرى الصعيد، أي من ذات المديريات التي أرسلوا لإخماد انتفاضتها. وفي البداية لقيت القوات مقاومة شرسة من القرويين وهوجم بعض الضباط وقتلوا(324)، بل وانتشرت شائعات بأن التمرد قد امتد إلى الجيش ذاته، وأن حوالي ٧٠٠ جندي قد انضموا إلى المتمردين، فأمر الباشا بإجراء تحقيق فوري منذرا بإعدام من يثبت عليه الاتهام.وفي النهاية أعدم ٤٥ ضابطا رميا بالرصاص أمام جنودهم(325). وفي نهاية المطاف أخمد عثمان بك، ميرالاي (عقيد) الآلاي الأول وهو في طريقه إلى السودان. فقد هاجم، على رأس قوته المشكلة من ٥٠٠ فارس و٣ آلاف من المشاة من القوات المدربة حديثا مركز التمرد بالقرب من قنا حيث كان يختبئ «رضوان الأحمق». فهرب الشيخ إلى الصحراء ووُزعت أوامر اعتقال على كل المديريات للقبض عليه. وفي مدة لا تتجاوز أسبوعين تم سحق تمرد الفلا...
...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.