غير أن ذلك التفسير تجانبه الحقيقة ويقدم قراءة غير دقيقة للمصالح البريطانية في الشرق الأوسط في منتصف القرن التاسع عشر ولمجمل سياستها الخارجية خلال عقدي الثلاثينيات والأربعينيات الحرجين من القرن التاسع عشر. لاشك أن بريطانيا قد عارضت محمد علي بقوة وتصميم، وأن بالمرستون، وزير الخارجية خلال معظم سنوات الثلاثينيات (١٨٣٠-٤، ١٨٣٥ - ١٤، ثم من ١٨٤٦ إلى ١٨٥١)، كان يمثل هذه العداوة أفضل تمثيل، حيث كان شخصيا يكره الباشا بشدة. وصحيح أيضا أن بالمرستون كان يرمي في حربه مع محمد علي إلى إلغاء الاحتكارات وأن معاهدة بالطة ليمان كانت صريحة في التأكيد على حظر كل الاحتكارات التجارية في طول الدولة العثمانية وعرضها.
غير أن ذلك التفسير تجانبه الحقيقة ويقدم قراءة غير دقيقة للمصالح البريطانية في الشرق الأوسط في منتصف القرن التاسع عشر ولمجمل سياستها الخارجية خلال عقدي الثلاثينيات والأربعينيات الحرجين من القرن التاسع عشر. لاشك أن بريطانيا قد عارضت محمد علي بقوة وتصميم، وأن بالمرستون، وزير الخارجية خلال معظم سنوات الثلاثينيات (١٨٣٠-٤، ١٨٣٥ - ١٤، ثم من ١٨٤٦ إلى ١٨٥١)، كان يمثل هذه العداوة أفضل تمثيل، حيث كان شخصيا يكره الباشا بشدة. وصحيح أيضا أن بالمرستون كان يرمي في حربه مع محمد علي إلى إلغاء الاحتكارات وأن معاهدة بالطة ليمان كانت صريحة في التأكيد على حظر كل الاحتكارات التجارية في طول الدولة العثمانية وعرضها. ومع ذلك لم تكن عداوة بريطانيا ولا كراهية بالمرستون الشخصية لتنتج فقط عن أي تهديد محسوس من جانب الصناعة المصرية الوليدة للمصانع البريطانية العتيدة. لأن البلاد حتى في ذروة خطط الباشا للـ «تصنيع» لم تكن تمتلك أكثر من سبعة أو ثمانية محركات بخارية، وكانت معظم المؤسسات الصناعية البالغ عددها ثلاثين أو أكثر يعتمد على الطاقة العضلية للعمال أنفسهم(1088). (قال سان جون عن زيارته للبلاد في الثلاثينيات من القرن الماضي: إن «المصانع أصابها الدمار، وهناك أكوام هائلة من الآلات، وقد بطل استخدامها، مغطاة بالصدأ»(1089)) ولا كانت بريطانيا مهتمة بإغلاق محمد علي للسوق المصري أمام السلع البريطانية، لأن الباشا، كما قالت عفاف مارسو Marsot، «حاول أن يخطب ود بريطانيا بوعدها بتسهيلات من كل نوع للتجارة البريطانية»(1090)، وارتفعت قيمة الصادرات البريطانية لمصر، جزئيا بسبب هذه التسهيلات، من ٤٩.٣٧٧ جنيه إسترليني عام ١٨٢٧ إلى ٢٣٧.٤٤٤ جنيه إسترليني عام ١٨٤٠، بينما ازدادت صادراتها من الأنسجة القطنية لمصر، وهي البند الذي يُ...
...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.