فإنه من المشكوك فيه أيضا، في ضوء ما رأيناه من قذارة مستشفيات الميدان وافتقارها للشروط الصحية، أن ثكنات الجنود، ناهيك عن مساكن زوجاتهن، كانت تتمتع بما أراده لها كلوت بك من شروط صحية وبناء سليم. ولكن حتى إذا كانت كذلك، تظل هناك مشكلة أخرى مهمة، وهي تحديد اللقاءات التي كانت تتم خلسة ولكن بانتظام، ليس بالزوجات، ولكن بالمومسات. وهناك بعض الدلائل التي تشير إلى أن الدعارة كانت مزدهرة للغاية في المدن الكبيرة في مصر وسوريا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر. ولم يكن ذلك بسبب أي انتشار مفاجئ للرذيلة، على نحو ما تمثلها شخصية مثل العالمة كوتشوك هانم(829) أو تختها، أو بسبب زيادة مفاجئة في عدد
فإنه من المشكوك فيه أيضا، في ضوء ما رأيناه من قذارة مستشفيات الميدان وافتقارها للشروط الصحية، أن ثكنات الجنود، ناهيك عن مساكن زوجاتهن، كانت تتمتع بما أراده لها كلوت بك من شروط صحية وبناء سليم. ولكن حتى إذا كانت كذلك، تظل هناك مشكلة أخرى مهمة، وهي تحديد اللقاءات التي كانت تتم خلسة ولكن بانتظام، ليس بالزوجات، ولكن بالمومسات. وهناك بعض الدلائل التي تشير إلى أن الدعارة كانت مزدهرة للغاية في المدن الكبيرة في مصر وسوريا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر. ولم يكن ذلك بسبب أي انتشار مفاجئ للرذيلة، على نحو ما تمثلها شخصية مثل العالمة كوتشوك هانم(829) أو تختها، أو بسبب زيادة مفاجئة في عدد «الخولات»(830) الذين يرقصون في الشوارع في ملابس نسائية. كما لا يرجع، على نحو ما ظن كلوت بك، إلى زيادة كبيرة في معدل الطلاق أو في المزاج الشهواني للنساء المصريات(831)، وإنما يرجع بالأحرى إلى الحراك الاجتماعي غير المسبوق، مع تجول آلاف الرجال من معسكر إلى آخر، ومن مدينة لأخرى. ومع ترك آلاف النساء وحيدات برحيل أزواجهن وآبائهن وأخوتهن: «اضطر العديد من الزوجات الشابات، وقد هُجرن بهذا الشكل، تحت وطأة الجوع أو لتجنب هلاك أبنائهن، إلى الانضمام إلى العوالم [أي الدعارة]، وسوف يكتسبن بالضرورة وبسرعة كل عاداتهن الخليعة»(832). وصف سان جون زيارة قام بها لبني سويف في مارس ١٨٣٣، من المرجح أنها تمثل مشهدا نموذجيا: عند وصولنا [إلى المدينة] كان ثمة صخب ونشاط غير عاديين بشكل ملحوظ في الشوارع... وسرعان ما اكتشف السبب: كان أحمد باشا يكن قد وصل على التو من الحجاز ومعه قسم من الجيش المصري(833)، وكان الجنود... يوزعون أنفسهم في كل أنحاء المدينة، ليخطفوا متعجلين المتع الفظة التي يجدونها في متناولهم. وبالتالي ظهرت كل الفتيا...
...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.