«نعم إن للطير شرفًا ليس للإنسان، فالإنسان يعيش في ظلال شرائع، وتقاليد ابتدعها لنفسه، أما الطيور فتحيا بسبب الناموس الكلي المطلق الذي يسير بالأرض حول الشمس». فلمعت عيناه وانبسطت ملامحه كأنه وجد بي تلميذًا سريع الفهم ثم قال: «أحسنت، أحسنت، فإذا كنت تعتقد حقيقةً بما تقول، فاترك الناس وتقاليدهم الفاسدة وشرائعهم التافهة، وعش كالطيور في مكان بعيد خالٍ إلا من ناموس الأرض والسماء». فقلت: «إني اعتقد بما أقول يا سيدي». فرفع يده وقال بصوت يمازجه التعنت، والتصلب: «الاعتقاد شيء والعمل به شيء آخر، كثيرون هم الذين يتكلمون كالبحر، أما حياتهم فشبيهة بالمستنقعات، كثيرون هم الذين يرفعون رؤوسهم فوق قمم الجبال،
...more