زرعتها في حقل بعيد عن سبل الزمن، وكنت أسهر بجانبها قائلًا إن السهر يدنينا من النجوم، وكنت أسقيها بدمي، ودموعي قائلًا: إن في الدم نكهة، وفي الدموع حلاوة، ولما عاد الربيع أزهرت نفسي ثانية. وفي الصيف أثمرت نفسي، ولما جاء الخريف جَمَعْتُ أثمارها الناضجة بأطباق من الذهب ووضعتها على ملتقى السبل، فمر الناس أفرادًا وجماعات، ولكن لم يمد أحد يده ليتناول منها. فأخذت إذ ذاك ثمرة وأكلت، فوجدتها حلوة كالشهد، لذيذة كالكوثر، طيبة كالخمرة البابلية، عطرة كأنفاس اليَاسَمِيْنِ، فصرخت قائلًا: «إن الناس لا يريدون البركة في أفواههم ولا الحق في أجوافهم، لأن البركة ابنة الدموع، والحق ابن الدماء».