الجامعة الإنسانية أقرب الجوامع إلى قلب الإنسان، وأعلقها بفؤاده وألصقها بنفسه؛ لأنه يبكي لمصاب من لا يعرف، وإن كان ذلك المصاب تاريخًا من التواريخ أو خيالًا من الخيالات؛ ولأنه لا يرى غريقًا يتخبط في الماء، أو محروقًا يتقلب في النار حتى تحدثه نفسه بالمخاطرة في سبيله، فيقف موقف الحزين المتلهف إن كان ضعيفًا، ويندفع اندفاع الشجاع المستقتل إن كان قويًّا. ويسمع وهو بالمشرق حديث النكبات بالمغرب، فيخفق قلبه وتطير نفسه؛ لأنه يعلم أنَّ أولئك المنكوبين إخوانه في الإنسانية، وإن لم يكن بينه وبينهم صلةٌ في أمرٍ سواها، ولولا أن ستارًا من الجهل والعصبية يُسْبِله كل يوم غلاة الوطنية والدين أو تجارهما على قلوب
...more

