إذا كان لك صديقٌ تحبه وتواليه، ثم هجمت من أخلاقه على ما لم يَحْلُ في نظرك ولم يتفق مع ما علمت من حاله وما اطَّرد عندك من أعماله، أو كان لك عدوٌّ تذمُّ طباعه، وتنقم منه شئونه، ثم برقت لك من جانب أخلاقه بارقة خير، فتحدَّثت بما قام في نفسك من مؤاخذة صديقك على الهفوة التي ذممتها، وحَمْدِ عدوك على الخلة التي حمدتها، عدَّك الناس مُتَلَوِّنًا، أو مُخَادِعًا، أو ذا وجهين، تمدح اليوم من تذمُّ بالأمس، وتذم في ساعةٍ من تمدح في أخرى، وقالوا: إنك تظهر ما لا تُضْمِرُ، وتخفي غير الذي تبدي. ولو أنصفوك لأعجبوا بك وبصدقك، ولأكبروا سلامة قلبك من هوى النفس وضلالها، ولسمَّوا ما بدا لهم منك اعتدالًا لا نفاقًا،
...more

