أيتها الشعرة البيضاء! ما أنت؟ وما وُفودك إليَّ؟ وما مكانك مني ومُقامك عندي؟ إنْ كنتِ ضيفًا فأين استئذان الضيف وتلطُّفه وتجمُّله وتودُّده؟ وإنْ كنت نذيرًا فأنا أعلم من الموت وشأنه ما لا أحتاج معه إلى نذير، فلم يبق إلا أن تكوني أوقح الخلائق وجهًا، وأصلبها خدًّا، وأنك قد نزلت من السماجة والفضول منزلةً لا أرى لك فيها شبيهًا إلا تلك الحية التي تلج كل جحر من أجحار الهوامِّ والحشرات تَعدُّه جحرَها، وتحسَبه بيتها.

