فإن المصريين الأصليين وهم الأقباط كانوا قد عانوا سلطة الأجانب أجيالًا متطاولة (الفرس فاليونان فالرومان) وهان عليهم الانتقال من سلطان إلى سلطان، فرارًا من الظلم أو الضغط، وكذلك أهل الشام، وهم أخلاط الآراميين والسريان والأنباط واليهود وغيرهم، وكان حظهم من ذلك مثل حظ جيرانهم المصريين وقد يئسوا من الاستقلال مثلهم، فلا يهمهم إذا كان حاكمهم روميًّا أو عربيًّا وإنما يهمهم أن يكون لهم راحة تحت سلطانه، وربما فضلوا العرب، لأنهم أقرب إليهم لغة ونسبًا وأخلاقًا، وزد على ذلك أن المرء من طبعه يرجو النفع من البعيد أكثر من القريب، ويتوسم الخير في القادم المجهول أكثر مما يتوسمه في الحاصل المعلوم، وعلى الخصوص
...more