فلما بايع أهلُ المدينة عليًّا بايعه أيضًا طلحةُ والزبير مكرهين، وخرجا إلى مكة فنصرهما أهلها، نكاية في أهل المدينة، ثم شخصا إلى العراق للاعتزاز بأحزابهما هناك فتبعهما علي بجنده، فجرت بين الجيشين واقعة الجمل الشهيرة بجوار البصرة، فقتل فيها طلحة والزبير وخلصت الخلافة لعلي، فنقل عاصمة المسلمين من المدينة إلى الكوفة، وقد أخطأ في تخليه عن أحزابه بالمدينة واعتماده على أهل العراق. (٣-٣) علي ومعاوية وظن علي أن الجو قد خلا له، وما درى أن في الشام رجلًا عظيمًا يطلب البيعة لنفسه — نعني معاوية بن أبي سفيان — وقد رأيت أن أبا سفيان وأولاده لم يدخلوا في الإسلام إلا بعد أن يئسوا من الفوز، فلما قتل عثمان كان
فلما بايع أهلُ المدينة عليًّا بايعه أيضًا طلحةُ والزبير مكرهين، وخرجا إلى مكة فنصرهما أهلها، نكاية في أهل المدينة، ثم شخصا إلى العراق للاعتزاز بأحزابهما هناك فتبعهما علي بجنده، فجرت بين الجيشين واقعة الجمل الشهيرة بجوار البصرة، فقتل فيها طلحة والزبير وخلصت الخلافة لعلي، فنقل عاصمة المسلمين من المدينة إلى الكوفة، وقد أخطأ في تخليه عن أحزابه بالمدينة واعتماده على أهل العراق. (٣-٣) علي ومعاوية وظن علي أن الجو قد خلا له، وما درى أن في الشام رجلًا عظيمًا يطلب البيعة لنفسه — نعني معاوية بن أبي سفيان — وقد رأيت أن أبا سفيان وأولاده لم يدخلوا في الإسلام إلا بعد أن يئسوا من الفوز، فلما قتل عثمان كان معاوية بالشام وحوله نخبة الرجال من قريش، وكلهم يستهلكون في سبيل نصرته، لما ذكرناه من كثرة بني أمية وقوتهم من أيام الجاهلية، وقد شق عليهم في أول الإسلام أن تكون النبوة في بني هاشم فنقموا عليهم، ولما خرج بنو هاشم من مكة بالهجرة خلا الجو في مكة لبني أمية، وسارت الرياسة إليهم في أثناء محاربتهم المسلمين في وقائعهم المشهورة في بدر وغيرها، ورئيسهم في كل ذلك أبو سفيان والد معاوية، ولما تولى أبو بكر وأرسلهم للجهاد تولى ولاية الشام منهم يزيد بن أبي سفيان، ثم مات فخلفه أخوه معاوية في زمن عمر، فلما تولى عثمان أقره عليها ومعظم جنده من قريش، فاتصلت رياسة بني أمية — وخصوصًا بيت أبي سفيان — على قريش في الإسلام كما كانت قبله، واستقل بنو هاشم بأمر النبوة ونبذوا الدنيا. (٣-٤) التحكيم فلما قتل عثمان رأى معاوية سبيلًا لالتماس الخلافة، فعرض قميص عثمان الملطخ بالدم في مسجد دمشق ودعا الناس للمطالبة بثأره، لأنه من رهطه، واتهم عليًّا وأصحابه بقتله، ثم رأى الحرب منتشبة في العراق بين علي وطلحة والزبير، فظن هذين يك...
...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.