على أننا لا ننكر أن التمدن الإسلامي قام على أنقاض التمدنين اليوناني والفارسي، لكن شأن العرب في ذلك مثل شأن اليونان والرومان والفرس وسائر الدول العظمى … لأن اليونان اقتبسوا أكثر عوامل تمدنهم من المصريين وزادوا فيها ووسعوها على مقتضى مؤثرات الطبيعة، حتى صار تمدنًا معروفًا بهم، فأخذ عنهم الرومان وعدلوا فيه تعديلًا طفيفًا جدًّا، وكذلك الفرس فإن تمدنهم قام على أنقاض تمدن الأشوريين والبابليين والكلدانيين قبلهم وأخذوا أيضًا عن اليونان. على أن تلك الأمم لم تستطع الظهور في عالم الحضارة إلا بعد أجيال متوالية، أما العرب فلم يمضِ على نشوء دولتهم قرن حتى ظهر تمدنهم وبانت ثمار عقولهم، وفي القرنين الثاني
...more