فكان الإمبراطور وأهل دولته يقولون إن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، وأما رعيته في مصر والشام فكان أكثرهم يقولون بطبيعة واحدة ومشيئة واحدة وهم اليعاقبة، وفي زمن هرقل سعى البطريرك إثناسيوس بطريرك اليعاقبة في منبج في التوفيق بين الطائفتين، فخاطب الإمبراطور في ذلك وذهب مذهبًا متوسطًا بين القولين، وهو أن للمسيح طبيعتين ومشيئة واحدة، فوافقه الإمبراطور واستمهله ريثما يخابر بطريق القسطنطينية بيروس وهو سوري الأصل، وكان إثناسيوس قد اتفق معه على ذلك قبل مخاطبة الإمبراطور، فنشر الإمبراطور بهذا المعتقد منشورًا قبله أكثر الأساقفة الشرقيين إلا صفرونيوس بطريق بيت المقدس وبعض الأساقفة، وفي مقدمتهم أسقف عمان وسائر
فكان الإمبراطور وأهل دولته يقولون إن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، وأما رعيته في مصر والشام فكان أكثرهم يقولون بطبيعة واحدة ومشيئة واحدة وهم اليعاقبة، وفي زمن هرقل سعى البطريرك إثناسيوس بطريرك اليعاقبة في منبج في التوفيق بين الطائفتين، فخاطب الإمبراطور في ذلك وذهب مذهبًا متوسطًا بين القولين، وهو أن للمسيح طبيعتين ومشيئة واحدة، فوافقه الإمبراطور واستمهله ريثما يخابر بطريق القسطنطينية بيروس وهو سوري الأصل، وكان إثناسيوس قد اتفق معه على ذلك قبل مخاطبة الإمبراطور، فنشر الإمبراطور بهذا المعتقد منشورًا قبله أكثر الأساقفة الشرقيين إلا صفرونيوس بطريق بيت المقدس وبعض الأساقفة، وفي مقدمتهم أسقف عمان وسائر أهل الكنيسة الملكية، فشق ذلك على الإمبراطور فعمل على الانتقام من الذين لم يقبلوا منشوره وفيهم جانب عظيم من الروم، فأصبح الانقسام مزدوجًا الإمبراطور وبطارقة القسطنطينية والإسكندرية وأنطاكية حزب يقول بطبيعتين ومشيئتين، واليعاقبة ومنهم الأقباط وأهل حوران وسائر أهل داخلية سوريا ومصر حزب آخر، والنساطرة وهم أهل العراق والجزيرة حزب ثالث، فضلًا عن طوائف أخرى غير هذه منهم الخياليون الذين يقولون إن المسيح لم يصلب حقيقة، وإنما صلب رجل آخر مكانه، والإكيفاليون القائلون بعدم الخضوع للرؤساء وهم يشبهون الخوارج، ثم إن اليعاقبة أيضًا كانوا أقسامًا مما يطول شرحه. وكان لهذه الانقسامات تأثير شديد في السياسة لاختلاط السياسة عندهم بالدين، حتى آل ذلك أحيانًا إلى خروج أمم بأسرها من حوزة الروم إلى الفرس، كما حصل للأرمن فإنهم لما حرم مجمع القسطنطينية بدعة الطبيعة الواحدة جعل الإمبراطور يشدد النكير على متبعيها، والأرمن منهم، فأفضت بهم الحال إلى تسليم بلادهم إلى الفرس، وكذلك فعل القبط بمصر يوم جاءهم عمرو بن العاص، ...
...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.