فلم يكن سرورها بصاحبها تلك الليلة سرور النجاة من مأزقٍ مخيفٍ والفزع من عاقبةٍ محذورةٍ، وإنما كان سرور المرأة بالحماية والثقة والاستسلام وهي مغمضة العينين. فلما عاد همام إلى المركبة واستوى في مكانه فيها لَمْ تَزِد على أن زحفت إلى جانبه واستكانت إلى جواره وتطامنت في حضنه تطامن الفرخ في حضن أبيه، وهمست تحت أذنه وهي تمسح خدها بخده: ما أسعدني بجوارك سيدي ومولاي! وكانت تلك أول مرة دعته فيها تلك الدعوة، وكان ذلك كل ما فاهت به من تعبيرٍ عن سرورها، وما كانت في حاجةٍ إلى أن تزيد؛ فقد كان شعور همام بسرورها الناعم المرفرف الشكور غنيًّا عن كل كلام.