فمهما يكن نصيب الإنسان من العلم قليلًا، ومهما يكن نصيبه من استقلال الفكر محدودًا، فهو — لولا الغرائز والشهوات — يستطيع أن يفهم أن العلم الإنساني لن ينتهي إلى إنسان واحد كائنًا ما كان، ويستطيع أن يفهم أن الرأس الذي يدعي أنه أحاط بأسرار الكون كله، ونفذ إلى حقائق التاريخ كلها، ووصل إلى النتيجة التي لا تتغير من بعده ولا يطرأ عليها تعديل ولا تبديل إلى آخر الزمان — هذا الرأس يدعي ما لا يقبله عقل عاقل، ولا يصلح لهداية الإنسانية في طريق العمار والفلاح.