بقي أن نشغل أنفسنا بما يتاح لنا من الكمال المحدود في هذا العمر القصير، ولا عجب أن نشغل أنفسنا بهذا فقد سمعنا بالكثيرين ممن قضي عليهم بالموت يذهبون إلى الجلاد في أجمل بزة، وأحسن هيئة، ويأبون أن يذهبوا إليه شعثًا غبرًا على غير ما يليق بهم من السمت والجمال، فإذا كانت «الإنسانية» مقضيًا عليها بالموت بعد الدهر الدهير، فليس ذلك بمانع أحدًا أن يتزيا بما يتاح له من أزياء الكمال في البقية الباقية لها من العمر الطويل؛ لأن الكمال خير من النقص على كل حال، أو لعله أسهل من النقص في عرف من ينشدونه ولا يعيشون بغيره.