وحي القلم
Rate it:
0%
Flag icon
وكانت شاعرةً قد درست هي وأرمانوسة أدب يونان وفلسفتهم، وكان لها خيال مشبوب متوقِّد يشعرها كل عاطفة أكبر مما هي، ويُضاعِف الأشياء في نفسها، وينزع إلى طبيعته المؤنثة، فيبالغ في تهويل الحزن خاصة، ويجعل من بعض الألفاظ وَقودًا على الدم … ومن ذلك استُطِيرَ٧ قلبُ مارية وأفزعتها الوساوس، فجعلت تندب نفسها، وصنعت في ذلك شعرًا
1%
Flag icon
أنتِ واهمة يا مارية؛ أنسيتِ أن أبي قد أهدى إلى نبيهم بنت «أَنْصِنا»،٨ فكانت عنده في مملكة بعضها السماء وبعضها القلب؟ لقد أخبرني أبي أنه بعث بها لتكشف له عن حقيقة هذا الدين وحقيقة هذا النبي، وأنها أنفذت إليه دسيسًا٩ يُعلِمه أن هؤلاء المسلمين هم العقلُ الجديدُ الذي سيضع في العالم تمييزه بين الحق والباطل، وأن نبيهم أطهر من السحابة في سمائها، وأنهم جميعًا ينبعثون من حدود دينهم وفضائله، لا من حدود أنفسهم وشهواتها؛ وإذا سلوا السيف سلُّوه بقانون، وإذا أغمدوه أغمدوه بقانون. وقالت عن النساء: لَأنْ تخاف المرأة على عِفَّتها من أبيها أقرب من أن تخاف عليها من أصحاب هذا النبي؛ فإنهم جميعًا في واجبات القلب ...more
1%
Flag icon
فالمسلمون ليسوا كهؤلاء العلوج من الروم، يفهمون متاع الدنيا بفكرة الحرص عليه، والحاجة إلى حلاله وحرامه؛ فهم القساة الغلاظ المستكلِبون كالبهائم؛ ولكنهم يفهمون متاعَ الدنيا بفكرة الاستغناء عنه والتمييز بين حلاله؛ فهم الإنسانيون الرحماء المتعففون.
1%
Flag icon
قالت أرمانوسة: إن العلماء بهيئة السماء وأجرامها وحساب أفلاكها، ليسوا هم الذين يشقون الفجر ويُطلعون الشمس؛ وأنا أرى أنه لا بدَّ من أمة طبيعية بفطرتها يكون عملها في الحياة إيجادَ الأفكار العلمية الصحيحة التي يسير بها العالم، وقد درستُ المسيح وعمله وزمنه، فكان طيلة عمره يحاول أن يُوجِدَ هذه الأمة، غير أنه أوجدها مصغرة في نفسه وحوارييه، وكان عمله كالبدء في تحقيق الشيء العسير؛ حُسْبُهُ أن يُثبِت معنى الإمكان فيه. وظهور الحقيقة من هذا الرجل الأمي هو تنبيه الحقيقة إلى نفسها؛ وبرهانها القاطع أنها بذلك في مظهرها الإلهي. والعجيب يا مارية أن هذا النبي قد خذله قومه، وناكروه، وأجمعوا على خِلافه، فكان في ...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
1%
Flag icon
قالت: كان آتيًا في جماعة من فرسانه على خيولهم العِراب،١٣ كأنها شياطينُ تحمل شياطينَ من جنس آخر؛ فلما صار بحيث أتبينه أومأ إليه الترجمانُ — وهو «وَرْدانُ» مولاه — فنظرتُ، فإذا هو على فرس كُمَيْتٍ أَحَمَّ١٤ لم يخلُصْ للأسود ولا للأحمر، طويل العنق مشرف له ذؤابة أعلى ناصيته كطُرَّة المرأة، ذيَّال يتبختر بفارسه ويُحمحم كأنه يريد أن يتكلم، مُطَهَّم
1%
Flag icon
صِفيه كيف رأيتِهِ «هو»! قالت: رأيته قصيرَ القامة علامةَ قوة وصلابة، وافرَ الهامة علامةَ عقل وإرادة، أدعج العينين … فضحكت أرمانوسة وقالت: علامة ماذا؟ … … أبلج يُشرق وجهه كأن فيه لألأَ الذهبِ على الضوء، أيِّدًا اجتمعت فيه القوة حتى لتكاد عيناه تأمران بنظرهما أمرًا … داهيةً كُتب دهاؤه على جبهته العريضة يجعل فيها معنى يأخذ من يراه، وكلما حاولتُ أن أتفرَّسَ في وجهه رأيتُ وجهه لا يفسره إلا تكررُ النظر إليه … وتضرَّجت وجنتاها، فكان ذلك حديثًا بينها وبين عينَي أرمانوسة … وقالت هذه: كذلك كل لذة لا يفسرها للنفس إلا تكرارها … فغضَّت مارية من طرفها١٥ وقالت: هو — والله — ما وصفت، وإني ما ملأت عيني منه، وقد ...more
يَرْنِفِلْ (آمال أسعد)
كذلك كل لذة لا يفسرها للنفس الا تكرارها ..