فالكاتب الحق لا يكتب ليكتب؛ ولكنه أداة في يد القوة المصوِّرة لهذا الوجود، تُصوِّر به شيئًا من أعمالها فنًّا من التصوير. الحكمة الغامضة تريده على التفسير؛ تفسير الحقيقة، والخطأ الظاهر يريده على التبيين؛ تبيين الصواب، والفوضى المائجة تسأله الإقرار؛ إقرار التناسب، وما وراء الحياة يتخذ من فكره صلةً بالحياة، والدنيا كلها تنتقل فيه مرحلة نفسية لتعلو به أو تنزل. ومن ذلك لا يُخْلَقُ المُلْهَمُ أبدًا إلا وفيه أعصابُهُ الكهربائية، وله في قلبه الرقيق مواضعُ مهيَّأَة للاحتراق تنفذُ إليها الأشعة الروحانية، وتتساقط منها بالمعاني.