فيا أصدقاء شبيبتي المنتشرين في بيروت، إذا مررتم بتلك المقبرة القريبة من غابة الصنوبر فادخلوها صامتين، وسيروا ببطء كيلا تزعج أقدامُكم رفات الراقدين تحت أطباق الثرى، وقفوا متهيِّبين بجانب قبر سلمى وحيُّوا عني التراب الذي ضم جثمانها. ثم اذكروني بتنهدة قائلين في نفوسكم: ههنا دُفنت آمال ذلك الفتى الذي نفتْه صروف الدهر إلى ما وراء البحار، وههنا توارت أمانيه، وانزوت أفراحه، وغارت دموعه، واضْمحلَّت ابتساماته، وبين هذه المدافن الخرساء تنمو كآبته مع أشجار السَّرْو والصّفصاف، وفوق هذا القبر ترفرف روحه كل ليلة مستأنسة بالذكرى، مردِّدة مع أشباح الوحشة ندبات الحزن والأسى، نائحة مع الغصون على صبيّة كانت
...more