لأن عقل هذا المريض لم يقتن العلم ليصيره ضميراً فعالاً، بل ليجعله آلة للعيش، وسلماً يصعد به إلى منصة البرلمان. وهكذا يصبح العلم مسخة وعملة زائفة غير قابلة للصرف. وإن هذا النوع من الجهل لأدهى وأمرّ من الجهل المطلق، لأنه جهل حجرته الحروف الأبجدية؛ وجاهل هذا النوع لا يقوم الأشياء بمعانيها ولا يفهم الكلمات بمراميها، وإنما بحسب حروفها، فهي تتساوى عنده إذا ما تساوت حروفها، وكلمة (لا) تساوي عنده (نعم) لو احتمل أن حروف الكلمتين متساوية.