وينبغي أن تعلم أن إبليس الذي شغله التليس أول ما التبس عليه الأمر فأعرض عن النص الصريح على السجود فأخذ يفاضل بين الأصول فقال: (خلقتني من نار وخلقته من طين) ثم أردف ذلك بالاعتراض على الملك الحيكم، فقال: (أرأيتك هذا الذي كرمت عليّ) والمعنى أخبرني لما كرمته على، غرر ذلك الاعتراض أن الذي فعلته ليس بحكمة ثم أتبع ذلك بالكبر فقال (أنا خير منه). ثم امتنع عن السجود فأهان نفسه التي أراد تعظيمها باللعنة والعقاب. فمتى سول للإنسان أمراً فينبغي أن يحذر منه أشد الحذر وليقل له حين أمره إياه بالسوء إنما تريد بما تأمر به نصحي ببلوغي شهوتي.

