Kindle Notes & Highlights
وينبغي أن تعلم أن إبليس الذي شغله التليس أول ما التبس عليه الأمر فأعرض عن النص الصريح على السجود فأخذ يفاضل بين الأصول فقال: (خلقتني من نار وخلقته من طين) ثم أردف ذلك بالاعتراض على الملك الحيكم، فقال: (أرأيتك هذا الذي كرمت عليّ) والمعنى أخبرني لما كرمته على، غرر ذلك الاعتراض أن الذي فعلته ليس بحكمة ثم أتبع ذلك بالكبر فقال (أنا خير منه). ثم امتنع عن السجود فأهان نفسه التي أراد تعظيمها باللعنة والعقاب. فمتى سول للإنسان أمراً فينبغي أن يحذر منه أشد الحذر وليقل له حين أمره إياه بالسوء إنما تريد بما تأمر به نصحي ببلوغي شهوتي.
الحسد أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه والغبطة أن يتمنى أن يكون له مثلها ولا يتمنى زوالها عنه والأول مذموم والثاني محمود وعليه قوله صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا في اثنتين.
ولقى إبليس موسى عليه السلام، فقال: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وكلمك تكليما، وأنا من خلق الله تعالى أذنبت وأريد أن أتوب فاشفع لي إلى ربي عز وجل أن يتوب علي، فدعا موسى ربه فقيل يا موسى قد قضيت حاجتك، فلقي موسى إبليس فقال له قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك، فاستكبر وغضب وقال: لم أسجد له حياً أأسجد له ميتاً، ثم قال إبليس: يا موسى إن لك حقاً بما شفعت إلى ربك فاذكرني عند ثلاث لا أهلك فيهن اذكرني حين تغضب فأنا وحي في قلبك وعيني في عينك وأجري منك مجرى الدم واذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف فأذكره ولده وزوجته وأهله حتى يولي. وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني
...more
لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم جعل إبليس لعنه الله يرسل شياطينه إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيجيئون إليه بصحفهم ليس فيها شيء فيقول لهم مالكم لا تصيبون منهم شيئاً، فقالوا: ما صحبنا قوماً مثل هؤلاء فقال رويداً بهم فعسى أن تفتح لهم الدنيا، هنالك تصيبون حاجتكم منهم.
قل أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن، قال: فطفئت نارهم، وهزمهم الله تعالى.
التلبيس إظهار الباطل في صورة الحق، والغرور نوع جهل يوجب اعتقاد الفاسد صحيحاً والردىء جيداً:
(١) اعلم أن السوفسطائية انقسمت ثلاث مذاهب: الأول ينكر حقائق الأشياء ويزعم أنها أوهام وهم العنادية؛ والثاني ينكر العلم بثبوت الشيء ولا بعدم بثبوته، ولا ينكر نفس الحقائق ولا يثبتها ويزعم أنه شاك وشاك في أنه شاك وهم اللاأدرية، والثالث يزعم أن الحقائق تابعة للاعتقادات مع كونه ينكر ثبوتها وهم العندية وهي، مذكورة في كلام المصنف على هذا الترتيب.
وقد روينا عن عضد الدولة أنه كان يميل إلى جارية فكانت تشغل قلبه فأمر بتغريقها لئلا يشتغل قلبه عن تدبير الملك. وهذا هو الجنون المطبق لأن قتل مسلم لا جرم لا يحل. واعتقاده أن هذا جائز كفر وأن أعتقده غير جائز لكنه رآه مصلحة فلا مصلحة فيما يخالف الشرع. والسادس أنه يحسن لهم الانبساط في الأموال ظانين أنها بحكمهم.

