فالجسور لا يرى بدا من الاستثناء المخل للقواعد العامة كقوله: السرقة قبيحة إلا إذا كانت استردادا منها، والكذب حرام إلا للمظلوم. والموظفون في عهد الاستبداد للوعظ والإرشاد يكونون مطلقا، ولا أقول غالبا، من المنافقين الذين نالوا الوظيفة بالتملق، وما أبعد هؤلاء عن التأثير، لأن النصح الذي لا إخلاص فيه هو بذر عقيم لا ينبت، وإن نبت كان رياء كأصله، ثم إن النصح لا يفيد شيئا إذا لم يصادف أذنا تتطلب سماعه، لأن النصيحة وإن كانت عن إخلاص فهي لا تتجاوز حكم البذر الحي: إن ألقي في أرض صالحة نبت، وإن ألقي في أرض قاحلة مات.

