يظن ظانٌّ ولا يتوهَّم متوهِّم أن كل هذا مخالف لقولي المسطر في صدر الرسالة، أن الحب اتصال بين النفوس في أصل عالمها العُلوي، بل هو مؤكِّد له؛ فقد علمنا أن النفس في هذا العالم الأدنى قد غمرتْها الحُجب، ولحقتْها الأغراض، وأحاطتْ بها الطبائع الأرضية الكونية، فسترت كثيرًا من صفاتها وإن كانت لم تحله، لكن حالت دونه فلا يُرجَى الاتصال على الحقيقة إلا بعد التهيؤ من النفس والاستعداد له، وبعد إيصال المعرفة إليها بما يشاكلها ويوافقها، ومقابلة الطبائع التي خفيت مما يُشابهها من طبائع المحبوب، فحينئذٍ يتصل اتصالًا صحيحًا بلا مانع.