ترجمه ای است از رسالة الغفران اثر نویسنده ی نابینای عرب قرن چهارمی ابوالعلاء معری. او این رساله را در پاسخ به نامهی ابوالحسن علی ابن منصور معروف به ابن قارح نوشته است. او در این داستان که ابن قارح شخصیت اصلی اوست، ابن قارح را در بهشت و دوزخ می گرداند و حال شاعران عرب ( من جمله شاهران جاهلی ) و چگونگی آمرزش یا عذاب آنها از جانب خدا را روایت می کند. از این جهت می توان شباهتی میان این رساله و کمدی الهی دانته یافت؛ چنانکه حتی بعضی معتقدند دانته ترجمه ی لاتین این رساله را خوانده بوده است ( البته با این تفاوت که اینجا سخن چندانی از برزخ نیست ).
در باب ترجمه باید متذکر این مطلب شد که مترجم - تقریبا در تمام موارد - اشعار عربی را بدون ذکر اصل آنها آورده است. همچنین برخی بخش ها را نیز ترجمه نکرده است - بخش هایی را که در آنها ابوالعلاء به بررسی اشعار می پردازد و در این راه بحث را به اطاله می کشاند ( مثال خود مترجم بخشی است که در آن ابوالعلاء به دیگر قوافی ممکن یک شعر می پردازد و 94 سطر در همین باب سخن می گوید ).
Abū al-ʿAlāʾ al-Maʿarrī أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري (363 -449هـ)، (973 -1057 م) ، شاعر وفيلسوف وأديب عربي سوري، ولد وتوفي في معرة النعمان في الشمال السوري. لقب بـ "رهين المحبسين" بعد أن اعتزل الناس لبعض الوقت رهين المحبسين كتب كثيرا ولم يبق سوى القليل.] وقد نشأ المعري في بيت علم ووجاهة ، وأصيب في الرابعة من عمره بالجدري فكفّ بصره ، وكان نحيف الجسم .نبغ في الشعر والتفسير والفلسفة.
عبقرية المعري
درس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه ويدل شعره ونثره على أنه كان عالما بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة . ويمكن استطراداً اعتبار فلسفة المفكر روبير غانم مرحلة جديدة متطورة من مراحل الفلسفة العربية. كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر. وسافر في أواخر سنة 398 هـ، إلى بغداد فزار دور كتبها وقابله علمائها . وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ، وشرع في التأليف والتصنيف ملازما بيته وكان كاتبه اسمه علي بن عبد الله بن أبي هاشم . عاش المعري بعد اعتزاله زاهدا في الدنيا، معرضا عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم ياكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. ويعتبر المعري من الحكماء والنقاد. وتوفي المعري عن 86 عاما ودفن في منزله بمعرة النعمان. ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه.
نهض في الصباح الباكر، وما أجمل الصباحات الباكرة! فلو زالت كل الرغبات ولم تبقى لي سوى هذه الرغبة؛ رغبة الإستيقاظ باكرا والإرتواء من هواء الصباح لقاتلت بكلّ ما املك من قوة من أجل هذه الرغبة، وهذا الشعور. ارتدى ملابسه .. وفتح الباب ليملأ رئتيه بهذا الهواء الصباحي المبارك، قبسٌ من هواء الجنة في الأرض. دخل الهواء إلى الرئتين فأنعشهما وإلى داخل المنزل .. او بالأحرى الكوخ، لأنّ منزله هذا عبارة عن كوخ صغير موجود في غابة لا نهائية، طالما صال وجال فيها ولكن لم يعرف لها حدودا بعد. نظر إلى الفأس جوار الباب، حيث لمعت قليلا عندما سقطت عليها خيوط الصباح. حملها برفق وتحسّس النّصل وفجاة شعر برعشة شديدة، كأنّ تيارا كهربائيا مر من رأسه نزولا إلى قدمه ومرورا بعموده الفقري، تذكّر أنّه اليوم مقبل على عمل طالما أجّله. أخذ يحرك الفأس بين يديه وهو يفكر في الشجرة التي سيقطعها اليوم .. طبعا نسيت أن اخبركم عن مهنة هذا الشخص فمعذرة، هو حطاب يقطع الأشجار للإحتطاب، ولكن هو حطاب من نوع آخر، يقطع أشجارا من نوع آخر .. ولكن شجرة قصة، وطبعا لابد أن تكون القصة من نوع آخر. توضأ وصلى ثم خرج من الكوخ قاصدا الشجرة الموعودة، الفأس بيمينه والعزم واضح في عينيه. هذه المرّة لن يمشي كثيرا في دروب هذه الغائبة الشائكة التّي تتشابك فيها وتتشابه الدروب كما افرع أشجارها. فالشجرة موجودة بالقرب من الكوخ باسقة وعالية. شعر بالحزن كما الفرح، فرح بلون اللذة؛ لأنّه أخيرا سيقطع هذه الشجرة، وحزن بلون الفقد؛ لأنّه لن يراها بعد الآن بشموخها العنيد وأنفتها .. وقف أمامها هي شامخة مهيبة وهو مصر عازم. وقف وذهنه يجترّ حكاية هذه الشجرة المميزة والمعمرة ..
قصة الشجرة:
نحن جميعا نحبّ القصص، هذا أمر مترسخ فينا .. ولكن اعذروني لأنـّني مضطر لأن اختصر عليكم هذه القصة على قدر استطاعتي، والإختصار سفاح قاتل لطالما طعن القصص والحكايا فأفقدها متعتها وفنّها. المهم قصّة شجرتنا هي جزء من قصة بطلنا .. فلنتعرف عليها. لقد تربى بطلنا في عائلة لها اهتمام خاص بالثقافة المصرية بمفهومها الواسع، رغم انه ليس مصري الجنسية إلا أن لهذه الثقافة أثر كبير في نشأته كما لثقافة الجزيرة العربية دور كبير أيضا. فكبر وهو يشاهد المشايخ والأئمة والأعلام المصرية، الفن المصري، البرامج وغيرها من الأمور المختلفة. بعد هذه المقدة الضرورية لنذهب مباشرة إلى المهن لتفادي التطويل .. ولتفادي التطويل علينا أن نذهب مباشرة إلى الحدث المهم؛ تقاطع قصة بطلنا مع قصة شجرتنا. عندما كان صغير ألف مشاهدة الأفلام والمسرحيات مع أعمامه وإخوته وخاصة المسرحية المشهورة "مدرسة المشاغبين" وفي ذلك الوقت كانت اللهجة المصرية بالنسبة له أحجية، لا يفهم منها أي شيء، فكان يراقب الآخرين إذا ضحكوا ضحك معهم، وإذا ابتسموا ابتسم هو أيضا، وإذا سكتوا سكت معهم .. ولكن رغم هذا هناك مقطع خاص في هذه المسرحية ترسخ في ذهنه ولم ينساه أبدا؛ وهو عندما يقوم الناظر بفتح حقيبة بهجت (عادل إمام) ويقوم بإستخراج المراجع (على حد زعم بهجت) .. هذا المقطع الأسطوري الذي ترسخ في ذهنه وخاصة أسماء الكتب: "مقدمة ابن خلدون، رسالة الغفران للمعري، تاريخ الجبرتي .. " كأن هذه الكلمات أو الأسماء ذهبت مباشرة لتلمس ذلك الكائن القارئ المتواري داخل نفسه والذي سيظهر مستقبلا محولا القراءة من هواية إلى عادة فحياة. في هذا الموقف بالذات تمت زراعة بذرة هذه الشجرة، التي اخذت بالنمو شيئا فشيئا بمرور الأعوام إلى أن أصبحت شجرة باسقة جذورها ممتدة عميقا.
لنعد الآن إلى قصتنا الأصلية .. ربما تتساءلون أين نحن الآن أو بالأحرى مكان هذه الشجرة؟ نحن الآن في غابة إسمها "غابة علامات الإستفهام" ؛ إنها تلك الغابة التي تتواجد في عقل كل واحد منا، الغابة التي تنمو فيها علامات الإستفهام لتصبح أشجارا. غابة كل يوم نحمل فؤوسنا لاقتلاع أشجارها او بالأحرى علامات الاستفهام فيها مهما اختلف وزنها وعرضها وطولها أيضا، فنقرأ، ونسمع، ونسأل، ونجرب، ونتابع، ونتعلم، وندرس .. بل ونفعل كل شيء على أمل حصد او احتطاب أكبر قدر ممكن من هذه الأشجار، التي بعضها رافقتنا منذ الصغر ولازالت مستمرة معنا إلى الآن. إذا نحن داخل عقله أو عقلي (على طريقة كرتون باص المدرسة) اما شجرة رسالة الغفران في غابة علامات الإستفهام، نراقب عملية القطع المرفوقة بمتعة عظيمة، متعة التعرف على عمل تراثي بديع. صراحة سمعت الكثير عن اسلوب المعري وفلسفته، وكنت متخوفا صراحة .. فبدات العمل وإذا بي منغمس تماما ومستمتع بأسلوب المعري وأشعاره ومخيلته الخصبة. حاليا سأعطي هذا العمل خمس نجوم كاملة، لأنني لازلت منبهرا ومعترفا بجمال هذا الكتاب، يستحق القراءة بكل تأكيد .. ولكن لي عودة للبحث أكثر عن بعض النقاط التي أشكلت علي وعندها قد يتغير التقيبم ربما. وطبعا كل الشكر موصول للمحقق عائشة عبد الرحمن بنت الشاطىء على هذا التحقيق العلمي الأنيق والراقي .. تستحق الإشادة فعلا.
ملاحظة مهمة:
مع كل ضربة فأس تقوم هذه الشجرة بإسقاط ثمارها، يعني كلما تزحزحت أكثر كلما زادت الثمار الساقطة .. وبما أنها شجرة علامة استفهام فإن ثمارها لابد وأن تكون علامات استفهام. لذلك مشكلة هذه الأشجار أنك عندما تقطعها ستخلف وراءك مئات الثمار التي ستتحول الى بذور تنمو لتصبح أشجارا. أشجار لابد وأن تعود إليها مرة أخرى وفي جعبتك جرعات أكبر من النشاط والوقت.
معمولاً رسالة الغفران رو نمونهٔ اسلامی کمدی الهی میدونن: اثری ادبی حول سفر شاعر به بهشت و دوزخ. اما فرق های عمده ای بین این اثر و کمدی الهی هست، از جمله سرشت داستانی کمدی الهی (که از نقطهای شروع میشه و سیری منظم رو طی می کنه و به نقطهای دیگه می رسه) در مقابل حالت پراکندهٔ این اثر. این جا نقش اصلی اثر (ابن قارح، که توی کتاب به اسم شیخ ازش یاد میشه) از ابتدا در بهشته و بی هدف در اطراف می چرخه و با شعرای عرب که برای اولین بار در بهشت ملاقات کرده راجع به صحت اشعاری که بهشون نسبت داده شده و طرز درست خوندن اشعارشون و اشتباهات نحوی و صرفی اشعارشون بحث می کنه، و محض تنوع در اطراف بهشت می گرده و به بهشت اجنه می رسه و به دوزخ هم سری می زنه و هر جا که می رسه، بحث های طولانی ادبی با شعرای قدیم می کنه. بحث هایی که هر چند مترجم بخشی شون رو به خاطر بی فایده بودن حذف کرده بود، همچنان طولانی و خسته کننده بودن، هم برای خواننده، هم برای شعرای بهشتی و دوزخی. ارواح شعرا اکثراً از این که حتی بعد از مرگ هم از دست طرفدارهاشون آسایش نداشتن، عصبانی می شدن، مخصوصاً واکنش شعرای جهنمی پهلو به طنز می زد که در مقابل سؤال های صرفی و نحوی شیخ بر می آشفتن و می گفتن مگه نمی بینی داریم عذاب می شیم و می سوزیم؟
بخش های جالب کتاب، یکی سفر به بهشت تاریک و مخوف اجنه بود، و پیرمرد جنی که دانش شعری آدمیزاد رو یک هزارم دانش شعری اجنه می دونست. یکی گفتگو با شیطان در دوزخ بود، و طعنه هایی که شیطان می زد. یکی جایی بود که موقع حساب اعمال، راوی می خواست قصیده ای در مدح نگهبان های بهشت بگه تا راهش بدن، ولی فرشته ها بهش بی اعتنایی می کردن و می گفتن این قبیل مدیحه سرایی ها این جا به کارت نمیاد.
رائعة أبو العلاء المعري التي أبدع فيها ما تخيل ، وتخيل فيها ما فاق خيال الكثير منا ، تخيل معي لو أنك توفيت ثم بعثت بعد الموت وفي يوم القيامة وهول الحساب والخوف من العذاب ترى الشعراء والأدباء وتسير في رحلة معهم وتعبر السراط وترى من منهم في النار وتقابل من علمت منهم في الجنة وتجلس مع كل الشعراء في جلسة مناظرة ومسامرة من شعراء العصر الجاهلي وحتى شعراء عصرنا الحالي وتتفاخرون بأعذب الشعر وتنقدون وزنه ومعناه, أن كنت من متذوقي الشعر فهذا الكتاب ضالتك، وستشعر وأنت تقرأه بأنك في جنة في الجنة
# هي رسالة ادبية لغوية كتبها أبو العلاء المعري رداً على رسالة من صديقه ابن القارح الحلبي .
# فكرة الرسالة : ان ابن القارح كتب رسالة اسماها (في تقبل الشرع ) , يتخيل فيها انه استطاع دخول الجنة وعرف نعيمها واستطاع ان يحاور كثير من الشخصيات الجاهلية والأسلامية كالأعشى والنابغة الذبياني و حسان بن ثابت والخنساء وعلي بن ابي طالب وفاطمة الزهراء وغيرهم الكثير , فيرد عليه ابو العلاء بتحفته الأدبية رسالة الغفران .
# الخيال : كما نعلم ان المعري فقد بصره بعمر الثلاث سنوات ولم يرَ شيئاً من الدنيا فأنى له بكل هذه الغرائب والأوصاف !! , ورب الكعبة ان الرجل لعبقري .
# اللغة : تفنن المعري في استخدام غريب الألفاظ والمعاني حتى ظننت في بعض المناطق اني اقرأ لوحاً مسمارياً او كتابة هيروغليفية !! , ولكن كنت اعود واذكر نفسي ان هذه الرسالة كتبت قبل الف عام , و��ن المعري كان يكتب بلغة عصره .
ابو العلاء المعري؛ رهين المحبسين، ولد في معرة النعمان بشمال سوريا ومات فيها في ١٠٥٨م، أصيب بالجدري في الرابعة من عمره ثم فقد بصره، اعتنق مذهب البراهمة ، كان نباتياً فلم يأكل اللحم طيلة خمس وأربعون عاما، نال الكثير من النقد والتكفير ووصف هو وابن الراوندي وابن رشد بأشهر زنادقة التاريخ الاسلامي، شخصيا احتج على وصفهم لابي العلاء بالزنديق وخصوصاً بعد رسالة الغفران!! دافع عنه الأديب المصري طه حسين بشده. أوصى ان يكتب على قبره "هذا جناة أبي علي وما جنيت على أحد" اما هذه الرسالة( وهي رداً على ابن القارح) فهي من ابدع وأروع ما قرأت في اللغة العربية، خيال جم ولغة باهرة زاخرة بالكلمات والمفردات الفصيحة التي محتها السنون من قواميسنا، ابدع في وصف الجنة والنار والحساب والتقاء ابن القارح بفحول الشعراء من شعراء الجاهلية وغيرها ثم أسهب في وصف القران ثم تحدث عن الزنادقة والقرامطة ..وغيرها من المواضيع مثل: - نقد ورفض معتقد التعويض (أدخلت الجنة على ان لا اشرب الخمر). - نقد معتقدات الشيعة التي تؤمن بشفاعة آلِ البيت مهما كانت ذنوب المرء. - التهكم والسخرية من معتقدات المسيحية وبالتحديد صكوك الغفران. - نقد معتقدات العامة حول الجنة التي جعلت فقط للتمتع واللهو والمجون. - نقد الحكام والساسة (يقودهم الى جهنم بسلاسل من نار). - نقد الواقع الاجتماعي القائم على الفساد والرشوة والكذب والنفاق. - نقد الطبقية في المجتمع. - نقد شعراء التكسب (كانت صناعتي الأدب أتقرب بها الى الملوك) اي اتخاذ الشعر لكسب القوت بالكذب ونقد أيضاً السطو على شعر الآخرين. كتاب رائع بحق يمتزج فيه الخيال الخصب بالواقع والهزل بالجد!!
هذا أهم كتاب عربي قرأته. فرادة الطرح وعمق الفلسفة يجعلان منه أحد أهم الكتب التي كتبت في التاريخ. المعري فهم خطأ، ولا يزال. لكنه ملهم في كل جيل وعند كل تساؤل وجودي. كل ذلك، عدا عن قيمة الكتاب الأدبية واستلهامه رحلة النظر في الحياة بعد الموت
لا عجب أن تكون هذه الرسالة من خوالد اﻷدب العربي وأهم ما كتب فيه، الفكرة تدل على خيال واسع ليس بمستغرب على شاعر، البدء من الجنة ثم النار ثم العودة إلى الجنة مرة أخرى كانت رائعة والحوارات أدبية مع الشعراء والطريف أن أبا العلاء سأل الشعراء عن أبيات لهم ومدى صحة لفظها أو معناها وهم إما لاهون عنه في نعيم الجنة أو مشغولون بعذاب النار وعند عودته للجنة تحدث مع مخلوقات أخرى وأبيات قيلت فيهم، ووضع رأيه فيما اختلف فيه من الشعر واﻷدب ولم يأبه بأحد :)
نعم، إنه من الكتب التي يجاوز فيها الهامش المتن طولاً، وتتقلب فيه عيناك ما بينهما، بحثاً عن ترجمة ما تقرأ. عودة للحرف الثقيل، واللغة العالية، كممارسة الكارديو بعد تمارين الإطالة. تكاد الكلمات الواضحة في النص تختزل في أحرف الجر :) فاللغة هنا مليئة بالغريب والنادر من الألفاظ. قراءة وعرة، تتعثر معها في كل كلمة، كما أن تفكيك الكلمات ومحاولة فهمها يفقدها أثمن ما يبحث عنه الباحث في الأدب: العذوبة. ثم ليتك بعدما حاولت تفكيك تلك الألغاز وفهم معانيها طربت كما تفعل بعد تفكيك شفرة معقدة، وإنما تصطدم بصورة لا تلامسك كثيراً، إما أن تكون محاولة لوصف نوع من أنواع الخمور، أو خصر غانية، أو صغير غزالة (نعم، لن أدعي استمتاعي بدقة تصوير أمور لم تعد جزءا من عالمنا خشية أن أطرد من رابطة عشاق التراث، فالأدب عندي يُقرأ لإدراك الواقع لا تطواف الخيال بعيدا عنه، وتصوير المشاعر لا استعراض العضلات بوصف الأشياء، فبالأدب نستعذب مرارة الحياة، فإن كان تكلفاً فكأنما نتجرع العلقم)، فلا يغفر لتعقيد النص فرادة المعاني.
صرح أدبي من صنع خيالات المعري، بناه كما يحب، ضمّنه رصيده الأدبي، وذاكرته الحافلة بالشعراء، وحكّم فيه ملكته النقدية، واستدراكاته على من سبقوه، صنع كل هذا لا على صورة رسالة علمية، وإنما قصة محكية، حاور فيها الشعراء، وعارض فيها قصائدهم، وحكّم فيها رأيه، واستعرض فيها ذاكرته، وأتاح في جنته المتخيلة لأفكاره المتمردة أن تطمئن وتسكن، فحقق لكثير مما يعده علماء عصره زندقة الظهور بصورة بريئة، تفلت من صرامة المحاكم بتصنيف جنسها ضمن رف الخيال، كما يفلت الراوي من العقوبة بإلصاق التهمة لأبطال روايته. كأني بها وهي تداعب خيالاته ليلاً في أحلام يقظته، فما طاب له منام حتى دوّنها، واستقر بمضطرب الأفكار، ومشتت الأبيات، على بيت من ورق، عُدّ بعدا ذا تحفة من أثمن تحفه وأخلدها.
ما يهمني التأكيد عليه، أننا هنا نصف تجاربنا مع الكتب، لا الكتب، وهذا يكفينا عبء النقد الموضوعي -إن وجد-، ويخلع عنا عباءة الناقد الأدبي، فهذه التجربة القرائية كانت لنورة في قراءة رسالة الغفران، لا الرسالة ذاتها.
وكأنه رديف يجب التذكير به كلما جاء أحد على ذكر كوميديا دانتي، في مقارنة أقل من ان تصل في أرجوزة دانتي كجذاذات طفولية مقارنة بأيكة المعري الوارفة، فهل يصح اسقاط ذاك التقليد لفانوس فلورانسا الباهت امام شمس المعري العربية التي خاطت عباءة متكاملة في اللغة والدب والسياسة واالاجتماع والدين، لمجرد ان رحلة في الآخرة اقتبس فكرتها العجمي عن العربي، ففرغ فيها أفقه المحلي الضيق فيما الرسالة تمد أفقها لتثبت في التاريخ دليلا من دلالات زمن بسقت في الثقافة قبل أن يقطعها تمادي الجهل وعصور الانحطاط! لكن يجب التذكير بفضل السيدة عائشة عبدالرحمن بنت الشاطئ التي لولاها لما نفض الغبار عن الكثير من مفاهيم الرسالة التي ظلت دفينة لقرون، وتركت تتناقلها الأفواه مبتورة مرة بفضل مستشرق انكليزي ومرة اعتمادا على ناسخ قاصر، فجوزيت عن كل لحظة سعادة بعلم او جمال مرت على كل من قرأه بكل خير في الدنيا والآخرة
من اهم الاعمال الخالدة في الادب العربي و المؤثرة تاثيرا عابر لحدود الزمن و المكان . فقد تاثر بها دانتي اليجيري الايطالي و كتب علي نهجها مؤلفه المشهور ( الكوميديا الالهية ) . كما تاثر بها في العصر الحديث الدكتور مصطفي محمود في مسرحيته ( زيارة للجنة و النار ) و غيرهم كثرين . اعتمد المعري في هذه الرسالة علي خياله الخصب في تصور موقف الحشر و الجنة و اهلها و نعيمها و الجحيم و اهله و عذابه . و سميت برسالة الغفران لكثرة سؤال المؤلف اهل الجنة عن سبب غفران ذنوبهم ،و كان غفران ذنوبهم دائما غير متوقع و مفاجيء للمؤلف ( زائر الجنة ) و الميت الذي فاز بالجنة. كذلك النار التي زارها عابرا حيث قابل فيها الكثيرين من اهلها و عرف عذابهم و اسباب اهانتهم في الاخرة . لقد كان اغلب من زارهم المؤلف _ في مشاهد الحشر و الجنة و النار _ من الشعراء . و كان البيت او البيتين من الشعر يتسببان في نجاة شاعر او هلاكه في الاخرة ، و كان البيت الغير متوقع هو سبب النجاة و سبب الهلاك . و قد ظهر من خلال سرد اسباب النجاة و الهلاك دقة و حساسية المؤلف في ادراكه لمعني الخير و الشر و الاصل الذي يحاسب الله عليه الانسان وهو الاخلاص . في الكتاب فصول اخري هي ايضا رد علي ابن القارح في واحدة من اروع ما خلفه الادب العربي من اعمال .
-- رسالة الغفران وحي أدبي رفيع ، و نص بياني بديع ، و خيال روائي وسيع ، و منثور ثجاج سلكه مؤلفه في أرض الأدب كالينابيع . -- كان هدفي من وراء هذه القراءة التماس المتعة الأدبية ، و تذوق لطيف البيان ، و تغذية الذهن بلغة الكتاب المعجمية و الغنية ، و أيضا مشاركة المعري في أحاسيسه التي استشعرها من الحالات العاطفية التي انتابته و هو يمر ( في شخص صاحبه ابن القارح ) من الجنة إلى الجحيم و من الثانية إلى الأولى ، و هو يكلم سكان هذه و تلك ( على لسان الأخير طبع ) ! . و أيضا من أجل التعرف عن قرب على سمات الم��هج النقدي عند شيخ المعرة لكونه وجه سهامه إلى نفر من الشعراء الذين درات حول آثارهم رحى معركة النقد في تلك الرحلة الممتعة . و عموما فإن الكتاب يعد واحدا من أشهر الآثار الأدبية و أغناها مضمونا و أرقاها لغة و بيانا ، و يعتبره أغلب النقاد و أهل الأدب من أعظم كتب التراث النقدي العربي . و هو عبارة عن رسالة نثرية في صورة رسالة إخوانية من الرسائل التي تجري مجرى الكتب الكبيرة الحجم ( أقرب ما تكون إلى رواية خيالية ) ، و فيها طرائف أدبية و مقاييس نقدية و لغوية و فنية ، تدلّ على عمق خيال الكاتب ، و سعة ثقافته و قوة لغته . و قد نالت رسالة الغفران شهرة كبيرة ، و عُدّت رائدة ، و معلما في درب النّثر العربي . و قد كتبها المعري ردا على رسالة صديقه ابن القارح التي كتبها إليه يذكر فيها شوقه إلى لقائه و يسأله عن عدة مسائل تتعلق بالأدب و الفلسفة و الزندقة و التصوف و التاريخ و الدين و النحو و غير ذ��ك ، فما كان من شيخ المعرة إلا أن أجابه بهذه الرسالة التي تخيل فيها صاحبه هذا و قد ساقته الأقدار الإلهية إلى رحلة سماوية داخل عالم العيشة الراضية و النار الهاوية ( الجنة و الجحيم ) . حيث يبدأ سفريته هذه بركوبه لجمل كريم من جمال الجنة خلق من ياقوت و در ليسير به في الجنة طولا و عرضا و يرى ما فيها من سعادة و نعيم ! و منها يقصد إلى زيارة الجحيم ليطلع على حال أهلها في الأغلال و السلاسل و الآلام و العذابات . و هو في كل هذا يمر بعدد كبير من الشعراء و أهل الأدب فيحاورهم و يسألهم و يبادلونه الحديث و يجيبون عن تساؤلاته . و يقال إن الشاعر الإيطالي دانتي أليغري أخذ فكرة ( الكوميديا الإلهية ) من رسالة الغفران ، و سنعود لبحث هذا لاحقا .
-- أول ما شدني في هذا النص البديع جزالة الأسلوب و فصاحة التعابير و فخامة الكلمات و قوة المؤلف المعجمية ، و ذلك يتجلى مبدئيا في كثرة استشهاداته من كلام العرب و خصوصا من الشعر الجاهلي و الإسلامي إلى جانب إشرافه على شرح الغامض من المفردات و المستعصي من الألفاظ في فقرات الكتاب ، كما أن روافد أبي العلاء في رسالته ظهرت في عدة مصادر منها : الأساطير الجاهلية القديمة عن الجن و الغيلان و قصص الحيوان ، بالإضافة إلى الآيات القرآنية الكريمة و الأحاديث النبوية الشريفة ، و قصص الإسراء و المعراج ، و أخبار الجنة و النار المأخوذة من السرديات الحديثية الإسلامية ، و بعض الحكايات الأخرى التي تقود القارئ بحكم الظن اليقيني إلى أن شيخ المعرة قد استفاد من قصص كليلة و دمنة و بعض كتب الجاحظ التي حفلت بشعر العرب عن الجن و الحيوان . و قد لمست بنفسي في هذه الرسالة جانبا نفسيا يتعلق بمأساة أبي العلاء ! حيث أن الرجل بتخيله لهذه الرحلة التي قادته إلى عالمي الجحيم و النعيم السماوي ، قد حاول بذلك( حسب رأيي ) أن يخفف عن نفسه جحيم الدنيا الذي عاشه و قاسى من خلاله طويلا ، بدءا بمأساة العمى الذي ابتلي به منذ أن كان صغيرا إلى فقدان والديه ، و فشله في الإقامة بعاصمة الخلافة ( بغداد ) بعد رحلة علمية قادته إليها ، بالإضافة إلى فقره و قلة ذات يده ، و بتأثير هذه الضربات النفسية الموجعة اعتزل الرجل حياة الناس و أقبل على عزلة طويلة يراها الرائي جنة و لكنها ليست كجنان الدنيا ! بل هي جنة السجين المكبوت و الضرير المحروم ، و هي جنة حفلت بمجالس الأدباء ، و رفعت للأدب رايته العالية و جعلته عند شيخ المعرة وسيلة للتسلية الشريفة و للشفاعة و الغفران .
-- توجد في ثنايا الرسالة لمسة سخرية حادة من بعض المعتقدات و الأفكار ، و حملة قوية نوعا ما على شيوع بعض الخصال الإجتماعية السيئة كالنفاق و الرياء ، و فيها حزن بطعم الألم على غفلة الناس و حمقهم ، و هذا ما دفع بعض الدارسين إلى اتهام المؤلف بالزندقة و الإلحاد ، و الحقيقة أن هؤلاء يتناسون أن الرجل صور مجتمعه كما هو دون أن يبالغ أو يموه ، عارضا المشاكل و التناقضات التي عاشها أناس عصره في صورة نثرية ظاهرها الإمتاع الأدبي و باطنها النقد الموجه للإصلاح الإجتماعي . إلى درجة أن أحد الباحثين جزم قائلا : ( إن رسالة الغفران صورة العالم الإسلامي في القرنين الرابع و الخامس الهجريين ، بكل ما فيهما من أحداث و تناقضات ) . -- كان أبو العلاء في رسالة الغفران ناقد أدب و لغة و تاريخ و اجتماع و دين ، و نقده ممزوج بالسخرية و الهزء ، و تعد المحاوارات مع الشعراء و الأدباء و اللغويين التي تخيلها المعري في العالم الآخر و تفنن في تصويرها إنشائيا ( بأسلوب ممتع انطوى على الظرف و الرشاقة و الفكاهة و التعقيد الشديد ) مصدرا مهماً من مصادر النقد الأدبي القديم و التي تضمنت جملة من المباحث النقدية المهمة و الأساسية . و لهذا كله ارتقى شيخ المعرة من حيث كونه وضع الأسس و المقومات اللازمة لقيام نقد فني قوي و معتمد على مجموعة من الأبعاد العلمية و المرتكزات الذاتية ( و خصوصا في نقد الشعر ) إلى المصاف العالي في زمن كثر فيه النقاد الجهابذة .
-- أما فيما يخص الزوبعة التي أثيرت حول تأثير رسالته هذه في الآداب العالمية ، فقد اختلفت الآراء و تضاربت المزاعم كل التضارب حول الأصول الأدبية العربية للكوميديا الإلهية ( للأديب الإيطالي دانتي أليجري ) ، و علاقتها برسالة الغفران للمعري ! فمن قائل إن رسالة المعري كانت موحية لنابغة إيطاليا في ملحمته التي كتبها متأسيا فيها بخيال شيخ المعرة ، و قائل إن دانتي لم يكن له باع في الإبداع و إنما هو محض مقلد و سارق لأصل الموضوع من المعري الذي هو المبتكر الحقيقي لهذا النوع من الرسائل ، أما البعض الآخر فقد اكتفى بالقول أن الأديب الإيطالي اقتبس من المعري فكرة الإنتقال إلى العالم الآخر فقط ثم صمم ملحمته حسب ذائقته الخاصة ، في حين نذر البعض أبحاثهم في هذا الصدد للتأكيد على أن الكوميديا الإلهية متأثرة تأثرا ظاهرا للعيان بما لا يدع مجالا للشك بالتراث الإسلامي في كثير من مصادرها . و ليس من الغريب القول بأن العلاقات بين الشرق و الغرب ترجع إلى أزمنة قديمة تمتدّ طويلا عبر غياهب التاريخ الكبرى ، و في العصور الإسلامية تعززت الإتصالات و تعددت الطرق التي عبرت عليها حضارة المسلمين في طريقها إلى أوروبا ، و التي من أهمها : الحروب الصليبية ، و الأندلس ، و جزيرتا كريت و صقلية ، و حركات الترجمة و الرحلات . و تعد هذه المعابر من أبرز السبل التي نقلت تيارات التأثير المتبادل بين الشرق و الغرب . و قد عز على أبناء الثقافة الأوروبية أن يعترفوا بالدين للثقافة العربية الإسلامية في مرحلة عطائها الخصب ، حين اعترف المستشرق الإسباني الكبير آثين بالاثيوس بما يحفل به التراث العربي الإسلامي من صور الدار الآخرة و الجنة و الجحيم و أدب المعراج و قصص الإسراء ، يكمن وراء أنضج و أقوى أثر أوروبي في العصور الوسطى ، و هي ملحمة دانتي الخالدة ( الكوميديا الإلهية ) . و من أشهر الأدباء و المستشرقين الغربيين الذين أكدوا تأثر دانتي في ملحمته بالتراث الشرقي الإسلامي : المستشرق إ . بلوشيه في كتابه ( المصادر الشرقية للكوميديا الإلهية ) ، و المستشرق المذكور ( ميغيل آثين بلاثيوس ) في كتابه الشهير ( فكرة الحشر و النشر الإسلامية في الكوميديا الإلهية ) ، كما ضم المستشرق الإيطالي فرانسيسكو كابريلي صوته إلى صوت سابقيه في المناقشات التي درات بين الباحثين حول هذه القضية ، و كذلك المستشرق الإيطالي تشيرولي في كتابه ( المعراج و مسألة المصادر العربية ـ الإسبانية للكوميديا الالهية ) ، إلى جانب نفر كبير من المثقفين العرب الذين درسوا هذه المسألة من جميع جوانبها و خرجوا بنفس ما خرج به نظراؤهم من الغربيين ، و منهم على سبيل المثال لا الحصر : عمر فروخ و جلال مظهر و محمد غنيمي هلال و عبد الرحمن بدوي و لويس عوض التي تساءل حول اعتماد دانتي على قصة المعراج أم على رسالة الغفران ! . غير أن تقييم حجم ما أخذه دانتي من رسالة المعري لا يزال قضية خلافية تستعصي على الإجماع و تبدو مختلة النتائج ، و لا تزال بحاجة إلى دراسات أخرى تقوم على أساس التماس مواطن الشبه و وجوه الاختلاف بين الأثرين ، بالإعتماد على تفحص النصين من الداخل . أما عن تأثير رسالة الغفران و قصص الإسراء و المعراج في الأدب الغربي فقد كشف عنه و أكده الغربيون أنفسهم ، و لا طائل من وراء إنكار ذلك إلا التعصب و التزمت المذمومان .
-- أنصح عشاق الأدب بقراءة هذه الرسالة الفخمة كونها تعد قطعة نفيسة من فسيفساء الأدب النثري العريق ، و التي تقوي الحس الأدبي و تنمي المستوى اللغوي و ترتقي بالذوق الجمالي لقارئيها . كما أننا سنجد أنفسنا أثناء قراءتها بصدد استعارة جزء من ماضينا لنرمم به بعضا من حاضرنا . -- كان تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ ) لهذه الرسالة عملا علميا متقنا و موفقا جدا ، من حيث ضبط النص و شرح الغريب و تصويب الأغلاط و تصحيح التصحيفات و عزو الأبيات و الشواهد الشعرية ، و لم تترك شاردة و لا واردة إلا و تقصت مصدرها و تتبعت مأخذها ، زيادة على المقدمة الباذخة التي مهدت بها لعملها ، بالإضافة إلى الفهارس الفنية المطولة و التي تعتبر المفاتيح الحقيقية لجميع الكتب و خصوصا منها كتب المصادر و التراث .
-- و قد كان صرف النظر هنا إلى تأثير هذه الرسالة البليغة و غيرها من ذخائر الإسلام في أدب أوربا و نهضتها داعيا ضروريا إلى ترك البكاء على أمجاد الماضي و عطاءات الأولين ! و هو ما يستدعي من المفكرين و المثقفين وجوب استنهاض الهمم و رفع التحديات لأجل ضمان استمرارية الإبداع و مواصلة العطاء .
مولع جدًا بمثل هذه الفضاءات التي تعتمد بالدرجة الأولى على قوة المخيلة .. ولذلك قراءتي لرسالة التوابع والزوابع لابن شُهيد و الكوميديا الإلهية لدانتي مسألة وقت لا أكثر . النسخة التي اعتمدتها في القراءة ( طبعة مؤسسة الهنداوي ) وما أزعجني في الحقيقة هو ترتيب الهوامش ووضعها في نهاية الفصول .. مما يُصعب مهمة القارئ في الرجوع إليها خصوصًا أن لغة الكتاب جزلة وقوية وكثير من المصطلحات تحتاج للتوضيح والبيان .
رسالة الغفران هي رد من المعري على رسالة ابن القارح على شكل رحلة فلسفية يجعل المعرّي من ابن القارح بطلًا تدور أحداثها على لسانه، فيتنقل فيها بين الجنة والجحيم ويسأل الحاضرين ”بم غفر الله لك؟“، وتكون الإجابة غالبًا بيت أو أبيات من الشعر.
١- هذه الرحلة هي رحلة أدبية لايوجد فيها غير فطاحلة الشعراء واللغويين ولا تتحدث عن غيرهم. ففي الجحيم تجد امرئ القيس وعنترة بن شداد وعمرو بن كلثوم واليشكري وطرفة بن العبد والأخطل والمهلهل والشنفرى.. أما في الجنة تجد زهير بن أبي سلمى والناب��ة الذبياني ولبيد بن أبي ربيعة وحسان بن ثابت.. وحتى حمزة بن عبدالمطلب وعلي بن أبي طالب لأنهما كانا شاعريْن، كما نجد شعراء الجن وعلى رأسهم أبي هدرش. وهناك أيضًا آدم أبو البشر لشِعر رُوي عنه: نحن بنو الأرض وسكانها .. منها خلقنا، وإليها نعودُ والسّعد لا يبقى لأصحابه .. والنحسُ تمحوه ليالي السُّعودُ
وكما في الجنة نجد آدم، نجد في الجحيم إبليسًا رغم أنه ليس شاعرًا، وكأنه إمام الشعراء وأتباعهم الذين يهيمون في كل وادٍ ويقولون مالا يفعلون.
يقول كيليطو أن فردوس المعري ” لا يلجه إلا الشعراء المشهود لهم بالجودة والتفوق، ليس في رحابه مكان لشاعر رديء أو ضعيف، بل إن جحيم المعري لا يقطنه إلا فحول الشعراء كامرئ الفيس والشنفرى وبشار بن برد.. الشخص الوحيد الذي يراه ابن القارح في الجحيم والذي لاينتمي إلى فئة الشعراء هو إبليس! ولكنه أبا الشعراء ومُلهمهم“.
٢- يعرض أبي القارح على الشخصيات مسائل في اللغة والشعر، لكنهم -وبسبب شدة العذاب أو من أهوال الحشر- نسوا الإجابة. فيقول تميم بن أبي: والله مادخلت من باب الفردوس ومعي كلمة من الشعر ولا الرجز، وذلك أني حُوسبت حسابًا شديدًا. الخليل بن أحمد الفراهيدي: إن عبور الصراط ينفض الخلد مما استودع. بشار بن برد: ياهذا! دعني من أباطيلك فإني لمشغول عنك. عمرو بن كلثوم: إنك لقرير العين لا تشعر بما نحن فيه! حمزة بن عبدالمطلب: ويحك! أفي مثل هذا الموطن تجيئني بالمديح؟ الشماخ بن ضرار: لقد شغلني عنهما النعيم الدائم فلا أذكر منهما بيتًا واحدًا!
من الأشخاص القلة الذين أجابوا ابن القارح هو المهلهل، عن سؤال ”لم سُمّيت مهلهلاً؟“ وحينها يقول ابن القارح: الآن شفيت صدري بحقيقة اليقين. لكن المهلهل لا يجيب عن سؤال آخر لابن القارح فيقول: لقد نسيتُ ماقلت في الدار الفانية! وكذلك يلاحظ أن المعرّي استخدم المنطق في جواب آدم على سؤال ابن القارح.
٣- هناك بعض المواقف التي تجعلنا نشعر أن المعرّي يذم الشعر وأنه من لهو أهل الدنيا -رغم أن جنة المعري تحوي على أشخاص غُفر لهم بسبب بيت أو أبيات من الشعر-: - في المحشر يطلب من رضوان إنه يدخله الجنة فيرفض، فيذهب إلى زفر وهو خازن آخر يتوسل إليه فيقول له: وأحسب أن هذا الذي تجيئني به قرآن إبليس المارد، ولا تهتم به الملائكة، إنما هو للجان وعلّموه ولد آدم. على لسان لبيد: هيهات! إني تركت الشعر في الدار الخادعة، ولن أعود إليه في الدار الآخرة، وقد عُوّضت ماهو خير وأبرّ!
٤- موقف عنصري من السواد: هناك الجارية السوداء (توفيق) التي كانت تخدم في دار العلم أصبحت في الجنة وتحوّل لونها إلى البياض. فيقول: لا إله إلا الله لقد كنتِ سوداء، فصرتِ أنصع من الكافور!
٥-تخرج الحوريات من التفاحة أو الرمانة أو السفرجلة أو ماشاء الله من الثمار، يذكرنا ذلك بحكايات ألف ليلة وليلة. ٦- أهل الجنة من الجن هم شيوخ كبار في السن أما الإنس فهم شباب، وذلك لأنهم وحدهم أُعطوا التحوّل في الدنيا من هيئة إلى هيئة أخرى.
٧- يجد الخنساء في أقصى الجنة القريبة من المُطلّع إلى النار تبحث عن أخاها صخر فوجدته كالجبل فوق رأسه نار -كما قالت في شعرها: وإن صخرًا لتأتم الهداة به .. كأنه علمٌ في رأسه نار
٨- عبارة (وأنا مستطيع بغيري) كنت أظنها لطه حسين، لكني وجدتها للمعري حيث يقول (وأنا مستطيع بغيري، فإذا غاب الكاتب فلا إملاء). طه حسين تأثر بالمعرّي كثيرًا وكتب عنه رسالة الدكتوراة.
٩- جعل المعري المتنبي -والذي كان يحبه كثيرًا- في القسم الثاني من الكتاب الذي لا يحتوي على مشاهد تخيلية في رحلة ابن القارح.
١٠- تراجع المعري في القسم الثاني من الكتاب عن موقفه من بشار بن برد بعد أن وضعه مع إبليس في جهنم: ”ولا أحكم عليه أنه من أهل النار، وإنما ذكرت ما ذكرت فيما تقدّم لأني عقدته بمشيئة الله، وإن الله لحليم وهّاب“.
نُطقُ اللسان لا يُنبئ عن اعتقاد الإنسان، لأنّ العالم مجبولٌ على الكذِبِ والنّفاق. ويُحتَمَلُ أن يظهرَ الرّجُلُ بالقولِ تديّناً، وإنّما يُريدُ أن يصِلَ بهِ إلى ثناءٍ وغرَض.
كِتاب، فيهِ من السّحرِ وجمال اللغةِ والأدب ما يُشبِعُ ويربو على الشّبَع.
من اهم ما قرات في حياتي ،اسلوب بديع في الكتابة يجعلك تقف مبهورا امام جمال اللغة العربية وثراءها . اضافة الى الاسلوب النقدي الساخر للمعري والوصف الخيالي للجنة و النار وحال الشعراء ,حتى انه يذهب بنا الى بعد كوميدي مماجعلني اتخيل بعض الصور واضحك لطرافتها.
م تكن رسالة الغفران -لأبي العلاء المعري المتوفى في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي- رسالة مؤثرة ولا عظيمة في التراث العربي والإسلامي، بل كانت شبه مندثرة حتى سلط عليها الضوء المستشرقون، مثلما لم تكن "مقدمة ابن خلدون" شيئاً عظيماً بين كتب التاريخ حتى اكتشفها علماء الاجتماع في أوروبا.
أصبحت رسالة الغفران مثار اهتمام عالمي كبير بسبب تشابه بنائها القصصي مع "الكوميديا الإلهية" لـ"دانتي"، وتقاربها مع ملحمة "جون ميلتون" الشعرية المسماة بـ"الفردوس المفقود"، والتي كُتبت في القرن السابع عشر. لا نبالغ إن قلنا أن دانتي هو من قدم معروفاً لرسالة المعري حين أشهرها بعدما كانت مغمورة لا تثير فضول العرب، فضلاً على أن تثير فضول غيرهم.
تحمل رسالة المعري إبداعاً جامحاً يقترب في بعض أشكاله من مرويات الإسراء والمعراج التي لا تخلو من ضعف في أسانيدها، لكن أفكاره في "الغفران" مبعثرة ومُشفرة بحاجز الفصاحة الزائدة عن الحاجة. إذا تحدثنا عن الفلسفة، فإن مؤلف روائي مثل "حي بن يقظان" لابن طفيل أقرب إلى الفلسفة من رسالة "الغفران"، الذي يبالغ البعض في مؤلفها ويضعه في خانة الفلاسفة، وهو لا يمتلك مصنفات فلسفية عميقة كالتي ألفها فلاسفة الإسلام كالفارابي وابن سينا وغيرهم!
انطلق المعري بخياله إلى الجنة والجحيم ليسأل سكّانها عن مسائل أُشكلت على الناس بسبب كلامهم وأشعارهم في العقيدة واللغة والتاريخ، وقد ملأ المعري الجنة ملذات ونعيم قد تعد تعويضاً للحرمان في الدنيا التي رآها وعرفها وعانى منها من خلال جسده الكفيف.
لم يكن موقف العلماء التقليديين من المعري إيجابياً، فأطلقوا على رسالته لقب رسالة الخسران، وجعله ابن الجوزي أحد زنادقة الإسلام الثلاث مع ابن الراوندي وأبوحيان التوحيدي، ورأوا اسلوبه القصصي أسلوب سخرية يختل فيه التوازن بين الفعل والجزاء، حيث فازت بعض الشخصيات التاريخية بالجنة بأبيات من الشعر أو صكوك توبة، وأخدوا على المعري رسمه يوم الحشر في صورة يعلوها الضجيج والصراخ وانشغال الناس بالنقاشات الحادة في مسائل نحوية لا تتناسب مع عِظم المشهد، وسؤال أهل النار عن أبيات من الشعر ويجيبون إجابات بليغة وهم يُعذبون بأشد أنواع العذاب!
ما حكاه المعري في رسالته هو حكاية خيال لا تلتزم ترتيباً تاريخياً أو زمنياً، فكل ما أراده في رده على ابن القارح هو نقد النفاق والتسلق الاجتماعي في مجتمعه عن طريق خلق مواقف ساخرة تحصل في الدار الآخرة.
أما بالنسبة لإلحاد المعري الذي صار موضوع دراسات كثيرة، فإن ظاهر رسالة الغفران يعج بذكر وتبجيل القرآن والأحاديث وأشعار العرب، أما باطنها فيحتمل السخرية المبطنة التي تغلف النقد بغلاف التساؤل والاستفهام، وإذا صح هذا الافتراض فإن المعري أراد هدم كل مفاهيم البعث والحشر والحساب والجنة والنار برسالته هذه، ولعل هذا ما جعل طه حسين يضعه في خانة الشكاكين مرة وفي خانة نافي الثوابت الدينية مرة أخرى، هذا اللغز الذي تركه المعري في رسالته وأشعاره خلق هذه الحالة من التردد بين الباحثين.
أوصى المعري أن يُكتب على قبره: هذا جناه أبي علي ... وما جنيت على أحد
رسالة الغفران مغامرة أدبية لعقل معتل وليست تحفة لغوية كانت هذه هي المرة الثالثة التي أقرأ فيها رسالة الغفران، وكذلك المرة الثالثة التي التزم فيها باعتقادي أن رسالة الغفران مجرد مغامرة أدبية نتجت عن عقل معتل مريض وليس تحفة لغوية يجب أن تتصدر المكتبة العربية. فما منح رسالة الغفران شهرتها هو ذلك المسلك الذي سلكه أبي العلاء بزعمه أنه في الآخرة يزور الجنة والنار ويلقى أعلام العصور يجالسهم ويناقشهم. ولو أنه كتبها في سياق رسالة تقليدية لدرست كما درس غيرها. وأرى أن عقل المعري كان معتلاً بسبب ما لاقاه بسبب كف بصره وبسبب الحصار الذي فرضه عليه العمى والحصار الذي ضربه هو على نفسه، وهذا الحصار الأخير إنما هو مظهر من مظاهر الخلل العقلي الناتج عن شعور عميق بالاضطهاد بسبب عماه وعزلته، فأعتزل العالم الذي يضطهده بسبب نبوغه وتفوقه على أقرانه حسبما، حيث كان يرى نفسه أعظم من أقرانه وممن سبقوه بدليل قوله الشهير "إني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم يستطعه الأوائل"، ثم راح في رسالته يمنح الجنة لمن يحبه والنار لمن يكره مبدياً اعلى درجات جنون العظمة الذي كان يعاني منه بادعائه الضمني بأنه يدخل الجنة والنار حسب معاييره هو. ولذلك أخلص إلى أن رسالة الغفران تعبير أدبي عن عقل ذهاني psychosis أكثر من أي شيء آخر.
ومالى لا أعطى شيخ المعرة وأديبها خمس نجوم ولو سمح الموقع بنجمة سادسة وعاشرة لزدته وهل نقرأ كل يوم لمثل أبى العلاء؟! أو نجد رسالة كرسالته؟!. إبداع خالص مُزج بأدب عال أُلبِس بهاء الحكمة ونور المعرفة وأتى بالطريف( الجديد) الذى لم يُسبق، رسالة جاءت من مصر، لأديب يدعى ابن القارح فجرّت ينابيع الإبداع والبيان والعلم فى المعرة بفأس شيخها وأوحدها أبى العلاء لتغمر ماء أدبه مجرى التاريخ، ليستقى الأدباء وأهل العلم عبر القرون ومازال يجرى زمانا ومكانا، حتى غزا أراضى لم يطئها أديب عربى قبله؛ فجرى فى حاضرة النهضة الأوربية ، فقيل أن دانتى الأيطالى أستقى أو تأثر بها فى محلمته الشهيرة "الكوميديا الإلهية "، وعن هذا الأمر يقول الأديب عدى الحرب خلاف السائد : (وما أذكى كيليطو حين قال: إنّ دانتي هو من أثّر على المعري وليس العكس! سترتبك وتسأل: كيف يؤثر لاحقٌ على سابق؟ ألم يأت دانتي بعد المعري بثلاثة قرون؟ لكنك ستلمح المفارقة بعد لحظات: إنّه يقصد طريقة تلقّينا للغفران، صرنا لا نقرأها إلا على ضوء الكوميديا، وهذا يغمطها حقها ويخفي ميّزاتها.) للمزيد عن هذه النقطة وغيرها : https://twitter.com/AdiAlherbish/stat...
"وأنا مستطيع بغيري، فإذا غاب الكاتب، فلا إملاء." ليت شعري كيف عساك تقول لو استطعت بنفسك؟ بل ماذا يبقى لها لتقوله بعد هذا البديع من قولك؟ لإنْ كنت تريد إعجابنا وتحريك كامن الروعة في نفوسنا فقد بلغت حدّ الغاية، ولإن كنت تتواضع من جلالك لدينا فأشهدُ ما قصرتَ بل زدت على الكفاية. أيها الرهين في محبسيه، المنطوي على العربية بين جنبيه، لقد وسعت عصرك علماً وإحاطة، وأشهد أنه ما وسعك ذكراً ونباهة، على أنك مذكور ونبيه، برغم كل شاتمٍ وسفيه، فلله سرك وعلانيتك، إذ لست أشكّ أنك من الإيمان والاستغناء بالله عن المخلوقين على قدْر حماك الخسارة في الدنيا ويكسبك الربح في الآخرة إن شاء الله الغفور الرحيم. —— أجمل ما في الكتاب رسالةُ الغفران نفسها، الرحلةُ الأخروية الشعرية، إلى درجات الفردوس ودركات الجحيم، في ملكوت الخيال الخلّاق للعوالم والفيّاض بالبدائع، شيء لا نظير له ولن يكون له نظير.
أما رسالة ابن القارح ورسالة جواب أبي العلاء عليها فأشهد أن قراءتهما حِمل لا يطاق، لا لأن الحواشي والهوامش تزيد في ثقل القراءة، ولكن لأن الميسم الكريه لعصرهما وضع على الرسالتين وسمه فذهب بهاؤهما وما تضمنتاه من طرائف لغوية ومساجلات أدبية ومباحثات دينية بالسجع والإغراب والتباري والتمادي في المجاملات والخطابات، وتلك هي عوائد الأدباء ذلك العصر تعترضك في كثير من كتب أدبه، ولعلها وفدت من الساسة والأمراء والرؤساء إلى عالم الأدباء الذين أكثرهم عالة واقفون بأبوابهم. وقد ضجّ من المبالغة في المخاطبات مؤرخ قدير عريق النسب في الوجاهة هو ابن الصابي (ت448هـ) في كتابه عن الوزراء، وكان يسميها الفقاقيع الطريفة، يقول: "مضى من يعرف الأصول، ونشأ من لم يعرف ولم يسمع إلا بهذه الفروع، فخالها الصحيح، وتعدى الأمر من حال إلى حال، في الباطل والانتقال، حتى أفضى هذا إلى الاختلال والانحلال."(تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء ص 171، بتحقيق عبد الستار فراج).
*لا يخفى على من له أدنى معرفة بهذا الكتاب أن نشرته العلمية المعتمدة هي تلك التي بتحقيق الدكتورة عائشة بنت الشاطئ، لكنني طالعته في هذه النشرة الرديئة لأنني بعد السعي والبحث مدةً لم أعثر به في المكتبات لأقتنيه، فآثرت قراءته في أية نشرة في المتناول على تأخير المطالعة ريثما أقتني الكتاب في نشرته المعتمدة، وربما كان ذلك يطول، أفأبقى جاهلاً بملكوت الغفران؟
کتاب به نظرم خواندنی است، یک اثر کلاسیک . آمیزه ای است از جدیت و طنز، از عشق به شعر و ادب و عبث بودن آن. ادیبی نابینا اثری نگاشته است در وصف جهنم و بهشت - پر از لمس کردنی و شنیدنی و خوردنی! اثری که در پس داعیه های دینی نمی تواند تمایلات جنون آمیز نویسنده به شعر و ادب را پنهان کند! از همین روست که نویسنده گاه به گاه به خود نهیب می زند که این تکلفات و مباحثات در قافیه و وزن و ... چه سودی خواهد داشت؟ اما او را گریزی نیست! او را همین ادب و شعر مانده است و جز آن تنها امیدی به آمرزش .
البته این اثر از طعنه هم نشانی دارد. اول طعنه به ابن قارح - نویسنده ی نامه به ابوالعلاء و محرک نگارش این رساله - بدین صورت که رفتن او در بهشت به دلیل توبه کردن است. همین نشان می دهد که احتمالا ابوالعلاء می خواهد بدو بگوید که باید دست به توبه بزند و از شدت و حدت کارهای خود کم کند. در مرتبه ی بعد طعنه هایی هم به دینداری درش هست - مثلا اصرار به نقل ابیات نه چندان دیندارانه و همینطور تکه هایی که از زبان این و آن بیان می کند.
در مورد ترجمه بزرگترین مشکل نبودن متن عربی است. مترجم حتی اشعار عربی را هم ذکر نکرده است! ترجمه کلا روان است و من جز در موارد بسیار اندکی - آن هم در مورد برخی الفاظ - متوجه عبارات می شدم و مشکلی با آنها نداشتم.
این کتاب از آن کتاب هایی است که دوست دارم نسخه ای نفیس و دو زبانه از آن را همراه داشته باشم...