What do you think?
Rate this book


344 pages, Paperback
First published January 1, 2015








!ما جرى؟
اصبح السؤال الاهم فى عصرنا، بغض النظر عن محتوى الإجابة واهميتها للسائل او حتى مع إعداد ردا مسبقا على هذه الاجابة.
الماجريات السياسية والماجريات الشبكية والمهاترات الفكرية وسيلا من التعليقات اخرجتنا من محاولة فهم الواقع او فقه الواقع لإصلاحه لاحقا،الى الغرق فى وحل الواقع.
الماجريات وهى جمع ل ما جرى وهى عنوان لكتاب الشيخ ابراهيم السكران، الكتاب الذى اخذ سمعة يستحقها فى رأيى.
قسم السكران الكتاب الى أجزاء:
الاول منه أتى لشرح الماجريات وظاهرتها وما الذى ترتب على هذه الظاهرة، وفند السكران ما ترتب عليها لنتيجة من جهتين متقابلتين ،فمن جهة تدهورت الشهية العلمية والدعوية لدى شريحة الشباب واستثقال القراءة الجادة والبحوث الطويلة الاجل والصبر على دروس ومجالس العلم بل حتى القراءات الثقافية الجادة ويستملح فقط متابعة الاحداث السياسية والوقائع اليومية والمهاترات الفكرية ومشاغبات القضايا الصغيرة ثم متابعة التعليق على هذه الاحداث فى شبكات التواصل وما موقف كل تيار من الحدث وكيف علق وعقب كل رمز مشهور على الحدث. ومن الجهة الاخرى يرى السكران ان هذه الشريحة اصبح لديها نموا فى وعى الواقع وتطور اللغة السياسية واصبح لديهم مخزون واضح من تفاصيل الاحداث يستثمره فى البرهنة اثناء المناقشات.
من هذا المنطلق يعرض السكران دراسات عن متابعة الماجريات الشبكية ثم ينتقل الى الاخطر وهو الموضوع الرئيسى "الماجريات السياسية" ثم يعرض نماذج لمفكرين اسلاميين كبار مؤثرين ومواقفهم من الانخراط فى متابعة الماجريات السياسية وما يترتب عليها من توجه فكرى بغض النظر عن حال الامة الذى اصبح فى الحضيض.
النموذج الاول نموذج الشيخ البشير الابراهيمى (لباب السياسة وقشورها)
وفى هذا النموذج ومكوناته التى شرحها ابراهيم السكران حيث ان الشيخ الابراهيمى كان قد عكف على التعلم والنهل من المعارف فى صغره دون النظر للماجريات من حوله حتى اصبح قادرا بعد ذلك فى التأثير فى الواقع وبخطة منهجية يستطيع من خلالها بناء الامة ومواجهة الاستعمار الفرنسى ومن اشارات الشيخ:
أنه كان يرى الاستعمار الفرنسي يبدي أحيانا مرونة مع الأحزاب السياسية لكنه يتصلب تجاه جمعيةالعلماء، برغم أن الأولى صريحة في السياسة، والثانية جهودها
علمية أخلاقية أصالة، ولم يفوت الشيخ التقاط هذه المفارقةوالاحتجاج بها على بعض المنتسبين للأحزاب السياسية، كما يقول الشيخ:وإن الاستعمار لأفقه وأقوى زكانة وأصدق حدا من هؤلاء، حين يسمي أعمال جمعية العلماء سياسة، وما هي بالسياسة في معناها المعروف، ولا قريبة منه، ولكنه يسميها كذلك لأنه يعرف نتائجها وآثارها ،وأنها اللباب وغيرها القشور)
(إلا أن لصوص العقول، أفتك من لصوص الأموال ..،وإن اللصوص الذين أعنيهم لصوص عقول يتحكمون بأبنائكم في مطارح هجرتهم إلى العلم يصدونهم عن ذكر الله وعن الصلاة وعن العلم ، إلى أحاديث يزوقونها لهم ..، ويصرفونهم عن كتب العلم ودروس العلم، إلى جرائد حزبية مملوءة بالكذب والنقائص والمهاترات والسباب)).
ويقول الشيخ البشير "شغلوهم بالسفاسف الحزبية حتى اصبح المقهى احب اليهم من الجامع ،والجريدة احب اليهم من الكتاب،و المناقشات الحزبية اشهى اليهم من المذاكره العلمية"
وكان هذا رأى الشيخ الابراهيمى وموقفه من الانهماك فى الماجريات.
النموذج الثانى نموذج مالك بن نبى (الدروشة السياسية)
يقول السكران : من الواضح طبعا ان الدرس الرئيسى من نموذج مالك بن نبى هو انه يرى ان الحضارة لا تبنى بمجرد الخطابات السياسية الحقوقية بلغة المطالب المباشرة وان تصور ان هذه هى وحدها التى تبنيها حالة من الدروشة السياسية وانما يبنيها الفعالية عبر تحريك المجتمع تجاه استحقاقات التقدم بالمشروعات العملية ،هذه خلاصة رؤية مالك بن مبى وهى دعوة الى التوازن لمواجهة الافراط الجماهيرى فى الانشغالات السياسية.
النموذج الثالث نموذج ابى الحسن الندوى (التفسير السياسى للاسلام)
وينتقد ابو الحسن الندوى فى هذا النموذج الانشغال فى السياسة وجعلها الغرض الاساسى للاسلام وينتقد ايضا جعل الغاية الكبرى الوصول للحكم حيث اشار ان الحكم والسلطة نتيجة وثمرة للعمل والدعوة وليست غاية تقصد ابتداء.
النموذج الرابع نموذج عبدالوهاب المسيرى(السياسة الحدثية)
نموذج مهم فى الانعزال النسبى او الانقطاع الوقتى حيث ذكر المسيرى انه حين كتابة موسوعته اليهود واليهودية والصهيونية كان وقتها حرب ٦٧ و٧٣ وعلى الرغم من جلل الأمر الا انه كان أخذ على نفسه العهد بأن يكمل الموسوعة الكبيرة خاصته ويؤكد انه من الصعب ان تتفرغ للكتابة الحدثية اى الكتابة الدورية تعليقا على الاحداث وان تكتب كتابة معرفية كلية.
ويلخص السكران موقف النماذج من الانهماك فى متابعة الماجريات كالآتى :
ثم أقارن ذلك بطوائف كثيرة من الشباب المسلم في أثمن لحظات التحصيل العلمي وقد استسلموا لخطام الماجريات تسوقهم بين ضجيج الجدليات والمهاترات؛فإني استرسل مع التساؤلات : هل يمكن يا ترى أن يصل هؤلاء الشباب إلى تحصيل علمي وإنتاج معرفي عميق وهم بهذه الحالة الماجرياتية؟! وإذا وازنا بين نموذج المسيري والنماذج السابقة فيمكن لنا القول بأن البشير الإبراهيمي ناقش الماجرياتيين السياسيين من خلال آلية «إعادة التعريف»، وهي آلية معروفة في المنهج العلمي ، أعني «إعادة تعريف السياسة» ذاتها بتقسيمها إلى الباب وقشور، وأن العلم والتربية وبناء الأمة هو لباب السياسة، بينما الاستغراق في الماجريات السياسية هو قشور السياسة، وأما مالك بن نبي ناقش الماجرياتبين السياسيين في مستوى «التأصيل الفكري» لهذا الاشتغال الماجرياتي وكشف أن من توهم أن النهضة والحضارة والتقدم تكون بالاشتغال الماجرياتي السياسي والمطالبة الحقوقية المجردة فهو يعيش «دروشة سياسية»، وإنما تنمو النهضة والحضارة بمنطق العمل والإنتاج في الواقع والمجتمع، بينما رأينا الندوي يناقش ذات الموضوع على مستوى «التأصيل الشرعي وخطأ رفع الاهتمام الماجرياتي السياسي إلى درجة جعل غاية الأنبياء ومقصود الشرائع هو المشروع السياسي، وأما المسيري فقد عالج الموضوع من زاوية مختلفة فهو يتحدث في تجربته الثقافية أن الانهماك الماجرياتي والانخراط في دوامة الآحاد والأعيان والأحداث اليومية يشوش التفكير الكلي ويقلص القدرة على إبداع المفاهيم والمنظورات والتقعيدات والتأصيلات العمومية فضلا عن أنه يختلس الوقت .
والمبهج في كل هذه التجارب الأربع أن أصحابها أكدوا في صيغ متنوعة أن مقصودهم «التوازن» وليس قطع العلاقة المباشرة مع الواقع والشأن العام . هذه موازنة ومقارنة إجمالية بين النماذج الأربع في الموقف من الماجريات السياسية والتي سبق لنا تحليلها وقراءتها.
الكتاب ماتع وسلس ويؤصل لمعنى الماجريات الحالى ويعرض نماذج لأناس مثلنا استقوا المعرفة العلمية اولا ثم قاموا لاحقا بالتغيير بدون الخوض فى مهاترات سياية وحزبية وانتخابية وهمية وترك باطن الأمة فارغ بلا مبدأ ولا علم ولا عمل فقط حقوق ما بعد نجاح الحزب فى الانتخابات.
وفى الختام فك الله أسر الشيخ ابراهيم السكران وامثاله الشيخ سلمان العودة وعبد العزيز الطريفى وم/ ايمن عبدالرحيم ود/ حسام ابو البخارى وكثير ممن فى سجون الظلم والفساد