لماذا يُفضَّل قراءة رواية #رؤوس_الشياطين لعشرة أسباب على الأقلّ: - وجبة قصيرة دسمة؛ فعدد صفحاتها (١٩٩) صفحة؛ وهي أقل روايات أيمن العتوم في عدد صفحاتها. - مشاهد مُكثّفة، سريعة الانتقال، عميقة الأثر العاطفي. - تتحدّث عن طبيب عبقريّ يتناهشه عددٌ من الأمراض؛ بعضُها يمرّ به أكثرُنا، وربّما تقول وأنت تقرؤها: هذه الشخصيّة تتحدّث عنّي، هذا أنا. - تجعلك تتساءل: هل هذا الذي وقع فيه البطل هو مرض؟ لقد وقعتُ فيما وقع فيه تمامًا ولم أكن أعرف! - واقعية في تناولها وطرحها؛ تبحث عن سبب المشكلة أكثر مِمّا تقدّم حَلاًّ. - تطرح عددًا من الأسئلة الوجودية والهواجس الإنسانية المَرَضيّة عن الحياة والموت والنجاح والإخفاق، ومحاولة فَهم تناقضات النفس البشريّة. - تحاول الإجابة عن سؤال: هل يعرف المريض النفسيّ أنه مريض؟ - مختلفة عن روايات أيمن العتوم السابقة كلّها؛ فبعد أدب السجون وأدب الحرب وأدب الملاحم التاريخية؛ تأتي هذه ضمن روايات الأمراض النفسية. - تعتمد على البحث الذّاتي للبطل عن حلّ لمشكلته مع وعيه التّام بجوانب تلك المشكلة أو المصيبة. - تعتمد على فكرة: الحلّ هنا، ولكنّني بحثتُ عنه هُناك! - تجارب البطل وتجاوبه مع الأديان والأفكار والمُعتقدات تكون جزءًا من الحل والمشكلة معًا؛ وهذا هو قمّة المفارقة في سلوك البطل. أمّا اللغة والسرد والوصف مع كل هذا التناقض الظاهر؛ فهي لغة أيمن العتوم وسردُه ووصفُه!
الاسم: أيمن علي حسين العتوم. تاريخ الميلاد: 2 / 3 / 1972م. مكان الميلاد: جرش – سوف. الجنسيّة: أردنيّ. الحالة الاجتماعيّة: متزوّج. مكان الإقامة: عمّان – الأردنّ.
- دكتوراة لغة عربيّة، من الجامعة الأردنيّة، بمعدّل (4) من (4)، وتقدير: ممتاز عام 2007م. - ماجيستير لغة عربية، من الجامعة الأردنية، بمعدّل (3.75) من (4)، وتقدير ممتاز، عام 2004م. - بكالوريوس لغة عربيّة، من جامعة اليرموك، بمعدّل تراكميّ 92 %، عام 1999م. - بكالوريوس هندسة مدنيّة، من جامعة العلوم والتّكنولوجيا، بمعدّل مقبول، عام 1997م. شهادة الثانويّة ، الفرع العلميّ، . المعدّل (94.4 %).
الخبرات: - مدرس للّغة العربيّة في أكاديميّة عّمان ( 2006 – 2010). - مدرس للّغة العربيّة في مدارس الرّضوان ( 2003 – الآن). مدرّس للغة العربية في مدرسة اليوبيل (2013-2015)
- مدرس للّغة العربيّة في مدرسة عمّان الوطنيّة (2002 – 2003). - مدرس للّغة العربيّة في مدارس الرّائد العربيّ (1999 – 2003). - مهندس تنفيذيّ، في مواقع إنشائية، 1997 – 1998م.
النشاطات: - مؤسّس (النّادي الأدبيّ)، في جامعة العلوم والتّكنولوجيا، عام 1994، وعضو هيئة إداريّة فيه 1994 – 1996م. - مؤسّس (لجنة الأدب) المنبثقة عن اتّحاد الطلبة في جامعة العلوم والتّكنولوجيا، ورئيس لها للأعوام 1995 – 1997م. - مؤسّس (لجنة الأدب) المنبثقة عن اتّحاد الطلبة في جامعة اليرموك، ورئيس لها للأعوام (1997 – 1999م) . وقد عملت اللجنة على المتابعة الأدبيّة والفنيّة لإبداعات الطلبة في الجامعتين على مدى الأعوام المذكورة. - عضو نقابة المهندسين الأردنيّين منذ عام 1997م إلى اليوم. - عضو هيئة تأسيسيّة لجمعية (الأدباء المهندسون) المنبثقة عن نقابة المهندسين الأردنيين.
المؤلفات: - الدّواوين: 1. قلبي عليك حبيبتي. 2. خذني إلى المسجد الأقصى. 3.نبوءات الجائعين . 4. الزنابق.
الرّوايات: 1. يا صاحبي السّجن 2. يسمعون حسيسها. 3. ذائقة الموت. 4. حديث الجنود. 5. نفر من الجن. 6. كلمة الله
- المسرحيّات: 1. مسرحية (المشرّدون). 2. مسرحية (مملكة الشّعر).
انهيت الرواية ولكنها لم تنتهى داخلي، أيمن العتوم وصل للنهاية لكني لم أصل . أشعر أن من المفترض ان يكون رد فعلى تجاه النهاية عكس إحساسى الآن وهذا يزيد من تذبذب عقلى . اشعر انه كان يجب ان أجد الأمان لكنى أشعر ان الكاتب تركني فى منتصف طريق سريع مزدحم ملئ بالسيارات السريعة وأخذ بطل روايته وتركني في المنتصف تعصف بي السيارات من كل اتجاه .
لا اعرف ماذا اكتب عن هذه الرواية ، انهيتها وانا اشعر بالعجز التام عن كتابة اى شئ واشعر ان الاصدقاء قد تحدثوا عنها بشكل جميل في مراجعاتهم فلا أجد مااضيفه . " كان يعرف أنه يحتاج إلى أوراق بعدد النجوم في السماء من أجل أن يفرغ معشار ما في عقله من كلمات ولكنه لم يستطع أن يكتب كلمة واحدة "
جزء من اضطرابي ربما لان النهاية مختلفة عما اعتدت مع الروايات المترجمة التى تحمل النفسية المضطربة للبطل رغم انى كنت أعلم ان النهاية ستكون مختلفة . وجزء من اضطرابي سببه سرعة النهاية والتغييرات التى حدثت في النهاية وجاءت من اقصي اليمين الى اقصي اليسار مما اربكني
لذا ربما لن استطيع قول الكثير لذا فلنجعل كلمات الرواية تتحدث عن نفسها وربما تحمل مراجعتى جزء من اضطراب الرواية
فى البداية الرواية لم تجذبني لكنها بدأت ببطء تسحبنى لعالمها ودخلت عقل البطل وسأخذ اسم الشخصية فى شهادة الميلاد فللبطل اسماء كثيرة ولكل إسم منهم سبب ( ماركس، صالح ، نديم ، ابن عباس ، أبو نواس ، حافظ ) لكني سأناديه نديم .
نديم ذلك الطفل النابغة الذي حفظ القرءان والتفاسير وفهمها وأثار إعجاب شيخه. وقرأ مع ابيه الشعر القديم وأشعار الغزل فى الخمر التى ادمنها ابوه
نديم الطفل الذي امتلئ منذ صغره بالكثير ، وتعلم وتعرف على اشياء كثيرة ربما في سن كان يصعب معه التفرقة والفهم الصحيح . فامتلأ باشياء كثيرة مختلفة و متضاربة ، يصعب معها تحديد الاتجاه .
كان نابغة منذ صغره لكن هناك تجارب يمر بها الانسان تفعل به الكثير و يتغير رد فعل كل منا تجاه اى حدث عن الاخر . " شكل موت أبيه خيطا رفيعا من الجنون الحقيقي . لم يكن ليدرك أن هذا الجسد الذي علمه كل شئ سوف يكف عن الحركة. وعن صفعه عندما يتطلب الموقف ذلك
كان يشبه أباه في كل شئ، ولم يكن يشبه أمه في شئ "
كانت لوفاة والده خاصة مع شكل العلاقة بينهم أثر كبير فيه وبدأت حياة الخيال تخترق عقله وبدأت الهلاوس تجد طريقها اليه . " إن في عقلي غابات متشابكة من الرؤى لم تطأها قدم بشري ، ومجرات من السديم لم ترها عين حي
نديم ، كان من المتفوقين فالتحق بكلية الطب واكمل مسيرة نبوغه ونجح نجاح باهر فى عمله فوصل للقمة لكن الأصعب من الوصول القمة هو الحفاظ عليها . والأصعب ان يخذلك عقلك وأن تحكمك خيالاتك وهلاوسك فتفقد السيطرة دون ان تشعر .
كل شخص منا يحمل بداخله الكثير من المتناقضات وتطغو احدهما على الأخرى لتشكل شخصيته وافكاره وتتأثر بما نعرفه ونتعلمه وبقوة تأثير الآخرين فينا .
" كان على الخير والشر أن يتصالحا في جمجمته لكي يستمر في هذه الحياة وان يسيرا معا كشقيقين في تلافيف دماغه ، لم يكن صالحا بالضرورة ولم يكن طالحا بالطبع كان مزيجا غريبا منهما "
نديم أخذني الى عالم من الاوهام والخيالات والواقع ، افقدني التمييز بينهم ، وحتى حين وصلت للنهاية ظللت فى تساؤل عما حدث فعلا وعما كان أوهام ؟ هل كان مريض عقلي ام كان مضطرب فى هويته واتجاهاته ؟؟ وكانت معرفته سر هذيانه ؟ هل كان مجنون ام ادخلني دائرة الجنون ثم خرج واغلق الباب وكانه لم يفعل شيئا ؟ هل قتل فعلا ؟ ام توهم القتل ؟
" لم يكن الا لوحة مزيفة ، كانت أحجارها الستة تتساقط حجرا حجرا لتكشف ماوراء القناع المزيف لتبدو الحقيقة جلية
بالنسبة لأسلوب الرواية أخذت بعض الوقت حتى أعتدت عليه فأنا أرى العتوم روائى يكتب بلغة شاعرية فصحى فوجدته احيانا متكلف قليلا واوقات اخرى رائع فى تشبيهاته وتعبيراته . والرواية ايضا بها الكثير من اقتباسات الشعر لهواة الأشعار الفصحى .
" إن كان لايرجوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم ؟! "
اعجبتنى جدا وتركت الرواية وذهبت لابحث عنها فسمعتها من الشيخ إمام ثم سمعتها بصوت حمزة نمرة
الرواية بها الكثير من الصراعات و ستتوه فى التفرقة بين الواقع والخيال وحتى النهاية ستظل تتسائل عما حدث فعلا ومالم يحدث . شخصية تعبر عن الارواح المنقسمة التائهة ، المعذبة ، مليئة بالصراع الداخلي وتأثير تراكمات اشياء كثيرة ولأن بطل الرواية يحمل الكثير من الاضطرابات فكانت الرواية مثله فلم تكن تقوم على منحنى ثابت من السرد فهو يحملنا معه فى اتجاهات مختلفة وترى الدنيا من عيناه ومن دفتره .
رواية حملت الكثير من افكارى ومخاوفي ، كان بها اجزاء تخيلتها تحدث لى من قبل فشعرت كأن الكاتب قد قام بغزو عقلى وكتب افكارى على الورق .
رواية كانت مرهقة رغم صغر حجمها كانت تحتاج لكامل تركيزى وتعبت كثيرا لكتابة مراجعة لها ولم استطع الوصول لمراجعة ترضيني .
بالنسبة للنهاية أجد انها جاءت سريعة ، كانت تحتاج للمزيد حتى يكون الوصول لها اكثر اقناعا وكانت من الممكن ان تتسبب في انقاص تقييمى لولا ان اعجابي بتفاصيل الرواية طغي على النهاية . فحتى ان انقصت التقييم سيكون ٣.٥
قراءة أولى 3 فبراير 2020 قراءة ثانية 26 فبراير 2021 قراءة ثالثة ... ؟؟؟ ----- المراجعة الثانية. -----
’’ اليوم هو الرّابع من حزيران، الموتُ رفيقٌ مُلاصِق، أراه في الطّعام، والشّراب، والهواء، وكلّ شيءٍ، أراه في وجوه الأطبّاء الشّمعيّة، وفي عيون المرضى، أراهم جثثًا مُمدّدة، على أقدامهم أرقامُ موتهم، وأكفانهم إلى جانبهم، والحُفر العميقة تستعدّ لاستقبالهم، هل يكون الموتُ واضِحًا إلى هذا الحدّ؟!’’.
اليوم أنهيت قراءة روايتي المفضلة رؤوس الشياطين للمرة الثانية، وتلك المرة قرأتها وأنا أدعو إليها عشرة من أصدقائي، ربما نالت الرواية إعجاب الأكثرين منهم، مصحوبة بشكر لي على اقتراحي عليهم، ولكن الحق كل الحق، أنا أشكر العتوم على تلك الرواية، أنا أرشحها وكلي ثقة في قلمه إنه لن يخذلني ابداً.
أما عن قرائتي أنا الثانية لها، كنت خائفاً بشدة، فلأول مرة في حياتي سأعيد قراءة كتاب للمرة الثانية - أنا لم افعلها قبل اليوم - كنت أشعر بالخوف أن ينطفئ بريقها أمام عيناي، أن أخفض من تقييمها بعض الشيء، أو أن اكره جزءاً منها وأقرر أن تأخذني عزة نفسي بالأثم وأنافق الجميع وأخبرهم إني لا يزال مصمماً على تقييمي بالعلامة الكاملة لها. ولكن بعد أول 50 صفحة، وجدتني أعود كما كنت
أنا اقرأها بنفس الشغف، بنفس الروح، بنفس السحر، بنفس الخوف والرهبة والحزن، بنفس البكاء والنشيج، بنفس كل شيء، أنا اقرأ الرواية كما كانت وكما ستكون في عيناي ابداً، أنا اعيش جميع تفاصيلها من جديد، اقرأ ابيات ابا نواس، وشعر ابن الفارض والبيان الماركسي، والقرأن الكريم وأحاديث ابن عباس، أضطرب من جديد، تشتت عقلي كما كان، للمرة الثانية أختلط الواقع بالخيال عندي، وكأني لا اعرف نهايتها، حملتني على عرشها طائفة في السماوات، مبتهجة بالثنايات، متدللة في المجريات، قرأتها وكأني على جنب المزن، أطير معها في كل مكان.
أخبرني البعض، إني متعصب للعتوم، إني أبالغ في حبي له، أصدقائي لم أقل يوماً أن العتوم هو الروائي الافضل على الاطلاق، لكني أحبه، وأحب قلمه دون سواه، وأعتبره بشكل شخصي هو أفضل روائي عربي معاصر يملك مفردات ولغة قوية، أمنحني معانٍ، امنحني حروف ومفردات وتشبيهات، امنحني بلاغة وتعبير قوي، وخذ الفكرة والمضمون، أنا من أنصارالشعر الجاهلي والصوفي أنا من مناصرين الكلمة والقلم! أنا أحب ذلك اللون من الأدب.
“اشربْ فإنّا قد عطشنا.. كُلُّ عطشانَ من الأوهامِ ناهلْ اشربْ فإنّ الأرضَ كافرةٌ وإن العُمرَ زائلْ اشربْ فإنّ ماضيانِ إلى النّهاية مثلما كانتْ بدايتُنا بلامعنى ولا وجهٍ ولا لونٍ ولا نورٍ يضيء بكلنا الدروب الثاكلات ولا ثواكلْ .. اشربْ فإنّي مثلما الأيّام قد خذلتكَ مخذولٌ وخاذلْ.. ولسوف تخلو الدّارُ منّي مثلما يومًا خلتْ منكَ المنازلْ’’
ومع ذلك رواية رؤوس الشياطين، لم تكن أفضل ما قرأت، لكنها ببساطة تلمس قلبي وتلمس معاناتي نوعاً ما، عادة نحب روايات دون غيرها بعدما تلمس روحنا، وتخدش جرحنا العميق، وتصل إلى سديم وجدانك لتشير إليه، وتتعمق في أنين فؤادك، وتصير إضاءة خافتة في شوارع معتمة في ليالي لا يرى لها قمراً في السماوات، تكون هي نجومك وهدايتك وسط ظلمات البحر الصاخب، تلك الرواية، كنت احتاج إليها سابقاً، ورزقت قرائتها مرتين وأحبها بشكل خاص ولا سيما إني أملك نسخة مصحوبة بإهداء خاص من كاتبي المفضل، كل تلك الأمور جعلتها الأقرب لقلبي بلا شك.
اليوم أنتهيت من القراءة الثانية لها؟ فمتى يكون موعد الثالثة إذن؟
---------- المراجعة الأولى ( 3 feb 2020 )
’’شكل موت أبيه خيطا رفيعا من الجنون الحقيقي . لم يكن ليدرك أن هذا الجسد الذي علمه كل شئ سوف يكف عن الحركة. وعن صفعه عندما يتطلب الموقف ذلك ’’
هذه الرواية صغيره الحجم - نسبيا - تتكون من خمسة وعشرين فصلاً والفصل الخامس والعشرون يسمى الأنبثاق أكاد أقسم إنه الفصل الوحيد الذي أنبثقت روحي بداخله وتحولت من العتمة إلى النور
تمهلت كثيراً في قراءة الرواية وتأخرت عمداً وأخذت أعيد آبيات ابا نواس من الشعر وعنترة والمتنبي وكل ما أقُتبس بداخل الكتاب خوفاً من أن تنتهي وها هي أنتهت الأن! ولولا النور الذي أضاء حياة نديم لأصبحت انا في عتمة كثيرة حتى حين فقد عيشت معه الجنون والماركسية والقرأن وقليل من الإنجيل وبعض من الصوفيه والكثير من الشعر وذهبت في الطرقات وهاجرت في هجرة غير شرعية وتخيلت أمامي ليندا كما تخيلها وتحدثت مع العظام وجمجمة ابيه فقد أصابتني الرواية بمسٍ وشعرت أني أعيشها بكل جوارحي وأكاد أختنق من فرط التفكير! من آليات الرواية أنك تفقد الحقيقة ولم تستطيع إدراك أيهما هو الواقع والخيال - الجنون -فلا تستطيع إدراك ليندا كانت حقيقية بالفعل أم خيال؟ والله جن جنوني فيها! " سقط ماركس وابنُ عباس ونديم وأبو نواس وحافظ ، ولم يبقَ إلاّ صالح، ومع أنه كان أقل الأسماء لصوقاً به، لكنه ثبت معه حتى النّهاية، والغاية لمن ثبت لا لمن اشتهُر، والفوز لمن أصاب لا لمن أثار."
’’ ما فائدة الأحياء إذا ماتوا هنا؟ إنما يقاس الأحياء بحضورهم في قلوبنا، لا بتقاسمهم معنا هذا الفراغ الكاذب ’’
صوت الله بداخلنا صوت الطبيعة والفطرة هو آية من آيات الرحمن ودائماً ما يكون الاقوى فكيف لعاقل أن يتحدى فطرته وطبيعة الكون ؟ وهل يعرف المجنون أنه مختل عقلياً؟ وهل يدرك العاصي مغفرة الله ؟ وهل يفكر القاتل في روح الله التي نُفخ فينا منها ؟ أنه نديم الطبيب العبقري لم يكن يدرك صوت الله ولم يكن يدرك وجوده حق الإدراك رغم حفظه القرأن في أصغر سن ممكن له وأطلق عليه شيخه أبن عباس لكنه لم يكن أبن عباس ولم يكن أبا نواس فالخمر لا تُحب من لا يحبها وليته لم يكن يحبها يوماً!
ولكن موت ابيه كسره وضل به الطريق بعدها ولم يكن يدرك وجود آمه ونعمتها فالمرء دائما ما يعود لأمه..
هذه الرواية رغم صغر حجمها غنية بالمعلومات والأدب والشعر والثقافه .. تعكس مدى النضوج الأدبي الذي وصل إليه دكتور أيمن العتوم فتشعر وكأنه - تبارك الله - مجمع لغه عربية يحدثك فراقت لي كثيراً أقتباس أبيات الشعر وكأنك في جولة بين الأدب وبين الواقع ويتخللهما الخيال..
أخر الأمر في نهاية الرواية أجد نفسي أتذكر هذه الآية بكل قلبي وتفكيري " إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ " فلا مفر من الله إلا إليه..
يبدأ تيه الإنسان منذ الولادة ، يبدأ صراعاته الداخلية منذ أن تُبصر عيناه نور الحياة ، يسكبُ الأقربون في وعائه شتّى أصناف المعارف ، يزرعون في تربته ما يحلو لهم من بذور ، لكن وحده يختار ما يسقيه منها ، و البذرة الفاسدة التي يستلذُّ برعايتها دون غيرها هل تطرح له ريحاناً !! كل ما سيجنيه منها هو رؤوس الشياطين فقط ..
كان الله في قلبه لكنه أصرّ على ألا يراه ، مضى في ضلاله معصوب النظر ، غرق في غيّه ، الخطوة التي كان يبتعد فيها عن الله كان يقترب فيها من حتفه ، أسوأ ما يمكن للمرء أن يحدث هو أن يكلُه الله لنفسه ، هل يُفلح المرء حين يتخلى الله عنه؟؟
هذا هو حال بطلنا في هذه الرواية ، أفسده والده بفلسفته الضالة ثمّ غادره ، فشلت والدته بانتشاله من مستنقع ضلالته ثمّ رحلت عنه ، حتى حبيبته لم تستطع صبراً على شياطينه ، خسر عمله ، سمعتهُ ، ملاذهُ ، تشظت روحه بفعل الضربات المتلاحقة ، كاد أن يفقد حياته لولا أن المخيّلة قد تلعب أحياناً دور طوق النجاة لذوي النفوس المنكسرة ...
لكن هل يتخلى الله عنا حقاً ؟ الله الذي نتقربُ منه شبراً ليتقرب منا ذراعاً حاشاه أن يترك عبداً خذلته نفسه فلجأ إليه منكسراً .
إن كان لا يرجوكَ إلا محسنٌ فبمن يلوذُ ويستجيرُ المجرمُ؟!!
و قد تأتي رحمة الله على هيئة بشرية ، على شكل قلب يحنو على دواخلك المتداعية ، يحتوي في ثناياه ما دمرته السنون فيك ، يُقلب تربتك .. يحرثها .. يزرع فيك الأمان لتُزهر بعدها سلاماً و إحساناً وعطاءً كثيراً ، يكسر قيد الماضي فيحررك من قضبان الذكريات الموحشة ، يكنسُ عنك غبار الوحدة ويترك النور يتسرب إلى عتماتك ، يُخرجك من جُبّ التيه إلى سماء الرب ، الحُب حين يتدفق فيك من قلبٍ طاهر يكون وقتها من أعظم المِنَن والنِعم ، و قد أجاد بالفعل من قال : ٌأنا مدين بالحب لكلّ من دلّني على الله .
هذه الرواية بالنسبة لي هي خط جديد في مسار العتوم ، رواية نفسية بصبغة روايات نجيب محفوظ ، لا تخلو من الهفوات في بعض المواضع و التي بسببها كدتُ أن أقيّمها بثلاث نجوم فقط ، لكن الرسالة التي دسها العتوم من تحت الباب للقارئ تستحق أن أرفع التقييم لأجلها ، فمن منا لم يجرب التيه يوماً في حياته البائسة ! ، تيه قد يصل بالمرء يوماً إلى حد الإلحاد أو الإنتحار ، لكن مهما بلغت سلطة النفس الأمّارة بالسوء تستطيع إرادة الإنسان في الحياة الخَيّرة أن تنتصر ، بذرة الخير في البشر أقوى من أي بذرة أخرى ، ثقوا بذلك يا أصدقاء 💚 .
رواية من الوزن الثقيل، رواية جارحة ماكرة تعصر بدايات الذهن وتنشأ الأسئلة وتربك القارئ الحريص على إدراك ما يمكن أن تفعله اللغة في صلب رواية مثل هذه، رواية تجر وراءها الكثير من الآلام والمآسي والدروب المتهالكة في الحياة، عن نبع الشقاء الإنساني وثقل الأشياء غير المستعادة، عن الضياع والألم والوعي المفزع الذي يركب رأس صاحبه أينما مضى وتجول، عن الماضي، عن أشباح الماضي التعيسة، يكتب العتوم عن الجوابات المتصدعة عن خوف الأشياء من الوصول إلى نهايتها، عن عذاب الضمير، الكتب التي تحترق بلا ذنب، صوت الليل في تجاويف الكهوف ومغامرات اللاشيء، هذه الرواية تستهدف أرقاً مزمناً، إنه أرق الوجود، أرق الأكتراث لصلب الأشياء، أرق المعاني التي تخرق العقل مثل رصاصة ملعونة، هذه هي البدايات، الحكاية التي تصلب شخوصها على جدران الهذيان وتقلبات الضياع وجنون تفادي العالم، تسرد واقعاً مريراً، نفوساً حال بينها وبين وجودها أمواج اليقين المبعثر وغرابة السطحية، حين ينزل الشخص إلى الأعماق لا يعود ينظر إلى الوراء، لا يعود يرى، يكون الوجود شبيهاً بدخان يخنق صدر السماء، يسرد العتوم شخصية مثيرة للاهتمام في عالم الأدب، الشخصيات التي لا أحد يكترث لها في الواقع، تعيش في عالمها ووجودها أكثر من أي مكان آخر، عن السنوات التي تجر نفسها، السنوات التي تخجل من فضح نفسها أمام تقدم العمر، شخصيات هزيلة تمتلك في داخلها كل مقومات اللاعيش في عالم كهذا..
يطل الأيمان هنا، اليقين القديم ، الفراغات التي كانت مثل بقع منسية، يطل الأيمان بقوته ومقدرته على إرباك كل الأشياء، الأيمان الذي يعصف برؤوس الشياطين ، ثم الحب ثم الحب، هذه المعجزة الصغيرة التي تقلب شؤون الحياة، ترفع بسالات الروح، تسلب ذاكرة الخيبة وتعالج تعفن الماضي، هذه الشعلة التي أوقدت في قلب بطلنا في هذه الرواية، البساطة المستعارة من قلب الطبيعة حيث الوجود العاري، لا فلسفة، لا كتب، لا حضارة، مجرد روح صغيرة تلف العالم ، حب مغرٍ يشبه حب الطفولة، حب أستطاع إن يزيح غبار السنين وعجينة الهذيانات، الخطايا، الندوب، الجنون نفسه يركع أمام حب كهذا. رغم أن النهاية متوقعة ولكنها نهاية غير مبتذلة على الإطلاق، وصلت رسالة العتوم بأجمل طريقة ممكنة، حل الأيمان مكان اليأس، ووضعت الذنوب ثقل أوزارها، ولجأ الخائف إلى من لا يخذل أحداً، وجاءت الحكاية لكي تنبئ الحيارى، أن الضياع مهما طال لابد أن ينجلي نور الهداية ودروب المحبة ووحدة الخلاص.. والحب يعلمنا أن نكون أكثر حرصاً على الحياة.
عتبي البسيط على الرواية هو في استعجال الكتابة البادية بين صفحاتها، بعض الأحداث الدخيلة والتي لا أنكر اعجابي بمضمونها لكن مع ذلك كانت غير لازمة في الرواية، أحكي هنا عن محاولته الهروب إلى أوروبا، أما غير فالرواية رائعة تستحق القراءة، تستحق أن تقرأ بعين حذرة وبقلب جميل يستوعب التفاصيل ويعيد خلق الرواية على مهل..
"إنني أصم، لا أسمع إلا ضجيجا عميقا في أذني، لا أسمع صوتي، ولا أسمع صوت الآخرين، الفضاء مملوء بالأصوات الغريبة، إنها تشبه صراصير طيارة تئز في المدى، وتدخل في فمي وعيني وأذني.. أكاد أختنق، أبحث عن هواء نظيف، المدينة كلها مليئة بهواء فاسد، وأنا فاسد مثلها..."
اول تجربة لي مع ايمن العتوم وجبة خفيفة دسمة ابدع فيها الكاتب في وصف الصراع الداخلي الذي يعيشه الطبيب العبقري المجنون الذي لا اعلم هل ادعوه حافظ او ابا نواس او ابن عباس او نديم او ماركس او صالح... الرواية مليئة بالاحداث ومعظم الوقت لا تستطيع ان تفرق بين ما هو حقيقي وما هو خيالي
"ولكن ذلك كله لم يحدث إلا في خياله!! كيف تجد مثل هذه الخيالات سبيلا اليه؟! إن حديقة عقله الخلفية تضج بالافكار السوداء"
جرعة كبيرة من الكآبة تشعرك في كل سطر بالأسى على نديم (قررت ان اناديه هكذا) ذلك الشقي البائس.. ذلك الطفل النابغة والطبيب العبقري الذي اراده كل شخص ان يكون كما يريد امه وشيخه وابوه خاصة
"كان يتمنى ان يكون انسانا اخر، ولكن الناس لا يختارون الحال التي يكونون عليها، إنهم يولدون بها."
كل اجزاء روحه الممزقة كانت تعذبه وتتصارع ايها يسيطر فرغم كل الاسماء التي كان يحملها الا انه لم يكن يعرف من يكون...
"كان يشعر انه يهرب من قدره، ولم يكن يدري أنه يهرب اليه، كان يحاول أن يفلت من الجنون ولم يكن يدري أنه يقع فيه"
ولكن هل يمكن حقا الافلات من الجنون؟ بين الحقيقة والخيال.. بين العقل والجنون.. جهز نفسك لتبحر في الصراعات النفسية التي يعانيها بطل روايتنا، وأثناء رحلتك الشيقة ستقابل الشعراء والفلاسفة والملوك والمفكرين.. ستحزن وتتفاجأ وتفكر وتتساءل وسيرافقك اسلوب الكاتب الفريد من نوعه وستشدك عباراته في كل سطر..
ولكن في النهاية اي أسمائه كان الاقرب له واي طريق اختاره لنفسه.. وهل هناك أمل بان يعود الى الله ويحقق أمنية أمه التي ظلت تدعو له بالهداية حتى آخر رمق لها؟ هذا ما ستكتشفه عزيزي القارئ في ختام رحلتك
"في القلب متسع لكل خطيئة غمستك في أذرانها.. في القلب منعرج الى غفرانها.. فاعبر فان الله يدعو كل جارحة إلى نسيانها" "كأن الأقدار كانت تريد له أن تلسعه بسوطها في الوقت الذي كان هو في أمس الحاجة إليها. ولذا، فليظل ماشيا حتى يجد لهذا الطريق نهاية؟ ولكن لماذا تطول النهايات إلى هذا الحد الذي يبدو أنه لا نهاية لها"
احببت الكتاب جدا ولم ارد له ان ينتهي مطلقا.. من الكتب التي تترك اثرا عميقا في روحك.. رغم نهايته غير المنطقية..
"اعرف انه لا احد يدرك حجم كارثتي، حجم الشرخ الذي حدث في روحي، ولذلك لن يفهمني أحد، لن يناسبني أحد، ولن يحتملني في النهاية أحد. " "نحن نموت في سبيل ما نحب. السبيل بعيدة. الغاية أبعد. والدروب مقفرة. والقفر أعشب في الخيال. وأنا؟ ماض إلى أن يهدأ هذا"
《أعرف أنه لا أحد يدرك حجم كارثتي، حجم الشرخ الذي حدث في روحي، ولذلك لن يفهمني أحد؛ فلماذا أقول كل هذا...؟! 》
رواية غريبة برغم قلة عدد صفحاتها ثقيلة، تجعلك تتشتت تغوص في أعماقها وفي حياة نديم او ابو نواس او صالح او ماركس او حافظ ستختار أي اسم ؟ كلهم نفس الشخص ولكل اسم حكاية حياة نديم المشتتة مثل كثرة أسمائه امه تشجعه علي حفظ القرآن الكريم فيحفظ القرآن وكتب التفسير والده يشجعه علي شرب الخمر فيشرب الخمر تتغير حياة نديم بين الفلسفة والأدب والخمر وكلية الطب وهذيان عقله ! لكل منهم أثر علي حياته لوالده الأثر الاكبر علي حياته فكانت كل فترة طفولته مع والده وبعد موته جعلته الصدمة لا يفرق بين الخيال والواقع بين ما يصوره له عقله وبين الاحداث الحقيقية والقارئ لن يفهم كذلك إن كانت جميع الأحداث حقيقة أم خيال ستقف في بعض المواضع وتسأل نفسك هل هذا هذيان من عقل نديم أم هذا الحدث حدث في حياته بالفعل ستقف عن الشخصيات وتتسائل هل قابلها نديم بالفعل في حياته أم هي من خيالاته
《لست بائسا ولا ضعيفا حتى تشفق علي، وبإمكاني أن أنتصر هذه المرة رغم هزائمي المتلاحقة، وانكساراتي التي لم تنته... بإمكاني أن أنتصر.. هل تسمعني؟ بإمكاني أن أتغلب علي شخوصي كلهم، أنهم ليسوا إلا أسماء، لم يكن لهم مني إلا تلك الاسماء التي ألصقت بي، أما روحي فلي، وأما جسدي فسيعود لي... هل سمعت؟ 》
ستجد جزء منك في حياة نديم، ستجد جزء من اضطرابات نفسك وعقلك، ستجد جزء من هذيانك
من مميزات الرواية: اللغة فلغة د.أيمن العتوم رقيقة رائعة فستجد أشعار ستجد لغة عربية فصحى تجعلك سعيد لمجرد قرائتها
معرفة جميع ما يفكر به نديم، طريقة تفكيره واضطراب شخصيته وعقله وجنونه ، لن تقرأ الأحداث كقصة ولكن ستراها من عقل نديم مباشرة ستقرأ ما يدور في خلده
مزج الخيال بالحقيقة اعطي للرواية روح مختلفة
تستحق القراءة💜 حبيت بس أشكر صديقي شهاب وصديقتي داليا لان كلامهم عن الرواية هو السبب في قراءة الرواية 💕🌸
رؤوس الشياطين، آخر ما أنجب قلم العتوم. هي خفيفة مستساغة. بدأتها عشية عودتي من معرض القاهرة الدولي للكتاب بعد يومين على صدورها؛ وأنهيتها في اليوم التالي. هي سرد رائع لحياة طبيب، قد تقلبت به السبل وعصفت به شدائد الحياة. لا أدري بأي أسمائه أناديه، أنديم كما سُمي لدي الدولة، أم ماركوس كما سماه والده، أم ابن العباس كما سماه شيخه ، أم أبو نواس الذي كثيرا ما أنشد شعره، أم صالح كما سمته أمه؟ أنا أفضل صالح، كما فضلها الكاتب وكما أنهى بها حكايته. يذكرني بقول الله: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ بدأ حياته بحفظ القرأن والتفاسير وآخر عهدي به رجل صالح قد جمع الله شتات أمره، وما بينهما؟ ضلال بيّن، هلاوس وأفكار انتحارية؛ فعل من البغي الكثير والكثير، فما رده عن ذلك؟ جميلة، هي جميلة الروح والهيئة، جعلها ربي سببا في هدايته، انتشتله من محيط الظلام الذي كان يغط فيه. لله درها! ذات الرداء القرمزي. أنا لا أعبأ بالنهايات السعيدة، ولكن في هذه بالذات أردت لها أن تنتهي على نحو طيب، لزم لهذا البؤس أن ينجلي. الرواية زاخرة بأبيات الشعر، أكثر من أي قرينة لها، بمرور فصلين أو ثلاثة لا تلبث تتعلق بحياة بطلها رغم مساوئه. وعن أجمل ما استوقفني فيها، فما هذان الاقتباسان: "الأيام تتشابه، لا فرق بينها إلا بمقدار ما نحدث نحن من فيها بسلوكنا، بأفكارنا، بحركتنا، بزاوية النظر إلى الأمور الصغيرة التي تبدو تافهة فيها" "في القلب متسع لكل خطيئة غمسَتك في أدرانها... في القلب منعرج إلى غفرانها... فاعبر، فإن الله يدعو كل جارحة إلى نسيانها" ألفاظ العتوم جزلة، جميلة، معبرة. أسلوبه يأسر القلوب قبل العقول، أراه أمير كتاب عصرنا. لا حرمنا الله مداد قلمه.
في ذكرى الثورة المصرية الطاهرة كتبه صاحب العطر ،،، عبدالله الخولي 25/1/2020
"ولكن الأسئلة في الحُب تبدو لا معنى لها، تبدو سطحية، تبدو بلا إجابات! هل يملك العلم تفسيراً مُمكناً لذلك؟ الحب يُفسر نفسه بنفسه، لقد أحببتك؛ أحببتُك من كُل قلبي، وهذا يكفي؛ هل الاعتراف بالحُب ذنب؟"
القراءة الأولى للكاتب الأردني "أيمن العتوم" وللآسف جاءت سيئة بالنسبة لي، فكما ترى هناك نجمة واحدة تلوح بالأفق. في الحقيقة، لم أستطع إنهاء الرواية وصلت حتى الصفحة 145 بعد مُعاناة وقررت أنني لن أضيع وقتي أكثر من ذلك.. فالقراءة عملية من المُفترض أن تضيف قليلاً من المُتعة ولكن العكس كان معي هُنا.. طلبت من أحد الأصدقاء أن يحكي لي باقي الأحداث حتى النهاية.. وفي الحقيقة بعدما عرفت النهاية حمدت الله أنني لم أكملها حتى النهاية، وندمت لأنني صبرت كُل ذلك.
رُبما أكون مُتحامل قليلاً ولكن يا رجل كُنت دخلت الرواية وأنا توقعاتي بالسماء.. وللآسف لم أنل من السماء تلك غير نجمة واحدة أعطيتها للرواية.. الرواية ليست سيئة.. ولكنها تقليدية للغاية.. قصة سقوط وصعود بالطريقة الصوفية.. بعدما كُل شيء يكون لونه أسود حولك، وتتراكم المصائب، حتى نجد الإنفراجة في النهاية.. وكما عرفت، هي ليست أفضل شيء على الإطلاق!
كان عندي ثلاث مشاكل رئيسية، اثنان من أول الرواية وواحدة اتضحت بعد نهاية الرواية.. الأولى متعلقة بالسرد، وطريقة سرد الحكاية، هناك ألف طريقة يُمكن أن نسرد بها الحكاية المُمتعة صراحة، ولكن "العتوم" اختار الطريقة الوحيدة التي ستُصيبك بالملل.. والفتور.. ولكنه موضوع نسبي أكيد. المشكلة الثانية كانت علاقة البطل "نديم" بوالده، فجأة أصبحت هي أهم حدث في حياة البطل، وفجأة أصبح والده يؤثر فيه بهذا الشكل، لم يكن هناك أي بناء من أي نوع غير أن الكاتب ذكر أنهم كانوا يجلسون معاً بطريقة عابرة، فكيف أقتنع أن تترك تلك الجلسات تأثيراً بالغ الشدة في "نديم"؟ حاول الكاتب بعدها أن يُبين لنا كُنه الجلسات، ولكنها لم تقنعني أيضاً. المشكلة الثالثة التي اتضحت بعد نهاية الرواية معي أن الكاتب حاول أن يجعل تلك الرواية الصغيرة بها كُل شيء.. صوفية ومُعاناة وإيمان بعد كفر وإلحاد ومرض نفسي وخيالات ومشاكل هوية وغربة.. فكانت المحصلة سيئة، وأكرر بالنسبة لي.
ختاماً.. كان اللقاء الأول بـ"العتوم" كارثياً بالنسبة لي، وخصوصاً أنني كنت أتمنى أن يعجبني قلمه، وطريقة سرده بسبب العناية بألفاظه، ولكنه لم يعتني بالرواية من وجهة نظري، سأحاول له مع عمل ثاني من اختياري، لعل ذلك يُصلح ما فسد هُنا.
"أنا لا أعاني هلوسات أيها البائسون؟من الطبيب المجنون الذي وصف لي هذا الدواء ؟انا أعاني من وطأة المعرفة أيها الجهلة ؟ هل لديكم دواء لهذا ؟ " قراءة أولى لدكتور أيمن العتوم بعدما فشلت المحاولة الأولى عندما بدأت بقراءة رواية تسعة عشر اصابتني بالإحباط ولم اكملها ولكن كل كاتب يستحق فرصة ثانية 😌 وهذه المرة نجحت رغم اني انهيتها بعد شعر رغم عدد صفحاتها القليل ولكنها تعتبر رواية ثقيلة مشحونه بآلام نفسية وعقلية الرواية لها بطل واحد وهو الراوي فيها هو الطبيب الشرعي نديم ويمكن أن يدعى ماركس او حافظ او صالح كل اسم منهم له ظروف تسميه ، نديم هذا الطبيب الذي ترعرع وسط أب مدمن خمور لا مكان لوجود الله في قلبه ، وأم جيدة تريد أن يصبح ابنها صالحًا مثلها ، ارسلته لحفظ القرآن الكريم واصبح يدعى حافظ لأنه كان يحفظ سريعًا مثلما يحفظ الشعر
والده وهو يشربون الخمر وهم يرددون اقوال الشعراء من تغنوا بالخمر وكتبوا فيها الأشعار وأمه تحثه على الصلاة والذهاب لشيخه الذي يعلمه القرآن وأمور دينه ، يفقد والده بعدما تعلق به تعلق شديد وهنا تاخذ حياته منحنى آخر!!
فماذا ستكون شخصية هذا الطبيب؟ هل مليئة بالإيمان أم مليئة بالشر والدنس أم مليئة بالحيرة ولا يدري أيهما يريد أن يصير ؟ الكاتب صور ظلام النفس الإنسانية وتصديق الأوهام التي يمليها علينا عقلنا أحياناً والتلاعب بنا ، أحياناً لم أستطع التفريق هل هي مشاهد واقع؟ أم مشاهد خيال؟ هل نديم مريض نفسي أم هو أعقل العقلاء؟ هل الشخص المريض يعرف أنه مريض أم هو لا يستطيع الفصل بين الجنون والعقل؟
"اليوم هو التاسع من أيار لا زلت أتخيل أشياء لا وجود لها ، وأسمع اصوات الموتى وأنتمي لعالم ليس لي "
يعيب الرواية فقط النهاية جاءت فجأة وسريعة ولكنها نهاية خرجت بنا من الظلام للنور . تمّت 30/4/2024 📖♥️🌿
• "كم عليه أن ينتظر حتى يرى، وكم عليه أن يسمع حتى يدرك، وكم عليه أن يتوقف من أجل أن يدرك غايته، لكن غايته أعدى أعدائه، إنها تلاحقه كأنها شبح سيسقط في فيه، شبح لا يموت ولا يحيا."
• "النوم نعمة، النوم نقمة، النوم قاتل إذا أقبل، وقاتل إذا أدبر، وقاتل إذا رضي، وقاتل إذا سخط، محبوبة غير مطيعة، وخليلة غير واصلة، ومشتهاة متمنعة، وقريبة بعيدة! كيف ينام ذو هم؟ لكن الهموم مثلها مثل أي شيء آخر خلقة اللّٰه، تنتهي، فلماذا لا يزوره النوم بعد ذلك؟ ولكن: هل فعلًا تنتهي الهموم؟!"
• "وماذا ينفع تذكر الماضي إذا كانت هذه الذكريات تثقب القلب، لكن ماذا إذا كان القلب قد انخرق لكثرة ما فيه من ثقوب، وصارت الدماء ترشح من كل خرق فيه، لن يهمه الدم، القلب الذي لم يعد موجودًا لم يعد مؤلما نزيفُه، كثرة النزيف تُهوّن القرح."
• "ضغط بجُمع يديه على رأسه ليخفف الصداع الحاد الذي ينهشه، إنه يوفر مادة خصبة له من أجل أن تحضر الوحوش، أن يحضر أولئك الذين يرتعد لمجرد مجيئهم ولو لم يكن ذلك حقيقة، يزورونه من فترة إلى أخرى، يأتون كل يوم، وقد يمر شهر قبل أن يراهم مرة أخرى، كانوا يركبون خيولًا سوداء، ويُطلقون النار باتجاهه، وهو يهرب منهم في حقول فسيحة لا نهاية لها، فلا الخيل تتعب، ولا الطلقات تتوقف، ولا الوحوش التي تركبها تكف عن مطارته."
• "الكون إعادة، نحن دورة جديدة لأخرى قديمة، وهذه الجديدة ستصبح قديمة لدورة ستأتي، ونحن ندور في الفراغ، فراغ من بعد فراغ، ولا نجاة .. لا نجاة، والبحث عن الحقيقة أصعب من البحث عن الحياة في عالم ينهش فيه الموتُ الأحياءَ في كل لحظة، لماذا يبتلي اللّٰه الناس بالبحث عن هذه الحقيقة؟"
• "في هذا اليوم التقم الملَك الناقور وهو يستعد للنفخ فيه، روحي ستكون أول روح تسمع النفخة."
• "الأدب أعظم ما أنتجته الإنسانية، والطب أتفه ذلك الإنتاج، وبينهما أمور مشتبهات، وإذا أردت أن تدخل كلية في الجامعة فعليك بالأدب أو الفلسفة، وإياك والطب، فإنه مهنة العقول الضعيفة."
• "الطفولة التي تعني أن المرء كان يملك معرفة العالم، وطهارته، وجماله، ونبوءته، وفنونه، وعبقريته، قبل أن تمتد يد الحياة إليه فتلوثه وتمزقه وتلونه بألف لون، وتغرقه في بحر من الدناسات."
• "وسألها: وماذا نحب فيمن نحب حين نحب؟ فلم تجد جوابًا وردت سؤاله بسؤال: هل تعرف النجوم التي تولد ولكنها معتمة لأن ضوءها لم يصل إلى سطح كوكبنا التائه؟ تلك أنا، مضيئة بك، وإن لم ير هذا الضوء في أغوار روحي سواك، وخيل إليها أنها وهبته أعز ما يمكن أن يوهب، قلبها."
• "لسنا ناضجين لكي نحب كما ينبغي، الحب الذي يعمر طويلًا لا يُقال، لا يمكن أن تضع يدك على حقيقته، ولا يمكن فلسفته ولا حتى البوح به، فإذا أردنا أن نسير في هذه الطريق معًا فعلى الحب أن يملك في نفسه ولنفسه قوته الدافعة لكي يستمر."
• "أفكاره أشباحه، تطارده في كل مكان، تلتصق به، تخرج له من شقوق جلده، تتطفل عليه في ساعات صفوه، تذكره دائمًا بالماضي، بكل ما حدث له، تستعرض له في شريط واضح وسريع خساراته الكثيرة التي لم تنته، تغوص بأنيابها في روحه، كيف يمكن أن يكون شكل هذه الروح التي لا تُرى؟ يسيل دم غير مرئي، يشم رائحة تلك الدماء، ولا يرى لونها، يفزع، يتنامى فزعه، ولكنه سرعان ما يتواءم مع فزعه، وما الفزع إلا خيالاته التي لا تكف عن الظهور، يهرب منها أحيانًا، ولكنه يكتشف أنه يهرب إليها."
• "أشعر أنني فأر صغير أركض مذعورًا في سراديب مظلمة وباردة، أعرُج مثل غراب يحاول أن يحلق فلا يستطيع غير نبش القبور في ساحة الكونكورد في باريس مع چورچ أورويل في تشرده، لكنني بدلًا من ذلك آكل لقمًا كبيرة من الحجارة يعسر عليّ ابتلاعها على طاولة الإمبراطور كاليغولا إلى جانب حفنة من الشعير، وأسمع صوت الإسكندر يهتف في أذني على الدوام كلما رأيت خيول الكاوبوي في أفلام الغرب الأمريكي: إن أحسن طريقة لترويض الخيل هي أن تجعل عيونها في مواجهة الشمس، غير أن الشمس التي أنتظر ضوءها منذ عشرين عامًا أبت أن تشرق، هل هناك أجمل من أن تفكر بإلقاء نفسك في نهر كما فعل روبرت شومان لكي يوحي لك خرير النهر بألحان جديدة؟"
• "اليوم هو .. لا أدري على وجه الدقة، إنه يوم آخر .. الأيام تتشابه، لا فرق بينها إلا بمقدار ما نُحدث نحن من فرق فيها بسلوكنا، بأفكارنا، بحركتنا، بزاوية النظر إلى الأمور الصغيرة التي تبدو تافهة فيها."
• "أنا لا أعاني هلوسات أيها البائسون! من الطبيب المجنون الذي وصف لي هذا الدواء؟ أنا أعاني من وطأة المعرفة أيها الجهلة، هل لديكم دواء لهذا؟!"
• "في القلب متسع لكل خطيئة غمسَتك في أدرانها، في القلب منعرج إلى غفرانها، فاعبر فإن اللّٰه يدعو كل جارحة إلى نسيانها."
• "يا بني إذا أردت أن تدرس ما يعينك على أن تقطع هذه الحياة فعليك بالأدب، فإنه أعظم ما أنتجته الإنسانية."
• "يمكنني أن أتحرر مني، يمكن لهذه الكتلة الصغيرة المتعفة في دماغي أن تعيد تأهيل نفسها، أنا لست آلة صماء، ولست حديدًا متآكلًا، أنا طوفان من المشاعر المتناقضة، وعليّ أن أستصفي الجمال وأنبذ الخبث."
"–أتعرف فيم أفكر يا أبي؟ =وماذا يفيدني أن أعرف؟ –أفكر أن أحرق كل هذا -وأشار للكتب- أحس أنه هراء. =لو أحرقتني أنا وأمك فلن أعترض على ذلك؛ لك عنا غنى، لكن كيف تطاوعك نفسك أن تحرق هذه الكنوز كلها؟!" .. ماذا ندعوه؟ "صالح" كما أسمته أمه وأردات له أن يكون، أم "ماركس" كما أسماه أبيه وأراد له أن يكون، أم "نديم" كما اقترح أحد على والديه ليكون وسطاً بين الإثنين! أندعوه "ابن عباس" كما كان يدعوه شيخة؛ لحفظه للقرآن وتفسيراته منذ نعومة أظفاره، أم ندعوه "حافظ" كما كان يدعوه زملائه في المدرسة لكثرة حفظه! بماذا ندعوه وهو نفسه عندما كان يسأله أحد عن اسمه يحتار بأى اسم سيجيب!
طفل نشأ بين أم تقية تحثه على طالعة الله وحفظ القرآن، وأب فاسق يدعوه لشرب الخمر وحبها "فإن الخمر لا تحب من لا يحبها"! أم أنشأته على يد شيخ، وأب أنشأه على الكتب الفلسفية والشعرية التي تمجد الخمر وتنادي لها!
ماذا نتوقع ممن نشأ في ظل هذه التناقضات؟!
على الرغم من أن النفس تميل للفطرة التي فطرها الله عليها، إلا أن شياطين الإنس عندما تتسلط على أحد يكون تأثيرها أقوى وأشد من شياطين الجن.
نشأ على كره أمه التي يراها تؤمن بالخرافات وتدعي التقوى، وحب أبيه الذي رأى أنه يعلمه الحياة ومسراتها.
نشأ باضطرابات نفسية لم ينجه منها أنه كان الأول على الثانوية، وأنه تخرج من كلية الطب، وكان من أذكى الأطباء، كل هذا لم يُغير في الأمر شيء، بل أنه "زاد الطين بِلة". .. كانت هذه تجربتي الثانية مع "العتوم" وحقيقة لم أستطع تحديد شعوري تجاهها، أصابتني بالحيرة، فأحياناً أحبها وأرى أنها تستحق وأحياناً أخرى أرى أنه ينقصها شيء لكن لا أعلم ما هو!
لن أتحدث عن لغة العتوم وأسلوبة لأنهما أكثر ما اشتُهر به.
اذا كنت من محبي الروايات النفسية كنادي القتال وانت تكون عباس العبد فحتما ستعجبك هذة الرواية
يأخذنا ايمن العتوم داخل حياة شخص يعاني من المرض النفسي نتيجة للخلاف الكامل بين شخصية والدية فأبوة علماني في حالة سكر دائم وكان يريد أن يسمية ماركس علي اسم كارل ماركس اما امة فمسلمة متدينة أرادت ان تسمية صالح واهتمت بأن تعملة الدين والقرآن علي يد شيخ في الجامع
من هذا التضاد واستعداد نفسي من بطل الرواية صالح،ماركس،نديم،ابونواس،حافظ وابن العباس "اختار الاسم الذي تفضلة" تحولت حياتة فهو لا يعرف اي الشخصيات هي شخصية الحقيقية
تتوة الاحداث الحقيقية مع الوهم بلغة ايمن العتوم الرائعة وأسلوبه المميز فيتركك حائر ،في بعض الأحيان تتعاطف مع بطل الرواية وفي البعض الآخر تكرهة بسبب تصرفاتة الغريبة
واخيرا انتهيت منها.. ارهقتني حقا لكم الكآبه التي تحملها، وازعجتني نهايتها الغير منطقيه، شخص مريض عقليا وليس نفسيا بالتأكيد، من يحمل عظاما في حقيبه و يتحدث معها، من ينبش القبور، من يأكل القلوب ويشرب الدم، هذا ليس بمريض نفسي بالتأكيد. على الرغم من عدم اقتناعي بأسباب الخلل في شخصية البطل، فالتناقض الذي عاشه في بداية حياته مع أمه وابيه ليس كافيا ليحوله لهذا المسخ آكل القلوب، ولكن كان الغير مقنع بشكل اكبر هو تحوله و عودته بحياته بشكل طبيعي كطبيب و زوج وذلك فقط بعد الاستماع لمتصوف و بعض الأصوات التي تخيلها تحدثه من أمه وشيخه. أرى أن الكاتب بالغ كثيرا و اطآل في مواقف عديده مرت به بدون تأثير يذكر لهذه المواقف، فقط الكثير من التكرار والوصف لحال الفندق، بائع الفول و القهوه. وفي فصل واحد أو اثنان فقط يأتي التحول بشكل سحري غير متقن في حبكته. في النهاية هي رواية عن الخلل العقلي وليس المرض النفسي وليس الاكتئآب.. فقط انصح اي شخص بتأثر سريعا بالكآبة ان لا يقرأها.
- "فِي القَلبِ مُتّسعٌ لكلّ خَطِيئةٍ غَمَسَتكَ في أَدرانِها.. فِي القَلبِ مُنعرجٌ إلي غُفرانِها.. فاعبُر؛ فإنَّ الله يَدعُو كُلَّ جارِحةٍ إلي نِسيانِها".
(رؤوس الشياطين) هي رواية الدكتور "أيمن العتوم" الثالثة عشر في ترتيب رواياته، وأحدثهم حتي الآن. المُتابع لمشروع "العتوم" الأدبيّ سوف يَج�� هذه الرواية مُختلفةً تمام الاختلاف عن كل ما سبقها؛ مُختلفةً في فكرتها، وحتي في أسلوب تناولها وطرحها.
الرواية تتحدث عن قصةِ طبيبٍ شاب؛ بدايةً من لحظة ولادته، والاختلاف علي تسميته، مرورًا بالمحطات المُتعاقبة والمتباينة من حياته. البطل مُتعدد الأسماء؛ تبعًا لتعدد أشكال الصراع الذي كان يعيشه؛ فقد نشأ لأبٍ شيوعيّ لا ديني؛ وأمٍ علي النقيض الآخر قريبة من خالقها مُلتزمة بأوامره. هل نقول أنه صراعٌ بين الخير والشر إذن؟ ربما! بين الحقيقة والسراب؟ لِمَ لا! تاهَ البطل بين الضدين، أو الأضداد؛ يحاولُ أن يجدَ ذاته الضائعة؛ فيفشل، ويتلو الفشلَ فشلٌ أضخم، لكنه لا يَهن، ويستمر في رحلته؛ فإن "الغاية لمن ثبت"، وكان يقول لنفسه: "نحن نموتُ في سبيلِ ما نُحبّ. السبيل بعيدة. الغاية أبعد. والدّروب مُقفِرة. والقَفر أعشب في الخيال. وأنا؟ ماضٍ إلي أن يهدأ هذا". أُصيبَ البطلُ بمرضٍ نفسي. وهنا اشتبك الواقع بالخيال فلا تكاد تُميّز كُلًّا منهما، ولم يذّكر الكاتب كُنه هذا المرض، هل كان انفصامًا أم غير ذلك؟ ولِمَ تمَّ إبهامُ تلك النقطة؟ هذا ما شغلني. لو كانت "ليندا" من صُنع خيال البطل، فهل كان سفره لتركيا مثلًا من صُنع خياله أيضًا؟ ومحاولة الهروب إلي اليونان؟ أمر مُحير وغريب. صراحةً سألتُ نفسي في نهاية الرواية: هل كان البطل مريضًا أصلًا؟ وإن كان كذلك، هل شُفي وسكنت شكوكه في النهاية أم أن هذا محض خيالٍ هو الآخر؟ أسئلة كثيرة مُتعبة تحملُ علي ضرورة قراءة الرواية مرةً ثانية، بعقلٍ صافٍ وروحٍ مُشتاقة.
الجزء الثاني من الرواية كان ماتعًا أكثر من الأول؛ فتسارعَ فيه إيقاعُ الأحداثِ حتي وصلت إلي النهاية، والنهايةُ كان من السهلِ توقعها؛ غير أن الشيء الذي لم أستسغه هو مجيء تلك النهاية بشكل بسيط وسريع للغاية. قد يكون ذلك من أغراض الكاتب؛ كأن يقول لنا أن الحلول دائمًا سهلة وأمام أعيننا لكننا نعمي عنها؛ غير أنّي لَم أتقبل ذلك. فهل يُعقل أن تكون نهاية محاولات الانتحار وحرق البيت والهروب من الوطن بتلك البساطة؟!
أقول أن "العتوم" قد تفوق علي نفسه في هذه الرواية من حيث إثبات قدرته علي التكثيف والتعقيد، كمّا أن وصفه الدقيق أضافَ إلي الأحداث حلاوةً وطلاوة. أما عن اللغة، فإنك لَفِي حضرة أديب العربية وعاشقها، فماذا تنتظر؟ ألفاظ جزلة، وتعبيرات بهيّة، أبيات شعر لا يكاد يخلو منها فصل من فصول الرواية، عدة فقرات تُغمض عينيك وأنت تُرددها مُترنمًا بجمال موسيقاها. إلّا أنه وللحقِ فإني أري أن لغة "العتوم" قد بلغت أوجَها وعلياءها في رواية (أنا يوسف).
أخيرًا أقول أن موضوع الرواية مهم، وأعتقد أنه يراود الكثير من الناس بصورةٍ أو بأخري، ويتطرق لجوانب كثيرة في حياتنا؛ فلا تضيع فرصة قراءتها، ولكن تذّكر! "إمّا أن تقرأ بروحك أو لا تقرأ". بارك الله في عمر الدكتور "أيمن"، ولا حرمنا مدادَ قلمه.
برغم حجمها الصغير إلا إنها لاتصلح لقراءات الحظر فهي ثقيلة فلسفية صعبة كئيبة أتحرك فيها ببطء شديد لكن اللغة عظيمة فعلا تستحق مراجعة منفصلة في فيديو علي يوتيوب قناة كوكب الكتب فيديو المراجعة https://youtu.be/GvxwQFRzeOg
للمزيد من التفاصيل و المراجعات الاحترافية علي أسس روائية سليمة محايدة و الترشيحات عن خبرة قراءة ٣٠ سنة يمكنك متابعة قناة كوكب الكتب علي يوتيوب.
البناء الروائي غريب، من البداية تشعر بالمبالغة السخيفة في كل فكرة أراد ايصالهاا، مبالغة في رسم صورة الأب السكير الذي يدعو ابنه للشرب من سن 12سنة مبالغة في كمية التناقضات في شخصية البطل..اللي هو طلع فيه كل العبر يعني 😂 حتى استخدام الشعر، مع حبي للشعر، لكن هنا وكأن الكاتب يضع البيت وينسج حوله موقف وليس العكس.. والنهاية كارثة لوحدها.. لم أحبها أبدا أبدا.. هراء وفقط
انا قرات رواية عظيمة و الغريب ان ما يقال هذه اقل اعماله !!! اول ٥٠ صفحة كانوا مملين لكن من بعد الهوة اللي سقط فيها البطل لرحيل والده بدا التاثير العميق ..بدات الرؤية تتضح والاسئلة تبدا .. هل البطل كان مريض فعلا؟؟ غريب انا تفكيري زيه فمش شايفة كدة! ..ليظهر السؤال الثاني هل المريض النفسي عارف انه مريض اصلا؟ التناقض في شخصية البطل بحثه عن ذاته الحقيقة سلسلة النجاح والاخفاق والهواجس كل دة والكاتب كان بييبن اسباب اكتر منها حلول لان الحل كان موجود دايما لكنه بيبحث ف اتجاه تاني!!
انصح بيها جدا هيا بعيده كل البعد عن ادب السجون اللي معروف بيه تصنيفها ضمن روايات الامراض النفسية
شكرا لـ"شهاب" على ترشيحه حبيتها جدا جدا وشكرا لرفقاء القراءة معانا
رواية رؤوس الشياطين ... إنها قطفة طازجة من أدب مثمر ... أينع طلعه ..وترعرعت سُقياه ... رواية عميقة غير أنها مكدَّرة ... وتزخر ببئر من العواطف.. بَيْد أن ملوحة تعتري ماءها ... تتلاحق الأنفاس مع كل فصل ..لا تكاد تحط رحالك وتتشابك أفكارك حتى يعمد الأديب على حلّ نسيجها... وفرط تماسكها بمهارة تُتعب القارئ ...
الرواية تدور حول شاب عبقري تمزق بين أمه وأبيه ..عالمين مختلفين ... فبدا شخصية شديدة التعقيد ..كمتاهة مستفزة ..حتى أن القارئ يرى العقدة حاضرة في كل فصل .. !!
* غلاف الرواية يفتقد للدفء ... واسمها صادم ...
* موضوع الرواية ..ما قيمته ؟ هل هو ظاهرة ؟ ماذا يشمل من فئات الناس ؟ كم يغطي من معاناة الأفراد ؟ تساؤلات عديدة ألمّت بخاطري
* وخزني بشدة آخر ما قالته الأم لصالح وهي تُحتظر ... ولبثتُ معها حيث حسرتها التي شابهت حسرة شيخه على هذا الكائن الذي هو قطعة من قلبها ... كلاهما ماتا وهما يحلمان أن يريا فيه ابن عباس رضي الله عنهما
* عندما دخل حافظ الفندق شعرتُ بالحيرة لهذا المستقبل المجهول كثير الضباب ...
* السفر ... ليندا .. ..البحر ... القارب... اليونان ... تركيا ... حقيبة العظام .. جمجمة تتهاوى ... كل هذه أحداث تدور بسرعة بين الحقيقة والوهم ..
* وعندما دخل نديم المستشفى بعد الصفحة ال100 وجدتُني بدأت أتحرك وأتحرق ...وبدأت الرواية هنا تعمل عملها فيّ...
* الرواية متعبة رغم أنها جاذبة .. أتعبني بها جدا أنّي لم أعد اميّز الخيال من الحقيقة... والواقع من الوهم ... ! حتى سكون صالح آخر العهد .. وزواجه... وقصة الجميلة... لم أدرك هل هذا من خليط البطل وهلوساته أم أنها مصيدة من المؤلف ...؟! فإن شفاء وسكون وهدوء ماركس ليس بهذه السهولة !
* الرواية محزنة جدا .. وتثير في نفس القارئ تساؤلات عديدة حول المجتمع ..الوالدين .. التفوق .. الأصدقاء... حتى مفهوم الوحدة .. ومفهوم الاضطراب من الناس
* وبقي عندي تساؤل .. هل نهاية البطل الجميلة ...كانت حقيقية أم أنها من خيالات نديم في ليال الكهف البائسة !؟
* البطل اجتمع فيه الخير والشر .. الضحية والجلاد ... شطر ذاته هو أمه ..الخيّرة ..التي كانت تملأ القرية بدعواتها الحانية ... وكأن قلبها وسع القرية بجمال روحها . والتي عجزت عن أن يحلّ عطر دفئها على ولدها ...
شطره الثاني أبوه ... هذه الكتلة المحيرة التي اجتاحها الشيطان واستولى على عبقريته ..
* تعلّق البطل بأبيه ..مذكور تارة صراحة .. وأخرى خفية بين السطور في أغلب رواية الأديب... وربما هو انعكاس شيء من ذات المؤلف المولع بأبيه ...
* جنون العظمة واضح في سخط البطل وتعاليه على الآخرين ...حتى في نأيه عن الناس ...
* العاطفة المفقودة التي كان يريدها وبإلحاح كانت منصبّة على مبروكة .. وعلى عظام أبيه في حقيبته المخيفة تلك
* محاولات واضحة للشفاء... كرمي الضفدع...والتخلص من نقيقه ... كحرق البيت والكتب والسيارة كأنه يريد أن ينخلع عن ذاته واستبدالها بأخرى أهدأ ...
* بقي البطل يبحث عن الأمان والثقة في أعماقه ..ويرفضهما في العلن ..وهذا من اضطرابه ... وكلنا نقع في هذا المأزق بشكل أو بآخر ...
* استوقفني جدا رفضه السماح والعفو عن شقاوة الصبيان بحادثة البركة ... كلاهما بمنتصف الثلاثينات ...وبقي من أثر الحادثة عند الرجلين شيء وقع في نفسيهما... فالأول طلب السماح... والثاني رفض بشدة .. وهذه نفوسنا بين الصفح والمكابرة ...
* رأيت العجز والحسرة في ثلاثتهم ... وإن عبّر كل فرد بطريقته الأم حسرتها وعجزها...جعلها هادئة مستكينة الأب عجزه وحسرته جعلا منه ضالا مرة ..وقارئا حكيما أخرى .. وابنهما في موج بينهما..
* إطلاق أكثر من اسم على البطل زاد من انفصامه ..حتى إنه عندما كان يسأل عن اسمه يحتار أيهما يختار لا أعلم أهو ضياع الهوية ..ام ظلمة البيت ...أم ... ؟
* هل استأنس الأديب برأي طبيب جرّاح ! ذلك أن هذا الجزء مذكور في الرواية بإحكام ...
* وأما عن الفصول النفسية التي ألمّت بالبطل ..فقد لاحظت أن الرواية خلت من أيّ وصف لمرض نفسي يفصح عن حالة نديم .. هل هذا مقصود أن يُترك للقارئ ام أنه جاء بعفوية وعلى السجيّة !؟
* بحثت عن زهرة الخشخاش ... فقد أثارت فضولي فكرة جرح ساق الزهرة .. وسقاية القبر منها ... ولكن وجدتها أجمل من أن تكون لهذا الغرض ... ويبدو ان نفسية أبي نواس باختيار هذه الزهرة في المكان الخطأ كانت مرهفة حدا أضر به ... وبأمه
لا أنكر أن الرواية أتعبتني .. فكل شيء فيها يجري ... ثم لا تلبث بعد حرب طاحنة أن تهدأ كل الأنفاس .. ويزهر الليل عن صباح جميل
بارك الله في الدكتور أيمن العتوم ونفع به وبقلمه الإسلام والمسلمين
رؤوس الشياطين رواية نفسية ذات بُعد فلسفي للأديب المتميز/ أيمن العتوم دار المعرفة – الطبعة الثانية – 2019 • عندما أُفكِّر في أن أكتب تعليقًا ما أو مُراجعة على كتابٍ قرأته، أحتار أي الحالين أفضل؛ أن أكتب المُراجعة مُباشرة عقب الانتهاء من القراءة أم أصبر بضع ساعات أو أيّام كي أفعل؟ جليّة تلك الحيرة في الرواية تحديدًا، ربّما لأنّك بعد الانتهاء منها تكون مُتلبِّسًا بها، مُتقمِّصًا إيّاها، غارقًا فيها بشكل يُصيبك بالاضطراب، ويدفعك جهة التحيُّز أحيانًا إمّا بالموافقة العاطفية أو الرفض المُجحف؛ تبعًا لما جاء فيها وتأثُّرك بها.. فتخاف أن تكتب وبك هذا الأثر ربما، وتميل إلى أن تبتعد عن العمل بشكلٍ كافٍ يسمح لك أن تنتبه لحالك المنفصل عنها، وقد خلعت عنك آثارها كي تكون مُنصفًا في الحديث عنها والتعليق عليها. ولكن ماذا عن خشيتك أن تُفارق تلك الأحاسيس الممتعة والعوالم المُدهشة التي خُضتها عند القراءة؟ ماذا لو كانت الرواية عملًا مميّزًا يستحق منك أن تُسجّل له بشهادة منك كل أثر علق فيك، بذاتِ الحرارة التي كانت فيك وأنت تقرأ الكلمات وتتُابع الأحداث بشغف؟! لا بأس حينها بالتوسُّط ما بين بُعد وقرب، عسة الله أن يجعلنا دائمًا أبدًا من المُنصفين. رؤوس الشياطين.. أحدث روايات الأديب ( أيمن العتوم )، رواية نفسية دارت أحداثها الحقيقية والمُتوَهَّمة في رأس أحدهم، أو فلنقل في ( رؤوسه )! رواية تُخالف ما عوّدنا ( أيمن )عليه، رواية داخلية بامتياز، تُشبه سابق عذاباته التي كُنّا نراها في روايات أدب السجون أو التاريخ أو الفانتازيا؛ بيد أنّها عذابات داخلية، ساحات صراع مُرهِقة في رأسٍ واحدة، وإن حاول التخفيف بأن جعلها تمتدُّ إلى رؤوس أخرى مُتشعبة، عن ذات الرأس! أشفقت كثيرًا على رأس الدكتور أيمن وما يدور فيها، فلا يملك تلك الخيالات المُتعِبَة التي بثّها في روايته إلّا صاحب عقل يملك خيالات غيرها ( فضلًا عن حقائق ) أكثر إرهاقًا وتعبًا. ولكن ما يعنينا هُنا هو صاحب القصّة ذو الرأس التي تحمل بداخلها ستة رؤوس، طبيب مريض للمفارقة العجيبة والحبكة المُذهلة، أودّ أن أمر على كل رأس أتحدث عن اسمها وشخصها وطبعها وميلها غير أني أخاف إن فصّلت الذكر أن أُبين عن موطن الإبداع وأُهيل الثرى على عنصر التشويق فيزهد فيها الراغب وأحمل أنا وزره أن يتجاوز عن قراءتها بسببي! ( أيمن ) خالف عادته ليس لاختياره موضوعًا جديدا فحسب، وإنّما لكونه خالف عادته في الحكي أيضًا، تجنّب أيمن سمته الوصّاف في هذه الرواية بشكل عام، صحيح أنّه أبدع في بعض المواضع لمّا وصف وصفًا دقيقًا ( مختصرًا إلى حدٍ ما ) أماكن ومشاعر وهلاوس، لكنّه على غير طبعه الروائي، كان يقفز في هذه الرواية قفزًا هائلّا بين المشاهد والأحداث، قفزًا يجعلك تلهث وراءه وتنقطع منك الأنفاس، وكأنّه ما كان يكفيه مشاهد الاضطراب النفسي المُقلقة بل زاد ايقاع التوتّر المُشوّق بخاصية القفز وليدة تلك الرواية، لا تملك وسط هذا التعب الجميل إلّا محطة راحة قصيرة في المشهد قبل الأخير، غير أنّه يختمه بمشهد آخر مُكثّف الأحداث والتفاصيل، مشهد من شدّة توقّعك له تستغربه وتقف أمام النهاية ذاهلًا مُتسائلًا. ( دوستويفسكي ) الأديب الروسي الرائع، هو رائد الرواية النفسيّة، لكننا كما نعلم فإنّ الرواية النفسيّة ليست مُنتشرة في العالم العربي، صعوبة الرواية النفسية هي أنّها تحتاج من الروائي أن يكون على إطلاع كبير في الطب النفسي والأمراض العقلية، إطلاع لا ينبغي أن يكون سطحيًا لأنّ النفس البشرية بطبيعتها معقدة وليس بالأمر السهل التعمّق فيها، وعلى ما ظهر لي فإن الدكتور أيمن بذل مجهودًا كبيرًا كي يُقنع القاريء بفداحة المرض النفسي لدى بطل روايته ورؤوسه الستّة، يبدو أن الدكتور بحث وقرأ بل وخالط حالات نفسية حقيقية، وإن كُنت لا أدري وأنا غير متخصصة في المجال النفسي، هل من الممكن أن يكون اختيار البطل لنهايته في الرواية مُلائمًا لطبيعة مرضه النفسي المعقّدة أم لا؟ في جلسة نقاشية في مُحافظة الأسكندرية مُنذ أيامٍ قليلة مضت التقيت بالدكتور ( أيمن العتوم )، لم أنبهر بحديثه عن رواياته ودراساته والتي ربّما كُنت أعرف عنها من قبل، وإنّما أدهشتني قوّته في الحوار، قوّة بغير شدّة، وثقة لا غرور فيها وصفات أُخرى كثيرة لم تتبيّن لي من قبل عندما قرأت له وعنه، كانت الجلسة النقاشيّة الأولى التي أحضرها له، وليس الخبر كالمُعاينة. سألته حينها عن سرِّ القوّة التي يحملها في قلبه والتي ظهرت دائمًا في سابق رواياته، والتي بدت واضحة جليّة في ذلك اليوم على هيئته وفي نبرة صوته، قوّة علمناها عنه لما اختار مواضيعًا صعبة لرواياته وأحداثًا سوداويّة قاتمة في أغلبها ، وصراعات عنيفة لا تخلو رواية منها، وطبعًا في دقّة وصفه وإسهابه في التفاصيل وتعابيره ولُغته الفصيحة القويّة، وجاءت روايته الأخيرة رغم اختلاف موضوعها عن الروايات السابقة، إلّا أنّهم جميعًا خرجوا من ذات القلب الجسور، وبالنسبة لي لمّا أجابني في الجلسة عن سر تلك القوّة كوّنت انطباعًا ما واكتملت لدي الصورة بقراءتي لرواية ( رؤوس الشياطين ). وأخيرًا.. وددت لو تريّث ( الدكتور أيمن ) في بعض مواضِع الرواية وأشبعها وصفًا، الرواية النفسيّة العقليّة ذات الطابع الفلسفي ( إن جاز لي تصنيفها بهذا الشكل ) هي أولى الروايات بالتفاصيل، والوقوف طويلًا عند مشاهدها.. ولكنني أتأوّل له ما فعله بهذا القفز السريع على مشاهدها أنّه كان كبطل حكايته ذي الرؤوس الستّة، كثير الركض وراء عقله، مما أجبر ( الدكتور أيمن ) أن يلهث وراءه، وكنّا كذلك لهم تبعًا. • اقتباسات أعجبتني: • " الكون إعادة. نحن دورة جديدة لأُخرى قديمة، وهذه الجديدة ستُصبح قديمة لدورة ستأتي، ونحن ندور في الفراغ، فراغ من بعد فراغ، ولا نجاة... لا نجاة... والبحث عن الحقيقة أصعب من البحث عن الحياة في عالم ينهش فيه الموت الأحياء في كل لحظة ". • " ما فائدة الأحياء إذا ماتوا هنا؟ إنّما يُقاس الأحياء بحضورهم في قلوبنا، لا يتقاسمهم معنا هذا الفراغ الكاذب". • " كانت تعرفُ أنّه مريضٌ في عقله، ولكنّها كانت تُحبّه، ولو كان الحُبّ مُبصرًا لما عميت عن غراباته كلّها ولا عن هذياناته ". • " الحب الذي يُعمِّر طويلًا لا يُقال، لا يُمكن أن تضع يدك على حقيقته، ولا يُمكن فلسفته، ولا حتّى البوح به. فإذا أردنا أن نسير هذه الطريق معًا فعلى الحبّ أن يملك في نفسه ونفسه قوّته الدّافعل لكي يستمر ". • " إن رحمته تُعيد إليك الدروب المسروقة، فلا تيأس ". • " كان قد سمح لشقِّ صغير في صخرة قلبه أن ينفتح، وكانت محيطات القلب تنتظر تلك اللحظة، ثمّ من ذلك الشقّ تسربّت القطرات في البداية، لكي تسمح للباقيات أن تتدافع شيئًا فشيئًا، ثمّ انداحت بينهما المياه حتّى كادا يغرقان فيها ". • " في القلب مُتّسع لكل خطيئة غَمَسَتك في أدرانها... في القلب مُنعرج إلى غُفرانها... فاعبر، فإنّ الله يدعو كلّ جارحة إلى نسيانها ". • " يمكنني أن أتحرر منّي، يُمكن لهذه الكُتلة الصغيرة المُتعفِّنة في دماغي أن تُعيد تأهيل نفسها، أنا لست آلة صمّاء، ولست حديدًا مُتآكلًا، أنا طوفان من المشاعر المتناقضة، وعلي أن أستصفي الجمال، وأنبذ الخَبَث ". • " أكلّما مشيتُ إلى النّور، سقطت في الوحشة؟ ". • " وهل تصنع يدُ الأنثى حين تُحبّ إلّا جميلا؟! ".
- رواية رؤوس الشياطين هي حقاً 199 صفحة ولكن من ثقل معلوماتها وسريان أحداثها ، أحداثها التي تحتاج منك مجهوداً مُضاعفاً لـ اللحاق بتتابعها وتمييز أياً منها واقعاً أم خيالاً ووهماً .
- يبدأ العتوم في آخر روايته " تُعد من أفضلهم " بعد وفاة أم بطل الرواية بـ سنه ومع تركيزك في الأحداث ينتقل بك إلي بداية القصة وتفاصيل طفوله وأسباب تكوين صورته تلك ..
- بطل روايتنا هو طبيب فائق الذكاء يمكن أن تقول عليه عبقري إنطوائي شيوعي مُفسر بمعنى أدق الصفه وعكسها .. وهذا سبب أسماءه الست فـ كان صالح بالنسبة لـ أمه وكان ماركس كما أراد أبوه وكان حافظ كما نعته زملائه وكان ابن عباس كما أطلق عليه شيخه وكان أبو نواس لحفظه الأسعار وكان نديم الإسم الذي حاول الشيخ أن يُرضي والديه به .
- أغلب أحداث الرواية صراع .. صراع بين الخير والشر بين الأب والأم بين صالح وماركس بين الحقيقة والوهم يُخيل إليك أن البطل مريض نفسي بل مُصاب بعدة أمراض منها الفصام وجنون العظمه الذي جعله ينظر إلي كل البشر كأنهم موتي يمشون "لا فائدة منهم" إلا هيام التي حبها لأنها الوحيده التي لم تتخل عنه ولكنه أضاعها بغرابته .
- يُشاركه في البطولة الضفدعه التي سماها مبروكة وظن أنها هي التي أنقذته عندما أراد زملائه إغراقه ..
- الروايه تطلب مجهود لكي تُميز أي الأحداث حقيقة أم وهم !! .. فكيف أن ليندا ليس لها وجود وتفاصيل إقامته في مستشفى الأمراض العقلية وهروبه منها وسفره إلي تركيا ولقاءه بالتركي الذي كان يعمل في الجيش ومحاولة التهريب البائسه إلي اليونان .
- يُمكن أن تشعر بأن البطل بلا مشاعر سوي تجاه عظام أبيه ومبروكه وكان كلامه مع أمه وشيخه قاسي جداً وذلك بسبب أبوه الذي كان سبب في أغلب مشاكله وآراه بسبب حب نديم له .
- يُوجد بعض المواقف المؤثرة جدا أغلبها في مواقف أمه معه وأكثرها حوارها قُبيل موتها وحزنه علي فراق هيام وعندما ظن أن جثه أبوه هي التي أمامه في غرفة التشريح وصدمته عندما علم أن ليندا ليس لها وجود .
- حاول البطل الشفاء بعد موت أبيه وتعويض فقده بزراعه الخشخاش والجلوس على أريكه المكتب وبعد موت أمه حرق البيت وأخيرا رمي رفيقة دربه مبروكه بحثاً عنه .. الشفاء الذي كان يتمناه من أعماقه رغم عدم إبداء ذلك من خارجه ولكنه ظل يبحث حتي وجده في نهاية المطاف .
- من المؤكد أن ستجد جزء في الرواية يمثلك لأن بها كل صور الشعور الذي من الممكن أن يشعر به الفرد .
- وُجدت الرومانسيه طريق في روايتنا عن طريق الحوارات بين صالح وجميله التي كان ليها فضلاً كبيراً في تحسن حالته والتي كانت تدعو الله أن يرزقها به منذ سنين .
رواية "رؤوس الشياطين" للكاتب الأردني أيمن العتوم هي عمل أدبي عميق يغوص في أعماق النفس البشرية، ويستكشف عالم الأمراض النفسية بطريقة واقعية ومؤثرة. الرواية تخرج عن المألوف في أدب أيمن العتوم، حيث تبتعد عن سجونه وحروبه لتتجه نحو عالم أكثر تعقيدًا هو عالم الدواخل البشرية.
تدور أحداث الرواية حول طبيب عبقري مصاب بمرض نفسي معقد، حيث يتصارع داخل عقله عدة شخصيات مختلفة، كل شخصية تحمل اسمًا وتتصرف بطريقة مستقلة. يعيش البطل حياة مزدوجة، حياة طبيب ناجح، وحياة متشرد يعيش في الشوارع. تتبع الرواية رحلة البطل في ��لبحث عن ه��يته الحقيقية، وفي محاولته السيطرة على الشخصيات المتعددة التي تسكن داخله. يواجه البطل العديد من التحديات والصعوبات، ويتعرض لمواقف غريبة ومؤلمة.
الأفكار الرئيسية التي تطرحها الرواية
الأمراض النفسية: تقدم الرواية صورة واقعية ومؤثرة عن الأمراض النفسية، وتسعى لفهم أسبابها وعواقبها. الهوية: تتناول الرواية سؤال الهوية بشكل عميق، حيث يحاول البطل فهم من هو حقًا وسط هذا التعددية في الشخصية. الواقع والحلم: تمتزج في الرواية عناصر الواقع بالحلم، مما يجعل القارئ يتساءل عن حقيقة ما يراه. البحث عن الذات: تشجع الرواية القارئ على البحث عن ذاته وتقبل عيوبه.
رغم أني أحب الكاتب و أحب أحاديثه على اليوتيوب سواء شرح ديوان المتنبي أو مجرد حديثه عن الكتب و الكتابة إلا أنني لم أستطع إكمالها
150 صفحة ثم توقفت ليس الأسلوب هو السبب أو اللغة لا الأفكار هي السبب في البداية رغم اني قرأت بعض المراجعات هنا و كان أن الأغلبية لم تعجبهم الرواية لكن وجدت نفسي أسترق النظر إلى احدى المراجعات التي كانت تقول بأنها كانت جيدة و أن النهاية سعيدة و لكون النهاية سعيدة قلت دعنا نقرأ
و رغم أني تجاوزت كل تلك السوداوية في الفصول الأولى، كل ذلك الضياع إلا أنني في موضع ما لم أستطع الإكمال لشيء من الإباحية لم أستطع يا أيمن
أنا لا أقول أنك راض عن تلك الأفكار في الرواية لكن أؤمن بأن وجود المنكر في فلم أو رواية و المضي عليه دون تفاعل يذكر يقسي القلب و يقتل الإيمان
أول قراءة لأيمن العتوم بعد أن سمعت عنه آراءا كثيرة من صديقاتي القارئات. وتراوحت هذه الآراء بين الإعجاب الشديد به وبأسلوبه وتراكيبه اللغوية البليغة وفصاحة لسانه وعذوبة أشعاره، وبين الضيق بسبب الإسهاب في الوصف. اخترنا هذه الرواية لنناقشها هذا الشهر، ورغم صغر حجمها فقد أنهيتها في أسبوعين. وبالطبع لم أحبها.
تحكي الرواية عن "نديم" الذي لديه ٦ أسماء. كل شخص عبر حياته وترك أثرا فيها نعته باسم مختلف.
كان طفلا مزعزعا بين أمه المتدينة وأبيه السكير الماركسي الملحد.تنازعه الإثنان، فتارة ينجذب إلى الجانب الديني وتارة إلى الإلحاد حتى تغلب هذا الجانب عليه. وهو مع ذلك طبيب عبقري، وقد أوصله هذا إلى قمة النجاح في جراحة القلب. ومن خلال السرد نعرف أن "نديم" مريض عقلي، لديه ضلالات وهلاوس سمعية وبصرية. وعلى مدار أكثر من ٨٠% من الرواية تقريبا أسهب العتوم في وصف هذه الوساوس والضلالات وظل "يعيد ويزيد" لدرجة الملل. إصرار رهيب على إقناعنا أن "نديم" وصل الدرك الأسفل من الجنون والإلحاد وأضاع نفسه وحياته بسبب ذلك في أحداث مهلهلة غير مترابطة من وجهة نظري.
ناهيك عن إقحام أبيات شعرية معظمها عن الخمر في استعراض معرفي ولغوي لم يكن محببا إلى النفس؛ وجعلني عندما ألمح شعرا أتجاوزه لما بعده.
أما في ال ٢٠% المتبقية فقد جاء الحل فجأة وكأنه سحر. رجع "نديم" لحالة عقلية طبيعية بسرعة البرق. وكان العلاج في العودة إلى الله سبحانه وتعالي وفي الحب الصادق.
بالطبع الإعراض عن ذكر الله يورث المعيشة الضنك في الدنيا والآخرة، لا جدال في ذلك. لكن حالة "نديم" مختلفة فهو مريض عقلي في الأصل وليس مجرد مريضا نفسيا، مريض جدا إذا شئنا الدقة. لم يتلق علاجا لسنوات ممتدة وتدهورت الحالة إلى أقصى حد.
شفي "نديم" شفاءا تاما وأصبح طبيعيا جدا لدرجة يحسد عليها، بلا طبيب ولا علاج. وفجأة أيضا أيقن أنه يحب الراعية، التي ما إن دخلت حياته حتى ملأتها بالحب والخير والجمال.
وردية غير واقعية، تبلبل العقول وتشتت الأذهان. إذن فالمريض العقلي يمكن أن يشفى في غمضة عين وهو كذلك المسؤول عن مرضه. والحب والزواج دواء لكل عليل فلا منغصات ولا شجار ولا اختلاف طباع وإن حدثت فلأن الزواج لم يكن عن حب خاطف من أول نظرة.
ضرب العتوم كل ما يحاول المتخصصون التبصير به في مقتل. كل محاولات توعية العامة بالمرض العقلي، والحياة الزوجية الحقيقية وليست السينيمائية ذهبت هباء.
سرد الكاتب النهاية في عجالة غريبة تتنافى مع التطويل الزائد عن اللازم في بداية الرواية وحتى ما قبل النهاية بقليل، لدرجة أنني شعرت أنها انتهت فجأة ولم تأخذ حقها في التمهيد وكأن الكاتب كانت لديه رسالة يريد إيصالها بأي طريقة حتى لو لم تبدُ تلك الطريقة منطقية. الرسالة مهمة فعلا ولكن كان يجب التعامل معها بحذر لئلا تأتي بعكس المرجو منها.
فكان يمكن الاكتفاء بتصوير تشتت وحيرته "نديم" بين طرفي النقيض الممثلين في أمه وأبيه. لكن إقحام المرض العقلي والمبالغة في وصف شدته أساءا لرسالة الرواية وأفقدها الكثير من المنطقية وخاصة مع النهاية المتعجلة السحرية والتي لم يستخدمها أحد منذ أيام الأفلام العربية القديمة.
ذكرتني الرواية بالمفارقة المضحكة عن طالب في بداية الامتحان والوقت كله أمامه فأسهب في رسم وجه الحصان وتفاصيله؛ ومع اقتراب النهاية رسم خطين متعجلين ليكمل جسم الحصان بهما. وهو ما حدث في هذه الرواية بالضبط.
رحلة الشفاء من المرض العقلي طويلة وشاقة ونوع من أنواع الجهاد ولا تتعارض على الإطلاق مع علاقة المريض بربه، فالعلاج سعي وتوكل على الله تعالى. وكانت ستضيف الكثير إلى الرواية ورسالتها. فالمرض ابتلاء والتماس العلاج والصبر عليه جهاد وامتحان.
الرّواية: رؤوس الشياطين الكاتب: أيمن العتوم عدد الصّفحات: ١٩٩
(لن يصل من يُطيل الوقوف) وتلك كانت مأساته، أطال الوقوف كثيرًا مع أشباحه وتهيؤاته ورؤاه، جُنّ من فرط المعرفة، فالمعرفة المطلقة داء، دواؤها المعرفة المقيّدة. طاردته أسماؤه السّتة، وصار له من كلّ واحدة منها نصيب. في قريةٍ وادعةٍ ،في بيت بسيط تستقرّ شجرة الزّيتون المباركة عند مدخلها، وُلد الطّفل الذّكي الوحيد في عائلة متنافرة كتنافر الجهات. (ماركس) وهذا ما سمّاه به أبوه وغذّاه بكتب نمت في تفكيره وعقليه نظريات الفلاسفة والشعراء وحب الخمرة. (صالح) سمّته أمّه بذلك ابتغاء صلاحه بحفظ كتاب اللّه والسيّر في دربه. (نديم) درءًا للخصام بين والديه في التّسمية. (ابن عبّاس) سمّاه به شيخه الّذي وجد فيه آية زمانه في الحفظ والتفسير. (ابو نؤاس) تيمنًّا بالشاعر الّذي أذكى في روحه نشوة الخمرة وحبّها والتّغني بها، (حافظ) اسمه في المدرسة لقوة حفظه. بدأت تلك الأسماء بملاحقاته ونمت جذور صفاتها في نفسه وتفكيره وأثّرث في حياته فلاحقته رؤوس الشياطين أمدًا بعيدًا. اختلطت عليه نداءات أعماقه فغوشت عليه حقيقة حياته سيلٌ متدفق من الأسئلة، تسعها الحياة ولكن لم يسعها عقل الطبيب!!
رواية نفسيّة أستطاع العتوم ببراعة الأدب أن يتسلّل إلى قاع النّفس البشري المتمثل في شخصيّة الطبيب العبقريّ المجنون، ولا ريب أن تلك الصّفة تُطلق على من يفكّر خارج حدود العقل، ويتخطّى حدود المعرفة، وقد يصطدم الإنسان الواعي بجدار سميك يسفر له عن بشريته وحدوده الّتي وضع لها في التفكير فإمّا الحَذر وإلّا الجنون العاقل. رسالات كثيرة يبعثها العتوم مع بطله المجنون، انعكاسات من ذاته في نفس الطفل النّهم تجاه الكتب، علاقة الابن بأبيه وتأثّره به. سيل من الأسئلة وكمّ من المعرفة، وفي نفس كلّ بشريٍّ نصيبٌ من جنون بطل الرّواية بوجهٍ من الوجوه، فالّذي لا يسأل لا يتعلّم والّذي لا يجرّب لن يتالّم والأصنام وحدها عاجزة، أمّا الإنسان وقد أودع اللّه فيه معجزة العقل فهو أصل المسألة وفيه سرّ الوجود ولاكتشاف ذلك السّر لن يكون إلّا بالعودة إلى الأصل، فكل ما دون ذلك خواء وضياع ، والإيمان هو الذي يقي من الجنون والفراغ والعبث والشرخ الروحي. أن يمضي المرء قدما بالرجوع إلى نقطة البداية، النقطة التي توقف عندها كثيرا وفاتته الحياة بسببها، يواجهها ويبدأ منها أملا جديدًا، بالحب، اللمسة الحانية على القلوب المتشظيّة فتجبر كسرها وتداويها فيبدأ الإنسان منها حياةً جديدة..
الاقتباسات _ويُشير إلى قلبه، وهو يردّد: (ما فائدة الأحياء إذا ماتوا هنا؟ إنّما يُقاس الأحياء بحضورهم في قلوبنا، لا بتقاسمهم معنا هذا الفراغ الكاذب).
_وكان يسمع صوتَ امّه: (إنّ اللّه في قلبك، فلماذا تُصرّ على ألّا تراه؟!) .
.
_شعرَ بألمٍ في روحه لهذا العجز، إنّ في فمه عطشَ الصّحارى المُقفرات، وفي عقله ماءُ المحيطات المالِحات، وهو مع ذلك كلّه غير قادرٍ على أن يشربَ كأسًا واحدة.
_لو كان قلبي معي ما اخترتُ غيرَكُمُ ولا رضيتُ سِواكم في الهوى بدلا
_وقال للطبيب مرّة: (الاكتئاب بوجهٍ من الوجوه جميل، إنّه يحفر في أعماقك فترى نفسك صافيةً كما لو كانت تنعكس على مرآة بلّورية من الماء في ليلٍ وادعٍ، إنّه حقيقيّ أكثر من هذه الأقنعة الكاذبة الّتي تلبسُها يا دكتور!).
_مَن الطّبيب المجنون الّذي وصف لي هذا الدّواء؟ أنا أعاني من وطأة المعرفة أيّها الجهلة، هل لديكم دواءٌ لهذا؟!
_ليس للقلوب الظمأى من حاجةٍ لشيءٍ حاجتها إلى الماء.
_فرأى النّجوم والكواكب والأشجار تطوف حول المركز إيّاه، إنّه مركزٌ واحدٌ للطّواف، تنسجم فيه كلّ الخلائق، وفكّر: (كلّ خروج عن هذا المركز إنّما يعني أن تُلقي بنفسكَ في الفراغ حيثُ اللّامعنى واللّاعودة).
"إن الفكرة إذا ملأت كيان الإنسان عذبته، وظلّت تحوم في وجدانه كأنها نحلة إن لم تجد منفذًا لسعت فأوجعت."
يبهرهنا ايمن عتوم هنا في وصف دقيق للاحداث وتفصيل عميق لشخوص الرواية يجعل�� تعيشها كانها حقيقة. أبدع في وصف مشاعر مختلطة تحول في خَلَد كل منا ، يعجزُ عن وصفها وتفسيرها.
تدور احداث الرواية في احد القرى الاردنية ، تبدا بولادة صالح ، اهو صالح ام ابي نواس ام ابن عباس ام حافظ او اسماء أخرى كثيرة حَظِيَ بها. تبدأ بشخصيته صالح الطفل ، حافظ كتاب الله ومعظم كتب التفسير والحديث ، الشخصية التي كادت أن تُفقد شيخ الجامع عقله والاخر الذي جعله يطلق على صالح إسمه الجديد، ابن عباس. تتسارع احداث الرواية لتُفضي عن شخصية والد صالح، الاب السكيّر الماركسي المتبني لكثيرٍ من الافكار الا الدينية. وصفته ام صالح بالطيب لولا ان الشيطان قعد مقعده فأشاح بوجهه عن نور الله. تبدا الرواية بكشف كثير من تفاصيل علاقة نديم بابيه، العلاقة التي أودت به الى مآوِل الجنون.نديم، صالح ابي نواس الطبيب العبقري الذي ادمن شرب دماء قلوب مرضاه. يتخبط نديم طوال ١٩٩ صفحة في وعراته الفكرية وثغراته النفسية ليحاول الخُلوص الى اسم واحد. برع أيمن عتوم في سرد قصصي مهيب من خلال شخوص لا تتجاوز الخمسة ، الشيء النادر جدا في السرد القصصي . من امتع القراءات لايمن عتوم التي غالبا لن تتجاوز وقعها في نفسك. تمت.
رواية قصيرة نسبيًّا لكنها ثقيلة المحتوى، كونها تنصبُّ في الأدب النفسي، وتعطي رؤيةً من وجهة نظر المريض النفسي نفسه، فيما يراه من واقعٍ ووهم. يقول سيغموند فرويد في كتابه الغريزة والثقافة: ( التعساء المستاؤون هم القوّة المحركة للفانتازيا، وكلُّ خيالٍ هو تحقيقٌ لأمنيةٍ معينة، وتصويب لحقيقة غير مرضية) ربما هذا يختصر جزءًا من مأساة الشخصية التي ملكت ستة أسماء كل اسمٍ يعكس جانبًا منه، ماركس وصالح ونديم وابن عباس وحافظ وأبو نواس، فكان هو الشيوعي حافظ القرآن السكيّر العبقري الطبيب المتشرد. تتحدث الرواية عن هلوسات مريضٍ نفسي، عانى منذ صغره حالةً من الصراع ما بين الخير والشر، الذي كان لوالديه السبب الرئيسي بهذا الشرخ في شخصيته، فكان والده يجذبه نحو الإلحاد والشيوعية الخمر والشعر وكانت والدته تسحبه نحو الإسلام والدين والفقه والعلم، وقد كانت حادثة الغرق الشرارة التي أشعلت فتيل أزمته، لتتكون مفارقةٌ غريبة! فالضفدعة التي كانت تسعى لإنقاذه، كان نقيقها الزر الذي يشعل جنونه، فنمى خَلَّلهُ حتى تخطى المعقول ليختلط وهمه بواقعه فلم يعد يعلم أيهما حقيقة وأيهما نسجٌ من خيال أو هلوسة أذكاها الخمر وتدخين الحشيش، وما زاد ضياعه هي عبقريته التي لم تستغل على نحوٍ جيد فكان يتلقى العلم تلقيًّا دون فهم، وكان هو يتعمق به كما يهوى أو كما كانت هلوساته تقوده، حتى أخلَّ بكل ما هو إنساني، فكيف بطبيبٍ أقسم على حماية النفس البشرية. جاءت الرواية بشقها الأول كئيبة مرهقة لما فيها من أفعالٍ تنافي العقل كان الطبيب يفعلها، لكن شيئًا فشيئًا انخفضت حديّة السواد فيها منذ أن عاد لقريته بعد هجرها، وبدأت الأحداث تنقلب نحو الإنفراج، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه - وبرأيي- كان الجزء الأول الكئيب أقوى وأشد تأثيرًا بل وأجمل من الجزء الثاني. في النهاية هذه رواية تختلف تمامًا عن بقية أعمال العتوم التي تنوعت ما بين أدب السجون والتاريخي والفانتازيا، آملةً أن أقرأ له المزيد من التنوع في القادم من أعماله. #إيمان_بني_صخر
لشدة ما كنت متشوقاً لقراءة هذه الرواية كانت شدة الخيبة أكبر عند إنهائها .
بغض النظر أن هناك قصصاً مشابهة لقصة بطل الرواية وهنالك امراض نفسية لها الأعراض ذاتها ولكن حبكة القصة لم تكن متقنة لعرضها كما يجب فأخذت الرواية طابع الخيال والضياع والتشتيت.
عدة أمور لم افهمها : - بداية مع المشكلة الرئيسية لبطل الرواية الا وهي النوم، في البداية يحرص الكاتب على عرض هذه المشكلة ولكن بعد ذلك يصبح النوم سهلاً وتزاور البطل الأحلام في كل ليلة، هل نسي الكاتب ؟
- لم أفهم كيف كان يقوم البطل في الرواية بكل ما قام به من جرائم ونقل الجثث ودفنها واجراء الجراحات وشرب الدماء وقضم القلوب والافلات من كل ذلك دون محاسبة قانونية على الاقل ؟ ولماذا لم يفعل ذلك مع صاحب الفندق او بائع الفول او صاحب المقهى او غيرهم مثلاً؟
- "ليندا" ، لم افهم ما هو دورها بالظبط ، اذا كانت من اختراع خيالاته فلماذا كل من القصة كانو حقيقيين الا هي؟ ولماذا لم يرجع لكتاب المذكرات خاصته ليتأكد اذا ما كانت حقيقة ام لا
- العلاقة بين البطل وجميله في النهاية وحسب رأيي الشخصي انها ساذجة جداً.
مع كل رواية جديدة للكاتب الرائع "أيمن العتوم" أتأكد من جديد من حقيقة لا مفر منها ألا وهي أن الكاتب خُلق ليدوّن المذكرات والسير الذاتيه والتجارب الشخصية وهذا ليس عيباً على العكس فهو الأفضل في هذا المجال، هذا رأيي الشخصي من تجربتي في قراءة أعماله ولكن من الممكن أن يكون هنالك عملاً مستقبلاً يغير وجهة النظر هذه
"كان يمكن أن نمضي إلى الأمام بترك ما خلفنا خلفنا" رواية رائعة واستثنائية... متنوعة وكل جزء منها متقن تمام الاتقان، تأخذك معها وتجعلك تفكر، وكالعادة اللغة ثرية وممتعة..