يعرض الكاتب في هذا العمل العبقرية الفذة لتلك الشخصية التي أثرت الحياة الإسلامية بمناقبها المتعددة، موضحًا نشأته وإسلامه وحياته بين البادية والحرب، ونسبه القبلي ومسيرته مع الرسول ودوره في حروب الردة والفتوحات الإسلامية وعزله، محددًا عناصر عبقريته الحربية ومفتاح شخصيته ونهايته
ولد العقاد في أسوان في 29 شوال 1306 هـ - 28 يونيو 1889 وتخرج من المدرسة الإبتدائية سنة 1903. أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري "مدرسة الديوان"، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق. عمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط، وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظا وافرا حيث حصل على الشهادة الإبتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب.
التحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية مل العقاد العمل الروتيني، فعمل بمصلحة البرق، ولكنه لم يعمر فيها كسابقتها، فاتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور، وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه. وتوقفت الصحيفة بعد فترة، وهو ماجعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه، فاضطرإلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه.
لم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا، رغم ما مر به من ظروف قاسية؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات. منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلمها، كما رفض الدكتوراة الفخرية من جامعة القاهرة. اشتهر بمعاركه الفكرية مع الدكتور زكي مبارك والأديب الفذ مصطفى صادق الرافعي والدكتور العراقي مصطفى جواد والدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ.
احد عباقرة العالم الاسلامي لا جدال في ذلك، العبقري الذي لم يهزم في معركة قط.
تحليل شخصية خالد بن الوليد اختصارها (الجندي) ، الذي حدد مسيرة حياته الرسول عليه الصلاة والسلام (خالد سيف من سيوف الله) وهل سيف الله يهزم؟
وناقش بالاعتماد على تحليله لشخصية خالد في تفنيد المزاعم التي قيلت عن خالد بن الوليد ومان هناك اتهام له في تصرف خاطيء رغم ان خليفة رسول الله لم يعزله بل كان يسمع منه ويعطيه النصيحة.
خالد الذي اذل الفرس، وفتح العراق وكان يريد المواصلة ولكن جاء امر نقله الى جبهة الشام ليذل الامبراطورية الرومانية.
لم يتوسع الكتاب في عبقريته الحربية من خلال سير المعارك والتقنيات والخطط التي استخدمها في معاركه الا بشكل سريع وهو ما افقد الكتاب النجمة الخامسة.
أول كتاب أقرؤه من هذا النوع و سعدت بهذه التجربة :) على الرغم من أن معظم الحوادث المذكورة معلومة عند الجميع إلا أ، طريقة مناقشتها و تفسيرها رائعة و لم أسمعها أو أقرأها من هذه الناحية من قبل تعلمت الكثييير من الصفات الجديدة في شخصية سيدنا خالد و التي كانت لا تذكر أبداً عند الحديث عنه و اقتنعت بعدها من صحة القول : "لكل جواد كبوة" و أن الأخطاء ليست ما تحددنا عندما نقدم للإنسانية منجزات عظمى كتاب رائع لكني لم أعطه النجوم الخمسة لصعوبة بعض المقاطع و لظني أن عرضها و فهمها من قبل القارئ سيكون أفضل لو صيغت بطريقة مغايرة رحم الله خالداً , سيف من سيوف الله
أول كتاب أقرأه للعقاد... لم أشعر بـِـالغبطة... و الانطباع الذي أخذته لم يكن ممدوحاً هو الآخر. فاختيار اللغة الأدبية المستعصية العصيبة في موضوع استراتيجي عسكري سياسي كهذا ليس بالأمر المحمود! كما أن أكثر ما أثار غيظي و حنقي هو الجنح و النأي عن ذكر سيدنا خالد, بل إبراز ما يخالفه من تفاصيل و أحداث و شخوص... لم أخرج بـــهذا الكتاب إلا بــِـمنفعة شحيحة ضنكةَ... آسفاً لا أمتدحه إلا في أنّه لم يُنزّل سيّدي خالداً من السّماء... بل دوّن سلبياته و مآخذه أيضاً... و في النهاية لا يسعني أن أقول إلا كما تفوّه صاحبي: "عشرون صفحة من كتاب رجال حول الرسول... أفضل من مئة و ثمانين صفحة من هذا الكتاب!!"
دفعتني الأحداث الحاصلة في مدينة حمص وبالأخص قرب مقام سيدنا خالد بن الوليد للإقتراب أكثر من سيدنا خالد علني احس به ومسجده يعاني من القصف أسلوب العقاد في سرد الأحداث كان جيداً سلساً يبتعد عن التطويل وإن غلبت بعض الشروح المطولة أحياناً وصف دقيق لحياة سيدنا خالد بسلبياتها وإيجابياتها ربما الحكمة الأجمل التي خرجت بها عدا عن المعرفة الجديدة والأحداث الدقيقة التي تعرفتها كانت : الصحابة لم يكونوا ملائكة كما يصورها لنا بعض دعاة الدين , فهم بشر أخطأوا وأصابوا . الجميل في أسلوب العقاد هو مناقشة الحدث في حال الشك والتأكيد على عدم معرفته بالأصح . خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله على رقاب الظالمين لقبه حين اسلم ولأنه أدى حقه خير الأداء فاستحقه بجدارة .
لا أدري لماذا أصاب بالبارانويا من الكتب الإسلامية التي لا تذكر أسانيد الروايات و لا صحتها... و لعل ما يشفع لأسلوب كتابته أنه يشكك ببعض ما ذكر من روايات... و لكن ما فائدة قراءة كتاب و الاستمتاع به و بمضمونه ثم معرفة أن الكثير مما كتب من الممكن أن يكون غير صحيحًا؟
اللى بيقرا كتب العقاد على انها كتب تاريخ، بيسرد فيها وقائع وأحداث مهمة حصلت فى العالم الإسلامي .. فى الغالب مش هيستمتع بكتب العبقريات اللى كتبها العقاد .. لكن اللى بيقرا كتب العقاد عشان يفهم عقليات الشخصيات اللى كانت مؤثرة فى التاريخ، وطرق تفكيرهم ومشاعرهم، وخلفياتهم الثقافية والحضارية، واسلوب نشئتهم، والبيئة اللى اتنشئوا فيها، هيفهم الشخصيات كويس، ويقدر يحكم على أفعالها، سواء كنت متفق معاها أو مختلف .. وده احلى حاجة بتقابلها فى كتب العقاد .. متعة تحليل الشخصيات، وفهمها، والتعرف على دوافعها فى كل موقف او حدث، كان ليه دور مؤثر فيه.
أما بالنسبة لكتاب عبقرية خالد تحديداً فسيف الله، عليه افتراءات كثيرة، بالوحشية والدموية، وحب النساء وكثرة الزواج ومتهم بأنه احرق بعض المرتدين فى عهد أبو بكر، وعمل سيفه فى كثير من رقاب اسرى الحروب والفتوح ولولا دراسة قوية زي دراسة عباس العقاد عن خالد ابن الوليد، مكنتش قدرت تفهم شخصية عبقرية زي شخصية خالد .. ولا كنت قدرت تحكم على تصرفها، وان جانب افعالها الصواب أو الخطأ
كتاب جيد.. ولعله قيم في معلوماته أيضا.. ولكن الأسلوب الصعب للغاية.. والإصرار على استخدام كلمات تحتاج ترجمة.. والتكرار والإعادة في المواقف والأقوال والأحاديث جعلته مملا للغااااااية
نصيحتي الوحيدة لمن يقرأه إلا يتعب نفسه في قراءة المقدمة نهائيا فهي عبارة عن مقتطفات من الكتاب إضافة لبعض المقاطع النثرية التي تذكرك بقصص الأطفال
النجمتان إحداهما للجهد الواضح في تحقيق المعلومة وعرضها.. وثانيهما لرغبة لي في إكمال الكتاب يوما ما
كعادة العقاد فى لغته واسلوبه ،أقرأ مصطلحات وتعابير وتراكيب لغوية تقوى حصيلة اللغة العربية لدى وتؤكد لى انها لغة شاملة لن تعجز عن وصف شيء. أما عن خالد بن الوليد بن المغيرة فلا اصدق من الوصف المنسوب لسيدنا ابو بكر الصديق "عقمت النساء على أن يلدن مثل خالد"
منذ قراءتى لكتاب الخلافات السياسية بين الصحابة وتقديس المبدأ على الاشخاص وانا مقتنع اشد الاقتناع ان الصحابة كلهم وعلى اختلاف مدى قربهم من سيدنا محمد او اسبقيتهم فى دخول الاسلام كانوا جميعا بشر يخطئون ويصيبون فى احكام عامة واحكام دينية فقهية وعلى هذا المنوال يسير العقاد فى سيرة خالد بن الوليد واخطاؤه التى نالت غضب النبى واصحابه سواء فى سرية بنى جذيمة او زواجه من ارملة مالك بن نويرة وعلى اختلاف التفسيرات وسواء صحت الاقاويل والروايات او اخطأت فلكل شخص فى الدنيا انجازاته واخفاقاته والاهم تقبل الاخفاقات والاقرار بها وعدم المكابرة والتمجيد والتأليه .
سيظل اسم خالد بن الوليد خفاقا عاليا فى ديننا الاسلامى وفى علوم العسكرية بعبقريته الشديدة وتنوع اساليب قتاله بما يلائم كل حرب ومعركة يخوضها وبغيرته على دينه رغم حداثة عهده به.
رائع بكل تأكيد .. يبدأ العقاد بدحض فكرة ان الفتوحات الإسلامية كانت نتاج ضعف الأمم المغلوبة و ان العرب لم يكن لهم علم بفن الحروب ثم ينطلق بعد ذلك لذكر الأمور المعتادة نشأة خالد و إسلامه .. حياته مع النبي و بعد وفاته و دوره في حروب الردة ثم بعد ذلك يبرز مفاتيح شخصيته العظيمة كسيف الله المسلول
شددنا الرحال مع دارس العبقريات ،، المبرز ما فيها من مزيات .. المفند لما قيل عنها من خزعبلات ... و هاته المرة مع سيرة من السيرات .. التي فاقت اقرانها لوصول القمم و المفخرات .. قاد الحروب ودوخ اعدائه، و من كان دارس لتلك الاليات.. التي اتبعها في حربه و سلمه ، فاستحقت على انفراد ان تسمى بالخالديات .. *** بطل هاته العبقرية خالد بن الوليد ، سيف الله المسلول على المشركين ،الذي استحق هذا اللقب واطلقه عليه رسول الله كما قال العقاد و هو ما يزال في غمده .. فيبدا العقاد حديثه عن البادية والحرب ،، و هو في فصله ذا يرد على من قال ان هزيمة الروم و الفرس على يد العرب اتت صدفة محضة .. فيدرس ما كان في العرب قبل الاسلام من منهجيات و اليات اتبعوها في حروبهم ، اهلتهم فيما بعد للظفر بالفوز على اعظم دولتين وقتها الفرس و الروم .. فالحرب عند العرب كانت مورد رزق ، و نمط حياة وان كان تصح فيها ان توصف بحرب العصابات كوصف يوفي��ا و توفيه.. فقد اعتادوا الكر والفر و التجمع بعد الفر ليباشروا الكر مرة اخرى فهذه مزية كانت لديهم ولم تكن لدى غيرهم من فرس او رومان .. فرغم ان الروم والفرس كانوا على كفاءة عالية بالخطط العسكرية و الموارد البشرية و المادية من سلاح و غيره رشحتهم للفوز على غيرهم .،الا ان العرب تجمعت فيهم وقتئذ المزية التي ذكرناها و قوة العقيدة ، و ملكة القيادة لدى قائدهم خالد بن الوليد،.. و من داوعي خسارة الفروس والروم ان نظرتهم للعرب كانت نظرة استخفاف و نظرة السيد المتجبر المتبجح للغوغاء الضعاف فلم يقدروهم حق قدرهم و هذا كان غرور منهم .. و لهاته الاسباب و غيرها استحقت الدولتين الخسارة و استحق العرب الفوز و النصر .. و المؤرخين المعاصرين لم ينجوا من الخطا الذي وقعت فيه الدولتين فاستخفوا ايضا بالعرب و عدوا ذلك من باب الصدفة ، فيثبت الكاتب لهم استحقاق ذاك النصر و يظهر الزيف الباطل و يستدل على ذلك بوقائع و شواهد تاريخية من شانها ان ترج و تعلي كلام العقاد عن غيره ..ففوز العرب كان مستحق و تلك حقيقة لا مراء فيها.. ثم يظهر و يبرز مكانة المخزوميين (قبيلة خالد) و دورها في قريش و ما كان لها من جاه و سلطة و سلطان و ملكات القيادة و ثراء و جمال نساء ..حتى اانهن سمين برياحين قريش ..فتلك كلها عوامل ادت الى ان ينشا خالد خالدا.. و يسترسل بعد ذلك عن نشاة خالد و ما كان فيه من شبه لعمر بن الخطاب .. حتى ان ضعيف النظر كان يخلط بينهما .. فلا يميز خالد عن عمر ،، و لا عمر عن خالد و ما كان فيه من قوة و عزم على تحمل الشدائد و الصعاب تاهبا منه لما هو آت..و قد ظهرت فيه ملامح الفروسية في سن مبكر مما جعل اباه يختاره لقيادة الخيل . و كما قال العقاد في اسلام خالد، انه ضرب من ضروب التسليم ، و لم يكن ذاك التسليم تسليم العاجز الجازع المنخذل..بل كان تسليمه لبلوغه نهاية الايمان بنفسه ، فكانت بداية الايمان بربه .. و ما كان لحادثة تصديه لرسول الله في عام الحديبية الاثر البالغ في نفسه فاراد ان يغير على النبي في صلاته ، الا ان النبي صلى صلاة الخوف فوقع في نفس خالد من ذلك ..فقال ان الرجل ممنوع .. و ما سبق اسلامه من حوادث شتى ادت الى تسليمه .. و ما هي الا فترة وجيزة بعد اسلامه حتى زحف خالد مع زحف المسلمين في فتح مكة ،، ثم باقي الغزواث الثلاثة بعدها.. و في طليعتها ، سرية مؤتة ..حيث ابدى فيها خالد عبقريته الحربية حين تولى القيادة بعد الثلاثة الذين اوصى بهم رسول الله . فكان التراجع و الارتداد المأمون وقتها خير ما يصنع ..و ذاك ما فعل خالد .. و لهو اصعب من النصر في بعض المآزق و هي الغزوة التي اضفا فيها رسول الله عليه لقب سيف الله و لم يبدر وقتها ما يستحق هذا اللقب .. ثم غزوة بنو جزيمة ، وهي الغزوة التي لامه فيها رسول الله و برئ من عمله ..ثم غزوة حنين .. و هاته مجمل الادوار التي وكلت الى خالد في عهد رسول الله و اهمها .. و لم تكن احداها و لا حتى مجملها ما يستحق ان يطلق على خالد سيف الله .. الا ان تقدير رسول الله له كان تقدير الجوهري الخبير للجواهر النفيسة في معدنه الخفي .. و قد جاء فيما بعد ما يستحق اللقب و يوفيه .. ففي حروب الردة كان لخالد الدور الرئيسي و الكبير و الفضل الجزيل و كان فيه قول ابا بكر وقتها (أعقمت النساء ان يلدن خالدا؟) ثم جاءت الفتوح الاسلامية .. وفي هذين الموضعين (الفتوح و حروب الردة) حديث يطول ،و يسترسل.. و ما لخالد فيها من فضل و مقام و لقد بلغ كما قال العقاد القمة التي لا ارتقاء بعدها .. و العقاد اطنب في هذين الفصلين و اقام ابن الوليد في مقامه الذي استحق .. اما عن عزل عمر لخالد فهو موضوع يطول و يكثر فيه الجدل ..فعزله لم يكن لضغينة حملها عليه كما قال البعض .. و لم يكن منافسة بين قرينين .، و انما كان سنة عمرية تحسب له لا عليه .. فيجند العقاد نفسه لرد على هؤلاء المغلطين و كشف الحقيقة المبرأة من الخلط و الجهالة .. اما عن عبقريته الحربية ..فيضعه الكاتب في قمة القمم ، و لهو احق اقرانه بها و لا احد منهم ينازعه عليها .. اما عن مفتاح شخصيته فكانت "الجندية" كعمر ، الا ان جندية خالد تختلف جندية عمر .. تلك الفروق التي تصنعها طبيعة النفس و البيئة التي نشأا منها و البطون التي ظهرا منها .. ثم ينهي العقاد عمله العظيم بنهاية خالد التي لم يكن ليختارها مولوع بالحرب مثله .. نهاية صنها القدر و لا خيار له فيها ..و عليه قال عمر (على ابي سليمان فالتبكي البواكي..) و انصح بقراءة الكتاب اشد النصح .. #Bøü_čĥŕ_ã
أنهيت الكتاب الثالث من سلسلة العبقريات، كان لدي هدف إتمام السلسلة لكن أعتقد يجب علي التوقف بعد قراءة هذا العمل المختص بالمعارك وتكرارها أكثر بكثير من سيرة خالد!
العقاد ... ليسَ هذا الكاتب والمفكر الذي يري الصحابيَّ معصومًا فيسرد الحكايات ويأتي عند الأخطاء فينكرها ويتشدق . ويصبح ما يقدمه مآخذ أكثر منها مآثر.وليس هذا الذي يأتي علي الفضائل فينكرها لأن صاحب الفضل أخطأ . هو قلم منصف ينطلق في حديثه من قاعدة لا يختلف عليها أحد "أن هؤلاء العباقرة بشر ، يصيبونَ ويخطئون"، فالأهم أن نعرف جيدا مآلات إنجازاتهم لهذه الأمة ومآلات أخطائهم وعندها تستطيع أن تقدّر وحدك أنها أخطاء لا تحتمل مقارعة فضل واحد من فضائلهم ولا نصر واحد للإسلام والمسلمين لو لم يتحقق لربما انتهي أمر هذا الدين الجديد.
أحببتُ خالد بنَ الوليد القائد البصير بحركة القتال بين المد والجزر والنصر والهزيمة، الخبير بموضع الإقدام وموضع الإحجام، المقاتل والقتال شجاعة، المسالم والسلم ضرورة لا غني عنها.
أحببتُ هيبته.. إقدامه .. قوته بالله وخوف الأعداء منه . هو نموذج لمعادلة القيادة الإسلامية ، فلا العقيدة من دون القدرة والخبرة والتدبير تنتصر ولا كل تلك الأشياء تضمن بقاء النصر من دون العقيدة .
• "لا تؤذوا خالدًا، فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار" • لقي الفرس وأولياءهم في خمس عشرة وقعة، لم يهزم ولم يخطئ ولم يفشل قط في واحدة منها • فقال أبو بكر وهو يبلغ الناس أنباء الظفر ليزفوا بشراها إلى الجزيرة العربية: (يامعشر قريش، عدا أسدكم على الأسد فغلبه على خراذيله ... أعقمت النساء أن يلدن مثل خالد؟) • وقال خالد في أخريات عمره: "ماليلة يهدي إلي فيها عروس أنا لها محب أو أبشر فيها بغلام أحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو، فعليكم بالجهاد"
استحق الكتاب برأيي الخاص النجوم كاملة، لعدة أسباب، أهمها محوره، خالد سيف الله، وثانيها تحدثه عن معارك المسلمين بطريقة مغايرة، فقد اعتدنا على تلقي المعارك وانتصارات المسلمين بانها انتصارات بسبب استحقاق الاسلام ليس الا، ولكن الكتاب يفند ذلك، ويذكر انه المسلمين ابدعوا أيما ابداع في خططهم العسكرية، وانهم كانوا قادة وخبراء عسكريين، وعلى رأسهم سيف الله المسلول.
يتميز العقاد بالفصاحة الجمة و التمكن من مرابط اللغة مما يجعل للقراءة لما تخطة يداة متعة خاصة يتفرد بها عمن سواة، معظم المعلومات معروفة مسبقا عن خالد و لكن أسلوب العرض و التنطيم و طريقة ترتيب الأحداث و عرض الروايات المختلفة و محاولة الجمع بينها بأسلوب علمي و منهج فكري بديهي منظم هي اهم ما يميز هذا الكتاب الممتع و يرجح كفتة.
ما أروع خالد بن الوليد، فهو فخر للأمة العربية والإسلامية، التي أنجبت قادئداً وجندياً كخالد و كم أبدع العقاد في سرد حياته ونشأته ووصف شخصيته وبطولاته ولكم أتمنى أن يأتي يوم تنجب الأمة الإسلامية قائداً كخالد
قال العظيم خالد بن الوليد: "إن القوة تأتي على قدر النية، وإن المسلم لا ينبغي أن يكترث لشيء يقع فيه مع معونة الله." وقد صدق عظيمٌ إيمانهم، يتمنى المرء لو يعيش في عصرهم، حين كان الإسلام عزيزًا. تجربتي الأولى مع العقاد، وهي لا شك تجربة موفقة لن تكون الأخيرة.
قال خالد في أخريات عمره:(( ما ليلة يهدي الي فيها عروس أنا لها محب, أو أبشر فيها بغلام أحب الي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين, أصبح بهم العدو, فعليكم بالجهاد)).
.....
لقد مات -نصير الموت- مطمئناً الي نهاية حياته, لا يكره منها الا أنها انتهت به علي فراشه.
بالإضافه للاسلوب المميز الذي يستخدمه الكاتب في هذه السلسله "العبقريات" الا ان الكتاب بطريقته العلميه العمليه هذه جعلني اري ان الصحابة أختيرو بدقه من قبل الله عز وجل كي يصبح كل واحد منهم نموزجا ومنهاجا لجانب معين من جوانب الحياة هذا ال "إكتشاف " أعجبني :)
أعمال خالد من العظمه التي لا يمكن أن يحتويها كتاب واحد فما بالك بشخصيته وحياته .ثاني عمل اقرئه للعقاد هذا العام بعد عبقرية مُحمد . يعجبني اسلوب الكتاب وإنصافه و لكن لابد أن يُقرأ أكثر من مره
العقاد بيتكلم عن مناقب سيدنا خالد بن الوليد كمحارب ويعيش معه في البيئة التي نشأ فيها ويشرح تأثير أسرته على أخلاقة يحاول العقاد تقديم الصحابة كبشر عاديين وليس كملائكة ويتحدث عن أشياء قد يراها البعض إنتقاصا من شأنهم فهو مثلا لايخشى الحديث عن علاقة ابن الوليد المتوترة مع سيدنا عمر بن الخطاب كما لا يخشى أن يتحدث عن بعض الأخطاء الكبيرة أو الصغيرة التي قد يكون سيدنا خالد ارتكبها أثناء غزواته.
لاشك ان عبقريات العقاد كلها رائعه وفي هذا الكتاب تكلم عن شخصية خالد بن الوليد ونشأته وشخصيته وعبقريته العسكرية التي سبقت عصره كتاب رائع عن شخصية اسلامية هزمت الفرس والروم عن شخصية لابد ان نقرأ عنها ونستلهم منها مايفيدنا في حياتنا المعاصرة
خالد بن الوليد وعبقريته الحربية وفتوحاته العديدة ونشأته وإسلامه. حياته التي وهبها للجهاد والموت الذي طلبه كثيرا في ساحات المعركة. . شمل حياته والظروف التي عايشها، الأسلوب لم يشجعني على إنهائه وأخذ مني وقت طويل لإنهائه بالنسبة لقلة صفحاته، ولكنه لا يخلو من الفائدة 👍. كانت قراءتي الأولى للكاتب. .
" وكان الرجلُ من العرب يعيش في الشام ويهجُر موطنه الأول ولكنه يسمع باسم خالد، ويتلقّى أنباءه من وراء الدروب، فما هو إلا أن ينضوي إليه حتى يُوقن بيُمن طائره -حظّه- ويُسرِع إلى طاعة أمره، عليماً بأنه -خالد- لا يأمر الأمر إلا وهو قادرٌ على إنجازه، كما قال الشاعر عمرو الباهلي في خالد رضي الله عنه:
بدأ المؤلف رحمه الله كتابه بضرورة اعتداد الخصم بخصمه وعدم لا مبالاته به، وأن الاعتداد بالكثرة مغبّة، إذ كانت صفةً ساعدت المسلمين في النصر على الروم والفرس، وكانت محورية، وهي احتقار الفرس والروم للعرب ولنجاحهم ضدهم، إذ كانوا يرونهم قليلي السلاح وليسوا بأكفّاء! ولا مبالاتهم بالمسلمين جعلهم يسقطون.
ثم ذكر خطأ شائع عند بعض المؤرخين وهو أن العرب كانوا يعرفون [حرب العصابات] فقط، إذ أكّد المؤلف أن هذا ليس فقط ما حذقه العرب من فنون القتال.
" فالعرب قد عرفوا في حروبهم التي وقعت بينهم تسيير الجيوش بعشرات الألوف على اختلاف الأسلحة والأقسام، وقيل: إنَّ جيش الغساسنة الذي حارب المنذر بن ماء السماء لم يكن يقل عن أربعين ألفًا بين راجل وفارس، وكان في الجيش معًا راكبو الخيل، وراكبو الإبل، وحاملو السيوف، وحاملو الرماح، والضاربون بالسهام والنبال، والضاربون بالحراب والحجارة. ولقد كان الغساسنة والمناذرة أصحاب ملك قائم لا يعسُرعليهم تسيير هذه الألوف المؤلفة إلى الميادين القريبة، ولكن القبائل التي لم تكن على شيء من هذا الملك كانت تسوق الألوف للقاء أمثالها ".
تكلم المؤلف بدايةً عن بيئة خالد رضي الله عنه، بني مخزوم وشرفهم ومكانتهم العالية في الجاهلية وكرمهم ومناقبهم، وموقفهم من الإسلام حين حسد كبراؤهم [بني عبد مناف] على شرف النبوة، وقالها أبو جهل صراحةً، وكذلك حسد الوليد بن المغيرة من النبي صلى الله عليه وسلم.
خالد رضي الله عنه، كان أبوه الوليد بن المغيرة الملقب بالعدل وبالوحيد؛ لأنه كان يكسو الكعبة وحده سنةً، وتكسوها قريش كلها كسوةً مثلها سنةً أخرى. وكان عمه أبو حنيفة أحد الأربعة الذين أخذوا بأطراف الرداء، وحملوا فيه الحجر الأسود إلى موضعه من الكعبة، كما أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الدعوة الإسلامية، أما الذي فض النزاع بين القبائل على هذا الشرف حين أذن التنافس بينها بالشر المستطير فهو عم آخر من أعمامه، وهو أبو أمية بن المغيرة الملقب بزاد الراكب كما جاء في بعض الروايات. فقد أشار عليهم أن يكلوا الحكم إلى أول داخل من باب المسجد ليختار من بينهم من يرفع الحجر إلى مكانه، فارتضوا مشورته وتم صواب المشورة بتوفيق البشارة النبوية قبل إهلالها على العالم بسنين ولقب أبو أمية زاد الراكب؛ لأنه كان يكفي أصحابه في السفر مئونتهم، فلا يتزودون بزاد.
ويظهر أنَّ بني مخزوم هؤلاء كانوا في ثروتهم وعدتهم وبَأْسِهم أقوى البطون القرشية، ولكنهم لم يستأثروا بالزعامة القرشية؛ لأنهم كانوا ينافسون بني هاشم وبني أمية وبني عبد الدار، وهم ثلاثة بطون قوية يلتقون في جد واحد أقرب من الجد الذي يجمعهم ببني مخزوم، وهو مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر جد قريش أجمعين.
وقد تبينت رجاحتهم هذه في مواقف كثيرة قبل الإسلام وبعده، فاضطلعوا وحدهم ببناء ربع الكعبة بين الركنين الأسود واليماني، واشتركت قريش كلها في بناء بقية الأركان، وكان لبني مخزوم وحدهم في وقعة بدر ثلاثون فرسًا من مائة فرس لقريش كلها، فلا جرم يعظم على نفوسهم أن يغلبهم منافس على الشرف والعزة، وأن يحوزوا كل ما حازوه من الرجال والأموال ثم تشيل كفتهم مرجوحة في ميزان الفخار، ولا جرم يأخذون الأمر مأخذ الأنفة بينهم وبين بني عبد مناف حين تظهر النبوة في هؤلاء ولا تظهر فيهم.
وقد أخذوها هذا المأخذ حيث قال أبو جهل: " تنازعنا نحن وبنو عبد مناف؛ أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان، قالوا: منّا نبي يأتيه الوحي من السماء! فمتى ندرك هذه؟ "
وكان الوليد بن المغيرة يزعم أنه هو أحق الناس بالنبوة ويقول: " أينزل القرآن على محمد وأُترَك وأنا كبير قريش و سيدها؟"
يقول العقّاد: [ونحن نعلم الآن أي عقبة كانت هذه الخُنْزُوانة المخزومية في طريق الإسلام إذ نرجع إلى الآيات التي نزلت في رؤسائهم ووصفت ما كان من عنادهم وعتادهم، وما كانوا يقابلون دعوة الدين الجديد بدعواهم في آبائهم وأجدادهم، فلم ينزل في رؤساء قبيلة مثل ما نزل في رؤساء هذه القبيلة، ولم تتمثل منعة قوم كما تمثلت منعتهم في ردود القرآن على أقوالهم].
***
ثم تكلم المؤلف عن مراحل بداية تصدُّع عداوة خالد رضي الله عنه للإسلام، منذ رؤيته للمسلمين يُصلّون ساكنين في الحديبية، ومن ثمّ إسلام بعض إخوته، و نُصرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأشوف أجمل مقطع في الكتاب، مقطع إسلام خالد رضي الله عنه:
"لما أراد الله بي ما أراد من الخير قذف في قلبي الإسلام وحضرني رشدي، فقلت: قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد صلى الله عليه وسلم، فليس في مواطن أشهده إلا أنصرف وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شئ، وأن محمداً سيظهر. فلما صالح قريشاً بالحديبية ودافعته قريش بالرواح قلت في نفسي: أي شئ بقي؟ أين أذهب؟ إلى النجاشي؟! فقد اتبع محمداً وأصحابه عنده آمنون، فأخرج إلى هرقل فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية؟! فأقيم مع عَجَمٍ تَابِعاً، أَوْ أُقيم في داري فِيمَنْ بَقِي؟ فأنا في ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضية فتغيبتُ ولم أشهد دخوله، وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية، فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابا فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك! ومثل الإسلام جهله أحد؟ وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك وقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي الله به، فقال: "مثله جهل الإسلام؟ ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين كان خيرا له، ولقدَّمْناه على غيره"، فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة.
قال (خالد): فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام، وسرني سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عني، فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: من أصاحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلقيت صفوان بن أمية فقلت: يا أبا وهب، أما ترى ما نحن فيه؟ إنما نحن كأضراس، وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قدمنا على محمد واتبعناه فإن شرف محمد لنا شرف؟ فأبى أشد الإباء فقال: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا.
فافترقنا، وقلتُ: هذا رجل قُتِل أخوه وأبوه ببدر. فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلتُ له مثل ما قلت لصفوان بن أمية، فقال لي مثل ما قال صفوان بن أمية. قلت: فاكتم عليَّ، قال: لا أذكره .. فأمرت براحلتي فخرجت بها، إلى أن لقيت عثمان بن طلحة.. فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة فنجد عمرو بن العاص بها، قال: مرحباً بالقوم، فقلنا: وبك، فقال: إلى أين مسيركم؟ فقلنا: وما أخرجك؟ فقال: وما أخرجكم؟ قلنا: الدخول في الإسلام واتباع محمد صلى الله عليه وسلم، قال: وذاك الذي أقدمني. فاصطحبنا جميعا حتى دخلنا المدينة، فأنخنا بظهر الحرة ركابنا فأخبر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسُرَّ بنا، فلبستُ من صالح ثيابي ثم عمدْتُ (ذهبت) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيني أخي: فقال أسرع، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُخْبِرَ بك فسُرَّ بقدومك وهو ينتظركم.
فأسرعنا المشي فاطلعت عليه فما زال يتبسم إليَّ حتى وقفت عليه، فسلمت عليه بالنبوة فرد عليّ السلام بوجه طلق (مبتسم)، فقلتُ: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال: تعال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك، قد كنتُ أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير، قلت: يا رسول الله إني قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معانداً للحق فادع الله أن يغفرها لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام يجُبُّ (يمحو ويقطع) ما كان قبله، قلتُ: يا رسول الله على ذلك؟! قال: اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيل الله، قال خالد: وتقدم عثمان وعمرو فبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وكان قدومنا في صفر سنة ثمان، قال: والله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل بي أحداً من أصحابه فيما حزبه (أهمه وشغله)".
***
طبعاً أسهب الكتاب في الحديث عن القِيادة الناجحة، و خِلال القائد في خالد رضي الله عنه، ومن ثم نهاية حياته.
وهُنا بعض الاقتباسات من الكتاب:
* " وصفوة هذا جميعه أنَّ خالد بن الوليد قد دخل الإسلام بأوفى نصيب من حمية السيادة العربية في عهد الجاهلية، فصنع للإسلام وصنع الإسلام له الأعاجيب، وكان مقياس العبقرية العربية في عهدين متقابلين. "
* يُذكر عن الوليد بن المغيرة، والد خالد، أنه كان يأنف لنفسه في الجاهلية أن يُرى سكراناً، على إباحة الخمر وشيوعها في تلك الأيام، فانتهى عنها بغير ناهٍ، وقيل إنه قطع يد السارق على سبيل القصاص.
* وقد كانت لهزيمة الدول أمام العرب أسباب كثيرة: 1- منها ضعف العقيدة واختلال النظام ونقص القيادة 2- وانحلال الترف وتفرّق الآراء 3- ولكن البلاء الأكبر إنما حاق بتلك الدول من آفة الغرور الباطل والاستخفاف بالخصم المقاتل. فانتصر العرب؛ لأنهم ظنوهم لا ينتصرون ولا يعتزمون الانتصار، وكان الاستخفاف والإهمال شرّاً على تلك الدول المتصلّفة من الاستهوال والفزع.
***
الحمدلله أتممت قراءة الكتاب، بعد هذا أنوي إن شاءالله قراءة عبقرية عثمان رضي الله عنه.
عندما أقرأ للعقّاد لا أقرأ معلومات تاريخيّة مبذولة أينما بحثت بل أقصد تأويله لتلك الوقائع وقراءته النقديّة العميقة للشخصيّة العربيّة ونوازعها المختلفة ... في هذا الكتاب يعرض لنا عبّاس محمود العقّاد عبقريّة حربيّة قلّ نظيرها في التاريخ الإسلامي من استراتيجيات حروب وتكتيكات غزوات تشي بفطنة وشجاعة ودراية بالنفس والجيش والمكان والعدوّ ... قراءة العقّاد "لأخطاء" القادة وزلاّتهم أبلغ من قراءته لنجاحاتهم ... وكان أمام سيف الله المسلول -مثل غيره من القادّة العسكريين- مطبّات لا بدّ له من تجاوزها نجاحا أو فشلا مثل (غزوة مؤتة وغزوة اليمامة... حديقة الموت....) غير أن الأعسر هو الوقوف في مفترق الطرق بين نوازع بشريّة لا خلاص لنا منها وحدود دينيّة وسياسيّة تضبط تصرّفات القادّة ولا تتساهل مع زلّاتهم (كزواج خالد من ليلى بعد قتله زوجها مالك بن نويرة /مصادرة أمواله وعزله من قبل عمر بن الخطّاب)... غير أنّ كل تلك الضغوطات والاكراهات والنوازع هي التي تصقل وجوه الأبطال في التاريخ وتخلّد أسماءهم محفورة في الذاكرة الجماعية التي تفتح العنان للخيال تارة لسمو بهم إلى مصاف الأسطورة ويضعهم العقل والتاريخ تارة أخرى ضمن دائرة المحاسبات والتقصيّ. تأثّرت جدّا بسيرة خالد وتوقّفت عند ثلاث محاورات أوجعتي. الأولى ---شهادة أبي بكرفيه حين قال "عجزت النساء أن يلدن مثل خالد" الثانية--- الحوار الذي دار بين الخطاب وخالد خول عزله ومصادرة أمواله ( ثمّ قصد إلى المدينة فلقي الفاروق فقال: "لقد شكوتك إلى المسلمين.وبالله إنّك في أمري غير مجمل ياعمر" فسأله الفاروق :"من أين هذا الثراء؟"... قال: "من الأنفال والسهمان، فما زاد على الستين ألفا فلك" فزادت عشرون ألفا فضمّها إلي بيت المال. ثمّ قال له :"يا خالد إنّك عليّ لكريم، وإنّك إليّ لحبيب، ولن تعاتبني بعد علي شيء" وأرسل إلى الأمصار يأمر الولاة أن يعلنوا فيها باسمه:"إنّي لم أعزل خالدا عن سخطة ولا عن خيانة، ولكّن الناس فتنوا به فخشيت أن يوكلوا إليه. والا يكونوا بعرض فتنة" الثالثة --- قول خالد عند موته :"لقد طلبت القتل في مظانّه فلم يُقدر لي إلاّ أن أموت على فراشي ... ولقيت الزحوف وما في في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم وأو طعنة برمح، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء"
العقاد يقدم صورة كاملة لحياة الشخصية العسكرية الانجح في التاريخ ، فانجازات ابن الوليد تفوق كل نظائره من الاسكندر المقدوني و غيره
اسلوب العقاد يمتاز بالعقلانية ، فهو لا يبحث عن الجانب الأسطوري بخالد فينطلق من الحديث عن دراية العرب بفنون الحرب و المكيدة منذ الجاهلية و يستدل على هذا بمعركة ذي القار لما تغلبت بضع قبائل عربية على جيوش امبراطورية فارس الجرارة مستخدمة مزيج من فنون الحرب و المكيدة ليؤكد بهذا ان العرب لم يكن ينقصهم سوى العقيدة الاسلامية ليجتاحوا العالم ثم يتنقل للحديث عن نشئة خالد ابن بني مخزوم قادة الفرسان في حروب قريش و عن اسرته و بيئته و بتابع الرحلة معه من الجاهلية إلى الاسلام و من غزوات الرسول و سراياه إلى حروب المرتدين و فتوح العراق و الشام
موضوعية العقاد السمة الغالبة على الكتاب فهو يذكر كل ما اخذ على خالد من اخطاء و يرد بعضه و يقر الأخر -الاخطاء ليست عسكرية - فيرسم صورة طبيعية لشخصية استثنائية و يزيل اللبس عن الكثير مما جرى بينه و بين الفاروق طوال رحلته