"حين عُدت إلى دراسات ميشيل سورا المنشورة في الثمانينيات، وجدت فيها على الرغم من مرور الزمن، وثيقة أنثروبولوجية وتاريخية نادرة تُفسِّر الآبيات والمبادئ الأولى لتأسيس نظام الأسد وعمله، وأساليب حكمه، وتعاملاته مع الرأي العام السوري والعالمي، التي لم تتغير كثيرًا منذ تأسيسه... إن هذه الدراسات تقدم لنا ، ربما أكثر من أي كتاب أخرحديث، مفاتيح أساسية للإجابة عن سؤال: لماذا وصلت سورية إلى الوضع الكارثي الذي نعرفه اليوم؟ لم تخدع شعارات التقدمية والاشتراكية والعداء للإمبريالية التي كان يرفعها نظام الأسد ميشيل سورا، واكتشف، منذ مقالاته الأولى، بحدسه الرهيف، أنه لا يوجد عند الأسد مشروع أخر، لا بناء أمة ولا بناء دولة ولا إقامة عدالة اجتماعية، وإنما بناء سُلطة، وتأمين وسائل القوة الكفيلة بالدفاع عنها." د. برهان غليون " بحذاقته كعالم اجتماع، ونفاذ بصيرته كباحث ميداني، استطاع ميشيل سورا خرق أقنعة الأنظمة الكبرى التي اختزلت أحداث المشرق بظواهر عارضة محلية للصراع بين الإمبريالية والاشتراكية كما كان يُردّدُ آنذاك. وأن تحليله لواقع المجتمع السوري وتشريحه لنظام الحكم وما نتج عنه من عنف، يسمح لنا بفك رموز الانتفاضة السورية الحالية منذ اندلاعها في ربيع 2011 أكثر مما تم إنتاجه من دراسات صدرت عقب هذه الانتفاضة. وأن ثمة أجيالاً من الباحثين في العالم أجمع يعودون في أعمالهم البحثية إلى العمل التأسيسي الذي وضعه سورا، لكونه يبقى مرجعًا ضروريًا لإجراء أي بحث جدّي حول المشرق العربي، وسورية ولبنان بشكل خاص." جيل كيبل
بدأت قراءة الكتاب منذ حوالي الخمسة أشهر! لا أنكر أن الكتاب كان ثقيل المعلومات وبحاجة لتركيز كبير ولكن هذا لم يكن سبب تأخري بإنهائه... لقد كنتُ حينها في مدينتي الأم دوما, أصارع الحصار والقصف وأخطط للبقاء, كانت خططي الحياتية جميعها محددة بأطر الحصار والموت فلم أكن أتوقع أن أخرج من الحصار حياً لهذا كان البحث عن بدائل تعينني على إكمال الحياة بأقرب شكل ممكن إلى الطبيعية, وكان هنا أول عامل من عوامل التأخير, لم تتح لي الفرصة للحصول على الكتاب ورقياً فكنت مضطراً لقراءته على هاتفي النقال (وهو أمر مزعج!) يصيبك بالملل وينسيك لذة لمس صفحات الكتاب والتقليب بها, بدأت التقدم ببطء خلال صفحات الكتاب, وشائت إرادة الله أن يرافقني هذا الكتاب "سورية الدولة المتوحشة" بأكثر أيام دولتي وحشيةً عليّ, فكان الكتاب هناك في جيبي دوماً, فقرأت منه خلال الحصار, وقرأت منه في القبو وأصوات القصف بأنواعه تتناغم من حولي, بقيت في القبو مدةَ شهرين كاملين على هذا الحال وكان الكتاب هناك. كنت أقرأ في الكتاب شهادة عن مجزرة حماة, وأسمع أصوات القصف من حولي, أقرأ تحليلات الكاتب لنظام البعث الفاسد وآلية حكمه وأشاهدها إنعكاساً على عيناي المضاءة بنار بيتي المشتعل.
وأخيراً كان الكتاب أيضاً في جيبي خلال عملية التهجير القسري, حينما كنت أُخرج غصباً من بلدي تاركاً ورائي سنيناً من الطفولة والبراءة, والقسوة والنضال. تعمّدت خلال رحلة ال36 ساعة المؤلمة باتجاه الشمال السوري أن أقرأ صفحتين من الكتاب أُنكر أني فهمت منها شيئاً نظراً للحالة النفسية حينها, ولكن شيئٌ ما دفعني لأخرج هاتفي ولسان حالي يقول علّنا نعرف أكثر في هذه اللحظة القاسية عن قاتلنا وظالمنا ودوافعه! رافقني الكتاب في مهجري الداخلي_ ريف حلب الشمالي حيثُ فقدتُ الطاقة والقدرة على التفكير والتركيز, حيث أنا بعيدٌ عن أرضي وأرى قضيتنا المحقة تُسلب أمام أعيننا ويتحول الجزار فيها إلى ملاك رحيم, فيما يتحول الضحايا إلى مجرمين جلبوا القتل على أنفسهم, عجزت خلال هذه الفترة عن القراءة على الرغم من بغضي الشديد للإنقطاع عن قراءة كتاب بدأت بقراءته مسبقاً, ولكن عقلي كان يرفض بشدة ان يفتح هذا الكتاب, الآن بعد ثلاثة أشهر ونصف تقريباً من موطني الجديد, أنهيت الكتاب وأنا أنتظر دوري عند الحلّاق!
كانت كلماته مليئة بالمعاني ينوّع بين السرد التاريخي قليلاً وبين التحليل والاستنتاج غالباً, يتحدث عن أصل التفكير البعثي وكيف يحكم البلاد وكيف استخدم النظام الطائفية لحكم البلاد بجعل السلطة المطلقة بيد الأقليات ومكنها من استبداد الأكثرية على مدى سنين حكمه فتنامى حقد هؤلاء الفاعلين من الطائفة في الحكم بطريقة وحشية تفسّر تشبيحات الخائفين من فقدان السلطة إبّان الثورة السورية وتشبّث النظام الوحشي في الحكم رغماً عن حمامات الدم في كل طرف من أطراف الدولة. جميلٌ بحث الكاتب (قليلاً) عن الترابطات بين الأنظمة الديكتاتورية وآلية تفكيرها ودوافعها, وعن الأحزاب السياسية والمقاومة المسلحة ضد الدولة سواءً في سوريا أو في لبنان. بشكلٍ غير متوقع تعلّمت من هذا الكتاب عن ثوراتٍ قديمة, قتلت قبل أن تولد وقبل أن أسمع صداها, لا أعلم كثيراً بعد عن سياقها كيف حصلت, وكيف قمعت, وكيف قاومت القمع ولكنني أعلم شيئاً واحداً أكيداً, أفلت النظام من ثورات شعبه مرة تلوَ الأخرى, كما يبدو أنه يفعل الآن, قد تختلف مستوى خسائره ونوعيتها في كل مرة, ولكن التطبيع كان المدفن الأخير لكل ثورة, أو محاولة ثورة. التطبيع والتعايش مع القاتل بغرض وقف الدم أو التطبيع بسبب الإجبار, وبعد عملية التطبيع هذه يغدو الشعب خائفاً أكثر! ويقلّ عدد الثوار (غالباً) ليست هذه مزاودة على المطبّعين بالمرحلة 1980-2011 إن كنت تعلمت شيئاً من السنين الماضية هو عدم المزاودة بأمور أعجز عن فهم سياقها فهماً عميقاً, ولكنه فحسب تفسيرٌ لعدم تعاقب الثورات بفترات متلاصقة وتنبيهٌ للخطورة التي يحملها التطبيع! أخيراً, يحتاج الكتاب طبعاً إلى قراءة أخرى (على رواق) لأنه أعمق من أن ينتهي بقراءة واحدة
عند قراءة الكتاب نكتشف وضوح الرؤيا لدى ميشيل سورا والذي استطاع ان يحلّل ويتنبّأ ويفنّد جميع أقاويل وأكاذيب وادّعادات النظام في الحملة الدموية غير المسبوقة آنذاك ضد جماعة الاخوان المسلمين في سوريا، واللافت ان نفس الادعاءات والاكاذيب والاقاويل يكرّرها النظام السوري لتبرير حملته الدموية والتي فاقت الاولى دموية ينطلق الكاتب في تحليل المجتمع السوري وتناقضاته التي تلاعب عليها وبها النظام الحاكم من أجل إحكام سيطرته على الدولة وقمع التظاهرات والانتفاضات السورية (سواء في الثمانينات أو الانتفاضة الحاضرة). هذه التناقضات والاختلافات الاجتماعية يمكن تلخيصها بما يلي ١- الطائفية: حسب ميشال سورا ينطلق النظام من مذهب حكّامه العلويين واعتبار هذه الطائفة جزءً من الدولة، أو بطريقة أصحّ، اعتبار الدولة جزء من هذه الطائفة. مثال على ذلك تأسيس جمعية “علي المرتضى” العلوية التي يديرها جميل الاسد، أحد أشقاء الرئيس السوري، بهدف ظاهري وهو العمل الخيري، غير ان لها هدف باطني وهو شد عصب الطائفة العلوية ولصقها بالنظام لتصبح الهوية الديني-سياسية للطائفة مرتبطة ارتباطاً كلّياً به. وانطلاقاً ممّا سبق، يقوم النظام بإثارة الغرائز العصبية والمذهبية لدى الطائفة العلوية؛ وكرد فعل طبيعي لدى المذاهب والطوائف الاخرى، تنتج عن تصرّفات النظام إثارة الغرائز في المكوّنات الاخرى للمجتمع السوري، وبالتالي تستحيل الدولة “مجموعة طوائف” تخاف بعضها البعض ويسهل للنظام الحاكم السيطرة عليها. ٢- الجيش: يأتي الكاتب هنا الى ممارسات النظام البعثي منذ العام ١٩٧٠ بإقصاء كل الوجوه المناوئة التي تشكّل تهديداً للسلطة العسكرية للنظام، بالاخص السنية منها (أحمد سويدان) أو علويّة (محمد عمران، مجموعة “العلي” منهم من أُبعد أو انضم للنظام مثل علي حيدر وعلي دوبا) . حتى أتى العام ١٩٨٢ ولا يوجد في الجيش السوري أية قيادات قادرة على تهديد السلطان البعثي العلوي . وتغيّرت وظيفة الجيش هنا من دعامة للدولة المدنية الحديثة، الى دعامة لهيمنة الطائفة العلوية على النظام والدول. من خلال استخدام النظام للورقة الفلسطينية بابتزاز دول الخليج والمساعدات المالية السنوية لسوريا التي خصّصوها “لدعم القضية الفلسطينية” فاستفاد منها الجيش لأجل تعزيز استقلاليته وقوّته ضمن السلطة من أجل تأمين حمايتها ٣- المدينة: تناول الكاتب هنا الاعمال “السلمية والمدنيّة” التي قامت في المدن السورية خلال أربع سنوات من الاحداث (١٩٧٨-١٩٨٢) والتي شملت الاضرابات واعتصامات التجار في دمشق وحلب، بالاضافة الى المظاهرات التي قادتها النقابات العمالية والحرة والقيادات من صفوف المحامين والمهندسين والاطباء ليستنتج بأن المعارضة السورية للنظام تمركزت في الاوساط المدينية القائمة منذ مئات السنين على عكس الارياف التي لم تتحرّك في الدفاع عن النظام الا انطلاقاً من العصبية المذهبية والدينية التي تحرّكها.
يشير الكاتب من ناحية أخرى الى ان حزب البعث – كما بعض الاحزاب السياسية- فشلت في تشكيل مراكز الثقل لها في “المدينة” التي لم تفتح أبوابها “لأهل الريف” بل رفضتهم. لذلك كانت “القومية” و “العروبة”، شعارات انقلاب العام ١٩٦٣ الذي قام به حزب البعث كما الحركة التصحيحية لاحقاً في العام ١٩٧٠ هي التي أتت بالمجتمع الريفي الى قلب السلطة في المدينة ، وإنشاء طبقة “مدينية” رديفة – جلّها من العلويين والدروز والاسماعيليين – نزحت من الريف واستفادت من الحزب (اي البعث) والجيش ل”تتمدّن” وتشكل رديفاً جدّياً للمدينية التقليدية ٤- حزب البعث: ينطلق الكاتب من واقع ان النظام الذي أسّسه حزب البعث مع الانقلاب الذي قام به العام ١٩٦٣، أصبح مع الرئيس حافظ الاسد ماكينة لبسط سلطة العلويين حيث قامت المجموعة العلوية في الحزب بإقصاء القيادات السنية منه. باختصار يستنتج الكاتب ان ما يجري في سوريا ليس صراع بين اليمين واليسار، او بين طبقات المجتمع او حتى بين التقدمية والرجعية. الصراع برأيه ينحصر بتثبيت سلطة الأسد العلوية وما الديمقراطية والمجتمع المدني الا مصطلحات استعملها هذا النظام من دون وجود حقيقي لها على أرض الواقع.
كتاب مرعب ومخيف، لكاتب - وهو ميشيل سورا - كان ضحية للنظام السوري، حيث تم خطفه، في لبنان، على يد أعوان النظام السوري - حزب الله - سنة 1985 بسبب هذا الكتاب والذي عبارة عن مقالات كان قد نشرها يتحدث فيها عن سوريا، ومذبحة حماة السورية، وفظائع النظام السوري.
تم الإعلان عن إعدامه سنة 1986، ولم يتم الكشف عن جثمان ميشيل إلا في عام 2005.
الكتاب في مجملة متوسط، فهو مجرد جمع لمجموعة مقالات، مليئة بالمصطلحات، والأفكار المكررة، ولكن يمكن من خلال هذا العمل، فهم طبيعة النظام السوري، وثلاثية الجيش - البعث - العلويين.
كما قدم لنا صورة المعارضة، وهي الإخوان المسلمين، وكيف تعامل معها النظام.
وفي فصل خاص، تحدث عن المجتمع السوري، وأبرز طوائفه، وخصائصهم ونبذة سريعة عن تاريخ كل طائفة.
الكتاب وثيقة تحليلية مهمة ضمن نطاق الفترة الزمنية التي كتبت فيها المقالات والدراسات التي يتكون منها الكتاب. لكن مسألة أن الكتاب يفسر الدولة السورية وممارساتها وكيف تأسست والهالة الكبيرة المحاط بها الكتاب فهي ليست صحيحة بل ان الربع الأخير في الكتاب يتحدث عن لبنان وليس سوريا.
هذا الكتاب هام جدا وأنصح بقراءته، وهو تجميع لمقالات وأبحاث ميشيل سورا الباحث الفرنسي الذي قتله النظام السوري من خلال حزب الله في الثمانينات عقوبة له على أبحاثه في علم الاجتماع حول سوريا. من المهم أن يقرأ الجميع أبحاث سورا العميقة عما يفكك المجتمع السوري ويقسمه وكيف يستفيد النظام من الاختلاف بين مكوناته ويعتمد عليها ويغذيها ليحافظ على نفسه دافعا البلد لمصير حتمي ينتهي بتدميره كله. لا يستطيع القارئ إلا أن يمتلئ بالألم وهو يرى النظام السوري يعيد لعب نفس أوراقه التي استطاع بها الانتصار في أحداث الثمانينات، لكي يحقق انتصارات ضد الثورة السورية في 2011. وكيف تسير الثورة دوما في المسار الذي يضغط هو باتجاهه.
كتاب ممتاز في تشريخ النظام السوري و ما فعله خلال 15 سنة من استلامه الحكم . الكتاب من ثمانينات القرن الماضي و لكنه مسودة مسبقة لما فعله النظام السوري في المدن السورية بين عامي 2011 و 2018 . من سخريات القدر أن ميشيل كتب عن طريقة النظام و حلفاءه باختطاف الناس و اخفاءهم عند تعرضه لأي مأزق , نهاية ميشيا أتت بنفس الطريقة حيث اكتشفت جثته في بيروت عام 2005 . ما يؤسف حقا أن الآليات التي اعتمدها النظام السوري في الثمانينات قد كررت بشكل متطابق خلال السنوات القليلة الماضية و لكن من دون أدنى انتباه من من قام بالثورة. حتى ترجمة الكتاب أتت متاخرة 25 سنة
ليس هنالك تعبير يمكن أن نصف به الحال التي آلت إليها سورية منذ استلام نظام الأسد للحكم، أقوى وأعمق من الوصف الذي استخدمه ميشيل سورا في عنوان كتابه "سورية، الدولة المتوحشة". ولا أظن أن هناك كتابًا يفضح كل الآليات التي استعان بها النظام لتحقيق غاياته أفضل من الكتاب الذي هو موضوع حديثنا اليوم. في هذه الدراسة التي دفع ميشيل سورا حياته ثمنًا لها، كان يسعى إلى كشف خفايا هذا النظام الإجرامي، الذي لم يكن ليتسامح مع وجود شخص بذكاء وحنكة ميشيل، يعمل على فضح أسراره دون أن يواجهه بالاغتيال. في عام 1986، قامت منظمة الجهاد الإسلامي، المقربة من النظام السوري، باختطاف الباحث الفرنسي ميشيل سورا في بيروت. لم يتم العثور على جثته إلا بعد عشرين عامًا، وذلك في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية. في القسم الأول من الكتاب، يقدم لنا صورة شاملة للطغيان الذي حصل في عام 1982 في مدينة حماة، والذي راح ضحيته آلاف الشهداء. مدينة حماة التي استُبدلت ذات صباح نواعيرها بشلالات من دماء الشهداء. كما نتعرف في هذا القسم على أحوال المدن السورية قبيل تلك المجزرة التي أحدثت ندبة في قلوب السوريين جميعًا، لم ولن تُمحى أبدًا. في القسم الثاني، يتناول الحركة الإسلامية منذ لحظة نشأتها في عام 1963، وما هي أهم المرجعيات التي اعتمدت عليها في جميع تحركاتها. لمستُ في هذا القسم، وفي الكتاب بمجمله أيضًا، انحيازًا واضحًا إلى طرف الإخوان المسلمين، وهو ما أثار دهشتي حقيقةً. في القسم الثالث، نتعرف أكثر على المجتمع السوري بكل ما فيه من طوائف مختلفة وماهية العلاقات الاجتماعية والثقافية بينها. أما في القسم الرابع والأخير، نرى رحلة النظام في توسع نفوذه وسيطرته لتشمل مناطق من لبنان، ليحولها إلى مجرد أداة في يده يمارس فيها ما شاء له أن يمارس من الطغيان، ما خفي منه وما ظهر.
بعد قراءتي لهذا النص، أعتقد أنني تمكنت أخيرًا من تشكيل صورة بسيطة في ذهني عن الوضع في سوريا خلال تلك الفترة الحرجة. لاحظت كيف يتشابه الماضي مع الحاضر، مع وجود اختلاف بسيط في مستوى الوحشية التي طورها النظام لتصل إلى مستويات من العنف لم يشهدها العالم منذ زمن طويل. تضمنت الدراسة العديد من شهادات المعتقلين والسياسيين والمفكرين السوريين، مما جعل الكتاب مصدرًا مهمًا لفهم تلك المرحلة. كان مفهوم العصبية الخلدوني جزءاً أساسياً في التحليلات التي قدمها المؤلف في هذه الدراسة المعقدة. ولحسن حظي، كنت قد قرأت مؤخراً دراستي الدكتور مصطفى حجازي (الإنسان المقهور والمهدور)، مما ساعدني في استخدام التحليل النفسي الذي قدمه حجازي لفهم تحليلات ميشيل سورا حول الواقع السوري بشكل أعمق. إذ أن ثلاثية هدر الفكر والوعي والطاقات التي كانت المادة الرئيسية لكلا الدراستين، تعبر عن الحالة العامة لهدر الإنسان والمؤسسات، مما يؤدي ذلك إلى هدر كيان المجتمع بأكمله. وفقًا للدكتور حجازي، يظل هذا المفهوم خارج نطاق التركيز عند تناول قضايا المجتمع، رغم أنه يمثل الشرط الأساسي لتوفير بيئة ملائمة لاستمرار الاستبداد.
فإذا كان هذا هو حال الاستبداد الذي في الثمانينات الذي جعل الكاتب يكتب هذا الكتاب، فماذا كان عساه سيكتب اليوم؟
ميشيل سورا صحفي وعالم اجتماعي تونسي المولد فرنسي الجنسية . تنقّل بين بيروت ودمشق وباريس حيث تعرّف أكثر على المشهد السوري العام والاجتماعي، وتناوله لاحقاً بطريقة علمية تحليلية في كتاباته. رجع إلى بيروت العام 1980 ضمن مشروع علمي فرنسي، وبقي فيها ورفض مغادرة "بيروت الغربية" إبّان الاحتلال الإسرائيلي العام 1982. كما قام بترجمة أعمال غسان كنفاني إلى الفرنسية إبّان دراسته في المعهد العربي للدراسات الفرنسية في دمشق بين 1977 1978، في 22 آذار/مارس 1985 تم خطف ميشال سورا خارج مطار بيروت بعد عودته من باريس برفقة جان ميشال كوفمان. بلغ عدد المخطوفين الفرنسيين آنذاك خلال الحرب اللبنانية أكثرمن خمسة رهائن – سورا الوحيد الذي تم إعدامه – وكان الخاطف واحد، منظمة الجهاد الاسلامي التي عرفت لاحقاً باسم "حزب الله". الاسم الأصلي للكتاب الدولة البربرية وتم تغييره إلى سوريا الدولة المتوحشة في الترجمة وسبب التسمية بالدولة المتوحشة هو عرض منهجي وموضوعي لسياسة البعث منذ 1963 حتى اعتقال الكاتب في ثمانينيات القرن المنصرم والكتاب عبارة عن مجموعة مقالات كتبها ونشرها باسم مستعار "جيرار ميشو" في الصحف الفرنسية خوفا من بطش الأسد، حين كان يقيم في بيروت. إلى أن تم اعتقاله واعدامه بتهمة الجاسوسية في وقت لاحق. يستعرض الكتاب البُنى السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتاريخية للمجتمع السوري وعن آلية حكم البعث بشكل عام وحكم آل الأسد بشكل خاص ونهجهم الذي لم يتغير منذ 50 سنة يرصد الكتاب تاريخ مرحلة مهمة وحساسة من تاريخ سوريا، حقبة لم يكتب عنها الكثير. ويبين لنا الكاتب كل ما جرى قبل وأثناء وبعد مجازر الأسد في ثمانينيات القرن الماضي، وكيف أن الصراع لم يكن صراعا مسلحا أو صراعا بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين. يذكر سورا بالأحداث والتواريخ مراحل الاحتجاجات وكيف كان للقوى المدنية، وخصوصا النقابات وتجار المدن دور كبير في تلك الفترة للتخلص من السلطة الحاكمة وإسقاطها بالوسائل السلمية، حيث كان للإضراب الذي بدأه تجار حلب ومن ثم انتقل لبقية المدن أن يسقط السلطة مع تصاعد المظاهرات في معظم المدن السورية وخصوصا في حلب باستثناء مدينة دمشق. استند سورا في تحليله لبنية السلطة في سوريا، إلى نظرية ابن خلدون في العصبية والمُلك. وأسهب في شرح آلية تكوين السلطة العلوية، وكيف استطاعت السيطرة على مفاصل الدولة السورية، وتحطيم بقية مراكز القوى، سواء القوى المدنية مثل النقابات، عبر تهميشها أو القوى الدينية عبر احتوائها بشكل يبقى لها بعض الهيبة الظاهرة. وبالطبع سبقها تحطيم لكل القوى السياسية من مختلف الأحزاب. لتتحول سوريا لاحقا إلى فرع مخابرات كبير تديره عائلة الأسد وخلفها بقية الطائفة العلوية. أهم ما يميز الكتاب بالإضافة لكونه وثيقة، هو القدرة العجيبة للكاتب على فهم وتحليل بنية السلطة والمجتمع وأيضا على استقراء المستقبل، لو كان سورا حياً بيننا اليوم لخاطبنا: ألم أقل لكم!
لا عجب أنه تمَّ التخلص من ميشيل سورا من قبل النظام السوري نظراً لدقة تحليلاته و عمق فهمه و إدراكه لطبيعة هذا النظام انطلاقاً من نظرية ابن خلدون في الحكم. العصبية و الملك و الدعوى هم أساس سلطة الحاكم بأمره في تاريخ المشرق بالذات ، و هذا ما يميز تحليل ميشيل سورا ؛ أنه لا ينطلق من نظريات اجتماعية غربية لتحليل واقع مجتمع شرقي. كتاب علمي بامتياز و مرجع مهم مرفق بالأرقام و الإحصائيات لتاريخ سوريا المعاصر في ظل حكم البعث.
أعتقد أن نصيب كبير في شهرة هذا الكتاب، تعود إلى نهايته المأساوية المعروفة للجميع للكاتب على يد حزب الله ويذهب أغلب الظن إلى ضلوع النظام السوري في خطفه، أيضًا صدور هذا الكتاب مجمعًا في ذروة الحرب والثورة في سوريا بتقديم برهان غليون أضاف كثيرًا لشهرة الكتاب، لكن إذا تحدثنا على المستوى التنظيري كرؤية للنظام السوري أو الدولة السورية، لم يأت سورا بجديد، بالنسبة لي على الأقل، سوى بعض أنه سبك بعض من النظريات المكررة عن الشأن السوري بأسلوب أدبي ممتاز وتُرجم بشكل ممتاز، وبشأن الإسلام السياسي، أنا اعتبر أن صديقه وأستاذه جيل كيبل هو أجدر بالقراءة وأفضل، وفي الملحق الخاص بمدينة طرابلس، بالنسبة لي لم يفيدني كثيرًا سوى بعض الأطر النظرية، ورأيت أن تناول عبد الغني عماد كان أفضل وأكثر سهولة ولكن لا يخلو تناول سورا من إفادة.. في العموم قد يغلب الظن بأن الكتاب تقادم بسبب سقوط النظام الأسدي واستبداله بمليشيّات السيد الرئيس\إكس موست وانتد إرهابي "أحمد الشرع"، ولكنه ما زال يصلح للقراءة وللمعرفة عن سوريا، خاصًة لما فيه من بواكير الخطاب الإسلامي الثوري في مراحله المبكرة، وسيكون من المثير ملاحظة كيف أنه بعد 45 سنة، لم يتطور هذا الخطاب تنظيريًا بل تراجع للخلف، أم�� من ناحية التطبيق العملي، فيبدو أن سوريا مختبر كبير، أو "ورشة كبيرة" بمصطلح سورا نفسه، لتطبيق كليشيه ماركس "التاريخ يعيد نفسه".. لا أتمنى أن تصبح سوريا دولة فاشلة على شاكلة دول كنا نتمنى ألا تؤول إلى ما آلت إليه حاليًا مثل الصومال واليمن والسودان، فهل تُعطى سوريا وشعبها الفرصة؟ لأن الله لم يخلق الناس من حديد ليحتملوا كل هذا القرف، كما تقول السيدة الشجرة "أورسولا" في ماكوندو ماركيز
- الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات مترجمة للصحفي والباحث الاجتماعي الفرنسي ميشيل سورا يفضح فيه وحشية حافظ أسد واستعانته بطائفته الأقلية في قمع الشعب السوري، وأن البعث لم يحكم يوماً واحداً مع عائلة الأسد، وسعي حافظ لتوحيد الطائفة العلوية وجعلها طائفة سياسية لا مجرد طائفة دينية، فالحكم كان للعائلة ثم الطائفة ضد الشعب ولسحق الأكثرية. - قام النظام على البعث والجيش والطائفة، همش السلطة واستند الى طائفته وأجهزته القمعية دون ارتباط بالمجتمع وشرعن الفساد كأسلوب للسيطرة. - تحدث سورا عن اعتماد النظام على العصبية، وأن حزب البعث تطور وازدهر في الأريف وظل هزيلاً وضعيفاً في المدن ولا سيما دمشق، وعن تمسك الدولة بخطاب الطبقات وحجب الحيز الإجتماعي، وأن العروبة هي مفتاح نظام الشرعية بالنسبة للنظام السوري، وعن فشل حزب البعث واستلابه وتحوله لجهة قمع وتهديد لمن يرتد أو يخرج عنه. - كما تحدث كيف اتخذ النظام شكل العصابة، وأن جميع العمليات الارهابية تقوم بها جماعات تربطها علاقة مباشرة نسبيا بدمشق، علاقات قائمة على أشكال مختلفة من الانتماء والتبعية السياسية والطائفية، وذكر أمثلة لهذا التورط وضحاياه وكان هو ضحية أخرى حيث تم اختطافه عام ١٩٨٥ وتصفيته عام ١٩٨٦ بعد صدور كتابه حيث أوعز للحزب اللبناني بذلك. - تحدث عن العصبية الاجتماعية فاستعرض مكونات المجتمع السوري والأقليات الطائفية والعرقية ونزعة بعضها للانفصال عن الدولة بدعم سابق من الاحتلال الفرنسي، تعارض الهويات والتناقضات الأساسية، حلل انتماءات السوريين بدقة انتهاء بالحارة والعائلة.. - كتاب نقدي ومؤلم عرى النظام السابق وكشف حقائق مهمة عن حزب البعث وتفرد حافظ الأسد بالسلطة وشرح حال سوريا ومعاناة الشعب وقمعه بعد المجازر الوحشية، عنى المؤلف بتحليل آليات الاستبداد والطائفية وتاريخ السلطة منذ خمسينات القرن الماضي حتى نهاية الثمانينات، كان جليا تأثر سورا بابن خلدون وكثرة الاستناد لأفكاره وآراءه، الكتاب مليء بالمعلومات والأسماء السياسية والعسكرية وقد أخذ مني وقتاً كبيراً في القراءة والبحث، أنصح به جدا.
الكتاب واسع ومعقد من حيث المحتوى فهو يطرح العديد من النظريات الإجتماعية..أولا من انطلاقته من نظرية ابن خلدون (العصبية_الدعوة_الملك) حيث فصل كيف استغل العلويون(النصيرية) هذا الأسلوب للوصول إلى حكم سوريا فالعصبية هي الطائفة تتعصب لنفسها والدعوة هي الإشتراكية التي ارتكزت عليها عائلة الأسد ووصلت للسلطة وثم أدخل المؤلف وحلل البعد السوري إجتماعيا وإقتصاديا حيث أدخل تأثير البداوة والمدينة وأدخل المعيار الطائفي والصراع القومي وتشابك كل هذا في خلق الحالات الإجتماعية وتحدث عن التطوارات التي مرت بها سوريا وكيف لعب النظام السوري سياسي وكيف غطى جرائمه وكيف استخدم الأساليب الوحشية مع شعبه ومع الخارج وبعد كل هذا التحليل للعصبيات والقوميات والطبقيلت والأحداث الإجتماعية التي أدت إلى إصطفافات التي استغلها النظام السوري ينطلق المؤلف إل القسم الأجمل بالكتاب وهو موضوع النظريتان الإجتماعياتان وهما المدينة ككتلة مستقلة والنظرية المصارعة لها المدينة ليست كتلة مستقلة ويتحدث عن مدينة طرابلس وحلب وحماة وكيف لعبت القضايا الإجتماعية دورها في الصراع الطائفي ويبين لك كيف تتداخلت النظريتان بحيث أن كل واحدة منهما صحيحة...ويتحدث عن خليل وعلي عكاوي بطلا باب التبانة في طرابلس وعن شخصيتهما
كتاب مهم وعميق جدا ولكن المؤلف ينطلق من أرضية علمانية بحتة فوجب التنبيه
لا أتصح بقراءة هذا الكتاب إذا لم تكن سوريا أو لم تكن مطلعاً بشكل جيد على التاريخ السوري المعاصر. بالرغم من أن الكتاب يتناول مواضيع تسبق العام 1985 إلا أنه يقدم إجابات للعديد من الأسئلة الحالية عن خطاب النظام السوري وأساليبه وتكتيكاته ليوضح لنا أن ما يقوم به بشار الأسد حالياً هو بكل بساطة استمرار لنهج رسمه أبوه حافظ.
خلال قراءتي وجدت سرداً علمياً ودقيقاً لبعض الأحداث التي كنت أسمع عنها من خلال الجلسات الخاصة وبكثير من الحذر كون هذه المواضيع كانت ولا تزال ممنوعة من التداول في سوريا وحيث أن النظام خصص أشد أنواع العذاب لمن يتكلم أو يطرح هكذا مواضيع.
يتضمن الكتاب أيضاً السياق التاريخي لسوريا الحديثة وسوريا الطبيعية وتركيبتها الاجتماعية وعلاقتها بحزب البعث وعائلة الأسد.
تعد نهاية الكاتب، الذي مات تحت تعذيب حزب الله، هي النهاية التقليدية لكل من يتجرأ على دراسة وتحليل هكذا مواضيع.
كتاب متميز من كاتب موضوعي لم يأخذ منهج سابقيه في أخذ الأحداث بسطحية بل تعمق كثيرا في شرح بنية النظام الحاكم في سوريا هذا الشرح المتعمق فضح نظام الممانعة كما يدعي. بل وأظهر الطائفية البغيضة للنظام الحاكم في سوريا والدموية المتوحشة في محاربة المعارضين وخاصة الإخوان المسلمين. تلك الأحداث التي أخذت ذروتها في نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن العشرين وقد لاحظ الكاتب وللمرة الأولى تطابق سياسة النظام السوري مع نظرية ابن خلدون في عصبية الدولة أي اعتماد النظام على أبناء عصبته وطائفته في الحكم كتاب يستحق القراءة ورغم أنه وضع عام 1984 إلا أن بنيته تطابق الواقع الكارثي الحالي لسوريا
في هذا الكتاب الذي كلف مؤلفه حياته دراسة الى حدٍ ما تعتبر تفصيلية للمجتمع السوري بكامل اطيافه ومكوناته مع محاولة الكاتب جاهداً فهم الوقائع والعوامل التي ساعدت على بدء وترسيخ اركان النظام السوري (الممثل بعائلة الاسد) وفيما بعد سياسته وإستراتيجيته الاجرامية في ادارة البلاد والعباد.
الكتاب ليس دراسة تحليلية شاملة .. انما تحليل وافي لبعض الاحداث المهمة التي شكلت ما يسمى ب سوريا .. لفهم الفكرة يجب ان نعرف ان ( سوريا) و باقي الدوال العربية لم تكن موجودة قبل اسقاط الدولة العثمانية .. و أن ما يطلق عليه صفة ( الوطن) ليس الا خطوط رسمتها اتفاقية سايكس بيكو لتقسيم تركة الدولة العثمانية .. ومن هنا انطلق الكاتب الى احتلال فرنسا للمنطقة و تقسيمها سوريا الى دويلات و خروجها ( كمحتل) اسميا بعد ان تركت من ينوب عنها و يرعى مصالحها
ما سبق كان مقدمة لفهم ان صراع العسكر و انقلاباتهم المتكررة ماهي الا تنافس لخدمة مصالحهم و محاولات للفوز بمزيد من النفوذ و القوة
يوضح الكاتب ان حزب البعث بشقيه ( بعث العراق وبعث سوريا) ساهم بالمزيد من التقسيم و تكريس حكم الاقلية للاكثرية و سفك المزيد من الدماء في طريقه ليكون الحزب الاوحد وتكون الاقلية هي المتحكمة بمصير الجميع..
هذه الوحشية في تنفيذ الفكرة تقاسمها حزب الاخوان المسلمين مع حزب البعث و لا أدري مدى سواد مستقبل ( سوريا) لو تحولت لدولة دينية و فاز الاخوان بصراعهم و تمت هزيمة حافظ و رفعت و باقي الاخوة الاعداء..
أوضح الكاتب أنه لم ولن توجد شخصيات و رموز يمكن ان تتصدر المشهد .. فمع بداية الانقلابات و مرورا بدولة الوحدة مع مصر تم سحق واعدام كل الشخصيات المثقفة والتي ممكن ان يكون لها دور في المستقبل و تم استبدالهم بإمعات و مسوخ جاء بهم الحزب من الريف و تمت عملية ترييف المدن و سحقها تحت وطئة الفقر الذي زحف مع الفلاحين الذي قدموا المدن و تحولوا الى اعضاء حزب و لجان ثورية ...
هذا الكتاب هو أغلى نص أنثروبولوجي تمت كتابته، حيث دفع المؤلف والباحث ميشيل سورا حياته ثمنا له. هذا الكتاب يحسم صراعات العامة والخاصة في الشأن السوري ويضع الأمور في نصابها وكله في قالب بحثي اجتماعي بحت. باختصار هو خريطة مفاهيم لما يحدث في سوريا الآن، فالحرب هناك ليست حرب دولة ونظام ضد انقلاب وفلتان أمني. بل هي حرب عصابات او فلنقل حرب عصبيات قبلية وطائفية هدفها تثبيت حكم الاقلية العلوية (فرقة باطنية تفرعت من الإثنى عشرية) تحت غطاء حزبي اشتراكي قومي (حزب البعث). قتل الابرياء مبرر سلفا (فالتضحية ب مليون مواطن في سبيل انقاذ الثورة والقومية العربية ودحض الامبريالية واجب وطني!) وهذا (الوطنية المفرطة) ليست كلاما جديد. سايكولوجية الاقليات وتوجهها نحو المطالبة بانظمة علمانية، فمن ذا الذي يريد ان تحكمه الاغلبية السنية وغيرها من التحليلات... نحن قوم ابتلينا بعاطفة أو بحمية تؤججنا الخطابات والشعارات وقلما ننساق للحياد اذا لم نفهم، جميعنا محللون سياسيون وبعضنا محنك جدا لدرجة التصفيق للظالم... لذلك (فلنقرأ) لربما عقلنا شيئا من جنون هذا العالم.
وثيقة مه��ة في رصد طبيعة النظام السوري من حزب البعث إلى الأقلية العلوية يقدم الكتاب دراسة عن المجتمع السوري من أعراق و أديان بالإضافة إلى أنه يحلل بعض الأحداث التاريخية خصوصا فترة الصراع بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين لم يوفّق الكاتب بنقل الصورة بشكل كامل في أحداث فترة الثمانينات خصوصا في أحداث الصراع المسلح قتل النظام مؤلف الكتاب ومازال منذ وصله للحكم يقتل ويسفك الدماء ليبقى سيطرته اللاشرعية على السوريين
كتاب جيد ورائع يتناول مواضيع حساسة كانت مخفية , والجميل في الموضوع أن الكاتب فرنسي والكتاب قد كتب منذ ثلاثة عقود . وحشية النظام الحاكم في سورية , هذه الوحشية المتأصلة فيه والتي هي صفة أساسية من صفاته . هذا الكتاب يبرهن هذا الكلام , وعند قرائتي لطالما قارنته بين ماحدث في الثمانينات وماحدث في 2011 ومابعد . قراءة ممتعة
تؤسس دراسات وأبحاث ميشيل سورا لحالة تنظيرية مختلفة لفهم النظام السوري. وإن كان اعتمد في تحليله على نظرية ابن خلدون: العصبية، الدعوة، الملك، إلا أنه انطلق منها لوضع أسس التوحش الذي يتفوق بالطبع على الاستبداد ومبرهنا من خلال منهجية واضحة وبأدلة علمية منذ انقلاب البعث في الثامن من آذار ١٩٦٣ إلى انقلاب اللجنة العسكرية في ٢٣ شباط ١٩٦٦ وصولا إلى انقلاب حافظ الأسد على رفاقه في ١٦ تشرين الثاني ١٩٧٠ وبنائه لدولة التوحش القائمة على العصبية من خلال فئة معينة بالطائفة العلوية تركب موجة "الدعوة" من خلال حزب البعث وتستخدم الجيش كأداة، من أجل الوصول إلى الملك، الذي يفترض أن يكون سياسيا وعقلانيا إلا أن حافظ الأسد حوله إلى ملك عائلي طبيعي قائم على العنف والتوحش. الكتاب وهو عبارة عن أبحاث ومقالات علمية خطها ميشيل سورا خلال إقامته بين لبنان وسوريا بين السبعينيات والثمانينيات إلى حين مقتله عام ١٩٨٦ وأصابع الاتهام موجهة إلى حزب الله اللبناني، يعاد نشرها في كتاب بعد تعريبها من الفرنسية تكريما لذكراه من قبل زملائه وأساتذة يؤمنون باسهاماته. يشرح هذا الكتاب سوريا على أكثر من مشرحة: التكوين الجغرافي، السياق التاريخي والتشكيلي، البناء الاجتماعي، المقوم الاقتصادي، التنوع الطائفي، التباين الريفي المديني البدوي، التمايز داخل المدينة الواحدة، الاختلاف داخل الطائفة الواحدة. أرشح هذا الكتاب بشدة لكل الباحثين في الشؤون السورية واللبنانية والفلسطينية وأيضاً علم الاجتماع السياسي، فهذه الفصول تقدم أكثر من ألف باء لفهم الأوضاع الحالية في سوريا التي تتشابه كثيرا مع ما جرى في حقبة السبعينيات والثمانينيات، خصوصا الفترة بين ١٩٧٨ و١٩٨٣ التي شهدت أعمال عنف واسعة وعمليات قتل ممنهجة ومجازر طائفية وتطهيرية. ويشكل هذا الكتاب رد مبكر وعلمي جدا على كل الادعاءات التي تفتري على أن خصوم الأسد هو جميعا متطرفون إسلاميون، فالأسد على مر التاريخ قضى على المجتمع المدني في البلاد وعلى أي حراك سياسي وحتى إن كان مؤيدا أو تحت ظله بخلاف حزب البعث، واستبد وتوحش على كل من حاول الاعتراض مستندا إلى عصبية طائفية داخل الطائفة العلوية وليس باسمها كلها فلا ننسى أنه انقلب على حلفائه من الضباط العلويين ليستبدلهم بحالة عائلية مقربة منه لا سيما شقيقه رفعت الأسد، وبالطبع من خلال شقيقه جميل الأسد مؤسس مليشيا جمعية علي المرتضى الطائفية. إن ما نراه من توحش اليوم في سوريا من كل الأطراف هو حصاد ما زرعه نظام الأسد بالتحديد والانقلاب العسكري على مفاهيم البعث منذ ١٩٦٣.
بداية، إلى ميشيل سورا أكتب. إلى الرجل الذي لم يكن سورياً بالدم، لكنه كان سورياً بالروح والقضية. إلى الذي أفنى عمره في ملاحقة الحقيقة، حقيقة نظامٍ استبدادي لم يحتمل وجود شاهدٍ على إجرامه، فقرر أن يخرسه للأبد. إلى الفرنسي الذي، لو كان بيدي، لمنحته عروبةً أصفى وأصدق من عروبة أولئك الذين دفنوها تحت طبقات الغبار، وارتضوا العيش تحت نير الطغيان دون أن ينطقوا بكلمة.
ميشيل سورا، كنتَ الصوت الذي لم يخَف، والقلم الذي لم ينكسر، والعين التي رأت الحقيقة في زمن العمى. تبنيت قضية السوريين منذ أيام حافظ الأسد، حين كان كثيرٌ منهم لا يزالون مكبلين بالخوف، صامتين عن الظلم الذي أحاط بهم من كل جانب. كنتَ أكثر وفاءً للحرية من بعض من وُلِدوا أحرارًا، لكنهم اختاروا أن يدفنوا أنفسهم في الذل، ويرددوا ما يُملى عليهم دون أن يتساءلوا أو يعترضوا.
نحن أحرار، يا ميشيل، مهما ظنّوا أننا مقيدون. نحن أحرار بالفكرة التي لا تموت، بالكلمة التي تنجو رغم كل محاولاتهم لإسكاتها، وبالإيمان بأن العدالة ستنتصر يومًا، ولو بعد حين.
سوريا حُرة.
أما بعد، فإنَّ هذا الكتاب ينبغي أن يكون مرجعاً أساسياً لكل من يسعى وراء الحقيقة، ولكل من يحاول أن يتلمّس مواطن الظلم الذي جثم على صدر هذا الشعب عقوداً طويلة. لقد آن الأوان لإماطة اللثام عن العتمة التي غرق فيها السوريون، عن تلك السنوات الثقيلة التي حوّلت بلادهم إلى سجنٍ كبير، وعن الجدران التي شُيّدت لا لحمايتهم، بل لحبس أنفاسهم.
لقد أسهب ميشيل سورا في تحليل الأحداث والمجازر والكوارث التي عصفت بسوريا منذ أن استولى آل الأسد على الحكم. فصلّ مجريات مجزرة حماة، والغليان الصامت للثورات التي لم يُكتب لها الانفجار إلا بعد عقود، والسياسات القمعية التي ظلّت تُملي على البلاد مصيرها تحت وطأة الاستبداد. لم يكن مجرّد مراقب، بل كان شاهداً دقيقاً، يدوّن التفاصيل التي أراد الجلادون محوها من الذاكرة.
إنَّ هذا الكتاب لا يخصّ السوريين وحدهم، بل هو شهادة يجب أن تصل إلى كل عربي وأعجمي، إلى كل من يؤمن بأنَّ الظلم لا دين له، ولا وطن، ولا لغة. فمن حق كل ناجٍ من هذه المحنة أن يفهم تاريخ الاستبداد، ومن واجب كل حرّ أن يعرف معاناة أولئك الذين حُرموا حتى من الحياة الكريمة، لا لشيء، سوى لأنهم وُجدوا تحت حكمٍ لم يعرف سوى القمع والدماء.
الدولة العلوية او الطائفة ولا فرق بينهما كانت أذكى في الخطيط لفسها وتوقع سيناريو ثورة او انقلاب من قبل الطائفة السنية ، شئت أم أبيت هذا واقع كان لابد للثورة الثورية في هبتها الأولى أن تدركه وتتعامل معه لتفكيك آلة السلطة العلوية وليس الانفصال عنها ومحاولة التخلص منها .. كان على الثورة أن تدرك كيف تدمر النظام السياسي العلوي وليس تدمير الطائفة العلوية . هل أدين الثورة لا بالطبع ولكن نعيد قراءة كراستنا الثورية من جديد..
يندرج الكتاب ضمن كتب قتلت كتابها،كاتبه شهيد الكلمة،ولكي تصل لنا الحقيقة دفع حياته ثمنا،و هنا علينا ان ننصفه ققراء و ألا نجعل كلماته تضيع سدا... يعرض الكتاب جزء من تاريخ سوريا ولبنان(طرابلس بوجه خاص)بفترة ممتدة بين سبعينات و ثمانينات القرن الماضي خلال فترة حكم حافظ الاسد و صعود البعث إلى السلطة،عرض كيفية تدعيم حافظ الاسد لحكمه و اسقط الوقائع ضمن آراء ابن خلدون الاجتماعية التي اتبعها النظام الا وهي العصبية التي تنفي الدولة و الجيش المعتمد على الطائفة العلوية مع إقصاء الطائفة السنية و الدرزية خصوصا بعد ما قام به الضابط الدرزي سليم حاطوم من محاولة القضاء على صلاح جديد و حافظ الاسد لكن حافظ الاسد استطاع القضاء على انقلابه الفاشل و قضى عليه،و استطاع بعدها التخلص من صلاح جديد و نور الدين الاتاسي اللذان سجنا و عذبا،و بإقحامه الطائفة العلوية في الجيش جعل من استمرار حكمه استمرارا لهذه الطائفة،على الرغم من ان الأخوان المسلمين قد عبروا لابناء الطائفة العلوية عن انهم لا ذنب لهم بما يمارسه الاسد مالم يساندوه ودعوهم الا تكون معركتهم طائفية لكن ذلك لم يحصل ولم يزدهم الزمن إلا تمسكا بحكم حافظ الاسد،،،القضاء على المدينة المتماسكة اجتماعيا بجهلها مكان لكل الطوائف ولم يعد بها مكانة لعائلة كبيرة و جاه كما كان مما يقضي على إمكانية ثورة في هذه المدينة كما حصل بدمشق و كما فعل بالقوة بحماة،،،استغلال حزب البعث و الاشتراكية كغطاء يضفي شرعية سياسية على الدولة و خصوصا امام المجتمعات الغربية التي تبجل العلمانية و تنبذ اي فكر إسلامي و تدعوا لمهاجمة الإسلاميين و تبارك كل من يقتلهم خصوصا العلمانيين امثال البعث الحاكم مما يضفي شرعية على قتل الشعوب بحجة دحض الإرهاب الإسلامي و عدم قيام حركة خميني آخر! تحدث عن استغلال الرئيس حافظ الاسد القضية الفلسطينية و الشعارات لكي تجعل الشعب يصدق أنه القائد العربي القومي محرر فلسطين ولايزال بعض افراد الشعب السوري يحيا بشعاراته،بيعه للجولان و تسليمه إياها دون قتال و اورد الكاتب بعض الادلة من كتاب سقوط الجولان للقائد عبد الله الطنطاوي الذي وثق الحدث بحكم وجوده به،اورد ميشيل سورا بعضا من المعلومات الإقتصادية التي توضح ان احتلال الجولان او بيعها بالمعنى الاصح هو افضل من ناحية العائدات الحكومية فما كانت تجلبه تلك الاراضي من ثمن لثمارها اقل مقارنة بما تدفعه الدول النفطية كالسعودية للسوريين كدولة مواجهة لكي تتسلح و تحرر فلسطين و الجولان،لكن هذه الاموال لم تستخدم لهذه الغاية،أذكر رؤيتي مرة للحاجز الشائك بين سوريا و الجزء المحتل بالجولان في قرية مجل شمس تحديدا لم اكن اعلم انها أهدأ مكان في سوريا و انها ليست جبهة حرب ففي المرة القادمة انصح نفسي و انصحكم أن اجلب فرشة و مخدة و شرشف للنوم هناك و ليرفرف فوق راوسنا العلم الإسرائيلي عاليا لك�� حذار من التقلب فالالغام بانتظارك!
وذكر سورا ايضا بعضا من وقائع الثورة الإسلامية و كيفية القضاء عليها... و افرد فصلا تحدث فيه عن مكونات المجتمع السوري السكانية... و الفصل الاخير كان عن باب التبانة وجبل محسن في طرابلس و العصبية بينهما و معاداتهم للاعتراف بالدولة اللبنانية... يطول الحديث عن هذا الكتاب فكل كلمة فيه تستحق ان تعرف و توضع في الذاكرة خصوصا للسوريين فما ذكر من اساليب قمع للثورات اتبع مع ثورة عام 2011 كما هو وكان التاريخ قد اعاد نفسه و يا له من تاريخ...
الكتاب قيّم، يستعرض مراحل تطور الصراع بين السلطة العلوية والأغلبية السنية ودور الأقليات في ذاك الصراع، مرحلة الخمسينيات إلى الثمانينيات، الكتاب جيد في مرحلة التسعينيات مثلا ، اما الآن فقد أُشبع الموضوع بحثًا وتفكيكًا. أبرز الافكار: الجيش العربي السوري أداة لخدمة الطائفة العلوية وليس للدولة السورية. قضية بيع الجولان. تأميم الاقتصاد وتبني النظام الاشتراكي، ليس ايمانًا من حافظ بأنه النظام الأمثل لسورية، بل لاضعاف الطبقة البرجوازية السنية التي تملك القوة الاقتصادية في دمشق، من خلال تأميم الصناعة والتجارة. الاستخواذ والسيطرة على المؤسسات التعليمية والدينية لخدمة الاجندة العلوية. النظام لم يتبنى عقيدة البعث، بل استخدمها ستارًا لممارساته الطائفية. العقيدة الاشتراكية بديلاً عن العقيدة الإسلامية، والقومية العربية بديلاً عن القومية الإسلامية.
كتاب يحوي تفسيرات مهمة للعديد من الأحداث التي حدثت وتحدث الآن رغم وجود العديد من المصطلحات "ثقيلة" الفهم وبعض الأفكار غير المفهومة جيداً لكن الكتاب جيد للبدء بفهم التساؤلات التي عشناها ضمن سوريا في حقبة الطاغية ولم نستطع البحث عنها يوماً أعتقد لو لم يغتال لكان طرح مواضيع أكثر ولكان الكتاب شاملاً أكثر ونتأكد أن كل دول العالم كانت تعلم بحقيقة سوريا وما يعانيه الشعب لكن تصطنع الاهتمام ضمن مصالحها
السؤال الأهم: تُرى لو ما زال ميشيل على قيد الحياة، ماذا سيكون رأيه بنصر السوريين وبالثورة السورية؟
أكثر ما شدّني هو جرأة التحليل ووضوح الرؤية، وكيف استطاع أن يربط بين البنية الأمنية والسياسية والاجتماعية للنظام، ليظهر لنا كيف تنشأ “الدولة المتوحشة” من الداخل، لا فقط من خلال صور العنف، بل من خلال تفكيك الإنسان نفسه، وتحويله إلى مجرد رقم في السجون أو مجرد صوت في الهتاف. الكتاب موجع، لأنه يضعك أمام حقيقة لا يمكن إنكارها: أن ما حصل في سورية لم يكن مجرد ردود أفعال عشوائية، بل كان نهجًا ممنهجًا لبناء دولة تقوم على الخوف، وعلى سحق الإنسان تمامًا الكتاب صعب واحتاج مني الكثير من التركيز والبحث عن مصطلحات عديدة