لم تكتب هذه الرسائل بقصد النشر أصلاً، كما هو حال بعض المراسلات الأدبية الشهيرة عندنا، تقرر نشرها بعد وفاة عبد الرحمن بمبادرة مشكورة من سعاد قوادري منيف ومروان، ولا شك عندي بأن عبد الرحمن كان سيوافق لو سئل، فهذه المراسلات قصة صداقة، صداقة سابقة على بدء التراسل.
إلى الصداقة، تشكل هذه الرسائل شهادات نادرة عن عملية الإنتاج الأدبي والفني والعلاقة بينهما، يصمت الصديقان وتنقطع المراسلة بينما لأشهر إبان غزو الاميركي للعراق، يكسر عبد الرحمن الصمت شارحاً السبب: الحزن والإحباط، يعتصم عبد الرحمن بالحكمة الشعبية "إذا ما خربتْ ما بتعمر"، ويستقوي مروان بقول سعد الله ونوس "لقد حكم علينا بالأمل".
مشهد ختامي: مروان في مرسه الجديد ينتظر النور تنقشع عنه غيوم ألمانيا العنيدة: "المهم هو النور" يقول... ربيع 2011.. جاءنا النور...
نفّذ محمد بو عزيزي وصية ناظم حكمت: "إن لم أحترق أنا/ وإن لم تحترق أنت/ وإن لم نحترق جميعاً، كيف للظلمات أن تصير ضياء؟"...
رؤيا: ختم عبد الرحمن كتابه عن الباهي محمد مستشهداً بهذا النص الرؤيوي لصديقه، صديقنا المشترك: "يأتي الطوفان فيصير كل شيء ممكناً وتحذف كلمة مستحيل من القاموس، نوحٌ جديد يطيح الإتكالية البليدة السائدة، رجل وإمرأة تحدوهما الرغبة بالحب والإنجاب والعمل. يعمّران الدنيا الجديدة حسب ذوقهما ويملآن الأرض عدلاً بعد أن ملأها الناس جوراً... أين أنت أيها الطوفان العظيم"...
ولد عبد الرحمن منيف في عام 1933 في عمان، لأب من نجد وأم عراقية. قضى المراحل الاولى مع العائلة المتنقلة بين دمشق وعمان وبعض المدن السعودية. أنهى دراسته الثانوية في العاصمة الاردنية مع بدء نشاطه السياسي وانتمائه لصفوف حزب البعث اذي كان يتشكل حديثاً . التحق بكلية الحقوق في بغداد عام 1952. وبعد توقيع " حلف بغداد" في عام1955 طُرد منيف مع عدد كبير من الطلاب العرب الى جمهورية مصر. تابع دراسته في جامعة القاهرة ليحصل على الليسانس في الحقوق . في عام 1958 اكمل دراسته العليا في جامعة بلغراد ، يوغسلافيا ، حيث حاز على درجة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية، اختصاص اقتصاديات النفط عام 1961. عاد الى بيروت حيث انتخب عضواً في القيادة القومية لفترة اشهر قليلة . في عام 1962 انتهت علاقته السياسية التنظيمية في حزب البعث بعد مؤتمر حمص وما لابسه من اختلافات في الممارسة والرؤيا . في العام 1963 تم سحب جواز سفره السعودي من قبل السفارة السعودية في دمشق تذرعاً بانتماءاته السياسية ولم يعاد له حتى وفاته في 2004. عام 1964 عاد الى دمشق ليعمل في مجال اختصاصه في الشركة السورية للنفط ،" شركة توزيع المحروقات" وفي مرحلة لاحقة عمل مديراً لتسويق النفط الخام السوري . عام 1973 استقر في بيروت حيث عمل في الصحافة " مجلةالبلاغ " لبضعة سنوات . غادر بيروت عام 1975 ليستقر في بغداد، حيث عمل كخبير اقتصادي ومن ثم تولى اصدار مجلة تعنى باقتصاديات النفط وهي " النفط والتنمية" التي كان لها صدى كبير. استمر حتى العام 1981 حيث اندلاع الحرب العراقية الايرانية . انتقل الى باريس حيث تفرغ للكتابة الروائية بشكل كامل فكانت " مدن الملح " باجزائها الاولى من اهم نتاجاته حيث غادرها في بداية 1987 عائداً الى سورية . عام 1987 استقر في مدينة دمشق ليتابع الكتابة ، متنقلاً بين دمشق وبيروت حتى وفاته في 24 كانون الثاني لعام 2004.
قرأت رسائل غاده وغسان ورسائل جبران ومي لكن بصدق لم يجذباني ويسحراني كهذه الرسائل لم اسهر يوماً بحياتي من اجل ان اقرأ ولكن هنا كنت اصرخ اريد ان انااااااااااااام:c: الرجال لا يكتبون للرجال ولا من اجل ذوات الرجال لكن عالم المنيف واصدقاؤه يختلف كلياً عبد الرحمن منيف اعرفه من رواياته وهو هو كما في رسائله محموم بانسانيته وعروبيته يروي الام الانسان والاوطان ويتساءل متى يحمل العرب زمام امورهم تحدث عن الامه وعن حالته بالكتابه وعن كتابته للرسائل بالليل تحدث عن حالته لفقدان جبرا وسعد الله ونوس اعجبني حرص المنيف على اتقان عمله من كافة النواحي وحرصه بشده على القارئ وعلى سعر الروايه وعلى اغلفة رواياته وعلى حرصه على اصدقائه وتشجيعه لهم ليقوى هو ايضاً شدني انه بعد هذا العمر الذي مضى يريد ان يتعلم الرسم
اما مروان فلم اعرفه من قبل, رسائله بالملحق رغم اني لم افهم خطه لكن اعجبني طريقة كتابته لها ورسومه على الرسائل , رسائله ابكتني بصدق اكثر من مره خاصه بحديثه عن دمشق ولمت نفسي لاني لم اعرفه من قبل وهو له لوحات في جامعة بير زيت ومعرض خليل السكاكيني وهذين المكانين زرتهم اكثر من مره
"ما اكتب لك يا عبد الرحمن فيه الاخضر واليابس فاحرق الاخضر واحتفظ باليابس"
حصلت على هذا الكتاب من معرض الكتاب في الرياض (٢٠١٢) ، ومن يومها وأنا اتأمل وجوده في مكتبتي بسعادة مع تأجيل لقرائته وكنت خلال هذه المدة كلما قلبت صفحاته شعرت أنني أسرق من سطوره ، إلى أن حان وقت مرافقته قبل أيام ، وفعلاً لم يخذلني .
الكتاب من ادب الرسائل ، والرسائل فيه متبادلة بين عبدالرحمن منيف رحمه الله وصديقه التشكيلي مروان قصاب باشي ، وكانت فكرة نشرها غير وارده قبل وفاة منيف مما جعلها تلقائية ومحببة . ولأن مروان عدا انه صديق عبدالرحمن ومن قرائه هو ايضاً مصمم أغلفة كتبه ؛ سيجد القارئ لهذه الرسائل قصص ميلاد العديد من المؤلفات ككتاب عن مروان يحمل اسمه ، وسيرة مدينة بحلتها الأخيرة - التي كان منيف يتهرب منها ومروان مشكوراً يلح - وأرض السواد -اعطتني فكرة عن اجواء عبدالرحمن في الكتابه وحرصه على مراجعة أعماله ومتابعة اصداءها بعد النشر - ولوعة الغياب ، الذي كان منيف يحاول عن طريقه قول شيء عن من غابوا ، كذلك سيمر القارئ بمشاريع وأفكار كثيرة لم تنجز ، أهمها (بستان هشام) رغم البدء فيه .
بعض الرسائل جعلتني ابتسم ، أحببت بمروان ومنيف طقوسهم ، كان منيف لايحب كتابة الرسائل في النهار مثلاً ، والرسالة التي يصفها (بالنهارية) تأتي على عجل ولا يتعمق فيها ، بينما مروان صاحب الألوان والأحبار يصف يوم الخميس (بالصادق) إذا حمل له رسالة من عبدالرحمن ليختلي بها ويبحر فيها على طريقته . شخصية عبدالرحمن من خلال الرسائل اشعرتني انه من أهل (الطيبة) يحن لرحلات القنص ويتتبع أخبار الكمأة ويتوسل الله بالحاح ليرحمنا ويغسلنا بالمطر ، بالمقابل مروان كان متماهي مع الوانه أحببت براعته في الكتابة عن انغماسه في رسم لوحاته ، وتمنيت لو أشاهدهم ، المنحوتات خصوصاً . في الرسائل كذلك نبرة حزن واضحة ، العمر والمشاريع والأفكار الكثيرة من ناحية ، والوضع العربي وانعكاسه عليهما ، وكنت موجوعة لأن آخر رسائل عبدالرحمن كانت مثقلة بهذا الإحباط بسبب الغزو الأمريكي على العراق .
من خلال الرسائل وجدت أن عبدالرحمن الذي اهتم باصدقاءه (الغيّاب) يستحق صديقاً مثل مروان الذي قال في حياة منيف (صداقتنا سوف تزداد بعد الموت) وعمل على إخراج هذا الكتاب لنا .
رسائل شخصية بين الأديب السعودي عبدالرحمن منيف والفنان التشكيلي السوري مروان باشي جمعها مروان ونشرها بعد وفاة صديقه عبدالرحمن ليظهر لنا بعض من شخصية عبدالرحمن منيف وعلاقته بين أصدقاءه، الرسائل تظهر عمق الصداقة بين الأصدقاء وتفيد القارئ بدروس عن الصداقة الحقّة
رسائل جميلة غير أنّ القارئ الذي يفتّش عن الجمال الأدبي من ألفاظ وتراكيب أو عن الجلال الفكري، من قيمة مضافة أو تحليل أو معرفة ودروس إنسانيّة قد لا يجد ما يفتّش عنه.. كما لم أجده
أفكر بالصدفة التي جعلت "في أدب الصداقة" هو الكتاب الوحيد غير المقري الذي يوجد في مكتبتينا معاً أنا وصديقتي التي تفرقنا المسافات وتجمعنا الرسائل والمكالمات حتى نقرر قراءته معاً فنجد أنفسنا فيه، مشاعر الحب والألفة والحميمية التي تغلفها الصداقة، والرغبة المحمومة بالحديث، الأسئلة العشوائية المثارة حول كل شيء في العالم، الشوق الأبدي، والحنين الدائم، وذكريات اللقاء الأول والوحيد منذ ما يقارب نصف العام، والدردشة عن الطقس وشوقنا البدوي للمطر، ولعن أمريكا وإسرائيل كلما سنحت الفرصة . والسلوى في أن هناك ما يجمعنا -نحن أبناء الأزمنة الأخيرة- مع أولئك أصحاب المراسلات الورقية، وأن الحزن الذي تثيره طول المسافات قديم بقدم العالم، والوحشة التي تملأ قلوبنا ونحن نعيش لحظات سعيدة وأخرى حزينة بعيداً عن رفاقنا كانت قد تملكت قلوباً كثيرة قبل أن تتمكن من قلوبنا..منذ الصفحات الأولى للكتاب التحمت به، وكلما قرأت أكثر كلما التصقت أكثر، وأندهش من الشبه بيننا وبينهم، وكم الأشياء الكثيرة التي تجمعنا، لا أعنينا أنا وصديقتي فقط، بل نحن، نحن شباب هذا الجيل، بكل غضبنا وحقدنا، على العالم وعلى أنظمتنا التي خذلتنا، وطاقاتنا ورغبتنا في أن نفعل شيئاً ما أو نقول شيئاً ما فنشتم، أو ننخنق بالصمت أو العجز. . وما بين الصداقة، يقع الفن بمعناه الواسع، منيف يكتب، وقصاب باشي يرسم، فيقع التناغم المحبب، هناك في نقطة ما يلتقيان ويتكاملان، كل بطريقته يصنع معناً ما للمثقف ودوره في أن يقول ويفعل، هذا التلاحم الذي كان بمثابة طوق النجاة لكليهما، فكلما طوقهما اليأس، بحثا عن مشروع ما للتعاون بينهما، وكأنهما يحميان نفسيهما من بؤس العالم، بهذا الجدار العازل. . وأنا كنت صديقتهما الثالثة، ليست مبالغةً بل هذا ما شعرت به بالفعل، ومن الآن أشتاق لهما جداً، وأحزن لخسارتنا، حين خسرناهما عندما توفيا، وحين خسرناهما عندما انتهى الكتاب..
الكتب التي نجد ذواتنا فيها. صداقاتنا وأُلفتنا، حزننا وغربتنا وتباعد مسافتنا. تقول شهد: أكتب في الرسائل مالا يبلّغه سواها. أضع ذلك نصب عينيّ، ونصب عينيّ على بعدِ الخطى ألقاها في رسائل الأصدقاء، في الحنين المتعب في التشاكي والتباكي والضحك والقبلات اللطيفة!
هذا كتابٌ تقرأه برفقةٍ جيدة، لأنه سيدفعك لشيء.. سيدفعك لكتابة رسالة أو رسم لوحة.. خربشة واحدة على الأقل. كتابٌ يهذب قلمك وطبيعة كتابته، يقول لك كيف للصداقة أن تكون زهورًا بيضاء وأوراقًا وأقلامًا ملونة.
إلى العزيزة شهد. الرفيقة الرائعة التي أحظى بها في العشرينات المبكرة من عمري. سعيدةٌ بياسمينتك التي زرعتِ في قلبي، بقهوتك الشهية في فمي، وبعاداتك بطبائعك بمقروءاتك بكتبك بقصائدك الفاتنة وبعطر رسائلك الأخاذ. إنني أحظى بأيام سعيدة لوجودك معي. 25.5.2016
العفوية التي جاء بها هذا الكتاب نادرة وفريدة، مجموعة رسائل بين صديقين احداهما كاتب والآخر رسّام تجمعهما الصداقة وتبعدهم الأرض. خلال عشرات السنوات رسائل من دمشق لألمانيا وا��عكس، انتظار ساعي البريد و طابع بريدي يعلن عن هبّة نسيم الوطن. أحببت الكتاب.
ليست أدب صداقة ..بل أدب غربة وطن ...حب عميق ..صداقة ناضجة ..صداقة أخفاء السر ليس خوفا من الفضيحة ..بل خوفا من حزن كليهما ... دخلت بموجة من الصدق ..والنضج فيها
هي رسائل عزيزة على أصحابها بلا شك، منيعة عن النقد الفني والأدبي لما لها من قداسة الصداقة، وخصوصية الشعور.. وبقدر ما كانت تنضح عفوية وصدقا إلا أن امتلاءها بالكثير من التفاصيل العملية عن طباعة الكتب، وآخر تطورات النشر، وغيرها من التفاصيل الدقيقة قللت من تركيزي على هذا العمل، وبالتالي استمتاعي بما جاء في هذه الرسائل من شعور وأدب. ومع ذلك فليست هي رسائل للقارئ في بادئ الأمر ليحكم عليها، بل القارئ هنا في معرض المتفرج على ما اختطه قلمين قصدا بعضهما البعض، بعيدا عما تمليه عليهما أعين القراء، ومعايير الناقدين، لذا فأظن الموضع هنا ليس سوى موضع قراءة صامتة، لا مجال فيها للنقد أو التعليق.
صور الرسائل بخط أصحابها ورسوماتهم الملحقة في نهاية الكتاب اخترقت قلبي 💘.
يالله .. أحمدالله كثيرًا أن تجربتي القرائية الأولى للمراسلات الأدبية كانت من نصيب " في أدب الصداقة " ، وحيث أنها لم تكتب بقصد النشر فكانت قريبة محببة للنفس وثرية في الوقت ذاته ، فلاأكاد أنهي رسالة لعبدالرحمن حتى أقلب الصفحة سريعًا لقراءة رد مروان ، الصديقان جسدا الصداقة في أسمى معانيها ، أحببت رسائل مروان التي كان يحكي فيها عن لوحاته وكيف أن اللوحة التي تترك لفترة طويلة يصعب العودة إليها ، وأن بعض اللوحات تستعصي لدرجة أن إبقاءها غير مكتملة هو أفضل لها و للمحافظة على جمالها ، وأقتبس لهذا الجزء ماقاله عبدالرحمن لمروان في إحدى الرسائل " اللوحة غير المكتملة لوحة كاملة في كثير من الأحيان " ، وأحببت رسائل عبدالرحمن التي ذكر فيها كتبه ( سيرة مدينة ، مدن الملح ، أرض السواد ) ، وما شارك مروان به من الحديث حول أغلفتها و مزاجه أثناء الكتابة وأنه يفضل الليل على النهار و الشتاء على الصيف ، ومحاولاته للرسم ، و أخيرًا إن الملحق الخاص ببعض رسائل مروان التي تحوي رسوماته جميل جدًا ، ويعكس ماكانت عليه الرسائل من بساطة و عدم تكلف . ما أن بدأت بكتابة المراجعة حتى وجدتني أسترسل دون توقف ، أعتذر عن مايكون فيها من عدم انتظام للأفكار بسبب كتابتها على عجالة ، ولكني أخاف أني في حال أجلت كتابتها لوقت لاحق أن لايسعني الوقت للعودة إليها .
رافقني هذا الكتاب لمدة ثلاثة اشهر واخيراً انتهيت !
كان الفضول الدافع الاول للقراءة والاستمرار رغم الملل في بداية الرسائل، قد لاتكون الاحداث مهمة او تعنينا في شيء ، لكن العلاقة التي جمعت هذين الشخصين ملفته وغريبه بشكل جميل..
يدفعك أدب الرسائل للكتابة ، و يؤهلك لامتلاك من تكتب له و ما تكتب عنه ... و لو لم يدفعك " في أدب الصداقة " للكتابة لصديقٍ ما عن حوادث الحياة اليومية و البوح بخواطر النفس الآنية فقد لاتفلح كتب أخرى في ذلك.
«العزيز مروان أكتب هذه الرسالة السريعة فقط لكي أقول لك أنني ما زلت حياً، وأن لدي رغبات واحتمالات»
هذه كانت الرسالة الأخيرة التي كتبها عبدالرحمن منيف لمروان، فبعد انقطاعٍ طويل كان سببه المرض والتعب، واحتلال العراق كذلك، كان يصعّب على منيف كتابة الرسائل أو التواصل مع المقربين له. لكنه كتب عدة مرات لمروان أنه يجبر نفسه على كتابة الرسائل له لأنه يؤمن أن مراسلاتهما تملك القدرة على إنقاذه وانتشاله من هذا الألم.
شعر مروان بهذه المشاعر أيضًا، فعلى الرغم من كل ما الحالة النفسية الحادة التي كان يعيشها، إلا أن رسائل منيف النادرة في تلك الفترة كانت تنعش روحه وتعيده للحياة مرة أخرى، كما لو كانا الدواء لأرواح بعضهم البعض.
وفي رسالته الأخيرة، ودّع مروان منيف قائلًا: «عزيزي عبدالرحمن، أناجيك كثيراً وأفكّر بك كثيراً ويحملني الشوق والحنين للتصوّر بأنّي مقيم معكم في زاوية ما في دمشق.» لينهي مراسلاتٍ أستمرت لأعوامٍ طويلة، بألمٍ سيلازمه طويلًا.
وبعد رحلة استمرت لعشرة أشهر، حيث تعمّدت إطالتها بقدر المستطاع، أنهي اليوم هذا الكتاب الدافئ، مثقلةً بألم أن نهاية هذه المراسلات كان سببها وفاة منيف بعد صراعه مع المرض.
قرأتُ كتابَ أدب الصداقة لعبدالرحمن منيف ومروان قصاب باشي، أو كما يَحبان أن يصفا مراسلاتِهما «مناجاة». يكتب مروان لصديقه منيف: «كثيرًا ما تحدثتُ معك، وهو ما يُقال عنه المناجاة». الرسائل لم تُكتب بغرض النشر، وهي بين عامي 1994 ونهاية 2003. تتوقف الرسائل تمامًا بعد موت أحد أبطالها. لم تستهوِني سابقًا أدبُ الرسائل، وكما يراه الكثيرون أنه مُمِلّ، لكن في أدبِ الصداقة وبين هذين الصديقين تختلف المعادلة حتمًا. وكما يقول منيف واصفًا: «رسائلنا لا تخضع للقانون السائد». بدافع المحبّة والفضول تجاه شخصية كاتبي المفضل، عبدالرحمن الإنسان — الصديق — زاد ولعي بهذا الكتاب، وأشبعت فضولي حول شخصيته. كما أنني أحببت مروانَ قصّاب باشي لدرجة أنّني، حين قرأتُ حديثه عن الرسم، كنتُ أترك الكتابَ وأركضُ باحثةً عن لوحاتِه. وكم أحببتُها!
أن تقرأ منيف يعني أن تتعرّف على الكثير، وأن تُجذب لعوالمه الكثيرة. دخلتُ حالةَ التوهان المُحبَّب؛ تمنّيتُ أن يكون الوقتُ بجانبهم ليُكمِلوا مشاريعهم الكثيرة؛ كانوا مُحمومين بالرسم والكتابة، ويتمنّى أحدهم أن يأخذ الآخرَ بيدِه ليكملون السير معاً. يكتب منيف رأيه عن الوضع الراهن وقدرة الفن والأدب: «وما هي آفاقُ واحتمالات الفن الآن ضمن هذا الجوّ القاتم من الحيرة واللعنة الأميركية وطغيان الآلة؟ هناك أسئلة بعدد شعر الرأس؛ لا يهم أن يكون الإنسان أصلعَ أو لديه كثّة سميكة في المؤخرة؛ فالفترة الحالية، وكما قلت وربما كتبت، هي فترة الأسئلة بامتياز. كلّ شيء أصبح سؤالًا قبل أن يكون جوابًا أو بديهيّة، وكلّ شيء قابل لإعادة النظر والمراجعة، الأمر الذي يشعرك، كإنسان، بالبدايات الأولى للخليقة، وبالتالي لا حرج أبداً في أي شيء أو أي سؤال، تمامًا كما لو تأمّل الإنسان اسمَه، الجرسَ وترتيب الحروف، والمعنى، والصدى، وألف سؤالٍ آخر من الأسئلة التي لم تُوجَّه من قبل. أما إذا نظر الإنسان إلى السحنة، في أي وقت، في الصباح الباكر أو عند التخوم الأخيرة للّيل، وقبل أن ينام، ماذا يرى؟ ماذا يكتشف؟ كم من التشاؤم يقول، وكم يضحك بحزنٍ أيضًا؟ لم يعد هناك أي شيء حقيقي أو متماسك. كلّ شيء هلامي، زلق، غير نهائي، وأقرب إلى الحلم، ومن الحلم الذي يمكن أن تستمد اللوحةُ والروايةُ الكثير من الألق، إذا استطاعت اللوحة أو الرواية أن تمسكَ بالحالة، باللحظة، وأن ‘تقولها’.» كيف لي أن أكتب عن منيف وهو الأب الذي ادلّني دربَ القراءة؟! أنا الفتاة ذاتُ الاثنتي عشرةَ عامًا، أقفُ بحيرةٍ أمام كتبٍ ومجلداتٍ ضخمة، وإذ يجذبني عنوان كتابٍ قد يكون محظورًا عليّ قراءتُه «قصة حب مجوسية»؛ فاخفيت الروايةَ بغلافِ كتابِ جغرافيا الوطن العربي للصف السادس الابتدائي وبدأتُ القراءة. لا أعتقد أنني فهمتُ حرفًا آنذاك، لكن كلّ ما أتذكّره أنني لم أترك الكتاب إلا عند الصفحة الأخيرة، وبقي اسمُ منيف عالقًا في ذهني طوال هذه السنوات. أحببتُ منيف ومروان كأصدقاءٍ يكتبون عن العمر والوقت، السياسة والحروب وأزمات الوطن العربي المتتالية، عن الرسم والكتابة وعن القراءة! أحببتُ وصفَ عبدالرحمن منيف لزهرته المفضّلة البنفسج:
«اليوم أوّل باقة، وهي صغيرة من البنفسجِ، لا تدري كم تدوخني هذه الزهرة. إنها تقلب حياتي، وتجعلني ابنًا للطبيعة، وربما قبل آلاف السنين. أظنّ أنني لا أهوى أكثر من هذه الزهرة، والتي أراقبها طوال العام، إلى أن يحين البرد والمطر وبداية الاختفاء، بين الصوف والنايلون، وعندما تطلّ أشعر بالطفولة والفرح، وأيضًا بالقدرة على أن أتعامل مع الطبيعة البكر.»
تنقطعُ الرسائل بينهما أثناء الاحتلال الأميركي للعراق، فيقرر عبدالرحمن منيف الصمت؛ وبحسب قوله، «نخوض في مياهٍ ضحلة وقد تكون الكلمات لا تحمل معناها الحقيقي بقدر ما صُيّرت مادةً مستهلكة». ويقرر مروان قصاب باشي أن يترك التدخين ردة فعلٍ لما يحدث في البلدان العربية — أي أنه يترك وفاءَه لصديقته الشقراء ورفيقة سنواته الطوال: السيجارة. أودُّ أن أشكر فضولي الذي حثَّني وأصرَّ على قراءة هذه الرسائل، وأفكّر أن أعيد قراءتَها كلّما سنحت لي الفرصةُ لقراءة المزيد من روايات منيف. وبهذا أعتبر، وأسمح لنفسي أن أكون، الطرفَ الثالث: القارئةَ المحبّةَ لهذه الرسائل ولهذين الصديقين.
انتهت القهوة الآن،وانتهت معها الرسائل. ربما انتهى عمر أحد الصديقين هنا و رُفعت روحه النقية(إذ أن الصداقة لاتليق إلا بذوي القلوب البيضاء )،لكن لم تنتهي المحبة بالتأكيد.
أتكلم هنا عن رسائل مروان التي كانت تضعني في حالة من ملاحقة الأحرف بسرعة شديدة لا أستطيع أن ألتقط أنفاسي خلالها،رسائله التي كنت أشم رائحة الغُربة من خلالها،حروفه التي كانت تخرج كالرصاص إلى القلب مباشرة،إلى قلب من يحب.وصلني رذاذ الطلقات..ووصل لجميع القراء لهذه الرسائل.
أما رسائل عبدالرحمن و آه من رسائله! لم يكن يكتب،كان ينحت الحروف. ليس من الصعب أن أسمع الآن صرير أقلامه،أنّات شخصه. كلمات عبدالرحمن تصنع لنفسها مكاناً في نفسك و تستقر فيه،لا تتنازل عنه أبداً!
كتاب تملؤه الحياة،كتاب يعلمك كيف تكون الصداقات الحقيقية،كيف تكون العلاقات العفوية،كيف تصير الحياة بمن تحب و تعرف.
أدب الرسائل لا يحتاج لأي شيء،سوى قلب صادق،ورفيق عطُوف.
حين انتبهت إلى الكتاب، أخذت منه نسختين، لاعتقادي أنه كتاب جيد ويستحق ذلك حسب ما قرأت عنه.
فكرة كتابة الرسائل بين أديب وفنان أجدها ممتعة ومميزة حيث تدمج فيها الحروف مع الألوان، الفص الأيمن والفص الأيسر من المخ، بطريقة تجعلك تنتظر النتائج بشغف.
رسائل من عام ١٩٩٠ حتى مطلع ٢٠٠٤، جعلتني أرغب بأن يكون لي صديق مراسلة عبر البريد على هذا المدى من الزمن.
المميز في الكتاب أيضاً، أنه صادق وغير متكلف، لأن الرسائل كتبت لحق التواصل الشخصي بين الصديقين ولم تكن للنشر.
قرأته على فترات متقطّعة .. عادةً ما يكون أدب الرسائل مملّا .. لكن ظنّي لايخيب مع منيف وسرده؛ كُتبت الرسائل بتلقائية عفويّة دون تعديل أو شطب .. كانت أشبه بعدسة مكبّرة لعالميهما .. عالم الأدب والفنّ .. والجمال
تنتهي من الكتاب وتتمنى أن تجد صديقًا تبادله رسائل لتدوير حياتك .
رسائل تم تبادلها بين كاتب ورسّام، رسائل مليئة بالشوق، والحب، والحنين، بعضها رسائل عمل، وبعضها رسائل عن أحداث يومية، جميلة لكنها طويلة بعض الشيء وبعض الرسائل كانت مُملة. من الرائع أن يمتلك المرء صديقًا يشاركه الرسائل كما كانا يفعلان.
الكتاب "في أدب الصداقة" هو مجموعة من الرسائل بين عبدالرحمن أديب، خبير اقتصادي سعودي، ومروان قصاب، رسام سوري. تتضمن المجموعة ٥٠ رسالة من عبدالرحمن و ٩٠ رسالة من مروان تمتد على مدار ١٤ عامًا. رغم أنني لم أفهم الصداقة بين الرجال من قبل، إلا أن هذه الرسائل تكشف عن عمق العلاقة بينهما.
عبدالرحمن كان يثق بمروان ويستشيره في كل أمور حياته، بينما كان مروان يشارك رؤيته الفنية وأفكاره. الرسائل مكتوبة بخط اليد، وتظهر الانسجام الكبير بينهما حتى أن القارئ قد يشعر بأن مروان هو الأديب وعبدالرحمن هو الفنان.
عبدالرحمن كتب كتابًا كاملًا عن مروان بعنوان "رحلة الفن والحياة"، وكان أكبر داعم للوحات مروان، دائمًا يسأله عن تفاصيلها وما كان يفكر فيه أثناء الرسم.
المؤسف أن عبدالرحمن توفي قبل مروان بـ١٢ عامًا، رغم أنهما كانا في نفس العمر. في يوم وفاة عبدالرحمن، رسم مروان لوحة بعنوان "افتقد عبدالرحمن كثيرًا". توفي عبدالرحمن في عام 2004، وتظهر الرسائل الأخيرة تغيرًا في أسلوبه مقارنة بالرسائل الأولى. كلما اقتربت التواريخ من عام 2004، شعرت بالقلق، وتخيلت مروان وهو يكتب دون أن يدرك أن هذه ستكون آخر رسائل صديقه الوحيد.
عبدالرحمن كان مفتونًا بفن مروان، ومروان كان مفتونًا بكتابات عبدالرحمن. هل هذه هي الصداقة؟ أن يعجب أحدنا بالآخر لدرجة تمني أن يكون مكانه؟ العلاقة الراقية بين صديقين تجاوزا الستين عامًا من العمر تُعد من أجمل ما قرأت، حيث كان يشغلهما الفن والكتابة وحب بعضهما البعض.
رسائل قليلة اللي شدتني بالكتاب، الفكرة جميلة لكن أعتقد غلب على الرسائل تفاصيل شخصية ومتعلقة بالعمل للصديقين ماتضيف لي كقارئ شيء، فضلاً عن أن الأسلوب في الغالب كان عملي ومباشر ولا ظهر الجانب الأدبي من الرسائل إلا في مواضع قليلة.
رسائل تفيض بالعذوبة، وشاعرية لا تنضب. تتبعتها بشغف، كلمة بكلمة! ومما إفتضت مدامعي لأجله، أنِ استحالت بقية رسائل مروان كومة كلمات بالية تنتظر رد لن يأتي. فالمعنيّ بالرسائل "منيف" قد وافته المنيه بالفعل. رحمة الله عليهم عنوان لصداقة قلّ ما تجد مثيلها:(
رسائل بين الأديب عبدالرحمن منيف والرسام مروان باشي حول مشاريع مشتركة وكتب ولوحات ومعارض ونداء شحرور وبيروت ودمشق وعمّان ونذير والكثير من الأشواق وناس لا تعرف قصتهم.
في زمننا هذا ، لم يتبقى إلا القليل ممن يؤمنون بصدق الرسائل الورقية ومشاعرها .. 💜 من 2015 تقريبا كنت على نية بقراءة هذا الكتاب ولكن أجلته إلى حين الوقت المناسب وفعلا أنهيته اليوم وطيلة هذا الأسبوع كنت بسعادة بقراءة كل رسائل منيف وباشي ❤ أتمنى فعلا لو إني أعود إلى زمن الرسائل والبريد ❤
لاني أكثر انسانة تحتفظ برسائل ورقية كثيرة جدا وجدا 🙈😂..
"كنا في وقتٍ سابق نهرول نحو الأيام الآتية، كنا نريدها أن تسرع، أن تنطوي، إذ كان هدفنا أن نكبر بسرعة، أمّا الآن و ربما في الأيام القادمة أيضًا نريد أن نهدّئ السرعة، أن نتأمل، أن نقارن، لكن الأيام لا تترك لنا فرصة أو مجالًا، و هكذا يسيطر علينا الشعور بالأسى و الشجن. كنّا نركض من أجل ماذا؟ و الآن نحاول أن نبطئ، من أجل ماذا أيضًا؟"
"لستُ معكّر المزاج أو يائسًا، لكن لا شيء في وقته أو مكانه، أشعرُ أني بحاجة ماسّة لرحلة إلى مكانٍ مجهول، وإلى الصمت، وإلى البقاء في الظلال المعتمة."
لا أذكر أني احتفظت باقتباسات من كتاب كما فعلت في هذا الكتاب. هذا الكتاب جمع رسائل دارت بين عبدالرحمن منيف ومروان قصاب امتدت لعقود أثناء غربتهما. عبدالرحمن -الكاتب الكبير- الذي يسكن في دمشق لا يتوانى في إرسال تفاصيل أيامه ومشاريع رواياته ومرضه، ومروان -الرسام الشهير- يقص من برلين تجاربه مع الرسم، ومعاناته مع الأفكار والألوان. يبدي كل منهما إعجابه بآخر أعمال الآخر، يقدما لبعضهما النصائح، يتحلطمان على الواقع، يعبر كل واحد منهما عن مشاعره الجميلة اتجاه الآخر، ويحكي كل واحد منهما عن آخر ندواته وسفراته والعصافير التي تقف على الشباك.
ينتظر عبدالرحمن ومروان نهاية الأسبوع على أحر من الجمر كي يستقبل كل منهما رسالة الآخر عبر البريد، وتبدأ حينئذٍ طقوس فتح الرسالة والتي تتضمن الجلوس مع الرسالة بصحبة سيجارة وشاي، وإذا لم يرسل أحدهما، يبدأ قلق الآخر عليه، والعتب يكون في الرسالة القادمة.
هذه الرسائل امتدت لسنين طوال، وكل رسالة كتب فيها التاريخ الذي كتبت فيه باليوم والشهر والسنة، ولم تكن بقصد النشر إلى حين استأذن مروان من زوجة عبدالرحمن بعد وفاته في أن ينشرها. نرى أثر الأحداث التي مرت على العالم منعكسة على هذه الرسائل، ونرى أثر التقدم في العمر على المزاج والأهداف. ولأني كنت على علم بأن عبدالرحمن قد توفى في عام ٢٠٠٤، كان الموضوع مخيفًا أن أرى طموحات عبدالرحمن وقوله: سأفعل كذا وكذا وأنا أراه أسبوعاً تلو أسبوعٍ يقترب من ٢٠٠٤ التي لم يكن يعلم أنها سنة وفاته لا هو ولا مروان.
رسائل الأصدقاء عظيمة بحد ذاتها حتى وإن كتبت من أي أحد، ولكن في هذا الكتاب زاد جمال الرسائل روعة الحرف وعذوبة التعبيرات من عبدالرحمن ومروان. يعيب الكتاب الاستطرادات والحشو في تفاصيل معينة تخص مشاريعهما الكتابية والفنية.
قال مروان بعد وفاة صديقه: "عندما مات منيف، لم أكتب لأحد."
مات عبدالرحمن ومات مروان هو الآخر، ولكن بقي الحب وبقيت الرسائل..
هو رسائل بين الصديقين بين منيف وصديقه الرسام الساكن في المانيا مروان ،عبدالرحمن يتكلم عن فن الكلم ومروان عن فن الصورة واللون عبدالرحمن يألف كتاب ومروان يرسم لغلاف الكتاب ليشكل الصديقان عمل واحد ،احببت طريقة كتابت راسئلهم ووق�� كتابتها ووصف مروان للون وكيف يرسم اللوحة وكيف ينتجها عشت معهم وقت كتابه منيف لروايته ارض السواد وكتاب مروان الذي يحكي قصة طفولته وساعده منيف ليحكيه اقتباس (ان علاقتنا بالعالم ترتبط بالكلمة والحرف وأننا نفهم ونتفاهم بهذا الحرف ، وثم اننا نطلب بحسب العادة ان نفهم اللوحة ، الخط والشكل بالكلمة ايضا ، رغم ان الجد ، الانسان الاول اخذ الخط والبقعة والشكل للتعبير عن وجوده وطموحه بتقنيه هائله على الصخور حيث تكمن فيها جوهرية تكاد تكون كونية ازلية تربط مصير الانسان بالحياة والموت وبينهما الحب . ) .. يستاهل القراءة
وليس كأني سأكتب عن هذه الرسائل مثلًا وبأيّ شيء حقنت قلبي، ليس كأني سأقدر. إن الحياة التي كتبَتهم في رسائلهم، عصيةٌ على الوصف حين تشهدها من بعيد... وتحسبها مشهدك.
لكن لابد من القول بأن أكثر ما أثّر بي في رسائل مروان، خيباته الكبرى، تلك الـ رافقته في مرسمه، مع كل لوحة. وكأن تجربته مع اللون عذراء ابدًا. تلك الخيبة التي لا تلبث أن تزول حين يجد السبيل لترويضها... لنقُل مجاراتها.
فهو حين يصف في إحدى قصاصاته، تضرعه للإلهام العصيّ "هكذا، بحثتُ ساعات في صحراء اليوم عن نبعة ماء... ولكنّي لم أجد سوى الألوان الملتصقة على يديّ وجبهتي." يختصر في جملة، معاناة العطشى في صحاريهم عندما لا يخرجون منها إلا بصبّارة.
هذا الكتاب، رواية واقعية من نوع ما .. مدهش ..جديد، و مغاير. . ، سحر الصداقة فيه و صدق البوح ..والموسيقا الداخلية للكتاب .. لحن متراقص ..ولأن الرسائل كتبت ب حب فهي لابد تصل .. ^ يجب عليك فقط اختيار الوقت المناسب للقراءة والمزاج المناسب له ^