«ومن عجيب ما لاحظته خلال المدة الطويلة التي تعاونتُ فيها مع هؤلاء الضباط: أنهم لا يميلون إلى التنظيم، ووضع الخطط والتقيد بها، على خلاف ما يتوقع من العسكريين، بل كان الغالب في تصرفهم إما ارتجال وعجلة وإما تردد وتباطؤ؛ مما يترتب عليه تقلقل في الرأي، وتعارض بين التصرفات. ولست أدري أيرجع ذلك إلى طبيعتهم كأفراد أم إلى تكوينهم السابق كجماعة سرية؟».
هذه مذكرات «سليمان حافظ» (1968- 1896 ) وهو واحد من رجال اللحظات الحساسة في التاريخ المصري الحديث، فقد كان المرشَّح لخلافة علي باشا ماهر على رئاسة الوزراء في ثاني حكومات الثورة، وعندما رفض المنصب عين وزيرًا للداخلية ونائبًا لرئيس الوزراء، وهو المنصب الذي تولاه بعده جمال عبد الناصر.. فأصبح سليمان حافظ المستشار القانوني لرئيس الجمهورية اللواء محمد نجيب. لكنه كان من الأساس محاميًا ومستشارًا بمجلس الدولة وأحدَ الذين أوقفوا هذه المؤسسة القانونية العريقة على قدميها.. وكان من بين أربعة مدنيين انضموا إلى مجلس قيادة الثورة في بداية عهدها.. كما كان ضمن اللجنة الثلاثية التي كتبت وثيقة تنازل الملك فاروق عن عرش مصر، وهو حامل هذه الوثيقة إلى الملك بتعليمات علي باشا ماهر رئيس الوزراء في تلك اللحظة. وفي أواخر نوفمبر عام 1956، عندما أذاع عبد الناصر خبر العدوان الثلاثي، توجه سليمان حافظ إليه ليكون أول مَن طالَبه بالعودة إلى موقعه العسكري للجهاد ضد المحتل
نائب رئيس مجلس الدولة المصرى عند قيام ثورة 23 يوليو. وهو الرجل الذى اقترح على الضباط طرد الملك وأفتى لهم بالوصاية المؤقتة هربا من دعوة مجلس الأمة الوفدى المنحل حيث كان مناوئا صريحا للوفد مما أدى فى النهاية الى تثبيت أركان الحكم العسكرى فى البلاد. ولم يقل جزاؤه عن جزاء رئيسه المباشر السنهورى رئيس مجلس الدولة، فقد اعتقل لفترة ثم أفرج عنه وللحق لم يضرب بالحذاء مثل الآخر
الحقيقة أن قراءة هذا الكتاب تثير الشجون, لسببين... أولاهما, أنه يؤكد معلومة دور العديد من المدنيين من كبار رجال الفكر و القانون في ترسيخ أقدام الحكم العسكري و تشجيع الضباط على إقامة دولتهم, و ضبط الأوضاع القانونية و الدستورية و تقييفها في هذا الإتجاه, حتى لو كانت نواياهم سليمة و أهدافهم نبيلة...و هذا ما يتضح جيداً من كلام الكاتب و تقييمه لدوره
و ثانيهما, أنك لا تملك إلا أن تقارن بين رجال القانون وقتها, و بين الموجودين الآن..إن كان الموجودين الآن يمكن أن يوصفوا بأنهم رجال أصلاً فارق كبير بين رجال خرجوا من رحم الحركة الوطنية و كانت نفوسهم تضطرم بالثورة على الفساد و الاستبداد, فلما رأوا بارق أمل في حركة الجيش و إنقلابها على الملك الفاسد و الشعارات التي رفعتها, و قفوا مع هذه الحركة بكل جوارحهم و سخروا كل إمكانياتهم من أجل الثورة...كانت النوايا طيبة بغض النظر عن النتائج. و بالطبع لا يعني هذا أن كل رجال القانون وقتها كانوا مؤيدين للثورة أما الموجودين الآن, فقد سخر أغلبهم كل إمكانياته للقضاء على الثورة, و للحفاظ بأكبر كم ممكن من الإمتيازات التي يحظي بها, و التي تراكمت عبر عقود من الفساد و الإفساد التي تمخضت عن دولة يوليو...و من ضمنها إماتة الحياة السياسية و الوطنية في هذا البلد الكتاب مع هذا كان يحتاج لمزيد من التفصيل في العديد من النقاط...و لكي تكتمل الصورة يجب القراءة عن المستشار السنهوري, و كذلك وجهات نظر مختلفة من مذكرات أعضاء مجلس قيادة الثورة
ذكرياتي عن الثورة سليمان حافظ تقلد سليمان حافظ مناصب حساسة في الدولة المصرية بعد حركة الضباط الاحرار 1952 فقد كان سكرتير لعلي ماهر رئيس الوزراء بعد رحيل فاروق وهو الذي قد وثيقة التنازل على العرش لفاروق في 26 يوليو من نفس العام ثم اصبح تم ترشيحه ليصبح رئيسا للحكومة خلفا لعلي ماهر ولكنه رفض بحجة افتقاره للخبرة السياسية التي تعوض غياب داهية كعلي ماهر ولكنبعد ضغوط قبل ان يكون وزيرا للداخلية في تلك الفترة الفارقة من عمر مصر (يبدو ان تاريخ مصر كله لحظات فارقة )بالاضافة لمساهمته في صياغة دستور 1953 المؤقت فحريا بمثل هؤلاء ان يكتبوا مذكراتهم لالتصاقهم بمركز صنع واتخاذ القرار بل انه كان في البؤرة ذاتها ولننتهي من ميزات هذا الرجل فقد كتب المذكرات بكل امانة وحاول ان يكون محايدا مع انه قد حاد في عدة مواضع نأتي لمثالب الرجل دون تجني كبير فالرجل قد ساهم بنصيب وافر وظاهر في الحكم العسكري فالرجل كان يضغط دوما (باعترافه لتولي نجيب رئاسة الحكومة فرفض الضباط كافة بما فيهم نجيب هذا موضحين انهم قد عاهدوا اخوانهم في الجيش الا يتولي احدا منهم منصبا او يترقي رتبة واحدا مستفيدا من الحركة وتحت ضغط وتجييش مدنيين لاقناع نجيب بتولي رئاسة الحكومة بالاضافة الى الضغط تحت مسمي مصلحة مصر وان الفترة مؤقتة وانتقالية حتي اقرار دستور واختيار مجلس نواب يتم بعدها اختيار رئيس جمهورية وحتي عندما قبل نجيبا هذا ضغط لادخال عسكريين في الوزراى التي كان من المفترض ان تكون باكملها مدنيين سياسيين عارفين كيف تدار الامور في تلك المراحل الملتهبة ويبدو انه من اول من لفت نظر العسكريين للحكم وطمعهم فيه من خطايا الرجل ان ادخل ميوله الشخصية في مسائل الحكم فدفعه كره الشديد لحزب الوفد الى التحايل والدوران حول القانون لعدم اقامة انتخابات في الوقت الحالي حتي لا يتقلد الوفد الحكم .. وهذا يتبلور في نقطتان اولهما انشاء قانون جديد للاحزاب يضمن به عدم ترشح النحاس وعدم تبوئه رئاسة الحزب النقطة الثانية : من المفترض عندما يتم ترشيح اوصياء جدد لاحمد فؤاد بعد خلع فاروق ان يجتمع مجلس الشعب المنحل للموافقة علي الاوصياء ولكن حرصا من سليمان حافظ على عدم اجتماع البرلمان الوفدي فقد قام تحت شرط الاستعجال بتعيين مجلس للاوصياء بموافقة مجلس الوزراء الذي يضلع في غياب البرلمان بمهمة التشريع فقد داور الرجل وناور حتي يؤسس للحكم العسكري خوفا من سيطرة الاحزاب التي فسدت (من وجهة نظره ) في الفترة الملكية واصبحت مدانه كما الملك تماما يعبر الرجل عن فرحته بمحاصرة قوات الجيش للملك فاروق في قصر رأس التين اخيرا قاسي الرجل مما جنته يداه فقد حبسه جمال عبد الناصر لاشهر بعيد حرب السويس الكتاب به تفاصيل دقيقة وتفصيلية عن تلك الفترة التي تلك قيام الحركة والتخبط والاختلاف الذي دارت على مائدة قيادة الثورة
بدأت في قراءة هذا الكتاب مباشرة بعد الإنتهاء من قراءة كتاب الرئيس محمد نجيب كنت رئيسًا لمصر..
مما يميز هذا الكتاب أنه مكتوب بحيادية نسبية في وصف الأحداث و الروايات..
الكتاب يصف الفترة التي تلت قيام حركة الضباط عام 1952 و وقوف المصريون بجانبها.. و كيف أن مجلس قيادة الثورة أدار ظهره لهم و أهتم بترسيخ دعائم حكمه و القضاء على الحياة النيابية في مصر.. و ما صاحب ذلك من تخبط و حل للأحزاب السياسية و تعطيل الدستور و الأعتقالات..
الكناب يتعرض أيضاً لمفاوضات مصر من أجل جلاء بريطانيا عن الأراضي المصرية و الدور السيء لجمال عبد الناصر بالتحديد في هذه المفاوضات..
ستدرك في نهاية الأمر دور جمال عبد الناصر في إنفصال السودان عن مصر للأبد و تدرك كيف أدت أخطاؤه المتكررة و المتتالية من -إنقلابه على محمد نجيب إلى عدم إعلانه لحيادية قناة السويس ووصولاَ إلى موافقته على بقاء قاعدة عسكرية لبريطانيا لمدة ثلاث سنوات بعد الثورة- إلي هبوط عزيمة المصريين و فقدانهم الأمل في الثورة.
المذكرات الشخصية من أهم مصادر التاريخ خاصةً اذا توافر فيها عنصران، الأول مكاني وهو يبحث عن موقع الكاتب من الحدث أو القضية المراد البحث عنها تاريخيا، والثاني زماني وهو خاص بالفترة التي تكون بين الحدث نفسه و وقت التدوين، فكلما إقترب الكاتب من مكان الحدث وكلما قصرت المدة بين وقوع الحدث وتدوين الكاتب زادت أهمية المذكرات من الناحية التاريخية، بالإضافة الى إعتبارات كثيرة من الأمانة والمكانة والبواعث وغيرها مما لا يتسع مقالي هذا لذكرها، لذلك إن أردنا النظر في جذور النظام المصري الحالي والقائم منذ 1953 وأسباب نهاية الحكم الملكي في مصر سنجد كتاب " مذكراتي عن الثورة " للسياسي والقانوني المحامي سليمان حافظ (1896-1968) من أهم المراجع التاريخية في هذا الحدث وتلك القضية، إن التاريخ كما يقول محمد حسنين هيكل هو ماضي لا يزال يلقي بظلاله على الحاضر والمستقبل ، وثورة 23 يوليو 1952 من أهم الأحداث التي غيرت الخريطة السياسية وما زالت تلقي بظلالها علينا ، على الأقل بشكل النظام المصري الحالي بقيادة عبدالفتاح السيسي والذي ينتمي حسب ما يرى بعض معارضيه الى الجيل الثالث من ديكتاتورية الضباط القائمة منذ اعلان الجمهورية بإعتبار جمال ومجلس الثورة يمثلان الجيل الأول ومبارك ونظامه الجيل الثاني، وما يميز هذه المذكرات كونها صادرة من شخصية قانونية لها ثقلها في الحياة السياسية و إقترابه حد الصدام من إنقلاب يوليو 1952 ونهاية الملكية في منتصف الخمسينات من القرن العشرين، فهو الذي حمل بيديه وثيقة تنازل الملك فاروق وكان شاهد عيان على اخر ايّامه ، وعايش الجلاء الإنجليزي وإنفصال السودان والعدوان الثلاثي، وهو ثالث ثلاثة مع علي ماهر والسنهوري الذين أداروا دفة القيادة السياسية بعد نهاية الملكية بفترة كان فيها الضباط في سذاجة سياسية لا تؤهلهم للحكم، بالاضافة لمشاركته الفعالة في تعبيد الطرق القانونية لدخول العسكريين عالم السياسية من أوسع أبوابه، المذكرات إصدار دار الشروق وهي تقع في 150 صفحة وتتناول الفترة الزمنية من 1951 الى 1957 ، قراءة ممتعة
ومما جاء في مذكراته
"وهكذا وجدتني أشاهد ذنب الأفعى يضرب بينما رأسها قائم لا يصيبه مكروه، فشق عليّ أن يحاسب الموظفون على أعمالهم السابقة ولا يحاسب الوزراء المسؤولون وقد كانوا بمفاسدهم مثلا سيئا ومشجعا على ما اقترفوه من سيئات، وتأذت روح العدالة مني وأنا قاضِ قديم اذا أراني مضطر للكيل بمكيالين ولم يكن يغيب عن بالي الى جانب ذلك الى أن التطهير لم يكن يقصد منه بتر جميع الأعضاء الفاسدة في جسم تفشى فيه العفن، بقدر ما كان المقصود به أن يكون أمثوله للمستقبل الذي نرجوه لحكومة هذا البلد، وهي أمثولة تفقد ولا شك معناها وأثرها إن بقيت رؤوس الفساد محصنة من المسؤلية بالدستور" ص91
إسم سليمان حافظ مش من الأسماء المشهورة في تاريخ مصر الحديث بالرغم من إنه يمكن من أكتر الشخصيات تأثيرا في مصر في آخر ستين سنة، الراجل ببساطة كان المهندس المدني و القانوني لدخول العسكريين للسياسة، هو اللي حلاها في عنيهم و صاغ القوة اللي كانت في إديهم بعد إنقلاب يوليو لحكم، هو اللي بشكل واضح حط راجل عسكري في مجلس الوصاية على العرش بعد خلع الملك فاروق، وكان هو صاحب إقتراح رئاسة محمد نجيب لمجلس الوزراء، هو أول اللي حطوا العساكر في المناصب المدنية و بسببه وصلنا للوضع الحالي، في المذكرات دي بيعتذر عن فعلته وفضل يأنب نفسه بعد ما خرج من نظام يوليو 52 ، التراجع بتاعه مربك جدا، علشان هو حقيقي و صادق ، ده ندم شخص حاول يعمل حاجة صح من وجهة نظره بس وصلت بيه لمصيبة ومش عارف يكفر عنها إزاي، كمان هو و السنهوري اللي أسسوا مجلس الدولة، أو كما يطلق عليهم القضاة محدودي الكفاءة، و في الكتاب ده عرفت أخيرا حاجة كانت شغلاني و إن إزاي الفرع ده من القضاء في مصر بالتأخر العقلي ده، و عرفت إن السبب كان لحظة التأسيس الرديئة و الملتوية دي، مذكرات جيدة جدا عموما.
كلما قرأت مزيداً من مذكرات من عايشوا وصنعوا أحداث تلك الفتره
كلما تأكدت حقيقة ونوايا من قاموا بالإنقلاب علي الملك فاروق .... طلاب سلطه وحكم لا إصلاح
سليمان حافظ قانوني أو قل ترزي بلغه هذا العصر قام بطبخ وتعديل وتكييف القوانين لمن قاموا بالانقلاب علي الملك.... وكغيره ممن يساعدوا الطغاه بقصد أو بغير قصد .... تنقلب الدائره عليهم إن اجلا أو عاجلاً
مما جاء في أخر فصل ولم يكن للحاكم بد من جعل القوة سنداًلحكمه،فعمد إلي إيثار الجيش بصفة عامه علي سائر طوائف الأمة إيثارا أوجد الفرقة بينها وبينه،بعد أن وحدت الثورة من أمرهما واخت بينهما...
أسلوب سلس و جميل، أشعل حماسي للتنقيب عن هذه الأحداث المحورية من وجهات نظر مختلفة، أعجبتني التفاصيل فمنها نفهم الكثير عن تلك الأشخاص التي حولت مجرى الأحداث في منطقتنا و تعطينا نبذة عن فكر هؤلاء العساكر بشكل عام، التفاصيل القانونية مملة و صعبة بعض الشئ لكنها لم تؤثر على تجربتي كثيرا ------ قراءة ثانية أكبرت في نفسي هذا الرجل على ما له من أخطاء كثيرة
. هذا الكتاب هو مذكرات لرجل عاصر وساهم في صنع احد اهم واخطر الاحداث في تاريخ مصر الحديث الا وهي ثورة الضباط الاحرار على الملك فاروق عام ١٩٥٢ . تكمن اهمية هذه الشهادة ان سليمان حافظ كان في قلب الحدث وهو الذي سلم وثيقة التنازل للملك ليوقعها ومن بعد تنازل فاروق ساهم في تثبيت سلطة الضباط عن طريق ثغرة قانونية، ولفهم هذه الثغرة من الضروري ان نرجع للخلف قليلا. . كان سليمان حافظ من مناصرين الحزب الوطني الذي اسسه مصطفى كامل وكان شديد العداء لحزب الوفد الذي اسسه سعد زغلول، وكان البرلمان في اواخر العهد الملكي ذو اغلبية وفدية ولكن قام الملك بحل البرلمان قبل خلعه، وينص الدستور انه في حال وفاة الملك يقوم البرلمان بممارسة اختصاصاته حتى وان كان منحلا، ولكن الدستور لا ينص على حالة خلع الملك وهنا استغل سليمان حافظ هذه الثغرة ليمنع استدعاء البرلمان الوفدي واقترح تعيين الرضيع احمد فؤاد الثاني وتشكيل مجلس وصاية على العرش. . وبعد ذلك دخل في صراع مع مجلس قيادة الثورة وانتهت حياته السياسية باسقاط محمد نجيب من الحكم. . رغم ان المذكرات لا تتجاوز ١٥٠ صفحة الا انها مليئة بالاحداث والمعلومات المهمة التي ساهمت بقصد او بغير قصد على رسم حياة الدولة المصرية الى يومنا هذا. .
من أفضل ما يمكنني اقتباسه من الكتاب والذي يجب علينا أن نضعه نصب أعيننا في كل زمان:
السلطة لها بريق يخطف الأنظار و يغير النفوس علي الرغم من نبل الغايات و يفرق الجمع و يزرع الشق فينتهي بالانسان الحال كما يقول ديستويفسكي متي وصل المرء الي كل شئ أصبح يخاف أن يفقد كل شئ فكفانا شر مرض السلطة أقول ذلك علي الرغم من حبي و احترامي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر و لكن لا يعني حب الشخص عدم الاعتراف بأخطائه
نجمتين للحقبة المنيلة من تاريخ مصر صراح صغار الضباظ علي التورتة و الهروب من طبق السم الكتاب مش غني قوي معظم المعلومات اللي فيه فنية قوي متعلقة بمنصب سليمان حافظ شهدته قريبة من كلام نجيب هول ليه بيقول علي عبد الناصر شرير الا هيكل ثورة و انكيلاب لا دول انكلابين :)
كنت قرأت كتاب محمد نجيب كنت رئيساً لمصر وذكر فيه سليمان حافظ وحمله بعض الأخطاء ولم اكن اعرف هذا الرجل من قبل فبحثت عن اسمه ووجدت ان له كتاب فتحمست لقراءته واعجبت بهذا الكتاب الذي ذكر جوانب من الاحداث والدوافع التي دفعته لاتخاذ بعض القرارات وقد ذكر بنفسه ندمه على بعضها رغم وجود المبرر في حينه، الدرس المستفاد لي ان في كل حقبه وعند كل حدث هناك اشخاص يحملون مواقف ووجهات نظر مختلفة لكن هذا لا يعني ان هناك طيب وشرير وحق وباطل وصح وخطأ فهذا تسطيح كبير بل كان هناك اجتهادات ودوافع وهذا ما اتضح لي من وجهة نظر سليمان حافظ ووجهة نظر محمد نجيب ،هذه التجربة كانت درس جميل ومهم لي في الحكم على المواقف والاشخاص
اما التحدي الاكبر فكيف لنا مستقبلاً احتواء جميع وجهات النظر الصائبة والمختلفة عند وجود خلاف ومشكلة
انا طول ما الحاكم بيسمع كلامي يبقي الحاكم كويس و فلة.. اول ما ميسمعش كلامي يبقي حاد عن الحق و حاولت ارشده و حاولت استقيل.. كل كتب حاشية الحكام نفس النمط ربنا يرحم الجميع
من الكتب الهامة التي تتحدَّث عن انقلاب 1952 وحركة الضباط الأحرار وما حدث خلالها وبعدها من أحداث جسام ..
سليمان حافظ نائب ومستشار رئيس مجلس الدولة، ثم عضو مجلس قيادة الثورة ثم وزير الداخلية ونائب رئيس مجلس الوزراء قبل أن يخلفه "جمال عبد الناصر"، ثم مستشار رئيس الجمهورية "محمد نجيب" .. من الشخصيات المشهود لها بالصدق وحب الوطن والسعي بكل ما يملك من أجل رفعة البلاد دون البحث عن مآرب شخصية ..
تناولت المذكرات من وجهة نظر الكاتب، العديد من الأحداث الكُبرى مثل ظروف البلاد قبل الثورة والأسباب التي أدت لاندلاعها، ووصف جركة الجيش التي تحولت لانقلاب عسكري تبعه بالحديث عن توقيع الملك فاروق وثيقة التنازل عن العرش والوصاية على العرش، وتاريخ مجلس الدولة ودوره في الأحداث ..
ثم انتقل للحديث عن وزارة "علي باشا ماهر" وما لقاه من تعنت ومؤمرات من مجلس قيادة الثورة حتى عزله، ثم وزارة "محمد نجيب" كاشفًا الكثير من الحقائق المخزية التي يندى لها الجبين، وتناول الحديث عن اسقاط دستور سنة 1923 ووضع الدستور المؤقت، والسياسة الخارجية وما تضمنته من بدء المحادثات عن الجلاء ..
ثم انتقل إلى فترة انهيار الجبهة الداخلية بعد اعلان الجمهورية، وتعيين "محمد نجيب" رئيسًا للبلاد، حيث ساءت العلاقة بين نجيب من جهة وباقي الضباط من جهة أخرى، حيث لاقى نجيب الأمرين من تجنِِ وسوء معاملة ومن إحراج واستهانة به وعدوان على اختصاصه وتحميله تبعة تصرفات لا يؤخد فيها رأيه، ثم ما صادفه منهم بعد استقالته من حبس وخطف وتهديد بالقتل، وما أبداه أنه من أنه لا يأمن منهم بعد ذلك على حياته ..
وتناول سليمان حافظ بشيء من التفصيل مسألة السودان ووحدته ثم انفصاله عن مصر بسبب فساد الجبهة الداخلية في مصر، ومما كان يقوله السودانيون: كيف نطمئن لكم بعد أن انقلبتم على نجيب فنكلتم به ؟! وماذا يضمن لنا وهكذا كنتم مع بعضكم؟! ألا تقلبون للسودانيين ظهر المجن بعد ربط مصيرهم بكم ؟! هذا إلى أن السودان - وهو يتمتع بحكومة ديموقراطية حرة ـ لا يقبل الانطواء تحت علم واحد مع بلد حكومته أوتوقراطية.
وتناول الحديث عن فضيحة الإعتداء على "عبد الرازق السنهوري" في مجلس الدولة، والذي اتهم جمال عبد الناصر بفعل ذلك ..
ولم ينس الحديث عن الإخوان المسلمين وعلاقتهم بالثورة وبالوزارة وبعبد الناصر ..
ثم حدثت النكسة بانقلاب ثان من جمال عبد الناصر وصحبه، على نجيب، فاعتقلوه وأعلن جمال نفسه رئيسًا للجمهورية بعد عمل استفتاء على ذلك، وتحول جمال إلى الآمر الناهي في البلاد ففرض على الشعب باسم الشعب - ولكن على كره منه - دستورًا يجعل الحكم منه وإليه، دكتاتورية لفرد أباها لنفسه عمر بن الخطاب ذاته وأباها عليه المسلمون، لا يكاد يستر وجهها البغيض الشائه ما حاولت أن تستخفي خلفه من غلائل ديموقراطية زائفة ما كان لها أن تُخفيها، بل زادت معالمها وضوحًا.
ولم يكن للحاكم بد من جعل القوة سندًا لحكمه، فعمد إلى إيثار الجيش بصفة عامة على سائر طوائف الأمة إيثارًا أوجد الفرقة بينها وبينه، بعد أن وحدت الثورة من أمرهما و آخت بينهما، فحلت الطائفية في الحاضر محل الحزبية في الماضي، وكل منهما أسوأ من الأخرى وأشد نكرًا.
بل إنه في سبيل السيطرة على الجيش ذاته، أقال كثيرين من خيرة ضباطه، وسلَّط أنصاره من صغارهم على كبارهم، وأغدق النِّعم على من يحسنون إظهار الولاء، وأنزل النِّقمة على من تشكلت فيهم ممن لم يتقربوا إليه بالخنوع والرياء، فراجت الوشايات والسعايات إن بالحق أو بالباطل. وعاد الشاك وسوء الظن بين أبناء الطائفة الواحدة بعد الثقة والإخاء.
ثم في أواخر الكتاب قام بالحديث عن تأميم القناة، القرار المتسرع الغير مدروس وما تبعه من العدوان الثلاثي على مصر في نوفمبر 1956 ..
وإبرام التفاق مع الانجليز واعتراضه على ذلك الأمر الذي أدى إلى اعتقاله في سجون عبد الناصر !!
الكتاب وأنت تقرأه تلمس فيه الصدق الكبير لكاتبه، والذي كان كثير المحاسبة لنفسه ولومها على ما ساهم فيه من أحداث في هذه الفترة وما ساعد في تمريره من قوانين، وثقته العمياء في الضباط الشبان والتي أقر أنها كانت في غير محلها ..
لم يعجبني في الكتاب، نقصه لكثير من التفصيل الذي كان القاريء في أشد الحاجة إليه، ولا أعلم لمذا لم يذكر سليمان حافظ هذه التفاصيل، هل لكتابة هذه المذكرات بعد وقوع الأحداث بفترة من الزمن أما لخوفه، لا أعلم ... ولكنها كانت لابد منها، كما أنه لم يدلي برأيه في جمال عبد الناصر بشكل صريح، بل كان مميعًا غير جريء ..
لكن الكتاب بشكل عام تشعر فيه بالصدق، ومما يشير إلى صدق الكاتب، أنه كان مع الثورة قلبًا وقالبًا، ولم يكن ينتمي لحزب سياسي أو كان مؤيدًا لشخص ما أو تيار ما على حساب الآخر، بل كان يعمل بكل ما أوتي من جهد وعرق من أجل مصلحة البلاد، كما أنه دافع عن جمال عبد الناصر في بعض المواقف وهاجمه في أخرى وكذلك فعل مع نجيب وغيرهما ..
ويكفيني وصف "عبد الرحمن الرافعي باشا" لسليمان حافظ، حيث قال: عاش سليمان حافظ رجلًا ومات رجلًا، ولم يرهبه الاعتقال والجبروت .. كان شجاعًا مقدمًا جريئًا في الحق لا يهاب الموت في سبيل الوطن .. كان كريمًا عف اللسان عطوفًا وفيًّا مُخلصًا يحب الخير للجميع .. كان مسلمًا مؤمنًا متمسكًا بدينه مرهف الحس رقيق الشعور .. كان يعيش في بيته عيشة مثالية عالية؛ فهو زوج كما يجب أن يكون الزوج وأب كما ينبغي أن يكون الأب، تراه دائمًا بين أهله وصحبه مثلًا عاليًا من الحب والوفاء.
رحم الله سليمان حافظ بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته ورضي عنه وغفر له وأجزل له الثواب، وجزاه خيرًا عن جهاده "يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" صدق الله العظيم
كتاب يبكي حقيقة فهو يوضح مدى التخبط والهوجائية التي عاشتها مصر فترة ما بعد الثورة والصراع بين نجيب والضباط، وفكرة طبخ القوانين التي كان الكاتب نفسه اساسها وشعوره بالندم بعد ان جار الزمن عليه ودارت الأيام دورتها كما دارت على نجيب وعلي ماهر. لم اشعر بصدق الكاتب فيما يرويه عن نفسه معظم اجزاء الكتاب