"أسرعي يا حبيبتي أسرعي، عاشقان خائفان عاشقان أعزلان الا من الليل والتنهدات هما سيف الثورات وترسها. إنني أناديك يا حبيبتي وأصابعي تحوم من فكرة إلى فكرة ومن صفحة إلى صفحة، كفر بأن تشم رائحة جثث ولا تراها، أن موتي قريب لغصن فوق رأسي فكوني الزهور الأخيرة الباسلة، فأنا آخر بستان للشعر في هذا العالم ولا سياج لي أنني نجمة نائية في ليل الفقراء الطويل يجب أن تطفأ صخرة نائية في الطريق في أي قمة يتعثر بها ويلفها الصاعدون والها بطون يجب أن تزول فزمن الخدوش والعقبات الصغيرة قد ولى. ولكني حائر بين ألم السقوط وعار النجدة خائف من الموت وحيداً في إحدى الغرف المظلمة الفتنة وأن لا تكتشف جثتي إلا من الرائحة وتنشقات المارة. فأيامي معدودة، وساعات حبي تتناقص كالمؤن أيام الحصار. يقال أن رؤوس المحكومين بالموت في الثورات الجامحة، حتى بعد أن تطيح بها شفرات المفاصل وتدحرجها نحو أرجل الجماهير، تظل قسمات وجوهها محتفظة للحظات بتعابير الرعب والأمل والخيبة، وتظل نتوسل إلى من حولها بنظرات الدهشة والعتاب والتساؤل. هكذا أنظر إلى حبالك ووهادك إلى أرضك وسمائك يا وطني". عندما يتنتب حب الوطن في القلب يصبح الكلام أحلى، وعندما تسكن صورته المآقي، يصبح المشهد أجمل. هو ذا محمد الماغوط في نصوصه سياف الزهور، وكأنه يحمل الكلمة سيفاً، في مبارزاته في ساحة الوطن.
شاعر وأديب سوري ، ولد في سلمية بمحافظة حماة عام 1934. تلقى تعليمه في سلمية ودمشق و كان فقره سبباً في تركه المدرسة في سن مبكرة، كانت سلمية ودمشق و بيروت المحطات الأساسية في حياة الماغوط وإبداعه، وعمل في الصحافة حيث كان من المؤسسين لجريدة تشرين كما عمل الماغوط رئيساً لتحرير مجلة الشرطة، احترف الفن السياسي و ألف العديد من المسرحيات الناقدة التي لعبت دوراً كبيراً في تطوير المسرح السياسي في الوطن العربي، كما كتب الرواية و الشعر و امتاز في القصيدة النثرية و له دواوين عديدة. توفي في دمشق في 3 أبريل 2006.
أهم مؤلفاته الشعر
حزن في ضوء القمر - شعر (دار مجلة شعر - بيروت 1959) غرفة بملايين الجدران - شعر (دار مجلة شعر - بيروت 1960)
الفرح ليس مهنتي - شعر (منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1970
المسرح
ضيعة تشرين - مسرحية (لم تطبع - مُثلت على المسرح 1973-1974) شقائق النعمان - مسرحية غربة - مسرحية (لم تُطبع - مُثلت على المسرح 1976) كاسك يا وطن - مسرحية (لم تطبع - مُثلت على المسرح 1979) خارج السرب - مسرحية (دار المدى - دمشق 1999، مُثلت على المسرح بإخراج الفنان جهاد سعد) العصفور الأحدب - مسرحية 1960 (لم تمثل على المسرح) المهرج - مسرحية (مُثلت على المسرح 1960، طُبعت عام 1998 من قبل دار المدى - دمشق )
مسلسلات تلفزيونية
حكايا الليل - مسلسل تلفزيوني (من إنتاج التلفزيون السوري) وين الغلط - مسلسل تلفزيوني (إنتاج التلفزيون السوري) وادي المسك - مسلسل تلفزيوني حكايا الليل - مسلسل تلفزيوني
السينما
الحدود - فيلم سينمائي (1984 إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، بطولة الفنان دريد لحام) التقرير - فيلم سينمائي (1987 إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، بطولة الفنان دريد لحام)
أعمال أخرى
الأرجوحة - رواية 1974 (نشرت عام 1974 - 1991 عن دار رياض الريس للنشر وأعادت دار المدى طباعتها عام 2007) سأخون وطني - مجموعة مقالات (1987- أعادت طباعتها دار المدى بدمشق 2001) سياف الزهور - نصوص (دار المدى بدمشق 2001).... شرق عدن غرب الله (دار المدى بدمشق 2005) البدوي الأحمر (دار المدى بدمشق 2006)
كتب عنه شقيقه عيسى الماغوط كتاب بعنوان (محمد الماغوط رسائل الجوع والخوف) وفيه يروي حكايات كثيرة عن شقيقه تؤكد الصورة الشائعة عنه، أن يكون منحازًا على الدوام إلى صفوف الحرية والأحرار. يرفق الكتاب بصور فوتوغرافية للماغوط وأفراد أسرته. والكتاب بوجه عام عبارة عن مستند بالغ الفائدة لكاتب مسرحي وشاعر يعتبره الكثيرون من أبرز شعراء وأدباء سوريا في النصف الثاني من القرن العشرين .
عندما كنت فتيا جوابا. و أنام و قدماي في الشارع. و حقيبتي أو بالأحرى صرتي جاهزة قرب رأسي أو على رأسي. لم أتلق دعوة إلا لتسديد فواتير الماء و الكهرباء. أو إلى أقرب مخفر للشرطة للإدلاء بشهادة حول سرقة دجاجة أو اختفاء خروف. و كانت مثل هذه الأحداث تقيم الدنيا و تقعدها في الحارة التي تقع فيها. بينما الأن فإن اختفاء حارة بكاملها لا يعني أحدا. **** لكي تكتب و تقرأ و تسمع و تهتف و تتظاهر و تلوح بقبضتك كما تريد يجب أن تكون حرا. و لكي تكون حرا يجب أن تكون قويا. و لكي تكون قويا يجب أن تكون منتجا. و لكي تكون منتجا يجب أن تكون مستقرا. و لا يمكن أن تكون مستقرا في منطقة غير مستقرة. و هذه المنطقة لا تعرف الاستقرار ما دام الصراع العربي الإسرائيلي يستنزف كل طاقاتها. **** كم كان عدد الدول العربية أيام المد الرجعي و الشعوبي و الانعزالي؟ و ما هو عددها الأن؟ و كم دولة داخل الدولة؟ و كم مدينة داخل المدينة؟ و كم حارة داخل الحارة؟ و كم طائفة داخل الطائفة؟ و كم حزبا داخل الحزب؟ و كم جهاز تنصت داخل كل جدار؟ و كم عميلا داخل كل عميل في زمن المد الوحدوي و النقاء الثوري و التلاحم مع الشعوب و الجماهير؟ **** الشجرة قصيرة و لكن ... الظل طويل ... إنه الغروب ...
إنّه ذلك الشّاعر المشاكس، الذي يتشاجر مع الحياة، مع الأبجديّة العربية، مع الورقة والقلم، مع الوطن، ومع نفسه إن لم يجد من يتشاجر معه!
القراءة لهذا الشّاعر المشاكس تجربة مؤلمة لا يمكن لك، إن خضت فيها، إلا أن تخرج منها بكثيرٍ من الكدمات والرّضوض في روحك؛ فهذا الشاعر سيخنقك ويكتم أنفاسك بسخريته المريرة!
ولأن التمرّد طبيعة في هذا الشاعر المشاكس، لم يكن من المستغرب أن يخرج على جماعة "شعر" التي رعته طفل، ليستقل بنفسه شاعراً حرًّا خارج التصنيف!
وليت الله مدّ في عمره ليعاصر الثورة السورية ليرى بأمّ عينيه -وقريباتها- كيف أنّ آلاف النسخ من الماغوط الثائر والمتمرّد خرجت على هذا الغول الذي ظلّ لعقود يقضم أرواح السوريين وأعمارهم!
سياف الزهور... كتاب رائع من روائع محمد الماغوط الكثيرة يتكون الكتاب من 384 صفحة تختلط فيها المقالات مع بعض القصائد النثرية وبعض الخواطر القصيرة ولكن اللاذعة كالعادة من الماغوط
كلمات محمد الماغوط كالعادة في مقالاته ونثره تفيض بالنقد اللاذع والحزن على حال العرب ويظهر جلياً في الكتاب اطلاع الماغوط الواسع على كل ما جرى في زمن كتابة هذا الكتاب فهو لم يغادر صغيرة ولا كبيرة من الاحداث التي حصلت لينسج حولها مقالاً أو يكتب حولها نثراً
صادق هو محمود الماغوط واضح هو محمد الماغوط حزين هو محمد الماغوط
لغير المهتمين بأحداث التسعينات خاصة قد يبدو الكتاب طويلاً مملا بعض الشيء ولكن للمهتمين بكتابات الماغوط وبهذه الأحداث سيجدون ما يثري أفكارهم عنها من خلال جمل محمد الماغوط المبدعة بلا أدنى شك .
مقتطفات من الكتاب
لقد انتهى الأبد منذ لحظات ** ولكنه مستمر بأشكال مختلفة فلكل طاغية الآن أبده الخاص يتوقف طوله أو قصره على يقظة حراسه ، وغباء شعبه ، وخاصة وضعه الصحي حيث يقاس الآن بميزان الحرارة !!عن طريق الفم ، أو الإبط ، أو المؤخرة
كنا أصحاب حق، فصرنا أصحاب سوابق **
عمر الإنسان بعمر شرايينه ** وعمر الأنظمة بعمر سياطها
“ما جدوى أن يكون النظام من حديد والمواطن من زجاج؟” **
الطغاة ...كالأرقام القياسيّة ** لا بد و أن تتحطّم في يوم من الأيام
آه يا وطن الأسلاك الشائكة والحدود المغلقة ** والشوارع المقفرة والستائر المسدلة والنوافذ المطفأة أما من حل وسط بين الكلمة والسيف ؟ بين بلاط الشارع وبلاط السجن ؟ سوى بلاط القبر ؟!
كلما أمطرت الحرية في أي مكان في العالم ** يسارع كل نظام عربي ، إلى رفع المظلة فوق شعبه خوفا عليه من الزكام
الشهداء ، يتساقطون على حانبي الطريق ** لأن الطغاة يسيرون وسطها
يتركون لنا بقايا الشمس لندفأ ** بقايا الموائد لنأكل بقايا الليل لننام بقايا الفجر لنستيقظ بقايا الموسيقى لنسمع بقايا الأرصفة لنمشي بقايا الأصابع لنكتب ثم يتركون لنا الوطن من المحيط إلى الخليج لنقاتل ونموت من أجله
لإنني عندما لا أجرؤ على مواجهة النيران ** وهي في ذروة اندلاعها وانتشارها، لا أريد أن أكون بطلا على الرماد !!
أيتها المرأة البعيدة كالسماء.. كالحرية ** اسرعي اسرعي بين الوطن والمنفى خطوة واحدة أو قبلة واحدة
وحدهُم الشُّهدَاء لا يختالُون بالأوْسمة **
فإذا كنا في زمن الهزائم نعلق الأوسمة ، ففي زمن الانتصارات ماذا نعلق ؟ **
عندما أقرأ لـ"محمد الماغوط" رحمه الله؛ يتبادر لعقلي سؤال فحواه: كم صُدم هذا الرجل بوطنه؟! كيف يمكن للأشياء الجميلة أن تتهشم هكذا؟!! سرقوا أحلامه، ودفاتره، وقلمه، وشبابه، وجسده. سرقوا أشياءه كُلها؟ كان فقيراً في موطن الأغنياء... ضعيفاً في موطن الأقوياء؛ "معتر ومنتوف" مهزوم؛ مقهور؛ ... حتى تراه يقول:
"الموت ليس هو الخسارة الكبرى، الخسارة الأكبر هو ما يموت فينا ونحن أحياء"!!!
لا يمكنني القول أن ما يميز أدب الرجل هو البلاغة والجزالة، لا بل تشعر أن مفرداته البسيطة مليئة بالسخرية والقهر والألم.... متى ينتهي الإنسان إلى السخرية إلا إذا انتهى لأقصى آلامه
لا بد وأنت تقرأ للماغوط أن تنتهي للنتيجة التالية...
أتعلمون لما يخشى الساسةُ ممن يكتب؟! لأنهم يعلمون أن عصفوراً صغيراً ليس له في الدنيا شيء؛ لا يملك منها سوا غُبار جناحيه؛ يستطيع أن يُوقف أعظم طائرة إذا دخل -ولو بالخطأ- لأحد محركاتها
كنت ادخر هذا الكتاب منذ اشتريته من سنوات لقراءة متمعنة، و مع ثورات الربيع العربي و ثورة سوريا فمحمد الماغوط هو الخيار بنظرته الصافية للصراع العربي الاسرائيلي كالعادة يضحكك و يكاد يبكيك رغم أني وحدت سأخون وطني أفضل من سيّاف الزهور، لكن القيمة السياسيّة في العملين متكافئة بنظري.
يستعصي الكتاب على التصنيف فهو ليس ديوانًا و لا كتاب يضم مقالات، هو حديث رجل مسن تتلظى كبده بهمومه كمواطن عربيّ عنده "دم" و ربما كان من أواخر الرجال الثائرين ضد اسرائيل بعد أن سقطت القضية في غيبوبة
رغم كل هذه القمم ... ما زلنا في الحضيض . عبقرية الماغوط رغم كتاباته من سنين ما زالت عم تترجم بيومنا هذا. قصص قصيرة وخواطر لا تتجاوز إحداها 3 صفحات . هناك تكرار كبير لكنه ممتع جداً ولا يخلو من فكاهة الماغوط رغم قساوة الواقع والقصص . فعلاً الماغوط من أعظم الكتاب السوريين
يحاول الماغوط كعادته، أن يرسم ابتسامة على شفاهنا، أو أن يرسم دمعة في عيوننا.. وفي هذا الكتاب ينجح كعادته في رسومه ولوحاته..غالباً.. وبما أنه أعسر (يساري) فهو يرسم فقط جهة اليسار بنجاح باهر
كنت اعرف أطال الزمن أو قصر ، سأعود الى الكتابة كما يعود القاتل الى مكان الجريمة ،لقدراجعت كل مكاتب الاستخدام فى العالم ،فأبلغونى بأن يديَّ لاتصلحان إلا للقيود !!
الأمة العربية في واقع الحال.. لا تشبه إلا سيارة باص ريفية هرمة موديل الأربعينات أو الخمسينات، مخلخلة الدواليب، مرقعة الإطارات.. متآكلة الطلاء.. مخّلعة الأبواب، ممزقة المقاعد، بلا مكابح أو دولاب احتياطي، أو قطع غيار، وبلا مصابيح أمامية أو خلفية وبدون نمرة، والسائق بدون رخصة. وركابها يتكدسون فوق بعضهم البعض على المقاعد وبينها.. وعلى السطح والرفاريف وعلى المؤخرة وغطاء المحرك ، وهم يهزجون ويمرحون ويلوحون للمارة بحرارة، وهي تترنح بهم ذات اليمين وذات الشمال على طريق جبلية وعرة بين الصخور الناتئة والوديان السحيقة نحو هاوية لا يعلم إلا الله قرارها . ومع ذلك كتب على مقدمتها ومؤخرتها وعلى جميع جوانبها: عين الحسود فيها عود. أو: عين !الحاسد تبلى بالعمى
ساخر ..ناقد..لاذع.. بسيط.. عفوي .. صريح حد الضحك..وعميق حد الألم .. . . ملخص الحال في اخر الصفحات
"ولذلك فإن الأمة العربية في واقع الحال، لا تشبه إلا سيارة باص ريفية هرمة موديل الأربعينات أو الخمسينات، مخلخلة الدواليب، مرقعة الإطارات، متآكلة الطلاء، مخّلعة الأبواب، ممزقة المقاعد، بلا مكابح أو دولاب احتياطي، أو قطع غيار، وبلا مصابيح أمامية أو خلفية وبدون نمرة، والسائق بدون رخصة. وركابها يتكدسون فوق بعضهم البعض على المقاعد وبينها، وعلى السطح والرفاريف وعلى المؤخرة وغطاء المحرك ، وهم يهزجون ويمرحون ويلوحون للمارة بحرارة، وهي تترنح بهم ذات اليمين وذات الشمال على طريق جبلية وعرة بين الصخور الناتئة والوديان السحيقة نحو هاوية لا يعلم إلا الله قرارها . ومع ذلك كتب على مقدمتها ومؤخرتها وعلى جميع جوانبها: عين الحسود فيها عود. أو: عين الحاسد تبلى بالعمى.
ساخر ..ناقد..لاذع.. بسيط.. عفوي .. صريح حد الضحك..وعميق حد الألم .. . . ملخص الحال في اخر الصفحات
"ولذلك فإن الأمة العربية في واقع الحال، لا تشبه إلا سيارة باص ريفية هرمة موديل الأربعينات أو الخمسينات، مخلخلة الدواليب، مرقعة الإطارات، متآكلة الطلاء، مخّلعة الأبواب، ممزقة المقاعد، بلا مكابح أو دولاب احتياطي، أو قطع غيار، وبلا مصابيح أمامية أو خلفية وبدون نمرة، والسائق بدون رخصة. وركابها يتكدسون فوق بعضهم البعض على المقاعد وبينها، وعلى السطح والرفاريف وعلى المؤخرة وغطاء المحرك ، وهم يهزجون ويمرحون ويلوحون للمارة بحرارة، وهي تترنح بهم ذات اليمين وذات الشمال على طريق جبلية وعرة بين الصخور الناتئة والوديان السحيقة نحو هاوية لا يعلم إلا الله قرارها . ومع ذلك كتب على مقدمتها ومؤخرتها وعلى جميع جوانبها: عين الحسود فيها عود. أو: عين الحاسد تبلى بالعمى.
لا أعلم لما أحب هذا الرجل ؟؟ لا لا بل أعلم يقينا لما أحبه هذا الذي أطلق على نفسهِ " أحدب نوتردام " ، هذا الذي يمشي بعكازتهِ على جراحه المنضودة و يتقلب على شقهِ العاري على شوك و حصير بالي هذا الذي ما إن تصافحه حتى يترك على كفك دمعا متحجرا بل طريا و أحمرا ترى فيه فلسطين و العراق و لبنان و سوريا و دول العرب من المحيط إلى الخليج سياف الزهور يا صديقي أخذ كل شيءٍ و أقفل المحل و ها نحن عراة الماغوط وحده يُعلمك في هذا الكتابِ الحزين الممزوج بحسه السخري كيف أن الكلمات تتحول إلى مرسى من جثث و قبور و أحلام متكتلة بالفاجعة
يعرف الماغوط أن تحرير فلسطين لن يأتي إلا بعد تحرير العقل العربي ؛ فمتى يشملنا جميعاً يقين هذه المعرفة ! "ولأننا في مأزق.. فالضباب يبقى ونحن نتلاشى!" سيطول انتظارنا لرؤية وجه حنظلة، ولن نجد مانقوله لهم ونحن في طريقنا للمقبرة "فماذا أقول لهم أكثر مما يقوله الكمان للعاصفة؟"
يكتب سيّاف الزهور لنقرأ عن يومنا الشبيه بالأمس وما قبله، متتاليات بائسة تميت العاطفة والفكر، وحين تلتمع دماء الأطفال على الشاشات نصحو كمن كدّرت نومه الكوابيس يستعيذ منها ثلاثاً ويعود آمِناً إلى النوم.
استمتعتُ بقراءة هذا الكتاب جداً رغم أني لم أكن يوماً من هواة السياسة ولا القراءة فيها. عرض الماغوط أوجاع أمته العربية بأسلوب ساخر يتوسط دموع الروح على ما تعانيه الشعوب العربية من وجع واضطهاد وتفرقة ويأس. سهلٌ ممتنع. ومع أن الكتاب تم نشره منذ عام 2001 وبعض النصوص/المقالات كانت منشورة منذ العام 1992، إلا أنني لم أشعر فيه بغربةٍ عن الواقع الحاليّ عدى عن أن اللعب أصبح "ع المكشوف" أكثر والضربات صارت "على عينك يا تاجر"!
أغلقتُ الصفحة الأخيرة من هذا الكتاب و أنا أدور و أهذي في هلوسات ماغوطيّة، و لم أسمِّها بالهلوسات إلا لأننا نعيش في مصحة عقلية يُطلق عليها العالم الثالث. يصفعني حرف و تغرقني كلمة و تبتلعني جملة. في مداراته الفريدة من الجُمَل و ضدّها، الكلمات و مرادفاتها، الأنظمة السياسية و تفاصيلها و جنونها و غطرستها، تركني الماغوط في محراب الألم، أتضرّع لمن خلقني و خلقه، أن تنعم روحه التي عُذّبت على مدى اثنين و سبعين عاماً ، بالسلام الذي كان يُنشده طيلة حياته و مؤلفاته و صفحاته. رحم الله الماغوط
روعة أسلوب الماغوط و دقة وصفه لا يعكرهما سوى القليل من الكلمات المرادفة التي قد تمل من مشاهدتها بشكل عام لا أظن أن هناك كاتب عربي أسلوبه ساخر و قادر على لمس الواقع و تحطيمه أحياناً كالماغوط
"...ولذلك ليس من المحتمل بل من المؤكد أننا سنسمع عم قريب رضيعاً عربياً في شهوره الأولى يقول لرضيع عربي آخر أصغر سناً وهما يحبوان في أرجاء البيت: أترى هذه الصورة المعلقة في صدر الصالون وذلك الطفل الوقور الذي يتوسطها، وقد غطى الشيب رأسه وملأت التجاعيد وجهه وبالونه ودميته، وهو ينظر إلى الأفق بعظمة ورضا؟! إنه جدي... لقد عاش عمراً مديداً رحمه الله.. لقد عاش حتى الخامسة. فيدهش الرضيع الآخر ويسأله وهو ينظر إلى الصورة بإعجاب وحسد: وهل سنعيش نحن مثله؟ فيجيبه الرضيع الآخر: إذا راعينا الشروط الصحية والنفسية التي توفرها لنا الدولة، وواتتنا ظروف عربية وإقليمية ودولية مناسبة فقد نعيش حتى الخامسة.. وحتى السادسة. من يعلم؟ إنه على كل شيء قدير. وكاسك يا وطن.. " . -المعمر العربي من أجمل المقاطع التي قرأتها في الكتاب.. ومن الأعظم للماغوط عموماً 🔥♥
فى بضع ورقات لاتتعدى السبعون على غير هيئة الديوان على غير منبت الرواية او شكل القصة على جذور أعمق و أوسع اتخذت لنفسى مكانا داخل شاشات قريبة ذهبت بها إلى أبعد أرض كانت و كنت أظننى سأعود ..
سياف الزهور الماغوط الكبير 💝
This entire review has been hidden because of spoilers.