What do you think?
Rate this book
Liquid Series
الخوف السائل
قطعت الثقافة الغربية وعوداً كثيرة من بينها الوعد باستئصال الخوف من العالم وإخضاعه الإدارة بشرية وعقلانية وكان ذلك يعني استبعاد لغة القضاء والقدر والبلاء والابتلاء والتحوّل الى لغة الادارة والاستحقاق والمسؤولية والإدارة , وكانت هذه المفردات الجديدة تطمح إلى محاربة المجالات الثلاثة التي يصدر عنها الخوف اولاً :جموح الطبيعة، فقد أعلنت الحداثة عزمها على استئصال الخوف الكوني الصادر عن طبيعة هائجة لا يمكن السيطرة عليها، فأهملت فكرة القضاء والقدر، وحمّلت الإنسان اللمسؤولية عن الشر ودعت إلى الكف عن لوم الإله على ذلك. .ثانياً:هشاشة جسد الإنسان، وخوفه من أمراضه، فحاربت الحداثة الشبح المخيف الذي يطرق الأبواب ليقبض الأرواح وصار للموت أسباب "طبيعية". ثالثاً: العدوان البشري، القائم على مقولة توماس هوبز بأن "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان"، فكان الحل بوجود دولة قوية تهذب الرغبات الكامنة في الإنسان، دولة تعتمد "جهنم الدنيوية الواقعية"، بدلاً من "جهنم الأخروية المتخيلة".
وعلى الغرم من كل هذه المحاولات والأمل في التخلص من آثار الدولة الشمولية، ونزعاتها المتطرفة، وتأسيس دولة الرعاية الاجتماعية من أجل استئصال الخوف من المستقبل، وتحقيق الأمن الاجتماعي، إلا أننا ما زلنا أمام دولة انسحبت من أدوارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأفسحت الطريق أمام عولمة الاقتصاد وعولمة الجريمة وعولمة الإرهاب، وباتت الدولة نفسها تبرر القتل الجماعي ونزع إنسانية الإنسان.
وعلى الغرم من كل هذه المحاولات والأمل في التخلص من آثار الدولة الشمولية، ونزعاتها المتطرفة، وتأسيس دولة الرعاية الاجتماعية من أجل استئصال الخوف من المستقبل، وتحقيق الأمن الاجتماعي، إلا أننا ما زلنا أمام دولة انسحبت من أدوارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأفسحت الطريق أمام عولمة الاقتصاد وعولمة الجريمة وعولمة الإرهاب، وباتت الدولة نفسها تبرر القتل الجماعي ونزع إنسانية الإنسان.
238 pages, Paperback
First published January 1, 2006
134 people are currently reading
3414 people want to read
About the author
Zygmunt Bauman
289 books2,395 followersZygmunt Bauman was a world-renowned Polish sociologist and philosopher, and Emeritus Professor of Sociology at the University of Leeds. He was one of the world's most eminent social theorists, writing on issues as diverse as modernity and the Holocaust, postmodern consumerism and liquid modernity and one of the creators of the concept of “postmodernism”.
Ratings & Reviews
Friends & Following
Create a free account to discover what your friends think of this book!
Community Reviews
Displaying 1 - 30 of 86 reviews
March 1, 2019
الحداثة لم تفى بكل وعودها فسقط الإنسان فى فخاخ سوءاتها ولم يجنى أياً من ثمارها
الوعد الأهم للحداثة كان تحرير عقل الإنسان من الخرافات والمعتقدات سواء صحيحة أو خاطئة بمعنى أدق تفريغ الإنسان من أى اعتقاد أو مبدأ، لذلك توجب على الحداثة أن توفر الأمان اللازم للإنسان للإيمان فقط بها وليكفر بباقى المعتقدات.
لكن الحداثة فشلت فى توفير الأمان المزعوم لمعتقديها وعلى العكس كانت الممارسات الحداثية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية أكبر باعث على الخوف وعدم الأمان.
يستعرض باومان فى هذا الكتاب أشكال الخوف التى أصابت إنسان الحداثة وأهمها الخوف من الموت:
الموت فى زمن الحداثة أصبح سائلاً ويسرى فى المجتمع بسرعة وبسهولة لدرجة أن الحوادث الكبرى أصبحت متلازمة تصيب الحداثة وزمانها، فكل أشكال الأمراض المستعصية التى لم يسمع بها الإنسان من قبل أصبحت الآن هى الأسباب الطبيعية للموت من جانب وحوادث الطيران والقطارات والسيارات على الطرق السريعة من جانب والكوارث الطبيعية وغضب الطبيعة من ممارسات الحداثة كالتسونامي والزلازل المدمرة والانهيارات الأرضية كما فى واقعة فوكوشيما فى اليابان والانفجارات النووية وغيرها، كل هذه الكوارث شكلت كبرى الأزمات بالنسبة للحداثة التى وعدت بموت الإله واستبعاد لغة القضاء والقدر والبلاء والابتلاء واستبدالها بلغة الإرادة والاستحقاق والمسئولية والإدارة والمحاسبة، ببساطة وعدت الحداثة بالسيطرة على الطبيعة والحوادث وإدارتها بما يحفظ حياة الإنسان ولم تفى بما وعدت فى المقابل.
واحد من أهم اسباب غياب الأمان وانتشار الخوف بين إنسان الحداثة هو غياب العدالة
الإرهاب أيضاً هو أحد أسباب الخوف ويرى باومان أن مكافحة الإرهاب لم تؤتى ثمارها بل على العكس معدلات الجرائم الإرهابية فى ازدياد وأن امريكا قامت بصناعة ذلك الوحش المسمى إرهاباً فقبل الحادى عشر من سبتمبر لم يحمل تنظيم القاعدة إسماً من الأساس لكن الحرب على الإرهاب التى قادتها الولايات المتحدة ضد التنظيم جعلته عباءة تنضوى تحت لواءها كل الحركات والمنظمات والتنظيمات والأفكار فأصبح التنظيم أقوى وأكبر وأكثر عدداً ومريدين.
يعرج هنا باومان على أهم نقاط الكتاب والتى ربما زادت من تقييم الكتاب نجمة إضافية فى رأيى وهى أن أهم تبعة من تبعات الخوف فى زمن الحداثة هو تفكك الروابط الاجتماعية واختلاف نظرة الفرد للتجمعات البشرية باعتبارها مصدر للقلق مادام الجميع يبحثون عن مصالحهم الفردية بغض النظر عن مصالح الآخرين كما يتضح فى الاقتباس التالى:
مارجريت تاتشر واحدة من أهم المؤمنين بالنيوليبرالية، المرأة الحديدية التى قالت أنه لا وجود لما يُسمى بالمجتمع وأنه فقط هناك أفراد وعائلات، فكانت تؤمن بضرورة أن ترفع الدولة يدها عن كل أشكال الضمان أو التكافل الاجتماعى وأنه حان الوقت للشعب أن يعتمد على نفسه فهو لم يعُد ذلك الرضيع الذى يبكى فى انتظار الطعام، رفع الدولة يدها عن الرعاية الصحية والذى ربما يتجلى فى بلادنا العربية بصورة أكبر دفع الخوف لزيادة إطرادية مادام الفرد مضطراً لمجابهة المرض بمفرده والدولة قررت أن تكون بمعزل عن ذلك الصراع
الوعد الأهم للحداثة كان تحرير عقل الإنسان من الخرافات والمعتقدات سواء صحيحة أو خاطئة بمعنى أدق تفريغ الإنسان من أى اعتقاد أو مبدأ، لذلك توجب على الحداثة أن توفر الأمان اللازم للإنسان للإيمان فقط بها وليكفر بباقى المعتقدات.
لكن الحداثة فشلت فى توفير الأمان المزعوم لمعتقديها وعلى العكس كانت الممارسات الحداثية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية أكبر باعث على الخوف وعدم الأمان.
يستعرض باومان فى هذا الكتاب أشكال الخوف التى أصابت إنسان الحداثة وأهمها الخوف من الموت:
الموت فى زمن الحداثة أصبح سائلاً ويسرى فى المجتمع بسرعة وبسهولة لدرجة أن الحوادث الكبرى أصبحت متلازمة تصيب الحداثة وزمانها، فكل أشكال الأمراض المستعصية التى لم يسمع بها الإنسان من قبل أصبحت الآن هى الأسباب الطبيعية للموت من جانب وحوادث الطيران والقطارات والسيارات على الطرق السريعة من جانب والكوارث الطبيعية وغضب الطبيعة من ممارسات الحداثة كالتسونامي والزلازل المدمرة والانهيارات الأرضية كما فى واقعة فوكوشيما فى اليابان والانفجارات النووية وغيرها، كل هذه الكوارث شكلت كبرى الأزمات بالنسبة للحداثة التى وعدت بموت الإله واستبعاد لغة القضاء والقدر والبلاء والابتلاء واستبدالها بلغة الإرادة والاستحقاق والمسئولية والإدارة والمحاسبة، ببساطة وعدت الحداثة بالسيطرة على الطبيعة والحوادث وإدارتها بما يحفظ حياة الإنسان ولم تفى بما وعدت فى المقابل.
واحد من أهم اسباب غياب الأمان وانتشار الخوف بين إنسان الحداثة هو غياب العدالة
الإرهاب أيضاً هو أحد أسباب الخوف ويرى باومان أن مكافحة الإرهاب لم تؤتى ثمارها بل على العكس معدلات الجرائم الإرهابية فى ازدياد وأن امريكا قامت بصناعة ذلك الوحش المسمى إرهاباً فقبل الحادى عشر من سبتمبر لم يحمل تنظيم القاعدة إسماً من الأساس لكن الحرب على الإرهاب التى قادتها الولايات المتحدة ضد التنظيم جعلته عباءة تنضوى تحت لواءها كل الحركات والمنظمات والتنظيمات والأفكار فأصبح التنظيم أقوى وأكبر وأكثر عدداً ومريدين.
يعرج هنا باومان على أهم نقاط الكتاب والتى ربما زادت من تقييم الكتاب نجمة إضافية فى رأيى وهى أن أهم تبعة من تبعات الخوف فى زمن الحداثة هو تفكك الروابط الاجتماعية واختلاف نظرة الفرد للتجمعات البشرية باعتبارها مصدر للقلق مادام الجميع يبحثون عن مصالحهم الفردية بغض النظر عن مصالح الآخرين كما يتضح فى الاقتباس التالى:
مارجريت تاتشر واحدة من أهم المؤمنين بالنيوليبرالية، المرأة الحديدية التى قالت أنه لا وجود لما يُسمى بالمجتمع وأنه فقط هناك أفراد وعائلات، فكانت تؤمن بضرورة أن ترفع الدولة يدها عن كل أشكال الضمان أو التكافل الاجتماعى وأنه حان الوقت للشعب أن يعتمد على نفسه فهو لم يعُد ذلك الرضيع الذى يبكى فى انتظار الطعام، رفع الدولة يدها عن الرعاية الصحية والذى ربما يتجلى فى بلادنا العربية بصورة أكبر دفع الخوف لزيادة إطرادية مادام الفرد مضطراً لمجابهة المرض بمفرده والدولة قررت أن تكون بمعزل عن ذلك الصراع
June 19, 2014
I’m surprised at how many books I’ve been reading lately that are very similar to Beck’s Risk Society. Now, this isn’t a bad thing, as some of the ideas in that are really, really important and need to be thought about much more broadly. In some ways the key ideas here are very much those explained by Beck in his book.
So, fear. We are mostly afraid of death. And not least because we can’t really conceive it. There was a story, (true, I suppose) about an American on death row who was eating his last meal. He stood up to leave his cell and the guard asked him if he didn’t want to eat his cake. He said he was full and would have it when he got back. This was in an article about America killing people with low IQs.
But there is now an advertising industry in Australia selling funeral insurance and, it seems to me, one of the big selling points is that because you get to pay for the funeral yourself you get to choose how the ‘celebration’ of your life will occur, what music will be played and so on. How is that different from the guy wanting to eat his cake after the electric chair?
Our struggle against death is really something worth thinking about. Recently I read somewhere that more people are alive today who are over 50 than there have been over 50 in the whole of human history. This could well be one of those ‘statistics’ that sound good, but aren’t really true, like that the living outnumber the dead, but all the same, the last hundred years has seen a remarkable change in life expectancy. If we were more rational creatures we would be infinitely grateful for the good nutrition and sanitation (perhaps less so for certain medical advances that generally get much more praise than is deserved). Instead of being grateful we almost assume that mortality is some sort of flaw and one we will very soon overcome.
As Bauman says here, no one just dies anymore. How annoyed would you be if someone you know and love died of ‘natural causes’? Surely, that would just mean that the doctor didn’t know what killed them. We need to know it was a heart attack or liver failure or something else – and then, knowing that, we can imagine ways and means of someday stopping those things from killing us. The idea we ‘have to die of something’ seems impossible to us – if not symptomatic of either too much pessimism or a defeatist attitude.
There is a clear relationship between fear and powerlessness. He makes a lot of the Lisbon Earthquake and how ‘acts of God’ all fall into that long tradition back to the Book of Job – God does crazy shit, you can’t understand it, you just need to put up with it. But now it is worse. Our society probably couldn’t exist if it wasn’t for people following orders and doing stuff they wouldn’t normally dream of doing. It isn't just god that does crazy shit - it's us too. Like nurses who will inflict incredible pain on patients because they are following orders from doctors. What we might call ‘necessary pain’. Ariely talks about this in his The Upside of Irrationality where he tells a doctor that removing bandages one way is better than removing them another way – and the doctor says, yes, but only for the patient. The standard example that is always given is Nazi Prison Guards, of course, but in a bureaucratic world we are all just following orders. How long would you last in virtually any job if you said 'I can't do that, it goes against my basic morality'.
The worst of it is that the problems that really face the world, and the things we ought to be most afraid of, are things we have little or no control over. And not just us, but even our national governments have virtually no control over them either. Worse still, it is in the interests of the very powerful that there is no extension of democratic rights to the global sphere. Today we elect governments that can do virtually nothing about the issues that are to have the most devastating affects on us – global warming, pollution, nuclear weapons – but that then go on to create other fears they can look like they are busy addressing – terrorism anyone?
There was a time when an American President could say, “We have nothing to fear but fear itself”. Imagine if a politician said that today. It is inconceivable. Politicians today multiply fears, they create fears were none existed before. And it is only in this process that they can hope to be elected. It is only through this process that they can help us take our eyes from what are the real issues facing us and that they and we can do nothing about.
And in the process of having us afraid we are increasingly expected to turn to our own resources to tackle these global issues. We are being encouraged to become atoms – remember Thatcher saying there is no society, only individuals – except there is a society and there are society wide problems that can only be faced by citizens, not by individuals.
Marx said at one point, workers of the world unite. But we have seen pretty much the exact opposite of this. Now jobs disappear from high wage countries and end up in low wage countries, only to be moved to lower wage countries. The fear of having one’s livelihood stolen isn’t an irrational fear, it is the lived experience of swathes of people across the planet. But global capitalism is virtually beyond regulation in any form at all. To the point where, for the largest firms, things like paying taxes have become virtually discretionary. The effect of this is to smash organised labour so that there is no competition for capital at all. The consequences are child labour, clothing factory fires, gross exploitation and all covered by mantras about cheaper goods and long-term development advantages. The dream being, I assume, that one day capitalism will run out of cheap labour markets and suddenly everyone will be better off.
When I was a kid the standard call was to ‘think globally but act locally’ – the problem is that we need to act globally to overcome global problems. And we need to do that as global citizens in more than just name. As he says, today the global citizens come in three varieties – the global capitalist who destroys the planet, global academics who go to conferences to discuss how the capitalists are destroying the planet (or to praise them in their destruction) and global terrorists. Perhaps we could do with some global citizens in there too with the power to enforce international behaviours a couple of steps up from our current piracy and pillage. People were able to stop the slave trade, despite all of the reasonable economic arguments about why this would be ultimately impossible.
So, fear. We are mostly afraid of death. And not least because we can’t really conceive it. There was a story, (true, I suppose) about an American on death row who was eating his last meal. He stood up to leave his cell and the guard asked him if he didn’t want to eat his cake. He said he was full and would have it when he got back. This was in an article about America killing people with low IQs.
But there is now an advertising industry in Australia selling funeral insurance and, it seems to me, one of the big selling points is that because you get to pay for the funeral yourself you get to choose how the ‘celebration’ of your life will occur, what music will be played and so on. How is that different from the guy wanting to eat his cake after the electric chair?
Our struggle against death is really something worth thinking about. Recently I read somewhere that more people are alive today who are over 50 than there have been over 50 in the whole of human history. This could well be one of those ‘statistics’ that sound good, but aren’t really true, like that the living outnumber the dead, but all the same, the last hundred years has seen a remarkable change in life expectancy. If we were more rational creatures we would be infinitely grateful for the good nutrition and sanitation (perhaps less so for certain medical advances that generally get much more praise than is deserved). Instead of being grateful we almost assume that mortality is some sort of flaw and one we will very soon overcome.
As Bauman says here, no one just dies anymore. How annoyed would you be if someone you know and love died of ‘natural causes’? Surely, that would just mean that the doctor didn’t know what killed them. We need to know it was a heart attack or liver failure or something else – and then, knowing that, we can imagine ways and means of someday stopping those things from killing us. The idea we ‘have to die of something’ seems impossible to us – if not symptomatic of either too much pessimism or a defeatist attitude.
There is a clear relationship between fear and powerlessness. He makes a lot of the Lisbon Earthquake and how ‘acts of God’ all fall into that long tradition back to the Book of Job – God does crazy shit, you can’t understand it, you just need to put up with it. But now it is worse. Our society probably couldn’t exist if it wasn’t for people following orders and doing stuff they wouldn’t normally dream of doing. It isn't just god that does crazy shit - it's us too. Like nurses who will inflict incredible pain on patients because they are following orders from doctors. What we might call ‘necessary pain’. Ariely talks about this in his The Upside of Irrationality where he tells a doctor that removing bandages one way is better than removing them another way – and the doctor says, yes, but only for the patient. The standard example that is always given is Nazi Prison Guards, of course, but in a bureaucratic world we are all just following orders. How long would you last in virtually any job if you said 'I can't do that, it goes against my basic morality'.
The worst of it is that the problems that really face the world, and the things we ought to be most afraid of, are things we have little or no control over. And not just us, but even our national governments have virtually no control over them either. Worse still, it is in the interests of the very powerful that there is no extension of democratic rights to the global sphere. Today we elect governments that can do virtually nothing about the issues that are to have the most devastating affects on us – global warming, pollution, nuclear weapons – but that then go on to create other fears they can look like they are busy addressing – terrorism anyone?
There was a time when an American President could say, “We have nothing to fear but fear itself”. Imagine if a politician said that today. It is inconceivable. Politicians today multiply fears, they create fears were none existed before. And it is only in this process that they can hope to be elected. It is only through this process that they can help us take our eyes from what are the real issues facing us and that they and we can do nothing about.
And in the process of having us afraid we are increasingly expected to turn to our own resources to tackle these global issues. We are being encouraged to become atoms – remember Thatcher saying there is no society, only individuals – except there is a society and there are society wide problems that can only be faced by citizens, not by individuals.
Marx said at one point, workers of the world unite. But we have seen pretty much the exact opposite of this. Now jobs disappear from high wage countries and end up in low wage countries, only to be moved to lower wage countries. The fear of having one’s livelihood stolen isn’t an irrational fear, it is the lived experience of swathes of people across the planet. But global capitalism is virtually beyond regulation in any form at all. To the point where, for the largest firms, things like paying taxes have become virtually discretionary. The effect of this is to smash organised labour so that there is no competition for capital at all. The consequences are child labour, clothing factory fires, gross exploitation and all covered by mantras about cheaper goods and long-term development advantages. The dream being, I assume, that one day capitalism will run out of cheap labour markets and suddenly everyone will be better off.
When I was a kid the standard call was to ‘think globally but act locally’ – the problem is that we need to act globally to overcome global problems. And we need to do that as global citizens in more than just name. As he says, today the global citizens come in three varieties – the global capitalist who destroys the planet, global academics who go to conferences to discuss how the capitalists are destroying the planet (or to praise them in their destruction) and global terrorists. Perhaps we could do with some global citizens in there too with the power to enforce international behaviours a couple of steps up from our current piracy and pillage. People were able to stop the slave trade, despite all of the reasonable economic arguments about why this would be ultimately impossible.
October 21, 2017
في زمن اللايقين هذا كلنا خائفون. لم تنجح الحداثة في استئصال هذا الشعور منا بعد وعدها لنا بالأمان. بل توزع هذا الخوف من مخاوف كبرى و عظمى (صلبة) على التفاصيل الدقيقة للحياة اليومية (سائلة). هذا الكتاب يبين السمات النفسية لواقعنا الحديث. يشيح قناع الأمان الموعود عن قبح الحداثة المخيف!
خوف سائل مائع لا تنحصر أسبابه، يأتي هذا الكتاب ليشرح خلفياته و محركاته عبر ستة فصول تحبس الأنفاس من أمتعها الفصل الثالث "الهلع مما لا يمكن إدارته".
خوف سائل مائع لا تنحصر أسبابه، يأتي هذا الكتاب ليشرح خلفياته و محركاته عبر ستة فصول تحبس الأنفاس من أمتعها الفصل الثالث "الهلع مما لا يمكن إدارته".
January 3, 2023
لقد فشلت الحداثة في تحقيق وعودها بالسيطرة على المخاوف والكوارث الطبيعية وتجريد الإنسان من نتائج افعالة_ بفصل الحياة عن ما هو بعد الموت_و لم تكتفي بذلك فحسب بل قامت بتوزيع المخاوف على كافة تفاصيل الحياة اليومية وأن مواجهة هذه التهديدات هي مسئوليه الأفراد، وبدلا من رعاية الدولة ظهرت الأسواق بما فيها من الابواب الأمنة والعربات المصفحة والأسوار العالية وكاميرات المراقبة، ومن لا يملك تكلفة ذلك كله عليه أن يبحث عن طرق أقل تعقيدا حتى لو كانت اكثر وحشية.
----------------------
إيه هو الخوف؟ الخَوْف هو الشعور الناجم عن الخطر أو التهدي�� ويقوم بدوره بالتسبب في تغير في وظائف الأيضية والعضوية ويفضي في نهاية المطاف إلى تغيير في السلوك.
إيه هو الخوف المشتق؟ هو إطار ثابت للعقل، خوف «من الدرجة الثانية»،إنه شيء أقرب إلى خوف، إذا جاز التعبير، «يعاد تدويره، اجتماعياً وثقافيا» وهو أقرب إلى أثر ناتج عن التعرض للخطر، إنه شعور بفقدان الأمان و شعور بالعجز ناتج عن عدم الثقة بالدفاعات المتاحة أكثر من صدوره عن حجم الأخطار الحقيقية أو طبيعتها.
وإذا ما استوعب المرء رؤية للعالم تقوم على الإحساس بفقدان الأمان والعجز، فإنه يلجأ عادة، حتى في غياب خطر حقيقي، إلى استجابات ملائمة من أجل مواجهة مباشرة مع الخطر، وهكذا يكتسب «الخوف المشتق» قوة دفع ذاتي. فيصير الخوف جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان و يتمدد حتى يسيطر على الجو العام للواقع ويكتسب صفة السيولة و الاستمرارية. ومن هنا يأتي "الخوف السائل"
الخوف الأول :
يبدو أن البشر يشاركون جميع الحيوانات «الخوف الأول»، الخوف من الموت،فهو خوف فطري متوطن. ولكننا نحن البشر وحدنا نعلم أنه لا مفر من الموت، ومن ثم نواجه مهمة عصيبة تتمثل في القدرة على البقاء بعد اكتساب هذه المعرفة، إنها مهمة التعايش مع الوعي بحتمية الموت، ورغماً عن هذه الحتمية. فالإنسان يدرك الموت لأنه إنسان، وهو إنسان لأنه موت يتحقق بمرور الزمن.
إن الموت مخيف بسبب تلك الصفة المختلفة عن جميع الصفات الأخرى، إنها صفة تجعل من كافة الصفات الأخرى أمراً غير قابل للنقاش ؛ فكل حدث نعرفه أو نعرف عنه ـ عدا الموت ـ له وعد مكتوب بحبر لا يمكن محوه، وهو أن القصة ستتواصل؛ وأما الموت فلا يحمل إلا نقشاً واحداً، وهو «افقد كل الأمل يا من تدخل هنا!» .ولهذا السبب يبقى الموت سراً يستعصي على الأحياء فهمه، وإذا أردنا أن نرسم حداً لا يمكن أن يتجاوزه الخيال البشري، فإن الموت حد لا نظير له؛ فالشيء الواحد الوحيد الذي لا نستطيع أن نتصوره، ولن يمكننا أن نتصوره أبداً، هو عالم لا يحتوينا ونحن نتصوره.
هناك عدة استرتيجيات أساسية للتعايش مع الوعي باقتراب الموت؛ فأما الاستراتيجية الأولى فهي بناء جسور بين الحياة الفانية والحياة الأبدية ـ بمعنى إعادة صياغة الموت باعتباره بداية جديدة الحياة خالدة)، لا باعتباره نهاية النهايات.
الاستراتيجية الثانية فتتمثل في تهميش المخاوف المرتبطة بحتمية الموت، عبر نزع قيمة أي شيء قد يتجاوز الحياة الفردية أو تفاصيلها المحددة بعد الموت و التركيز على اللحظة الراهنة. فهذه الحيلة لا تعد ببناء جسور تربط الحياة الفانية بالأبدية، بل إنها تستخف بوضوح بقيمة الدوام، وتنتقصها ، وتنكرها، وتقتلع الاهتمامات بالخلود من جذورها، وتنقل الأهمية التي كانت مخصصة «للحياة الأخروية» لتزرعها في اللحظة الراهنة، إنها تنقلها من الحياة الدائمة إلى الحياة الزائلة.
الاستراتيجية الثالثة فهي تحويل الاهتمام (والقلق) من الموت نفسه، باعتباره حدثاً كونياً حتمياً، إلى «أسباب» خاصة للموت، يمكن تحييدها أو مقاومتها مثل الامراض أو حوادث السير أو الكوارث أو الجرائم.
الاستراتيجية الرابعة فهي «البروفة المجازية» اليومية على الموت في حقيقته الكئيبة المتمثلة في النهاية «المطلقة»، و«الكبرى»، و«القاطعة»، حتى يمكن النظر إلى تلك «النهاية»، كما الموضات والصيحات المستوحاة من الماضي، على أنها ليست مطلقة بالكامل، وعلى أنها قابلة للإلغاء والتغيير، فهي لا تعدو أن تكون حدثاً بسيطاً بين أحداث عدة. و ذلك من خلال تفكيك الموت والتطبيع معه.
الخوف و الكوارث الطبيعة و الشرور الأخلاقية:
إن حماية الإنسانية من نزوات الطبيعة وتقلباتها العمياء كان جزءاً متمماً لوعد الحداثة، ولكن تطبيق الحداثة لذلك المشروع لم يقلل من عمى الطبيعة ولا تقلباتها، بل ركز بدلاً من ذلك على التوزيع الانتقائي للحصانة من آثارها؛ فصراع الحداثة من أجل ترويض الكوارث الطبيعية يتبع نموذج بناء النظام والتقدم الاقتصادي، إنه يقسّم الإنسانية إلى فئة تستحق العناية والرعاية وفئة عديمة القيمة ـ كائنات غير جديرة بالحياة ؛وعليه فإنه يتخصص في التوزيع المتباين للمخاوف ـ مهما كان السبب الخاص بالخوف المقصود.
ويتضح ذلك التباين في اعصار كاترينا حيث قللت السلطات المسئولة حجم الانفاق على إجراءات الحماية من الفيضانات وإدارة الأزمات مع علمها باحتمال وقوع الكارثة في أي لحظة، و حتى بعد الكارثة كانت كل همها هو إحتواء الأضرار و فرض سيطرتها على الفوضى والقبص على الناهبين و قتلهم بالرصاص الحي دون تفرقة بين سارقي الأجهزة الالكترونية أو سارقي الطعام دون النظر إلي الأرواح أو كيفية انقاذها. وذلك قبل الذهاب إلى إطعام من يموتون جوعاً، وإيواء المشردين، ودفن الموتى؛ فكان يبدو أن الدافع وراء إرسال القوات هو أن النظام والقانون اللذين وضعهما الإنسان أضحيا مهددين، وليس الرغبة في إنقاذ ضحايا الكارثة الطبيعية.
أما الأزمة الأخلاقية فتتضح في معسكرات النازية والإبادة الجماعية و القنابل النووية التي اصابت هيروشيما وناغازاكي وراحت ضحاياهم بالملايين، لقد كان الضحايا بشر مثلنا ولكن هل كان الجناة بشر مثلنا؟! إن هذين الأمرين يثيران الخوف ؛ فأما الحقيقة الأولى فهي دعوة للفعل، وأما الحقيقة الثانية فهي تعطيل للفعل و تعجيز له هامسة في آذاننا بأن مقاومة الشر لا طائل منها. وقد يكون ذلك هو السبب الذي يجعلنا نقاوم الحقيقة الثانية بشدة؛ فالخوف الذي نخشاه بحق، ولا طاقة لنا به قط، هو الخوف من الشعور بأن الشر لا يقهر.
ولكن الأخبار المفزعة هي أن اولئك البشر لم يكنوا شياطين، بل كانوا مثل أي إنسان طبيعي وهادئ و«عادياً» للغاية، كان من عينة الناس الذين تمر بهم في الشوارع من دون أن تلاحظ وجودهم، ويصعب تمييزه من من حوله باعتباره زوجاً أو أباً أو جاراً. فعند التحقيق مع أحد قيادات النازية أتت نتائج التحليل النفسي بصورة طبيعية تماما وكان يحاول أن يقنع القاضي أن قتل ستة ملايين من البشر هو أثر جانبي لتفانية في عمله و تنفيذ الٱوامر و اتقان العمل الوظيفي. و تلك فضيلة تربى عليها جميع الموظفين في البيروقراطيات الحديثة. ويرجع ذلك إلى
1- الاتجاه نحو تحييد الفعل الاجتماعي وإخراجه من القانون الأخلاقي، وذلك بالتهوين من أهمية المعايير الأخلاقية، أو كلما أمكن استئصال تلك المعايير تماماً من تقويم استحباب الأفعال البشرية (أو جوازها)، بحيث ينتهي المطاف بتجريد النفس البشرية الفردية الفاعلة من حسها الأخلاقي وقمع باعثها الأخلاقي .
2- تجريد النفس البشرية الفردية من المسؤولية الأخلاقية عن تبعات أفعالها.
فقد سعت البيروقراطية إلى إلغاء العواطف البشرية في العمل، وإلى منع الروابط الروحية الممتدة خارج العمل، وإلى إبطال الولاءات لأهداف غير الأهداف الرسمية للعمل، وإلى حظر الخلط بين قواعد السلوك البشري وقواعد العمل ولوائحه.
وإذا كانت بيروقراطية العصر الحديث الصلب قد «حيدت» الآثار الأخلاقية للأفعال البشرية، فإن التكنولوجيا المتحررة في أزمنتنا السائلة تفعل شيئاً مشابهاً عبر «توفير المهدئات والمسكنات الأخلاقية». إنها توفر مخارج مختصرة ظاهرية للبواعث الأخلاقية، وحلولاً سريعة عابرة للمعضلات الأخلاقية، بينما تريح الفاعلين من المسؤولية عن كل ذلك، وهي بذلك تحول تلك المسؤولية إلى الأدوات التقنية، وعلى المدى البعيد «تجرد» الفاعلين من «المهارات الأخلاقية» وتخدر ضميرهم الأخلاقي، وتغرس اللامبالاة تجاه التأثير الكامل للتحديات الأخلاقية؛ وهي بوجه عام تجرد الفاعلين من أسلحتهم الأخلاقية ومن الإقدام على خيارات صعبة تتطلب قدراً من إنكار الذات أو التضحية بها."مثل المشاركة في الهشتاجات و التريندات للتعاطف دون الأفعال الحقيقية."
وهكذا لا ينتهي الخوف، والذي عادة ما تثيره التباسات الموقف الأخلاقي والتباسات الخيارات الأخلاقية، بل العكس هو الصحيح؛ فعادة ما يتضخم الخوف لأنه ينتقل بعيداً من مواجهة مباشرة ويركز على عمليات تكنولوجية يسيء الفاعل الأخلاقي فهمها ويعجز عن اختراق ديناميتها ، ناهيك عن التحكم فيها. فالثمن الذي سيدفع لتلك «المسكنات الأخلاقية» هو نقل الأمر الأخلاقي إلى مجال «المجهول العظيم»، حيث تتولد الكوارث التي تتجاوز قدرة البشر على التنبؤ بها وصدها.
أهوال العولمة:
"لم يعد هناك مكاناً للهروب" هكذا عبر ميلان كونديرا عن الوحدة البشرية التي جلبتها العولمة.
يحوم شبح العجز حول كوكب «خاضع لعولمة سلبية»، فنحن جميعاً في خطر، ونحن جميعاً نجسد أخطاراً تهددنا جميعاً، ولا نخرج جميعاً - عن أدوار ثلاثة: الجناة، والضحايا، و«الأضرار التابعة». فأما الجناة فما أكثر المزايدين منهم، وأما الضحايا والأضرار التابعة فإنهم يزدادون باستمرار . وهكذا فإن المتضررين بالفعل من العولمة السلبية يسعون بجنون وراء الهرب والانتقام، وأما من لم يصيبهم الضرر بعد فقد أصابهم الرعب بأن دورهم قد يأتي - وسيأتي. ففي كوكب تحكمه شبكة الاعتماد المتبادل بين البشر، ليس هنالك من شيء يفعله الآخرون أو بوسعهم أن يفعلوه من دون التأثير في إمكاناتنا وفرصنا وأحلامنا. وليس هنالك من شيء نفعله ولا نكف عن القيام به من دون أن يؤثر في إمكانات الآخرين وفرصهم وأحلامهم. ومن الشائع الآن أن نناقش وضعنا الجديد للاعتماد المتبادل والاتصال الشامل بلغة المخاطر والعواقب غير المتوقعة مع عجز الدول عن مواجهة تلك الكيانات الاقتصادية العملاقه.
إن أفضل الأجيال تسلحاً بالتكنولوجيا في تاريخ البشرية هي أكثر الأجيال التي يستحوذ عليها الشعور بعدم الأمان والعجز. وقد حالف روبرتكاستل الصواب عندما قال في تحليله الثاقب للقلق الحالي الذي يغذيه فقدان الأمان: «إننا ـ على الأقل في الدول المتقدمة - نعيش بلا شك في أحد أعظم المجتمعات الآمنة التي شهدها التاريخ» ولكن وعلى العكس من «الدليل الموضوعي»، نشعر - «نحن» أكثر الناس تدليلاً ـ بأننا أكثر عرضة للخطر والخوف وفقدان الأمان، وأكثر عرضة للذعر والهلع، وأكثر اهتماماً بالتفاصيل المتعلقة بالأمن والأمان من غيرنا من الناس في المجتمعات الأخرى المعروفة.
فما أفظع شعورنا بعدم الأمان وما أفظع «تأخرنا الأخلاقي»! وهذا التأخر الأخلاقي مسؤول عن التناقض المتزايد بين بعد آثار أفعالنا والمدى القصير للاهتمامات التي تشكلها، وهو تأخر يجعل من المحال تصور إمكانية الهروب من حالة اللايقين المزمن، الأمان، ولا من الخوف، وكل هذه الفظاعات أكدها بصورة درامية بالغة صعود الإرهاب العولمي.
وفي النهاية يتطرق باومان إلي الارهاب وكيف زادت حرب العراق من انتشاره ويوضح عدم جدوى القوى العسكرية مهما كانت متطورة في مجابهة الارهاب، فاضحت اكثر دول العالم تقدما تعيش في ظلال الخوف و القلق الدائم من انفجارا هنا أو هناك ، فلم ينتج عن ذلك إلا ذلك الهوس الدائم بالأمان متمثلا في انتشار الانظمة الأمنية و زيادة عدد السيارات المصفحة وجنون السلطات في القبض على جميع المتشابهين بالارهابين في الأصل و الدين متجاهلين أي عوامل أخري تنفي عنهم تلك التهمة. فاصبحت تلك الدول أشبه بالدول الشمولية بل أقرب إلي ذلك النظام في دولة الأخ الكبير في رواية 1984 لجورج اورويل كمحاولة للسيطرة على الوضع و إحساس الناس بالأمان الذي وعدتهم به الحداثة السائلة ولكن ذلك لا يزيد الطين إلا بلة.
----------------------
إيه هو الخوف؟ الخَوْف هو الشعور الناجم عن الخطر أو التهدي�� ويقوم بدوره بالتسبب في تغير في وظائف الأيضية والعضوية ويفضي في نهاية المطاف إلى تغيير في السلوك.
إيه هو الخوف المشتق؟ هو إطار ثابت للعقل، خوف «من الدرجة الثانية»،إنه شيء أقرب إلى خوف، إذا جاز التعبير، «يعاد تدويره، اجتماعياً وثقافيا» وهو أقرب إلى أثر ناتج عن التعرض للخطر، إنه شعور بفقدان الأمان و شعور بالعجز ناتج عن عدم الثقة بالدفاعات المتاحة أكثر من صدوره عن حجم الأخطار الحقيقية أو طبيعتها.
وإذا ما استوعب المرء رؤية للعالم تقوم على الإحساس بفقدان الأمان والعجز، فإنه يلجأ عادة، حتى في غياب خطر حقيقي، إلى استجابات ملائمة من أجل مواجهة مباشرة مع الخطر، وهكذا يكتسب «الخوف المشتق» قوة دفع ذاتي. فيصير الخوف جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان و يتمدد حتى يسيطر على الجو العام للواقع ويكتسب صفة السيولة و الاستمرارية. ومن هنا يأتي "الخوف السائل"
الخوف الأول :
يبدو أن البشر يشاركون جميع الحيوانات «الخوف الأول»، الخوف من الموت،فهو خوف فطري متوطن. ولكننا نحن البشر وحدنا نعلم أنه لا مفر من الموت، ومن ثم نواجه مهمة عصيبة تتمثل في القدرة على البقاء بعد اكتساب هذه المعرفة، إنها مهمة التعايش مع الوعي بحتمية الموت، ورغماً عن هذه الحتمية. فالإنسان يدرك الموت لأنه إنسان، وهو إنسان لأنه موت يتحقق بمرور الزمن.
إن الموت مخيف بسبب تلك الصفة المختلفة عن جميع الصفات الأخرى، إنها صفة تجعل من كافة الصفات الأخرى أمراً غير قابل للنقاش ؛ فكل حدث نعرفه أو نعرف عنه ـ عدا الموت ـ له وعد مكتوب بحبر لا يمكن محوه، وهو أن القصة ستتواصل؛ وأما الموت فلا يحمل إلا نقشاً واحداً، وهو «افقد كل الأمل يا من تدخل هنا!» .ولهذا السبب يبقى الموت سراً يستعصي على الأحياء فهمه، وإذا أردنا أن نرسم حداً لا يمكن أن يتجاوزه الخيال البشري، فإن الموت حد لا نظير له؛ فالشيء الواحد الوحيد الذي لا نستطيع أن نتصوره، ولن يمكننا أن نتصوره أبداً، هو عالم لا يحتوينا ونحن نتصوره.
هناك عدة استرتيجيات أساسية للتعايش مع الوعي باقتراب الموت؛ فأما الاستراتيجية الأولى فهي بناء جسور بين الحياة الفانية والحياة الأبدية ـ بمعنى إعادة صياغة الموت باعتباره بداية جديدة الحياة خالدة)، لا باعتباره نهاية النهايات.
الاستراتيجية الثانية فتتمثل في تهميش المخاوف المرتبطة بحتمية الموت، عبر نزع قيمة أي شيء قد يتجاوز الحياة الفردية أو تفاصيلها المحددة بعد الموت و التركيز على اللحظة الراهنة. فهذه الحيلة لا تعد ببناء جسور تربط الحياة الفانية بالأبدية، بل إنها تستخف بوضوح بقيمة الدوام، وتنتقصها ، وتنكرها، وتقتلع الاهتمامات بالخلود من جذورها، وتنقل الأهمية التي كانت مخصصة «للحياة الأخروية» لتزرعها في اللحظة الراهنة، إنها تنقلها من الحياة الدائمة إلى الحياة الزائلة.
الاستراتيجية الثالثة فهي تحويل الاهتمام (والقلق) من الموت نفسه، باعتباره حدثاً كونياً حتمياً، إلى «أسباب» خاصة للموت، يمكن تحييدها أو مقاومتها مثل الامراض أو حوادث السير أو الكوارث أو الجرائم.
الاستراتيجية الرابعة فهي «البروفة المجازية» اليومية على الموت في حقيقته الكئيبة المتمثلة في النهاية «المطلقة»، و«الكبرى»، و«القاطعة»، حتى يمكن النظر إلى تلك «النهاية»، كما الموضات والصيحات المستوحاة من الماضي، على أنها ليست مطلقة بالكامل، وعلى أنها قابلة للإلغاء والتغيير، فهي لا تعدو أن تكون حدثاً بسيطاً بين أحداث عدة. و ذلك من خلال تفكيك الموت والتطبيع معه.
الخوف و الكوارث الطبيعة و الشرور الأخلاقية:
إن حماية الإنسانية من نزوات الطبيعة وتقلباتها العمياء كان جزءاً متمماً لوعد الحداثة، ولكن تطبيق الحداثة لذلك المشروع لم يقلل من عمى الطبيعة ولا تقلباتها، بل ركز بدلاً من ذلك على التوزيع الانتقائي للحصانة من آثارها؛ فصراع الحداثة من أجل ترويض الكوارث الطبيعية يتبع نموذج بناء النظام والتقدم الاقتصادي، إنه يقسّم الإنسانية إلى فئة تستحق العناية والرعاية وفئة عديمة القيمة ـ كائنات غير جديرة بالحياة ؛وعليه فإنه يتخصص في التوزيع المتباين للمخاوف ـ مهما كان السبب الخاص بالخوف المقصود.
ويتضح ذلك التباين في اعصار كاترينا حيث قللت السلطات المسئولة حجم الانفاق على إجراءات الحماية من الفيضانات وإدارة الأزمات مع علمها باحتمال وقوع الكارثة في أي لحظة، و حتى بعد الكارثة كانت كل همها هو إحتواء الأضرار و فرض سيطرتها على الفوضى والقبص على الناهبين و قتلهم بالرصاص الحي دون تفرقة بين سارقي الأجهزة الالكترونية أو سارقي الطعام دون النظر إلي الأرواح أو كيفية انقاذها. وذلك قبل الذهاب إلى إطعام من يموتون جوعاً، وإيواء المشردين، ودفن الموتى؛ فكان يبدو أن الدافع وراء إرسال القوات هو أن النظام والقانون اللذين وضعهما الإنسان أضحيا مهددين، وليس الرغبة في إنقاذ ضحايا الكارثة الطبيعية.
أما الأزمة الأخلاقية فتتضح في معسكرات النازية والإبادة الجماعية و القنابل النووية التي اصابت هيروشيما وناغازاكي وراحت ضحاياهم بالملايين، لقد كان الضحايا بشر مثلنا ولكن هل كان الجناة بشر مثلنا؟! إن هذين الأمرين يثيران الخوف ؛ فأما الحقيقة الأولى فهي دعوة للفعل، وأما الحقيقة الثانية فهي تعطيل للفعل و تعجيز له هامسة في آذاننا بأن مقاومة الشر لا طائل منها. وقد يكون ذلك هو السبب الذي يجعلنا نقاوم الحقيقة الثانية بشدة؛ فالخوف الذي نخشاه بحق، ولا طاقة لنا به قط، هو الخوف من الشعور بأن الشر لا يقهر.
ولكن الأخبار المفزعة هي أن اولئك البشر لم يكنوا شياطين، بل كانوا مثل أي إنسان طبيعي وهادئ و«عادياً» للغاية، كان من عينة الناس الذين تمر بهم في الشوارع من دون أن تلاحظ وجودهم، ويصعب تمييزه من من حوله باعتباره زوجاً أو أباً أو جاراً. فعند التحقيق مع أحد قيادات النازية أتت نتائج التحليل النفسي بصورة طبيعية تماما وكان يحاول أن يقنع القاضي أن قتل ستة ملايين من البشر هو أثر جانبي لتفانية في عمله و تنفيذ الٱوامر و اتقان العمل الوظيفي. و تلك فضيلة تربى عليها جميع الموظفين في البيروقراطيات الحديثة. ويرجع ذلك إلى
1- الاتجاه نحو تحييد الفعل الاجتماعي وإخراجه من القانون الأخلاقي، وذلك بالتهوين من أهمية المعايير الأخلاقية، أو كلما أمكن استئصال تلك المعايير تماماً من تقويم استحباب الأفعال البشرية (أو جوازها)، بحيث ينتهي المطاف بتجريد النفس البشرية الفردية الفاعلة من حسها الأخلاقي وقمع باعثها الأخلاقي .
2- تجريد النفس البشرية الفردية من المسؤولية الأخلاقية عن تبعات أفعالها.
فقد سعت البيروقراطية إلى إلغاء العواطف البشرية في العمل، وإلى منع الروابط الروحية الممتدة خارج العمل، وإلى إبطال الولاءات لأهداف غير الأهداف الرسمية للعمل، وإلى حظر الخلط بين قواعد السلوك البشري وقواعد العمل ولوائحه.
وإذا كانت بيروقراطية العصر الحديث الصلب قد «حيدت» الآثار الأخلاقية للأفعال البشرية، فإن التكنولوجيا المتحررة في أزمنتنا السائلة تفعل شيئاً مشابهاً عبر «توفير المهدئات والمسكنات الأخلاقية». إنها توفر مخارج مختصرة ظاهرية للبواعث الأخلاقية، وحلولاً سريعة عابرة للمعضلات الأخلاقية، بينما تريح الفاعلين من المسؤولية عن كل ذلك، وهي بذلك تحول تلك المسؤولية إلى الأدوات التقنية، وعلى المدى البعيد «تجرد» الفاعلين من «المهارات الأخلاقية» وتخدر ضميرهم الأخلاقي، وتغرس اللامبالاة تجاه التأثير الكامل للتحديات الأخلاقية؛ وهي بوجه عام تجرد الفاعلين من أسلحتهم الأخلاقية ومن الإقدام على خيارات صعبة تتطلب قدراً من إنكار الذات أو التضحية بها."مثل المشاركة في الهشتاجات و التريندات للتعاطف دون الأفعال الحقيقية."
وهكذا لا ينتهي الخوف، والذي عادة ما تثيره التباسات الموقف الأخلاقي والتباسات الخيارات الأخلاقية، بل العكس هو الصحيح؛ فعادة ما يتضخم الخوف لأنه ينتقل بعيداً من مواجهة مباشرة ويركز على عمليات تكنولوجية يسيء الفاعل الأخلاقي فهمها ويعجز عن اختراق ديناميتها ، ناهيك عن التحكم فيها. فالثمن الذي سيدفع لتلك «المسكنات الأخلاقية» هو نقل الأمر الأخلاقي إلى مجال «المجهول العظيم»، حيث تتولد الكوارث التي تتجاوز قدرة البشر على التنبؤ بها وصدها.
أهوال العولمة:
"لم يعد هناك مكاناً للهروب" هكذا عبر ميلان كونديرا عن الوحدة البشرية التي جلبتها العولمة.
يحوم شبح العجز حول كوكب «خاضع لعولمة سلبية»، فنحن جميعاً في خطر، ونحن جميعاً نجسد أخطاراً تهددنا جميعاً، ولا نخرج جميعاً - عن أدوار ثلاثة: الجناة، والضحايا، و«الأضرار التابعة». فأما الجناة فما أكثر المزايدين منهم، وأما الضحايا والأضرار التابعة فإنهم يزدادون باستمرار . وهكذا فإن المتضررين بالفعل من العولمة السلبية يسعون بجنون وراء الهرب والانتقام، وأما من لم يصيبهم الضرر بعد فقد أصابهم الرعب بأن دورهم قد يأتي - وسيأتي. ففي كوكب تحكمه شبكة الاعتماد المتبادل بين البشر، ليس هنالك من شيء يفعله الآخرون أو بوسعهم أن يفعلوه من دون التأثير في إمكاناتنا وفرصنا وأحلامنا. وليس هنالك من شيء نفعله ولا نكف عن القيام به من دون أن يؤثر في إمكانات الآخرين وفرصهم وأحلامهم. ومن الشائع الآن أن نناقش وضعنا الجديد للاعتماد المتبادل والاتصال الشامل بلغة المخاطر والعواقب غير المتوقعة مع عجز الدول عن مواجهة تلك الكيانات الاقتصادية العملاقه.
إن أفضل الأجيال تسلحاً بالتكنولوجيا في تاريخ البشرية هي أكثر الأجيال التي يستحوذ عليها الشعور بعدم الأمان والعجز. وقد حالف روبرتكاستل الصواب عندما قال في تحليله الثاقب للقلق الحالي الذي يغذيه فقدان الأمان: «إننا ـ على الأقل في الدول المتقدمة - نعيش بلا شك في أحد أعظم المجتمعات الآمنة التي شهدها التاريخ» ولكن وعلى العكس من «الدليل الموضوعي»، نشعر - «نحن» أكثر الناس تدليلاً ـ بأننا أكثر عرضة للخطر والخوف وفقدان الأمان، وأكثر عرضة للذعر والهلع، وأكثر اهتماماً بالتفاصيل المتعلقة بالأمن والأمان من غيرنا من الناس في المجتمعات الأخرى المعروفة.
فما أفظع شعورنا بعدم الأمان وما أفظع «تأخرنا الأخلاقي»! وهذا التأخر الأخلاقي مسؤول عن التناقض المتزايد بين بعد آثار أفعالنا والمدى القصير للاهتمامات التي تشكلها، وهو تأخر يجعل من المحال تصور إمكانية الهروب من حالة اللايقين المزمن، الأمان، ولا من الخوف، وكل هذه الفظاعات أكدها بصورة درامية بالغة صعود الإرهاب العولمي.
وفي النهاية يتطرق باومان إلي الارهاب وكيف زادت حرب العراق من انتشاره ويوضح عدم جدوى القوى العسكرية مهما كانت متطورة في مجابهة الارهاب، فاضحت اكثر دول العالم تقدما تعيش في ظلال الخوف و القلق الدائم من انفجارا هنا أو هناك ، فلم ينتج عن ذلك إلا ذلك الهوس الدائم بالأمان متمثلا في انتشار الانظمة الأمنية و زيادة عدد السيارات المصفحة وجنون السلطات في القبض على جميع المتشابهين بالارهابين في الأصل و الدين متجاهلين أي عوامل أخري تنفي عنهم تلك التهمة. فاصبحت تلك الدول أشبه بالدول الشمولية بل أقرب إلي ذلك النظام في دولة الأخ الكبير في رواية 1984 لجورج اورويل كمحاولة للسيطرة على الوضع و إحساس الناس بالأمان الذي وعدتهم به الحداثة السائلة ولكن ذلك لا يزيد الطين إلا بلة.
September 27, 2025
قطعت الحداثة الغربية، في مرحلة صلابتها، وعودًا كبرى كان من أبرزها استئصال الخوف من العالم، وإخضاعه لسلطة الإدارة البشرية عبر “موت الإله”، وعقلانية “فك السحر والغيب عن العالم”. وقد كان ذلك يعني تجاوز لغة القضاء والقدر، والبلاء والابتلاء، لصالح لغة الإرادة، والاستحقاق، والمسؤولية، والإدارة، والمحاسبة. وهكذا جاءت المفردات الجديدة لتستهدف مصادر الخوف الثلاثة: جموح الطبيعة، هشاشة الجسد البشري، والعدوان الإنساني.
جرى “تأميم الموت”، فأصبح وسيلة لتحقيق خلود مادي وواقعي للأمة/الدولة، لا مدخلًا إلى جنة أخروية. أما الخوف من العدوان البشري، فقد احتكرته الدولة الحديثة، وانتقلت سلطة المقدس من الغيب (الإله) إلى الواقع (الدولة)، التي هيأت (ومن يتحدثون باسمها) جهنم دنيوية ملموسة (السجون، والمعتقلات، والاختفاء القسري) بدلاً من جهنم الأخروية، لكل من يخالفها أو يهددها.
وتحوّل الخوف الأسطوري إلى خوف راديكالي: إذ لم يعد مسموحًا لشيء أن يبقى خارج النظام، لأن مجرد فكرة الوجود خارجه صارت مصدرًا للرعب. كما تبدل الخوف من المستقبل إلى شراهة في الحاضر: فـ”إذا كان المستقبل فظيعًا كما تتوجس، فبوسعك استهلاكه الآن وهو طازج قبل أن يفسد”. وكان الدرس الأشد وقعًا في القرن العشرين ليس أن قنبلة يمكن أن تُلقى على رؤوسنا، بل أن نكون نحن من يلقيها على رؤوس الآخرين.
إن الحضارة واهنة ولا يفصل بينها وبين الجحيم سوى صدمة واحدة، وقد عبر ستيفين جراهام عن ذلك بدقة عندما قال: ((إننا صرنا أكثر اعتماداً على الأنظمة المعقدة والبعيدة في الحفاظ على الحياة))، ومن ثم فإن الاضطرابات والمشكلات الصغيرة يمكن أن تفضي إلى آثار مدمرة في الحياة البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
ويظهر الرعب من السقوط عبر (قشرة الحضارة الهشة) إلى العدم المجرد من (المعالم الأساسية للحياة المتحضرة المنظمة)، فهي متحضرة لأنها بالتحديد (منظمة)، اعتيادية، مستقرة، ومحققة للتوازن بين العلامات السلوكية والرموز الاجتماعية. والسقوط هنا فردي أو جماعي، لكنه في كل حال يعني الطرد من عالم يستمد استقراره من تلك “المعالم الأساسية” وسلطته الصامدة؛ وهو ما يسمى “متلازمة تايتنك”.
فالفاعل الرئيس (الصامت) في مأساة التايتانيك لم يكن الجبل الجليدي وحده، بل ما حدث ((هنا)) في قلب الفاخرة، من ارتباك وغياب خطة ناجعة لإخراج الركاب وإنقاذهم من سفينة غارقة، والنقص الواضح لمراكب وأطواق النجاة. إنه شيء لم يمثل فيه الجبل الجليدي القابع هناك في ليل حالك شبه قطبي سوى عاملٍ مساعدٍ، فذلك الشيء (يقبع دوماً تحت أقدامنا)، يتوارى في الخفاء، ليظهر فجأة في لحظة انهيار. إنه شيء تزداد فظاعته باختفائه أغلب الوقت (وربما طوال الوقت)، فيفاجئ ضحاياه متى خرج من مخبئه، ويأخذهم على حين غرة.
*يعيب سلسلة الحداثة ما يميزها، وهو دورانها حول أفكار مركزية ومحورية، يكفيك معرفتها من إحدى أجزاء السلسلة، لتغنيك عن البقية.
جرى “تأميم الموت”، فأصبح وسيلة لتحقيق خلود مادي وواقعي للأمة/الدولة، لا مدخلًا إلى جنة أخروية. أما الخوف من العدوان البشري، فقد احتكرته الدولة الحديثة، وانتقلت سلطة المقدس من الغيب (الإله) إلى الواقع (الدولة)، التي هيأت (ومن يتحدثون باسمها) جهنم دنيوية ملموسة (السجون، والمعتقلات، والاختفاء القسري) بدلاً من جهنم الأخروية، لكل من يخالفها أو يهددها.
وتحوّل الخوف الأسطوري إلى خوف راديكالي: إذ لم يعد مسموحًا لشيء أن يبقى خارج النظام، لأن مجرد فكرة الوجود خارجه صارت مصدرًا للرعب. كما تبدل الخوف من المستقبل إلى شراهة في الحاضر: فـ”إذا كان المستقبل فظيعًا كما تتوجس، فبوسعك استهلاكه الآن وهو طازج قبل أن يفسد”. وكان الدرس الأشد وقعًا في القرن العشرين ليس أن قنبلة يمكن أن تُلقى على رؤوسنا، بل أن نكون نحن من يلقيها على رؤوس الآخرين.
إن الحضارة واهنة ولا يفصل بينها وبين الجحيم سوى صدمة واحدة، وقد عبر ستيفين جراهام عن ذلك بدقة عندما قال: ((إننا صرنا أكثر اعتماداً على الأنظمة المعقدة والبعيدة في الحفاظ على الحياة))، ومن ثم فإن الاضطرابات والمشكلات الصغيرة يمكن أن تفضي إلى آثار مدمرة في الحياة البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
ويظهر الرعب من السقوط عبر (قشرة الحضارة الهشة) إلى العدم المجرد من (المعالم الأساسية للحياة المتحضرة المنظمة)، فهي متحضرة لأنها بالتحديد (منظمة)، اعتيادية، مستقرة، ومحققة للتوازن بين العلامات السلوكية والرموز الاجتماعية. والسقوط هنا فردي أو جماعي، لكنه في كل حال يعني الطرد من عالم يستمد استقراره من تلك “المعالم الأساسية” وسلطته الصامدة؛ وهو ما يسمى “متلازمة تايتنك”.
فالفاعل الرئيس (الصامت) في مأساة التايتانيك لم يكن الجبل الجليدي وحده، بل ما حدث ((هنا)) في قلب الفاخرة، من ارتباك وغياب خطة ناجعة لإخراج الركاب وإنقاذهم من سفينة غارقة، والنقص الواضح لمراكب وأطواق النجاة. إنه شيء لم يمثل فيه الجبل الجليدي القابع هناك في ليل حالك شبه قطبي سوى عاملٍ مساعدٍ، فذلك الشيء (يقبع دوماً تحت أقدامنا)، يتوارى في الخفاء، ليظهر فجأة في لحظة انهيار. إنه شيء تزداد فظاعته باختفائه أغلب الوقت (وربما طوال الوقت)، فيفاجئ ضحاياه متى خرج من مخبئه، ويأخذهم على حين غرة.
*يعيب سلسلة الحداثة ما يميزها، وهو دورانها حول أفكار مركزية ومحورية، يكفيك معرفتها من إحدى أجزاء السلسلة، لتغنيك عن البقية.
July 26, 2022
كتاب رصين نغص علي فيه تحليل مسهب مستفيض، و في نظري المتواضع، في غير محله لبرنامج الأخ الأكبر
Big Brother
(أستثني من هذا جملة واحدة أعجبتني كثيرا، و هي حين قارن الأخ الأكبر الخاص بجورج أورويل George Orwell في كتابه 1984. يقول بأن الأخ الأكبر في رواية 1984 يدفع الناس قسرا للبقاء داخل أنفسهم بينما يدفع الأخ الأكبر الجميع للخروج بكل أنواع القذارات و البذاءات للمجال العام.
ضمن سلسلة الحداثة السائلة، يتطرق زيغموند باومان لموضوع الخوف الذي يتعاضم بأشكال هي نفسها ما كان عليها إبان الحداثة الصلبة و ماقبلها و لكن الجديد الآن هو الاستثمار في هذا الخوف و الهدف هو إنتاج مستهلكين خائفين أولا ثم تسويق ما يحصن هؤلاء الأفراد من الخوف بشتى تلاوينه و تنويعاته، على الأقل حتى حين، من خلال الأسوار العالية للإقامات، القصور و المنازل الفاخرة، من خلال كاميرات المراقبة، رجال الحراسة الأمنية، التأمينات و غيرها. هذه كلها لا تنفع في دفع الخوف كما و عدتنا به الحداثة و العلمانية بل فقط إرسائه بعيدا عنا في مرافئ الغير. فلا ضير إن حلت الحرب بساحة قوم يبعدون عنا آلاف الكيلومترات، أو حتى دهت الجيران داهية، فمادامت سلامتنا مصانة فلا حرج من ذرف دمع سخين، إبداء التعاطف، و ربما توقيع عريضة إلكترونية أو تغيير صورة البروفايل لنكون مرتاحي الضمير و كأننا قد أدينا كل ما يمليه الواجب الأخلاقي.
يميز، هنا، زيجمونت باومان بين الشر الطبيعي، من جهة، كإعصار كاترينا و زلزال ليشبونة و بين الشر الأخلاقي من جهة أخرى كمعتقل الغولاك و مخيمات أشفيتس و حادثتي هيروشيما و ناكازاكي. و هو تمييز مفيد، غير أنني أعترض على فيلسوفنا إذ إنه يعيب على الحداثة السائلة انشغالها بآلامها و عدم اكثراتها بآلام غيرها من الأمم حتى و إن تسببت هي بتلك الآلام ثم يقع هو نفسه في هذا الخطأ و يصر على مركزية الغرب ليردد مرات و مرات مقولة الإرهاب، صدام حسين، معتقلو غوانتانامو و باغرام متناسيا في الآن نفسه الملايين المسفوح دمها في العراق و اليمن و أفغانستان و الصومال ببنادق الغرب المنافق و الحال أن آلام البشر جميعا و دمائهم جميعا سواء.
إن الخوف هو الإسم الذي نسمي به حالة اللايقين التي نعيشها
Big Brother
(أستثني من هذا جملة واحدة أعجبتني كثيرا، و هي حين قارن الأخ الأكبر الخاص بجورج أورويل George Orwell في كتابه 1984. يقول بأن الأخ الأكبر في رواية 1984 يدفع الناس قسرا للبقاء داخل أنفسهم بينما يدفع الأخ الأكبر الجميع للخروج بكل أنواع القذارات و البذاءات للمجال العام.
ضمن سلسلة الحداثة السائلة، يتطرق زيغموند باومان لموضوع الخوف الذي يتعاضم بأشكال هي نفسها ما كان عليها إبان الحداثة الصلبة و ماقبلها و لكن الجديد الآن هو الاستثمار في هذا الخوف و الهدف هو إنتاج مستهلكين خائفين أولا ثم تسويق ما يحصن هؤلاء الأفراد من الخوف بشتى تلاوينه و تنويعاته، على الأقل حتى حين، من خلال الأسوار العالية للإقامات، القصور و المنازل الفاخرة، من خلال كاميرات المراقبة، رجال الحراسة الأمنية، التأمينات و غيرها. هذه كلها لا تنفع في دفع الخوف كما و عدتنا به الحداثة و العلمانية بل فقط إرسائه بعيدا عنا في مرافئ الغير. فلا ضير إن حلت الحرب بساحة قوم يبعدون عنا آلاف الكيلومترات، أو حتى دهت الجيران داهية، فمادامت سلامتنا مصانة فلا حرج من ذرف دمع سخين، إبداء التعاطف، و ربما توقيع عريضة إلكترونية أو تغيير صورة البروفايل لنكون مرتاحي الضمير و كأننا قد أدينا كل ما يمليه الواجب الأخلاقي.
يميز، هنا، زيجمونت باومان بين الشر الطبيعي، من جهة، كإعصار كاترينا و زلزال ليشبونة و بين الشر الأخلاقي من جهة أخرى كمعتقل الغولاك و مخيمات أشفيتس و حادثتي هيروشيما و ناكازاكي. و هو تمييز مفيد، غير أنني أعترض على فيلسوفنا إذ إنه يعيب على الحداثة السائلة انشغالها بآلامها و عدم اكثراتها بآلام غيرها من الأمم حتى و إن تسببت هي بتلك الآلام ثم يقع هو نفسه في هذا الخطأ و يصر على مركزية الغرب ليردد مرات و مرات مقولة الإرهاب، صدام حسين، معتقلو غوانتانامو و باغرام متناسيا في الآن نفسه الملايين المسفوح دمها في العراق و اليمن و أفغانستان و الصومال ببنادق الغرب المنافق و الحال أن آلام البشر جميعا و دمائهم جميعا سواء.
إن الخوف هو الإسم الذي نسمي به حالة اللايقين التي نعيشها
December 27, 2019
في هذا الكتاب يحاول باومان تعريفنا بأصل الخوف في عالمنا الحديث وأسبابه لكنه لا يطرح أية حلول للتحرر منه وهذا يبدو محبطا بشكل ما.
يرى باومان أن الخوف في حالته السائلة يتسرب لكل نواحي حياتنا اليومية وتفاصيلها البسيطة، وأننا في لهاثنا الدائم وراء تأمين أنفسنا وحماية سلامتنا الشخصية لا نزداد إلا خوفا وفزعا وشعورا بالهلع الذي لا يمكن إدارته ولا التحكم به.
لقد صارت مخاوفنا أكبر منا وأكبر حتى من أنظمتنا السياسية المزعومة، فلا نحن ولا شبكات أماننا الاجتماعية الواهية ولا نظم الحكم المغلولة ولا جيوشنا العسكرية قادرون على التغلب على مخاوف الحداثة الثلاثة التي وعدت بالقضاء عليها: الخوف من الموت، الخوف من الكوارث الطبيعية، الخوف من العدوان البشري، وهذا الفشل ليس عارضا ولا عابرا بل هو في صميم ما أنتجته العولمة وما جلبته الحداثة السائلة كما يسميها باومان.
ينقسم الكتاب إلى مقدمة وستة فصول بالإضافة إلى مقدمة المترجم والمقدمة الجميلة الجامعة للدكتورة هبة رءوف عزت،
في الفصل الأول "الخوف والموت" يتحدث باومان عن الموت بوصفه أكبر وأقدم المخاوف البشرية على الإطلاق والخوف الأول الذي وعدت الحداثة بالقضاء عليه، لكنها بدلا من ذلك ضاعفته مرات ومرات وبثته عبر تفاصيل الحياة اليومية كلها، يرى باومان أن الحداثة السائلة سلكت أسلوبين خاطئين لمواجهة الموت: تفكيك الموت وتطبيعه، فالحداثة فككت الموت ونزعت عنه الهيبة التي لازمته وجعلته ناتجا عن أسباب طبيعية أو عجز وأمراض محددة يمكن القضاء عليها، لكن الحقيقة هي أن الأمراض تزداد وتتوحش ويصعب السيطرة عليها يوما بعد يوم رغم كل التقدم العلمي والتقني، أما بالنسبة لتطبيع الموت فهو يعني أن الموت بوصفه نهاية لم يعد مقتصرا على نهاية واحدة كبرى لحياة الفرد، بل بتنا نشهد نهايات متجددة كل يوم لعلاقات إنسانية هشة وسطحية، فالموت صار منبثا في حياتنا كلها، صار موتا للعلاقات والمشاعر والأحلام مما يجعلنا في ألفة مريرة مع معنى الموت في حياتنا اليومية.
في الفصل الثاني "الخوف والشر" يتحدث باومان عن الشر الغامض المبهم الذي يواجهه إنسان العصر الحديث، هذا الشر العادي كما تصفه حنة أرندت، حيث لا مسئولية أخلاقية عن أفعال الشر كونها صارت جزءا من بيروقراطية ضخمة لا تهتم إلا بإتقان العمل وجودة الخدمات أيا كانت نتائجها، حتى لو تسبب ذلك في إزهاق الأرواح وإراقة الدماء، فهناك دوما تبريرات بحفظ الأمن العالمي ومحاربة الإرهاب وحفظ سلامتك الشخصية ولو فوق جماجم الآخرين.
في الفصول الثلاثة التالية "الهلع مما لا يمكن إدارته"، "أهوال العولمة"، "إطلاق عنان الخوف" يواصل باومان استعراضه لآثار العولمة في تضخيم المخاوف البشرية وتحويلها لمخاوف غامضة مبهمة شائعة لا يمكن إدراتها ولا مواجهتها، فالعولمة قد حررت الخوف من حدوده المعلومة ليصبح كل شيء موضعا للخوف؛ الأمراض الجديدة، السمنة المفرطة، الفيروسات، الإرهاب العالمي، كل شيء يجلب الخوف ولا يملك المرء في مواجهته إلا أن يغلق جيدا أبواب بيته وسيارته ويحصن حساباته البنكية والالكترونية، فتتحول أحياء المدن الجديدة إلى ثكنات عسكرية محصنة ومزودة بالحراس وكاميرات المراقبة، وفي الوقت نفسه تنسحب الدولة من مهامها كلها وتترك المرء في مواجهة مخاوفه بمفرده، بينما تبني شرعيتها حصريا على أساس حفظها للأمن ومواجهة الإرهاب مستغلة ذلك للقيام بجرائمها الوحشية في حق الأفراد المقهورين والجماعات المستضعفة.
في الفصل الأخير ورغم أنه من المفترض أن يحمل خلاصا ما أو سبيلا لمقاومة هذا الخوف السائل، إلا أن باومان لم يطرح ذلك ولم يناقشه.
بالنسبة لي كان هذا الفصل أصعب الفصول ولم أستوعب تماما ما يريد باومان قوله، الشيء الوحيد الذي فهمته والذي ختم به باومان كتابه كانت تلك العبارة:
"فالخطوة الوحيدة الواعدة نحو العلاج من هذا الخوف المتزايد التعجيزي هي الكشف عن جذوره، لأن الطريقة الوحيدة الواعدة للاستمرار تتطلب القدرة على استئصال هذه الجذور" .
ويبدو أنه من أجل ذلك اكتفى باومان في كتابه بالكشف عن تلك الجذور دون البحث عن أي وسيلة لاستئصالها .
يرى باومان أن الخوف في حالته السائلة يتسرب لكل نواحي حياتنا اليومية وتفاصيلها البسيطة، وأننا في لهاثنا الدائم وراء تأمين أنفسنا وحماية سلامتنا الشخصية لا نزداد إلا خوفا وفزعا وشعورا بالهلع الذي لا يمكن إدارته ولا التحكم به.
لقد صارت مخاوفنا أكبر منا وأكبر حتى من أنظمتنا السياسية المزعومة، فلا نحن ولا شبكات أماننا الاجتماعية الواهية ولا نظم الحكم المغلولة ولا جيوشنا العسكرية قادرون على التغلب على مخاوف الحداثة الثلاثة التي وعدت بالقضاء عليها: الخوف من الموت، الخوف من الكوارث الطبيعية، الخوف من العدوان البشري، وهذا الفشل ليس عارضا ولا عابرا بل هو في صميم ما أنتجته العولمة وما جلبته الحداثة السائلة كما يسميها باومان.
ينقسم الكتاب إلى مقدمة وستة فصول بالإضافة إلى مقدمة المترجم والمقدمة الجميلة الجامعة للدكتورة هبة رءوف عزت،
في الفصل الأول "الخوف والموت" يتحدث باومان عن الموت بوصفه أكبر وأقدم المخاوف البشرية على الإطلاق والخوف الأول الذي وعدت الحداثة بالقضاء عليه، لكنها بدلا من ذلك ضاعفته مرات ومرات وبثته عبر تفاصيل الحياة اليومية كلها، يرى باومان أن الحداثة السائلة سلكت أسلوبين خاطئين لمواجهة الموت: تفكيك الموت وتطبيعه، فالحداثة فككت الموت ونزعت عنه الهيبة التي لازمته وجعلته ناتجا عن أسباب طبيعية أو عجز وأمراض محددة يمكن القضاء عليها، لكن الحقيقة هي أن الأمراض تزداد وتتوحش ويصعب السيطرة عليها يوما بعد يوم رغم كل التقدم العلمي والتقني، أما بالنسبة لتطبيع الموت فهو يعني أن الموت بوصفه نهاية لم يعد مقتصرا على نهاية واحدة كبرى لحياة الفرد، بل بتنا نشهد نهايات متجددة كل يوم لعلاقات إنسانية هشة وسطحية، فالموت صار منبثا في حياتنا كلها، صار موتا للعلاقات والمشاعر والأحلام مما يجعلنا في ألفة مريرة مع معنى الموت في حياتنا اليومية.
في الفصل الثاني "الخوف والشر" يتحدث باومان عن الشر الغامض المبهم الذي يواجهه إنسان العصر الحديث، هذا الشر العادي كما تصفه حنة أرندت، حيث لا مسئولية أخلاقية عن أفعال الشر كونها صارت جزءا من بيروقراطية ضخمة لا تهتم إلا بإتقان العمل وجودة الخدمات أيا كانت نتائجها، حتى لو تسبب ذلك في إزهاق الأرواح وإراقة الدماء، فهناك دوما تبريرات بحفظ الأمن العالمي ومحاربة الإرهاب وحفظ سلامتك الشخصية ولو فوق جماجم الآخرين.
في الفصول الثلاثة التالية "الهلع مما لا يمكن إدارته"، "أهوال العولمة"، "إطلاق عنان الخوف" يواصل باومان استعراضه لآثار العولمة في تضخيم المخاوف البشرية وتحويلها لمخاوف غامضة مبهمة شائعة لا يمكن إدراتها ولا مواجهتها، فالعولمة قد حررت الخوف من حدوده المعلومة ليصبح كل شيء موضعا للخوف؛ الأمراض الجديدة، السمنة المفرطة، الفيروسات، الإرهاب العالمي، كل شيء يجلب الخوف ولا يملك المرء في مواجهته إلا أن يغلق جيدا أبواب بيته وسيارته ويحصن حساباته البنكية والالكترونية، فتتحول أحياء المدن الجديدة إلى ثكنات عسكرية محصنة ومزودة بالحراس وكاميرات المراقبة، وفي الوقت نفسه تنسحب الدولة من مهامها كلها وتترك المرء في مواجهة مخاوفه بمفرده، بينما تبني شرعيتها حصريا على أساس حفظها للأمن ومواجهة الإرهاب مستغلة ذلك للقيام بجرائمها الوحشية في حق الأفراد المقهورين والجماعات المستضعفة.
في الفصل الأخير ورغم أنه من المفترض أن يحمل خلاصا ما أو سبيلا لمقاومة هذا الخوف السائل، إلا أن باومان لم يطرح ذلك ولم يناقشه.
بالنسبة لي كان هذا الفصل أصعب الفصول ولم أستوعب تماما ما يريد باومان قوله، الشيء الوحيد الذي فهمته والذي ختم به باومان كتابه كانت تلك العبارة:
"فالخطوة الوحيدة الواعدة نحو العلاج من هذا الخوف المتزايد التعجيزي هي الكشف عن جذوره، لأن الطريقة الوحيدة الواعدة للاستمرار تتطلب القدرة على استئصال هذه الجذور" .
ويبدو أنه من أجل ذلك اكتفى باومان في كتابه بالكشف عن تلك الجذور دون البحث عن أي وسيلة لاستئصالها .
November 22, 2024
كتاب آخر يتبع سلسلة السيولة التي حاول فيها باومان إبراز سمات عالم ما بعد الحداثة.
يكمن جوهر الكتاب في توضيح الشعور الإنساني الذي أرق البشر، فما كان على الحداثة إلا أن تجعل إزالته من ضمن وعودها؛ فالعالم فيما بعدها هو عالم آمن وقادر أن ينتج وسائل الأمان، فتحت وطأة العقل والعلم بواعث الخوف قابلة للترويض، وبالتالي، فالعالم قابل للسيطرة عليه والتحكم فيه. هذا ما وعدت به الحداثة، وهذا ما أخفقت فيه إخفاقا لا يتناسب مع حجم الوعد بل يفوقه، فما حدث بالفعل أن الخوف تمكن في الحياة ولم تستطع الحداثة بآليتها أن تسيطر عليه فضلا عن أن تزيل بواعثه.
فالكتاب محاولة جيدة لرسم معالم الخوف ومنعرجاته والاتجاهات التي تمددت فيها جذوره داخل نفوس البشر المعاصرين للحداثة وما بعدها، ولبومان فيه نظرات تستحق الوقوف عليها.
وفي رأيي أن الجزء الذي مثل فيه باومان بوعد الدولة بالحماية ثم إخفاقها في تطبيقه على المستوى الاجتماعي فوجهته إلى صراع على المستوى الفردي وبثت أسلحته في الأسواق الاستهلاكية هو جزء جوهري صائب، ونموذج تمثلي مبسط لفهم ما حدث وما يحدث وما يواجهه الإنسان في الحياة يومًا بعد يوم عمومًا.
يكمن جوهر الكتاب في توضيح الشعور الإنساني الذي أرق البشر، فما كان على الحداثة إلا أن تجعل إزالته من ضمن وعودها؛ فالعالم فيما بعدها هو عالم آمن وقادر أن ينتج وسائل الأمان، فتحت وطأة العقل والعلم بواعث الخوف قابلة للترويض، وبالتالي، فالعالم قابل للسيطرة عليه والتحكم فيه. هذا ما وعدت به الحداثة، وهذا ما أخفقت فيه إخفاقا لا يتناسب مع حجم الوعد بل يفوقه، فما حدث بالفعل أن الخوف تمكن في الحياة ولم تستطع الحداثة بآليتها أن تسيطر عليه فضلا عن أن تزيل بواعثه.
فالكتاب محاولة جيدة لرسم معالم الخوف ومنعرجاته والاتجاهات التي تمددت فيها جذوره داخل نفوس البشر المعاصرين للحداثة وما بعدها، ولبومان فيه نظرات تستحق الوقوف عليها.
وفي رأيي أن الجزء الذي مثل فيه باومان بوعد الدولة بالحماية ثم إخفاقها في تطبيقه على المستوى الاجتماعي فوجهته إلى صراع على المستوى الفردي وبثت أسلحته في الأسواق الاستهلاكية هو جزء جوهري صائب، ونموذج تمثلي مبسط لفهم ما حدث وما يحدث وما يواجهه الإنسان في الحياة يومًا بعد يوم عمومًا.
December 28, 2018
عندما يتحول الخوف إلي سمة حضارية فهذه هي حضارة الحداثة السائلة
To be reviewed with the rest of series
July 2, 2020
كتاب مهم يُقرأ في سياقه النقدي للحداثة.
August 23, 2018
لا أدري ما الذي كنت أنتظر أن أجده في المحتوى، ولكنني حتما لم أكن قانعة بما وجدت، الفصل الأول ربما كان الأفضل من بين فصول الكتاب التي وجدتها تروي أحداثا وتنصرف إلى الحديث عن العولمة وتأثيرها
ربما أعطي فرصة لبقية المجموعة وربما حتى أقرأ هذا بلغته الأصلية.
ربما أعطي فرصة لبقية المجموعة وربما حتى أقرأ هذا بلغته الأصلية.
May 12, 2023
هذا الجزء من أهم أجزاء سلسلة السيولة... مخاوف اليوم ستحدد شكل الغد الذي سنبنيه ونعيشه.
October 4, 2019
كان الإنسانُ يعيشُ بالغابةِ في صراع مع الوحوشِ المفترسةِ على قمّة السلسلة الغذائيّةِ.. اخترع الأدوات والبيوتَ التي مكّنته من سكنى أراضٍ أبعد من الكهوف التي اعتاد سُكناها.. اخترع الإنسان الجُدُر.. وقال الإنسانُ هذا حسنٌ.. فضرب بينه وبين البريّةِ بسورٍ.. وقال الإنسانُ هذا حسنٌ.. فضرب بينه وبين من اختلف عنه من بني جنسهِ بسورٍ.. وقال الإنسانُ هذا حسنٌ.. فضرب بين قاطني البلد الواحد وبين بعضهم بأسوار.. وقال الإنسانُ هذا حسنٌ.. فضرب بينه وبين الآخرين سورٌ.. واضطُّرّ الإنسانُ أخيراً لمواجهةِ نفسه.. وحنّ الإنسانُ لمواجهةِ الوحوشِ.. لتجربةِ الخوف الملموس بدلاً من الخوف المائع الذي لا يحدّه مكانٌ ولا زمان.. الخوفُ من المجرّدات أفظع وأهول من الخوف من المحسوسات.. ذلك الخوفُ من أن يموتَ الإنسان ويعايش موته المعنويّ بجسدٍ لا يزالُ يتنفّس.
الكتاب رائع غير أنّ أفكاره ليس لها بناء محدّد أو رابط ما بين أبوابه غير أنّها تتناول الخوف المال-بعد-حداثيّ من زوايا ونواحٍ مختلفةٍ.. يكتبها زيجمونت باومان كرسالةٍ في زجاجةٍ في عالمٍ يغرقُ بسرعةٍ مجنونةٍ علّ أحدهم يجدُ حلّاً وتكون النجاة.
تحيّاتي.
الكتاب رائع غير أنّ أفكاره ليس لها بناء محدّد أو رابط ما بين أبوابه غير أنّها تتناول الخوف المال-بعد-حداثيّ من زوايا ونواحٍ مختلفةٍ.. يكتبها زيجمونت باومان كرسالةٍ في زجاجةٍ في عالمٍ يغرقُ بسرعةٍ مجنونةٍ علّ أحدهم يجدُ حلّاً وتكون النجاة.
تحيّاتي.
January 9, 2024
هل فعلًا قادتنا الحداثة بعقلانيتها الراديكيلية إلي شواطئ من الأمن و الحرية الواقعية الخالية من الخوف و اليأس و الرهبة؟ هذا هو كان سؤال مدرسة فرانكفورت منذ تأسيسها في العشرينات وانصب اهتمامها على نقد العقل العلماني، وكشف تحوله إلى أداة للاستغلال والظلم والقهر والإقصاء والإبادة والإرهاب والخوف الدائم في كل مكان. فلقد قامت الحداثة بتفكيك كل المشاكل التي أصابت الأنسان الخوف، الخوف الكوني من بطش الطبيعة، أو الخوف من الموت، أو الخوف من الإنسان لأخيه الأنسان الآخر، فكافة الانتصارات الحديثة السائلة علي هذه المخاوف ليست سوى انتصارات مؤقتة، والأمن الذي تحققه لا يدوم أطول من الزمن الذي يستغرقه توازن القوى، ومن المتوقع أن يكون توازناً عابراً مثل كافة التوازنات، بالعكس لقد قامت الحداثة السائلة بتفكيك الموت وتجرديه من رهبته باعتباره مجرد نتيجة لعجز ما عن مواجهة خطر أو مرض، ثم التطبيع مع الموت بتحويل كل خبرات الحياة لخبرات قصيرة الأجل قابلة للانتهاء والفناء، وهكذا يغدو الموت جزءاً من المشهد اليومي المصغر يعاد تدويره و تكراره و استثمار الخوف منه أحيانًا و تسليع هذا الهلع الوجودي من الحقيقة المؤكَدة الأخيرة في هذا العصر. ووفرت الحداثة في صورة التكنولوجية مهدئات للخوف من انعدام الإنسانية و قدر الإنسان علي وقف البربرية المحيطة به، فبعد معرفتنا بالجريمة ورؤيتنا لحدوثها بالصوت والصورة أمامنا، من قصف للمدنيين أو غرق للاجئين، يبدو لنا وكأن توقيع احتجاج إلكتروني، أو تغيير واجهة الصفحة الشخصية على الفيسبوك، أو الترويج لهاشتاج، هو الفعل الكافي لتحريرنا من العبء الأخلاقي والمسؤولية، وهو ما يندرج تحت تسمية باومان الواسعة في هذه الكتاب، وهي الصنمية التكنولوجية، التي تترجم الخيارات الأخلاقية إلى أفعال احتجاجية افتراضية، تهدأنا و تشعرنا بأننا فعلنا شيئًا و نتحكم بمسار أحداث في حياتنا. لقد طورت الحضارة الغربية وسائل دمار شامل لا يمكن تصورها ، كما أن التكنولوجيا الحديثة وآليات الترشيد أنتجت عقلية تكنوقراطية وبيروقراطية محضة، نقاشتها حنا أردت في كتابها تفاهة الشر عندما حانت محاكمة آيخمان أحد الموظفين البيروقراطيين الذين نظموا عملية نقل المساجين الي معسكرات أوشفيتز، فبيروقراطية العصر الحديث الصلب قد عملت علي تحييد الفعل الاجتماعي وإخراجه من القانون الأخلاقي، وذلك بالتهوين من أهمية المعايير الأخلاقية، أو كلما أمكن استئصال تلك المعايير تماماً من تقويم استحباب الأفعال البشرية فهي تجريد النفس البشرية الفردية من المسؤولية الأخلاقية عن تبعات أفعالها. و تمأسس الخوف من تلك المؤسسة عديمة الأخلاق التي قادرة علي محو شعوب و ثقافات إذا اتيحت الأسباب العقلانية التي يمكن ترويجها و تصديقها من هتلر أو غيره، فالمصيبة ليست أن تلقي عليك قنبلة نووية، و لكن البشرية توصلت الي طريقة عقلانية لتبرير فعلا القاء القنبلة من أساسه. أشار بومان الي الخوف الذي حدث نتيجة انسحاب الدولة\الأمة من توفير الأمن و الأمان الوظيفي و الاقتصادي الذي يحفظ كرامة المرأ أثناء عمله و شيخوخته، فقد انسحبت الدولة و خصخصت جميع الخدمات التي كانت تقدمها، و أصبح دور المرأ أن يعيش في عالم من اللايقين الوظيفي، و من جامعة الي الأخري ليتحصل علي شهادات تساعده في تحصيل أفضل مكانة، فالمعاني تتلاشى بسرعة تفوق الوقت الذي يستغرقه التعبير عنها واستيعابها، و لا شيء يدون علي حال، و المستفيد الوحيد هو أصحاب رأس المال المتعولم، و الداعين الي دولة بوليسية تحفظ الأمن بقوة الجيش داخل أراضيها، و تغير علي الشعوب الفقيرة لصناعة الخوف من الغير، و المهاجر و الإرهابي القادر علي ضربك في بيتك. إن انسحاب الدولة من المهمة التي استمدت منها شرعيتها في معظم القرن العشرين يثير من جديد قضية الشرعية ؛ فلا يمكن في هذا الزمن بناء إجماع جديد للمواطنة المواطنة الدستورية، أي عبر ضمان الحماية الدستورية ضد تقلبات السوق المعروفة بتدمير المكانات الاجتماعية.
الخوف موجود، وهو يتسرب إلى الوجود الإنساني اليومي بينما يتوغل الاقتصاد الحر في أساساته، وتتداعى الحصون الدفاعي للمجتمع المدني. فالخوف موجود، ويبدو أن وفرته لا تنتهي بل هناك حرص على زيادتها من أجل إعادة بناء رأس المال السياسي المستنزف، كما أد الاعتماد على هذه الوفرة هو إغراء يصعب على كثير من الساسة مقاومته.
الخوف موجود، وهو يتسرب إلى الوجود الإنساني اليومي بينما يتوغل الاقتصاد الحر في أساساته، وتتداعى الحصون الدفاعي للمجتمع المدني. فالخوف موجود، ويبدو أن وفرته لا تنتهي بل هناك حرص على زيادتها من أجل إعادة بناء رأس المال السياسي المستنزف، كما أد الاعتماد على هذه الوفرة هو إغراء يصعب على كثير من الساسة مقاومته.
May 23, 2022
يقول فؤاد حداد:
"فرحي ضعيف؟ لأ عفي
حزني خفيف؟ لأ خفي
خاين لأ ..خايب لأ .. خايف اه"
مفردة الخوف ومشتقاتها من عجز واستسلام وحزن وغيره تكاد تلازم حياتنا بشكل كبير، أنت خائف من حزن يلوح أو من نهاية تهجس بها، أو من مصيبة حلت أو من ألم يشيب الشعر رأيته.... والأسباب كثيرة، كثيرة للحد الذي سيجعلنا نتجمد في أماكننا أغلب الوقت، فحتى نوبات القلق والرعب تكاد تنفذ من كثرة استهلاكها، ثم نخبر الآخرين عرضا عن وحوشنا في كل حديث ونطلق هذا المسمى على مخاوفنا ولا مبالغة أو اسراف عل المجاز ينصف قلب المتحدث يوما وتتضح الرؤية ولو قليلا، لذا كان ضروري أن أقرأ الكتاب، علنا بالفهم وحده ننجو ولو يسيرا أو نموت بخوف أقل.
باومان مفكر ذكي ومنهجي، طريقة عرضه لأفكاره واضحة وشاملة، فهو يقسم أفكاره في فصول متسلسلة ويعرض أدلة كثيرة، كما أنه قارئ بارع يستخدم كل ما يمتلك من أدوات، وهذا ما جعلني بالمقام الأول أشتري سلسلة السيولة كلها دون تردد، فهو ممن أحب أن أقرأ له دوما.
في فصول ستة ومقدمة فكك الخوف، بداية عرف المخاوف وأصولها، ووضح المخاطر الكثيرة التي تحيط بالانسان وتجعله يقترب من حافة الهلاك فزعا، وخص زماننا زمن الحداثة بأنه منعدم الأمن والأمان واليقين، ثم انتقل للموت، كمصدر المخاوف والشرور الأول، فأنت حتميا ميت ولا بد أن تكمل في ضوء هذا الهامش، وأخبرنا عن ثلاث استراتيجيات للتعايش مع هذا الوعي.
تحدث باومان عن علاقة الخوف بالشرور، معرفا الشر بهو ما نعجز عن فهمه، ذاكرا ربط الشرور بالاثام قديما وما عرضه سفر أيوب من معارضة لهذا المفهوم، عرض في ظل الشر فكرة انعدام الصلة بين فعل الشر والعواطف لا سيما في عصر البيروقراطية، ثم انحياز العقل لمصالحه في اعادة تعريف الشر بالأصل، خالقا أزمة مفاهيم فالعقل الحديث يخدم الامتياز لا العمومية. موضحا أننا غرقنا في منطقة رمادية لا أصدقاء فيها ولا أعداء، وكل شر ممكن وكل شر ممكن غفرانه ممن هم أقوى ثم بالنهاية كل خوف نبي.
في حديثه عن الهلع مما لا يمكن ادارته ركز على أزمات الكون الكبرى، وعموم الكوارث من كل مكان، لا تستطيع أن تأمن أبدا، حتى الكوارث التي نتوقع حدوثها لا تهم معرفتنا اطلاقا في تجنب ما ستحلقه من خسائر ووحشية-ربما ساعد قليلا في تجنب الكوارث لطبقة محددة غنية، مضحيا بكل الفئات الأخرى بالمقابل-، ولكن بالعموم في عصرنا الحديث انضم للطبيعة الانسان وما يمتلك من الة وادوات، خالقا فوضى.
في فصله اللاحق تحدث عن العولمة السالبة وما حققته من اهوال، فالاهانة يراها الكل والارهاب يرعب الجميع، لا خصوصية فالجميع يرى، وهذا تحديدا ما جعل الخوف سائل يصيب الكل دون أحيانا ارتباط حقيقي بما يخاف منه الشخص، طارحا الكثير من الأدلة للظلم المنتشر والارهاب المعلب والمسلمين كخطر تم تقديمه جاهزا للمجتمعات الحديثة، مشيرا بالنهاية أن الخوف لن يزول حتى ترتبط السلطة بالسياسة ويحقق كل منهما دوره.
في فصليه الأخيرين يتحدث عن اطلاق العنان للخوف وخلاصة دراسته. ملخصا أننا نحتاج أن نحدق في الهاوية، أن نصر على استعادة امال الماضي وأن نخلق توازن بين الحرية والأمن، فالكارثة الحتمية الوصول إذا كشفنا عن جذورها وعلمنا أسبابها ومخاطرها وواجهناها ربما نستطيع تحاشيها أو على الأقل استيعاب مخاطرها.
على الهامش غريب أن الكتاب مفهوم ومنظم ويستند على أدلة، ولكنها خارج عالمنا العربي المهين، الذي لم تقدم حكوماته لأفرادها حتى وعدا 'فارغا' بالحماية وأخلفت به، أنت وحدك خائف كما يجب وقلق إلى الأبد، بشكل يناسب تماما حجم الكارثة ومقدار الألم القادم، وربما لو أردنا الانصاف والدقة أكثر سيكون خوفنا أقل قليلا مما يجب.
كما قال غسان دوما.."عالم ليس لنا".
"فرحي ضعيف؟ لأ عفي
حزني خفيف؟ لأ خفي
خاين لأ ..خايب لأ .. خايف اه"
مفردة الخوف ومشتقاتها من عجز واستسلام وحزن وغيره تكاد تلازم حياتنا بشكل كبير، أنت خائف من حزن يلوح أو من نهاية تهجس بها، أو من مصيبة حلت أو من ألم يشيب الشعر رأيته.... والأسباب كثيرة، كثيرة للحد الذي سيجعلنا نتجمد في أماكننا أغلب الوقت، فحتى نوبات القلق والرعب تكاد تنفذ من كثرة استهلاكها، ثم نخبر الآخرين عرضا عن وحوشنا في كل حديث ونطلق هذا المسمى على مخاوفنا ولا مبالغة أو اسراف عل المجاز ينصف قلب المتحدث يوما وتتضح الرؤية ولو قليلا، لذا كان ضروري أن أقرأ الكتاب، علنا بالفهم وحده ننجو ولو يسيرا أو نموت بخوف أقل.
باومان مفكر ذكي ومنهجي، طريقة عرضه لأفكاره واضحة وشاملة، فهو يقسم أفكاره في فصول متسلسلة ويعرض أدلة كثيرة، كما أنه قارئ بارع يستخدم كل ما يمتلك من أدوات، وهذا ما جعلني بالمقام الأول أشتري سلسلة السيولة كلها دون تردد، فهو ممن أحب أن أقرأ له دوما.
في فصول ستة ومقدمة فكك الخوف، بداية عرف المخاوف وأصولها، ووضح المخاطر الكثيرة التي تحيط بالانسان وتجعله يقترب من حافة الهلاك فزعا، وخص زماننا زمن الحداثة بأنه منعدم الأمن والأمان واليقين، ثم انتقل للموت، كمصدر المخاوف والشرور الأول، فأنت حتميا ميت ولا بد أن تكمل في ضوء هذا الهامش، وأخبرنا عن ثلاث استراتيجيات للتعايش مع هذا الوعي.
تحدث باومان عن علاقة الخوف بالشرور، معرفا الشر بهو ما نعجز عن فهمه، ذاكرا ربط الشرور بالاثام قديما وما عرضه سفر أيوب من معارضة لهذا المفهوم، عرض في ظل الشر فكرة انعدام الصلة بين فعل الشر والعواطف لا سيما في عصر البيروقراطية، ثم انحياز العقل لمصالحه في اعادة تعريف الشر بالأصل، خالقا أزمة مفاهيم فالعقل الحديث يخدم الامتياز لا العمومية. موضحا أننا غرقنا في منطقة رمادية لا أصدقاء فيها ولا أعداء، وكل شر ممكن وكل شر ممكن غفرانه ممن هم أقوى ثم بالنهاية كل خوف نبي.
في حديثه عن الهلع مما لا يمكن ادارته ركز على أزمات الكون الكبرى، وعموم الكوارث من كل مكان، لا تستطيع أن تأمن أبدا، حتى الكوارث التي نتوقع حدوثها لا تهم معرفتنا اطلاقا في تجنب ما ستحلقه من خسائر ووحشية-ربما ساعد قليلا في تجنب الكوارث لطبقة محددة غنية، مضحيا بكل الفئات الأخرى بالمقابل-، ولكن بالعموم في عصرنا الحديث انضم للطبيعة الانسان وما يمتلك من الة وادوات، خالقا فوضى.
في فصله اللاحق تحدث عن العولمة السالبة وما حققته من اهوال، فالاهانة يراها الكل والارهاب يرعب الجميع، لا خصوصية فالجميع يرى، وهذا تحديدا ما جعل الخوف سائل يصيب الكل دون أحيانا ارتباط حقيقي بما يخاف منه الشخص، طارحا الكثير من الأدلة للظلم المنتشر والارهاب المعلب والمسلمين كخطر تم تقديمه جاهزا للمجتمعات الحديثة، مشيرا بالنهاية أن الخوف لن يزول حتى ترتبط السلطة بالسياسة ويحقق كل منهما دوره.
في فصليه الأخيرين يتحدث عن اطلاق العنان للخوف وخلاصة دراسته. ملخصا أننا نحتاج أن نحدق في الهاوية، أن نصر على استعادة امال الماضي وأن نخلق توازن بين الحرية والأمن، فالكارثة الحتمية الوصول إذا كشفنا عن جذورها وعلمنا أسبابها ومخاطرها وواجهناها ربما نستطيع تحاشيها أو على الأقل استيعاب مخاطرها.
على الهامش غريب أن الكتاب مفهوم ومنظم ويستند على أدلة، ولكنها خارج عالمنا العربي المهين، الذي لم تقدم حكوماته لأفرادها حتى وعدا 'فارغا' بالحماية وأخلفت به، أنت وحدك خائف كما يجب وقلق إلى الأبد، بشكل يناسب تماما حجم الكارثة ومقدار الألم القادم، وربما لو أردنا الانصاف والدقة أكثر سيكون خوفنا أقل قليلا مما يجب.
كما قال غسان دوما.."عالم ليس لنا".
December 9, 2018
يا عيني عليك يا باومان!
March 19, 2014
It was a bit of a ride - like reading Zizek - with ideas coming in from all over the place. And sometimes the 'meaning' that comes out is like something you see with your peripheral vision.
Having said that, I quite liked it. The conclusion, with the shift to Adorna, Althusser, and others, was a bit jarring. That people want 'stability/security' and not 'freedom' would be the main thesis of the book, based on the conclusion. And that stability can only be approached through freedom which is always immersed in fear, was the story supported through the book.
I am interested in reading more Bauman.
Having said that, I quite liked it. The conclusion, with the shift to Adorna, Althusser, and others, was a bit jarring. That people want 'stability/security' and not 'freedom' would be the main thesis of the book, based on the conclusion. And that stability can only be approached through freedom which is always immersed in fear, was the story supported through the book.
I am interested in reading more Bauman.
December 18, 2014
E' affascinante e interessante, scritto benissimo.
Davvero si legge con piacere.
Mi sfugge il senso ultimo, ma mi apita spesso con la sociologia.
Davvero si legge con piacere.
Mi sfugge il senso ultimo, ma mi apita spesso con la sociologia.
October 20, 2018
Γύρω-γύρω όλοι
στη μέση ο Mανόλης
στη μέση ο Mανόλης
Read
April 9, 2024لم أكمل الكتاب، أستعصىٰ علىٰ فهمي في فصولهِ الأخيرة، تداخلت أفكار الكاتب في ذات الفصل، بل وفي ذات الفقرة؛ سأحاول معهُ بعد حين..
الفصل الأول أعجبني بشدة وكتبتُ عنهُ مراجعة؛ وقاطعتُ بعض ما ورد فيهِ من أفكاراً مع كتاب إنكار الموت..
في محاولة للإستفاضة في الحديثِ عن الفصل الأول: الخوف من الموت
" أن الأمر يستغرق ستين عاماً من الجهد الجهيد والمعاناة الشديدة لصناعة فرد كهذا، لا يصلح هذا الفرد سوىٰ للإحتضار. هذا التناقض المؤلم لا يغيب عن المرء نفسه_ولا سيما نفسه. يشعر بأنهُ ناضل من أجل هذا التفرد، ومع ذلك فهو يعلم أن نضاله لم يحدث أي فرق فيما يخص النهايات التي تثير القلق."
قرأتُ هذا النص لأندريه مالرو في كتابهِ الوضع البشري حين أُقتُبس في الفصل الحادي عشر من قبل إرنست بيكر في كتابه العظيم إنكار الموت، الذي أُعد الفصل الأول من الخوف السائل مقدمة مختصرة له، يُبحر بيكر في ذات الفكرة، يُحلّلها، يجعلها مركزية كل المخاوف البشرية بإسهابٍ بديع.
يُعلن باومان المهمة العصيبة ذاتها هُنا بإقتباسها من قبل موريس بلانشو" لكننا نحنُ البشر وحدنا نعلم أنهُ لا مفر من الموت، ومن ثم نواجه مهمه عصيبة تتمثل في القدرة علىٰ البقاء بعد إكتساب هذهِ المعرفة، إنها مهمة التعايش مع الوعي بحتمية الموت. ورغماً عن هذهِ الحتمية. فالإنسان يدرك الموت لأنه إنسان، وهو إنسان لأنهُ موت يتحقق بمرور الزمن."
والآن بعد معرفتك بأنكَ موت يتحقق بمرور الزمن، أيّ حل ستبتدعهُ ليُمرر لكَ زمنكْ، أيها البائس التعس؟
_أبدية الروح؛ الإحلال الأصلي كما يُسميه باومان، أن تُرفض نهائية الموت.
أينتهي خوفنا من الموت بنفي نهائيتهُ؟
لنرىٰ ما يقولهُ باومان في هذا الصدد: أن الموت مخيف بسبب تلك الصفة المختلفة عن جميع الصفات الأخرىٰ..فكل حدث نعرفه أو نعرف عنه _عدا الموت_له وعد مكتوب بحبر لا يمكن محوه؛ وهو أن القصة((ستتواصل)) ؛ وإمّا الموت فلا يحمل إلا نقشاً واحداً؛ وهو ((أفقد كل الأمل يا من تدخل هنا!)).
فأن أُقصيتْ عبارة عتبة جحيم دانتي عن الموت؛ ما ذلك إلا الخلاص بعينه.
يُسهب باومان كذلك في الحديث عن امتلاء الحياة البشرية بالمعنىٰ في حال تبديّ أبدية الروح عوضاً عن فنائها..
والآن وبعد أن أُعلن(موت الإله) ومعهُ خلود صنيعتهُ، أي تحلل وتلاشي الإحلال الأصلي ستُبتدَّع إحلالات أخرىٰ يصفها باومان كالآتي: قلما اتسم إحلال بأنه جذري مثلما اتسم الإحلال الأصلي المتمثل في ترويض شبح الموت وتدجينهُ، فالأحلال الأول وحده هو الذي صور الحياة بعد الموت المصير الكوني النهائي. ويُضيف بعدها موضحاً: إن كافة البدائل مهما كانت ناقصة، صُممت وفق نموذج الحياة بعد الموت، ساعيتةً إلىٰ إضفاء معنىٰ علىٰ الحياة الفانية من خلال العزف علىٰ وتر دوام ثمار حياة دنيوية عابرة بشهادة الجميع. أي أن حياةً فانيةً أتت ثمارها، وتركت آثاراً خالدة.
وعند المقارنة بالوسيلة الأصلية، يتضح أن النسخ المعدلة ضاعفت بوضوح الإختيارات المتاحة للإنسان الفاني.
بعد ذلك يوضح إمكانية حصر التنوع في الخيارات بنوعين:
الأول: الخلود الشخصي.
أي أن تُخلد بأسمك وإن أمكن شكلك. وما كُتب منك أو عنك.
الثاني:الخلود اللاشخصي، اي أن تُساهم بشخصك في سبيل تخليد كيان. المثال الأكثر وضوحاً لذلك هو الشهادة في سبيل دينٍ أو وطنٍ أو قضية.
يُعقب باومان في موضع آخر عن النوع الثاني من الخلود بقوله: في عصر جيوش التجنيد الإلزامي العام والواجب العسكري العام، جرىٰ إستغلال مخزون الرعب من الموت، والخوف من الفراغ الذي قد يؤدي إليهِ الموت، أيما إستغلال في تعبئة الحماسة الوطنية العامة والتفاني في سبيل القضية القومية.
هُناك أيضاً حيلة أخرىٰ تليق بمجتمعنا الإستهلاكي الحديث السائل كما يسميه باومان؛ وتتمثلُ بتهميش المخاوف المرتبطة بحتمية الموت، عبر نزع قيمة أي شيء قد يتجاوز الحياة الفردية.
تنجحُ تلك الطريقة في التحقق من خلال طريقين:تفكيك الموت، وتطبيعهُ.
يُسهب باومان ببداعة وإتقان في الشرح عن كل واحدة.
يُنهي باومان فصلهُ بالتساؤل عن مركزية الخوف التي أكدها كتاب بيكر:
ربما يكون الخوف الأصلي من الموت هو النموذج الأول أو النموذج الأصيل لكل أشكال الخوف؛ إنهُ الخوف الرئيس الذي تستمد منه كافة أشكال الخوف الأخرىٰ معانيها.
الفصل الأول أعجبني بشدة وكتبتُ عنهُ مراجعة؛ وقاطعتُ بعض ما ورد فيهِ من أفكاراً مع كتاب إنكار الموت..
في محاولة للإستفاضة في الحديثِ عن الفصل الأول: الخوف من الموت
" أن الأمر يستغرق ستين عاماً من الجهد الجهيد والمعاناة الشديدة لصناعة فرد كهذا، لا يصلح هذا الفرد سوىٰ للإحتضار. هذا التناقض المؤلم لا يغيب عن المرء نفسه_ولا سيما نفسه. يشعر بأنهُ ناضل من أجل هذا التفرد، ومع ذلك فهو يعلم أن نضاله لم يحدث أي فرق فيما يخص النهايات التي تثير القلق."
قرأتُ هذا النص لأندريه مالرو في كتابهِ الوضع البشري حين أُقتُبس في الفصل الحادي عشر من قبل إرنست بيكر في كتابه العظيم إنكار الموت، الذي أُعد الفصل الأول من الخوف السائل مقدمة مختصرة له، يُبحر بيكر في ذات الفكرة، يُحلّلها، يجعلها مركزية كل المخاوف البشرية بإسهابٍ بديع.
يُعلن باومان المهمة العصيبة ذاتها هُنا بإقتباسها من قبل موريس بلانشو" لكننا نحنُ البشر وحدنا نعلم أنهُ لا مفر من الموت، ومن ثم نواجه مهمه عصيبة تتمثل في القدرة علىٰ البقاء بعد إكتساب هذهِ المعرفة، إنها مهمة التعايش مع الوعي بحتمية الموت. ورغماً عن هذهِ الحتمية. فالإنسان يدرك الموت لأنه إنسان، وهو إنسان لأنهُ موت يتحقق بمرور الزمن."
والآن بعد معرفتك بأنكَ موت يتحقق بمرور الزمن، أيّ حل ستبتدعهُ ليُمرر لكَ زمنكْ، أيها البائس التعس؟
_أبدية الروح؛ الإحلال الأصلي كما يُسميه باومان، أن تُرفض نهائية الموت.
أينتهي خوفنا من الموت بنفي نهائيتهُ؟
لنرىٰ ما يقولهُ باومان في هذا الصدد: أن الموت مخيف بسبب تلك الصفة المختلفة عن جميع الصفات الأخرىٰ..فكل حدث نعرفه أو نعرف عنه _عدا الموت_له وعد مكتوب بحبر لا يمكن محوه؛ وهو أن القصة((ستتواصل)) ؛ وإمّا الموت فلا يحمل إلا نقشاً واحداً؛ وهو ((أفقد كل الأمل يا من تدخل هنا!)).
فأن أُقصيتْ عبارة عتبة جحيم دانتي عن الموت؛ ما ذلك إلا الخلاص بعينه.
يُسهب باومان كذلك في الحديث عن امتلاء الحياة البشرية بالمعنىٰ في حال تبديّ أبدية الروح عوضاً عن فنائها..
والآن وبعد أن أُعلن(موت الإله) ومعهُ خلود صنيعتهُ، أي تحلل وتلاشي الإحلال الأصلي ستُبتدَّع إحلالات أخرىٰ يصفها باومان كالآتي: قلما اتسم إحلال بأنه جذري مثلما اتسم الإحلال الأصلي المتمثل في ترويض شبح الموت وتدجينهُ، فالأحلال الأول وحده هو الذي صور الحياة بعد الموت المصير الكوني النهائي. ويُضيف بعدها موضحاً: إن كافة البدائل مهما كانت ناقصة، صُممت وفق نموذج الحياة بعد الموت، ساعيتةً إلىٰ إضفاء معنىٰ علىٰ الحياة الفانية من خلال العزف علىٰ وتر دوام ثمار حياة دنيوية عابرة بشهادة الجميع. أي أن حياةً فانيةً أتت ثمارها، وتركت آثاراً خالدة.
وعند المقارنة بالوسيلة الأصلية، يتضح أن النسخ المعدلة ضاعفت بوضوح الإختيارات المتاحة للإنسان الفاني.
بعد ذلك يوضح إمكانية حصر التنوع في الخيارات بنوعين:
الأول: الخلود الشخصي.
أي أن تُخلد بأسمك وإن أمكن شكلك. وما كُتب منك أو عنك.
الثاني:الخلود اللاشخصي، اي أن تُساهم بشخصك في سبيل تخليد كيان. المثال الأكثر وضوحاً لذلك هو الشهادة في سبيل دينٍ أو وطنٍ أو قضية.
يُعقب باومان في موضع آخر عن النوع الثاني من الخلود بقوله: في عصر جيوش التجنيد الإلزامي العام والواجب العسكري العام، جرىٰ إستغلال مخزون الرعب من الموت، والخوف من الفراغ الذي قد يؤدي إليهِ الموت، أيما إستغلال في تعبئة الحماسة الوطنية العامة والتفاني في سبيل القضية القومية.
هُناك أيضاً حيلة أخرىٰ تليق بمجتمعنا الإستهلاكي الحديث السائل كما يسميه باومان؛ وتتمثلُ بتهميش المخاوف المرتبطة بحتمية الموت، عبر نزع قيمة أي شيء قد يتجاوز الحياة الفردية.
تنجحُ تلك الطريقة في التحقق من خلال طريقين:تفكيك الموت، وتطبيعهُ.
يُسهب باومان ببداعة وإتقان في الشرح عن كل واحدة.
يُنهي باومان فصلهُ بالتساؤل عن مركزية الخوف التي أكدها كتاب بيكر:
ربما يكون الخوف الأصلي من الموت هو النموذج الأول أو النموذج الأصيل لكل أشكال الخوف؛ إنهُ الخوف الرئيس الذي تستمد منه كافة أشكال الخوف الأخرىٰ معانيها.
September 25, 2022
لقد حررت العولمة الخوف من حدودة المعلومة ليصبح أي شيء موضعًا للخوف، والأمراض الجديدة، والڤايروسات التي تقاوم المضاد الحيوي والسمنة المفرطة.... كل شيء مخيف!
سيولة الخوف تعني أنه لا يمكن الشعور بالأمن طوال الوقت.
إننا نخشى ما لا يمكننا إدارته، ونحن نسمي ذلك العجز عن الإدارة: "العجز عن الفهم"؛ وما نسميه "القدرة على فهم" شيء ما هو معرفتنا التقنية بالتعامل معه.
يجد بومان تخفيف الخوف في فهمه وتحديد مصدره إلا أن ليس للبشرية أن تتمتع بأدنى أمل في القدرة على اجتنابه، فالخطوة الوحيدة الواعدة هي في الكشف عن جذوره لاستئصالها.
لكن... في تلك الأثناء ماذا لو أن جذر جديد ينمو وبحاجه لكشفك، تُرى هل نحن داخل دائرة؟
سيولة الخوف تعني أنه لا يمكن الشعور بالأمن طوال الوقت.
إننا نخشى ما لا يمكننا إدارته، ونحن نسمي ذلك العجز عن الإدارة: "العجز عن الفهم"؛ وما نسميه "القدرة على فهم" شيء ما هو معرفتنا التقنية بالتعامل معه.
يجد بومان تخفيف الخوف في فهمه وتحديد مصدره إلا أن ليس للبشرية أن تتمتع بأدنى أمل في القدرة على اجتنابه، فالخطوة الوحيدة الواعدة هي في الكشف عن جذوره لاستئصالها.
لكن... في تلك الأثناء ماذا لو أن جذر جديد ينمو وبحاجه لكشفك، تُرى هل نحن داخل دائرة؟
February 3, 2023
أهم أجزاء السلسلة إلى الآن، لأنه الأكثر مساسا بالشعور الجوهري لغالمنا ألا وهو الخوف، الخوف من المجهول وحالة اللا يقين والإبهام التي نعيشها، ففي هذا الكتاب من الأمثلة العملية أكثر من التنظير، فأربعة الأجزاء الأولى استوفي فيها التنظير وجاء هذا الكتاب مفعما بالحياة من الأمثلة الحية.
December 3, 2024
Ho provato un senso di nostalgia a rileggere la parola "Globalizzazione" non la sentivo da qualche anno. Me ne sono chiesto il perché. Era sulla bocca di tutti al Liceo; i professori così come i testi all'epoca non facevano altro che parlarne, ricordo. Come è possibile che non l'abbia più sentita nominare d'allora?
Forse perché allora era una novità nascente, oggi è lo Status Quo.
Di Bauman apprezzo fortemente l'approccio analitico con cui si barcamena nelle sue analisi della società. La sua rara abilità nell'analizzarla nel profondo e scrutarne i più intimi segreti come se fossero alla luce del sole è spiazzante.
Unica pecca del saggio è forse la prosa alle volte eccessivamente fumosa.
Un esempio di frase di Bauman scritta da me:
Peccato non poter dire lo stesso della sua prosa: ovvero la maniera in cui scrive e , alle volte -sebbene rare si intende - si esprime, che alle volte in maniera quasi titubante e/o prolissa - quando non estenuante- rende i periodi dei veri e mostri titanico-grammaticali e sociali, economici, politici.(Nel senso di competenza di linguaggio chiaro).
Una volta superato questo ostacolo il contenuto vale la fatica.
Ho capito che avrei amato questo saggio per il contenuto e l'abilità dialettica con cui Bauman argomenta le sue visioni della società liquida, in questo caso riguardo alla paura e ai suoi utilizzi.
Nel testo di Bauman le carte di credito sono un farmaceutico contro le ansie, così come i SUV sono una profilattico da indossare in ogni rapporto che abbiamo con le strade; i meccanismi di eliminazione delle Serie TV non sono poi tanto diverse dalle politiche di Immigrazione e la lotta al terrorismo è un toccasana per le elezioni politiche.
Heichmann - sì, il gerarca Nazista- viene visto e rivisitato nella paura del proprio vicino (A dimostrazione che la teoria sulla banalità del male della Harendt è più che fondata);
Il terremoto di Lisbona (e l'incendio...e il Maremoto) fa da spartiacque alla coscienza di massa della percezione del pericolo: non più di natura divina, ma casuale - prospettiva terrificante all'epoca.
Paura, paura ovunque.
Da non leggere la Notte.
Forse perché allora era una novità nascente, oggi è lo Status Quo.
Di Bauman apprezzo fortemente l'approccio analitico con cui si barcamena nelle sue analisi della società. La sua rara abilità nell'analizzarla nel profondo e scrutarne i più intimi segreti come se fossero alla luce del sole è spiazzante.
Unica pecca del saggio è forse la prosa alle volte eccessivamente fumosa.
Un esempio di frase di Bauman scritta da me:
Peccato non poter dire lo stesso della sua prosa: ovvero la maniera in cui scrive e , alle volte -sebbene rare si intende - si esprime, che alle volte in maniera quasi titubante e/o prolissa - quando non estenuante- rende i periodi dei veri e mostri titanico-grammaticali e sociali, economici, politici.(Nel senso di competenza di linguaggio chiaro).
Una volta superato questo ostacolo il contenuto vale la fatica.
Ho capito che avrei amato questo saggio per il contenuto e l'abilità dialettica con cui Bauman argomenta le sue visioni della società liquida, in questo caso riguardo alla paura e ai suoi utilizzi.
Nel testo di Bauman le carte di credito sono un farmaceutico contro le ansie, così come i SUV sono una profilattico da indossare in ogni rapporto che abbiamo con le strade; i meccanismi di eliminazione delle Serie TV non sono poi tanto diverse dalle politiche di Immigrazione e la lotta al terrorismo è un toccasana per le elezioni politiche.
Heichmann - sì, il gerarca Nazista- viene visto e rivisitato nella paura del proprio vicino (A dimostrazione che la teoria sulla banalità del male della Harendt è più che fondata);
Il terremoto di Lisbona (e l'incendio...e il Maremoto) fa da spartiacque alla coscienza di massa della percezione del pericolo: non più di natura divina, ma casuale - prospettiva terrificante all'epoca.
Paura, paura ovunque.
Da non leggere la Notte.
December 7, 2020
Çevirisi türkce'de ne olarak cevrildi veya cevrildi mi bilmesem de muhakkak cevrilmeli.
September 23, 2021
بعد مراجعة بقية سلسلة السيولة، لايسعني الا ان اقول ان الكتاب هو استمرار لفكرة باومان الرئيسية عن المرونة السلبية لعصر مابعد الحداثة وانفصال السلطة عن ميدان السياسة وتنامي شعور اللايقين المرضي.
انتهيت من قراءة الكتاب قبل اسابيع لكنني جلست فترة لكي استوعب ما قرأت الى جانب انزال فكرة باومان على دولة مثل العراق واصبحت النظرة للوضع الاقليمي والعالم اكثر موضوعية وواقعية.
انتهيت من قراءة الكتاب قبل اسابيع لكنني جلست فترة لكي استوعب ما قرأت الى جانب انزال فكرة باومان على دولة مثل العراق واصبحت النظرة للوضع الاقليمي والعالم اكثر موضوعية وواقعية.
January 6, 2023
El libro está muy bien redactado y es un ensayo que se centra en el miedo desde tres conceptos del día a día distintos. La única pega diría yo es la gran importancia que le da al terrorismo, la mitad del libro habla de ese tema. Normal dado el año en el que se escribió pero ahora a mí gusto un poco fuera de lugar.
November 21, 2015
Bauman presents us a good analysis about those fears we face on our daily living on today's society. Is a good analysis, but again, but I'd like to see his suggestions to solve or face those problems!
January 8, 2020
كتاب ممتاز، يشرح فكرة الخوف في المجتمعات الحديثة ويناقش شلون ان الحداثة اجت حتى تنقذ الانسان من عقدة الخوف من الطبيعة بس للاسف فتحت ابواب لمخاوف اكثر
February 20, 2018
This is not one of more favorable Bauman books. The key points that he has previously explored, such as in Liquid Modernity, and more recently in Liquid love and Strangers at the door are all there. There are also good references to the titanic and the behavior of modern society. As usual, I could litter this review with lots of quotations.
However, I found this addition quite dry with the usual sprinkle of names such as Adorno and Schmitt. Yet - the way the book focused on the conflict between security and liberty in the final chapter really highlighted why this book 'didn't do it for me'. Whilst those examples were prescient, they are also so overused that I wanted something more on the topic of fear.
Nonetheless, I am not saying that I disliked this book or that Bauman's points are not relevant and important to the challenges of today. Or as that school of thought would say 'the contemporary condition'. I just think, at a very basic level, this book does not have the novelty or punch that previous books I read had.
He is still sorely missed as are his offerings for those interested in the hypocrites of the modern condition and those in search of a better way to do things.
However, I found this addition quite dry with the usual sprinkle of names such as Adorno and Schmitt. Yet - the way the book focused on the conflict between security and liberty in the final chapter really highlighted why this book 'didn't do it for me'. Whilst those examples were prescient, they are also so overused that I wanted something more on the topic of fear.
Nonetheless, I am not saying that I disliked this book or that Bauman's points are not relevant and important to the challenges of today. Or as that school of thought would say 'the contemporary condition'. I just think, at a very basic level, this book does not have the novelty or punch that previous books I read had.
He is still sorely missed as are his offerings for those interested in the hypocrites of the modern condition and those in search of a better way to do things.
Displaying 1 - 30 of 86 reviews