فى هذه السيرة لا يبدو سلامة موسى مؤرخاً لنفسه فقط. إذ إنه حين يترجم لحياته إنما يروى تاريخ العصر الذى عاش فسه وتاريخ بلده مصر, فهو شاهد على تقلبات هذه الحقبة الساخنة التى عاشها وشهد بزوغ الفكر الحديث فيها وبدايات المشروع الحضارى والفكرى الذى يعد هو نفسه أحد أبرز أركانه الفاعلة والمؤثرة, إنه أحد أساتذة نجيب محفوظ الذى قال عنه: إن تربية سلامة موسى كانت نبعاً لا ينضب من الافكار والتجارب والطموحات التى ملأت عقلى وفكرى.
مفكر مصري، ولد سلامة موسى عام ١٨٨٧م بقرية بهنباي على بعد سبعة كيلو مترات من الزقازيق لأبوين قبطيين، التحق بالمدرسة الابتدائية في الزقازيق، ثم انتقل بعدها إلى القاهرة ليلحق بالمدرسة التوفيقية ثم المدرسة الخديوية، وحصل على شهادة البكالوريا عام ١٩٠٣م.
سافر عام ١٩٠٦م إلى فرنسا ومكث فيها ثلاث سنوات قضاها في التعرف على الفلاسفة والمفكرين الغربيين، انتقل بعدها إلى إنجلترا مدة أربعة سنوات بغية إكمال دراسته في القانون، إلا أنه أهمل الدراسة وانصرف عنها إلى القراءة، فقرأ للكثير من عمالقة مفكري وأدباء الغرب أمثال: ماركس، وفولتير، وبرنارد شو، وتشارلز داروين، وقد تأثر موسى تأثرًا كبيرًا بنظرية التطور أو النشوء والارتقاء لتشارلز داروين، كما اطلع موسى خلال سفره على آخر ما توصلت إليه علوم المصريات.
توفي سلامة موسى عام ١٩٥٨م بعد أن ترك إرثًا مثيرًا للعقل يمكن نقده ومناقشته.
انت متخيل لما تفتح كتاب سيرة ذاتيه تجده فى أولى صفحاته بيصف مدينتك منذ أكثر من 110 سنه ؟متخيل , دا اللى انا قابلته أول ما فتحت كتاب سلامة موسى لأتعرف أكثر على بلدياتى وبلدتى فى عصورها الغابرة , شرح ممتع بتفاصيل دقيقة ينقل لك صورة كاملة للمدينة فى حينها.
نادرة هى الأعمال الذاتيه المؤرِخة للمجتمع بكل ظروفه وتفاصيله, الأعمال الصادمة بصدقها وواقعيتها .
سلامة موسى ليس مجرد شخص يقدم لك تفاصيل حياته بقدر ما هو تيار كان منتشر فى عصره.
علامة فكرية مهمة جدا فى تاريخنا الحديث , ليس بشخصه فقط بل بصفته التى تأثرت أيما تأثر بالغرب كعادة شريحة واسعه من فضلاء هذا العصر.
النصف الأول من القرن العشرين كانت فترة خصبة جدا وراقيه جدا فى تاريخ الحركة الثقافية المصريه , رواج لم يكن حِكرا على الحركة الثقافية فقط بل طال جميع نواحى الحياة المصريه.
بلغة متقنه واسلوب بسيط سلس مغلف بتجربة حيايته خصبه يقدم لنا سلامة موسى سيرته المميزة :
---كتب اجزاء منها عند بلوغه سن ال60 وأكملها عند بلوغه ال70 ,ليكون العمل شمل ودقيق ومصور لحياته بأكملها . بغض النظر عن اتفاقك الفكرى أو اختلافك مع الرجل فستجد عرض شيّق لحياته. وممتع بذكر تفاصيله.
عرض شامل لرحلة حياتيه وثقافية وفكرية , من الواضح ان الكاتب مرّ بمرحلة الحاد (وان كان تراجع عنها) وكان مؤمن بشدة بنظرية التؤامر ومحب شديد لنيتشه وداروين وسبنسر , ومن العرب تأثر بشدة بجرجى زيدان وفرح أنطون .
دراسته للقرآن والانجيل والتوراه كوّنت لديه خلفيه شاملة . فى المجمل سيرة متميزة لمفكر متميز .
"نعيش في ضوضاء تلهينا عن الفلسفة، أي تلهينا عن الدين؛ لأن الفلسفة هي الدين. والرجل العصري الذي يدرس الفلسفات والأديان بروح المتعلم يجد بينهما اختلاطا يشبه الإندغام، وذلك لأن قضية الدين هي نفسها قضية الفلسفة، وهي: كيف نفكر التفكير السليم ونعيش العيشة الطيبة؟ ومقاييس الدين هي في النهاية مقاييس الفلسفة، كما نرى مثلا في كلمة برنارد شو: إن الرجل الطيب هو الذي يعطي الدنيا أكثر مما يأخذ منها. أي ان الدنيا تجد بعد انقضاء عمره أنها كسبت ولم تخسر، وأنفقت عليه أقل مما ترك لها. وهذا الذي تركه لها قد يكون حكمة أو قدرة أو علما أو اختراعا أو زيادة في الثروة أو الخير والسلام."
هنا بداية احدى اهم مقالات كتاب (تربية سلامة موسى) تحت عنوان (فلسفة وديانة)، حيث يتبنى الكاتب والمصلح الكبير فكرة مساواة الدين مع الفلسفة من حيث الغاية والنتائج التي يطمح اليها الانسان، مع اختلاف الوسائل والطرق، ويفهم القارىء كيف ان الغاية هي -كما يسميها موسى- تنمية الضمير الديني، وبهذا تكون هذه التنمية ليس فقط من النصوص الدينية ورجال الدين، بل من تنوع المصادر الدينية على اختلافها، والاطلاع على الاديان البعيدة والغريبة عنا، بالاضافة الى الكتب العلمية خاصة في مواضيع علم النفس، علم الاحياء، والتاريخ والانثروبولوجي، ويفخر الكاتب ان اكبر تأثير عليه ومركز ثقافته الدينية/الفلسفية نابع من نظرية التطور. يصنف هذا الكتاب المهم فوق رف كتب السيرة الذاتية، لكن باسلوب مختلف من قبل سلامة موسى، حيث ظهرت فيه شخصيته الموسوعية وشربه من مختلف مناهل الحياة واطلاعه الواسع من خلال ادقانه للغتين الانجليزية والفرنسية، وامتيازه بعقل حر مفتوح يحسن ضيافة الاراء الجديدة (على حد تعبيره هو).
تربية سلامه موسى من حسن حظ سلامه موسى أنه كان يعيش خارج ذاته، لو كان مشغولاً بنفسه لما كان على هذه الدرجة العالية من الاحتراق الخارجي، ألّف ليقنع، واقتحم ليُرى، كانت حياته مرضية له في النهاية، هذا انطباعي عن كتابه "تربية سلامه موسى" . اعتنى موسى بذكر الأحوال الاجتماعية في المجتمع المصري خصوصاً فيما يتعلق بنغير الملابس، إذ أن أن تغيرها مؤشر على انقلاب مجتمعي تكون الملابس فيه أحد أقوى المؤشرات التي لا تُخطؤها العين، فذكر أولَ ابتداءِ ارتداء البدلة الأوروبية، وتغطية الوجه للمرأة التي كانت سائدة عام ١٩٠٧م . أشاد موسى بعدد من المفكرين الذين تأثر بهم، من أمثال كارل ماركس وهنريك إبسن وفرويد ونيتشه الذي ذكر ملحوظة مهمة عن فلسفته - إن كان فيلسوفاً- وهي أن الشباب المتحمس يطغى عليه الإعجاب بنيتشه حين يقرأ في كتبه لأنه يواكب حرارة الشباب واندفاعهم واتجاههم نحو الغرائبية والبحث عن المختلف وهو ما يناسب أعمارهم .
وانهيت الكتاب للاسف ! ، الزخم اللطيف ملأنى لهفة وودت لو اسمع تعليقا او تعقيبا منه لو لا يزال صائرا بيننا حتما لاختلفت وجهة نظره فى اشياء عدة ، وانها لصفاقة شديدة لو اصدرت حكما على حياة كائن بشرى نهم للقراءة والعلم بهذه الطريقة ،ربما تلك الوخزة فى اخر الصفحات التى اختتمها بحديثه عن الانسة مى اضفت حزنا مقنعا على الكتاب ،لم اسافر عبر الزمن منذ مدة فشكرا سيد سلامة يكفيك حماسك للمستقبل وانت فى السبعين حماس سيصيبك بخيبة امل لو عايشت شيخوخة تدب فى قلب عشرينى ...قراءة سعيدة للمهتمين
سلامة موسى رغم أنك قد تختلف معه لتطرفه الشديد للغرب، إلا أن قراءته مهمة لأنه يرصد فترة مهمة للغاية في تاريخ التنوير العربي بشكل عام والمصري بشكل خاص. أهمية هذا الكتاب أنه يرسم فترة مهمة في تاريخ مصر الحديث بشكل عام، ليس في مجال الفكر والثقافة فقط، لكن بشكل عام. كتاب جيد ومهم.
احد السابقين لعصرهم فهو تنويرى بكل ما تحمله الكلمه من معنى جاء فى عصر ظلام ينتمى للعصور الوسطى باكثر ما ينتمى للقرن العشرين الذى كان يعيشه اعترف ان الكتاب قد اثر فى بشكل كبير واستفدت منه على المستوى الشخصى
كتاب تعليمي تحفيزي سابق لعصره، تحدث فيه سلامة موسى عن سيرته الذاتية التي يتسنى للقارئ من خلالها التعرف على مشكلات مصر والعالم العربي في بدايات القرن العشرين. لقد اثبت سلامة موسى في حياته ومسيرته التأليفية ان الانسان - مهما كانت ظروفه- يستطيع ان يكون أستاذ نفسه وذلك عبر التثقيف الذاتي من خلال قراءة الكتب والسفر والنهم المعرفي. استطاع سلامة موسى من خلال اجادته اللغتين المهمتين الانجليزية والفرنسية ان يقرأ كل الكتب المهمة الرئيسية والتي تعتبر مراجع العلوم والادب في تلك الفترة وان يكوّن ثقافة موسوعية شاملة انعكست على شخصيته وكيانه وحياته. الكتاب في طبعته الاولى نشر عام 1947. لكن سلامة موسى اضاف فصولا اخرى للكتاب في طبعاته اللاحقة تحدث عن تجاربه الاخرى من 1947 الى 1957. وفي هذه الفصول الاخيرة كثير من الحكم والدروس التي تنفع الجميع لذلك انصح للقارئين ان يقتنوا النسخ التي تحتوي على هذه الفصول.
الكتاب الذى تشعر بعد إغلاقه بأنك فقدت صديق بمساوئه و بمميزاته يستحق أن تخلده فى أعلى الأماكن سلامة موسى المفكر العظيم أحببته و عشت معه كنت قد بدأت اكتب ما اعجبنى أو ما ألاحظ فى الكتاب فى ورقة خارجية للمساعدة فى الكتابة عن الكتاب و صراحة لم أستطع أن اربط بينهم فسأكتبهم كما هم : 1-《ميلاد كل منا هو مغامرة مع القدر》كذلك يبدأ سلامة موسى مقدمته عن سيرته الذاتية و هو يوضح أنه لم يقم بالنشر لتأريخ بقدر تأريخ الحالة المصرية على كل المستويات من خلال تجاربه و يبين فى هذه المقدمة عيوب و مزايا الترجمة الذاتية و مدى الاستفادة 2- يظهر فى الكتاب اشتراكيته و كرهه للأوضاع المزرية فى بلاده و له كل الحق "و الراضون عن النظام الاقتصادى الحاضر فى مجتمعنا الاقتنائى كثيرا ما يذكرون العائلة وأن نظامنا يؤيدها . مع أنه لا يفكك العائلات و يضع البغض مكان الحب بين أعضائها سوى الخلافات المالية التى تلابس هذا النظام " "و لو أننا كنا نعيش فى نظام اشتراكى و مجتمع تعاونى غير اقتنائى لما كان هناك مجال لهذه الخلافات التى تكاد تعم العائلات فى أيامنا " 3- من ضمن الآراء التى أراها جديرة بالنظر فى أفكار سلامة موسى هو نظرته للأحداث أو الاكتشافات العلمية التى تجعل الإنسان يستضئل نفسه كنظريات التطور و التحليل النفسى و الماركسية التى بلورت العالم وقتئذ فترى ما هو الاكتشاف المحورى فى جيلنا 4- يظهر فى الكتاب إعجابه الشديد ببرنارد شو (والذى زاد شوقى الى القراءة له بعد حديث سلامة موسى عنه ) و كذلك كارل ماركس و داروين و فرويد و نيتشه و غيرهم 5- الغريب و المثير فى الامر أنه كلما تكلم عن شخصية تشوقت للقراءة للشخصية أو حتى عنها 6- يظهر هدف الك��تب الرئيسى فى حياته من خلال هذا الاقتباس "وهذه الثقافة العلمية هى ما افتأ أرجو أن اجعلها اسلوبى فى الحياة الشخصية و الاجتماعية . ولكنى لم اخطئ قط ذلك الخطأ المألوف بأن أجعل العلم غاية إذ هو وسيلة فقط . أما الغاية فيعينها الادب والفن والفلسفة. أى أن غاية العلم هى الدين الذى نكسبه من الأدب والتاريخ والفن والفلسفة . أى كيف نعيش فى مجتمعنا أصلح العيش وأروحه وأقصده وأشرفه. 7- فى فصل ثورة 1919 يتحدث عن ما مر بالثورة و ما برز بذهنه من الموقف القبطى و نهضة المرأة و الاقتصاد المحلى 8- فى فصل كفاحى الثقافى يتحدث عن الثقافة فى مصر و أحوالها و كيف أن الاستعمار كان يحجم النقد السياسى و الحكومى فاتجه المثقفون إلى نقد المجتمع كما فعل الأدباء فى روسيا بنقد الأدب بدلا من السياسة فى عصر القياصرة 9- من أكثر ما أمتعنى من فصوله هو "فلسفة و ديانة" يتحدث عن كونهما شئ واحد و عن كون الأديان كلها لها نفس الغاية ، يكفى ذكره لأبيات ابن عربى لتوضيح رأيه 10- و لكن يظل فصل " السبعون سنة الاولى من عمرى " هو أمتع الفصول و هو ينقد أهدافه التى كان قد خطط لها و يحدد أهدافه الجديدة و كذلك نصائحه للقراء و التى أعتقد أنها واجبة ولازمة إلى الآن 11- فصله الأخير و مى احزننى و إحساسى بالخوف من نفس المصير يحزنني أكثر شكرا سلامة موسى لقد أعدتنى إلى حب القراءة من جديد
تربية سلامة موسي تأليف/ سلامة موسي ......................... في مطلع كتابه يقول الكاتب:" قصة كل منا هي قصة فذة مفردة تستحق أن تروي و تقرأ." ويقول:" ميلاد كل منا هو مغامرة مع القدر." ويقول:" لا تكاد تخلو حياة إنسان مما يجدر ذكره للمغزي أو العبرة إلا إذا كانت حياة أبله قد مرت الغختبارات دون أن ينفعل بها." بأسلوب أدبي رشيق يكتب سلامة موسي ما يشبه السيرة الذاتية! فالكاتب الكبير اعتمد في كتابة سيرته لا علي ذكر أهم الأحداث بترتيبها كعادة كتاب السير، وإنما قسم حياته إلي أبواب يشرح فيها تفاصيل مرت به شاركت في تكوينه التربوي. أشخاص وتيارات فكرية وأحداث سياسية وأسفار، كلها أسهمت في تربية و تكوين المفكر الكبير سلامة موسي. تحدث عنها الكاتب شارحا دور كل منها في تكوينه. بدأ المؤلف كتابه بالحديث عن طفولته وصباه، تحدث عن علاقته بأفراد أسرته، وتحدث كثيرا عن أخواته البنات، وأمه، ولكنه لم يتحدث كثيرا عن أبيه لأنه كان قد مات وهو صغير جدا. تحدث الكاتب كذلك عن أحوال القاهرة وما فعله به المندوب السامي البريطاني كرومر، ومن بعده كتشنر، شرح كيف أرادوا لمصر أن تكون مجرد عزبة لإنتاج القطن لخدمة الإقتصاد البريطاني. تحدث الكاتب عن تربيته الأدبية والعلمية، وشرح أهم المؤثرات التي أثرت فيه أدبيا وعلميا، وتحدث في فصل خاص عن شخصيات عرفها، وفي فصل آخر عن كفاحه الثقافي، وكفاحه السياسي. تحدث المؤلف عن فلسفته التي لم تتغير، وبقي أثرها كالماء الجاري في كل كتبه، إن الكاتب ظل يبشر بعصر الحرية الفكرية، وناضل كثيرا لأجلها. الكاتب يحب الحياة كثيرا ويري أن حب الحياة من أوجب الواجبات علي الإنسان، فقد ألف في التربية كتبا منها (كيف نربي أنفسنا) و(مشاعل الطريق للشباب) و(طريق المجد للشباب)، حاول فيها تقديم توجيهات تربوية عالية لتوجيه الناس للاستفادة القصوي من زمن يعيشونه علي الأرض ولن يتكرر. يقول الكاتب:" من واجب من يعيش في الدنيا أن يري الدنيا." يقول أيضا:" في السير دائما رغبة ... وفي الطريق دائما عثرات ... وفي النهاية دائما هدف." في نهاية كتابه وضع المؤلف فصولا عن خطط حياته للعشر سنوات القادمة،هذا حين بلغ الستين، ثم كتب فصلا عن السبعون سنة الأولي من عمره، ثم فصلا عن مؤلفاته التي وجهته. يقول:" ليست العبرة بالطبع أن نزيد الحياة سنين، وإنما هي أن نزيد السنين حياة، بأن نتعلم ونعمل ونعرف ونختبر، أجل نختبر المر والحلو. ونستنبط منهما حكمة للعيش وزيادة في الفهم." كتاب جديد مميز لكاتب مميز لم أقرأ له كتاب إلا وزادني حبا فيه ورغبة في قراءة المزيد له. .......................
و كالعادة تأبى السيرة الذاتية المصرية أن ترضخ للتواضع أو حتى للواقع فلا بد من لمسات من البطولات الخارقة للطبيعة الآدمية! أو بتعبير آخر على أي عظيم مصري أن يجعل من أبسط الأمور الحياتية كممارسة الرياضية الصباحية مثلاً أمراً خارقاً للطبيعة و عليه أن يحتل عشرات الصفحات لكي يندهش القارئ من العظمة التي تتراءى له!!! رفض جميع الرواد المصريون في فترة الثورة المصرية عام ١٩١٩م العادات و التقاليد الإجتماعية البالية و لكنهم بشكل أو بآخر رضخوا لها و لم يفلتوا من قيودها! و المثال الأعظم على ذلك هو موسى سلامة الصحفي و الكاتب العظيم الذي يرفض التقاليد الإجتماعية و يحارب الحجاب و لكنه ينجب حفنة من الأطفال أملاً بأن يأتي "الذكر المنشود" بعد أربع بنات ! لا أستغرب من حال المثقف المصري هذه الأيام، فحاله لم تختلف عن ذي قبل!!! و لكن على الرغم من ذلك فكانت هناك لحظات ممتعة أثناء القراءة و خصوصاً الجزء المتعلق ب"نيتشه".
لا اجد كلمات تصف هذا الرجل , واحس انا مدحى لة سيكون مبتذلًا اكتفى بأنى احببتة وحزنت لأنتهاء الكتاب ولكن حزن حيل الى سعادة نوعًا ما , لأن الرجل لة الكثير من الكتب التى لم اسمع عنها من قبل ولكننى سأقرأها جميعًا لو شاء بى الدهر ان يعطينى من العمر أمدة .
"إنّ الوصم بتهمة الجنون وسيلة معروفة وناجعة للتّهميش الاجتماعيّ، تغني عن أيّ نقاش آخر" (مقدّمة كتابات منسيّة- أنتيا زيغلر) استوقفني الفصل الأخير من كتاب "تربية" للمفكّر المصريّ سلامة موسى المعنون بـ "ذكريات من حياة ميّ". ولعلّه أسوأ ما كُتب عن ميّ زيادة، إذ إنّه يُختصر في كلمة واحدة، "اللّاإنسانيّة". ولست أدري السّبب الّذي دفع سلامة موسى لإدراج هذا الفصل في كتاب سيرة ذاتيّة يحكي فيها فصولاً من مراحل حياته ويروي تاريخ العصر الّذي عاش فيه وتاريخ مصر والتّقلّبات الفكريّة والسّياسيّة ومؤّلّفاته الّتي وجّهته. ولئن كان عنوان الكتاب "تربية" ونوعه سيرة ذاتيّة، فلا ريب أنّ موسى أراد أن يروي كيف تطوّرت تربيته في شتّى مراحل حياته. ولكن، لماذا أقحم في الكتاب "ذكريات عن حياة مي"؟ وماذا أضافت هذه الذّكريات إلى تربيته أو ماذا تضيف إلى القارئ إذا ما كان موسى يرمي إلى أن يستفيد القارئ من خبراته الشّخصيّة؟ فالذّكريات الّتي رواها عن ميّ شوّهت صورة أديبة كان لا بدّ من أن تترسّخ في ذهن القارئ من جهة عبقريّتها الأدبيّة والفلسفيّة والفكريّة بدل أن يترك له صورة مشوّهة تتناقض كلّ التّناقض مع صورة أعمق وأجلى نستدلّ عليها من خلال مقالات وأدب وفلسفة ميّ. إنّ مسؤوليّة الأديب والمفكّر تكمن في البحث في النّتاج الفكريّ والأدبيّ، ومسؤوليّته تقتضي الحفاظ على التّراث الثّقافيّ. غير أنّنا نرى الأستاذ سلامة موسى ينقل صورة عن ميّ زيادة في أيّامها الأخيرة يستدعي بها شفقة القارئ الّذي يحسب غالباً أنّ كلّ ما يقوله المفكّر حقيقيّ. يستهلّ الكاتب هذا الفصل بفقرة ترسم شخصيّة ميّ أخرى غير تلك الّتي تفرض نفسها بقوّة في مقالاتها الأدبيّة والفلسفيّة والنّقديّة. إذ فيها تبرز شخصيّة ميّ القويّة والفذّة. يقول الأستاذ سلامة: "عرفتها في 1914 وكانت حوالي العشرين من عمرها، حلوة الوجه مدلّلة اللّغة والإيماءة، تتثنّى كثيرًا في خفّة وظرف. وكان الدّكتور شبلي شميّل يحبّها ويعاملها كما لو كانت طفلة بحيث كانت تقعد على ساقيه. وكان يؤلِّف عنها أبياتًا ظريفة من الشّعر للمداعبة وما هو أكثر من المداعبة." وإنّي لأتساءل عن سبب ذكر هذا التّفصيل عن شبلي شميّل وميّ زيادة إن صحّ. ويضيف: "وكنت أصدر في ذلك الوقت مجلّة أسبوعيّة باسم المستقبل. وكنت أنا وشبلي شميّل على نيّة معيّنة مبيَّتة في إصدارها من حيث مكافحة الخرافات الشّرقيّة. ونشرت في أحد أعدادها حديثًاً مع مَي أطريتها فيه إطراء عظيمًا. وكان القارئ لكلماتي يلمح أكثر ممَّا يرى من الإعجاب الأدبيّ، ولكنّي مع ذلك حرصت على أن يكون إعجابي بها أدبيًّا فقط؛ ولذلك لم أتعمّق ميّ في تلك السّنين. وكانت أحاديثي لها اجتماعيّة أكثر ممّا كانت سيكلوجيّة." وكأنّ الأستاذ سلامة لم يكن في الأصل يبدي اهتماماً لأدب ميّ وهو نفسه القائل عنها في مقدّمة كتابها "المدّ والجزر": "وهناك أسف واحد يعتري الإنسان كلّما قرأ كتابًا لمي، وهو أسف شبيه بالغبطة؛ فإننا نغبّطها جميعًا لذكائها وسعة ثقافتها، ونودّ لو نجد عددًا كبيرًا من فتيات سوريا ومصر يقتفين أثرها في خدمة الحياة القوميّة العربيّة والعمل على رقيّها ورفعها، ولسنا نطمع في أن نجد من تساويها، ولكنّنا نودّ أن نجد من تدانيها." من العجب أن يكتب أدباء ومفكّرون عن أديب أو عالم أو شاعر أفضل المعاني وهو حيّ يُرزق ثمّ يستفردون به بعد موته ليهشّموا صورته ويميتونه مرّةً ثانية في ذهن القارئ. فالأستاذ سلامة الّذي لم يطمع في أن يجد من يساوي ميّ يذكر في هذا الفصل أنّ ميّاً كانت على ثقافة واسعة في الأدب الفرنسيّ و��لإنكليزيّ. وكانت تتحدّث اللّغة الفرنسيّة والإنكليزيّة. وكانت إلى هذه الثّقافة النّادرة موسيقيّة وعلى دراية بكبار الموسيقيّين. إلّا أنّها لم تكن تبالي بالعلوم. ولم يكن يجد بين الكتب الّتي حفلت بها كتاباً واحداً في العلم. فاعتبر ذلك نقصاً في ثقافاتها لذلك كانت حين تؤلّف بقلبها وعاطفتها. كيف لم يتنبّه الأستاذ سلامة إلى مقدّمة ميّ زيادة في كتاب الدّكتور يعقوب صرّوف "فصول في التّاريخ الطّبيعيّ من مملكتيّ النّبات والحيوان"؟ (كتابات منسيّة- ص841) ألم يقرأ مقال "كيف نقيس الزّمن" (مجلّة الزّهور- 1913- الأعمال المجهولة لميّ زيادة- جوزيف زيدان – ص 58)، ومقال "أربعون يوماً بعد وفاة أديسون" (كتابات منسيّة- ص 425) وغيرها من المقالات الّتي لعلّها ضاعت كما ضاعت مقالات كثيرة لميّ زيادة؟ ولئن تحدّث الأستاذ سلامة عن التّعمّق السيكولوجي الّذي لم يقم به إبّان معرفته لميّ، أورد في هذا ��لفصل أنّ ميّاً عاشت بالعاطفة دون التّفكير في المستقبل: "وخاصةّ هذا المستقبل البعيد حين يذوي الشّباب وتحتاج كلّ فتاة إلى حكمة العقل إذا ما ذهبت عنها حلاوة الوجه. وأهملت الزّواج والأمومة إذ كانت لاهية بشبابها تتلألأ أمام أضيافها الكثيرين كلّ مساء وكلّ هؤلاء الأضياف من الباشوات الأثرياء أو من الأدباء الأثرياء أو من الأدباء المعدمين. وكلّهم كان معجبًا وإن اختلفوا في مواضع الإعجاب... وكانت مخطئة. وكان خطؤها خطأ الحياة. وكثير من النّاس يفهم النّجاح على أنّه نجاح الحرفة أو الثراء أو الجاه، ولا يفهمه على أنّه نجاح الحياة كلّها، نجاح الصّحة الّتي نعيش بها إلى يوم الوفاة، ونجاح الفلسفة الّتي توجّهنا في هذه الدّنيا، ونجاح الحرفة الّتي نحصّل منها العيش الإنسانيّ، بل كذلك نجاحنا في البناء العائليّ والبناء الاجتماعيّ." لم يتحدّث أحد مثلما تحدّث ميّ عن البناء العائليّ وأهمّيّة الأسرة وتأثيرها في المجتمع والوطن. وحيت دعت إلى حرّيّة المرأة شدّدت على حرّيّتها الّتي تعود بها إلى المنزل والاهتمام بالعائلة. ولم يتحدّث أحد عن رصانة المرأة واتّزانها المعرفيّ والعقليّ بدل الانغماس في التّبرّج والأحاديث السّخيفة وإهمال أولادها كما فعلت ميّ. ولا يذكر الأستاذ سلامة أنّه نصح ميّاً أو دلّها على خطئها أو حثّها على الاهتمام بالمستقبل. بل إنّه يشرح أنّ شخصيّتها اضطربت عندما رافقها صراع داخليّ مزّق قلبها على الشّباب الذّاهب. فشرعت تخلط بين الحقائق والأوهام وتطلّ من نافذتها فتجد من يتربّصون بها بغية خطفها. ممّا دفع أهلها لحملها إلى لبنان خوفاً عليها فقادوها مقيّدة إلى مستشفى أو مارستان حيث بقيت سنوات ثمّ عادت إلى مصر. ولم يأتِ الأستاذ سلامة على ذكر عرقلة إلغاء الحجر عن ممتلكات ميّ في مصر بعد أن ألغي الحجر على ممتلكاتها في بيروت. (مأساة النّبوغ- سلمى الحفّار الكزبري – ميّ في الفريكة في جوار أمين الرّيحاني- ص 325) وتورد السّيدة سلمى كلّ مخطوطات الرّسائل الّتي تبادلها "المنقذون" كما سمّتهم ميّ، مع الجانب المصريّ. يبدو أنّ الأستاذ سلامة يبرّئ أقارب ميّ ممّا فعلوه في حين أنّ ميّاً عانت ما عانته بفعل ظلم شديد وقع عليها منهم. ونراه في فقرة أخرى يروي أنّه زار ميّاً في مصر مع الأديب أسعد حسني الّذي كان صديقاً له. وآلمه أن شاهد ميّاً امرأة مهدّمة كأنّها في السّبعين، قد اكتسى رأسها بشعر أبيض مشعّث. وظنّها الخادمة، وانتظر أن تتنحّى ليدخل وصديقه. ويصف لنا الأستاذ سلامة ميّاً أشقى وصف، ويحدّد لنا ملامح اضطرابها وانهيارها. كأنّ يقول: "وقعدنا نتحدّث، فروت لنا كيف خطفوها من القاهرة إلى مارستان العصفوريّة في لبنان، وكيف كانوا يتربّصون بها على مقهى قريب في الشّارع القريب من منزلها. ثمّ شرحت لنا ما كابدته من عذاب في هذا المارستان، وجعلت تلومني لأنّي لم أسأل عنها. وتدفّقت دموعها كما لو كانت ميازيب. وجرى بكاؤها في تشنُّجٍ كأنّها كانت تلتذُّه. ثم هدأت، وأشعلت سجارة وجعلت تدخّن وتنفخ دخانها عليَّ مداعبة لأنّي أكره الدّخان، وهنا استولى عليها طرب فشرعت تضحك في إسراف يزيد على إسرافها في البكاء. وكانت تتشنّج بالضّحك كما كانت تتشنّج بالبكاء". ميّ لم تستقبل أيّ شخص لم يسأل عنها. وبالعودة إلى "مأساة النّبوغ" ص 421، إبّان عودتها إلى مصر، نقرأ الآتي: "وفي ذلك الصّيف استقبلت ميّ صحافيين مصريين أثبتا لها أنّهما كانا يتلقّفان أخبارها إبّان محنتها هما الأديب الصّحفيّ الأستاذ أسعد حسني رئيس تحرير مجلّة "العالم العربي" الّتي أنشئت بعد وفاة ميّ، والصّحفيّ طاهر الطّناحيّ. كان أسعد حسني قد عرفها في سنة 1932 فروى أنّه ذهب لزيارتها بعد رجوعها من لبنان قال: (طرقت باب بيتها فلّما فتحته ورأتني قالت: - إنّي يا سيّدي لا أقابل أي إنسان لم يذكرني في محنتي!" قلت: - "ومن يدريك يا سيّدتي أنّي لم أذكرك؟ خذي هذه المجموعة من الصّحف تجدي فيها كلّ ما كتبته عنك خلال غيبتك عن مصر". وضحكت ميّ وهي تمدّ يدها لأخذ الصّحف ثمّ قالت لي مازحة: "إذن ادخل... فقد جئت ومعك جواز المرور!" فكيف يدّعي الأستاذ سلامة موسى أنّه زارها مع الأديب أسعد حسني؟ وكيف يذكر أنّها كانت مصابة بلوث عقليّ جعل تصرّفها شاذاً؟ وكيف ينقل لنا هذه الصّورة المقيتة المثيرة للشّفقة عن ميّ؟ في المقابل يقول الأديب اللبنانيّ مارون عبّود لمّا زارها في الفريكة: "إنّ في صمود تلك البنت المقهورة في وجه المصائب الّتي حلّت بها ما يذكّر بصمود الصّفصاف في وجه العواصف، ويدعو إلى الإعجاب بقوّة شخصيّتها، وقوّة إرادتها، وروح الدّعابة، وعزّة النّفس...". (مأساة النّبوغ- ص 372).
الكاتب ناقم بشدة على حال المجتمع المصري منسلخ عنهم مع مسحة من الإحتقار وكان لسفره إلى أوروبا في صباه تأثير جارف على عقله .. حيث انسحق تماما وتم استيعابه بالكامل في النموذج الفكري الأوروبي في تلك الفترة .. حيث أصبح نيتشه وداروين وسبينوزا وبرنارد شو وغيرهم من " العقليين" هم نجوم أحلامه. رغما عني كان المسيري ودراساته عن العلمانية تطل على ذهني مع كل انبهار للكاتب بأوروبا .. هم نفس الذين استخلص المسيري أن فكرهم قذف أوروبا الى أتون العدمية والتشيؤ المادي الكامل ورفض كل مكون روحي للإنسان وكانت النتيجة هي النازية والصهيونية وأمهم الرأسمالية المادية. لقد تناول المسيري بالنقد والتحليل كل الأفكار التي ذاب فيها الكاتب عشقا وهي إعمال العقل والحواس المادية فقط ورفض كل عالم الروحانيات تماماً بدعوى أنه رجعي وخرافات غيبية لا طائل منها .. رغم أن كلاهما قضى عمره في الغرب ونهل من ثقافتهم (وإن كان المسيري أكثر تنظيماً بحكم إنخراطه في السلك الأكاديمي). في الملحق الذي أضافه بعد أن تخطى السبعين اعترف انه شفي من اغلب انبهاراته بالكتاب الغربيين مثل نيتشه وغيره .. لكن ظل على جوهر اعتقاده بالمادية والعلمانية الكاملة وأنه لا يؤمن بالحياة الآخرة.. بل كان يرغب أن يتم حرق جثمانه في المرمدة الهندية في القاهرة !! ايضاً ما أستغربه بشدة أن الكاتب شديد الإستياء من الاحتلال الإنجليزي لمصر والهند .. ويعدد في كتابه مساوئ الاحتلال الإنجليزي في تحويل الزراعة في مصر للقطن وتغيير نظام الري لمصلحة بريطانيا والإضرار بصحة الفلاح المصري .. كما أنه عانى شخصياً من عنصرية الجنود الإنجليزي تجاهه هو والهنود على متن البواخر في رحلته لأوروبا .. ورغم ذلك كان منبهر من الحضارة التي قامت على هذا الاستعمار ونهب الشعوب وابادتهم بل ويبريء الشعب البريطاني من سوء تصرف ساسته ونخبته الاقتصادية !!!
في المجمل .. أراه شخص مجتهد مع الكثير من الشغف والوطنية لكنه فاسد الفكر وعبد لمنتجات أدمغة الرجل الأبيض "المتفوق" المستعمر العنصري
نجمتين لأنه فتح نافذة لطيفة على التاريخ في زمن عادة لا نقرأ عنه الكثير ونقل من احداثه ما شهدها بنفسه
يمكننا ان نتفق ان فترة ما بعد عرابي وبداية القرن العشرين في مصر وما حدث بها من صراعات سياسية وادبية وثقافية من اهم المراحل في تاريخ مصر الحديثة تأثير تلك المرحلة ظل ممتدا حتي الان ملقيا بظلاله علي واقعنا المعاصر ما بين التجمد والتمسك بالتراث ونبذ اي مظهر للحداثة وبين الدعوة للانقطاع عن الماضي بالكامل لانه يمثل قرون الظلام والتخلف كما وصفها سلامة موسي واخيرا طرف حاول الدمج بين الاثنين بشكل او بأخر سلامة هنا ممن دعوا للانقطاع عن الماضي تماما رغم اختلافي مع رأي سلامة واعتراضي علي موقفه السياسي الاشتراكي إلا اني اتعاطف مع نظرته لما فهمت ما دفعه اليه احيانا يكون السبيل لمواجهة اقصي درجات الانحراف والتطرف هو التطرف المضاد له هذا ما يعلمنا التاريخ في واقع بلادنا فالناس اميل للانحياذ اما للاصولية المتشددة او الدعاوي للانفصال عن اصلنا تماما متجاهلين الحل الوسط والاسلم فنحن لا نراهم اليوم محاولة الامام محمد عبده ذكي نجيب وغيرهم
بالرغم من اتهامات الاصوليين التراثيين في عصره له بانه عميل الانجليز لم اري في سيرته الا سيرة رجل وطني طموح يريد لوطنه الحرية والاستقلال بعيد عن سطوة الانجليز وذلهم وعبودية التراث ودعواتهم للعودة تحت راية الخلافة المحتضرة في الاستانة يقول سلامة ان سبب تخلف الامة اثنين لا ثالث لهما الاستعمار والتمسك بعادات الظلام والخرافات الكتاب تاريخ جيد لحقبة مهمة لتاريخ مصر من وجهة نظر مهضوم حقها لقلة منظريها اقباط مصر كيف راي اقباط مصر الاستعماروكيف عانوا من اضطهاد النظام العثماني الخ
من حسن حظي اني لم اقرأ من قبل للأستاذ سلامه موسى وبداية معرفتي به كانت تلكَ السيرة الذاتية الصادقة إلى حد كبير عدا الصمت في بعض الأوقات ،ولا نجد مبرر للصمت غير مشاعره الرقيقة وعدم الرغبة في وصم بعض الأفراد للأبد في صفحاته ،وكان من وجهة نظرنا عليه طرح الحقائق كما هي ويترك للتاريخ والأفراد تصديقها او نقدها. ولكن في النهاية فنحن نقف أمام عمل عظيم لم يقتصر الكاتب على سرد سيرته الذاتية منفرده بل امتد للوسط المحيط في بلاده ونظم الحكم والاحتلال والمقاومة وامتد إلى ما هو أوسع للحروب العالمية والصراعات بين الدول في تلك الحقبه. ومن حسن الحظ ان يتاح لنا الفرصة في قراءة سيرة ذاتيه لكاتب قبل الشروع في القراءة له فهذا يساعد كثيرًا في استيعاب كلماته بوضوح ويسر إلى حد كبير.
التربية. إنها الكلمة التي اختُزِلَت في شقائق حروفها السيرةُ الذاتية لسلامة موسى، تلك السيرة التي جمعت بين جنباتها ذكريات الطفولة والصبا، وأهم الشخصيات البارزة التي ألقت بظلالها التأثيرية على نشأته وثقافته التي جسدت تاريخ العصر الذي عاش فيه، والمراحل التعليمية التي مرَّ بها في مصر وبلدان أوروبا. والتي شكَّلت بدورها رافدًا جديدًا من روافد الثقافة المجسِّدة لطبائع عصره أدبيًّا وسياسيًّا وعلميًّا. ويُحمد للكاتب أنه طبع سيرته الذاتية بطابع يكفل لها أن تكون شاهدة على عصره بكل ما فيه من تقلُّبات سياسية وفكرية أسهمت في ميلاد فكر حديث يحاكي العصر على اختلاف قضاياه.
مذكرات الكاتب التنويري بتطرف سلامة موسى وهو من جيل سابق للرواد مثل طه حسين والعقاد مما يجعل مذكراته تحمل اهمية تاريخية اذ ان فترة بداية القرن العشرين ونهاية القرن التاسع عشر لم يكتب عنها الكثير من الناحية الاجتماعية والاقتصادية خاصة وانه كان من أسرة ميسورة مما سهل له السفر والتعليم خارج مصر في فرنسا وبريطانيا وشارك في الصحافة في بداياتها وركز على الترويج للنظريات العلمية الحديثة في ذلك الزمن وهو امر في غاية الخطورة
بالنسبالي كتاب محير، في المجمل لن تندم على قراءته وبه مجموعة من المعلومات والاستفادات الجيدة لكن فيه نعرة وفوقية بتخلق فجوة بينك وبين الكاتب طول الوقت، كمان فيه جزء غير قليل من مغالطات وكليشيهات من المفترض ألا يقع فيها كاتب ومفكر بحجم هذا الرجل
لو أراد أحد أن يسب سلامة موسى لما أتى بأفضل مما كتبه هذا الرجل عن نفسه في هذا الكتاب! لو أكمل دراسة أكاديمية واحدة في أي جامعة لعصمته من وجهة نظري في كثير مما سقط فيه.
كيف نري أوطاننا وكيف ترانا هي ؟ هل علينا أن نصدق المجتمع ونسلم بأعرافه لمجرد أن من نثق بهم وثقوا به ؟
هنا يمارس سلامة موسي دوره ليس كراصد لذاته وعمره لكن كراصد لواقع سياسي عاصره و واقع فكري رفضه وحاربه عندما أنظر لسلامة موسي من نافذة عام 2013 إليه في بداية القرن العشرين لا أستطيع سوي أن أدرك كم نحن مقصرون و مرفهون بتربيتنا الثقافية لأنفسنا نمتلك الإنترنت نستطيع أن نحصل علي ما نشاء من معلومات وكتب ومازال بنا شئ من التغاضي عن الكثير من الموروث المجتمعي الخرافي
كيف لي أن أنظر إلي إنسان في التاسعة عشر من عمره يدرك تملك الخرافة من عقول مجتمعه ويقرر أن يسافر ليتعلم أكثر عن نظرية التطور والإشتراكية والتفكير العلمي المنطقي لينقله إلي مجتمعه.
سلامة موسي كان كاتباً يكتب للبشرية والمستقبل عندما كان كتاباً نظنهم كبار يكتبون للماضي وعظمة الحاكم !
الكتاب يتناول حياة سلامه موسى لكني اعتقد ان الاهم من حياته الشخصية هي انه يتناول صورة المجتع المصري الفكرية و الثقافية في بداية القرن العشرين .. الكتاب لفت نظري لعدد من الكتاب و قيمتهم في حركة الادب و الفكر العالمي برناردشو ابسن و تولستوي و غيرهم .. ديانة سلامه موسى نفسها اثرت في بشدة لم يكن مسيحيا كان يدين بدين البشرية كلمته على ان الدين شأن خاص مؤثرة جدا تعني ان كلا منا لابد ان يبني دينه بمفرده ليشكل علاقته بالكون و الانسان و الحيوان لقد وصف دينه انه الحب لعيسى و الاعجاب بمحمد و عيسى و بولس و بوذا بالاضافة الى تولستوي و برناردشو و ابسن و الاخرين .. كتاب رائع جدا و كفيل بتغيير العقل كما قال سلامه موسى نفسه (يترك من المركبات ) بعد الانتهاء منه الكثير الذي يشكل وجهه نظر جديدة تجاه العالم باثره
سلامه موسي كان قادرا علي نقلي الي عصره بشكل عبقري فالكاتب يسرد قصته من خلال أحداث العصر والفترة التي عاشها وتجارب الآخرين وصلتها بتجاربه الشخصية والصراعات والصدامات التي أدت الي نموه الفكري ونهمه الغير طبيعي للقراءة والمعرفة والعلم
نجح سلامه موسي تماما في جرًي الي عالمه والاهتمام بكل كلمة قالها وكتبها والكتاب ماهو -بالنسبة لي شخصيا- الا انطلاقة لمعرفة المزيد عنه ومن الكتب التي أثرت في وفي حياتي الشخصية وتوجهاتي كثيرا
للمهتمين بسلامه موسي يجب قراءة الكتاب .. لمن لا يعرف من سلامه موسي الكتاب تلخيص لحياته وأفكاره وتجاربه
كانت ستصبح السيرة الذاتية المثالية بالنسبة لي لو اكتقي الكاتي بالكتاب الأصلي الذي يحتوي علي كمية طاقة معرفية جبارة الكاتب من قرن فات كان مقتنع بنظرية التطور وبيعمل مقالات يشرح فيها النظرية من غير خوف هلع راجل شاف بأم عينه السلطان عبد الحميد وبر نارد شو راجل كان بيشرح نيتشة لولا الفصول الأخير ة اللي أضافها للكتاب من 47 الي سنة 57 عبارة عن خراء فكري و لحس لبيادة مجلس قيادة الثورة يالا الحلو ما يكملش كمان ما عجنيش خالص الفصل بتاع مي زيادة