«رأيت والسيارة تتحرك بنا عبر الطريق الذي تحفّه الأشجار وجه نسناس صغير يطل من بين الأغصان وينظر نحوي بعينين تمتلآن فضولا، فأدرت رأسي نحو هذا النسناس، أنظر إليه بأسف واعتذار ولسان حالي يطلب الصفح منه، لأنني ظلمته وظلمت القرود من بني قومه، عندما اعتبرتهم مصدر خطر وتهديد لحياتي وعفتي وحياتي وعفاف كل النساء، بينما الخطر كان يكمن في نوع من البشر، تستحي وحوش الغابة من أفعالهم وترفض الهبوط إلى الدرك الأسفل من الخسة والنذالة والوحشية الذي هبطوا إليه»
أديب ودبلوماسي ليبي مواليد جنوب طرابلس 1942، نال درجة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة إدنبره، وعمل بالمجال الصحفي منذ 1959، فرأس تحرير 12 مجلة. وهو صاحب أطول رواية عربية هي «خرائط الروح» التي تتكون من 12 جزءًا وتتناول تاريخ الاستعمار في ليبيا. وقد صدر له عن دار الشروق: «خمس خنافس تحكم شجرة» مجموعة قصصية 1997، «غناء النجوم» مسرحية 1997، «مرايا فينيسيا» مجموعة قصصية 1997، «حقول الرماد» رواية 1999 بدأ ينشر مقالاته وقصصه القصيرة في الصحف الليبية بدأ من العام 1959، اتفوز مجموعته القصصية "البحر لا ماء فيه" بالمركز الأول في جوائز اللجنة العليا للآداب والفنون بليبيا. عمل في عدد من المؤسسات الصحفية كما عمل سفيرا لليبيا في أثينا وبوخارست.
كما هو واضح من العنوان الذي جذبني لقراءة الكتاب، قامت فكرة القصص على مدى تواضع وحشية الحيوان مقارنة بمدى "تغوّل" ووضاعة وجشع الإنسان.
أجمل ما في هذا الكتاب هو غلافه والذي لم اجد ذكرا لأسم لمن رسمه وإن كان اسلوب رسم الخطوط مألوف لي. القصص بدأت قوية ثم اصبحت تسير بشكل متوقع ومن السهل التنبؤ بنهايتها.
تعمدت قراءة هذا الكتاب ببطء شديد جداً للاستمتاع بها قدر الإمكان وعدم الانتهاء منها سريعاً لما سببه لي من نشوة غير مسبوقة في عالم الكتب..فالكاتب يصور حياة الحيوانات والحشرات كما لم أتصوره من قبل خاصة وأني دائماً ما أتقزز من تلك الحيوانات بمختلف أنواعها.. الكتاب عبارة عن مجموعة قصصية رائعة توضح لنا كيف أن الحيوانات والحشرات تتميز بصفات تُحط من قدر الإنسان، وهذا ما أكده الكاتب في مقدمة المجموعة بقوله: " عندما يصبح الإنسان حيواناً فإنه يكون أسوأ من الحيوان " في هجاء البشر: يهجو الكاتب البشر فالإنسان حينما تُنزع منه نعمة العقل يصبح فعلاً أقل شأناً من الحيوان، وفي مديح الحيوانات بمختلف أنواعها وأشكالها يقول إبراهيم الفقيه في هذا الشأن: "خلال مسيرتى رأيت بشراً فيهم سمو وبهاء، فكتبت عنهم فى كثير من كتبى، وأسندت لهم أدوارا أظهرت فيها عمق انتمائهم الإنسانى، ولكنى وجدت فى نسبة قليلة أخرى سلوكاً منحطاً أقرب إلى طبيعة الحيوان سبب لى ضررا بالغاً، وهؤلاء موجودون فى أماكن مختلفة تتراوح مابين الحضر والبداوة، التقدم والتخلف، أفرزتهم سياسات ووقائع تاريخية مختلفة، وقد كانت الكتابة وسيلتى للانتقام منهم، وتحويل كراهيتى لهم من طاقة سالبة إلى طاقة خلاقة ومبدعة عبر الكتابة والحكى. وأضاف أيضاً: «بحرقة الدم كتبت قصص المجموعة التى رسم غلافها الفنان الكبير محمد حجى كنوع من الانتقام من بعض البشر، فأنا لا امتدح البهائم والحشرات لذاتها، بل لأبين هجائى للبشر"
ولو نظرنا كيف كان مديح الحيوانات والبهائم لوجدنا العديد من الأمثلة التي تعلي من شأن هذه الحيوانات فمثلاً: " الصرصور في الزنزانة " : نجد الكاتب يصور لنا كيف أصبح الصرصور ونيس للبطل في وحدته ومحنته وسجنه تحت الأرض كما لا يستطيع أن يفعل ذلك أي إنسان..
" النسناس قبل الغروب" : تحكي لنا هذه القصة عن السيدة التي ظلت تعاني من هاجس اعتداء القرود علي النساء بعدما قرأت " الحيوان للجاحظ" ، وتتوالي الأحداث وتنتقل هذه السيدة إلي قرية بالمغرب تسكنها النسانيس ويتجدد الهاجس لديها ويسيطر عليها من جديد، إلي أن وجدت فيما بعد أنها ظلمت هؤلاء النسانيس عندما اعتبرتهم مصدر خطر علي حياتها، وإنما " الخطر كان يكمن في نوع من البشر تستحي وحوش الغابة من أفعالهم وترفض الهبوط إلي الدرك الأسفل من الخسة والندالة والوحشية الذي هبطوا إليه"...
" عندما تغني الجرذان " : قصة أخري تحكي لنا عن الشخص الذي استعاض بالفئران عن العالم الخارجي ببذاءاته وقسوته ومعاناة التعامل مع بشره..الفئران التي نشأت بينه وبينهم علاقة صداقة ومحبة فأصبحوا يسلونه برقصهم وغنائهم وعروضهم المبهجة دون أي تكلفة ولا أي جهد في مقابل هذه الصحبة..
" مصرع نملة " : من أكثر الفصول التي أثرت فيّ لأني تسببت من قبل في مصرع نملة! وندمت علي ما فعلت في حق هذا الكائن الضعيف، ولكني وقتها لم أفكر سوي في الخلاص منها ..
" قبل أن يفيض الوادي" : قصة أخري تصور الصراع بين البشر وأولياء الله والذي راحت ضحيته ناقتين لا ذنب لهما..
" مهمة لبعوضة واحدة " : هنا امتن بطل القصة كل الامتنان للبعوضة التي أبقته مستيقظاً وكانت سبباً في الإيحاء له بخطة يُنجي بها نفسه من البعوض البشري الذي يسعي لامتصاص كل الدماء الموجودة في أجساد البشر، بينما يكتفي البعوض الحقيقي بقطرة دم تشبع جوعه..
" ضوء الليل " : تحكي لنا كيف يصبح الثعبان من أفضل الحراس التي تعتمد عليه سيدة أرملة غنية والذي يدافع عنها حتي الموت..
" التيس في محنته " : أغرب قصص المجموعة فهي تحكي عن تيس مختلف تماماً عن غيره من التيوس لما له من قدرة خارقة علي إخصاب شياه الماعز والقيام بهذه المهمة عشرات المرات دون كلل أو تعب، إلي أن وقعت الكارثة يوماً ما ووضعت إحدي سيدات القرية التي يسكنها هذا التيس مولود له جسم إنسان ووجه وملامح تيس، وتكرر هذا الأمر مع أكثر من امرأة فعلي ما يبدو أن التيس لم يكتفي بإخصاب الشياه بل نساء القرية أيضاً!!! وأخيراً اعترفت إحداهن بأن للتيس سحر لاتستطيع أي امرأة شابة يغيب عنها زوجها أن تقاوم سحره وأنه يفهم فنون المعاشرة ويمارسها كما يفعل الرجال !!!!!! وفي النهاية رأت نساء القرية ضرورة التخلص من هذا التيس قبل عودة (رجالهم) حتي لا يشككوا في وجود علاقة جنسية بالفعل بين زوجاتهم والتيس!!! هذه القصة تحديداً بها من الخيال ما لا استطيع تصوره ...
وغيرها وغيرها من القصص - التي تثبت أن الإنسان هو من يبدأ دائماً بالشر- التي وددت الحديث عنها كلها لكن الوقت لا يسعفني .. وفي نهاية أطول ريفيو قمت بكتابته حتي الآن - ولا أعتقد أنني سوف أكررها مرة أخري، لكن ربما يحدث هذا في كتاب آخر لإبراهيم الفقيه- أتوجه بالشكر للكاتب لما أدركته من روعة الصداقة مع الكتاب، فهذه ثاني قراءة للفقيه وبالطبع لن تكون الأخيرة...
7/10 كنت محظوظًا بالعثور على هذا الكتاب في قسم للكتب المخفضة بجناح دار الشروق في معرض القاهرة للكتاب قبل خمس سنوات تقريبا. جذبني عنوانه وغلافه فاشتريته لكن قراءتي له تأخرَت كما يحدث كثيرا للأسف. تشترك قصص الكتاب كلها في أنها تدور حول حيوانٍ ما، وتؤكد على مقولة طاغور التي صدَّر المؤلف بها كتابه: "عندما يصبح الإنسان حيوانًا فإنه يكون أسوأ من الحيوان"، فتهجو وضاعة البشر المتجلية في أوضاعهم الاجتماعية والسياسية، خصوصًا في بلادنا العربية. بدايات أغلب القصص كانت واعدة جدا، لكن نهايات بعضها كانت محبِطة قليلًا، مثل قصص "النسناس قبل الغروب" و"ضوء الليل". أما أفضل القصص في رأيي فكانت "كلاب لا تعض" و"مصرع نملة" و"عندما تغني الجرذان"، وهي ثلاث قصص يمكنني ببساطة أن أقول إنها من أفضل ما قرأتُ من قصص قصيرة عربية. شيء محزن أن هذا الكتاب لم يأخذ حقه من القراءة، كما يحدث كثيرًا للأسف. ومن المؤسف أن اسم كاتبه "أحمد إبراهيم الفقيه" لم ينل نصيبه من الشهرة، رغم براعة كتابته ورغم أن روايته "خرائط الروح" تعتبر أطول رواية عربية. ولعل هذه الحقيقة بدورها تضيف سببًا إضافيا لهجاء البشر.
كتاب خفيف ومسلي، ممتع في بعض الفصول وممل في أخرى. بعض قصص الكتاب لها إيحاءات وإسقاطات سياسية على الواقع السياسي العربي مثل: الصرصور في الزنزانة، العقرب والزعيم، ديك الأسطورة.
للأسف الكتاب مسلى لكن بدون فائدة أظن ان الكتاب كان محتاج مقدمة ولو بسيطة توضح هل القصص ده كلها حقيقية وللى بعضها حقيقى وللى كلها من نسج الخيال للاسف كان فى اكتر من قصة بتتكلم عن الجنس المحرم بجرائة مزعجة وكانه شئ عادى وطبيعى