نبذة الناشر: تناولت مشكلات الحضارة والثقافة والمفهومية والديمقراطية في الإسلام، وانتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث مع مسار دفينة وعامة هامة.
مالك بن نبي (1905-1973م) الموافق ل(1323 هـ-1393 هـ) من أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين يُعدّ المفكر الجزائرى مالك بن نبي أحد رُوّاد النهضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين ويُمكن اعتباره امتدَادًا لابن خلدون، ويعد من أكثر المفكرين المعاصرين الذين نبّهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة كانت جهود مالك بن نبي في بناء الفكر الإسلامي الحديث وفي دراسة المشكلات الحضارية عموما متميزة، سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو من حيث المناهج التي اعتمدها في ذلك. وكان ابن نبي أول باحث يُحاول أن يُحدّد أبعاد المشكلة، ويحدد العناصر الأساسية في الإصلاح، ويبعد في البحث عن العوارض، وكان كذلك أول من أودع منهجًا مُحدّدا في بحث مشكلة المسلمين على أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ"
الكتاب يناقش عدة موضوعات، ومقسم إلى خمسة أجزاء. في البداية أريد أن أضع نصًا من التوطئة لأني أعجبت به
الجزء الأول: محاضرة ألقيت في يناير عام 1964. بعنوان مشكلة الحضارة. في هذه المحاضرة يمثل مالك عن أفكاره بالنموذج الجزائري. لكن بداية وقبل الخوض في تعريف معنى الحضارة أو ذكر عناصرها يوضح متى يبدأ سؤال ما الحضارة؟ فيذكر حالة شعبه قبل مرحلة الاستعمار، ثم ما اعتراه تحت وطأته حين اختزل في قالب الشيئية. ومع ظهور الحركات الوطنية والإصلاحية بدأ الشعب يستعيد بعضًا من وعيه الذي قاده إلى رغبة مواصلة السير والذي وجده معاق من إدراة أجنبية تتحكم فيه. فتولد هذا الصدام الذي أدى إلى انطلاق الشرارة الثورية، والتي أدت دورها على كل؛ فإن لم تكن تخلصت من الاستعمار بصورة كلية فهي قد أزاحت بعض الغشاوة. وهنا يجد الشعب نفسه أمام مرحلة جديدة يبدأ على إثرها أن يسأل سؤال الحضارة. وربما هذه هي الحالة الذي أشار إليها في آخر المحاضرة حين استنبط من وقائع التاريخ أن الحضارات تتشكل إما في ظروف هيمنت عليها فكرة الخلاص فتحرك الإنسان وتوجهه، أو إثارة لإرادته فيبدأ في ترويض ما حوله ويخضعه له. ومن ثم، وبعد بلورة السؤال ومعرفة كيفية نشأته، يبدأ في تحري الخطوات. ويستخدم مالك بن نبي في دراسته الواقع الاقتصادي، فيبدأ في رسم خريطة طبقا له ليستخلص منها الدول التي تعيش في طور النمو، ويجعل منها نمودجًا للاستفادة. **وهنا نقطة مهمة مركزية في فكر مالك بن نبي، وهي أن دراسة نموذج ما لا يعني النظر إلى منتجاته فقط ولكن على الظروف التي هيأت هذا الإنتاج وإلا سنقع في فخ التكديس والنسخ المجرد. وأخيرًا، فتكون مهد أي حضارة يتطلب تركيب متآلف من عناصر ثلاثة، لا يعوض أي منها النقص في الآخر (الإنسان والتراب والزمن) كل هذا في كنف فكر ديني لازم والذي هو بمثابة الروح والمبعث، فإن غاب فسيتم اللجوء وتبني اعتقادات آخرى لا دينية ..
الجزء الثاني: محاضرة ألقيت في يناير عام 1964 كذلك. وهي بعنوان مشكلة الثقافة، وتعتبر امتداد للمحاضرة السابقة. وفي هذه المحاضرة يتم التركيز على السؤال المحوري من رأي مالك وهو كيفية إعداد ثقافة ملائمة مع السلوك الفعال. لذلك فهو يبدأ بتعريف هذه الفعالية الإنسانية الفردية والتي تنقلب بدورها على الفعالية المجتمعية ككل. وأما عن تشكل هذه الفعالية فهي أول فكرة يريد الوصول إليها، فيؤكد أنها غير مستمدة من الإطار المدرسي وحده ولكن البيئة هي عاملها الأقوى، وأترك هذا النص مثلًا: وأما عن الإعداد فهو ما يخوض فيه في بقية هذا الجزء، وأعتقد أن هذا النص سيلخض ما يدور حوله: ..
الجزء الثالث: محاضرة ألقيت في فبراير عام 1964. عنوانها مشكلة المفهومية. باختصار، أعتقد أني قرأت هذا الجزء بخلفية مسبقة عن تعزيز مالك لقيمة الأفكار، فهي عنده المنطلق وتغلب عما سواها. فالشعب لا بد أن يكون لديه مفهومية خاصة نتجتها أفكاره والتي بدورها تشكلت داخل مجتمعه، فبالتالي هي محدَّدَة بصفاته، وتضمن حاجاته، وهي التي ستدفعه للحركة من أجل النهوض به وتكون دافع ثوريته. وعلى إثر هذا من الممكن أن أفهم ملاحظة مالك حول جعل فرانز فانون هو صاحب النظرية الثورية الجزائرية، حيث أنكرها مالك قائلًا: ..
الجزء الرابع: إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي. (جزء رائع) يبدأ مالك بتوضيح مقصده من كلمة استشراق، ويقسمه تبعًا لعنصري الزمن والاتجاه. مالك بن نبي لديه حساسية شديدة تجاه مشروع الاستشراق. فعنده أن الاستشراق باتجاهيه (مادحا ومنددا) كان شرًا للمجتمع الإسلامي، فعندما يكون مادحًا فقصده أن يغمسنا في نعيم وهمي ويحصرنا في أمجاد الماضي، وعندما يكون منددًا فهو يقلل من شأننا وتراثنا. والاتجاهان يورثا عقدة النقص. بالإضافة إلى أنه يرى أن هناك رصد دائم لأي حركة من الممكن أن تصلح من مجتمعنا فإذا ما رصدت تبدأ كل سبل تقويضها (حالة من الصراع الفكري). وبعد سرده لهذه الأفكار ينهي بتوضيح دورنا؛ فعلينا أن نستعيد أصالتنا الفكرية، واستقلالنا في ميدان الفكر الذي يتبعه استقلال في الميادين الأخرى. وينظر مثلا في هذا النص الرائع:
الجزء الأخير: الديمقراطية في الإسلام. هو جزء مكرر في كتاب تأملات. ولأن المراجعة طالت أرجو إني أرجع له مرة أخرى إن شاء الله. .. وفي النهاية، كتاب رائع يستحق القراءة.
تناول المؤلف في كتابه هذا عدة مشاكل كان قد تناولها في كتب أخرى منها مشكلة الحضارة والثقافة، وتجد أيضا مشكلة المفهومية والتي تصادفني لأول مرة في هذا الكتاب، وكذا الديمقراطية في الإسلام والاستشراق.
وقد أحسن المؤلف في مقدمة حديثه عن الديمقراطية في الإسلام غير أنه أخرج الديمقراطية من معناها الفعلي فطهر له أنها لا تتعارض مع الإسلام والحقيقة أن الديمقراطية كفكرة لا كتطبيق هي حقيقة كونية لا شرعية، أما كتطبيق وبحسب المفهوم الغربي وهو "حكم الشعب" فإنها تتعارض مع الحكم في الإسلام والذي لا يقر برأي الأغلبية ولا برأي الشعب إذا خالف شرع الله وبهذا يخرج الإسلام من الديمقراطية فكرا وتطبيقا، وقد وضع الإسلام أحكاما للراعي وللرعية وولعلاقة بينهما ولكيفية إنكار المنكر بين أبناء المجتمع وبين الحاكم والمحكوم والمحكوم والحاكم، فلم تكن الديمقراطية أبدا منهجا إسلاميا ولعل ما زاد الأمر إبهاما هو خلط المؤلف بين الديمقراطية والشورى وشتان بينهما.
وتناول المؤلف لفكرة الديمقراطية وتطبيقها في العالم الإسلامي –بغض النظر عن مدى صوابها- هو تناول رائع بحق خاصة فيما يتعلق بمسألة إستيراد الدساتير والقوانين التي صنعتها أفكار وثقافة وديمقراطية شعب آخر والتي قد لا تتفق مع أفكار وثقافة الشعوب الإسلامية وبالتالي تفشل فشلا ذريعا بل تكون وسيلة للتخلف والانحطاط وتخرج من خلالها دكتاتوريات كما نرى في دول العالم العربي والإسلامي التي تدعي الديمقراطية وتقبع تحت الحكم الدكتاتوري المتخفي بزيها.
أما تناوله لمسألة الرقيق وزعمه أن الإسلام كان يهدق إلى تحرير الرقيق كله تدريجيا فهو زعم لا يستند إلى دليل شرعي أو تاريخي، فمعلوم أن الإسلام شرع السبي والتسري بالسبايا من الإناث، ولو كان كما يقول المؤلف لما شرع الإسلام هذا ولاكتفى بالعبيد والإماء المعاصرين لنشأة الإسلام ومنع السبي مع الغزو، إذ كانت حجة الكثيرين أنه لم يكن ممكنا أن يحرر الإسلام العبيد دفعة واحدة ثم لا يجدون حرفة أو عملا فينتشر الفحش والعدوان حيث سيتخذونه وسيلة لكسب الرزق، ولعل هذا صحيح غير أن كل ما ذكره المؤلف عن الندب إلى إعتاق العبيد هو مختص بالعبيد المسلمين لا الكفار، أو كما جاء في القرآن "رقبة مسلمة".
أما المثال الذي ذكره فيما يخص المرأة اليهودية التي كان منزلها داخل مخطط مسجد عمر في القدس، فهو أمر لا علاقة له بالديمقراطية ولا المصلحة العامة أو الخاصة كما يظن المؤلف، فالمسجد ليس مصلحة عامة من حيث موقعة بل من حيث وجوده ولو جعل أصغر قليلا أو زحزح عن مكان أو غير ذلك لاتفق هذا مع المصلحة العامة ولم يتعارض مع المصلحة الخاصة ولا عبرة بكون صاحبة المنزل يهودية فلو كانت مسلمة ورفضت أن تترك منزلها أو أن تعوض عنه لكان الحكم واحد، هذا مرتبط بمسألة الحقوق لا بمسألة المنفعة.
أما عن الاستشراق فقد أبدع المؤلف في الحديث عنه وعن نظرية المؤامرة واستيراد الأفكار والتغني بالماضي دون الالتفات إلى الحاضر وأوضح أن بعض الأعمال الاستشراقية التي مجدت التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية لم يكن الهدف منها مجرد التمجيد وإنما بعث الخدر وحياة الأحلام والأماني في أنفس الشباب أو الرضى في أنفس القاصرة عقولهم بما حققت حضارتهم دون الالتفت لحاضرها ومستقبلها ولكنه مع هذا لا ينكر فائدة تلك الأعمال والتي ينبغي أن نتعامل معها بما يفيدن لا كيفما أريد لنا، نكسة 67 والفقر الفكري إبانها ثم التحول الفكري إلى الإيجابية في حرب الاستنزاف.
أما المثالان المذكوران حول الانفتاح الإسلامي وعدم القمع غير دقيقان إذ ينقض أولهما الهامش الذي يقول أن الخليفة طلب الراوندي فهرب حتى لا يعاقب، وكذا نعلم ما فعل ببشار بن برد الشاعر لما تزندق فقتله الخليفه، فالمسلمون قد يتسامحون أو يتغافلون في التعدي عليهم أو حتى على حاكمهم لكن لا أحد من المسلمين أو غيرهم يقبل أو يتسامح مع من يتعرض بالسباب أو الانتقاص والبذاءة العلنية حيال الله أو النبي أو الكتاب السماوي، فهذا مما لم يوضحه المؤلف جيدا، إذ أن تلك الأمثله لا تعني أن هذا هو منهج الإسلام الصحيح إلا إذا أثبت المؤلف أن أولى الأمر في ذلك الزمان والمكان الذي حدثت فيه تلم الحادثة كانوا أصحاب دين وتقى فيكون تسامحهم من صميم الدين أما وتلم الأزمان على العموم كان الدين قليلا في الحكام فلا يمكن الاحتكام إلى أفعالهم، أضف إلى ذلك ما ذكرناه من طلب الخليفه لابن اراوندي وكذا طلب الخليفة الجعد بن درهم وقالع، إذ أن هؤلاء الهلفاء على ابتعاد بعضهم عن الدين والتقى وانشغالهم بحياة الترف كانت لهم حدود لا يتجاوزونها ولا يقبلون بتجاوزها.
أعتقد أن الفكرة الأساسية في فكر مالك بن نبي و ليس في هذا الكتاب فقط هي تنبيه الأمم المتخلفة إلى أن الفارق بينها و بين المتقدمة ليس في امتلاك التكنولوجيا و أشكال الحضارة بل في المناخ الفكري و الظروف السياسية التي أدت إلى أن تصل هذه الأمم إلى ما وصلت إليه . لعل هذه النقطة هي التي تفسر الفشل الذي تنتهي إليه ما يسميه مالك تكديس الحضارة أي السعي إلى التصنيع و غيره من أشكال الحضارة و حتى هذه الدول التي نجحت إلى حد ما في احراز تقدم اقتصادي يبقى بون واسع بينها و بين الغرب و تبقى متلقية لما ينتجه الغرب و تعيد إنتاج ما ينتجه الغرب بعد أن تدمغه بخاتم التصنيع المحلي أما أن تضيف جديد يستحق الالتفات فلا نرى شيئا من ذلك كل ذلك بسبب اللهث خلف تكديس الحضارة و ليس توفير المناخ الذي أوجد ما نراه . قرنان من الاصطدام العنيف بالغرب عبر الاستعمار و السيطرة بعد الاستقلال الوهمي و لم ندرك بعد أن هذا هو الفارق الحقيقي بيننا و بينهم سواء في الاقتصاد أو السياسة لم ندرك أيضا أن الحضارة لا تصدر بأمر من الحاكم عبر خطة تصنيع أو بناء لمدارس و جامعات تمحو الأمية حقا لكن تشكل هوة سحيقة بيننا و بين تاريخنا و تقوم بعملية تغريب نتجرع مرارتها مع كل مواجهة مع الغرب . إنها الرؤوس يجب أن تنتج فكرا قبل أن ننتظر من الأيدي أن تفعل فهل من مجيب
"إن كل فراغ أيديولوجي لا تشغله أفكارنا، ينتظر أفكاراً منافية معادية انا.
فهذه القاعدة العامة.. والمتخصصون في الصراع الفكري يعرفونها كما يعرفون أبناءهم، ولكن يجب أن نضيف الى ذلك أن أولئك الاختصاصيين ليسوا مجرد مثقفين، يبحثون عن الحقيقة، لأنها حقيقة، ولكنهم يبحثون عن جانب التطبيق منها في محتا المصلحة السياسية، ولعلعهم إذن لا ينتظرون وقت الفراغ الايديولوجي لاحتلاله، بل يصنعونه هم، وربما يشغلونه مؤقتاً بأفكار سواهم حتى تنتهي، في مرحلة أولى، عملية فصلنا عن أفكاننا بتلك الأفكار الفاصلة الوسيطة."
"والآن نستطيع أن القول، أن هذا الميدان بالذات كان التربة الخصبة التي وجدها الأدب الاستشراقي، من النوع الذي يتصف بالمدح والتمجيد، ليزرع فيها كل تلك المخدرات التي يتقبلها بكل شغف مجتمعنا لأنها تخدر ضميرهُ وتسليه، أو تثير مؤلفات أخرى لمشارقة ومستشرقين آخرين في صورة استثارات وتحديات جديدةٍ لما تستصغر هذه الطائفة أو تلك ما ساهم به العرب في تنمية العُلوم، إبان حضارتهم، قاصرين دور هذه الحضارة على مجرد تبليغ ما أنتجه اليونان والرومان."
مقتطفات من كتاب القضايا الكبرى للكاتب مالك بن نبي ------------------------------ الفرد العربي يولد والتشاؤم يملا اعماقه وروحه لأنه فقد الدوافع الوجودية الباعثة التي قد تُتيح للإنسان ان يُكرس نفسه للحياة او للموت من اجل شيء معين ---------------- ان مشكلة التجهيز مرتبطة بقضية الانسان والافكار وان المحصول الاجتماعي للآلات مرتبط بفعالية وسلوك الفرد الذي يستخدمها ---------- يجب ان ينشئ لدينا ارادة وقدرة لمجتمع يبني ذاته على قاعدة حضارة وليس على قاعدة منتجاتها ------------------- يجب ان يسأل العالم العربي نفسه كيف يصنع حضارة لا كيف يصنع منتجاتها -------------- كل الحضارات التي تشكلت تشكلت ضمن ظروف هيمنت عليها فكرة الخلاص وسيطرت على وعي الانسان حتى غيرت اتجاهه وهذه الفكرة لا تتشكل صياغتها ولا تصبح حاسمة الا امام خطر مرعب ------------------ التخلف هو نتيجة فقدان الفاعلية على مستوى مجتمع معين واللافاعلية لا يمكن التخفيض منها بواسطة تكوين يقتصر على الاطار المدرسي وحده وان مشكلة الثقافة ترجع الى السلوك اولا واخيرا -------------------- كل فراغ أيديولوجي لا تشغله افكارنا ينتظر افكارا منافية معادية لنا ----------------- ينقسم الشباب الى جناح مصاب بالشلل المضطرب " اليسار " وجناح مصاب بالشلل المسكن " اليمين " بعضهم يصيح ويضطرب والاخر يحلم ------------------- علينا ان نستعيد اصالتنا الفكرية واستقلالنا في ميدان الافكار حتى نحقق بذلك استقلالنا الاقتصادي والسياسي
١-مشكلة الحضارة : انتاج الحضارة يبدأ من الفرد ، شخصه وفكرته ، فلا تؤخذ الحضارة من بقعة لتوضع في مكان آخر ، فتخرج نتائجها بغير شكلها ، لأنها ليست من ولا تمثل هذا المكان، وبصورة أوضح فالحضارة كما يقول ابن نبي "هي التي تصنع منتجاتها وليست منتجاتها هي التي تصنعها". ٢-مشكلة الثقافة: .... ٣- مشكلة المفهومية : كان فصل صعب يتحدث في مجمله عن الصراع الفكري أو مشكلة الأفكار للعالم النامي بعد الإستعمار . ٤-الديمقراطية في الإسلام : متع الفصول ، يتسم بالوضوح والعُمق، فيطرح في البداية وراثة مخلّفات المستعمِر وتشكيلها فينا كأنها شيء منّا كموضوع الديمقراطية في الإسلام ، في التفسير الدارج ظننت أنه سيُسهب في الحديث عن تأثرنا بالغرب واستعمالنا مواضيع لا تمت لنا بصلة ، إلا انه تعمّق في معناها التاريخي و الإجتماعي وبيّن ارتباطها في الإسلام . ٥- إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث : الحديث عن تأثير المستشرقين وما يكتبونه من مدح أو ذم ، فتأثير مدحهم أكبر من تأثير نقدهم ، فهم لا يمدحون إلا لمصالحهم ثم لإشغال الشباب بجمال الماضي عن حقيقة المستقبل ، وقمعهم وتقليص حجمهم في أعينهم أولاً " بعضهم يصيح ويضطرب والآخر يحلم".
This entire review has been hidden because of spoilers.
الكتاب عبارة عن آفاق جزائرية حيث سرد المفكر مالك بن نبي طرحا لظروف الشعب الجزائري عما كان يحدث في حقبة الاستعمار إلى ما بعد الثورة ثم تدرج شيئا فشيئا إلى طرح مشكلة الحضارة قام بعدها بتوسيع دائرة التركيز إلى العالم العربي كاملا المتخلف والنامي وسماه بحقل الدراسة، هناك حيث الأشخاص يحسبون أن الحضارة هي السيارة المستأجرة والضوء المنار و غيرها لكنه أطلق على هذه المظاهر استيراد الحضارة وأنها ليست بالحضارة في حد ذاتها ثم حاول تعريفها على أنها الشروط الأخلاقية و الأرضية والظروف الإجتماعية والثقافية التي تصنع من الإنسان ذلك المبتكر لذلك التطور، وأنها في حقيقة الأمر معادلة من ثلاثة أجزاء الإنسان والتراب والزمن، وعنى بالتراب المادة وهي التي قد يدرك الإنسان أن العالم العربي يمتلك منها حد الكفاف، ومن ثم الزمن الذي قصد به الإطراد العلمي والعملي والفني بين الحاجة والبحث ثم الإكتشاف،أما الإنسان فهو تدخله الفعلي وتداخله مع العناصر السابق ذكرها فهو يحتك بها يوميا ومن المنطقي محاولته إنتاج خلاصة منها في النهاية.. بهذا ينتهي جزء الحضارة خص مالك بعده بالذكر جزء الثقافة و فيه معضلة المعطى البشري في ذاته. نمر إلى مشكلة الثقافة والتي تتمثل في لافعالية الأفراد والتخلف من بطالة وأمية فمذ آخر عهد للدولة الموحدية عرف المجتمع الإسلامي تقهقرا وركودا يحدد في نصف الكرة الجنوبي من الخريطة إضافة إلى العديد من المجتمعات المجاورة، والإنسان فيها لا يدري كيف يستعمل وسائله الأولية من تراب وزمن بفعالية ذاته، إن سلطنا الضوء على الجزائر خصوصا ومنذ ميلاد الحركة التجديدية نجد أنه قد تم إستعادة أساتذة محليين أتيحت لهم فرصة استكمال دراستهم في الخارج لتنشأة المدارس وقد غلب على كثير منهم الفراغ الثقافي وهو نتيجة لقيام المتعلم بقطع روابطه مع وسطه. وبذلك لا تزال نتيجة المدرسة سلبية على المجتمع، فهي لا تقدم للمتعلم سوى الشيئ القليل عن بيئته و لا تأخذ الجزئيات بعين الإعتبار، تلك الجزئيات التي صنعت أمثال نيوتن، وبهذا فإن الثقافة وليدة بيئة وحدها مركبة من السلوك وأسلوب الحياة فالسلوك هو تصرف الفرد وتصرف الأفراد يساوي أسلوب الحياة، وللمحافظة على نقاوة الأسلوب فإن السلوك الخطأ يرغمه المجتمع، والخطأ في الأسلوب ينقد وبهذا فهي تأخذ قالب قيم أخلاقية وأخرى جمالية. وفي الأخير يعرفها مالك بأنها تركيب للأخلاق والجمال والمنطق العملي ( حركات اليد والفكر والفن الصياغي) و تأدية الفرد لتخصصه فحسب. لا جرم أن مشكلة المفهومية أخذت حصة الأسد من المناقشة، لكنها فعلا جوهرية، فمالك يعرف المفهومية بأنها المسيرة للطاقات والسهم الذي يعين للجماعة طريقها في التاريخ والتركيبة المختلفة للنشاط الفردي والجماعي. تطرق بعدها إلى حديثه الطويل عن مرحلة مابعد استقلال الجزائر والحكومة المؤقتة وما إلى ذلك من جرائم في حق الشعب التي يمكنني أن أعنونها بطغاء المصلحة الشخصية للفرد على المصلحة العامة، حيث ضاعت مفهومية الشعب الجزائري التي حققها بعد وهي الاستقلال ولم يجد سبيلا إلى أخرى بسبب الياقات المسيِّرة أو لنسميها المسيَّرة. أعجبني بكل جوارحي عصف الأفكار التي دونت في جناح الديمقراطية في الإسلام، بدأه باشتقاق الإسلام والديمقراطية من أول ظهور لهما كمصطلحين وتعريفهما وإطار كل منهما فالإنسان الحر تتمثل فيه طبيعة الشعور الديمقراطي ب��ن نافيتين نافية العبودية ونافية الاستعباد. بين فيه أن الديمقراطية ليست عملية استسلام لسلطات وأنها في جوهرها تكوين شعور وانفعالات ذاتية واجتماعية التي لا تقتضي أي دستور فتكون نابعة من تفاعل الأنا مع ذاتها، وهذا الطرح الأخير ذكرني بالواجب الأخلاقي عند كانط. وقد ذكر أن الإسلام غرس بذور الشعور الديمقراطي في وعي الإنسان المسلم من خلال الممارسة. ثم مضى يقارن بين الديمقراطية و الشعور الديمقراطي في الإسلام حيث أن الأولى تمنح حقوقا وضمانات وتستوجب حفظها بين " المواطنين" أما وأن الإسلام قد كرم بن آدم فإنه يمنح له قيمة تفوق كل عنوان وإطار يقول بن نبي" الإنسان الذي يحمل بين جانبيه شعور تكريم الله له، يشعر بوزن هذا التكريم في تقديره لنفسه وتقديره للآخرين" وأن التعريف الأولي للديمقراطية بأنها طبيعة بين نافيتين قد ظهر كعين الشمس في قوله تعالى" تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين".
كان للجزء الأخير من الكتاب باع آخر من فكر بن نبي، مضى بنا إلى أثر المستشرقين في الفكر الإسلامي الحديث حيث كان لأفكارهم الوقع الأكبر بآثار محمودة وأخرى مرضية مذمومة. تاريخيا أوروبا كانت الأسبق لاكتشاف الفكر الإسلامي لإثراء ثقافتها ما أتاح لها لاحقا السيطرة على البلاد الإسلامية بما تقتضيه أوضاع كل منها. من المحمودة نقل العلوم عن المسلمين ومن المذمومة نسبها إلى غير أصحابها، ما جعل لكليهما آثارا مرضية أخرى فالأولى تبعث بالتسلية والنشوة بأدب التمجيد والفخر، وثانيها تبعث بالنقص و من ثم محاولة مواجهته بالتمثل المؤدي إلى التكديس ما سماه في بادئ الأمر باستيراد الحضارة. حتى تبرز مشكلة الصراع الفكري الذي بالكاد لا ينتهي إلى نتيجة مفيدة "إن ما ينوب مجتمعا ما في منعطفات التاريخ الخطير، ليس من قلة أشيائه إنما من فقر أفكاره" تطرق بعدها مالك لتبيان المحور الرئيس الذي تدين له العصور الذهبية للفكر الإسلامي وهو القرآن الذي بالفعل خلق الأرضية المناسبة والمناخ العقلي المناسب للروح العلمية. ختم محاضراته تلك بهاته العبارة" تتردد في أحاديث أحاديثنا اليوم بأن الاستقلال السياسي لا يكفي ولا يشفي إن لم يدعمه الاستقلال الاقتصادي، إلا أنه يجب أن نضيف أن المجتمع الذي لا يصنع أفكاره الرئيسية لا يمكنه أن يصنع المنتجات الضرورية لاستهلاكه، ولا لتصنيعه، ولن يمكن لمجتمع في عهد التشييد، أن يتشيد بالأفكار المستوردة أو المسلطة عليه من الخارج سواء تمت إلى الاستشراق أو الشيوعية".
تسمية الكتاب بالقضايا الكبرى لم تكن هباء، هي فعلا قضايا تقتضي القضاء فيها برأي وقضاء وقت في مناقضاتها. المشكلات مترابطة ببعضها البعض كملف يسحب الآخر وحنى يحتويه أحيانا، ماسبب بعض التكرار في الأفكار. وإنه لمن المؤلم أن شيئا لم يتغير منذ طرح مالك بن نبي لهذه الأفكار سواء كمحاضرات أو بعد جمعها ككتب، وهو القائل " إن الكتب بغاليها وتافهها تقع دون أن يشعر أصحابها في أيدي أخصائيين يسخرونها للصراع الفكري،فيصيرونها أدوات للمشاغبة و للتحلل الأخلاقي أو مجرد أدوات إلفات وتلهية" أسلوب الكتاب بسيط من حيث اللغة لكنه معقد بعض الشيئ على مستوى الأفكار خاصة تلكم التي طرحها دون أمثلة. بعض الفقرات استعصى فهمها علي لذا بالفعل قرأته مرارا وتكرارا. كان الكتاب هدية لي من اختياري فتسنى لي طرح بعضه لمهديه لي، أحببت قراءته بذهن متعب أكثر منه نشطا، بذهن مرهق شاكٍ يتشبث بقشة الفكر الراقي الذي يخدره وفي نفس الوقت ينخره بعذاب الضمير. إنني لأفكر في ترشيح نفسي لمجموعة غينيس كأطول مدة لقراءة كتاب من 200 صفحة.
اول مرة اقرا للكاتب المهم وشعرت بالحزن مازلنا اسرى كل القضايا الكبرى التى اثارها فى كتابه ومزالنا نتجادل وﻻ نلتفت للاهم فى وضع اى لبنة لصنع الحضارة والنهضة مشاكلنا مزمنة ويبدوا ان هذا الجيل لديه اصرار اﻻ يترك اى بصمة فى التاريخ لله اﻻمر من قبل ومن بعد
من افضل كتب المفكر مالك بن نبي. حيث يُعد تجميعاً قيماً لمجموعة محاضرات تتناول القضايا الكبرى التي تهم العالم الاسلامي وهي الحضارة، والثقافة، والمفهومية، والديموقراطية، والاستشراق. وقد استطاع الكاتب ان يقدم تحليلا عميقا وخلاصات مهمة. انصح ان يكون هذا الكتاب اول ما يُقرأ للمفكر ابن نبي.
مشكلة الحضارة محاضرة ألقيت باللغة الفرنسية المكان: الجزائر العاصمة بتاريخ: 1964/01/09
قبل استعمار الجزائر اكتفى الإنسان بمجرد الحياة الخاملة لكي يغالط نفسه بالنسبة لوضعه البائس بالتدرع بالتعلات الصوفية التي تقمع كل سؤال وتدحض كل جواب. لقد استغل الاستعمار التصوف وجعل منه منبرا جيدا لتمرير دوافع جديدة تخدم مصالحه.
هل تمتلك الجزائر وسائل تحقيق ضمانات الوجود بعد طرد المستعمر؟ الحضارة هي التي يجب أن تحدد وظيفيا مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تمكن كل فرد من تحديد أطوار وجوده منذ الطفولة الى الشيخوخة ان ظروف مجتمع هي التي تحقق الحضارة وليس رواد الفترة من أصحاب نهضتها، حيث يمكننا القول أن الظرفية الزمكانية هي التي تحقق هؤلاء .
وكتشخيص للوضع الراهن سواء في الجزائر أو العالم الإسلامي، فإن النهظة الإسلامية لم تكن الا تكديسا للعتاد بعيدا عن التشييد، ولم تكن الا بحثا عن المبررات والدفاع بعيدا عن التشخيص الموضوعي الذي يعد الدافع المحرك لكل نهظة ناجحة. وبإختصار فإننا أردنا بدل تشييد حضارة، تكديس منتجاتها.
مشكلة الثقافة محاضرة ألقيت باللغة العربية المكان: مدينة قسنطينة بتاريخ: 1964/01/30
عندما نطرح سؤال ما الثقافة بالنسبة لبلد كالجزائر،(المغرب،تونس...) فإننا لانفكر في ضروب التسلية الفولكلورية كالفن والمسرح والشعر، بل في الحقائق المحسوسة للتخلف كالبطالة والأمية ونقص التغذية... فبالنسبة لبلدان العالم الثالث فإن الثقافة محددة بواسطة كل معطيات التخلف.
وعليه فإن مالك بن نبي يؤمن بأنه لابد من محاربة التخلف لتكسير القيود التي تكبل الثقافة، وبالتالي فإن الحصول على ذلك لا يكمن فقط في اصلاح التعليم بل يتجاوزه الى اصلاح بيئي يشمل سائر المجتمع.
هذا الإصلاح البيئي هو الآخر مقرون بمدى وعي كل جزائري بأنه جزء لا يتجزء من منظومة عالمية شمولية تجعل من كل ثقافة محلية ممتزجة من الآن فصاعدا في تيار ثقافة عالمية شاملة.
ومن خلال ماسبق فإن مالك بن نبي يرى أن الشعب الجزائري يجب عليه أنيقوم بثورة ثقافية ليتجاوز التصنيف الجهوي - الدول النامية- أي القفز من بؤرة التخلف واللافعالية الى تلبية بعض المقاييس الجمالية وكذا معايير الفعالية في الانتاج . وكخلاصة فإن الثقافة التي يتم تصورهاهي ذلك التركيب المتآلف للأخلاق والجمال والمنطق العملي والفن الصياغي.
مشكلة المفهومية محاضرة ألقيت باللغة الفرنسية النشر: جريدة الشعب بتاريخ:1964/02/24 المكان: الجزائر العاصمة
المفهومية تختلف عن ما يسمى بالبرنامج، فقد تحصل دولة ما على برنامج مسطر ومتقون على المستوى النظري ولكن دون أي مفهومية.
فالمفهومية هي البحث عن الدافع المحرك لكل سياسة وظيفية لها هوية تاريخية خاصة.
وبتعبير آخر يجب على كل دولة كالجزائر أن تجد بمجهودها الخاص أفضل الوسائل والطرق الملائمة لشروطها خاصة عندما يتعين الإنطلاق من الصفر.
ولكي تتحقق المفهومية لا بد من أن يكون هنالك باعث مشترك لذلك، فألمانيا لم تنهظ فجأة في غضون 10 سنوات بين 1945 و 1955 بل توحد باعث مواطنيها تطوعا وقامو ببناء ألمانيا بزيادة ساعتين عمل في اليوم غير مدفوعة الأجر.
وفي اطار المفهومية ما النزعة الاسلامية التي يجب علينا أن ندرجها في منهاجنا المفاهيمي؟
لقد أجاب مالك عن هذا السؤال إقتضاءا بنازلة مرت في عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان مر عام الكحط بمنطقة نفوده المدينة مما أدى بشخص الى سرقة الخبز كي يقتات .
ففي هذه الحالة فإن المسألة واضحة حيث يجب قطع يد السارق الا أن سيدنا عمر أطلق السارق وعفى عنه ونصحه بطرق الكسب وبالتالي فإنه يكون هنا قد إقتضى بروح الدين بدلا من حرفية النص.
الديمقراطية في الإسلام محاضرة ألقيت بنادي الطلبة المغاربة بسنة 1960
الديمقراطية في أساسها ليست عملية تسليم السلطات بين حاكم ومحكوم، بلهي تلك الانفعالات الذاتية والاجتماعيةالتي تشكل ضمير شعب قبل أن ينص عليها أي دستور.
أما علاقة الإسلام بالديقراطية لا تعني أن هذا الأخير يعد دستورا ينص عليها ولا يعني أن أساس الديمقراطية في الإسلام يتعلق بقواعد فقهية مستنبطة من القرآن والسنة بل يتعلق بجوهر الإسلام. وعليه فإن الاسلام مشروع ديمقراطي تفرزه الممارسة التي ترى من خلاله موقع الإنسان المسلم في المجتمع الذي يكون محيطه.
إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي
إعتبر مالك بن نبي أن الإنتاج الإستشراقي بكلا نوعيه كان شرا، سواءا في صورة مديح وإطراء المنبتقي من ذلك النعيم الوهمي الذي يجرنا الى الماضي السحيق أو في صورة التفنيد والإقلال من شأننا الذي يركز على فترة مجتمع منهار ما بعد الموحدين.
الكتاب من القطع الصغير لكن الدسم جداً يقع في ٢٠٠ صفحة، مقسم الي خمس محاضرات او فصول وهي كالتالي:
مشكلة الحضارة. مشكلة الثقافة. مشكلة المفهومية الديموقراطية في الاسلام إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث.
البداية كانت مع الاهداء لفت انتباهي جدا كان اهداء بسيط شخص عظيم هو الأمير عبدالقادر الجزائري وهو من اكبر رموز المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي.
المقالة الاولي او الفصل الاول عن مشكلة الحضارة
وهي ملخص لمحاضرة القيت باللغة الفرنسية وتكلم فيها عن مشكلة الحضارة وانسلاخ الاجيال الناشئة في ظل الاستعمار عن التاريخ ويعزو ذلك لوجود القابلية للاستعمار، وهي كما يقول مشكلة العالم الثالث اجمع. في خلال هذا الفصل اهتم بتعريف الحضارة واعتبر انها كل شكل من أشكال التنظيم للحياة البشرية. وذكر بعض الشروط التي تنتمي لها الحضارة او كما يقول علم الاجتماع انها مشكلة التخلف. وضرب بعض النماذج لتطور بعض الدول مع احياء بعض الشعارات والمفاهيم التي ساعدت في نهضتها وضرب مثالا بالسوفيت.( في وقتها) اي انها الشعار الذي يقتضي قاعدة انطلاق مفاهيم معينة.
وفي وجهة نظره ان الحضارة يجب ان تحدد من وجهة نظر وظيفية فهي مجموعة الشروط الاخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقم لكل فرد من افراده المساعدة الضرورية.
الفصل الثاني مشكلة الثقافة وطرح اوضاع لمشكلة الثقافة وكيفية تتكون ثقافة معينة والجواب لمشكلة بناء الثقافة التي تنظم بلاد كالجزائر في وقتها . وانه يري انه علي الدول لكي تواجه مشاكل التخلف ان تهتم وتقتنع بآن تثقيف الانسان اهم من من تثقيف نبات الارض.. كما يري ن الانفتاح علي الثقافات تشمل حقلا اوسع للتقصيات. وتكلم يه ايضا عن ازمة الفراغ الثقافي في مجتمعاتنا. وانهي الكلام في الفصل بالكلام عن تركيب الثقافة كونها اخلاق وجمال ومنطق علمي وفن صياغي في ان واحد.
الفصل الثالث والمفهومية تكلم عنه المفهومية ومحاولة تعريفها اصطلاحا ثم تطبيقاها علي المستوي العملي التطبيقي ومنها انتقل لتعريف المفهومية الخاصة بالفاتيكان كمثال انتقل فيه من الاستعمار العسكري الي استعمار المفاهيم. ثم تحدث عن ماذا يحدث للدول اذا توحدت المفهومية مع الهوية الثقافية كما حدث في المانيا حيث نمت ثقافة الانا او الانسان الاعلي. اسقاط التغيرات النفسية علي مجتمع مدينة رسول الله الذي تحولت المفاهيم فيه والتي لايمكن ان تنبعث الا من روح الشعب.
وطرح سؤال عن ماهية النزعة الإسلامية التي يجب علينا آن ندرجها في منهجنا المفاهيمي؟
الفصل الرابع الديموقراطية في الاسلام تكلم في بداية عن مفهوم الديموقراطية كسلطة الشعب، واعتبر الديموقراطية من ٣ وجوه ١- كشعور نحو الانا ٢- كشعور نحو الاخريين ٣- الديموقراطية كمجموعة الشروط الاجتماعية السياسية اللازمة لتكوين وتنمية شعور الفرد واجمل في هذا الفصل مفهوم الديموقراطية في الاسلام انه عدم الوقوع في هاوية الاستعباد ودلل علي ذلك بالايات والاحاديث علي تجنب الوقوع في هاوية العبودية او الاستعباد.
تكلم فيه ايضا عن بعض المواقف التي حدثت في عهد النبي والخلفاء الراشدين منها موقف المرآة التي عدلت علي عمر في قضية المهور وموقف الرجل الذي قال ان اخطأت قومناك بسيوفنا
في الفصل الاخير يقول عن إنتاج المستشرقيين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث، فهو يعطينا أولا تعريفا بالمستشرقيين فيقول نعني بالمستشرقيين الكتاب الغربيين الذين يكتبون عن الفكر الإسلامي وعن الحضارة الإسلامية.
ويذكر ابن نبي المستشرقين المادحين للعلماء المسلمين ولفكرهم مثل رينو الذي ترجم جغرافية أبي الفداء، ومثل سيدييو الذي حارب من اجل ان يحقق للفلكي والمهندس العربي أبي الوفاء لقب المكتشف. لاشك ان هؤلاء العلماء كتبوا لنصرة الحقيقة العلمية وللتاريخ وكل ذلك من اجل مجتمعهم الغربي، ولكن نجد ان لها وقع اكبر في المجتمع الإسلامي في طبقاته المثقفة.
وبناء علي كلماته يجب علينا ان نستعيد اصالتنا وثقافتنا واستقلالانا في ميدان الافكار حتي نتمكن من استعادة الريادة من جديد.
✍🏼 📚 📚 📚 القضايا الكبرى المؤلف / مالك بن نبي 🇩🇿 الناشر / دار الفكر صنفها / مجموعة محاضرات عدد الصفحات / ٢٢٢ مراجعة رقم / ٤٩ أغسطس / ٢٠٢١ . . . مدخل ____________________________
تلك فرصة فائقة أن تجد نفسك بين الأحياء في اللحظة الحاسمة حين تستعد الإنسانية لتشهد تجديداً ، ولادة ثانية كالتي عرفت في منعطفات التاريخ حين تتوارى سريعاً حضارة لتظهر من جديد حضارة في حلّة جديدة . . . . محاضرات القاها الكاتب في عاميّ ( ١٩٦٠ ١٩٦٤ ) منها أُلقيت باللغة الفرنسية و منها باللغة العربيّة و يعتبر مالك بن نبي من روّاد النهضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين و البعض يعتبرهُ أمتداداً لابن خلدون و هو من الأكثريّة المعاصرين الذي نبّه ضروريّة العناية بمشكلات الحضارة و مالك بن نبي قدّم الكثير للمجتمع و الأُمّة الإسلامية بفكره و كلماته و المحاضرات الثلاث الأولى أُلقيت بالحزائر عام ١٩٦٤ إثر عودته للجزائر بعد الاستقلال مفعماً بالأمل في بناء دولة الاستقلال .
يخبرنا نور الدين بوقروح عن الكتاب : عندما نستذكر بن نبي فهذا يعني أننا نتكلم عن معنى الوجود ، عن فن بناء الأمة ، عن مستقبلنا التاريخي ، فن بناء مفهوم الإنسانية في نهاية القرن …
مخرج ___________________________ الغرب يموت ، لكن بغير توبة ضمير ، فها هي ذي أمريكا الكبرى تتهاوى تحت ضربات موجهة إليها من الداخل من ( الشباب الغاضب ) ، من السود ، و من الرأي العام الذي يطرد رئيساً غير نزيه ، و يمنى بالهزيمة في فيتنام .
أما أوروبا ، فلم تعد سوى ظل نفسها ؛ فهي قد سقطت من زمن .
مجموعة محاضرات (متميزة كالعادة) لمالك بن نبي رحمه الله. تشعر أن كل محاضرة يجب أن تكون كتاب كامل، لا أشعر بالعمق المعرفي لهذه المحاضرات إلا بسبب قرائتي لأعمال أخرى لمالك بن نبي ساعدتني على فهمها.
الكتاب بحد ذاته سيكون صعب الفهم لولا أعماله الأخرى (وتعليقات المترجم) أفضل فصل في الكتاب هو فصل إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث.
(الحضارة هي التي تصنع منتجاتها و ليست منتجاتها هي التي تصنعها) كتاب القضايا الكبرى يطرح عدد من المفاهيم المهمة و يقدم طرح يمكن أن يكون جديد للبعض حول هذه المفاهيم كالحضارة و الثقافة و الديموقراطية. فيه فائدة كبيرة لمن يريد أن ينطلق في كتب مالك بن نبي و يكتشف انجازه الفكري. صراحة أول كتاب انغمست معه و فهمته جيدا نوعا ما لمالك نبي.
تناول ابن نبي في هذا الكتاب عدة مواضيع تتمحور حول الثقافة والحضارة وعدد من المواضيع المختلفه المتعلقة بالدول العالمية بشكل عام والجزائر بشكل خاص. هي في الغالب محاضرات ألقاها وتمت ترجمتها وتفريغها في هذا الكتاب.
كون أغلب فصول الكتاب عبارة عن محاضرات مفرغة بالإضافة إلى الترجمة أحدث خلل فى إيصال الفكرة سريعاً فثمة فجوة بين كل عنصر وآخر وعدم ترابط بينهم والتطرق إلى الفروع ،كل هذا أدى إلى عدم الإلمام بالفكرة سريعاً ،اللهم إلا وجود بعض الفقرات التى تُجمل ما أراد إيصاله ... . راق لى خروجه عن الإطار المتعارف عليه والسائد لمفهوم الحضارة فالحضارة هى التى تصنع متجاتها وليست منتجاتها التى تصنعها" وأحسب أن رؤيته هذه نتيجة لمشكلة التكديس التى تحدث عنها ،والتى هى نتيجة فهمنا للحضارة كترجمة اللأفكار لمنتجات مادية ،فالزج بالمادة تؤدى للتكديس الأشياء ومن ثمّ أشخاص أى تكديس حضارة فى محاولة مننا للتخلص من التخلف . " أما عن الثقافة فهى ظاهرة بيئية وإن كان البعض تحدث عن تعريف الثقافة بالمثل ،ولكن كون الثقافة أحد عناصر التخلف الرئيسية أكد على حلها بـ إعداد الإطار البيئى لها مسمياً إياه مجموع الإطار الثقافى (الوسط البيئى يقدم العناصر متراكبة ،إذاً يلزمها الترتيب ) . مشكلة المفهومية أول مرة أقابلها فى هذا الكتاب وقد وجدت صعوبة فى فهم مضمونها ،وقد ساعدتنى بعض الأمثلة التى ضربها فى أخر الفصل على كونها أزمة الفعالية ..أو هذا ما توصلت لها . - تجاوز المؤلف الترجمة الحرفية للديمقراطية (سلطة الشعب) والتطبيق الحالى لها إلى الديمقراطية كفكرة وأنها لا تتعارض مع الإسلام وأن الديمقراطية يجب أن تحدد فى اطار عموميتها فى شعور الإنسان بنفسه وشعوره بالآخرين وتوفرالشروط الإجتماعية والسياسية التى توفر له هذا الشعور وهذا ما بنى عليه حديثه عن الديمقراطية ،المؤلف ركز عن الديمقراطية كشعور وتحقيق مبادىء فى إطار مجتمعى ،ركز عليها كفكرة ولم يلتفت الى كيفية تطبيقها وإن كان وصف التطبيغات الغربية لها بالتوظيف الخاطىء لها وتفريغها من محتواها ،لم أحصل على فكرة مجملة وواضحة عن "الديمقراطية فى الإسلام" تطبيقاً . فى الفصل الأخير (انتاج المستشرقين ) تحدث عن التاريخ المسكر وآثره على الفكر وعلى المسلمين ولخصها فى حساسية المسلمين لأمجادها الماضية واستغلال هذا التاريخ بامجاده لإلهاء الجماهير عن حاضرها تحدث عن "المناخ العقلى" للعلوم ، التى هى بيئة العلوم أو الروح التى تنقل بها ومن خلالها رسالة العلوم وقد لفت هذا انتباهى إلى البنية التى تقوم عليها الأيدولوجيات والصراعات الفكرية والأطروحات المختلفة لبعض العلوم وأن أى خلاف ماهو إلا خلاف للمناخ الذى يحد إطاره المجتمع
إضافة الكتاب هي في حديثه في موضوعي المفهومية والإستشراق بشكل يعطي معاني وأفكار جيدة ،ويخرج القاريء لآفاق جديدة في فكر ابن نبي .
من المعاني الجميلة في تناوله للإستشراق هو تفريقه بين العطاء الفكري الجيد لكثير من الرموز الفكرية الغربية كماركس وغيره وبين استغلال هذه الأفكار بشكل سلبي من قبل الإستعمار أو أدواته ، وهذا ما يعيب كثيرا ممن يتناولون هذا الفكر في التيارات المعادية له خاصة الإسلامية مما يجعلهم يشوهون الخصم وهذا ظلم للخصم وقبله ظلم هذه التيارات لنفسها بحرمانها من أفكار ومعاني جيدة !!!
ومن المعاني الجيدة كذلك في تناوله للمفهومية نقده لتولي الأجنبي عن المجتمع دور قيادي في حركة النضال ضد الأعداء ، وهذا لا يعني عدم التقدير الكبير الواجب على المجتمع لمثل هؤلاء ولكن هناك أدوار شرطها الأساسي أن يكون من يؤديها ابن للمجتمع وثقافته وتاريخه ، وأورد قصة الطبيب الفرنسي فانون الذي كان له دور جميل ومشرف في مجابهة الإستعمار مع جبهة التحرير بل انضم إليها ولكن مالك نقد توكيل فانون بتأليف نشيد النضال والعمل كما يقول مالك - ويبدو أنه يقصد النشيد الوطني للبلد بعد الإستقلال - حيث يقول مالك في هذا الموضوع:"فانون لا يمكنه أن يقدم نشيد النضال والعمل للشعب الجزائري لأنه لا يغوص إلى الجذور العميقة من ذاتية الشعب ، ولا هو يعانق كلية موضوعيته الإجتماعية والتاريخية ، فالنشيد الذي يحشد طاقة الشعب ، كما يحشد المكثف الشحنة الكهربائية ، لا يمكنه أن يتشكل على سجل أجنبي ، جتى في مجرد تعبيره الفني والموسيقي ، لأن عملية تركيبه تتم داخل روح الشعب أولا ، لكي يترجم فيما بعد ضمن فكر إنسان يكون جزءا من تلك الروح الجماعية"
يستحق الكتابة بماء الذهب، تحليل عميق للقضايا الشائكة على الساحة الإسلامية، لا يلتفت للردود والخصومات وإنما يلقي الفكرة دامغة واضحة، ولو فعلنا جميعا ذلك لاختلف الحال كثيرا
الكتاب هو أول قراءة لي لمالك بن نبي وقد أعجبني جداً طريقة نقده للأفكار والمواضيع بقوة وحجة دامغة وبنفس الوقت موضوعية في الطرح. من القضايا الكبرى التي أعجبني عرضه لها في الكتاب هي المفهومية، الثقافه، الديموقراطية في الإسلام حيث قام الكاتب بشرح معاني المفاهيم في ذاتها قبل إسقاطها على واقع الأمة الإسلامية.