في الجملة الأولى من "عصور دانيال في مدينة الخيوط"، نطالع مشهد دُمى في الشرفات والنوافذ تنظر إلى مشهد دمى ذبيحة في الأسفل. هذا المسخ المُضاعف، أو الموت المزدوج، يضعنا في قلب الصدمة، ويفتح أعيننا على مدينة ترزح تحت عقوبة ثقيلة. صادفنا في «ألف ليلة وليلة» أكثر من مدينة ممسوخة، إما كعقاب إلهي، أو دون سبب واضح مثل «مدينة النحاس». لكن بشر المدن المعاقبة وغير المعاقبة في الليالي يتحولون إلى تماثيل، ولا يعودون يتألمون، بعكس البشر الدُمى في هذه المدينة الذين يشعرون بالرعب من القتل، من تيه أطفالهم وسط الفوضى، من غرق المدينة تحت طوفان مطر لا يتوقف. وهم رغم العقوبة التي أُنزلت بهم وبمدينتهم لم تزل لديهم الرغبة في النجاة، يحاولون عمل شيء، بينما يجلس دانيال ابن النور، ابن الظلام، يدون بلا انقطاع صفحات يراكمها خلفه، كأنه فرعون يبني هرمًا من الأوراق ليخلد تحته، في حين تتكرر سيمفونية رومانس لارجيتو لشوبان كأنها عزف كوني. لقد شيَّد أحمد عبد اللطيف مدينة الدمى من خيال جارح، لأن الفنتازيا هنا ثابتة الأقدام على الأرض، تنطلق من الواقع وتعود إليه.
روائي ومترجم عن الإسبانية وصحفي بجريدة أخبار الأدب. ولد عام 1978. حصل على الليسانس في اللغة الإسبانية وآدابها من كلية اللغات والترجمة، وحصل على الماجيستير في الأدب المقارن من جامعة أوتونوما دي مدريد. أعماله الإبداعية: "صانع المفاتيح" عام 2010، عن دار العين وحصلت على جائزة الدولة التشجيعية 2012 رواية "عالم المندل" 2012 عن دار العين "كتاب النحات" 2013 طبعة أولى عن دار آفاق وطبعة ثانية عن دار العين وفارت بالمركز الأول في جائزة ساويرس الثقافية عام 2015ـ
"إلياس" 2014 ـ دار العين "حصن التراب: حكاية عائلة موريسكية" 2017 -دار العين ووصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية
"سيقان تعرف وحدها مواعيد الخروج"2019 ـ دار العين
مجموعة "مملكة مارك زوكربيرج وطيوره الخرافية" 2021- دار المتوسط وفازت بجائزة ساويرس فرع كبار الأدباء 2023
"عصور دانيال في مدينة الخيوط" 2022- دار العين ووصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر 2023
تبدأ الرواية بداية غريبة حيث يتم العثور علي ٤٠ جثة لرجال مذبوحين و في فم كل واحد منهم عضو ذكري مبتور في ميدان داخل مدينة كل ساكنيها من الدمي! لأول وهلة حتعتقد إنك أمام رواية فانتازيا و غرائبية و لكن مع الدخول في تفاصيل الرواية حتعرف إنها أبعد ما يكون عن ذلك!
أحمد عبد اللطيف في هذا الكتاب يلقي الضوء علي قضية مهمة جداً و مسكوت عنها دائماً وهي قضية إغتصاب الأطفال و تأثير ذلك عليهم وعلي حياتهم كلها ولذلك هي تعتبر رواية نفسية من الدرجة الأولي...
دانيال بطل الرواية عايش في صدمة من اللي حصل له وهو طفل و دة كان واضح في السرد المربك و الأحداث المكررة عبر الفصول المختلفة...حتحس إنك بتقرأ لكذا شخصية مع إنهم في الاخر شخص واحد ..حتبقي مش عارف ايه الحقيقي و ايه الخيال ولكن علي الرغم من اللخبطة دي إلا إن الرواية مكتوبة ببراعة فائفة...
لغة الكاتب ممتازة و جاءت فصول الرواية كلها قصيرة لا تتعدي ال٥ صفحات مما جعل قراءة الرواية سلسة إلي حد كبير... الكاتب ترجم إلي الأسبانية حوالي ٣٠ كتاب و منهم كتب لساراماغو و كان واضح تأثره بإسلوبه حيث إن الرواية كلها مفيهاش علامات ترقيم أو فواصل عشان كدة في الأول حتكون صعبة شوية في قراءتها ومحتاجة تركيز....
السرد مختلف بل عبقري أحياناً و أعتقد إنه هو أحلي حاجة في الكتاب و إستطاع الكاتب ولو بطريقة غير مباشرة إنه يبين مدي التخبط الذي يعيشه بطل الرواية...
الرواية كلها عجبتني الصراحة بس الربع الأخير منها حسيت بتوهان كدة ومكنتش عارفة بقي هي الحاجات دي حصلت و لا كلها مجرد تهيؤات ولكن في النهاية هو عمل متقن و مكتوب بذكاء و إحترافية عالية...
الرواية دخلت القائمة الطويلة لترشيحات البوكر و هو بالتأكيد عمل مميز و يستحق بجدارة هذا الترشيح.... كل التوفيق لابن بلدنا أحمد عبد اللطيف وحقيقي أتمني هذه الرواية تكون العمل المصري الذي يصل إلي القائمة القصيرة عشان كل الأعمال المصرية الآخري حالتهم صعبة حبتين تلاتة!
القراءة الخامسة ضمن قائمة الكتب التي ترشحت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2023م
"عصور دانيال في مدينة الخيوط" | تلك المدينة الفنتازيّّة الملعونة بدستوبيا كابوسيّة .
من عنوان الرواية يفرض الكاتب المكان ، وشخصيّة البطل الأوحد "دانيال" ليتعلّق به القارئ دون شخصيّات العمل الأخرى.
دانيال ذلك الطفل الذي عاش بعد ثلاثة مواليد ماتوا، سمّته العرّافة ، ولايملك أيّ صورة من طفولته.
دانيال الذي يسرد حياته ضمن أربعة مراحل أسماها مرحلة دانيال الأول ثم الثاني ثم الثالث الى دانيال الرابع ، في مدينة "الخيوط" ، التي تسكنها الدمى والتي تشبه مُدننا ، تحركها أيضاً يد خفيّة تتلاعب بمصائر الناس لا تترك لأحد الحق في اختيار طريقه لأنهم في النهاية، ليسوا أحراراً.
تبدأ الرواية بعصر دانيال الرابع بمشهد دمويّ ، كابوسيّ ، لدُمى تفتح شرفاتها لترى جثث رجال مذبوحين مُلقاة حول نافورة مرصوصين على شكل زهرة مُتفتحة "كأنهم ناموا في صحبة وفاجئهم الموت على حين غرّة".
لم تكن المدينة المعاقبة بالمطر الذي استمر أياماً ، وتسبب بطوفان أدى الى موت العشرات غرقاً وصعقاً ، وضياع الكثير من الأطفال الدُمى ، ولجوء العديد من العائلات الى بيوت غير بيوتهم لينجوا من الكارثة ، ولا لانتشار العصابات التي تقوم بخطف الدمى الأطفال وتهريبهم الى أحد الدول الآسيويّة ، فكل هذه الكوارث لم تكن تحتاج لإضافة كارثة أخرى.
في زمن سابق على هذا المشهد ، كان دانيال يجلس على الكنبة في شقته يتطلّع الى دانيال آخر في البناية المقابلة يكتب دون توقف ويجمع الأوراق التي كتبها على شكل هرم ، وسط الكثير من الشموع المضاءة ، وفي الخلفيّة طيف لامرأة تغدو وتعود.
وكما أن هناك أكثر من نسخة لدانيال ، فإن للمدينة أيضاً نسختان أو طبقتان ، مدينة علويّة تسكنها تلك الدُمى وأخرى سفليّة تجتمع فيها كل تلك الخيوط التي تُحرّك الدمى وتحدد مصائرها واختياراتها.
تجتمع لدانيال المتعدد الشخصيّات مقاليد المدينتين ، بعد ان يقرر الهجرة من المدينة العلوية ، حيث يذهب الى مصلحة الجوازات لإنهاء أوراق سفره ، لتشاء الصدفة أن يلتقي بقريب له ، وبدل أن يساعده على الهروب يُقنعه على العمل في تلك الوظيفة التي تتطلب مواصفات خاصة منها اللسان المشوّه أو المقطوع الذي يملكه دانيال اثر ضرب أبيه له ، بهذه المصادفة يجد نفسه في الأرشيف الذي يبدو كأنه مركز قيادة المدينة السفليّة التي تشاهد المدينة العلويّة وتضحك عليها وتحدد مصير سكانها المحتوم.
في الأرشيف تستقر كل ملفات سكان المدينة ، حيث يعمل دانيال الذي خطر على باله ، أن يتفقد ملفه في ذلك الأرشيف والذي تفاجأ بأنه ، يرصد سيرة حياته منذ طفولته ليقرأ سيرة حياة دانيال الأول وهي الحافلة بالغرابة والألم ، والجرح ، والثأر ، والغياب.
ثم تبدء عصور دانيال المتعاقبة ليصبح لدينا " دانيالات " متعددة كل منها يحكي عن فترة زمنيّة في حياته التي بيدو منها تاريخه المفعم بالإنكار ، والإنتقام ، والأمل ، والطموح ، نتعرف منها على دانيال القاتل ، ودانيال المقتول ، الى دانيال المنتقم ، ودانيال الكاتب ، ودانيال المتلصّص ، الى دانيال الذي يكره دانيال.
رواية ميتافيزيقية عن الكينونة والواقع والصيرورة تروي البطل وأحلامه ، هستيريا من الكتابة ، بلغة صادمة ، مُباغته ، مختلفة ، تتصارع فيها الجمل والحروف بكل قسوة لتضرب القارئ بكل تلك الهزائم على أنقاض مدينة مبنية على التعدي والإنتهاك والإعتداء والقهر.
شوبان وسيمفونيّته ، رومانس لارجيتو التي كانت تعزف في سماء المدينة ، جعلت من هذه الرواية لآتُنسى.
منافس متوقع بشكل كبير على حصد الجائزة ، بالتوفيق للكاتب احمد عبداللطبف.
اللي أنا قريته ده كابوس مش رواية، زي مالواحد في الكوابيس بيكون ساعات عارف هو خايف من ايه بس احداث الكابوس ملخبطة ومش منطقية في تسلسلها، هو ده بالظبط الاسلوب اللي ابدع بيه الكاتب قصة دانيال. الاسلوب كان رائع لسرد قصة الراوي فيها انسان مدمر نفسيا، عنده حالة من الفصام بعد صدمة اغتصابه كطفل من معلمه، فيمر بمراحل نفسية مختلفة، وكل مرحلة منها بيمثلها في عقله شخص تاني معاه طول الوقت بس مش هو. عندنا ابراهيم الانكار وإن اللي حصل ده كان لواحد تاني ودي تفصيلة مهمة لأن ابراهيم هو الشخصية الوحيدة اللي انفصلت كشخص منفصل تماما بإسم مختلف كجزء من انكار المصيبة لكن باقي الانفصامات اللي تعاملت مع تداعياتها واتفرعت من النقطة دي كانو كلهم بإسم دانيال، فعندنا دانيال المنتقم اللي قتل الشيخ، ثم دانيال القاتل اللي وهب حياته لمطاردة امثال الشيخ من مرضى البيدوفيليا في المجتمع، ثم نهاية بدانيال المراقب السلبي اللي هو المفروض الشخصية الأساسية. ده الجزء المعلوم من الكابوس، لكن سردية الرواية نفسها هي اللي فيها تحدي للقارئ، مع إن الفصول قصيرة وسريعة، وشخصيات دانيال المختلفة متقسمة لعصور اربعة وده يسهل متابعة انهي منظور للاحداث بيتم حكيه، بس التحدي هنا هو استخلاص القصة الحقيقية من اربع روايات مختلفة.
الفكرة ممتازة وبتطرح قضية مهمة عن اغتصاب الأطفال وتأثيره المدمر، الكتابة معبرة جدا عن حجم المأساة وإزاي دانيال عاش غريب عن العالم فاقد الثقة في نفسه وفي المجتمع.
الشيئ الوحيد اللي فضل محيرني هو الأرشيف، هل ده مكان حقيقي اشتغل فيه دانيال ولا ده لأ؟
كأنني أقرأ لمياس أو كأنه ليس كذلك بالضبط. مياس مجرم كتابة وهذه كتابة مجرمة أيضا. أجمل ما فيها لعبة الكتابة ذاتها. ليست الحدوتة ولا الأحداث ولا رسم الأبطال ولا المشاهد ولا الدراما. اللعبة ككل حلوة. تتلقاها بمزاج. لعبة دائرية تسلمك من دائرة إلى أخرى دون أن تشعر. الجمل تثبت المعنى وتنفيه في ذات الوقت كأنها فخ. رواية مكتوبة بدماغ طفل في الثامنة يحاكي طفلا في العاشرة يتعرف منه على معاني الأشياء كالحياة والموت والخوف. مكتوبة بدماغ رجل يسكن في الطابق السادس ويطل على نفسه ليراها جالسة في شرفة الطابق الخامس تكتب وتسود أوراق نفس الرواية. كأن الحكاية تُكتب طازجة الآن وأمام أعين القاريء. أو وكأنه بمجرد فتح الكاتب تتحرك الكلمات والجمل لتبدأ العمل من تلقاء نفسها. تكتب عصور دانيال أو البطل كلها دفعة واحدة رغم اختلاف الأزمنة لكن يظل كل عصر هو بداية العصر التالي أو نهايته. حكاية دانيال هي الدافع للانتقام وانتقامه هو الدافع لتوثيق الحكاية. يطل البطل هنا من نفسه على نفسه وعلى العالم الذي يقسمه لطابقين أيضا طبقة عليا وأخرى سفلى. كل شيء منقسم لاثنين. كل شيء هو واحد واثنين في الوقت ذاته. البطل والبيت والبشر والعالم. وكأن كل شيء معد فقط لاستقبال الحكاية التي تحكي نفسها بنفسها ربما لم يعجبني إصرار الكاتب على توضيح ما هو واضح أصلا وكأنه مقر سلفا بأن القاريء لن يفهم فبعض الغموض أو وجود مساحات واضحة من الصمت كان سيضفي جمالا أكثر على العمل. لكن جمال اللعبة غطى على النواقص جعلنا نتقبل إعادة التفسير والحكي بصدر رحب
حد حكيم قال ان الكتب الي متعجبناش مش مستاهله نكلم عنها عشان دي اذواق و عشان ببساطه الوقت دا اولي نكلم فيه عن الكتب الي عجبتنا و دا الي فعلا بعمله ...بس انا كنت حطه امل كبير علي احمد عبد اللطيف ..و محبطه ان دا اول كتاب اقراه ليه و اد ايه حطم اي امل اني اجبله طوعا كتاب تاني.. ميمنعش اني هحاول مره كمان بس نسال هل العيب فيا ? اني كنت مششتته ٨٠% من الكتاب ان شخصيه دانيال و الاحداث لغبططني بغباء . يعني هو بيحط حدث و يلغيه....و بيكلم في فترات زمنيه مختلفه و بينط...بيحط شخصيه لدانيال و يخليها حقيقيه بعدين يرجعها خياليه و بعدين تطلع خياليه فعلا فيكلم بصوتها بعدين بصوت دانيال تاني. يعني انا ابن مين يا دادا دلوقتي ..بعدين بصوته و بعدين بصوته بس كدانيال الاولاني تاني شويه يتامل دانيال كاكائن منفصل عنه بعدين كصاحبه بعدين كهو و ناس ماتت و ناس عايشه بعدين انا كدانيال ..فرضا اني انفصام سايكوباتي من تروما انا موجود من قبلها ازاي و لا دا كان فلاش باك يكونشي فلاش باك يا رب انا حد قرا اغوتا كريستوف و متلغبطش كده انا حتي مش فاهمه مبرر لتصرفات شخصيه ابوه
انا كملته للاخر و اه انا مقدره ان الكتاب مثير للاهتمام ..بس اني استفز سلبيا من كتاب دا شئ نادر و قد اكون ظلماه بس في الاخر الكتب دا شئ شخصي و انا شخصيا متلغبط
“حين تتحرك الدمى على خيوط الحياة، تبقى روح الإنسان حرة، تنبض بالأنسنة وتقاوم أن تتحول إلى مجرد آلية بلا إحساس."
ترتكز رواية «مدينة الخيوط» على فكرة التشخيص أو التجسيم الإنساني، أو ما يُعرف بـ الأنسنة الأدبية، من خلال نموذج الدمى المتحركة بتمثلاتها المختلفة لواقع البشر وفكرهم ومشاعرهم. يتجلى ذلك في مقاربة الراوي للظواهر الاجتماعية والنفسية من منظور إنساني، بعيدًا عن الرؤية الآلية أو التجريدية، مع تركيزه على مفاهيم مثل تحقيق الذات، وتطوير الإمكانات، والنظر إلى الفرد كوحدة متكاملة من مشاعر وأفكار وتجارب.
شخصية دانيال في النص تعمل كمرآة للمجتمع، تكشف عن بعض الصفات البشرية السلبية. ويبدو أن الراوي تأثر في طفولته بقصة «بينوكيو»، حيث تتحول الخشبة إلى طفل حي، في رحلة أخلاقية وإنسانية من خلال كائن غير بشري، لكنه يمتلك وعيًا إنسانيًا كاملًا.
ومن منظور آخر، يمكن قراءة الرواية كتجسيد لخيالات الطفولة وقصص لم تُروَ، لشخصيات عبرت ذاكرة الكاتب بحلوها ومرّها. فجاءت شخصية دانيال لتجسد تلك العوالم الخفية، وتُحيي العاطفة الكامنة في لاوعي أحمد عبد اللطيف، حيث يتقاطع الحلم بالواقع، والطفولة بالنضج.
تميّز الرواية بتعدد الأزمنة النفسية التي تخلّق عبرها دانيال، في وجوهٍ سطّرت أزمنةً بينية في النص، تبني فكرة “الحشد في الواحد”، أي اجتماع شخصيات وتجارب متعددة في كيان واحد.
في افكار حلوة و دماغ شغاله تستخرج منك كلمة ( يا ماما ، يالهوووي ، ) و تطير النوم من عينك أو تدخل معك في احلامك
لكن تحس إن في من كل فيلم أغنية
عجبتني خدعة صدى الصوت ، ذكرتني ب ( حرب الكلب الثانية )
حين نتشابه جميعا يكون الخطر لا السلام
القصة داخل القصة داخل القصة
يبدو أنها قصة انفصام شخصية للبطل الذي ولد ليجد صور ثلاث اخوة ماتوا قبله ، فتكون هذة الصور حمل كبير و ثلاث جنازات تدخل عقله ولا تخرج لتتحول لأشخاص متخيلة ترافقه حين يفقد أمه في السوق و تبدأ التروما / الصدمة / المتاهة
تبدو قصة الشيخ على شدة وقعها و صدمتها كرمزية مثل رمزيات الدُمى و الظلام و العساكر الخُضر
أو ربما هي التروما ، التي عززت استمرار الإنفصام و نمو الشخصيات الثلاث
الأسر التي تفقد اطفال و خاصة الذكور دوما يأتي طفل يعيش ليعاني ، إما بارتداء ملابس انثى في اول حياته لتحميه من الموت ( رواية أغنيات للعتمه ، تنتهي بانتحار هذا الطفل حين يكبر و يعاني من سخريات الماضي و اثار ملابس البنات التي كانوا يلبسونها له )
هنا يحمل دانيال اسم غريب ، يجعله يحمل بالطبع كثير من التنمر ايضا الذي يسهل تمكن الشيخ / المعتدي ، و يسهل خروج كل شخصياته
و هكذا تنتقم الذكورية من نفسها بنفسها و يعاني الذكور منها أشد معاناة !
اتخيل لو كانت الرواية على لسان أنثى ، لاتخذت بعدا آخر و زاوية اخرى للتعاطف
لكن كونها رواية ذكورية بشدة ، تشعر بالتعاطف يتذبذب ، بسبب انتقام إحدى الشخصيات الذي يشفي الغليل تماما ثم تعود لتُصدم بأنه من فعل مخيلة إحدى شخصيات الإنفصام فقط
رواية متعبة لكن غير متقنة في رأيي
لقد وضع لنا فرق بين الشخصية الحقيقية و للمتخيلة بأن المتخيلة تكتب بدون علامات ترقيم و تردد سيمة عدم معرفتها للوقت
و أوضح كثيرا الفرق و مهد لنا التشخيص لكن ايضا أغفل عن ما يربط الأحداث و يسير لبداية اللعنة.
الصور الثلاث للأطفال الموتى / توهان الطفل من امه في السوق / الشيخ المعتدي
*الكاتب يحمل افكار ستعجبنا و تمثلنا رغم ان لا شيء في الرواية يمثلنا لهذا تنبهر و تخاف حين تجد نفسك متشابه مع بعض ما يقوله صاحب الإنفصام !
من الجميل أن يكون الأدب مصدراً للبهجة والمتعة وقضاء وقت جميل بصحبته، ولكن الأجمل أن يكون الأدب واقعياً مراً، يفتح الأبواب الموصدة والمسكوت عنها، فيقتحمها بجرأة ويعري قبحها للعلن.
في روايته عصور دانيال في مدينة الخيوط، إقتحم الكاتب أحمد عبد اللطيف، الأبواب الخفية للمسكوت عنه من التحرش الجنسي للأطفال، والأثر النفسي الذي يتركه هذا الفعل في عقل ونفس الطفل طوال حياته.
من خلال دانيال الطفل البرئ، الذي تعرض للإعتدء الجنسي من شيخه، بل وشاهد صديقه إبراهيم وهو يُعتدى عليه. فأدى ذلك لإنتحار إبراهيم، وتغير حياة دانيال للأبد. فماذا حدث؟ وكيف إستمرت حياته؟ وماهي التحولات أو العصور الأربعة التي عاشها دانيال، وما هي مدينة الخيوط؟
في سرد تجريبي بكافة المقايس، تناول الكاتب ببراعة حياة دانيال وعصوره المختلفة في قالب يصعب تحديده فهو ليس فانتازي محض، أو ديستوبي، أو غرائبي، هو نص أقرب للواقعية السحرية، نص نفسي، حلل فيه نفسية دنيال وتحولاته بمنتهى البراعة، وتحولات المدينة معه. فرأينا دانيال الصغير، ودانيال المراهق، ودانيال في الأرشيف، وكأنهم شخوص مختلفة، وإن كانت لنفس الشخص.
مواضيع الرواية: لو تحدثنا عن مواضيع الرواية فهي عدة؛ *الإعتداء الجنسي على الأطفال *الأثر النفسي الذي يتركه هذا الإعتدء في نفسية الطفل *الحكومات الديكتاتورية السلطوية، التي تحول المجتمع إلى دمى تحركها قوى خفية، لا يدري أحد عنها شيئاً. *المدينة وتحولاتها *تساؤل عن جدوى الإنتقام وهل يُشفي الإنسان، أم يزيد ألامه. * التحولات الجذرية التي يتحول إليها الإنسان طوال حياته، وحنينه الدائم إلى الطفل البرئ بداخله. * مسخ المجتمعات، وبرمجتها بحيث تردد نفس الأفكار، فلا يسمع أحداً، إلا أصداء متعددة لجمل مكررة. *مسألة الجبر والإختيار والقدرية.
إستخدم الكاتب في الرواية العديد من الأفكار والأدوات * كقصة الخلق " كأن المدينة خُلقت في هذه اللحظة، وأنا آدم تائه في الظلام تائه في أرض غريبة، تائه في صحراء بلا نجوم فلا أعرف حتى ظلي" * من الأساطير الفرعونية كتمثال الروح عند الفراعنة، وهو تمثال فوق رأسه ذراعين، وعيناه عسليتان، لكن قاتمنان هي نظرة التيه، وهو ما وصف به عيون الأفراد في المجتمع عندما تحولت لدمى، تتحكم بها القوى المتحكمة في المجتمع. * صندوق باندورا في الميثولوجيا الإغريقية كناية عن المعرفة وهل هي طريق للجنة أم للألم. * قصة الخضر وموسى وهي ما لعبها دانيال مع دانيال الصغير، وهو ذاهب معه ليثأر من الشيخ.
وذلك بجانب خلقه لثنائيات للمعنى الواحد لنفس الجملة، كما في *كجملة " عبارة كلنا لها" وهل هي جملة عزاء، أم كناية عن فعل الإعتداء * الحبل المعقود، كما قال " الحبل نفسه يستخدمه اللصوص من أجل السرقة، وأستخدمه أنا من أجل النجاة" *جعل من صمت الأطفال معنيين، في قوله " كان صمتي نجاة للجميع، في حين كان صمت الجميع مهلكة لهم" * وجملة " كنت أعطيه ظهري حتى لا تتلاقى أنفاسي مع أنفاسه" أعطاها المعنيين معنى النفور منه ثم رجع وقال وقد يعني أنها تفتح له الطريق لإختراق جسدها، لتمنحه الدفء
و نأتي لإسم دانيال لماذا إختار الإسم من المعروف أن النبي دانيال أُخذ في السبي البابلي، ونجاته كانت في أنه إستطاع تأويل أحلام نبوخذ نصر وواجه الأسود في العرين ودانيال الرواية، كانت أحلامه تتحقق وهو من واجه الشيخ وواجه القوى المسيطرة وكان يريد هزيمتها.
وموتيفا الرواية كانت في شوبان ومقطوعة رومانس لارجيتو الجرح القطعي في خده الأعضاء الذكرية الشموع
وأخيراً كانت رحلتي مع الرواية ممتعة، أرهقتني في البداية، وإستمتعت بها في البقية
ملهمة و مؤلمة و باعثة علي التفكير، عوالم الرواية المربكة و تداخلاتها التي يُمحي فيها الخط الفاصل بين الواقعي و المتخيل أو الفانتازي، فالفانتازي فيها واقعي النبرة و الواقعي فيها يشبه الفانتزي في الخيال الروائي.
رواية مربكة ومؤلمة وصاعقة، تحتاج لأكثر من قراءة للإلمام بالخيوط المدهشة للحكاية، والموزعة بتكنيك سردي معقد مثير للتأمل. لا يتوقف أحمد عبد اللطيف عن إبهاري بكل حرف يكتبه، وبنزوعه إلى التجريب بلا نهاية، لكن هذه الرواية فاقت كل توقعاتي.
و«الديستوبيات» تتميز غالبا بالتجرد من الإنسانية، وغيرها من الخصائص المرتبطة بانحطاط كارثى فى المجتمع، ولهذا السبب، اتخذت فى الغرب شكل التكهنات، بمشكلات التلوث والفقر والانهيار المجتمعى والقمع السياسى أو الشمولية
أتمني معرفة ماكان يدور في عقل الكاتب أثناء الكتابه وكيف كانت حالته اسقاطات واضحه ع الثوره وما قبلها إلقاء الضوء علي بعض القضايا الهامه التي في الآونه الأخيره قد لاقت إهتمام من الكتاب .. جو من الهلوسه الحسيه ممتع ولكنه كئيب للغايه
رواية مربكة، طيّرت النوم من عيني. أعتقد أني بحاجة لقراءة ثانية لكتابة أكثر اتساعا عن تلك الرواية المهمة. لكن _ على نحو متعجل_ تلك رواية هامة تحمل العديد من التأؤيلات، تكنيك السرد غريب ومبهر في آن واحد. لا تستطيع بسهولة فصل الواقعي فيها عن المتخيل وذلك غريب لأن قد يبدو الأمر في الفصول الأولى واضح، الخط الواقعي في جهة والتخيلي في جهة أخرى، لكن مع تتابع الفصول سيختلط الأمر وهنا تأخذ الرواية منحنى آخر لتجد أن كل ما قرأته سابقا يحمل معنى_ ربما_ مبطنا، وتجد نفسك بحاجة لقراءة ثانية لكل ما مرت عليه عينيك في القراءة الأولى. كتابة مدهشة، الفصول على كثرتها جاءت قصيرة فساعد ذلك على تجربة قراءة يسيرة. دانيال ، دانيال الآخر، إبراهيم ...كنتم أصدقاء رائعين خلال اليومين الماضيين.
"ظن أن بوسعه أن ينتصر بسلاح بدائي علي الطيارات الحديثة والأسلحة الفتاكة وان كان لهذا المحارب أن يفتخر بشيء فليس الا بقاؤه علي قيد الحياة ونجاته من كل الرصاصات التي توجهت إليه ، وان كان له أن يشعر بالخزي من شيء ، سيكون نجاته من معركة كان الاشرف له فيها أن يموت ، ورغم أن الحياة هي الامل و الامل في الحياة بعض من النبل فإن محاربة طواحين الهواء بتصور أنها هي العمالقة تحمل من السذاجة أكثر ما تحمل من المثالية ، وسيكون الجلوس علي ضفة النهر بسنارة صيد السمك ليس حلا واقعيا فحسب ، وانما سببا للسعادة لأن المدينة لن تتغير ولأن تغيير المدينة قد يؤدي إلي مدينة أسوأ". في سردية فانتازيا و ديستوبيا يروى لنا دانيال حكايته او تروي عنه في لعبة كتابة مربكة والتي قد تكون اهم ما في الرواية اي طريقة الكتابة أكثر من الشخصيات أو الحكاية نفسها ، حياة دانيال في المدينة السفلية التي إدارت ملف الظلام و إعادة النور بطريقة مبتكرة بعد أن ثارت المدينة العلوية. من افضل ما اعجبني في فانتازيا الرواية هي تكنيك صدي الصوت الذي إدارته دمي السلطه فأصبح الشخص يسمع صوته مرة أخري ، إسقاط بديع من وسط عدة اسقاطات في الرواية. "كل البرامج تقول الشيء نفسه والدمي تردده كحقيقة مطلقة هكذا اختفي الخلاف والصراع وعاش الجميع في سلام وامان" من مساوىء الرواية تعدد سرد الحكاية أكثر من مرة في مقتطفات مختلفة قد تربك القارىء والانتقال من عصر لآخر أكثر من مرة ولكنها في المجمل رواية جيدة جدا اتخذت مسار مختلف و مركب للسرد.
عصور دانيال في مدينة الخيوط تفتح الرواية أبوابها لاقراء بمشهد يبدو فانتازياً أو سيريالي وقد بدت لي كذلك ، وهذا المشهد الصادم و إلى حد ما ذكرني بمسخ كافكا في افتتاحيته ، وترددت في اكمالها غير انها قدمت لي فيما بعد ذلك ما يغريني لإكمالها والبحث عن كاتبها باستفاضة ،فاحمد عبداللطيف روائي ومترجم من الاسبانية والبرتغالية و سبق وقرأت ترجمات سابقة له " من الظل" لخوان خوسيه مياس وروايتي" البصيرة" ومسيرة الكهف" لخوسيه ساراماغو ، وأنا اذكر هذه المقدمة عنه تحديداً لأن أسلوبه كروائي متأثر للغاية بأعماله الأدبية المترجمة ، سوءا في اللغة والأفكار أو حتى الأساليب السردية . يتكون العمل من أربعة عصور تمثل حياة البطل دانيال ، في اربع مراحل مختلفة ومتشابكة من حياته وهذه العصور لن تبدأ بالترتيب الزمني المتوقع ستبدأ من العصر الرابع ثم الثالث ثم الأول ثم الثالث مرة أخرى ثم الثاني ثم الثالث ثم الثاني وكما ابتدأت بالعصر الرابع ستنتهي بالعصر الرابع مع ترقيم غير متسلسل داخل العصور . في كل عصر سيلحظ القارئ جملاً ولازمات تتكر واسلوباً قد يبدو مختلفاً قليلاً ، فاحدى المفاجآت خلو بعض العصور من علامات الترقيم ( وهذا أسلوب متبع لدى ساراماغو) ولفهم ذلك من وجهة نظري قد يكون من المهم أن نرى شخص البطل من وجهة نظرعلم النفس العلاجي الذي سيرى في شخص دانيال بلا شك ، حالة فصامية نموذجية ، فكما يندفع الفصامي بافكاره ولا تتوقف ، تندفع الأفكار عند البطل اندفاعاً لا يعود هناك حاجة معه لعلامات ترقيم فواصل أو نقاط. سيرى القاريء 3 شخصيات لازمت دانيال ، وقد يكون التوقف لتحليل كل منها متعة أثناء القراءة ، هناك 2 دانيال متشابهان اسماً وشكلاً أحدهما صغير بحاجة للرعاية والتوجيه ، والأخر اكبر منه يتخذ القرارات ويتحمل مسؤولية الأخطاء ، وهناك ثالث بشكل مختلف وبنية جسدية مخالفة ، قرر أحدهما أنه قدمة كأضحية في موقف أذى خلف مشاعر خزي وعار. اعجبتني الرواية واجتهدت في فك خيوطها المتشابكة وإيجاد حلول لللأسئلة المتدفقة ، واظن اني نجحت حتى العصر الرابع الأخير في نهاية الرواية ، بدت لي عبثاً وفوضى ، هل كانت الزوجة دانيال رابع ؟ هل ماتوا ام لم يموتوا بعد الفصل ال 51 قفز فصل 22 و 23 في ترتيب غريب عبثي وكذلك الفصول 13 مكررة في العصر الثالث مرتين وكلها بدت متعلقة في الأرشيف الرواية اشارت بشكل رمزي للمشكلات السياسية ، والحكومات الديكتاتورية في فكرة الأرشيف تحت الأرض الذي بدا يتحكم في العالم فوقه ويحرك الدمى ، وكذلك قولبة الناس وسلبهم آرائهم بجعلهم يكررون ما يقال لهم في مشهد الصدى وترديد ما يقوله الأخر إضافة الى أنه بدا في مقاطع أخرى العقل اللاواعي لدانيال ، وذاكرته المحفوظة
― -----------
اقتباسات ملفتة في اقتباس فسر لي الرموز في غلاف الرواية "لا تُسأل سمكةٌ في الماء إن كانت مقتنعة بوجودها في الماء، ولا يُسأل القطار نفسه إن كان في الإتجاه الصحيح. ومثل السمكة والقطار كنت أعيش كتُرس في عجلة لا يلتفت إليه أحد، لكن مجموعة التروس هي السبب في عمل هذه العجلة" "الفاصل بين جنة الطفولة وجحيم البلوغ باب واحد. باب دائمًا مفتوح. يرحب بكل العابرين. وربما يدعوهم بنفسه إلى الخروج. نوع من الأبواب التي تصلح للخروج فحسب. إذ لا يمكن العودة منه أبدًا" "المسافة التي نقطعها في البعد عن شخص كنا نحبه ولم نعد كذلك هي مسافة نقطعها نحو أنفسنا التي غابت وراء هذا الحب لسنوات طوال ثمة أقاويل كاذبة تحاول خداعنا دائمًا تؤكد أن الإنسان كائن لا يحب التغيير وأنه خُلِق ليكون" "حينها كنت أعرف أن الحياة مُنحت لي من دون أن أعرف طريقة تشغيلها واستخدامها وأقصى ما كنت أتمناه أن يمرَّ اليوم ليسلِّمني إلى الغد سليمًا دون نقصان كما فعل الأمس مع اليوم وكما فعل جدي مع أبي وكما فعل أبي"
ببداية غرائبية للغاية، تليق بجو فانتازي متخيل، وبموسيقى شوبان في الخلفية كدم يجري في شرايين الرواية من البداية للنهاية، ترى الدمى جثث عارية في منتصف الميدان، ومن بينها جثة واحدة ترتدي ملابسها، مقتولة بشكل مختلف، وتحمل الأوراق التي تحدد الكثير من الأمور. ولكننا مع الانجراف في الأحداث، نرى أن هذه الفانتازيا ما هي إلا غلاف لواقعية قاتمة وسوداوية حالكة مخفية ببراعة داخل طياتها الفانتازية المتخيلة. مخفية في انتقالات سريعة ما بين دانيال حقيقي ومتخيل، و رؤى غريبة في مدينة دمى شبه بشرية.
في هذه الرواية التفاصيل هي الأهم، ترتيب أرقام الفصول، العصور المرتبة ترتيباً يظهر لأول وهلة كأنه عشوائي ولكنك سرعان ما تدرك أن هذا الترتيب ضروري لفهم الأحداث بشكلها الحقيقي، لنرى الأسباب وراء البداية/النهاية. حتى طريقة كتابة الفصول عجيبة غريبة، بفصول جائت من دون علامات ترقيم، وكأنها ما هي إلا مونولوج طويل كُتب على عجل دون توقف حتى لأخذ النفس، وكأن الحياة ما هي الا ماراثون نجري فيه ونلهث لنلحق دائماً بشيء ما دون أمل في اللحاق به.
هذا الكتاب جعلني أغرق في عالم القاهرة السوداوي الشبيه ببرشلونة كارلوس زافون، عالم من الموت والخراب والمؤامرات والسرية. مع اختلاف الموضوع ولكنه الألم دائماً. وفي النهاية لم أعد أعرف حقيقة ما هو حقيقي وما هو مزيف، ما هو بداخل عقل دانيال وما هو بخارجه، ولكنني أدركت شيئاً جلياً، أن أحمد عبداللطيف مترجم بارع وكاتب مجنون.
كل عمل جديد لأحمد عبد اللطيف بمثابة مغامرة، إما على مستوى الموضوع، أو حتى على مستوى اللغة نفسها التي يجددها ويطورها ويعيد اكتشافها. في أحدث مغامراته الروائية، "عصور دانيال في مدينة الخيوط"، يروى قصة مدينة ملعونة، غارقة في الظلام نتيجة طوفان مطر لا يتوقف. سكانها مجموعة من الدمى، تسير إلى مصير محتوم بلا قدرة على تحديد القِبلة ولا تغيير الاتجاه، ورغم ذلك يظنون أنهم مَن اختاروا الطريق وحددوا القِبلة. وتحت أرضها، مدينة أخرى تشاهد المدينة العلوية وتسخر منها وتسجل كل ما يجري فيها، أرشيفها مركز تحريك الخيوط الذي يتحكّم بالدمي�� فيجعلها تحب وتكره، تظلم وتسامح، وتتصارع على مصير تتوهم أنها وحدها تتحكم فيه.
نتجول في مدينة الخيوط بصحبة دانيال، الذي وجد نفسه بمحض الصدفة في قلب أرشيف المدينة السري، يتعثر هناك في قصته التي كتبها دانيال آخر مثله تماماً، تتشابه القصص وتتشابك الخيوط، التي تسجل جميعها رحلة دانيال لكشف سر المدينة وتخليصها من الضباع التي تتحكم فيها، وليضع في النهاية قصته في الأرشيف نفسه الذي يسجل حكايته ليخلف وراءه سجلاً وتقريراً عن زمن عاشه "لم أتطلع من خلاله أن أكون مقريزي زماني وإنما مجرد دانيال من ضمن دانيالات متعددة تتنازع بداخلي"، آملاً أن يلتقط القصة/الطعم قارئ آخر فيبدأ من جديد رحلة تطهير المدينة من وحوشها.
الشيئ الذي شدني في الكتاب غلافه وترشحه للقائمة الطويلة للبوكر.. تبدأ الرواية بوصف عالم مليئ بالدمى والخراب والكوارث التي تحل بهم وسوء عيشهم.. بدت لي الأحداث غير مفهومة إطلاقًا ولم استطع تكوين رابط لفهم علاقة المكان والشخصيات.. في الفصول القادمة من الكتاب بدأ كلشي واضح حين بدأ صديق دانيال التحدث عنه..
الحبكة: تدور احداثه حول حدث مهم ،الا وهو اعتداء الشيخ على صديق دانييل ابراهيم والاحداث التي تتلوه بعد ذاك وكيف تمحورت حياة دانييل حول هذا الحدث. بدا لي هذا الشيء ممل نوعاً ما ؛حيث لا جديد في الرواية غير هذا الحدث وسرده من وجهات نظر متعدده ، وعلى ازمنة مختلفة..
اللغة :سهلة بسيطة مع استخدام بعض المصطلحات الإنجليزية بالعربي :scan : سكان. لا احب طريقة الكتابة هذه ،علاوة على ذلك يمكن استبدال كلمة scan بماسح ضوئي.
تُسلط الرواية الضوء على قضية : الاعتداء الجنسي على الأطفال ،وما يصاحبه من عجز الطفل عن فهم ما يدور حوله او فهم من هم حوله عن معاناته. اشعر بتقدير للكاتب بالحديث عن هذا النوع من القضايا لأهميتها.
الرواية خفيفة وممتعة لا تتطلب جهداً لربط الاحداث ولكن ليست بمستوى توقعاتي.
This entire review has been hidden because of spoilers.
طريقة القراءة : أبجد ❞ والسعادة ليست ركوب طائرة أو مشاهدة البحر وإنما مع مَنْ نفعل ذلك ومدى اختيارنا لشكل هذه الحياة ❝ ❞ والمعرفة ليست الطريق إلى الجنة إنما بالعكس تمامًا هي الطريق إلى الألم ❝ ❞ وعرَّفت التعاسة بأنها "تراكُم ذكريات سيئة حاولتُ طوال السنوات الماضية نسيانها أو التخلص منها حتى لا أبلغ قمة التعاسة" ❝ ❞ وقلت هذا هو الموت. أن يصيبنا الجنون. أن تنزف قلوبنا فتغطي الأرض وتملأ الغرفة بدمٍ ليس أحمر تمامًا. بدم يحمل صورة من نُحبّ. كأن الكُرَات الحمراء صنعت صورًا مُصغَّرة منهم. ❝
القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية رواية فلسفية نفسية ممتعة ومؤلمة في نفس الوقت كان نفسي في نهاية مختلفة بس احترم اختيار الكاتب
دانيال؟ denial؟ هل دانيال حقيقي؟ هل ما حوله حقيقي أصلًا؟
بالتأكيد أني لم أقرأ عمل بهذه العجائبية من قبل، رواية فريدة، الغريب أني شعرت أن السرد لا ينبع من الحكي كما هو معتاد، بل تراءى لي أن السرد ينبع من داخل قراءتي الشخصية..من البداية كانت القراءة كما الهرولة أو اللهاث، حتى أدركت أن ثمة شعور سببه اختفاء علامات الترقيم..وما هي إلا صفحات حتى تيقنت أن دانيال، البطل أو الذي بداخلي، هو من محى العلامات من أرشيفه.
الرواية تختلط بين الواقع والخيال في قصتها أو حتى في رؤيتنا للنص، ثمة فقرات كثيرة لا تزال غامضة ولم أستطع أن أكشف عن مقصدها ولكن أعتقد أن رغبة دانيال تكمن في ألا يبوح عن جميع أسرار عالمه الغرائبي.
كتاب غريب في أسلوب الكتابة والاختصار بس عمق الكلمات رهيب؛ كل جزء وفصل أنصدم من الأحداث اللي مترابطة بس في نفس الوقت مختلفة النهاية أغرب من الرواية كامل واستفزتني الشخصية الرئيسية مستفزة عمومًا وكئيبة وتحيّر القارىء في التعاطف معاها أم لعنها رغم إن الرواية سرد واحد والشخصيات والحوارات نادرة على كمية الصفحات إلا إن الكاتب نجح في جذب القارىء وبث الحماس بين السطور عبر الأحداث فيه تكرار لكن أيضًا نجح الكاتب في توظيف التكرار لصالح الرواية والأحداث وبعض التكرارات كانت جميلة جدًا ورتيبة بطريقة مريحة أعطت شعور الألفة لي كقارئة كتاب جمع الفن في الغلاف والمحتوى
ايه الجمال ده بس…!!! رواية حلوة حلاوة مش طبيعية، اللغة سهلة وعذبة ومؤثرة في نفس الوقت، موضوع مهم وشائك ومبسوط بالرواية انها عرضته، سمعنا كتير الفترة اللي فاتت عن مصطلح التجريب في الكتابة، أنا يمكن أول مرة افهمه أو أشوفه مطبق في رواية. اضايقت الصراحة من النهاية إنها قفلت بالطريقة دي، بس ده لا يمنع إنها رواية عظمة ♥️♥️♥️♥️
في الجملة الأولى من "عصور دانيال في مدينة الخيوط"، نطالع مشهد دُمى في الشرفات والنوافذ تنظر إلى مشهد دمى ذبيحة في الأسفل. هذا المسخ المُضاعف، أو الموت المزدوج، يضعنا في قلب الصدمة، ويفتح أعيننا على مدينة ترزح تحت عقوبة ثقيلة. صادفنا في «ألف ليلة وليلة» أكثر من مدينة ممسوخة، إما كعقاب إلهي، أو دون سبب واضح مثل «مدينة النحاس». لكن بشر المدن المعاقبة وغير المعاقبة في الليالي يتحولون إلى تماثيل، ولا يعودون يتألمون، بعكس البشر الدُمى في هذه المدينة الذين يشعرون بالرعب من القتل، من تيه أطفالهم وسط الفوضى، من غرق المدينة تحت طوفان مطر لا يتوقف. وهم رغم العقوبة التي أُنزلت بهم وبمدينتهم لم تزل لديهم الرغبة في النجاة، يحاولون عمل شيء، بينما يجلس دانيال ابن النور، ابن الظلام، يدون بلا انقطاع صفحات يراكمها خلفه، كأنه فرعون يبني هرمًا من الأوراق ليخلد تحته، في حين تتكرر سيمفونية رومانس لارجيتو لشوبان كأنها عزف كوني. لقد شيَّد أحمد عبد اللطيف مدينة الدمى من خيال جارح، لأن الفنتازيا هنا ثابتة الأقدام على الأرض، تنطلق من الواقع وتعود إليه.
عن اللحظة التى يفقد فيها الطفل براءته و يصطدم بوحشية البشر،عن الوحشة و الغربة التى يشعر بها تجاه الاشخاص الذين من المفترض أن يكوتواهم هم مصدر الدعم و الحماية و تتحول مشاعره نحوهم الى الخوف بدلا من الثقة المطلقة و الحرية الى قهر و خنوع فتنطفى روحه مع الوفت و تموت و يصبح جسدا بلا روح ، عائش كالميت أو كدمية لا حياة فيها. الفارق ما بين الأنسان و الدمية هى الروح التى تنبض بالحياة، عندما تسلب منه روحه تسلب معه الرغبة فى الحياة و فيصبح جسدا لا فرق بينه و بينه دمية مسلوبة الارادة يتحكم في مجرايات حياته ، لا أحلام و لا طموح و لا حتى رغبة فى الحياة ، يحترك وفق قوة اخرى تتحكم فى كل مجريات حياته، كما يتحكم مخرج مسرح العرائس فى مصائر الدمى ابطال العرض.
متاهة أخرى كمتاهات طارق إمام في "ماكيت القاهرة" ولكنها هذه المرة في مدينة الدمى... ربما اهتم طارق إمام في روايته بالمكان في حين اهتم احمد عبد اللطيف بالانسان، فنجد دانيال ودانيال ودانيال آخر ونجد ابراهيم، وموظفي الأرشيف معدومي الاسم أصحاب الارقام... رواية مثيرة، غامضة، محزنة، تدعو للتفكير
مش عارف أقول إيه! لكن الرواية حقيقي ممتعة ومهمة، حتى في الأجزاء اللي مفهمتهاش بشكل كامل كنت مستمتع وعلى وشي ابتسامة. أظن ممكن أعمل حلقة عن الرواية، بس محتاج آخد شوية وقت بعدها عشان أرتب أفكاري. أول رواية أقرأها للأستاذ أحمد عبد اللطيف، غير ترجماتع للعزيز مياس طبعا، ولن تكون آخر تجربة.