ولد الشاعر الشعبي محمود بيرم التونسي في الإسكندرية في 3 مارس 1893م ، وسمي التونسي لأن جده لأبيه كان تونسياً ، وقد عاش طفولته في حي الأنفوشي بالسيالة ، إلتحق بكُتّاب الشيخ جاد الله ، ثم كره الدراسة فيه لما عاناه من قسوة الشيخ ، فأرسله والده إلى المعهد الديني وكان مقره مسجد المرسي أبو العباس ، توفى والده وهو في الرابعة عشرة من عمره ، فانقطع عن المعهد وارتد إلى دكان أبيه ولكنه خرج من هذه التجارة صفر اليدين .
كان محمود بيرم التونسي ذكياً يحب المطالعة تساعده على ذلك حافظة قوية ، فهو يقرأ ويهضم ما يقرؤه في قدرة عجيبة ، بدأت شهرته عندما كتب قصيدته بائع الفجل التي ينتقد فيها المجلس البلدي في الإسكندرية الذي فرض الضرائب الباهظة وأثقل كاهل السكان بحجة النهوض بالعمران ، وبعد هذه القصيدة انفتحت أمامه أبواب الفن فانطلق في طريقها ودخلها من أوسع الأبواب .
= = = = =
أعماله
أصدر مجلة المسلة في عام 1919م وبعد إغلاقها أصدر مجلة الخازوق ولم يكن حظها بأحسن من حظ المسلة .
نفي إلى تونس بسبب مقالة هاجم فيها زوج الأميرة فوقية ابنة الملك فؤاد ، ولكنه لم يطق العيش في تونس فسافر إلى فرنسا ليعمل حمّالاً في ميناء مرسيليا لمدة سنتين ، وبعدها استطاع أن يزوّر جواز سفر له ليعود به إلى مصر ، فيعود إلى أزجاله النارية التي ينتقد فيها السلطة والاستعمار آنذاك ، ولكن يلقى عليه القبض مرة أخرى لتنفيه السلطات إلى فرنسا ويعمل هناك في شركة للصناعات الكيماوية ولكنه يُفصل من عمله بسبب مرض أصابه فيعيش حياة ضنكاً ويواجه أياماً قاسية ملؤها الجوع والتشرد ، ورغم قسوة ظروف الحياة على بيرم إلا أنه استمر في كتابة أزجاله وهو بعيد عن أرض وطنه ، فقد كان يشعر بحال شعبه ومعاناته وفقره المدقع.
وفي عام 1932م يتم ترحيل الشاعر من فرنسا إلى تونس لأن السلطات الفرنسية قامت بطرد الأجانب فأخذ بيرم يتنقل بين لبنان وسوريا ولكن السلطات الفرنسية قررت إبعاده عن سوريا لتستريح من أزجاله الساخرة واللاذعة إلى إحدى الدول الأفريقية ولكن القدر يعيد بيرم إلى مصر عندما كان في طريق الإبعاد لتقف الباخرة التي تُقلّه بميناء بورسعيد فيقف بيرم باكياً حزيناً وهو يرى مدينة بورسعيد من بعيد ، فيصادف أحد الركّاب ليحكي له قصته فيعرض هذا الشخص على بيرم النزول في مدينة بورسعيد ، وبالفعل استطاع هذا الشخص أن يحرر بيرم من أمواج البحر ليجد نفسه في أحضان مصر.
بعدها أسرع بيرم لملاقاة أهله وأسرته ، ثم يقدم التماساً إلى القصر بواسطة أحدهم فيعفى عنه وذلك بعد أن تربع الملك فاروق على عرش مصر فعمل كاتباً في أخبار اليوم وبعدها عمل في جريدة المصري ثم في جريدة الجمهورية ، وق
ولكل من صدعونا بتعبير " الزمن الجميل " هناك قصائد بالداخل عن اطفال الشوارع وتلوث مياه النيل والفقر والجهل والجشع والاستغلال والاستبداد والتحرش وكل الموبقات !
لا الشارع غيط يا خوانّا ولا إحنا بدارى ولا إحنا معيز
هتجنّ يا ريت يا خوانّا ما رحتش لندن ولا باريز
* * *
ولا حد بيبع حاجة يقول بريال وتاخدها بصاغ
يا خوانّا حتى الإبرة تاخدها بدوشة وقلب دماغ
حلفان وعراك ومناكدة ويمكن ضرب كفوف يا حفيظ
هتجنّ يا ريت يا خوانّا ما رحتش لندن ولا باريز
* * *
ولا شفتش ده اللي بلاسة وده اللي بعمة وده بطربوش
ملابسنا يا ناس تشكيلة تعد أصحابها ما يتعدوش
دول ناس كنا أحسن منهم قول ومسيرنا بإذن الله نبقى أحسن منهم برضك بعد الدرس اللي أخدناه
والله ده عيب نتهجى دروس يا أساتذة على التلاميذ
هتجن يا ريت يا خوانّا مارحتش لندن ولا باريز
> من المؤكد أن هناك كثراً بين قرائنا سيجدون شيئاً من الصعوبة في قراءة أبيات هذه القصيدة الزجلية المكتوبة باللهجة المصرية. غير أن هؤلاء القراء، في معظمهم في الأقل، وبعد أن يجهدوا لقراءة هذا النص، سيكتشفون أن الجهد كان مستحقاً، وأن الزجال الذي كتبها عام 1920، إنما تمكن فيها من التعبير في شكل كاريكاتوري فائق الحسن يكاد كل بيت من أبيات القصيدة يرسم من خلاله صورة اجتماعية قد تكون مسلية ومضحكة، لكنها بالتأكيد تخفي مقداراً كبيراً من المرارة التي يشعر الزجال هنا بها، ليس إزاء ما يراه في بلاده، مصر بالتحديد، ولكن من خلال المقارنة التي تتاح له إذ زار لندن وباريس، في ذلك الحين وشاهد نمطاً من العيش والسلوك وضعه مباشرة على تماس مع ما كان - وسيبقى - يعيشه في البلد التي أتى منها. لقد فعل ناظم هذه الأبيات هنا، ما كان فعله ذاته، قبله بعقود طويلة، رفاعة رافع الطهطاوي الذي كان من الواضح أنه فيما كان يتحدث عما شاهده وعايشه خلال سنواته الباريسية، أواسط القرن التاسع عشر، إنما كان، وفي شكل تغلب عليه المواربة، يصوّر ما يقابله في الحياة الاجتماعية المصرية. فها علينا أن نوضح هنا أن كاتب هذه القصيدة الزجلية لم يكن سوى بيرم التونسي الذي عبّر فيها عن انتقاده الحاد لسلوك المصريين، والعرب عموما بالتالي، هو الذي كان أكثر تأثيراً من سلفه التنويري الكبير لأن الطهطاوي كان يكتب للنخبة بلغة النخبة، أما التونسي فكان يكتب للشعب بلغة الشعب، هو الذي حُولت قصيدته هذه إلى أغنية سرعان ما صارت شعبية ينشدها العشرات ويستمع إليه الملايين وربما يتأثر بها مئات الألوف.
> مهما يكن من أمر، فلا بد أن نوضح هنا أن بيرم التونسي لم يكن، بالطبع، أول من كتب هذا النوع من الشعر الشعبي باللهجة المصرية في قرننا العشرين هذا، ولم يكن الأخير، لكنه كان، ولا يزال يعتبر حتى اليوم الأب الشرعي للحداثة في كتابة ذلك الشعر، ويراه العدد الأكبر من المصريين والعرب، الضمير الحي للرجل المصري، على الرغم من اسمه وأصوله التونسية. فالحال أن ذاك الذي كتب لمصر أروع أزجالها، ولفن الغناء أروع أغنياته، وللمسرح الغنائي بعض أجمل نصوصه، واقترن اسمه باسم الشيخ سيد درويش، ثم باسم أم كلثوم طبعاً، كان تونسي الأصل، على رغم ولادته في الإسكندرية. والمؤسف أنه على رغم تلك الولادة وعلى رغم انتمائه الحسي والعاطفي والعملي والوجداني للشعب المصري، ظل بعض غلاة المصريين يذكرون بأصوله التونسية ويعتبرونه غريباً كلما تضايق منه أحد. لكن بيرم التونسي لم يعبأ بذلك أبداً، بل كان يصر على انتمائه المصري ويخوض الشعر والسياسة من موقع وطني ويُنفى مع المنفيين ويغضب مع الغاضبين، ويكتب من دون هوادة، تلك القصائد والأغنيات التي جعلته مبدعاً في مدرسة امتدت وتشعبت لتشمل من بعده فنانين مبدعين من طراز صلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم وفؤاد حداد وغيرهم.
> عندما توفي بيرم التونسي في أوائل عام 1961 كان في الثامنة والستين من عمره، وكان لا يزال في قمة عطائه على رغم الكآبة التي تملكته خلال سنوات عمره الأخيرة. ولعل المصادفة هي التي جعلته يودع الروح في اللحظة ذاتها التي كانت فيها أم كلثوم تغني واحدة من أجمل الأغنيات التي كتبها لها، «هو صحيح الهوى غلاب». والحال أن اسم بيرم التونسي ارتبط باسم أم كلثوم، تماماً كما كان ارتبط قبل ذلك باسم سيد درويش الذي عاصره فتياً وشاباً، وكانا ابني مدينة واحدة هي الإسكندرية، حيث ولد بيرم في حي السيالة عام 1893، واختلط منذ طفولته بأوساطها الشعبية، وشهدت شغفه بالشعر والمطالعة وتتبع اللهجة الشعبية منذ نعومة أظفاره. وفي مكتبتها، راح ينهل في قراءة الروايات والمجموعات الشعرية. ولقد انخرط بيرم في النضال السياسي منذ صباه، وهكذا حين اندلعت ثورة 1919 الشعبية راح يكتب الأزجال في تحيتها كما أصدر مجلة ساخرة باسم «المسلة» هاجم خلالها الملك فؤاد الذي استبد به الغضب فأمر بنفيه إلى تونس وباريس، حيث عاش سنوات يتنقل بين شتى المهن والأعمال الصغيرة وهو مكتئب يرسل أشعاره إلى مصر، محرضة غاضبة ساخرة... تواصل ما كان بدأه في العشرينات حين كتب أشعاراً مثل: «أنا المصري كريم العنصريين»، وأغنيات مثل «أنا هويت» وأعمالاً مسرحية (لحّن سيد درويش أهمها) ومنها «شهرزاد»، كما كتب بعد ذلك مسرحيات غنائية أخرج عزيز عيد أهمها ومنها «ليلة من ألف ليلة» و «عقيلة».
> ومما يجدر ذكره هنا هو أن بيرم بدأ حياته الفنية شاعراً بالفصحى، لكنه سرعان ما انتقل إلى الكتابة بالعامية المصرية معتبراً أن قضية العامية ليست مسألة ألفاظ، بل مسألة إحساس وفكر، وأن اللغة العامية يمكنها إن استخدمت في شكل جيد وراق ينتمي إلى روح الشعب لا إلى غرائزه، أن تقدم فناً رفيعاً يحمل صوراً مبتكرة وفكراً مقنعاً وتعبيراً لغوياً ممتعاً. والحال أن كل ما كتبه بيرم التونسي يتميز بهذا، كما يتميز بمعاصرة وحداثة تجعلان «قصائد» له غنتها أم كلثوم مثل أغنيات فيلم «سلامة» و «دنانير» وأغنيات لا علاقة لها بالأفلام مثل «أنا في انتظارك و «أهل الهوى» و «شمس الأصيل» و «حبيبي يسعد أوقاته»، وصولاً إلى أغانيها الدينية الرائعة وآخرها «القلب يعشق كل جميل».
> لقد كان بيرم التونسي الذي كرّمه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بمنحه «وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى» قبل موته، كان حالة خاصة في حياة الحركتين الفنية والشعرية في مصر. لكن الغريب أن ذلك الشاعر الساخر والروائي المتهكم، والكاتب المسرحي الذي ابتكر عشرات الشخصيات ومتّع ملايين المتفرجين والمستمعين، تركت لديه سنوات المنفى والحرمان، كما ترك لديه الذين كانوا لا يفتأون يهاجمونه في مصر، آخذين عليه - بين أمور أخرى - كونه من «أصول غريبة»، ترك لديه هذا كله مرارة وقسوة رافقتاه طوال النصف الثاني من حياته وجعلتاه قليل الميل إلى الاختلاط بالناس.
كتاب جميل يحتوي على قصائد رائعة لأحد رواد العامية بيرم التونسي وكأنه يتحدث عن مجتعنا في هذه الايام .. وتشعر ربما بشيء من المواساة بأن مشاكل حياتناوتناقضات مجتمعنا ليست فقط وليدة هذه الأيام بل هي موروثات .، أتمنى من قلبي أن يفلح جيلنا والجيل الذي يلينا في التخلص منها .. اشعاره تتميز بخفة الظل والبساطة وبالكلمات الرشيقة من اروع القصائد التي أتمنى معاودة قراءتها زواج اوروبا ، السرعة ،من يوم ما بيقينا بشنبات بطلنا نقوم للستات ،يا ست درية
تناول بيرم الكثير من الموضوعات المختلفة والتى دفعتنى للتعجب طوال قرأتى حيث انه تناول موضوعات مثل عمل المرأة والزواج والمشكلات المرتبطة بتاخره سواء للمرأة او للرجل بالاضافة الى حديثه عن الفن و جمهور السينما و مستوى الافلام كذلك قصائده عن مشكلات المجنمع كـ أطفال الشوارع و الطابور و المساكن الشعبيه الا ان استخدامه للغة العامية الدارجة لم تروق لى