عَنْوَنَةُ الكتاب بـ"رواية الشيخ خبيب السوداني" فيه شيءٌ من التجاوزٌ، إلا إن أُريدَ بذلك أنه يؤكّد ما سبقَ ورويَ في روايات الآخرين كالعييري وهارون فضل وأبي مصعب وفارس آل شويل بلّغهم الله منازل الشهداء، وغيرهم. إذاً فالكتاب وثيقةٌ تؤكّد ما ذكره سابقاً من أرّخ لحركة المجاهدين سابقاً، مع تعليقاتٍ ورواياتٍ قليلة من صاحب الكتاب الشيخ إبراهيم القوصي. مَن لم يطّلع على شيءٍ من السير السابقة لا شكّ سيكون الكتاب إضافةً جديدة له ومتعةً قرائية يتخللها الكثير من الأسى على الشهداء والأسرى لمَن كان له قلبٌ أو ألقى السّمعَ وهو شهيد. والكتاب تحريضيٌّ/دعائيٌّ في كل فصوله، ويبدو أنه وضعَ لأسبابٍ كان منها الدعايةُ والتحريض، يسّر الله ما وُضِعَ لأجله. الكتاب، على أيّة حال، إضافةٌ مهمة لتاريخ المسلمين المعاصر، وذكر صاحبه أنه عُرِض على الشيخ أيمن وأنه أضافَ وصحح، ووثيقةٌ يُرجَعُ إليها لتحفظه من السرقة على أيدي الباحثين الغربيين ومَن تبعهم بضلال. وهذه الأعمال وإن لم يكُن فيها النقد المطلوب للأخطاء -التي لا بُدّ وقعَت- ومناقشتها، وقد يكون هذا لأسبابٍ أمنيّة أحياناً تبقى ذات أهميةٍ لأجيالٍ قادمة -لا شكّ قادمون- يحملون هَمَّ الأُمّة فيستخلصونَ منها دروساً، ويبنون عليها دون أن ينبتّوا عنها. وإن كان المؤمّل أن يكتب كل مَن خاضَ تجربةً وإن كسُلَ فلا أقلّ من أن يسجّل، ففي التأريخ للأحداث أهميةٌ عظمى.
من الجيد أن تردَفَ قصة بداية الجهاد في الصومال بقراءة رسائل سيف العدل الخمسة التي أرسلها للشيخ أسامة وشرحَ فيها حال الصومال حينئذٍ، وهي رسائل تنبئك عن عقليةٍ فذّة في دراسة الأوضاع سياسياً واستراتيجياً. وتوجد في الدفعة الأولى من وثائق أبوت أباد. ومن المفيد الاطّلاع كذلك على رواية فايز الكندري لمعارك تورا بورا مع ما وردَ هنا.
من أهم المعلومات التي وردَت: - تمويل الشيخ أسامة للجهاد الشامي الأول في الثمانينات! - اعتبار أن الشيخ عطية الله تقبّله الله من رجال الجماعة منذ البدايات المبكّرة، وكنت قد قرأت كثيراً من قبل أنّ الشيخ عطية كان ممتنعاً عن انضمامه إلى ما بعدَ الضربات الأمريكية. - توثيقه لخطاب بثّه الملا عمر تقبّله الله عبر إذاعة صوت الشريعة الناطقة باسم الحركة حينها، أرّخ فيها نشأة الحركة، وفيه من الإيمان وعلوّ الهمّة ما يُثير العجب. وبعض عبارات الملا عمر تستوقف المرء كثيراً، مثل قوله: "…ولكنني توكّلت على الله التوكّل المحض" و:"قلت لهم [لطلبة المدارس] لا يمكن الاستمرار في الدراسة في هذه الظروف، ولن تُحلّ هذه المشكلات بالشعارات المجرّدة." تذكرت وأنا أقرأ خطابه قول سيّد قُطب رحمه الله: إن البداية أن تقوم هذه الحقيقة في قلب رجل واحد كما قامَت بداية الأمر في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلّم. أو كما قال رحمه الله؛ فقد عجزت عن تذكّر عند أي آيةٍ تحديداً ذكر هذا. - توثيق كثيرٍ من أسماء الأسرى في السجون الأمريكية المَنسيين وعلى رأسهم: عبد الرحيم النّاشري وأبو هاجر العراقي ووديع الحاج ومحمد داود العوهلي البلوشي ومحمد عودة الأردني ومحمد رحيم الأفغاني مترجم الشيخ أبي عبد الله وأقرب الإخوة له، وريتشارد ريد عبد الجبار الجامايكي وزكريا موسوي وأبو أنس المكّي والشيخ عبد الهادي العراقي، وقرأت منذ مدةٍ مقالاً مطوّلاً نشرته الفورين بوليسي عنه، ذكرَ أنه كان في طريقه -عند أسره- إلى العراق لتسلّم القيادة هناك وتصحيح الأمور. ونقلت قناة السومريّة منذ يومين أنباءً عن إصابته بشلل رغم خضوعه لعمليات جراحية سابقاً في عموده الفِقري، ألبَسَهُ الله لبوس العافية وشفاه من كل مرض، وثبّته وإخوانه وفكّ أسرهم. - تأكيد مقتل الشيخ أبي محمد المصري وحمزة بن لادن تقبّلهما الله.
من القَصص: - كان من المخطط له أيضاً أن يتم تصوير العملية [كول] من فندقٍ مشرِفٍ على الميناء، وكان الأخ فهد القصع هو المكلّف بعملية التصوير لكنه نامَ رحمه الله ولم يستيقظ إلا على دويّ الانفجار. صـ٢٣٥. - كان الشيخ أسامة -على هامش هذه المهمة التي جاء من أجلها هذا الوفد- قد حاول مقابلة الشيخ يوسُف القرضاوي، لكنه اعتذرَ وأرسل نيابةً عنه نائبه الشيخ القرة داغي، فقابله الشيخ أسامة في مجمع ستة بقندهار، وعاتبهم عناباً شديداً على عدم شرعية مهمتهم التي حاؤوا من أجلها واقتنعَ الشيخ القرة داغي بحجة الشيخ أسامة، وقال بأنه سينقل كل ذلك للشيخ القرضاوي. صـ٢٤٤. وقد حضر المشايخ أبو حفص الكمندان وأحمد حسن أبو الخير وأبو الوليد المصري وأبو حفص الموريتاني جلسة المناظرة التي أمّها بعض علماء من طالبان، وكان الإخوة يريدون توثيقَ هذه المناظرة بالصوت والصورة غير أنّ الإخوة الطالبان رفضوا ذلك، وقالوا بأن التسجيل الصوتي يكفي. صـ٢٤٣.