مثل سراب خادع يلمع فوق سهوب بعيدة... سراب يمتد ويمتد، هكذا يبدو الآن ركام حكايات "الزمن الموحش" شفافاً لامعاً، عصياً على اللمس، عصياً ربما على الإدراج، حكايات حيدر حيدر التي أفلتت في غروب يوم كئيب مع شمس دمشقية، تهوي بلا استئذان خلف قمة قاسييون الأجرد لتحكي زمن الفشل العربي... قصص تمتزج بالأسى... باللوعة... بالحزن... فكيف السبيل إلى إيقاظ العربي الغائب في زمن حكم على إسرائيل بالانتصار وعلى العرب بالهزيمة!! ها هم هناك ضائعون بلا ذاكرة. غارقون في مستنقع التاريخ. ولدوا في عوالم مختلفة، متناقضة. عوالم فردية. جاؤوا من بلاد قصية مطرودين، ملهوفين، مسكونين بالاحلام والمجد والظمأ.وهنا عاشوا بحنين لا حدود له لماضيهم وللرحم الذي انسلوا منه يوما، بعد ان نسوا بناء مدن نفوسهم في صحارى مقفرة، يحدها الانقراض من الجنوب، والاغتصاب من الشمال، ومن الغرب البحر، ومن الشرق الرمل. وتحت جلودهم وشل التاريخ كله.احسهم تاريخا عابرا، حفر على جدران ذاكرتي لكن ذلك التاريخ عصي على اللمس، متمرد على التكوين السوي، بينما تتقدم "منى" بهية ، موردة كالشفق، وهم يمضون باعمارهم وتواريخهم الملوثة والمدماة كأنما اخذتهم غيبوبة.
هو كاتب و روائي سوري. وحظرت روايته وليمة لأعشاب البحر في عدة دول عربية، وحتى أدى إلى ردود فعل غاضبة متأخرة من علماء الدين من الأزهر.
من مؤلفاته ــــــــــ - حكايا النورس المهاجر (قصص) الطبعة الأولى: 1968 وزارة الثقافة السورية-دمشق. الطبعة الثانية: 1977 دار الحقائق-بيروت. الطبعة الثالثة: 1999 دار ورد-دمشق أخرجت كفيلم عام 1972 ونال عدّة جوائز منها جائزة مهرجان لوكارنو، مهرجان كارلو فيفاري، مهرجان دمشق للسينما الجديدة. - الفهد (رواية) الطبعة الأولى: 1968 وزارة الثقافة السورية-دمشق. الطبعة الثانية: 1977 دار ابن رشد-بيروت. الطبعة الثالثة: 1978 دار ابن رشد-بيروت. الطبعة الرابعة: 1991 دار الحصاد-دمشق. - الومض (قصص) الطبعة الأولى: 1970 اتحاد الكتاب العرب-دمشق. الطبعة الثانية: 1977 دار الحقائق-بيروت. الطبعة الثالثة: 1999 دار ورد-دمشق. - الزمن الموحش (رواية) الطبعة الأولى: 1973 دار العودة-بيروت. الطبعة الثانية: 1979 المؤسّسة العربية للدراسات والنشر-بيروت. الطبعة الثالثة: 1991 دار أمواج-بيروت. - الفيضان (قصص) الطبعة الأولى: 1975 اتحاد الكتاب الفلسطينيين-بغداد. الطبعة الثانية: 1982 المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر-بيروت. الطبعة الثالثة: 1986 دار الحوار-اللاذقية-سوريا. - كبوتشي (سيرة حياة ونضال كبوتشي) الطبعة الأولى: 1978 دار ابن رشد-بيروت. - الوعول (قصص) الطبعة الأولى: 1978 دار ابن رشد-بيروت. الطبعة الثانية: 1989 دار الحصاد-دمشق. - التموّجات (قصتان) الطبعة الأولى: 1982 المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر-بيروت. الطبعة الثانية: 1986 دار الحوار-اللاذقية-سوريا. - وليمة لأعشاب البحر نشيد الموت (رواية) الطبعة الأولى: 1984 قبرص-الناشر: حيدر حيدر. الطبعة الثانية: 1988 دار أمواج-بيروت. الطبعة الثالثة والرابعة: 1992 دار أمواج-بيروت. الطبعة الخامسة والسادسة: 1997 دار ورد-دمشق. - مرايا النار فصل الختام (رواية) الطبعة الأولى: 1992 دار أمواج-بيروت. الطبعة الثانية: 1995 دار بترا-دمشق. الطبعة الثالثة: 1998 دار ورد-دمشق. - أوراق المنفى شهادات عن أحوال زماننا (وثائق). الطبعة الأولى: 1993 دار أمواج-بيروت. يضمّ العديد من المقالات التي نشرها في مجلات أدبيّة مختلفة (1987-1974). - غسق الآلهة (قصص) الطبعة الأولى: 1995 دار أمواج-بيروت. الطبعة الثانية: 1995 دار بترا-دمشق. الطبعةالثالثة: 1996 دار ورد-دمشق. - شموس الغجر (رواية) الطبعة الأولى: 1997 دار ورد-دمشق. الطبعة الثانية: 1998 دار ورد-دمشق.
هذه الرواية جمالها الوحيد هو لغتها فقط، أما غير ذلك فهي لا تصلح، واعتبرها بائتة وعفا عليها وعلي تيار الوعي الثوري الزمان ! لغة شاعرية، جميلة، صعبة، أدوات سرد معقدة، وحوار أطرافه مشظاة وصعبة الامساك بها تجليات النكسة، وسوداويتها ، والحال المتدهورة للمثقفين اليساريين وأمور السياسة والدين والاخلاق عامل الجنس كان مبالغًا فيه..
القصيدة في النهاية عظيمة، بل أعظم من الرواية ذات نفسها!
إنه زمن خانق فعلا. لا يبحث حيدر حيدر عبر الزمن الموحش أن يرسم لنا تفاصيل محنتنا لأننا نعرفها وتعرفنا، ولأننا غارقون فيها حتى الموت. إنه ينطلق من مسلّمة وجودِها، وشعورنا بوجودها، ليحاول أن يحدّثنا عن تفاصيل هذا الشعور، في فضاء زمرة من اليساريين الحالمين العاجزين. هل أدرك الرجل وهو يحدّد تفاصيل هذا الشعور وصوره، أنه يحدّثنا أيضا عن بعض أسباب هذا الشعور؟ لو أنّ كلامي السابق غير مفهوم تماما، فالرواية كذلك في أغلب مساحاتها وأفكارها، التي تتسرّب من شوارع دمشق وذاكرة الراوي، إلى عالم مجرّد يعد القارئ ببعض التيه والضجر أيضا. وربما يصعب على ذلك الذي لا يملك بعض تفاصيل المأساة العربية (النكبة، النكسة، السلام، الحروب الأهلية، الحروب العربية العربية الخ) أن يتبع الراوي في محنته كمثقف عربي مطالب بمواجهتها والتبشير بالخلاص منها. فقط بعض الايحاءات هنا وهناك للعمل النضالي، وللحوادث المتفرقة، لكن ربما كانت تلك الايحاءات أكثر إيلاما، لذلك القارئ الذي عرف ذلك الزمن وعاش تفاصيله. الرواية صورة مريعة لهذا الزمن غير العربيّ. إنّ ما يجعل هذا الزمن مريعا، ليس ذلك الذي يحدث من هزائم في الحاضر، وهو ما تجاوزه الكاتب تماما، واكتفى بالتلميح له. المريع هنا، هو ذلك الزمن القادم، هو المستقبل الموؤود بأيدي هؤلاء العاقرين. إن هؤلاء المثقفين، عاجزون عن صنع مستقبل أفضل، لأنهم يحملون أوزار تاريخهم ولا يقدرون على التخلص منها، ولأنه محكوم عليهم بالرجولة الكاذبة، وبالتحرر الملتبس، وبالعجز الجنسي، وبضيق الحيلة وبادّعاء العمق والفهم. إنّ هؤلاء المثقفين القابعين في صناديق تنظيراتهم الضيقة والساذجة، لم يفرزوا شيئا عدا المزيد من اليأس وانعدام الحيلة، ولذلك فالأفق العربي ضيق، والزمن العربي أكثر وحشة كلما تقدّم أكثر نحو نهايته.
لقد كتب حيدر حيدر هذه الرواية زمن النكسة، فنشرت لأول مرة سنة 1973، وهذا ما يفسر كل هذا الوجع الذي يتردّد في صفحاتها. لكن في زمن كهذا الذي تجاوز البؤس فيه مداه، وصار فيه زمن النكسة أشبه بحلم جميل أمامه، تستردّ هذه النبرة التشاؤمية معانيها. وحتى على مستوى المبنى، فأعتقد أن المراوحة بين صورة الوطن وصورة العشيقة كان له أثره في الرواية العربية بعد "الزمن الموحش"، حتى باتت هذه المقاربة من الكليشيهات السخيفة. لا يمكن للوطن أن يتحرر بحسب حيدر حيدر، إلا حينما تتحرّر المرأة، والمرأة ليست سجينة تسلط الرجل، بل هي سجينة خوفها، وسجينة خوف الرجل على رجولته، وسجينة حاجتها إلى الزوج الذي تخفي وراءه ذاتها الحقيقيّة، وسجينة هذه الفكرة السطحية للحريّة التي يصرّ المثقفون على الدفاع عنها، بينما لم يتخلّصوا بعد من جينات الكبت الجنسي، ولم يتخلصن بعد من جينات الجواري. إنّ الحبيبة الوحيدة في الرواية كانت منى، الصورة الأبهى والأمثل للوطن، وهذا الوطن الذي غادر دمشق، كره ما يقدّمه له المثقف اليساري العربي، وقرر أن الحياة الجديدة، لابدّ أن لا يكون فيها نسل لهذا المثقف.
إن التشاؤم مفهوم تماما. هل انتهى الزمن العربي؟ ربّما انتهى فعلا. ربما هو الزمن العبري كما قال الكاتب على لسان مناحيم بيغن، ولكن، ما دخل ذلك بالمقاومة؟ إن الإنسان لا يتوقف عن الحياة فقط لأنّه يعرف أنه بالنهاية سيموت. الإنسان مجبر على مقارعة زمنه، وتغيير وجوده، حتى لو كان على يقين من هزيمته، فليس له خيار وليس لنا خيار.
الزمن الموحش...إبداع أدبي مميز ، أعجبتني طريقة السرد والإنتقال بين الشخصيات في الفقرة ذاتها ، والطريقة التي قدم بها الكاتب بطل الرواية ، ...شخصية لا تعرف غير النساء والفلينة...خلافا للروايات الكلاسيكية التي تتسم شخوصها بالطابع الملائكي. كما يرثي خلال سرده النكسة العربية عقب هزيمة 1967 وحالة الإنحطاط التي عاشها العرب آنذاك . وفيما يلي مقتطفات من الرواية
----------------------- قالت ليس سهلا أن يخرق الإنسان جدران المجتمع . ذلك يحتاج إلى جرأة نادرة . حاولت أن أفهمها بأنني لا أقيم كبير وزن لتشريعات كانت تصلح للأعراب القدامى.
-----------------------
سألته هل في نفسك رقعة لم تتلوث بعد ، فحدق في وجهي بشراسة عاتبة :حتى أنت تقول ذلك !؟ واعتذرت موضحا بحرارة أن هذا الشر الذي يعتنقه مسوغ لأنه رد فعل قاس ضد الخير المنحرف والموروث ، وأن التكوين السوي لم يأت زمنه بعد والعصر الزاني يلد بالضرورة أبناء زناة، ونحن ربما كنا زناة بالورثة . وقلت له بأن أمي لم تعرف حتى موت أبي ، ماهي اللذة الخاصة بها،وقد كان يلجها كما يلج الوحش أنثاه ثم ينقلب عنها .
-----------------------
جيل ملتهب. يتشوق قبض العالم. يسأل محاله الذي لا يطال: لماذا ولدت هنا على هذه الأرض الناقصة في عصر يكبح رغائب الإنسان الجامعة كالمهور في فجر فتوتها؟ وفي دمه يسري الزمن القديم جنباً إلى جنب إلى جنب الزمن الذي يريد: زمن المستقبل. وفي الأجيال التي اختلطت عليها الانقلابات والثورات ولّدت محاولة التوازن حالة انكسار تاريخي لا يجبر. ومن الفرد إلى الجماعة يمتد خط من الإخلاص قرب خط من الكذب والخوف والمساومة والتنازلات المستمرة بينهما سحقت منى.
آه ، ما هذا الذي قرأته؟ طيلة الرواية كان يجتاحني هاجس أن اتركْ الرواية و حُطَّ رحالك على شاطئٍ آخر . لغة حيدر حيدر صعبة شاعرية جميلة ، أدواته السردية معقّدة ، تتّبع أطراف الحوار كان شاقًا قليلاً ، لأنه لم يكن يذكر الأسماء ، و أسماء الشخصيات النساء قريبة جدا من بعضها : منى و أمينة و ديانا ، و سامر البدوي و مسرور و أيوب السرحان . الأمر الذي جعلني أريد قراءة شيئا آخر لحيدر حيدر هو القصيدة التي وضعها كملحق في نهاية الرواية ، و أظن أنه لو نسف الرواية و أبقى القصيدة لكان أصاب ، القصيدة رائعة . حيدر حيدر الشاعر كان رائعا ، قصيدة رشيقة عذبة ، الرواية أقيّمها بثلاث نجمات بينما القصيدة بخمس . أستعير ما قاله محمد رستم في نقد هذه الرواية في مقالته لجريدة البناء حيث قال: " اعتمد الكاتب من حيث التقنيّة الروائيّة على ما يسمّى تيار الوعي والاسترجاع، وتداعي الأفكار والأحلام. مما يمزّق خارطة المكان كما أنّه يفتت التراتبيّة الزمنيّة بانتهاك خطيّة الوقت عندما يقطع خيط التسلسل الزمني… إن هذا النوع من التقنيّة يحطّم «الزمكانيّة» في المرويّة معتمداً هلاميّة المشاعر المتداخلة مع ضبابيّة الأحداث." تعرض الرواية تجليّات لهزيمة ١٩٦٧ ، الهزيمة النكراء التي صدّعت جدران الأمل ، فنرى الرواية سوادويّة لأبعد الحدود ، يناقش فيها أيضاً حال المثقفين الثوريين اليساريين المتمردين على قيم المجتمع و عادات أهله فيما يتعلق بالدين و الأخلاق و الحياة السياسية، لكنه صوّر نموذجا فاسدا لا أظنه يعبر عن حال كل أولئك الثوريين خصوصا في تلك الظرفية التاريخية ، فالبطل و هو الرواي يردّ على انكساراته القومية و عجزه الثوري بالجنس ، حتى نراه يقيم علاقات مع زوجات رفاقه .
هذا الزمن ليته ينتهي ، إلى متى يستمر بوحشيته وغطرسته وتمرده ! كيف يكون إنتشال هذه الأعشاب الضارة عن تلك الجذور الخصبة الطيبة ؛ لتعود لهذه الشجرة أوراقها النضرة ؟! كم طال ليلك يا زمننا الموحش .
من الرويات التي تحتاج الي مجهود ذهني،لغة حيدر حيدر مميزه، استمتعت جدا بهذة الروايه اقتبس منها "في نهاية اللعبة تنفجر الأشياء، الثبات ليس قانونا أزليا، والذي كان، يمكن الا يكون والاراداة البشريه هي القانون : انت تثأر فقط! يقول : أنا أعيش طفولة مستلبة وأقول : انت لا تفهم التاريخ ويلعن التاريخ ويلعنني . تجتاحني موجة مرارة فأضغط اسناني بقسوة "
الزمن الموحش؛ لحيدر حيدر، وبعيداً عن كونها رواية تيماتها الثورة والميتافيزيقيا والحب، وحالة توهان (المواطن العربي) بعد نكسة 67؛ واستبدّاد أنظمة الحكم. فهي، وإن بشكل ضمني، تُجيب عن عديد الأسئلة المؤرقة لبال العديدين.. هل يشترط في الماركسي القطيعة مع الدين حتى يُمنح له الحق في الحلم بوطن كريم؟ هل شرط في الاشتراكي أن يسبّ الله ليحصل على التزكية؟ وهل جاء ماركس يحمل مِنجل جزّ المعتقدات، أم هو، بتنظيراته، حاول ��فتَ انتباه المضطهدين الفقراء لسبب مشاكلهم ومعاناتهم، واشترط القطع معهم حتى تستعيد دورة الإنتاج حياتها الطبيعية؟ هل الدين عائق أمام الثورات، أم العائق، أن تظل صورة الحاكم في أذهان الناس، ممثلاً لله حتى يظل في منآى عن المحاسبة ؟ وإذا كان الجنون يلد العظماء؛ فإن جنون العظمة يلد التافهين والحمقى...
وسط أحداث الرواية يحاول حيدر حيدر ان يعطينا إجابات، هو نفسه، وباستعمال ضمير المتحدث، اعتبرها أحكاما تخصّه لا يفرضها على أحد، إنما خُلاصات تجربة سنوات من الكفاح ضمن خلايا تنظيمات شيوعية سرية.. وبالرغم من ملاحقة تهمة ملحد له، ظل هو لا ينكر أنه فعلا ملحد�� بالأنظمة الشمولية، وبمن يحاول أن يسلط سيّفه على رقاب الناس باسم الدين والشريعة.. ملحد بالدساتير الفوقية .. ملحد بطبيعة المجتمع الخانعة .. ملحد بالخَوف المتغلغل في النفوس .. ملحد بالتراتبية الاجتماعية المبنية على مستغِل/ مستغَل.. وليس شرطاً أن يكون الإلحاد دائماً مقترناً بشيء مجهول غير مرئي.. الروائي الذي كان يقول لوالدته .. " وإن جاء من يقول لك ابنك ينكر الله.. قولي لهم نعم.. ! الله الذي ربيّته على حبّه واحترامه ليس هو نفسه الله الذي تتظاهرون بحبه"..
الرواية من صنف الروايات الصادمة.. كل مرة تطالعها فيه تكتشف الجديد بين السطور؛ فحيدر حيدر، من نوعية الروائيين غير المباشرين، يمنح للقارئ فرصة أن يدرك لوحده، ما المُراد قولة.. شخصياً، لازلت، وكلما وجدتُ فرصة أعود لقراءتها.. لا أذكر كم مرة؟ المهم؛ أنني استطعت أن أخمن إجابة لبعض الأسئلة المطروحة فيها.. قراءة ممتعة..
لكل كتاب اقراه هناك ما يحدوني للاطلاع عليه ومن ثم فان ما عرفته عن مؤلفها ولاسيما ان لي قراءة سابقة لاحدى رواياته الممنوعة وليمة لاعشاب البحر هو ما دفعني لاقرا كتاب اخر له الذي صنف ضمن مئة رواية اشاد النقاد بها..غير اني وجدتها مغرقة بالسرد والتكرار وانتقالات وتداخل الاحداث دون ان تتميز بوضوح شخوص المتلقي المخاطب فما بين حديثه مع راني يغرق في الحوار مع منى او في تفصيله مع مسرور نجده يتكلم مع سامر ..ولكن كل الشخوص الموجودة في الرواية ..راني وسامر ووائل وسامر كلها تصطبغ بوحدة المرارة للواقع العربي وصورة للحلم الضائع فيجمعهم محاولة النسيان والهروب تارة بالشعارات والبارات والنساءكما نجد ان البطل شبلي هو الاخر لايتوانى من التورط مع خيانة صاحب البيت المستأجر مع زوجته امينة التي تكبره سنا الذي يعلم بها لكن لم يستطع التخلي عنها الى ان هجرتها اومع زوجة صديقه ديانا التي احبته بخوف من زوجها وانتهت بمصرعها لغيرة زوجها وشغفه بها ..وفي كل صفحات الرواية تتكررصورة دمشق وزهوها الخابي وازهارها الذابلة التي ماتت مع قرع طبول الحرب وزمن الخيانات..دمشق تلك المراة التي باعها ابنائها بثمن بخس وانتهكت حرمتها بعد توالي هزائمها..دمشق وامينة ومنى التي أحبها شبلي وصور التلاقي معهن وتجسيدها التي اغرق بوصفها كانت ابرز محتوى ما تناوله..ورغم اني لم اشعر بجمال الحبكة ولم استسغ تطاوله بلغة الشتائم والبذاءة..الا ان اسلوبه ولغته وجمال الوصف في تجميع الصور غير المالوفة يشهد للكاتب بشاعرية الألفاظ وحسن الانتقاء وهو ما اغراني بالاستمتاع بالصور الفنية
((للناس ظلالٌ و عشبٌ وموانئ ، ونحنُ مرافئُنا مهجورةٌ . للناس بيوتٌ واغنياتُ حبّ وأنا وأنت خرابٌ وغيومُ صيفٍ ومسافات . وحيدانِ في هذا العالمِ ، في هذا الزمنِ الصعب ، ولا موانئ ، وحيدانِ كحبّتَيْ رملٍ على شاطئٍ مهجور ، في مدينة لَعَنها عرَّافٌ قديم من ألفي عام .أنا وأنت حواريانِ نبحثُ عن مسيحٍ لا يُصلَب ، عن أناجيل َ لا تهترئ وتزوّر . عن توراة لا يرفعُها السفاحون رايةَ غزوٍ ، عن قرآنٍ لم يمسسهُ انسان . كتابٌ جديدٌ لم تأكلْهُ أصابعُ الزمن . عن وطن لا يغتسِلُ أبناؤه بدمِ الأجداد))
((وبدا أسٓانا لعنة وقعت علينا منذ أعوام طويلة ، ربما لا يعُرف بدؤها . لست ادري كيف خطر لي ان العربي يستلقي في تابوت محكم الأقفال ، ومن داخله يحلم بالشمس والنساء ونفض الغبار وخيوط العنكبوت التي نسجت حوله . بعنف أتخيله يدق الجدران للطلوع من العتم . تدمى قبضته وهو يقرع لكن سمعه يظل موقراً بالقهر والصلوات والقوانين التي أستنت لزجره عن الحرام . القوانين التي وضعت من خارجه ..))
نوع من الكتابة التطهيرية يملك هذا الكاتب ، يمتزج الشعر بالنثر بموسيقى خاصة .. كتبت الرواية في عام 1973 واعتقد انها لازالت صالحة للقراءة في يومنا هذا .. أوليس تاريخنا العربي دائري تملأه الخيبات ؟ بعض الأحيان يحتاج المرء الى كتابة تقوم بجلد الذات .. وهذا ما يفعله حيدر حيدر في كتابه ( الزمن الموحش )
الزمن الموحش رواية صعبة و تتطلب الكثير من الصبر. لكنها ليست مملة، كانت تُتعبني أحيانا فأضعها جانبا وكأني أقول " أرهقتني، ابتعدي عني " لكني أشتاق لها بعد استراحة أحيانا تكون طويلة وأُتابع هذا السرد " الحيدري " الذي جمع فيه الكاتب أهم المواضيع في العالم العربي؛ -المرأة، وهي أيضا رمز الوطن. -الدين، العامل الأساسي في تكوين فكر أو شخصية العربي المسلم إضافة إلى قوانين الأرض وما يُورَّث من الأجداد سواء عن اقتناع أو فقط عن غباء و جهل. -التاريخ ؛ وهذا هو الأهم، لأنه يجب البحث عن الظرفية التاريخية التي كتب فيها الكاتب هذا العمل، و الأكيد أنه كان يتألم كثيرا ككل عربي وطني على حال العربي والأوطان المغتصبة أو التي في طور الاغتصاب. ( سوريا، العراق، فلسطين....) -الحرية؛ و هي رسالة الكاتب هنا تتمحور في تحرر العقل أولا من كل القيود و الأوهام الموروثة. -السياسة؛ وهي أداة تخويف الثوار وهي لعبة الصغار مِن الكبار لقمع الكبار من الصغار. عموما الرواية سوداوية وهي عن زمن الوحوش و الزمن الموحش، وتستحق القراة --- الزمن الموحش/ للأديب حيدر حيدر 368صفحة
. كتبت هذه الرواية على يد الكاتب السوري القدير حيدر حيدر في فترة ما بعد هزيمة 67 واعتبرت من افضل 100 رواية عربية في القرن العشرين في المرتبة السابعة. . استخدم الكاتب في الرواية تقنية تيار الوعي حيث تسرد الرواية على لسان شخصية (مجهولة الاسم في الرواية) بشكل لا يآخذ بعين الاعتبار الزمان والمكان، هي عبارة عن سيل من الذكريات والبوح الداخلي في اوقات متفرقة ومبعثرة تبين لنا الحالة النفسية الصعبة التي عاشها هذا الجيل من خيبة امل الهزيمة. . تصور الرواية على لسان الراوي ايضا ازمة المثقف العربي وخيبته وخصوصا التيارات اليسارية وتحولت ساحاته من النضال والثورة في الساحة الى حوارات وتنظيرات عن الثورة والعمال في الخمارات وبين النساء. . اظن ان الكاتب استطاع بهذه التقنية رسم شخصيات مبعثرة محطمة دون ام يخبرك، ترى تصرفاتهم فتشعر بالشفقة عليهم، لكن اظن انها اطول مما تستحق. . #كتاب_أنصح_بقراءته#كتاب_أعجبني #كتاب_من_مكتبتي #كتاب #مطالعة#خير_جليس #الزمن_الموحش #دار_ورد #حيدر_حيدر
كاتب رائع كعادته ، كلمات شعرية متسلسلة في اناقة ممسكا بمفاتيح اللغة يطوف بك ويتحرك خلال دنيا ضبابية كما يعيشها هو وكما نعيشها جميعا ، في دنيا لا ايمان فيها ولا شيء مؤكد.. النهايات غير جيدة كعادته ايضا ..
حسنا....نحن هنا مع عمل فذ......عمل جسد فيه الفنان بلادنا كغابة و مأساة مكتملة الأركان...لا يملك العربي إزاءها إلا أن ينقرض.......أعتقد هذه هي بلادنا و ثقافتنا بعدما تكشفت....بلا زينة و لا محسنات!!!
كاتب يبسط بالكلمات أعمق واغرب وابشع ما يمكن ان ينتاب الإنسان ’ هناك عميقاً في المنطقة السوداء التي لا يجرء أحد على الاقتراب منها .. ولذا أمتعتني الرواية يقدر ما أثارت تقززي .
ونخسر. يربح الزمن ونخسر. تظل الدروب كما كانت، ويتيه ذلك الذي من فرط ما حُرم، يستمر باحثًا عن النجاة واليقين مفتشًا عبر جميع المنعطفات عن نفسه التي عطبها التاريخ والوراثة والتأمل المثالي الأخرق..
( ) فلسطين، أو منى، عشاقها زورا كثر، يضاجعها الكل ويدعي وصلا بها، لكن خذلوها، وَ استسلمت هي لقدرها، فحواريوها، زناة سكارى، ثرثارون، مثقفوو المقاهي والسفسطة، ثوريون من قش تعبث بهم رياح الأهواء، وَ الآماني المخذولة، يمنيهم الانتظار، يرجون أن يولد الطائر العربي من رماده، لكن الريح نسفت الرماد، وتجعل النبوءة الاشتراكية محض خرافة، ينتحبون في الأشعار، وَ يطفئون يأسهم في خمارة ليلية، ووطء جسد أنثى، الهزيمة في دمهم، الصعلكة وَ التفذلك وَ التحذلق مهنة الفاشلين.
الكاتب نفسه يعبُّ من نفس النبع، يجسد الهزيمة في تعبها وَ يأسها، لم يستطع إن يغادر خريطة الجنس، مغلغل مع وثن لاوعيه، لهذا فقد الصلة بالشعور، بالواقع الذي تُغتصبُ فيه منى دون أن يحرك ساكنا، لا يملك سوى حرق قصائد جديدة وزفرات محروقة متشائمة، خمارة، وكأس، وأنثى وغيبوبة...وَ في خارج لاوعي الثوري الورقي يصول عجلُ إسرائيل، له خوار وبريق وقوة...تقرأ لهذا الرجل فتشفق على هذه الروح الضالة، تتمرد على المطلق، وَ هي لا تعبد إلا نفسها، أنانيتها، شبقها، وَ ايديولوجيتها، وَ لا تغار على وطن، وَ لا عرض وَ لا قضية ، تنويري حداثي نهضوي كالقط يحكي انتفاخة صولة الأسد.
الجنس ليس مقززا فعن طريقه جئنا لهذا العالم، مثل الطعام وَ الشراب هو ضرووي لبقائنا، الذي يجعله مقززا هو شبقية كاتب، انطفأت كل ملكاته الروحية والفكرية سوى نزواته، فلا يخلي الجنس من شعر وَ لا قصة وَ لا تحليل، وَ لا رؤية، كأن قدر الإنسان إن يصلب على قضيب ذكري، فلا يراوح تفكيره وَ عذابه تحت السرة.
الكتاب السورياليون العرب ، لذتهم طفولية، الحديث عن المغامرات الجنسية بنظرهم هي الجزر غير المكتشفة للعرب، فيتوغلون فيها بشبق مفرط، هي براءة اختراعهم زعموا: (خرق القواعد) ، لكن تشفق على حدبهم هذا مثل أطفال في طور استكشاف مواقع اللذة في الجسد ، يرقصون من أثر الخدر وَ الانتعاش من هذا الإحساس البدائي الأول، وصاحب (الزمن الموحش) موحش العواطف، يتغذى من لغة سيئة الأدب مع المقدس، يعي من قرارة نفسه إنه بدون تضمين حكيه بايحاء جنسي لن يجذب القارئ المحروم لمداره، لذلك فهو تاجر يبيع لذة وَ ليس إنسانا يخاطب المطلق في الإنسان.
بقلم : عبد الرحيم أيت الحسين بتاريخ : ( 2021/3/5)
This entire review has been hidden because of spoilers.
I genuinely disliked this novel, and I’m not even sorry. It’s not my cup of tea AT ALL!
So it is ranked 7th on Arab Writers Union “100 best Arabic novels” List, so what?! In my opinion, a very humble yet passionate reader, I don’t consider this particular novel to be an enjoyable and enriching read, rather an exercise in discipline and patience !
Despite the poetic writing, the sophisticated and very complicated –difficult at times- language, it’s MEDIOCRE at best. I don’t think it’s neither cohesive nor well structured; the flow is very random and chaotic. You just drown in this torrent of memories, recollections, characters, storylines and timelines. Honesty, it feels like a diary drenched in literature and poetry, where the writer shows off and challenges his expressive capacity in the Arabic language, with no other ulterior literary motive beyond. I say all that, with all due respect to the novelist and his mastery in the language and the craft!
أشفق على الكاتب الذي جلس ليكتب مثل هذا العمل . وأشفق على من ساقته الظروف مثلي ليحاول قراءته . أما تصنيف هذا العمل كواحد من أفضل روايات عربية فهي لكلمة رواية وإهانة لكلمة عربية وإهانة كذلك لكلمة أفضل . استطاعت هذه الرواية في أول 100 صفحة منها أن تجعلني أكره كل ما فيها . دائما كنت أظن القراءة فعلا مفيدا مهما كانت قيمة الكتاب الذي تقرأه ولكنيي بعد أن قرأت هذا الغثاء (( القومي)) بدأت أشك في الأمر .
ما أدري كيف هذا الهراء والسفل يُحتفظ به على رفوف المكتبات على أنه أدب. النجمة لأجل الملحق الثاني وشخصية منى .. أظن وحشة الزمن الموحش هي وحشة أمثال منى .. ظلام الروح فيما لا يشبهها وجراحها .. أما صورة البقية في هذا الهراء .. تحسهم أصل الوحشة وسببها وسر الضياع ولو تذرّعوا بالمرحلة التي كانوا فيها .. هم سبب النكسة .. هم النكسة.
عن مدينة دمشق وعشقها حيث يعتبرها بطل الرواية أجمل وأكمل مدن العالم يتنغم برحابها ويتغنى بأروقتها وينتقل بين دروبها هائما بها حبا وعشقا. عن الهزائم العربية المتتالية أمام الكيان الصهيوني المحتل عن الغربة والتشرد واللجوء والسياحة في دول العالم المختلفة بعد خروج أعداد ضخمة من الشعب الفلسطيني من فلسطين وعن حق العودة لكل لاجئ فلسطيني إلى موطنه الطبيعي.
لم أستطع إكماله، وقفت في المنتصف، المرأة بالية هنا، مباحة من الجميع و تعامل بعُهرٍ ، الجِنس و الخَمرة هما الطاغيين، هناك بعض الكلمات بعض الافكار لكنها ذابت في الفضاء العام، هناك ألم و سؤم المثقفين في هذه البلادة لكن هناك المجون العام الذي جعل الكلمة وضيعة.
لا تقل روعة عن وليمة لأعشاب البحر، رواية عن الحب و الثورة و الثقافة و شوارع دمشق و سمائها الليلة، عن المرأة التي اعتبرها الكاتب كونا.. يبدو أنني أحسنت اختيار روايتي الأولى لهذه السنة.
This entire review has been hidden because of spoilers.