"إذا كان لي أن أصف روتيني اليومي فسيكون على النحو التالي تقريبًا: أستيقظُ عادة في السادسة على صوت رنين منبه الهاتف الموضوع بجوار رأسي، أسحب نفسي من السرير بينما لا أزال أشعر بالنعاس، ثم أتوجه إلى المطبخ لأتناول أول أكوابي من النسكافيه بالحليب منزوع الدسم... أدرك كيف أن الأشياء التي كانت تجعلني أبكي، أصبحت أضحك منها، وكيف ما كنت أخجل منه يومًا أصبحت صريحة بشأنه الآن، أدركت أن رحلة اكتشاف ذاتي جميلة، على الرغم من أنها مليئة بالدموع والضحك، إنني أعني هذا بالفعل عندما أقول إن الأمر يتطلب منا مزيدًا من الشجاعة لمواجهة مشاكلنا، بدلًا من الاختباء منها". تسرد الأخصائية النفسية "جورجيت سافيدس"، عبر 6 أجزاء قسمت الكتاب إليها، حكايات ترويها على لسانها وعلى لسان من لجئوا إليها من أجل المساعدة، تعطي فيها القارئ خلاصة تجاربها: أن حب الذات لا يعني أن تكون أنانيًّا، أن العلاقات المنتهية ليست فشلًا، أن التنشئة المشوشة بسبب عدم تحقق أفضل مناخ أسري ليست عارًا، وأن الاعتداء الجنسي ليس "تابو". بالإضافة إلى الانتقال في السرد بين المراحل العمرية المختلفة، تنقل "سافيدس" القارئ بين مصر واليونان ولندن، وبين علاقات مختلفة، بعضها مسيء وأغلبها عابر ونادرها صحي.
هذا كتاب جميل حقًا، رغم أشياء به قلّلت قليلاً من الاستمتاع به، بداية من العنوان، فالعنوان خادع قليلاً وجعلني أظن أنها سيرة ذاتية، وهذا هو التصنيف التي قامت الدار بنشر هذا الكتاب أسفله، وهي سيرة حقًا كذلك إذا قلت لنفسي أنها عرضت لحياتها من طفولتها في مصر، وتحدثت عن عائلتها، وعن دراستها للماجستير والدكتوراه في لندن، وافتتاحها مركز الصحة النفسية في مصر وممارسة تلك المهنة الأخيرة لربع قرن، ومن ثَمَّ حديث زواجها وتربية أولادها من الزوج، فهذه تُعدّ سيرة ذاتية صحيح؟
نعم، ولكن!
ولكني لم أشعر قط أن هذا الكتاب مرّ بي كسيرة ذاتية، فمن ناحية التفاصيل فهناك تفاصيل كثيرة جدًا من هذه السيرة جرى إسقاطها ببساطة، وكنت أتفاجأ بمعرفة القليل جدًا عنها في سطر يظهر هنا أو هناك، قد يقال إن صاحبة السيرة لم تكن ترغب في الاستطراد في ذكر هذا الجانب أو ذاك من حياتها، وهذا صحيح، غير أن ترتيب هذا الكتاب يظهر أنه لم يكن يقصد به كذلك أن يكون كتاب سيرة ذاتية، فالمؤلفة إخصائية نفسية مخضرمة، وقد قسّمت كتابها إلى ستّ أقسام، وكل قسم ينقسم بدوره إلى عدد من الفصول تسرد موقفًا من حياتها عبره، ويحمل كل فصل عنوانًا يلخص الحكمة المعطاة من ذكر هذا الموقف، ومن هذه العناوين المكتوبة للفصول: "عندما يقصف البرق قف ثابتًا على أرضك"، و" الحياة في خوف هي نصف الحياة لأنك لم تخاطر مطلقًا"، و"العلاقة العاطفية كالنبات لا بد من أن تسقيها يوميًا لتعيش"، وهي غالبًا بعد سرد موقفها من الحياة فيما يتعلّق بهذه الحكمة، تذكر معها حالة مريض ممن مرّ عليها من مرضاها، ينعكس فيها نفس الموقف التي كانت قد خاضته من قبل في الحياة، وعن طريق تجربتها الحياتية الخاصة استطاعت مساعدته في العلاج. ثم في نهاية الكتاب تصل بنا ومعنا إلى مرحلة تقبّل النفس وحب الذات والتحرّر من عُقَد الحياة، مثلما ساعدت مرضاها للوصول إلى هذه النتيجة الختامية.
هذا جميل، أليس كذلك؟
بلى! ولكن هذه الغاية والتقسيم والحِكَم ونصائح الحياة جارت كثيرًا على معنى "السيرة الذاتية"، ومن هنا كان إحساسي الذي لم يغادرني طوال قراءة هذه الكتاب من أن السيرة الذاتية هنا خفيفة الدسم بشكل ملحوظ للغاية، وكأنها جاءت على هامش الحديث عن "العلاج النفسي"، وكان الحديث عن بعض مواقف حياتها من أجل فقط خلق جوّ من الألفة بينها وبين القارئ، ولتوصل عن طريقه نصائحها في التعامل مع الحياة – والفصل الأخير دلالة كافية على هذا الغرض، فقد أوجزت فيه وأجملت نصائحها التي كانت تذكرها على مدار الكتاب.
ولكن هذا الكلام لا يعني شيئًا حقًا، فالكتاب جميل، واستمتعت بقراءته، وكان عتبي الثابت الوحيد عليه هو طريقة ترجمته، فالترجمة جاءت حرفية في كثير من الفقرات، وبشكل لا يُخفى، وكأنها كانت تذكّرني بين كل لحظة والثانية، وبإصرار، أنني أقرأ كتابًا في غير لغته الأصلية! وكفى بهذا سوءًا!
Helps you to understand the psyche and what really happen inside of us along with a courageous personal biography which I could relate places and events. May be 5 in my next reread