What do you think?
Rate this book


152 pages, Mass Market Paperback
Published January 1, 2016
بصوتٍ يمتزج فيه الشوق للوطن والحزن على الجراح، يعود محمود درويش في وداعًا أيتها الحرب، وداعًا أيها السلام إلى تراب الأرض التي تألمت بسببه وسببت له الغربة، يروي درويش في هذا الكتاب معاناته الشخصية والجماعية، معاناته كشاعر لا يملك إلا الكلمات ليبني منها ملاذًا يضم أحلامه وسلامًا مؤجلاً لشعبه. صدر الكتاب عام 1974، وسط نزاعات عارمة وأحداث قلبت مسارات الحياة. من بين هذا الصخب والدمار، ينثر درويش تأملات أشبه بصلاة للإنسانية، تجمع بين وجوه الفقد وآمال الخلاص، مستلهمًا من تجربته الموجعة صوتًا لمستقبل لا يملّ من الحلم.
درويش هنا ليس شاعرًا فقط، بل شاهد على تاريخ من الألم والصمود، يحاول أن يمسك بخيوط السلام في عالمٍ هش، حيث يرى في الكتاب أن الحروب تلتهم أرواح البشر بلا هوادة، بينما يظل السلام فكرة مثالية لكنها ضرورية كأملٍ لا يفارق قلب المحارب أو الغريب عن وطنه. من خلال أسلوبه الشعري البليغ، يمزج درويش بين اللغة المرهفة والحكمة العميقة، كأن كل جملة تحمل في طياتها آماله المترسخة في أن يأتي يومٌ يسود فيه السلام ولو للحظات قصيرة في عالمٍ عانى طويلًا من انكسارات لا نهاية لها.
تأتي نثرية درويش أشبه بلوحةٍ، تتشكل فيها الكلمات وكأنها ألوان متداخلة، تجسد رحلة إلى داخل النفس وإلى ذاكرة العالم في ذات الوقت. استلهم من الحرب الأهلية اللبنانية والفلسطينية، ليرسم لنا معالم مدينة منهارة، وأرواح تهيم بين أروقة الخراب، تجسد أحلام السلام رغم حدة الدمار. في وصفه للحرب، يُظهر لنا عمقها وجفافها، كحالة من العدم تلتهم كل ما هو جميل. لكنه في الوقت ذاته، يعكس لنا براعة الأمل في قلب الإنسان، رغم أن السلام يبدو مستحيلًا، يظل الطموح له كنداء حزين ومستميت.
وداعًا أيتها الحرب، وداعًا أيها السلام ليس مجرد كتاب يُقرأ، بل هو تجربة إنسانية تكسر الحواجز وتكشف عن الجرح الذي نحمله جميعًا كبشر، الجرح الذي يشترك فيه كل من عايش الصراع، سواء من قريب أو من بعيد.