يتناول جلال أمين في هذا الكتاب طبيعة العلاقة بين الدين والدنيا، وما يجب أن يكون عليه "الحجم الطبيعي" للدين في الحياة، ومدى أثر هذه العلاقة على المجتمع المصري والثورة المصرية، وكيف يمكن للاضطراب والخلل في هذه العلاقة أن يحول الدين من قوة دافعة للنهوض والتقدم، إلى عقبة تحول بين المجتمع وآماله في الرقي والازدهار، أو محنة تكبل الجماهير وتصادر تطلعها لمستقبل أفضل.
ويرصد المؤلف الجذور التاريخية لمحنة الدنيا والدين في المجتمع المصري، ويحلل علاقة الدين بكل من الديمقراطية، ومبدأ الأغلبية والأقلية، ومفهوم التحديث، ومدى إمكانية إقامة نهضة حقيقية في مصر في ظل العلاقة الملتبسة بين الدين والسياسة، وأثر "الفكر الاستهلاكي" على الدين، ثم أثر كل ذلك بالتطور الكبير الذي طرأ على نظرة المصريين للعلاقة بين الدين والدنيا.
Galal Ahmad Amin is an Egyptian economist and commentator. He has criticized the economic and cultural dependency of Egypt upon the West .
He is the son of judge and academic Ahmad Amin. He studied at Cairo University, graduating LL.B. in 1955 before studying for diplomas in economics and public law. Receiving a government grant to study in Britain, Amin gained a M.S. (1961) and Ph.D. (1964) in economics from London School of Economics. From 1964 to 1974 he taught economics at Ain Shams University, also working as economic advisor for the Kuwait Fund for Economic Development from 1969 to 1974. After a year's teaching at UCLA in 1978–1979. now he is professor of economics at the American University in Cairo.
نقاط سريعة علي الكتاب: 1-في فترة ما بعد إسقاط محمد مرسي تحاشيت القراءة للدكتور جلال أمين فيما يتعلق بالشأن السياسي المصري الحالي، خصوصًا بعد تبريره في مقال باسم "من الذى يقتل المصريين؟"نُشر بعد فض إعتصام رابعة العدوية، فيه برر الكاتب الفض وإن كان بالقوة مدعيًا أن هذا هو السبيل الوحيد. وعندما إشتريت الكتاب لم أكن أعلم أنه يتحدث عن فترة حكم الإخوان المسلمين، بل ظننته يحاول تأصيل الصراع بين الدين والدنيا لدى كثير من المصريين، والذي تتولد عنه مسوخًا تحاول إرضاء الدين ونيل الدنيا. ولكن يتضح أن الكاتب في عرضه لتلك الفترة هي بمثابة كتابات معارضة لحكم الإخوان، لكنها كما ظهر بالقراءة كتابات غير موضوعية ومتصيدة للأخطاء بشكل كبير، فهو لا يسعى لتقويم الحاكم وإنما لإسقاطه، وهو ما ظهر في الكتاب بوضوح.
2-التعميم: يقول الكاتب في غير موضع أن الشعب المصري شعب متدين ووسطي، تجد هذا الإدعاء في كل أنحاء الكتاب، في الوقت الذي لا يستند فيه على أي بحث أو دليل علي هذا. وفي فصل (تطرف.. أم شيء آخر؟) يحاول بشكل ما محاولة تعميم بعض النماذج الفاشلة المحسوبة على الإسلاميين بأن الإسلاميين جميعًا كذلك. ولعلنا نجد في النقطة التالية مبرر لذلك.
3-جرت العادة أن بعض من الإسلاميين في فترة تولي الأخوان الحكم لا يقومون بنقد إسلاميي السلطة علي الملأ في وسائل الإعلام لأن هذا يمثل هدم للمشروع علي حد زعم أهل السلطة، مما يبرر صمت إسلاميي السلطة في المقابل على تجاوزات الإسلاميين الآخرين المناصرين لهم، حتى ولو وصلت هذه التجاوزات حد التطرف. فالبعض من الإسلاميين يتعاملون مع الإسلاميين أبناء مشروعهم على أنهم أخوة لهم، وما دون ذلك فهم أعداء لهم مفسدين في الأرض. ولعل هذا ما دفع الكاتب لأن يعمم هذه النماذج المتجاوزة على جميع التيار. وعلى الجانب الآخر كان إسلاميو السلطة يستهجنون أي نقد يأتيهم ممن هم محسوبون علي تيارهم عن طريق الإعلام حتى وإن كان الناقد على صواب.
4-تكهين الدين: يلاحظ أن الكاتب في إستناداته إلى الدين لا تنم عن بحث عميق للدين ونصوصه، وإنما يستقيه مما وصفهم بعلماء الدين "المعتدلين" أو "الوسطيين" دون أن يذكر أسمائهم إلا فيما ندر. كأنما هم كهّان ينطقون بإسم الله وبصحيح الدين، فما بدى واضحًا أنه يحاول المقارنة بين أفهام مختلفة للدين، بين من يرتضيهم ممثلين عن الدين ومن يرى فيهم مثالاً للتطرف والمغالاة في الدين. في حين أنه لا يكلف نفسه عناء البحث. ومثال على ذلك أن أعلن الكاتب أن الربا ليس هو أن تتقاضى فائدة علي القرض في المطلق وإنما لابد أن تكون الفائدة كبيرة، أما إن كانت فائدة صغيرة فلا بأس وهي ليست من الربا، مستندًا في زعمه هذا إلى من أسماهم "فقهاء يتمتعون بإحترام وتقديركاملين في مصر وخارجها" وذلك تعميمًا دون ذكر أسماء ولا نصوص للفتاوى. أنا لا أدعي زيف كلامه ولكني لا أستسيغ أدلته. وأثناء البحث في مسألة الربا وجدت هذا الحديث. عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه وأرضاه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، والتمر بالتمر، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد). وفي رواية أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (فمن زاد أو استزاد فقد أربى).
5-إزدواجية: في فصل "هل هذه أمة على أبواب نهضة؟" أعلن الكاتب بوضوح رفضه لرغبة بعض الضباط في إطلاق اللحية، وهو الذي يتباهى في كتاباته بكونه من المؤمنين بالحرية الفردية وحرية الفكر والتعبير، معللاً في ذلك أن هذا قد يوحي بشبهة تحيز هؤلاء الضباط لصالح فصيل معين من المجتمع! هكذا سمح الكاتب لنفسه بإتهام هؤلاء الضباط في ذممهم بالتحيز ولم يعتبر أن هذا الموضوع يندرج ببساطة تحت الحرية الشخصية، والتي لا تعيقهم عن أعمالهم، ونرى أمثلة كثيرة لضباط ملتحين في بريطانيا وغيرها ولم نرى هذا الهجوم عليهم. وفي فصل آخر يتساءل الكاتب مستغربًا كون بعض كبار جماعة الإخوان من الأثرياء أصحاب الأعمال والأموال، ومع ذلك هؤلاء لم يعرف عنهم المشاركة في أعمال خيرية معلنة. هنا كرس الكاتب السؤال الإستنكاري على الثري الإخواني دون غيره، ولم يتساءل مثلاً عن رجل أعمال آخر. وكأنه سلم يقينًا بأن جميع رجال الأعمال الأثرياء يقومون ببذل أموالهم في المشروعات الخيرية. كلهم بلا إستثناء واحد!
6-نسبية المفاهيم: يذكر الكاتب كثيرًا مفاهيم مثل "التفسير االقويم للدين" و الوسطية والإعتدال" و"التطرف"، دون أن يشير إلى حدود هذا الإعتدال الذي يقصده، ودون أن يحدثنا عن ماهية هذا التفسير القويم للدين وأبعاده، كذلك في حديثه عن التطرف فلا تعريف واضح لهذه المفاهيم عنده، وإنما كل ما لا يراه مناسبًا له فهو متطرف.
ختامًا لا أريد من هذا التعليق علي الكتاب أن تظهر فترة حكم الإخوان بأنها الفردوس الأرضي، بل هي من أسوأ أيام الثورة يوم حكم الأخوان، وربما سيأتي الإسلاميون في المستقبل بتأييد ذلك الرأي، ولكني أردت أن أعلق على بعض الأشياء التي لا تأتي كما ذكرت من معارض ينصح السلطة وإنما من معارض يرى قتلهم بفض الإعتصام بالقوة شيئًا مبررًا. الكتاب صادم وسقطة لدكتور جلال أمين وإن إحتوي علي بعض الحقائق وفاض بموسوعيته.
"لماذا يجد الكثيرون من المتدينين من المقبول أن يتصرفوا و كأن كلا منهم حاكم بأمر الله ؟"
"لماذا تتخذ الفضيلة هذه الدرجة من القسوة, و تتشح بهذه الدرجة من السواد؟"
يا الله يا دكتور جلال .. ما أمتع ما كتبت .. و ما أصدق ما كتبت .. و ما أجرأ ما كتبت بأسلوبه الجميل الرائع السلس و المتدفق .. ينهمر الدكتور جلال بأفكاره الخلابة في كتاب من أجمل ما يكون يكتب و يشرح و يبسط الأمور و يتكلم كما لو أنه لا يلمس موضوعا صعبا جدا و حساسا جدا .. يكتب و هو يعلم أن الكثيرين سيكرهون الكتاب فقط من عنوانه .. و لكنه كتب و كتب كتابا خلابا .. حتى في مقدمته
يبدأ الدكتور جلال بحديثه عن الدين و الدور الحقيقي الذي يجب أن يكون عليه الدين حتى يكون له دورا فعالا فهو يقول : "عندما أقول إن الدين جزء من الحياة و ليس الحياة كلها, فإني بالطبع لا أنكر أن الإسلام دين و دنيا, و لا أرفض اتخاذ الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع .. إلخ, و إنما أقدم معنى معينا لكلا الدعوتين. و أرفض معان أخرى لهما. الإسلام دين و دنيا, نعم, لأنه نظم علاقة المرء بربه و علاقاته الإجتماعية أيضا(أو جزءا كبيرا منها) و لكن هذا شيء و القول بأن الدنيا كلها دين شيئ آخر, فلتكن الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع, و أهلا بها و سهلا, و لكن هذا لا يعني بالمرة أن تتحول حياتنا كلها إلى عبادة, أو أن يتوقف كل أنواع النشاط الإنساني لنتفرغ للصلاة و الصيام, و أن تتحول الكتب المدرسية إلى كتب في شرح الفرائض و العبادات, و أن تتحول برامجنا التلفزيونية و الإذاعية كلها إلى برامج دينية. إني أزعم أن هذا المسلك هو مجرد تفسير واحد معين للدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية, و تفسير واحد معين للقول بأن الإسلام دين و دنيا, و هو تفسير سقيم و مرفوض"
و يرى أن هذا المناخ المتعصب لا بد و أن يؤدي إلى الفتنة الطائفية "ففي مناخ يعطي الدين أكثر من حجمه الطبيعي, المباح فيه هو فقط ما اتصل بالدين بصلة, و تتحول المدارس فيه و وسائل الإعلام و الثقافة إلى وسائل لا لنشر قيم الدين بل "للدعاية الدينية" الأشبه بوسائل ترويج السلع, و يتحول فيه نشاط النقابات إلى نشاط ديني .. إلخ, في مناخ كهذا يصبح القبطي محلا للإجحاف و الظلم في كل لحظة, فحياته تسلب منه جزءا فجزءا, تنزع ملكيتها و تتحول إلى ملكية شائعة لأصحاب دين الأغلبية, فكتب المطالعة و التاريخ ليست له, و الإذاعة و التليفزيون و الصحف ليست له, و النقابات ليست له, بل كلها لأصحاب دين الأغلبية, و تسمية الأقلية في هذه الحالة بالمواطنين نكتة فاسدة الذوق. و لكن الأمر فضلا عن ذلك ينطوي على خطر آخر. و هو أن الحياة عندما تصبح كلها دينا لا يبقى معها مجال للتسامح الديني, فالإلحاح المستمر, في كل مجالات الحياة, على وصف الشخص أو الشيء و تحديد هويته بأنه ينتسب أو لا ينتسب إلى الإسلام, سرعان ما يولد كراهية أو نفورا من الشخص أو الشيء الآخر الذي لا ينتسب للإسلام, و من ثم يصبح قبول الآخرين و التسامح معهم من قبيل المستحيل, حتى و لو كان الكلام في الدين يتضمن دعوة شكلية إلى التسامح مع الآخرين "
كما أنه و بعبارات بليغة جدا يوضح كيف يكون هذا الفهم القاصر للدين معوقا للنهضة الحقيقية "إن تحويل الحياة كلها إلى دين, على النحو الذي وصفته’ يفسد علينا أيضا قضية النهضة بأكملها. فالدين لكي يكون طريقا مؤديا للنهضة يجب ألا يتجاوز حجمه الطبيعي, إذ أنه يتحول, إذا تجاوز هذا, ليس إلى قوة اجتماعية دافعة للتقدم’ بل للدروشة و الانهيار النفسي. و بدلا من أن يتحول الدين إلى قوة اجتماعية, يتحول في أحسن الفروض إلى وسيلة للخلاص الروحي للفرد, كل شخص يحاول أن ينجو بنفسه منفردا من النار, لا أن يضم جهده إلى جهود الآخرين لإعادة بناء الأمة"
و عن التغيير الحادث في فهم الدين في هذا العصر يكتب قائلا "إن لدي أسبابا تجعلني أعتقد أن إلقاء التفسيرات الساذجة للدين على أنصاف و أشباه المتعلمين في ظروف اقتصادية و اجتماعية كالتي نعيشهاالآن, هو أشد خطرا من إلقائها على الجاهل و الأمي أمية كاملة في مجتمع أكثر استقرارا و ثباتا كالمجتمع المصري في القرن الماضي"
ثم عقد الدكتور جلال مقارنة مذهلة بين أجيال ثلاثة لزعماء مصر توضح الفارق الرهيب بين الأجيال الثلاثة و تعكس التدهور الحادث للثقافة المصرية , الجيل الأول هو جيل النحاس و سعد زغلول و الجيل الثاني هو جيل زعامة عبد الناصر و السادات و الجيل الثالث هو جيل زعامة مبارك و مرسي , و كيف تدهور أسلوب الخطابة و كيف انحدرت الثقافة من كل جيل إلى الذي يليه و كيف تم ترييف المدينة و تم التحول من القضية الوطنية إلى القضية الدينية
ينتقل بعد ذلك للحديث عن مشكلة ازدواجية الطبقة الواحدة التي حدثت للطبقة المتوسطة في مصر و كيف أثرت في تطور المجتمع المصري "مثل هذا التطور الذي حدث في المجتمع المصري لا تحدثه ثورة, فهو نتيجة تطورات استمرت عدة عقود, و لكن يمكن أن تكشف عنه ثورة. و ثورة 25 يناير في مصر قامت بهذا الدور في كشف الغطاء عما حدث خلال العقود الخمسة أو الستة السابقة. و أنا أميل إلى تقسير الكثير من متاعبنا خلال العامين الماضيين, منذ قيام ثورة يناير, بانكشاف الغطاء عن هذه الازدواجية التي نمت و ترعرعت داخل الطبقة الوسطى المصرية, بما في ذلك تلك الازدواجية الخطيرة بين أنصار التيار الديني و أنصار التيار المدني أو العلماني "
ثم يتجدث عن التطرف الديني و يجادل أنه هوس و ليس تطرفا , ففي رأيه أن التطرف موقف فردي أما الهوس فموقف جماعي "إني أميل إلى الاعتقاد بأن التدين مهما بلغ تطرفه,يظل في الأساس موقفا فرديا, يتعلق بعلاقة خاصة بين المتدين و ربه, أما الهوس, سواء كان في التدين أو غيره, فينطوي في معظم الأحوال على رغبة في نوع من التواصل بين المرء و الناس من حوله, و لكنه تواصل من نوع غريب. إنه نوع من "المظاهرة", أو "الصياح", يعكس رغبة في إثبات التفرد و التميز عن الآخرين, أو في التوحد مع مجموعة مماثلة من الناس يريدون أيضا إثبات تميزهم, أو يمد الواحد منهم بثقة أكبر في النفس, أو بالشجاعة غلى القيام بعمل لا يستطيع القيام به بمفرده"
ثم تحدث عن أثر الإعلام . و أشباه الأخبار , و الديمقراطية الزائفة الموجهة , و هذه العوامل ساعدت على نشأة جيل مشوش مشوه "إنه "جيل مجهول", إنه جيل يعاني من ذكريات الهزيمة و الغلاء و المستقبل المسدود"
ثم تكلم عن فكرة "الكلام الجائز سياسيا" و كيف أنه ليس دائما الصواب أو الحقيقة , و لكن ما يتماشى مع الفكر المسيطر على الأغلبية, و ما يحدد هذا الفكر العام هو غالبا ما يتماشى مع عاطفتهم"لا بد من الأعتراف أيضا بأن الأغلبية(شأنها شأن الأقلية) يمكن أن تترك لعواطفها العنان لدرجة تجعلها تحيد عن الصواب, سواء كان هذا الصواب هو ما تؤدي إليه قواعد المنطق البحت, أو العلم الثابت, أو حقوق الإنسان الطبيعية. بل إن احتمال هذا الانحراف عن الصواب أكبر في حالة الأغلبية منه في حالة الأقلية, لأن الأعداد الغفيرة من الناس يشجع بعضها بعضا, و من ثم فهي أقرب للوقوع تحت طغيان العاطفة من الأعداد الأقل" و هذه الأغلبية تمارس الظلم و الطغيان للأسف
ثم تحدث عن أغلبية اللحى و عن اختصار الفضيلة و عن إرهاب المصطلحات بنفس الأسلوب الرائع المميز "يتكرر الوقوع في خطأ اختصار الفضيلة في عمل مادي يراه الجميع, سواء اقترن أو لم يقترن بوازع حقيقي أو دافع نبيل"
"ما هو المعنى الحقيقي للفضيلة؟ أن تكون نظيف القلب و الذهن, أم تبدو أمام الناس و كأنك نظيف القلب و الذهن؟ حتى و لو لم تكن كذلك في الحقيقة؟"
"الناس كثيرا ما يخفون مصالحهم و مواقفهم الأخلاقية و دوافعهم النفسية. قد يتظاهر الجميع بشيء و هم يضمرون عكسه, و قد يتفقون في الظاهر ة هم مختلفون اختلافا شديدا في الحقيقة. و لهذا يجب ألا ننخدع بما يقال, و ألا نكتفي بالشعارات التي ترفع, بل لا بد من الغوص لاكتشاف النية الحقيقية, و ترجمة الشعارات إلى إجراءات محددة"
"يبدو أن هذا "الإرهاب بالمصطلحات" يكثر للأسف في أثناء الثورات الكبيرة. فما أكثر ما استخدمت تعبيرات و مصطلحات جميلة لارهاب الناس و التنكيل بهم أثناء الثورة الفرنسية, عندما استخدمت شعارات "الحرية و الإخاء و المساواة" هذا الاستخدام, فراح ضحيته بعض من أنبل الناس خلقا, و كذلك أثناء الثورة الروسية, عندما استخدمت لإرهاب الناس شعارات الاشتراكية و العدالة الاجتماعية, و راح أيضا ضحية ذلك بعض من أنبل الناس. و هانحن نرتكب نفس الخطأ, في استخدام عبارات مثل "تطبيق شرع الله" و "النهي عن المنكر", ليس في إشاعة الرحمة و العدل, بل في التنكيل بالخصوم"
و لا ينسى أن يتحدث عن أثر تحجر العقول و عدم الاجتهاد من ضرر , بل إنه حتى يصل للقول "إن الامتناع عن الاجتهاد لا بد أن يؤدي ليس فقط إلى الركود الحضاري, بل و أيضا إلى النفاق و التزييف في الأخلاق"
عن معضلة التراث و التحديث , و عن الدولة الرخوة و ازدراء الدين و الفن و الوطن , و عن الوثنية الحديثة في تقديس الأشخاص و عبادة الأفكار, و عن الحيرة بين الدنيا و الدين, فوسط كل هذا التحجر في العقول و القلوب, يحتار الناس بين هموم دينهم و أفكار التدين الصوري "هذه الحيرة الشديدة بين الدين و الدنيا لم تكن شائعة في مصر مثل شيوعها الآن. إذ إن الدين ظل مدة طويلة في مصر يفسر تفسيرا يسمح بقسط وافر من التمتع بالحياة, و من ناحية أخرى لم تصل الدعوة إلى التمتع بالحياة الدنيا قط في مصر, إلى ما وصلت إليه الآن من شطط و إلحاح"
"هل يعد الإنسان متحضرا بمقدار نجاحه في التخلص من رغباته و شهواته, أم بمقدار قدرته على السيطرة عليها؟ هل التحدي الذي تنطوي عليه مسيرة التحضر, و كذلك التحدي الذي تنطوي عليه الرسالات السماوية, يتمثل في شحذ قدرة الإنسان على السيطرة على نفسه, أم في قدرته على التخلص من أي مظهر من مظاهر الحياة, أي في قدرته على الانتحار أو الانسحاب من الوجود؟"
في وسط كلامه الجميل و تنظيره المنقطع النظير , كتب الدكتور جلال فصل "أربع قصص قصيرة و مقطوعة شعرية" كفصل من أجمل و أمتع ما يكون , كثف فيه أفكاره التي شرحها بمنتهى الجمال و الوضوح
في الفصل الخامس عن الدين و المجتمع الاستهلاكي كتب الدكتور جلال كلاما جميلا .. و آخر أراه غير مبرر عندما اتهم الجماعات الإسلامية بكثير من الاتهامات التي تخص التنمية في مصر, متجاهلا الدور الذي لعبه عصر مبارك في هذا الشأن . بالنسبة للمجتمع الاستهلاكي , الذي يخبرنا أن من فتح له الباب على مصراعيه في مصر هو السادات, فالدكتور جلال يلخص تأثيره في المجتمع المصري سلبا في محاور ثلاث : أولها المشكلة الروحية , أي غلبة النزعة المادية على النزعة الروحية ثانيها المشكلة الاقتصادية , و ما حدث من غلبة النزعة التجارية على حساب الزراعة و الصناعة طلبا للربح السريع و ثالثها مشكلة الهوية , حيث غلبة النمط الغربي على النمط الشرقي في المعيشة , و التي استبدلت بالنمط الوهابي الانعزالي الكاره لكل مظاهر التقدم
ثم ينهي بخاتمة و لا أروع عن الجذور التاريخية للمحنة المصرية في الدنيا و الدين أقتبس منها: "ففيما يتعلق بالمشكلة الاقتصادية, بعد أن شهدت مصر حركة تصنيع باهرة في عهد محمد علي ضربت بالتدخل الأجنبي في 1840, و بعد محاولة واعدة بالتصنيع في عهد إسماعيل ضربت بالاحتلال الانجليزي في 1882, و بعد محاولات طلعت حرب الناجحة في العشرينيات و الثلاثينيات من القرن العشرين, و التي بنى عليها عبد الناصر جهوده المثمرة أيضا في الخمسينيات و الستينيات’ أجهضت التنمية في مصر بالهجوم الإسرائيلي في 1967, ثم بالانفتاح الاقتصادي غير المنضبط في السبعينيات. أما قصة التنوير في مصر فلم تكن أقل مأساوية. كان كل تقدم في حركة التنوير, بالدعوة إلى مزيد من التحرر العقلي و النفسي, طوال القرنين الماضيين, تنشأ في مقابله حركة مقاومة له, تبث كراهية الجديد و تدعو إلى التشدد في اتباع القديم "
"و قد شهدت مصر أيضا خلال نفس الفترة نوعا من أنواع التنوير, و لكنه كان "تنويرا زائفت". فكما أخذنا قشور النمو الاقتصادي من الغرب و عجزنا أو حرمنا من أخذ جوهره, فقلدنا الغرب في الاستهلاك و ليس في تطوير أساليب الانتاج, كذلك في التنوير, قلدنا الغرب في الاستخفاف بتقاليدنا و تراثنا دون أن نحاول استلهام الجوهر العقلاني من تراثنا و البناء عليه, كما فعلو هم بتراثهم"
الكتاب جرعة ثقافية لا تنتهي , يجمع بين رشاقة الأسلوب, و عمق الأفكار و جلاء المعنى. قد تختلف أو تتفق معه كثيرا أو قليلا , لكنه لن يخدعك , و لن يجعلك تتوقف عن التفكير
و إن كان السؤال الأهم بعد أن تنتهي من الكتاب هو "هل هذه أمة على أبواب نهضة ؟"
" كي يكون الدين طريقًا مؤديًا للنهضة يجب ألّا يتجاوز حجمه الطبيعي؛ إذ إنه يتحول، إذا تجاوز هذا، ليس إلى قوة اجتماعية دافعة للتقدم، بل للدروشة و الانهيار النفسي، و بدلًا من أن يتحول الدين إلى قوة اجتماعية، يتحول في أحسن الفروض إلى وسيلة للخلاص الروحي للفرد، كل شخص يحاول أن ينجو بنفسه منفردًا من النار، لا أن يضم جهده إلى جهود الآخرين لإعادة بناء الأمة، إن التدين الذي يبني الأمة هو هذا الذي يبقى جزءًا من الحياة و لا يبتلعها ابتلاعًا."
الطبعة الأولى لهذا الكتاب كانت عام ٢٠١٣، و قد كُتِب قبل أشهر من نهاية الحقبة الإخوانية، و لذلك فإن الكثير من القضايا التي ناقشها الكاتب حول أزمة الدين و الدنيا، ليست في المطلق، بل قد حدد الكاتب منذ مقدمة الكتاب أن الأزمة المطروحة تتمحور حول الوضع الطارئ في المجتمع المصري بعد وصول حزب الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، أحببتُ توضيح هذه النقطة لإن هذا الكتاب إذا قُرِأ بمعزل عن كل هذه الظروف و الحيثيات، فستحدث معضلة كبيرة، و بالتأكيد سيُساء فهم الغرض الفعلي من الكتاب.
أتذكر أنّي قبل قراءة هذا الكتاب، بل و قبل قراءة الجزء الأول من مذكرات جلال أمين، كنت أتسائل عن التفسير الحقيقي لولعي بكتابات المسيري، رغم أني في أحيانٍ كثيرة أجد صعوبة في فهم المصطلحات، و لكنّي منذ أول كتاب لم أنِ عن تكرار التجربة و اعتباره من أقرب المفكرين إلى قلبي، و عندما تحدث جلال أمين عن علاقته بالكتب و القراءة، شرح اكتشافه أن الكتاب المفيد أو المثمر هو الكاتب الذي تجد فيه أفكارك التي كنت تفكر فيها و يؤكدها لك و لكن من وجهة مختلفة و من عقل آخر، و هذا بالضبط ما حدث بيني و بين المسيري، على سبيل المثال، أتذكر أنّي لم أؤمن يومًا بفكرة بروتوكولات حكماء صهيون و لم أقتنع بنظرية المؤامرة و لم أستطع الوصول للسبب الحقيقي لفهم كنه هذا الكيان المُسمَّى ( إسرائيل ) و لكن ما أعظم دهشتي و سروري عندما طالعت أول صفحات من مذكرات المسيري، شعرت أن ما وددتُ التعبير عنه موجود و مكتوب، شخص آخر غيري يسبقني بعقود كثيرة، بحث و اكتشف و اجتهد و دوّن كل هذا و ها هو بين يديّ!
حكيتُ كل هذا، لإني في موقفي تجاه هذا التيار السياسي لم أكن في منطقة تسمح لي بالتفكير و التؤدة في إصدار حكمي، فأنا لم أكمل عامي الواحد و العشرين بعد، و لكن وقتذاك كنتُ من أشد المتحمسين الذين أصيبوا بعمى في القلب و البصيرة، رغم أن عائلتي لا تمت بصلة لهذا الاتجاه، و لم أملك حينها أي مخزون ثقافي يعطيني حرية في إصدار الأحكام، ثم أنّي نظرت للوضع كله من زاوية أصولية بحتة، و لم أفكر في أي اعتبار سوى الأحلام البراقة التي صوروها لنا، حتى أن طريقة اختياري لحديثي و ملابسي و قراءاتي، انقلبت رأسًا على عقب.
و لكنّي الآن، و بعد تحول كبير في شخصيتي، بدأتُ أنفر من كل هذا و أحاول إيجاد السبب الفعلي لهذه الفجوة السحيقة، فالأزمة لم تكن شخصية، لإن بيئتي مباينة فكريًّا لهذا التوجه، ما أغرقني في حيْرة كبيرة، هو محاولاتي العديدة لتحديد إذا كان يصلح بالفعل إقامة دولة شرعية دينية بحتة أم لا، و الأهم، هل كانت فترة الإخوان المسلمين فترة شرعية بالفعل؟ هل طبّقوا الأحكام الش��عية البدهية؟ هل أقاموا العدالة الاجتماعية؟ هل ساعدوا على إعطاء الفقراء بعضًا من الطمأنينة الضرورية؟ هل و هل و هل و هل؟ الكثير من التساؤلات التي لا تقودنا إلى أي طريق سوى طريق النفي المؤسف.
ما لفت نظري بالفعل هو رؤية الكاتب الصادقة للحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو من حيث الأزمة الأزلية بين الدين و الدنيا في مصر، فالمنفد الوحيد للمجتمع المصري بشكل خاص و العربي بشكل عام، هو التحرر من السلطان الغربي، و تلك الانهزامية الثقافية أمام إغراءات الشركات و السلع الأجنبية و التي جعلت غاية الفرد الأقصى هو الحصول على أكبر قدر ممكن من الأموال و اكتناز سلع مهما كانت غير ضرورية، و أنا شخصيًّا أتفق مع الكاتب في تلك النظرة لإن و إن كنّا لم نعد مؤمنين بجدوى نظرية المؤامرة، فإننا و بأنفسنا قد خضعنا لكافة المعايير الغربية.
بالتأكيد مازلت على اعتراضي مع الكاتب في اعتبار ثورة محمد علي ثورة فعلية، أو اعتباره مصلح للدولة المصرية، و أضيف إلى هذا الاعتراض، دهشتي من نظرة الكاتب للتيار الإخواني و السلفي على أنهما تيار واحد، فهذا كان غريبًا و غير دقيق في إصدار الأحكام، رغم اشتراكهما في الكثير من الآراء، و لكن من الناحية الإجمالية فقد عرض الكاتب بكل حيادية اعتراضاته الكثيرة و المنطقية عن الأوضاع الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية، بل و نستطيع الشعور بنبرة الحزن التي يقص بها الكاتب الكثير من الوقائع و الكوارث الحادثة وقتذاك، و لكن الكاتب لا يطالب بفصل الدين عن الدولة و هذه الترهات، بل إن الكتاب في كثير من فصوله يدعو للتجديد و الاجتهاد، النظر إلى النصوص الشرعية بالعقل و ليس بالانقياد الأعمى، إن عمر بن الخطاب، بعقله الواسع و اجتهاده المعقول، استطاع أن يشرّع للفرس و الروم و هو البدوي و هم الممدنون: وقف حد الشرب على أبي محجن الثقفي لأنه أبلى في الحروب بلاء حسنًا، و وقف حدّ القطع على من سرق ناقة لأنه كان جائعًا، و وقف الحدود في الحروب لما رأى أن بعض المحاربين إذا وقع عليهم الحد فرّوا إلى الأعداء، و هكذا.
الكتاب صغير الحجم للأسف و لكنه يعتبر شاهد مهم على حقبة انتقالية و في غاية الحيوية في التاريخ المصري، و أظن أنه يتوجب عليّ إعادة قراءته لأنه يمثل تحذيرًا ليس فقط من الفكر الأصولي السياسي، و لكن من الأحزاب الديماجوجية المشابهة، التي تلعب على الأوتار الحسّاسة لفئة معينة تمثل الأغلبية، و فكرة الأغلبية هذه تضع مصطلح الديموقراطية على طاولة النقاش الجدي، لإن الأغلبية في حالتنا قد أوصلت هؤلاء إلى الحكم بكل بساطة، و آه لست علمانية و لا ليبرالية و لا أؤمن بسياسة العولمة و الانفتاح الاقتصادي لإني توقعت الاتهامات التي تلقّاها الكاتب عقب صدور هذا الكتاب، و الاختزال فكرة مقيتة و بعيدة عن المنطقية أساسًا.
هيكلة الكتاب تتضمن خمسة فصول و خاتمة و لكن الفصل الأقرب توضيحًا لكل هذه الأزمة و الصراع الأبدي للإخوان في مصر ي هو الفصل الخامس: الدين و المجتمع الاستهلاكي، فقد تناول الكاتب ظاهرة الاستهلاكية المخيفة و ربطها بالتيار الديني السياسي و وضّح الكثير من الأفكار الاقتصادية و الاجتماعية التي تكشف استحالة قيام دولة دينية كما يزعمون.
كون الكتاب عبارة عن تجميع لمقالات الكاتب خلال الفترة السابقة فإن ذلك يفقد الكتاب وحدة الموضوع كما يفرض بعض التكرار المخل. غير أن أسلوب الكاتب وعمق فكرته يجعل منه كتاباً جميلاً مفيداً وممتعا في آن. لا أتفق مع الكاتب في تحليله للعلاقة بين الدين والحياة والحدود التي أراد رسمها، لكني أرى أن تحليله لبعض مظاهر التدين في مصر وكثير من الدول الآن تحليلاً له وجاهته. عودنا جلال أمين على العميق المفيد السلس وها هو من جديد يكون كذلك. فشكراً له.
جلال امين من اهم الكتاب اللي قريتلهم واحب الكتاب لقلبي ..
الدين يقحم بشكل غير طبيعي في ادق تفاصيل حياتنا، "Src""
ربما لا يسير جلال أمين على نفس الخط العلماني الذي يذهب لحد فصل الدين عن الدولة عن طريق حذف المادة الثانية، ولكنه على الاقل ينطلق من كون هذه المادة شئ غير جديد بالمرة علينا ولكن الجديد هو حالة الهوس بالدين ومظاهره في ادق تفاصيل الحياة!، ما الذي عزز هذا الهوس والجنون بالدين بهذه الدرجة.يذهب جلال امين أن انتشار التعليم على الرغم من عدم جودته قلل الامية ولكنه خلق انصاف متعلمين في وضع اقتصادي متأزم كان استقبالهم للتفسيرات الدينية اكثر هوسا من مجتمع جاهل مستقر في القرن الماضي، يذهب ايضا لوضع الطبقة الوسطى في صورة رؤسائها من سعد زغلول لمرسي هذا عكس تدهور للمستوى الثقافي لهذه الطبقة.
جلال أمين بيوكد ان المجتمع المصري مكنش كدا خلال 50 سنة فاتت، يمكن السر في الطبقة المتوسطة اللي حصل ليها تطور في اخر 70 سنة وظهور ما يسمى بازدواجية الطبقة الواحدة، في حالة المجتمع المصري حدث حالة من تمدين للريف وترييف للمدينة وزحف افكار وتفسيرات مختلفة للدين على المدينة، بروز شكل مختلف للطبقة الوسطى عن ال 20% الي كانوا بيمثلوها قبل 52 خلق حالة من التنافسية في قلب الطبقة الواحدة بين فصيلين مختلفين تماما، فصيل اصيل وفصيل صاعد!
في كلامه عن مفهوم الحرام عندنا يقول انه اي شيئ يتصف بالقسوة فهو حرام في عرفنا بحكم اننا درجنا على حب وتقدير النكتة وخفة الظل أما مصر النسخة الاسلامية هي نسخة مشوهة كانت تحاول استيراد مصر جديدة علينا، تحاول استيراد مفهوم جديد للحرام!
من اهم المقالات كان مقال عن الشخصية المصرية وهل تختلف باختلاف الطبقات والبيئات وهل الشخصية المصرية ثابتة ع مر العصور ام ان هناك تغييرات في الشخصية المصرية وبالتأكيد في مرحلة اعادة تشكبل الطبقة المتوسطة حدث تغيير في سلوكيات وافكار هذه الطبقة اللي صوتها مسموع في المجتمع وبتعبر عنه وتفسيرها للدين وغيره بقا معبر بشكل اكبر ورسمي عن المجتمع ومن ثم كأن الشخصية المصرية اتغيرت او اتشوهت اللي كانت بتحتقر القسوة ومحبة للنكتة وخفة الظل فاصبحت طبقة ازدواجية تتظاهر بما ليس بداخلها وتتسم بالعنف والقسوة واستشهد بمشاهد لمصر بعد الثورة!
الكتاب ممكن يتم التعامل معاهومن منطلق انه مقالات مكتوبة بشكل معاصر لسنة حكم الاخوان وقبلها، ونعرف ان الوضع كان كارثي ومهزلة، مكنش جنة زي ما الاخوان والاخوات شغالين لطميات على سنة مرسي الرئيس الةحيد المنتخب بلا بلا بلا، وممكن يتم التعامل مع الكتاب من منطلق انه نقد شامل للحياة الدينية للمصريين وتعاملهم مع الدين اخر 50 سنة ع الاقل من مفكر اقتصادي اولاوعالم اجتماع مميز ..
كان دون المتوقع بكثير فكنت اتوقع أن يوجد هناك إستعراض تاريخى للمشكلة ولم أجد ذلك سوى فى خاتمة سريعة لم تتجاوز خمس صفحات!! ومعروف معظمها مسبقا، كنت اتوقع بعض الإجتهادات والحلول وإذا بى أجد السؤال الذى أبحث عنه فى النهاية يطرحه المؤلف؟! جاء الكتاب فى مرحلة فيها الإستقطاب على أشده وجاء الكاتب منحازا وواضاحا أنه مع احد الطرفين لكن لم يقدم تفسيرات متوسعة لرأيه ويبدوا أنه هناك نقص فى معرفة الجانب الأخر نتج عنه بعض الخلط. الكتاب لم يبدوا أنه منظم بشكل كافى فهو يسهب فى الحديث عن الأعراض بشكل كبير ولكنه لا يتعرض سوى سريعا لأصل المشكلة وبالتالى فهو لا يقدم كثيرا فى هذه النقطة. أعرف أنه يصعب وضع مقاييس للظواهر الإجتماعية المتحركة لكن لم يكن هناك حتى مؤشرات أو أشباه معايير يمكن أن نقيس عليها مدى صحة الطرح أو لا وهى توجد فى الدراسات الإجتماعية غالبا على كل يقدم الكتاب جزء من الصورة ينبغى إعتباره
الكتاب يتناول المخاطر التي تهدد المجتمع المصري من صعود تيار الإسلام السياسي إلى سدة الحكم ويوجه له إتهامات تصاحبها أدلة على عدم قدرة هذا التيار على فهم الإسلام الحقيقي أو تعمدهم ذلك فالمسألة في نهاية الأمر لا تعدو أن تكون وصول إلى الحكم والسيطرة على المجتمع من خلال تبرير القوانين والإجراءات وفقا لنصوص مقدسة يستأثروا هم بتفسيرها
الكتاب تم تأليفه قبل ٣ يوليو ٢٠١٣ وهو مجموعة من المقالات المتفرقة لا يربطها خط معين اللهم فكرة الهوس الديني وكيفية تناميها في المجتمع ، وعلى الرغم من ان جلال أمين يعد احد أفضل كتاب الإجتماع السياسي المعاصرين إلا أن نقد الإسلام السياسي كان يحتاج إلى تأصيل وتناول أعمق من ذلك فمن لا يعرف جلال أمين جيدا ولم يقرأ له من قبل سيتبادر إليه أن مؤلف الكتاب مصاب بالإسلاموفوبيا أو من المنتمين للتيار الليبرالي
فى صحبة الاقتصادى المرموق ومفكرنا الجليل الجميل جلال أمين,أمضيت بضعة أيام كنت فيها مشغولا بأمور عديدة,ولم يكن لى اعن شغلى سلوى غير كتاب الأستاذ الجديد,الكتاب جديد فى صدوره,متمم ومكمل لأفكار الأستاذ فيم يتعلق بمجمل قضاياناالسياسية والاجتماعية,وان تمحور هذه المرة حول قضيتى التنمية الأقتصادية,محنة الدنيا,وموقف المصريين من الدين,محنة الدين,بالطبع الكتاب يتضمن مقالات تم نشرها للكاتب من قبل,لم أكن قرؤتها,وبذلك فلم تكن قراءتى له تكرارا لقراءة سابقة,وهذا من حسن حظى فيم يلى,قراءة نقدية للصديق العزيز الدكتور محمد حبالة,أرى أنها تفى بالغرض فيم يتعلق بايضاح رأيى ف الكتاب,وموقفى منه فالى الدكتور:
"لماذا يجد الكثيرون من المتدينين من المقبول أن يتصرفوا و كأن كلا منهم حاكم بأمر الله ؟"
"لماذا تتخذ الفضيلة هذه الدرجة من القسوة, و تتشح بهذه الدرجة من السواد؟"
يا الله يا دكتور جلال .. ما أمتع ما كتبت .. و ما أصدق ما كتبت .. و ما أجرأ ما كتبت بأسلوبه الجميل الرائع السلس و المتدفق .. ينهمر الدكتور جلال بأفكاره الخلابة في كتاب من أجمل ما يكون يكتب و يشرح و يبسط الأمور و يتكلم كما لو أنه لا يلمس موضوعا صعبا جدا و حساسا جدا .. يكتب و هو يعلم أن الكثيرين سيكرهون الكتاب فقط من عنوانه .. و لكنه كتب و كتب كتابا خلابا .. حتى في مقدمته
يبدأ الدكتور جلال بحديثه عن الدين و الدور الحقيقي الذي يجب أن يكون عليه الدين حتى يكون له دورا فعالا فهو يقول : "عندما أقول إن الدين جزء من الحياة و ليس الحياة كلها, فإني بالطبع لا أنكر أن الإسلام دين و دنيا, و لا أرفض اتخاذ الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع .. إلخ, و إنما أقدم معنى معينا لكلا الدعوتين. و أرفض معان أخرى لهما. الإسلام دين و دنيا, نعم, لأنه نظم علاقة المرء بربه و علاقاته الإجتماعية أيضا(أو جزءا كبيرا منها) و لكن هذا شيء و القول بأن الدنيا كلها دين شيئ آخر, فلتكن الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع, و أهلا بها و سهلا, و لكن هذا لا يعني بالمرة أن تتحول حياتنا كلها إلى عبادة, أو أن يتوقف كل أنواع النشاط الإنساني لنتفرغ للصلاة و الصيام, و أن تتحول الكتب المدرسية إلى كتب في شرح الفرائض و العبادات, و أن تتحول برامجنا التلفزيونية و الإذاعية كلها إلى برامج دينية. إني أزعم أن هذا المسلك هو مجرد تفسير واحد معين للدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية, و تفسير واحد معين للقول بأن الإسلام دين و دنيا, و هو تفسير سقيم و مرفوض"
و يرى أن هذا المناخ المتعصب لا بد و أن يؤدي إلى الفتنة الطائفية "ففي مناخ يعطي الدين أكثر من حجمه الطبيعي, المباح فيه هو فقط ما اتصل بالدين بصلة, و تتحول المدارس فيه و وسائل الإعلام و الثقافة إلى وسائل لا لنشر قيم الدين بل "للدعاية الدينية" الأشبه بوسائل ترويج السلع, و يتحول فيه نشاط النقابات إلى نشاط ديني .. إلخ, في مناخ كهذا يصبح القبطي محلا للإجحاف و الظلم في كل لحظة, فحياته تسلب منه جزءا فجزءا, تنزع ملكيتها و تتحول إلى ملكية شائعة لأصحاب دين الأغلبية, فكتب المطالعة و التاريخ ليست له, و الإذاعة و التليفزيون و الصحف ليست له, و النقابات ليست له, بل كلها لأصحاب دين الأغلبية, و تسمية الأقلية في هذه الحالة بالمواطنين نكتة فاسدة الذوق. و لكن الأمر فضلا عن ذلك ينطوي على خطر آخر. و هو أن الحياة عندما تصبح كلها دينا لا يبقى معها مجال للتسامح الديني, فالإلحاح المستمر, في كل مجالات الحياة, على وصف الشخص أو الشيء و تحديد هويته بأنه ينتسب أو لا ينتسب إلى الإسلام, سرعان ما يولد كراهية أو نفورا من الشخص أو الشيء الآخر الذي لا ينتسب للإسلام, و من ثم يصبح قبول الآخرين و التسامح معهم من قبيل المستحيل, حتى و لو كان الكلام في الدين يتضمن دعوة شكلية إلى التسامح مع الآخرين "
كما أنه و بعبارات بليغة جدا يوضح كيف يكون هذا الفهم القاصر للدين معوقا للنهضة الحقيقية "إن تحويل الحياة كلها إلى دين, على النحو الذي وصفته’ يفسد علينا أيضا قضية النهضة بأكملها. فالدين لكي يكون طريقا مؤديا للنهضة يجب ألا يتجاوز حجمه الطبيعي, إذ أنه يتحول, إذا تجاوز هذا, ليس إلى قوة اجتماعية دافعة للتقدم’ بل للدروشة و الانهيار النفسي. و بدلا من أن يتحول الدين إلى قوة اجتماعية, يتحول في أحسن الفروض إلى وسيلة للخلاص الروحي للفرد, كل شخص يحاول أن ينجو بنفسه منفردا من النار, لا أن يضم جهده إلى جهود الآخرين لإعادة بناء الأمة"
و عن التغيير الحادث في فهم الدين في هذا العصر يكتب قائلا "إن لدي أسبابا تجعلني أعتقد أن إلقاء التفسيرات الساذجة للدين على أنصاف و أشباه المتعلمين في ظروف اقتصادية و اجتماعية كالتي نعيشهاالآن, هو أشد خطرا من إلقائها على الجاهل و الأمي أمية كاملة في مجتمع أكثر استقرارا و ثباتا كالمجتمع المصري في القرن الماضي"
ثم عقد الدكتور جلال مقارنة مذهلة بين أجيال ثلاثة لزعماء مصر توضح الفارق الرهيب بين الأجيال الثلاثة و تعكس التدهور الحادث للثقافة المصرية , الجيل الأول هو جيل النحاس و سعد زغلول و الجيل الثاني هو جيل زعامة عبد الناصر و السادات و الجيل الثالث هو جيل زعامة مبارك و مرسي , و كيف تدهور أسلوب الخطابة و كيف انحدرت الثقافة من كل جيل إلى الذي يليه و كيف تم ترييف المدينة و تم التحول من القضية الوطنية إلى القضية الدينية
ينتقل بعد ذلك للحديث عن مشكلة ازدواجية الطبقة الواحدة التي حدثت للطبقة المتوسطة في مصر و كيف أثرت في تطور المجتمع المصري "مثل هذا التطور الذي حدث في المجتمع المصري لا تحدثه ثورة, فهو نتيجة تطورات استمرت عدة عقود, و لكن يمكن أن تكشف عنه ثورة. و ثورة 25 يناير في مصر قامت بهذا الدور في كشف الغطاء عما حدث خلال العقود الخمسة أو الستة السابقة. و أنا أميل إلى تقسير الكثير من متاعبنا خلال العامين الماضيين, منذ قيام ثورة يناير, بانكشاف الغطاء عن هذه الازدواجية التي نمت و ترعرعت داخل الطبقة الوسطى المصرية, بما في ذلك تلك الازدواجية الخطيرة بين أنصار التيار الديني و أنصار التيار المدني أو العلماني "
ثم يتجدث عن التطرف الديني و يجادل أنه هوس و ليس تطرفا , ففي رأيه أن التطرف موقف فردي أما الهوس فموقف جماعي "إني أميل إلى الاعتقاد بأن التدين مهما بلغ تطرفه,يظل في الأساس موقفا فرديا, يتعلق بعلاقة خاصة بين المتدين و ربه, أما الهوس, سواء كان في التدين أو غيره, فينطوي في معظم الأحوال على رغبة في نوع من التواصل بين المرء و الناس من حوله, و لكنه تواصل من نوع غريب. إنه نوع من "المظاهرة", أو "الصياح", يعكس رغبة في إثبات التفرد و التميز عن الآخرين, أو في التوحد مع مجموعة مماثلة من الناس يريدون أيضا إثبات تميزهم, أو يمد الواحد منهم بثقة أكبر في النفس, أو بالشجاعة غلى القيام بعمل لا يستطيع القيام به بمفرده"
ثم تحدث عن أثر الإعلام . و أشباه الأخبار , و الديمقراطية الزائفة الموجهة , و هذه العوامل ساعدت على نشأة جيل مشوش مشوه "إنه "جيل مجهول", إنه جيل يعاني من ذكريات الهزيمة و الغلاء و المستقبل المسدود"
ثم تكلم عن فكرة "الكلام الجائز سياسيا" و كيف أنه ليس دائما الصواب أو الحقيقة , و لكن ما يتماشى مع الفكر المسيطر على الأغلبية, و ما يحدد هذا الفكر العام هو غالبا ما يتماشى مع عاطفتهم"لا بد من الأعتراف أيضا بأن الأغلبية(شأنها شأن الأقلية) يمكن أن تترك لعواطفها العنان لدرجة تجعلها تحيد عن الصواب, سواء كان هذا الصواب هو ما تؤدي إليه قواعد المنطق البحت, أو العلم الثابت, أو حقوق الإنسان الطبيعية. بل إن احتمال هذا الانحراف عن الصواب أكبر في حالة الأغلبية منه في حالة الأقلية, لأن الأعداد الغفيرة من الناس يشجع بعضها بعضا, و من ثم فهي أقرب للوقوع تحت طغيان العاطفة من الأعداد الأقل" و هذه الأغلبية تمارس الظلم و الطغيان للأسف
ثم تحدث عن أغلبية اللحى و عن اختصار الفضيلة و عن إرهاب المصطلحات بنفس الأسلوب الرائع المميز "يتكرر الوقوع في خطأ اختصار الفضيلة في عمل مادي يراه الجميع, سواء اقترن أو لم يقترن بوازع حقيقي أو دافع نبيل"
"ما هو المعنى الحقيقي للفضيلة؟ أن تكون نظيف القلب و الذهن, أم تبدو أمام الناس و كأنك نظيف القلب و الذهن؟ حتى و لو لم تكن كذلك في الحقيقة؟"
"الناس كثيرا ما يخفون مصالحهم و مواقفهم الأخلاقية و دوافعهم النفسية. قد يتظاهر الجميع بشيء و هم يضمرون عكسه, و قد يتفقون في الظاهر ة هم مختلفون اختلافا شديدا في الحقيقة. و لهذا يجب ألا ننخدع بما يقال, و ألا نكتفي بالشعارات التي ترفع, بل لا بد من الغوص لاكتشاف النية الحقيقية, و ترجمة الشعارات إلى إجراءات محددة"
"يبدو أن هذا "الإرهاب بالمصطلحات" يكثر للأسف في أثناء الثورات الكبيرة. فما أكثر ما استخدمت تعبيرات و مصطلحات جميلة لارهاب الناس و التنكيل بهم أثناء الثورة الفرنسية, عندما استخدمت شعارات "الحرية و الإخاء و المساواة" هذا الاستخدام, فراح ضحيته بعض من أنبل الناس خلقا, و كذلك أثناء الثورة الروسية, عندما استخدمت لإرهاب الناس شعارات الاشتراكية و العدالة الاجتماعية, و راح أيضا ضحية ذلك بعض من أنبل الناس. و هانحن نرتكب نفس الخطأ, في استخدام عبارات مثل "تطبيق شرع الله" و "النهي عن المنكر", ليس في إشاعة الرحمة و العدل, بل في التنكيل بالخصوم"
و لا ينسى أن يتحدث عن أثر تحجر العقول و عدم الاجتهاد من ضرر , بل إنه حتى يصل للقول "إن الامتناع عن الاجتهاد لا بد أن يؤدي ليس فقط إلى الركود الحضاري, بل و أيضا إلى النفاق و التزييف في الأخلاق"
عن معضلة التراث و التحديث , و عن الدولة الرخوة و ازدراء الدين و الفن و الوطن , و عن الوثنية الحديثة في تقديس الأشخاص و عبادة الأفكار, و عن الحيرة بين الدنيا و الدين, فوسط كل هذا التحجر في العقول و القلوب, يحتار الناس بين هموم دينهم و أفكار التدين الصوري "هذه الحيرة الشديدة بين الدين و الدنيا لم تكن شائعة في مصر مثل شيوعها الآن. إذ إن الدين ظل مدة طويلة في مصر يفسر تفسيرا يسمح بقسط وافر من التمتع بالحياة, و من ناحية أخرى لم تصل الدعوة إلى التمتع بالحياة الدنيا قط في مصر, إلى ما وصلت إليه الآن من شطط و إلحاح"
"هل يعد الإنسان متحضرا بمقدار نجاحه في التخلص من رغباته و شهواته, أم بمقدار قدرته على السيطرة عليها؟ هل التحدي الذي تنطوي عليه مسيرة التحضر, و كذلك التحدي الذي تنطوي عليه الرسالات السماوية, يتمثل في شحذ قدرة الإنسان على السيطرة على نفسه, أم في قدرته على التخلص من أي مظهر من مظاهر الحياة, أي في قدرته على الانتحار أو الانسحاب من الوجود؟"
في وسط كلامه الجميل و تنظيره المنقطع النظير , كتب الدكتور جلال فصل "أربع قصص قصيرة و مقطوعة شعرية" كفصل من أجمل و أمتع ما يكون , كثف فيه أفكاره التي شرحها بمنتهى الجمال و الوضوح
في الفصل الخامس عن الدين و المجتمع الاستهلاكي كتب الدكتور جلال كلاما جميلا .. و آخر أراه غير مبرر عندما اتهم الجماعات الإسلامية بكثير من الاتهامات التي تخص التنمية في مصر, متجاهلا الدور الذي لعبه عصر مبارك في هذا الشأن . بالنسبة للمجتمع الاستهلاكي , الذي يخبرنا أن من فتح له الباب على مصراعيه في مصر هو السادات, فالدكتور جلال يلخص تأثيره في المجتمع المصري سلبا في محاور ثلاث : أولها المشكلة الروحية , أي غلبة النزعة المادية على النزعة الروحية ثانيها المشكلة الاقتصادية , و ما حدث من غلبة النزعة التجارية على حساب الزراعة و الصناعة طلبا للربح السريع و ثالثها مشكلة الهوية , حيث غلبة النمط الغربي على النمط الشرقي في المعيشة , و التي استبدلت بالنمط الوهابي الانعزالي الكاره لكل مظاهر التقدم
ثم ينهي بخاتمة و لا أروع عن الجذور التاريخية للمحنة المصرية في الدنيا و الدين أقتبس منها: "ففيما يتعلق بالمشكلة الاقتصادية, بعد أن شهدت مصر حركة تصنيع باهرة في عهد محمد علي ضربت بالتدخل الأجنبي في 1840, و بعد محاولة واعدة بالتصنيع في عهد إسماعيل ضربت بالاحتلال الانجليزي في 1882, و بعد محاولات طلعت حرب الناجحة في العشرينيات و الثلاثينيات من القرن العشرين, و التي بنى عليها عبد الناصر جهوده المثمرة أيضا في الخمسينيات و الستينيات’ أجهضت التنمية في مصر بالهجوم الإسرائيلي في 1967, ثم بالانفتاح الاقتصادي غير المنضبط في السبعينيات. أما قصة التنوير في مصر فلم تكن أقل مأساوية. كان كل تقدم في حركة التنوير, بالدعوة إلى مزيد من التحرر العقلي و النفسي, طوال القرنين الماضيين, تنشأ في مقابله حركة مقاومة له, تبث كراهية الجديد و تدعو إلى التشدد في اتباع القديم "
"و قد شهدت مصر أيضا خلال نفس الفترة نوعا من أنواع التنوير, و لكنه كان "تنويرا زائفت". فكما أخذنا قشور النمو الاقتصادي من الغرب و عجزنا أو حرمنا من أخذ جوهره, فقلدنا الغرب في الاستهلاك و ليس في تطوير أساليب الانتاج, كذلك في التنوير, قلدنا الغرب في الاستخفاف بتقاليدنا و تراثنا دون أن نحاول استلهام الجوهر العقلاني من تراثنا و البناء عليه, كما فعلو هم بتراثهم"
الكتاب جرعة ثقافية لا تنتهي , يج��ع بين رشاقة الأسلوب, و عمق الأفكار و جلاء المعنى. قد تختلف أو تتفق معه كثيرا أو قليلا , لكنه لن يخدعك , و لن يجعلك تتوقف عن التفكير
و إن كان السؤال الأهم بعد أن تنتهي من الكتاب هو "هل هذه أمة على أبواب نهضة ؟"
في هذا الكتاب يوضح الكاتب جلال أمين طبيعة العلاقة بين الدين والدنيا ،ومدى أثر هذه العلاقة على المجتمع المصري والثورة المصرية عام ٢٠١١م. وكيف يمكن للاضطراب والخلل في هذه العلاقة أن يحول الدين من قوة دافعة للنهوض والتقدم، إلى عقبة تحول بين المجتمع وآماله في الرقي والازدهار يقع الكتاب في خمسة فصول وهو عبارة عن مجموعة من المقالات نشرت في إحدى الصحف المحلية، تناول فيها التطرف الديني وعلاقته بالارهاب والفكر الاقتصادي الاستهلاكي وكيف تأثر المجتمع المصري بذلك ايضا تناول رأي الكاتب في الاجتهاد وضرورة العوده له في الكثير من امور الحياة
الكتاب ممتع وشيق , يجمع بين رشاقة الأسلوب و عمق الأفكار , قد تختلف أو تتفق معه لكنه لا يجعلك تتوقف على التفكير
لم يجب ان يكون عنوان الكتاب محنه الدنيا والدين فى مصر ,,بل كان على الكاتب ان يسميه " محنه الدنيا والدين فى فتره حكم الاخوان
يطرح الكاتب فى مستهل فصول الكتاب مشكله الجرعه الدينيه فى المجتمع المصرى ,,ويوضح ان المشكله فى زياده حجم الجرعه...وهو ما يعتريه عوار شديد ..لاننا وببساطه لا يوجد تدين فى مصر فإن كنت ترى مشكله فى الجرعه ,فليس زياده او نقصان ..ولكن فى محتوى الجرعه الفاسد ,وايضا ضحاله فكر ممثلى الدين فى مصرى كلهم على حد سواء.
لم اتوقع ان ينجرف كاتب عظيم كجلال امين بقلمه الى هذه النوعيه من الكتابه دائما ما اقتنى كتب جلال امين لحبى الشديد لاسلوب عرضه وموضوعيته فى طرح الافكار ,ولكن فى هذا الكتاب لم اجد موضوعيه ولا افكار . على مر فصول الكتاب الذى كتب بعد الثوره ,دأب الكاتب على عرض قصص ومواقف تنتمى جميعها لجماعه الاخوان او السلفين ..وهو ما اشعرنى اننى اتابع احدى برامج الاعلام فبغض النظر عن اتضاح كذب وتضليل معظم هذه القصص بعد مرور بعض الوقت , فالكاتب نفسه انتقد تركيز البعض على احداث اقرب الى التفاهه وتركهم احداث جسام قضت مضاجع الشعب المصرى ثم ها هو ذا يطرح مرارا وتكرارا قصه البلكيمى وعبدالله بدر والمدرسه التى قصت شعر التلميذه ولا يذكر مثلا تعريه العسكر وسحلها لبنت فى عرض الشارع جهارا نهارا ,, اذا كان هذا اصلا الغرض من الكتاب
ثم لماذا دائما وابدا تختذل فتره ما بعد الثوره فى عام حكم الاخوان ,,الم يقم المجلس العسكرى وبعده عدلى منصور باداره ثلاث سنوات من اربع بعد الثوره؟؟؟ لم يشر من قريب او من بعيد لمحنه الدنيا والدين فى مصر تحت حكم المجلس ..ولا كذبهم وتضليلهم مستخدمين الاعلام والدين والقوه على حد سواء لتحقيق اطماعهم
لاول مره فى كتابات جلال امين اجده يطرح المشكله ثم لا يعرض اقتراح للحل ,مصر تمر بمشكله فى الدين والدنيا هذا ما نعلمه جميعا...اذا اين الحل ؟؟؟
اسوأ ما قرأت للأيقونه جلال أمين كاتبي المفضل ففضلا عن تكرار معظم فصول هذا الكتاب فى كتب سابقه .. فقد وقع جلال امين فى خطأ طالما نبهنا من خطوره الوقوع فيه وهو ترك وجداننا للاعلام يشكله ما يشاء لقد فعل هذا بالضبط فقد صدق وردد اخبار تبين بعد سنتين من كتابة هذا الكتاب انها مجرد اشاعات او اخبار لم يتم اثبات صحتها او عدم صحتها .. يا ليتني ما قرأت هذا الكتاب فقد كان حفره بعد ان كانت كل قرأتي لجلال امين تاخد شكل السلم التصاعدي كلما انهيت كتاب صعدت درجه
للأسف عندما اشتريت الكتاب لم اكن اعلم انه مقالات مجمعه و لو كنت اعلم لما كنت اشتريته و لم يعجبني في الكتاب الا الخاتمه حيث كنت اتوقع من الكاتب ان يسير بشكل تاريخي و يحكي جذور المشكه و كيف بدأت و تطورت حتى وصلنا لما نحن فيه اليوم و الحل من وجهه نظره ولكن جاء الكتاب عباره عن مقالات منفصله تعلق على احداث بعينها سلط عليها الاعلام في وقت حدوثها الضوء لهدف معين وحاجه في نفس يعقوب
يحزنني أن أقيم كتاباً لجلال أمين بنجمتين ، لكن ليس هناك جديد ولا عرض مقنع لأفكاره ..
○
فكما أخذنا قشور النمو الإقتصادي في الغرب وعجزنا أو "حُرمنا" من أخذ جوهره ، فكانت النتيجة أن قلدنا الغرب في الإستهلاك وليس في تطوير الإنتاج !!
كذلك في التنوير ؛
قلدنا الغرب في الإستخفاف بتقاليدنا وتراثنا دون أن نحاول استلهام الجوهر العقلاني من تراثنا والبناء عليه ، كما فعلوا هم بتراثهم ..
قمنا بتمجيد من يهزأ بتراثنا ويمجّد كل ما يأتي من الغرب ، دون أن نتبين أن التنوير الحقيقي لا يعني التنكر للتراث بل يعني النهوض به وتحريره من الخزعبلات .
○
كيف يمكن أن نتصور المخرج مما نحن فيه دون أن نحصل ابتداء على التحرر من التبعية السياسية والفكرية ، كشرط من شروط التحرر في الدنيا والدين على السواء ؟!
○
* هذه الإقتباسات من خاتمة الكتاب ولا يخلوا أي كتاب من فائدة لكني والحق يقال لو كنت مكان جلال أمين لما أتعبت نفسي بكتابته
يواصل المفكر المصري د.جلال أمين في كتابه السابع والثلاثين الصادر عن ‘دار الشروق’(2013)، ‘محنة الدنيا والدين في مصر’، طرح أسئلة ثورة يناير الشعبية في التغيير الراديكالي لبُنى الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنمية والتخطيط الوطنييْن والديمقراطية الحقيقية. وإنهاء حكم العسكر، والتوصل إلى دستور يكفل تمثيلا منصفا لكل فئات الشعب؛ بما يفتح أمام البلاد آفاق التطور المسدود، ويتيح لقواها الوطنية الديمقراطية المشاركة في صياغة مستقبلها، وصيانة مصالح المصريين المشتركة، وتعزيز الاستقـلال الوطني وتصفية كل مظاهر التبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية، مضيفا إلى ما سبق في جديده ‘محنة الدنيا والدين في مصر’، ضرورة تعميق أواصرالقربى بين الدين والواقع، وألا يحل التراث محل التاريخ، وألَّا يجري التعامل معه (التراث) بشكل انتقائي أو كلحظات زمنية منفصلة، بل يتعين النظر إليه بوصفه إحدى محصلات السيرورة التاريخية ؛ ومن ثم ؛ ربط التجديد بالاجتهاد ودرء المفاسد وبالإصلاح الدينـــي، وذلك عبر فصول خمسة اتخذت العناوين الآتية: ازدواجية الطبقة الواحدة..الدين والديمقراطية..الدين والتحديث.. الدين والأخلاق.. الدين والمجتمع الاستهلاكي.. ثم خاتمة تتلمس الجذور التاريخية لمحنة المصرية في الدنيا والدين ،مُرجِعا محنتها الاقتصادية إلى ضرب تجربة محمد علي الوليدة في التصنيع والنهوض بالزراعة والتعليم، بتدخل عسكري خارجي عام 1840،وعزا محنة الانقسام في الموقف إزاء الدين إلى العشرينيات من القرن العشرين ؛عندما فجَّر المشكلة علي عبد الرازق وطه حسين بكتابيْهما: الإسلام وأصول الحكم وفي الشعر الجاهلي، ومن يومها إلى الآن لم يُحسم ذلك الخلاف المستعر بين الفكر السلفي والفكر العلماني .
هدا ما كتبه الكاتب اسامه عرابى فى جريده القدس العربى واجده يعبر عن محتوى الكتاب وعن الإستفاده الجمه من قرأته
أسلوب جلال أمين الساحر يجعل من موضوع معقد شيئاً بسيطاً سهل الفهم. هذا الكتاب يبحث في العلاقة بين الدين والدنيا في مصر خصوصاً بعد وصول تيار الإسلام السياسي إلي الحكم. بداية
يتساءل أمين عن دور الدين في المجتمع وما هي الجرعة المناسبة التي يحتاجها لكي ينهض ويتقدم؟ أغلب المقالات تتناول قضية التدين الحقيقي والتدين الزائف والفارق الشاسع بينهما.كما يحاول
تحليل شيوع مظاهر الفضيلة والورع الزائف (اللحية, النقاب....الخ) وعلاقة هذا بفكرة المجتمع الاستهلاكي الذي نعيش فيه. ويربط جلال أمين بين انتشار هذه المظاهر وانحدار الأخلاق واختفاء
المعاني الحقيقية للفضيلة. الكتاب ممتع للغاية ومن الممكن قرائته مرات ومرات و استنباط معاني جديدة كل مرة. أعجبني تعريف جلال أمين لمظاهر التدين الزائفة التي استشرت منذ حوالي 40 عاماً بأنها نوع من أنواع
الهوس. فتحريم الفنون والموسيقي و الاداب وتكفير كل من يختلف معك في الرأي بشكل سافر ما هو الا هوس بالدين وليس بتدين. ملحوظة جلال أمين بأن كثير من الدعاة السلفيين الذين من
المفروض أن تبدو عليهم علامات السماحة لا نري علي وجوههم سوي القسوة الشديدة ملحوظة هامة (مثال:عبد الله بدر). إذ كيف يكون الداعية قاسياً ومتحجر المشاعر في حين أن جوهر الدين هو الحب والتسامح؟ أظن أنه و بعد ثورة 30 يونيو لابد للدكتور جلال أمين من أن يكتب جزءً ثانياً لهذا الكتاب. لا شك انه سيكون قيماً وممتعاً مثل "محنة الدنيا والدين في مصر".
كتاب جيد ، أختلفت مع الكاتب في نقطة أو اثنتين و لكن في العموم أتفقت مع معظم أفكارة . يبدو أن الكاتب مهموم بما لحق بالطبقة الوسطى خصوصا في الأربعين سنة الأخيرة و يعتبر عن حق أن أى تقدم أو تراجع يعتمد بالاساس على الطبقة الوسطى. كما يبدو الكاتب قلقا من ظاهرة المجتمع الاستهلاكى و تأثيرة على الانسان عامة و على المجتمع المصرى خاصة و أعتقد أنة محق في هذا القلق . كانت نهاية الكتاب ممتازة شاملة و وافية دون اطالة فيها شرح للمشكلات و جذورها التاريخية و فيها اضاءة على بداية الحل . كتاب جيد،توقعتة أفضل لكنة يفى بالغرض و يعرض الافكار بسلاسة دون تعقيد
عنوان قوي و طرح أقوى في المقدمة بالقول أن الدين يشغل أكبر من حجمه الطبيعي لدى المصرينن،ثم ماذا؟..لا شئ،فكعادة جلال أمين فأن كتاباته تفتقر للتراتبية و الأتزان في العرض،لذا تبدو فصول الكتاب و كأنها مقالات منفردة مجمعة لكنها في الحقيقة ليست كذلك،و نتيجة عدم الأنتظام ذاك هو كتاب ضعيف الحجة و متعب في تتعبه رغم سطحية أراء الكاتب في أغلب الأحيان.
أضف على ما سبق عدم الألتزام بالموضوع و التعميم و التحيز الفاضح لتحصل على لا شئ،كانت هذه تجربتي الثانية مع جلال أمين بعد"ماذا حدث للثورة المصرية؟"وغالباً ستكون تجربتي الأخيرة.
كأي كتاب لا يخلو من فائدة لكن محدودة. كنت اعتقد ان الانفلات الذي حدث في مصر خلال عامين أدى فقط إلى خروج الإعلاميين وبعض رجال الدين والغوغاء عن المألوف. لكن تفاجأت أن رجلا بحجم الدكتور جلال امين ينجرف ويسخر قلمه ووقته لمهاجمة حزب لم يستمر كثيرا في الحكم بل كان صوريا من أجل أن يرضي آخرين لم اشاهده ينتقدهم الآن على استمرار بل زيادة كل المشاكل التي تحدث عنها سواء اقتصادية واجتماعية وسياسية ودينية. ؟؟ أم أن الناس كل الناس إذا أعطيت فرصة بطشت بمن أعطاها وإذا قمعت سكتت بل وغالبا ْطبلت ْ للقوى حتى المثقفين؟؟ اعتقد ان هذا من علمانية الغرب وروحانية الشرق التي تحدث عنها في الكتاب ،
أنهيت هذا الكتاب الشيق في وقت قياسي بالنسبة لوقتي الضيق. الكتاب هو مقطوعات تحليلية لمشاهد الاستقطاب الحاد الذي ظهر على الساحة المصرية بعد ثورة يناير - استقطاب بين ما هو ديني و ما هو مدني - يحلل جلال أمين أزمة المجتمع بالأدوات المعرفية المفضلة لديه و هي التحليل الاقتصادي و الاجتماعي محاولا إعطاء تفسير واقعي و عملي لسبب الأزمة. لم يقدم الكتاب حلولا للازمة و لكنه اكتفى بفتح أبواب للتساؤل و المعرفة.
مع إختلافي مع الكاتب في رأيه عن علاقة الدين بالدنيا إلا أن الكتاب يحتوي على بعض المعلومات القيمه مثل أشباه الاخبار والتعبير الغير جائز سياسيا كما انها يتحدث عن حالة المصريين عندما تحولوا إلى مجتمع إستهلاكي غير منتج في سبعينيات القرن الماضي وعلاقة الدين بذلك التحول كما انه يرى اننا لابد ان نكون منتجين قبل ان ننظر لاي شيء وحتى نكون كذلك لابد أن نتخلص من التبعية أيا كانت
الكتاب يتعامل بشكل جيد مع ما قد يسمى عقجة التدين، أو ما يسميه الكاتب بالهوس الديني، ولكن وجب القول أن ليس للكاتب العلم الشرعي المطلوب للكلام في كثير من المسائل، ومن ذلك، فنظرته للدين شعبية أكثر منها علمية. أصاب في الكلام عن مشاكل المتدينين الحاليين، ولكن أخطأ في التعميم وفرض الصورة الشعبية على الشعب. ولكنه كالعادة، رائع إلى حد ما في كتابته....
اسم الكتاب حلو وكنت متوقع يكون أحسن من كده. بس فيه حشو وزيادات ومقالات ملهاش علاقة بالمضمون وتكرار لكلام قاله في كتب قبل كده. عموما أسلوب جلال أمين بسيط وجميل ويمكن ده اللي خلاني أكمل الكتاب وأخلصه بسرعه
كتاب "محنة الدنيا والدين في مصر" لدكتور جلال أمين الصادر عن دار الشروق 2013.عدد صفحات الكتاب : 170
يبدأ الكاتب بطرح سؤال هام: ماذا لو تحولت الدنيا كلها إلى نظام ديني؟ يجيب المفكر الراحل عن هذا السؤال بإنه سيتم استغلال الدين في النقابات والمصالح الحكومية، ويتم نبذ التسامح مع الطوائف الأخرى. وعلى هذا يدعو الدكتور جلال أمين إلى فصل الدين عن السياسة، ويستعرض الكاتب في هذا الصدد شرح التغييرات الاجتماعية في مصر من ازدواجية الطبقة الواحدة - أي الطبقة الوسطى- وتأثيرها على وعي الفرد.
وفي الفصل الثاني من الكتاب ، يتحدث جلال أمين عن أهمية الديمقراطية، وأثر غيابها على المجتمع بشكل عام من فقر وجهل وزيادة الثقافة الاستهلاكية والحاكم المستبد.
ويؤكد الكاتب في الفصل الثالث على أهمية التحديث ومواكبة العصر مع الحفاظ على التراث، وأضاف أننا نعيش في دولة "رخوة" بسبب ازدراء الفنانين واظهار التدين بشكل خاطيء مما يعود بالوطن إلى العصور الوسطى. ويوضح المؤلف أن الحل يكمن في العودة إلى الاجتهاد الفقهي.
وفي الفصل الرابع، يتحدث جلال أمين عن الدين والدنيا، وحيرة الإنسان بين التمتع بملذات الدنيا والحفاظ على دينه في الوقت نفسه. وكما تحدث الكاتب عن الانفتاح وتأثيره سلبيًا على وعي المصريين وثقافتهم وسياسة البلد.
ويسلط الفصل الخامس من الكتاب الضوء على وجود ظاهرة المجتمع الاستهلاكي، وهل يعوق هذا النوع من المجتمعات مسار التقدم والتنمية الإجتماعية؟
ويخلص الكاتب في نهاية كتابه إلى القول بأنه إذا صلح حال البلد سياسيًا وزاد وعي شعبه بالديمقراطية، ستنجو مصر من هذه الأزمة. وعلى هذا قال: "ففيما يتعلق بالمشكلة الاقتصادية، بعد أن شهدت مصر حركة تصنيع باهرة في عهد محمد علي ضربت بالتدخل الأجنبي في 1840، وبعد محاولة واعدة بالتصنيع في عهد الخديوي إسماعيل ضربت بالاحتلال الإنجليزي في عام 1882، وبعد محاولات طلعت حرب الناجحة في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، والتي بنى عليها عبد الناصر جهوده المثمرة أيضا في الخمسينيات والستينيات، أُجهضت التنمية في مصر بالهجوم الإسرائيلي في عام 1967، ثم بالانفتاح الاقتصادي غير المنضبط في السبعينيات.
أما عن قصة التنوير في مصر فلم تكن أقل مأساوية، حيث كان كل تقدم في حركة التنوير بالدعوة إلى مزيد من التحرر العقلي والنفسي طوال القرنين الماضيين تنشأ مقابله حركة مقاومة له، وتبث كراهية الجديد وتدعو إلى التشدد في اتباع القديم."
نقاط القوة أبرز الكاتب قدرته كمحلل سياسي وعالم اقتصادي كبير، كما نحج في تحليل الظواهر والتغييرات التي حدثت بمصر بأسلوب سلس يتماشى مع مستوى القارئ العادي، مما يحفزني إلى قراءة كتب أخرى له، كذلك حديثه عن المجتمع الاستهلاكي وازدواجية الطبقة الواحدة وأشباه الأخبار.
نقاط الضعف أولًا: تهميش دور الحاكم المستبد بشكل غير مباشر في غياب الديمقراطية، بل أكاد أجزم أن أحد أهم الأسباب في غياب حرية التعبير عن الرأي واحترام الرأي الأخر هو الحاكم، كما قال عبد الرحمن الكواكبي في كتابه "طبائع الإستبداد في مطامع الاستعباد": "أشد مراتب الاستبداد التي يُتعوذ بها من الشيطان، هي حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش، القائد للجيش، الحائز علي سلطة دينية."
وكلما زاد قهر الحاكم لشعبه كلما زادت سيطرته على عقولهم وتفكيرهم وغسيل أمخاخهم، مثلما تحدثنا في رواية 1984 للكاتب البريطاني جورج أورويل عندما كان شعار الأخ الأكبر: "Freedom is slavery Peace is war Ignorance is strength" ثانيًا: كلام جلال أمين عن اللحية ووصفه لها بأنها "اختصار للفضيلة" نقد سطحي وغير موضوعي، حيث كان الأخوان المسلمين يستخدموا الدين كوسيلة لاستقطاب الشعب والوصول إلى السلطة وكنا شهود عيان على ذلك، لكن هل كل ملتحي يتخذ لحيته كـ"اختصار للفضيلة"؟ منذ متى نحكم بالمظهر ولا نهتم بجوهر اطلاق اللحية كسنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم- مع العلم أن هناك فئة من الشباب يلتحون كنوع من الموضة- حيث قال: "ما أسهل هذا الاختصار للفضيلة ولكن ما أبعده أيضا عن الحقيقة..."
وهناك الكثير من النقاط الأخرى التي تجعلني لا أرشح الكتاب لأي شخص يبدأ في القراءة لجلال أمين، وتقييمي لكتاب "محنة الدنيا والدين في مصر" هو 3 من 5.
الخلاصة
يطرح الكتاب أسئلة عن الدين والدنيا والمجتمع الاستهلاكي والكلام غير الجائز سياسيًا والمجتمع الاستهلاكي والهوية وماذا تحمل هذه التغييرات في طياتها، واجتهاد الكاتب في البحث عن الجذور التاريخية لتردي الأحوال الاقتصادية عقب ثورة يناير 2011، لكن للأسف بقدر علم جلال أمين وثقافته الواسعة، شعرت أنني أمام كاتب يحاول مسايرة الموجة، لأنه لو أطال الله في عمره وشهد ما نحن عليه الآن، لرأينا جلال أمين بوجهة نظر أخرى تصطف مع الشعب ولا تجاري محرك اللعبة الأساسي. #كتاب_وقهوة_مع_أكرم☕❤📚 #readingchallenge 😍📚 #جلال_أمين #sociology_and_politics
يقال ان وزيرة سويدية استقالت من منصبها و اعتذرت للشعب علنا بس قضية فساد مالى، فوزيرة الثقافة لم تدفع فواتير اشتراك القنوات الخاصة بما يعادل 1300ج مصرى. اذا كنت اوروبى أو من بلد ديمقراطية فالخبر بالنسبة لك عادى أما إذا كنت عربى فقد يثير الضحك و الحسرة فى ان واحد. ففى بلد تتحدث بصفة يومية عن الدين و تطالب بتطبيق الخلافة و الشرع، و تجد الفرد يسبق كلامه بشرعا لا يجوز، تجد تلك البلاد من أكثر بلاد العالم فى معدلات الفساد ، و ان الرشوة اسلوب حياة معتاد من أجل تمرير المصالح ، و اخيرا تذكر و تحفظ ايات الذكر الحكيم التى تتعلق بمصلحتك فقط. عن الهوس الدينى يتحدث جلال امين باسلوبه الموضوعى الشيق . يتحدث عن الهوس الدينى فى بلد تطلق على المخبز و المايوة و الساعة الاسلامى و الشرعى مع انك لا تنتج أو تصنع اى من تلك الاشياء، فمصحفك و سجادة صلاتك صنع فى الصين. كتاب أكثر من رائع يثير الحزن و الضحك فى ان واحد.
يتناول «جلال أمين» في هذا الكتاب طبيعة العلاقة بين الدين والدنيا، وما يجب أن يكون عليه "الحجم الطبيعي" للدين في الحياة، ومدى أثر هذه العلاقة على المجتمع المصري والثورة المصرية، وكيف يمكن للاضطراب والخلل في هذه العلاقة أن يحول الدين من قوة دافعة للنهوض والتقدم، إلى عقبة تحول بين المجتمع وآماله في الرقي والازدهار، أو محنة تكبل الجماهير وتصادر تطلعها لمستقبل أفضل. ويرصد المؤلف الجذور التاريخية لمحنة الدنيا والدين في المجتمع المصري، ويحلل علاقة الدين بكل من الديمقراطية، ومبدأ الأغلبية والأقلية، ومفهوم التحديث، ومدى إمكانية إقامة نهضة حقيقية في مصر في ظل العلاقة الملتبسة بين الدين والسياسة، وأثر "الفكر الاستهلاكي" على الدين، ثم أثر كل ذلك بالتطور الكبير الذي طرأ على نظرة المصريين للعلاقة بين الدين والدنيا.
في مصر محرمات ثلاثة، إحداها الدين. بأسلوب سلس ولبق، يتلقى جلال أمين قضية الدين في مصر و صدامه مع "الدنيا" إن صح القول. ويعطي الأسباب التي قد تدفع بمن يقدسون مظاهر التدين تقديسا شديدا لارتكاب حماقات تتصف بالقسوة وجرائم في بعض الأحيان بينما هم يدعون إلى الفضيلة، وكيف تأثرت أو لنقل تشوهت الهوية المصرية منذ عصر "الانفتاح" في عهد السادات جراء تحول المجتمع المصري نحو الاستهلاك بشدة. قد لا تكون مراجعتي وافية، لكنه كتاب يستحق أن تقرأه إن كنت مهتما بالشأن المصري.