لم يكن الابداع يومًا غريبًا عن عبد القادر المازني، ذلك الأديب الذي ظل يكتب الأدب حتى ظمئنا لأدبه، ولم ينسى المازني ابدًا أن الأقدار لم تعطيه ما تطلع إليه؛ فظل يسخر منها وممن سلم لها حتى وفاته المنية، ولولا هذه السخرية لمات المازني منذ أمدٍ بعيد. وفي مجموعته القصصية «ع الماشي»، يقدم لنا المازني أربع عشرة قصة قصيرة، لا تكاد واحدة منها تخلو من نقد اجتماعي قائم على السخرية، وقد تنوعت موضوعات هذه القصص بين الحب والغزل، فنراها تشدو بالحب والغزل والجمال، وتنتهي بعض قصصه الغرامية نهاية درامية يَفقد فيها محبوبته.
إبراهيم عبد القادر المازني، شاعر وناقد وصحفي وكاتب روائي مصري من شعراء العصر الحديث، عرف كواحد من كبار الكتاب في عصره كما عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل حيث تمكن من أن يوجد لنفسه مكانًا بجوارهم، على الرغم من اتجاهه المختلف ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان.
مجموعة مقالات قصصية، وهي كما عنونها ع الماشي، كأنه كتبها ليحصل أجرًا من الناشر. وكان المازني مدرسًا ثم اتجه إلى الصحافة، والصحافة جعلت أسلوبه سهلًا لا تعقيد فيه، وكذلك جعلته أقل بيانًا لأنها تطلب السرعة في الكتابة.
وقال العقاد -ولا أذكر المصدر-: أن المازني لو تفرغ للتأليف لأخرج أعمالًا جليلةً.
هي مجموعة قصصية قصيرة، بطلها جميعًا هو المازني، والمازني:
فألقت إليَّ نظرةً وقالت: قالوا إن الإنسان لا يعرف لك جدًا من هزل
فسألتها: وصدقتهم؟
فرفعت إلى عينها وسألتني: هل كذبوا؟
قلت: ليتني أستطيع أن أرميهم بذاك
قالت: إذن لماذا تقول هذا الكلام الفارغ
قلت: سامحك الله يا فتاتي وغفر لك!
قالت: أربع وعشرون ساعة؟، هل تضحك عليَّ؟
قلت: لا تغلطي يا فتاتي .. هو نصف ساعة فقط، ولا مطمع لبنت حواء معي في أطول منه
فقرصت ذراعي فصرخت وقلت: ثم أنساها ولو أدمى القرص جلدي
وكعادة المازني كما قال إنه يخلط الجد بالهزل ويذهب بذلك إلى أبعد مدى، ولا أحتاج إلى ذكر نهاية هذه القصة مع الفتاة التي قرصته، إنها النهاية المعتادة لكل قصة عند المازني، فإنه أيضًا وأيضًا كلما سار خطوةً إلا وظهرت إحداهن له وأحبها وأحبته!، إلا أنه أبرع ما يكون في الحوار والقص والخيال، كهذه القصة القصيرة التي حكى أنه ترك مقر نزوله في لبنان وأولاده وخرج للتمشية ويداه في جيبه، ودندن بأغنية شعبية في طريقة، فإذا بكلب يجري ورائه فوقف ودار على عقبه وواجه وقال له: نعم يا سيدي
قال: هاو . هاو
قلت: أشكرك!، ولكني أستطيع أن أعرف الطريق وحدي
قال: هاو . هاو . هاو
قلت: الحق معك!، وإني لمعترف بخطئي، وأعدك أن لا أغني مرة أخرى إلا في سري، انتهينا؟
قال: هاو هاو . ها هاو
قلت: يا أخي!، إن التائب من الذنب كمن لا ذنب له
قال: هاو هاو هاو
قلت: هممم!، يظهر أن المفاوضات بيننا ستطول، فهل تسمح لي أن أفكر في طريقة لاختصارها قليلا
فأذن بالصمت، فشكرته بعيني، ووقفت أفكر في أمري معه وفي ضيق صدري ونقمته عليّ بلا مسوغ، فما جئت لبنان غازيًا، ولا خوف مني على الكلاب لو عقلتْ، وأخرجت يدي ورفعتها إلى جبيني لأفركه وأستعين بذلك على التفكير، فزجرني الكلب وصاح بي: هاو هاو!
قلت: رجعنا؟
ورددت يدي إلى مكانها وأستغنيت عن معونتها
وبينما المازني كذلك في حديثه مع الكلب، إذا بشجرة وراء الكلب تقول بصوت ناعم: بيجو!، بيجو!، تعال!
فالتفت المازني إلى الشجرة مستغربًا وقال: كوني متواضعة يا شجرة، كالأنبياء، وتعالي أنت!
فلم تتحرك الشجرة ولم تبرح مكانها، ولكن تحركت أغصانها وافترقت - أعني افترت - عن وجه ملائكي ما لجماله ثان في هذا العالم الفاني، فخلتني لحظة في الجنة التي وعدها المتقون، أليس الشجر فيها ينشق ثمره عن الحور العين؟، ولكني يا أسفاه لست من المتقين فلا يمكن أن تكون هذه من الجنة!
ويكون حوارًا بينه وبين الشجرة، فتسأله بعد حديثها عن الكلب عن اسمه: فيقول لها المازني أن اسمه: سعيد بن موفق
قالت: شو؟
قلت: أقول إن اسمي اليوم: سعيد بن موفق
ففهمت وضحكت ثم قالت: وماذا كان اسمك قبل اليوم؟
قلت: أوه!، إن لي كل يوم اسمًا جديدًا، على حسب الأحوال، مثلاً، قبل أن تظهري لي بنصف دقيقة كان اسمي: منحوس بن حيران، وقبل أن تحملني رجلاي إلى هذا المكان كنت: شبعان بن متخوم، وهكذا
ثم (تشابكت) الصداقة المعتادة بينه وبين (الشجرة) ودعاها إلى منزله ليعرّفها بالجراء الكثيرة التي عنده، فذهبت عنده، ثم بعد فترة وهي جلوس معه ومع أسرته إذ قالت: وأين كلابك؟
فقلت: لقد مسخها الله .. كما ترين
وأشرت إلى أولادي، فهاج بي الجمع كله، لا أدري لماذا؟
لم اقرا الكتاب كاملا و ده فقط لان مجموعة القصص دى ع الماشى بزيادة عجبنى طبعا اسلوبه فى السرد و بعض الافكار اللى فى القصص اللى بتبين رائ المازنى فى قضايا بسيطة ع الماشى برده لكن مجموعه القصص دى فيها من البساطة اللى يصل لدرجة السزاجة و عشان كدا مقدرتش اكمل الكتاب و عشان كدا تقيمى
كتاب ع الماشي للمازني هو تجميع لمقالات كتبها في مناسبات مختلفة و علي فترات زمنية متباعدة في زياراته للكثير من البلاد خاصة لبنان و التي حظيت بمجموعة من مقالاته و بلادا اخري داخل مصر. جمعه في هذه الرحلات الكثير من الناس و الاحداث التي كانت مصدر لموضوعات مقالاته. يغلب علي هذه المقالات طابع المرح و حديث الحب . كما يكثر فيها الكلام عن بعض الوقائع الاجتماعية في مصر و لبنان.يتبين من خلال هذه المقالات طبيعة حياة المازني و طبيعة حياة اهل زمنه . نري في هذه المقالات كثير من المواقف التي تدل علي خفة ظل المازني و التي اشتهر بها بين اصحابه. الكتاب خفيف جدا و لذيذ يمكن ان تقراه ع الماشي.