احسست ان الكتاب من أدب السجون، ليس لان الكاتبة دخلت السجن بل لانها دخلت في شيءٍ لم تحس بأنها تنتمي اليه، ذكرني الكتاب بأشياء كثيرة فعلتها في حياتي وجعلتني اشعر بالاكتئاب! اولها دراستي الجامعية الاولى لم تكون ما احببت ان ادرسه وبعدها دخلت في دراسة اخرى واخرى واخرى وجميعها لم تأتي من حب حقيقي في داخل نفسي وكنت اشعر بالاكتئاب وعدم الامان الى ان وجدت ضالتي والحمدلله على ذلك. بالطبع لا يمكن مقارنة هذا وذاك، فالذي دخلت فيه هذه المرأة مرعب جدا ولا اعتقد بأني ساستطيع ان افعل الشيئ نفسه ولو كنت مكانها لما تأثرت ولكن ما اقوله الان لن يغير من الامر شيئا. عجبني البحث المستخدم في الكتاب اذ يبدو لي ان الكاتبة باحثة جيدة وقارئة جيدة جدا لان الامثال المذكورة رائعة في الحقيقة.
عموما يتركك الكتاب بدون ان تعرف النهاية ! ماذا حدث بعد ذلك؟ كيف حالها الان؟ ماذا تفعل؟ هل هناك طريقة انتقامية للحزب الذي انتمت له؟ او انهم لا يهتمون اذا خرج عنهم احد الاعضاء ؟
أعطيت الكتاب ثلاث نجوم على الرغم من أنه عجبني كثيرا وذلك لوجود العدد الكبير من الاخطاء المطبعية والتي اتمنى ان تعيد كتابته وتصحيحه وإخراجه ككتاب اذ انه الان يعتبر تجميع لمقالات نشرت في الجريدة.
فكرة أثر الفراشة عجبتني جدا ولا بد ان ابحث عنها
اقتباسات: في الفيزياء يوجد شيءٍ اسمه أثر الفراشة( the butterfly effect)فلو طنت فراشة في منغوليا قد يحدث إعصار في سان فرانسيسكو ، لان الكون وعاء واحد، يقوم على سلاسل سببيه لا نهائية ، من عناصر شتئ تتبادل التأثير
لم يُشفي الكتاب شغف البحث عندي عن هذا الموضوع، فالرمزيات والعبارات الفلسفية طاغية عليه إلى الحد الذي قد يجعل القارىء غير المطلع على موضوع الكتاب لا يفهم المُراد منه إلا كنظريات فلسفية واجتماعية سعت الكاتبة لإسقاطها على بعض حلقات حياتها. لم يكن كتاباً مكتوباً بقلم كاتبته بالمعنى الحرفي للكتابة، ولكنه محاولة منها لقراءة نفسها في حقبة زمنية مرت بها، ولعل الفلسفات التي ملأت الكتاب كانت بغرض تبرير الدخول والخروج من الجماعة. من يريد قراءة الكتاب عليه أن يبدأ من آخره بملحق حسين مرهون حتى يكون لديه تصور عام في عن ماذا يتحدث الكتاب.
الكتاب في مجمله أقرب ما يكون للرواية التي ينقصها السيناريو والحبكة الدرامية حتى تكتمل فصولها وتكون أقرب لذهن القاريء... لعله كُتب بداية ليس بغرض النشر، وهذا سبب ضعف تركيبته ككتاب، وقربه أكثر لكونه مرجعية ذاتية.
منذ مدة طويلة وأنا أضع كتاب الأستاذة باسمة القصاب الخاص بتجربتها في الانتظام مع جماعة السفارة المنبوذة في الفكر الإسلامي الشيعي ثم خروجها منها على رف الكتب التي أتوق لقرائتها، كنت أنتظر أن يجيب كتابها وهي الكاتبة المتمكنة جدا على سؤال راودني طويلا منذ ان عرفت عن جماعة السفارة "كيف لإنسان مفكر أن يقبل بالدخول ضمن جماعة تدعي أن مصدر معارفها وتنظيمها وأهدافها وعملها هو "الحلم"؟ بينما هو إنسان وليد ثقافة إسلامية شيعية عريقة تقوم على مبدئين واضحين جدا هما القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام مع وجود عقيدة راسخة بغيبة كبرى لإمام مخلص يملئ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وهي عقيدة عالمية يُختلف في بعض تفاصيلها ويتفق على هدف وجودها لدى غالب المؤمنين بشرائع سماوية وأحيانا غير سماوية.
لم يجب الكتاب عن تساؤلي الأساسي ولا عن تساؤلات عدة راودتني وأنا أقرأ الكتاب معتقدة انه سيجيب عليها، لكن توفرت فيه مجموعة من المعلومات التي ربما تعطي فكرة حول أسلوب التنظيم الهرمي وجانب صغير جدا من تفاعلات الجماعة داخله ما فاجأني حقا ان الكاتبة تتحدث عن حرمة السؤال والاعتراض والاستيضاح وهو ما لم أتوقعه مع شعار جمعية التجديد التي أعرف أنها تابعة لهذا التنظيم والذي يوحي بأهمية السؤال والخروج عن المألوف
خيل لي كثيرا وأنا أقرأ العديد من الاقتباسات السوسيولوجية المختلفة التي وظفتها الكاتبة أنها كانت تكتب لنفسها لتُبقي على قوتها مستعرة بداخلها لتتمكن من الثبات على خيار اقتنعت به ذلك أن خروج الإنسان من وسط جماعة التحم معها وآمن بها واحاطته بتوقعاتها الملئى بالأمل حوله دائما ما يكون خروج صعب نفسيا يكاد يكون فطاما عاطفيا لطفل اعتاد على التقام حلمات امه رغم قدرته الكاملة على أخذ حاجته الغذائية منفصلا عنها
هي تجربتها الإنسانية التي ظلت تحاول في كل جملة وفقرة وكلمة خطتها أن توضح أحقيتها في الدخول ضمن هذه الجماعة ثم أحقيتها في الخروج منها وفي وجود أسباب قوية ومقنعة لدخولها ثم اسباب قوية ومقنعة لتخرج منها دون ان توضح الأسباب اللهم الا فلسفيا واجتماعيا وانسانيا وفي اعتقادي الشخصي فاننا كلنا ندخل ونخرج باستمرار ضمن مختلف الجماعات دون ان نحتاج لهذا الحجم من التحليل واستحضار الرؤى الفلسفية ربما لحساسية ما دخلت فيه الكاتبة بالنسبة لمجتمعها العام ولحساسية ما خرجت منه بالنسبة لجماعتها الخاصة
اعتقد ان الكاتبة لم تسهب كثيرا في توضيح خطأ او صواب الاساسات التي قامت عليها تلك الجماعة ربما احتراما ل١٦ عاما قضتها معهم وهو ما احترمه حتما لكني اعتقد ايضا انهم وحتى كتابتها لتلك السطور كانوا يشكلون جزءا من وعيها ولا وعيها وهو ما ساهم في احجامها عن سرد الكثير من الامور التي من البديهي ان تحويها كل سيرة فكرية او شخصية يكتبها انسان وقد يكون للخوف من استعدائهم ايضا نصيب في ذلك الاحجام اذ اني اثق انها تعرف حجم الاحتضان الذي قد تحظى به من قبل المجتمع عموما والذي يعتبرها حتما قد خرجت من الظلمات ويود لو انها بذلك تتجه باتجاه النور
رغم تفهمي لحاجة الكاتبة في كتابة تجربتها وحسب بعيدا عن هدف طرح ما كتبته للقراءة الا ان امتلاء النص بالاقتباسات والشروحات والتحليلات الفلسفية يتسبب بحالة من قطع استرسال القارئ وادخاله في حالة من الغموض قد يكون ما ساعدني على فهم النص خلفيات بسيطة عن الموضوع الذي كتبته الكاتبة لذلك اعتقد ان القارئ من خارج اطار المجتمع او المعرفة بهذه الجماعة سيشق عليه كثيرا فهم الهدف والنص المكتوب
الكتاب مختصر جدا يحوي شئ من الغموض الكثير من التحليل القليل من السرد
تجارب الاخرين قد تضيف لنا الكثير مما نجهله،وتمنحنا ميزة عدم الخوض في تجربة قد لا نعرف عمق ابعادها، في كتابها كالتي هربت بعينيها باسمه القصاب تروي قصة انضمامها لجماعة الامر أو كما هو مشهور عنهم بجماعة السفارة ، تلك الجماعة التي حضيت بجدل واسع في الشارع البحريني الذي كنت بمنأى عنه حينها ،،
المعلومات التي كانت لدى ليست أكثر من جماعة نشأت في السجن تدعي سفارتها عن الامام المهدي بن الحسن عجل الله فرجه الشريف ، لكن مالذي يدور خلف اسوارها ماهي اجندتهم أو آلية عملهم لا أحد يعلم حتى باسمة نفسها لم تفصح بقدر ما اخفت أو لنقل لربما لم تكن تعلم هي الاخرى الا بقدر ما باحت به فهي تكلمت عن كيفية انضمامها قسمها الذي يجب أن تحفظه ، السور والغلاف الذي احاط بروحها
ان التحليل الذي غلف هذا الكتاب رغم براعته الا انه جعل الكتاب ثقيلا بشكل كبير فالقارئ عندما يحمل هذا النوع من الكتب يكون هدفه المعرفة ويتوقع من نفسه أن يقوم بالتحليل وتحكيم نظرته للأمر بعد القراءه ، لربما كانت باسمة تحلل ما حدث نفسها لربما كان تحاول النجاة من التجربة بمعرفة الابعاد التي جعلها تنفصل من هذه الجماعة التي تقول عنها أنها لم تخرج لخلاف شخصي وأنما فكري ، الجماعات السرية دائما تحيطها فكرة السرية والقوة والخوف من التحرر من قيودها جاء هذا الكتاب حذرا ولا يشفي غليل الباحث
لا تستهويني هذه المواضيع كثيراً لدرجة إنني لا أتذكر المرة الأولى التي سمعتُ فيها باسم كلمة "السفارة". إنما أتذكر بشكل ضبابي سماعي بعض التسميات عن هذه الجماعة ووجود "اختلافات" في الوسط، دون الاهتمام حقاً بفحوى هذا الاختلاف أو ما يجري بشكل عام. ولكن …. .
تسرد باسمة القصاب في" كالتي هربت بعينيها" تجربتها مع جماعة "الأمر" في محاولةٍ لتفكيك التجربة وتحليلها و فهم ال16 سنة من حياتها وذاتها التي قضتها مع هذه الجماعة كانطلاقةٍ تعبر منها من ماضي إلى مستقبل.
بعيداً عن الجدال القائم في الساحة. استمتعتُ بما هو أعمق من ذلك، حيث بالإمكان اعتبار الكتاب بوابةً لما هو أعمق من ذلك: “Cults" ، "الجماعات" موضوع مثير يستحق الاهتمام فعلاً . فشكراً لجميع الأصدقاء و من أثراني من محتوى مفيد.
مُلخص بسيط: في الفصل الأول: تسرد باسمة القصاب بعضاً من تفاصيل نشأتها والوعي الديني والسياسي السائد انذاك الذي هيأها لقبول أفكار الجماعة. حيثُ تشكّل عقيدة انتظار المهدي والانتقالة من عالم مليء بالجور إلى عدل ركيزة أساسية في المذهب الشيعي. كما تسرد الطريقة التي من خلالها انضمت للجماعة و أصبحت فرداً منهم.
في الفصل الثاني: تكتب الكاتبة في عدة أبواب معنونةً بـ "الهروب". من الهروب الأول إلى الهروب العاشر؛ حيث تُحلل وتفكك في كل هروب جزء من تجربتها.
في الهروب الأول: تقدم باسمة بعض المفاهيم المتعلقة بالجماعة بشكل عام وتعريف خاص لجماعة الأمر - كما يسميها أفرادها. حيث أنّ الجماعة هي اجتماعٌ بشري منزوٍ تحت غاية مشتركة، هدف مشترك، رؤية مشتركة. مبدأ يجتمع عليه أمر مجموعة من الناس، أو فئة. الغلاف الذي يضبط الأفراد معاً بتمييزهم وفصلهم عن الخارج. أما في تعريف جماعة الأمر: فهي جماعة مسلمة شيعية تؤمن بالأئمة ١٢ والمخلص المهدي كما السواد الأعظم من الشيعة وتنفرد برؤيتها الخاصة التي تعتقد أنه يسبق ظهور الإمام حركة خفيّة، تعمل على إعداد قيادات وكوادر بشرية، تمهد الأرض لقبول خروج المهدي. حيث أنّ هذا التشكيل صادر بـ أمر من الإمام المهدي نفسه الذي يختار الأتباع الخلّص ويقوم برعايتهم من خلال نصوص آمرة وتوجيهات يوصلها إليهم من خلال أحلام أو رؤى أو مكاشفات.
في الهروب الثاني: دراسة الجماعة من خلال ثلاثة مفاهيم: رحم مريم، والرغبة المستحيلة، والحلم. رحم مريم: الوعاء الذي أنجب المسيح (ولادة المخلص) رمز لرحم الجماعة الذي ينجب أنصاراً مخلصين .
الرغبة المستحيلة: تبديل الواقع الزائف الغارق في الظلام إلى عالم مثالي يملؤه العدل ويحكمه الأنصار المخلصون حيث تتعرض هذه الرغبة المثالية البعيدة للقمع والكبت والسخرية والاستهزاء فتم تسميتها بالمستحيلة أو الصعبة.
الحلم: عالم داخلي خاص تعيش فيه الجماعة لتحقيق هذه الرغبة مما يحقق لأفرادها اكتفاءً اجتماعياً، فكرياً، عاطفياً ونفسياً مفصولاً عن الواقع الخارجي. فترى الخارج صورة زائفة يجب استبدالها بصورة الداخل.
الهروب الثالث: يتناول التشكيل الهرمي للجماعة: حيث الإمام يأتي على رأس الهرم ثم الرابطة التي تتشكل من الوكلاء الذين يعينون مسؤولين ومسؤولات عن الأفراد في قاعدة الهرم. في هذا التشكيل الهرمي يسيطر الزعيم على وعي الأفراد داخل الجماعة ويوجه إرادتهم، وعلاقاتهم من خلال النصوص التي يأتي بها مباشرةً من الإمام -كما يقولون- حيث يتم شرح هذه النصوص والأوامر والتوجيهات للأفراد في جلسات خاصة أو عامة. حيث يعتبر الخروج على هذه النصوص خروج على الإمام المهدي وبالتالي تكريس مفهوم: "الطاعة العمياء" أو "التسليم المطلق" للأوامر ورغبة الإمام.
الهروب الرابع: تحليل وتفكيك طريقة التشكيل و الخصائص الاجتماعية والسلوكية للجماعة. حيث تذوب الذات الفردية في ذات جماعية واحدة يتماثل فيها الجميع في نفس الانفعالات والمشاعر والأحاسيس وتحمل الجماعة ردود أفعالٍ مشتركة تجاه القضايا المحلية أو العالمية حيث تشكل الجماعة لنفسها نسق خاص من القوانين والأعراف والممارسات. وترسم حدود العلاقات الداخلية ( تنظيم الأدوار) والعلاقات الخارجية ( علاقات سطحية بالخارج ) لتغليف الأفراد بغلاف الداخل الذي يجعل علاقاتها الاجتماعية قوية ببعضها البعض مما يغنيها عن الخارج حيث لا يمكن لفرد من الجماعة أن يخرج عن قوانين جماعته وأعرافها. وبالتالي فإنّ هذا الغلاف يفرّق بين أفراد الجماعة عن الخارج ليميّزهم ويعطيهم هوية واحدة فتكون جماعة منبعثة في ذاتٍ واحدة عوضاً عن ذواتٍ مختلفة متصلة بجماعة.
الهروب الخامس: كيفية احكام سيطرة الجماعة على عقول ووعي الأفراد.
الهروب السادس إلى الأخير: حيث تبدأ التساؤلات والشكوك بالتراكم بعضها فوق بعض في عقل الكاتبة في الداخل (مسألة الرفع، الدس، عدم طرح الأسئلة، الطاعة، …) مع انفراجة في أوضاع الخارج مهدّت لهذا الانفصال ورؤية الواقع الازدواجي الذي تعيش الجماعة في فقاعته. حيثُ الطاعة المطلقة للأوامر ، عدم طرح الأسئلة وتقديس النصوص والانغلاق على الداخل والواجهة الخارجية التي ترفع شعارات حرية التفكير والتجديد والانفتاح.
انتهيت في وقت قياسي نوعاً ما لكتاب الأستاذة باسمة القصاب، وسبب ذلك هو التعطش للمعرفة أكثر بشأن هذا الموضوع الذي يدور حوله الكتاب.
لقد قرأت شذرات من الكتاب عبر الانترنت مسبقاً، لكن وجود الكتاب بين يديك أكثر راحة وتركيزاً، لذلك كانت الصفحات المئة الأولى من الكتاب مشوّقة جداً، ولا يمكنك ترك الكتاب ساعة الا وعدت لاكمال المتبقي، ولكن في القسم الثاني من الكتاب تصبح اللغة جافة نوعاً ما، لذلك تبطأ القراءة، ومع هذا الجفاف يتعين التركيز في المعاني والأفكار التي تود ايصالها الكاتبة، فقد راق لي كثيراً العديد من الأفكار التي طرحت وكنت اقتبسها، عن الضوء والظلام والسور والأسر، والزمن الذي ورد فيه تعبير جميل من الكاتبة تقول فيه " الزمن هو مجموع لحظات الإنسان المتحركة عبر تأريخه ".
وتقول عن الضوء " يحاصرنا الضوء ليرينا من أنفسنا ما لم نكن نرى، يهيئنا لاستشراف صورة لم نمسك بها بعد يجعلنا نقف عندها بتأمل وهدوء، يحرك – بتمعنه فينا – سواكن أبصارنا وجوامد أفكارنا ..".
" السور (أسر)، وفي السور (سر)، فتصير الفكرة (سراً لسور) أو (سوراً لأسر) ".
ثم التحول في خاتمة الكتاب عبر نقل مجريات الصحافة واصداءه تجاه الكتاب، وهو نقل يحيلك إلى المجتمع آنذاك وكيف استقبل كتاب الأستاذة، وماذا قال عنه، وهو نقد بنّاء للنقص الذي لم يكمله الكتاب، ولعل هذا النقد البنّاء قد وجد ارواء لظماه بعد هذه السنوات، وتحديداً كتاب خارج من الأمر في المحاورة التي اجراها الدكتور علي الديري مع الأستاذ ياسر الجفيري، ففيها من الإجابات التي لم تحتويها تجربة هذا الكتاب.
باسم الحقيقة انتهي أحدهم مصلوبا ، لكنه قبل أن يموت ترك لنا تعريفا عظيما للحقيقة ، فليست الحقيقة ما يمنحنا يقينا ، ليست ما يمنحنا عمقا ، ليست ما يجعلنا أفضل من الآخرين ، ليست ما يبقينا في سجن الأحكام المسبقة ، الحقيقة هي التي تحررنا
ما يبقى معنا من تجارب هو الفن ، أو لنقل ما يبقى معنا من الأخطاء هو الفن ،فهل هناك فن بدون تجربة ؟! وهل هناك فن بدون أخطاء ؟! تكون التجربة فراشة مبدعة ، بقدر ما تتيح لنا أن نخطئ وبقدر ما تبقى معنا مت نعدّل به واقعنا نصحح مفاهيمنا نجدد أفكارنا ، نحول حقائقنا ، نوسع نظرتنا للعالم والحياة
الفراشة هنا لم تحلق بنا بتجربتها بطريقة سردية بل بطريقة تحليلة، فهنا قرأنا الكثير عن تحليل الجماعات.
ولكنني وجدت هنا كاتبة تستطيع كتابة المزيد، سيرة ذاتية كرواية وبطريقة أدبية مميزة وذلك ما يوضحه العنوان (كالتي هربت بعينها) عنوان مميز، وحتى حديثها عن تجربة الفراشة وأثرها. ولن يخلو الكتاب عن بعض الفلسفة بحديثها عن الجماعات والتوغل فيها والاندماج.
الكتاب جميل، ولكن ما جعله عصي بعض الشيء هو قلة السرد، فنحن هنا نود معرفة المزيد من التفاصيل عن تلك التجربة وأثرها اجتماعيا ونفسيا وغيرها.
قبل العام الماضي، لم يكن لدي أدنى اهتمام بأولئك الذين اشتهروا بأنهم "جماعة السفارة". ولكن، مع إبرازهم لأنفسهم بشتى الطرق، وعلى مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل مستفز للجماهير خصوصا، بإنكار معاجز الأنبياء وتفسيرها بأساليب غير مستساغة من قبل العامة، ونقض المسلّمات التي اشتهر بها الشيعة الإثنا عشرية -وعلى رأسها التقليد مثلا-، تملّكني الفضول حيالهم.
لم أتخذ منهم موقفا واضحا، إذ كانت صورتهم وأصولهم ضبابية جدا بالنسبة لي. ولكن ردة فعل العامة ضدهم، إلى درجة إخراجهم من الدين والملة، والدعوة إلى مقاطعتهم كليا وعدم الاستماع إليهم، أثارت دهشتي. ولن أخفي أنني استكثرت ردة الفعل الحادة والشديدة هذه، رغم استيائي من استفزاز التجديديين في الوقت نفسه. بدا لي أن التطرف موجود من كلا الطرفين؛ فالتجديديون يمعنون في استفزاز العامة، وعلى رأسهم [ج ق] في برنامجه. ومن جانب آخر، فإن العامة ذهبوا إلى حد بعيد جدا في خصومتهم للتجديديين. هكذا بدا الأمر إلي، دون أن يكون لي علم واضح بهؤلاء.
الجدير بالذكر أنني، وبدافع من فضولي، مع بدايات ظهور التجديديين في برامجهم، وقبل أن تشتد المواجهة بينهم وبين العامة، قمت بالتواصل مع جمعية التجديد، وطلبت منهم تحديد موعد كي ألتقي بمن بدا لي أنه رئيسهم، [ج ق]، وذلك لأسمع منه مباشرة، عن جماعته، وعن الأفكار التي تحملها، والأساليب التي تنتهجها، والتي تتسم بالطابع الاستفزازي جدا، وذلك بدافع من الفضول، وربما لكتابة مقال عن الجماعة أكون فيه قد استمعت من كلا الطرفين، لا من طرف واحد فقط (الذي هو طرف العامة بالطبع).
بدا الشاب الذي رفع السماعة شديد الحذر معي، طلب مني التعريف عن نفسي، واستفسر عن غرضي من طلبي اللقاء ب[ج ق]، ثم طلب مني كتابة فقرة تعريفية بنفسي، أذكر فيها معلومات شتى عن مؤهلاتي وعملي وما شابه، وبالطبع، عن سبب طلبي اللقاء بالشخص المذكور. طلبوا مني بعد ذلك الانتظار ريثما يسألون الشخص المعني. وبعد ثلاثة أيام لم أسمع منهم خلالها أي خبر، استفسرت منهم مجددا، فأخبروني بأن "الأستاذ [ج ق] يعتذر عن لقائك، وذلك لانشغاله بالتحضير للبرنامج".
لم أستغرب رفضه، ولكنه أزعجني. لم أتفهم سبب الرفض، خصوصا وأني كنت أود سماع طرفهم من الحكاية، لئلا أكون غير منصف عندما أكتب عنهم. ولكني فقدت اهتمامي بالأمر مرة أخرى، بعد مدة وجيزة من ذلك، رغم الضجة القائمة عليهم في كل مكان.
عام ٢٠٢٠، تفضلت الكاتبة باسمة القصاب بإهدائي كتابها "كالتي هربت بعينيها"، موقعا، وذلك قبل أن تبرز جمعية التجديد ونشاطاتها في العام الماضي [٢٠٢٢] مرة أخرى. أصدرت الكاتبة من الكتاب نسخة أخرى مزيدةً ومنقحة، فاقتنيتها مؤخرا، وعاد اهتمامي بهذه الجماعة، مع قراءة الكتاب!
لن أزعج نفسي بتقييمهم أو الحكم عليهم، ولكن التفاصيل التي عرفتها من الكتاب، عن الهيكل الداخلي لتنظيمهم، أدهشتني نوعا ما! التنظيم الهرمي لجماعتهم، وهيمنتهم المرعبة على أفرادهم، إلى درجة إلغاء فرديتهم وأسرارهم كليا بين بعضهم البعض، ووشايتهم على بعضهم البعض عند أولئك الذين هم أعلى منهم مرتبةً في التنظيم (وإطلاقهم على هذه الوشايات مسمى "الرفع")، ناهيك عن أصولهم نفسها، التي بدأت برؤىً وأحلام، كل تلك التفاصيل كانت صادمة بالنسبة لي! ولا أعلم كيف لجماعة تسمي نفسها "التجديد"، بأن تكون هذه أصولها، وأن تفعل كل تلك الفعائل في أفرادها فتلغي إنسانيتهم وتصيّرهم مجرد قطع عمياء في آلة!
أعجبني الجزء الأول من الكتاب أكثر بكثير من الجزء الثاني. فالجزء الأول (وهو المضاف، في الطبعة الثانية الحديثة)، هو الذي تسرد فيه باسمة قصتها مع الجماعة بأسلوب جميل جدا ومفردات جذابة. بينما تميل في الجزء الثاني إلى التحليل والتأمل، وهو الذي وجدت فيه بعض التكرار وما شابه.
الكتاب جميل جدا لمن يود أن يتعرف على من هم "جماعة الأمر الشريف" كما سموا أنفسهم سابقا، و"جمعية التجديد" كما يسمون أنفسهم حاليا.
عطفا على تجربة نرجس الطريف و كتابها فلان تجربة باسمه اكثر اختصارا كما ان باسمه اعتمدت على الفلسفة و التحليل الفكري بجانب السرد و هذا لا يفي بطبيعة الحال الى تلهفنا الى تفاصيل التفاصيل عن جماعة الأمر في البحرين .. أجد ملحق حسين مرهون مفيدا اكثر من هذه الناحية و لكن تجربة باسمة جديرة بالقراءة
الفصل الأول للكتاب والصفحات الأخيرة منه، هو المحور الذي يدور حوله الموضوع الأساسي للكتاب والذي يهم الكثيرين. بين الفصل الأول ونهاية الكتاب، كلام فلسفي تحليلي ممل بالنسبة لي ومكرر كان يمكن اختصاره في ربع صفحاته، قلل من قيمة المكتوب كثيراً من وجهة نظري، كنت أتطلع إلى تفاصيل وأحداث أكثر وأعمق. ولكنها تجربة يشاد بها.
الكتاب حصلت عليه من صديق عند زيارتي البحرين ٢٠٢٣ ! لم اكن متحمسة كثيرا ، لكنني انجذبت لقصة الكاتبة التي كانت عضوة في جماعة الأمر او السفارة في البحرين والتي لأول مرة اسمع فيها من خلال هذا الكتاب! أنا لست مهتمة كثيراً بالدين او المذاهب بحكم تربيتي ربما او ابتعادي عن العالم الأسلام لسنوات طويلة. بعد الهجرة! رغم انني ولدت شيعية المذهب لكنني لا أعرف الكثير من التفاصيل ولم اكن مهتمة بمعرفتها من صغري. لهذا الكتاب كان فرصة لي لتحسين معرفتي . الكاتبة تتكلم عن الحركة السرية التي انتمت اليها في ١٩٨٨ ، وخرجت منها متمردة عام ٢٠٠٤ بعد اقتناع . الحركة تتكلم عن الامام المهدي المنتظر وان هذه الجماعة هي اصلاً اتت من عنده اومن اشخاص يدعون معرفته والتواصل معه، وانهم في هذه الحركة ستتحرر البحرين عن طريق المهدي كما حرر ايران عن طريق الخميني الذي هو من وسائل المهدي للتحرير! مؤسسوها الجماعة في الأصل كانوا سجناء في السجن في البحرين وكانوا من حزب الدعوة أساساً ، لكن الحركة تختلف عن حزب الدعوة! لا اود تخريب القصة او رواية او تحليل الكاتبة عن تجربتها الشخصية ، لكن الشئ المهم الذي غير راي الكاتبة واعتقادها هو حضورها لندوة أقيمت في البحرين للمفكر الاسلامي محمد اركون في ٢٠٠٢ بطلب من مجموعتها السرية ! بعد ان طرح اركون موضوعين: الأسيجةُالدوغمائية المغلقة و الثاني: مالا يمكن التفكير به! اعتقد مالفت نظري اكثر هو اكتشافي تشابه الحركات السرية في كل العالم سواء دينية او لا دينية ! تشابهها في الغاء كيان الفرد وجعله رقماً في التنظيم ! وايضاً وجود الغش والتزييف في إقناع الاعضاء بوجود قوى كبيرة وعليا تراقبهم وتشجعهم ، وانه لايحق طرح الاسئلة الموضوعية لانها تعكس بذرة شك ! وايضاً لماذا البحرين ؟ هل لانها في غالبيتها شيعة تعرضوا للاضطهاد؟ هل لانها قريبة من ايران ؟ هل لان شعب البحرين شعب مفكر اكثر من غيره ؟ هل لأن البحرين فقيرة نسبياً بالنسبة لدول الخليج الأخرى ؟ وايضاً تكشف لك حجم الحرب النفسية التي تتعرض لها عندما تقرر الخروج من الحركة ! الغريب ان هذه الحركة لم تقم بأي شئ سياسي او ثوري ضد الحكم ، لهذا حقيقة لا اعرف لم هي قائمةً إذا كان الهدف الاول تحرير الأراضي الإسلامية تحت راية المهدي! احسها حركة دينية ثقافية مسالمة لكنها ربما كانت ستتحول إلى شئ آخر مع السنوات او مع تغير افكار المنضمين ! محمد اركون في ندوة واحده كان له اثر فراشة كبير وهائل على فكر الكاتبة ! ربما هذا ايضاً يلقي الضوء على اهمية الكتاب والمفكرين واهمية القراءة! تأثر المنطقة كلها بالخميني والثورة الإسلامية شئ مؤسف في رأيي، وانا اعتبره السبب في رؤية الحجابات التي غزت المنطقة! وايضاً تخوين الكثير وايضاً غسيل ادمغة الكثير من الشباب! بالنسبة لأسلوب الكتاب : جميل وجذاب في البداية لكن هناك الكثير من التكرار ، وكان يمكن ان تختصر الكتاب إلى النصف ! كذلك الكاتبة لا تتخطى خطوط حمراء كثيرة ، ولا تكشف أشياء كثيرة في مبادئ وعمل الجماعة ، ودورها هي في هذا الترتيب الحزبي ، لهذا لاتزال الحركة غامضة وغير مفهومة بالنسبة للقارئ! هل هناك شئ يمنع الكاتبة او يخيفها من طرح اكثر شفافية ؟
هروب باسمة القصاب بعينيها ليس هروب خاص بها من جماعة الأمر التي كانت حلمها الأول النقي وسياجها الأول المسنن بأوامر المولى ، فلكل جماعة مولى والأمر باب الجماعة المنغلق على نفسه ، كل تلك التجارب التي تخبرنا بها باسمة في هروبها من الجماعة ما هي الا صيحات الفكر وهي تستغيث محاولة الانفتاح على فضاءات اللامفكر فيه ، هذا الانفتاح الممنوع من كل الجماعات والتي تقاومه بالتأثيم والضلالات والخيبة والخسران المبين ، تستغل فيه خوف الانسان من اللانتماء ، خوف الفرد من اللايقين ، رعبه من اللاستقرار ، عندما يغادر منطقة الآمان ، تجربة باسمة تشابه كل تجارب الانتماء ، الانتماء والغرق في بحر أوامره وتعليماته وعلاقاته التي تتسيّج بأطواق إجتماعية ونفسية وفكرية وعقائدية تلامس الأمل الخاص والعام بالخلاص من أوجاعنا الداخلية ومخاوفنا الكونية ، هذا التشابه في تجاربنا بالانتماء سوف يتكرر في هروبنا منها بنفس الطريقة وبنفس الحجج والمبررات ،ولكن فقط وفقط عندما نبدأ رحلة البحث الحقيقية عن المعنى الخاص بنا داخليا ، موقعنا من الجماعات ، موقفنا من الافكار والاعتقادات التي تسالمت نفسنا معها وتماهى فكرنا فيها . نحن كلنا كالتي هربت بعينيها ، تختلف تفاصيل قصتنا ، تختلف جماعاتنا ، تختلف الافكار والمعتقدات ، وتختلف وتختلف ولكن هي الرحلة ذاتها تتكرر في داخلنا مع الجماعات ، التي تخاف التطاول بالسؤال على معتقداتها وافكارها ، لانه بداية الانكشاف على عوالم جديدة جاذبة مقنعة أكثر ، تتكرر الرحلة من جديد لكل من يبدأ نهج المعرفة ويباشر البحث والتنقيب والحفر في كتابات الاولين والاخرين المحلية والعالمية ، تتكرر الرحلة والهروب عندما تكون القراءات غذاء الفكر تتراكم في راسمالية فكرية علمية ونتذكر فيها عمليات التسييج الاولى لفكرنا بمعية الخوف من تمزيق اي سياج ، ولكن مع أول تمزيق للخوف الملازم لفكرة الهروب ، تكون أول انفراجة للفكرة ، الفكرة التي لا يمكن ان تستسلم أو نخنقها باطارات ضيقة .
الكتاب يتحدث عن تجربة الكاتبة مع جماعة الأمر (السفارة) التي دامت قرابة العقدين، منذ نهاية الثمانينات و حتى خروجها من هذه الجماعة في سنة 2004.
الجزء الأول من الكتاب و الذي سردت فيها الكاتبة قصة دخولها الجماعة، كان مشوق جداً و قرأته في جلسة واحدة، السلبية الوحيدة أن الكاتبة (لسبب ما) كانت متحفظة في كتابتها و كان عامل الغموض يطغي على هذا الجزء، لم تبدي الكاتبة رأيها عن هذا الجماعة و التي على حسب وصفها لهيكلتها التي سردتها الكاتبة بإيجاز هي أشبه بال cult أي الجماعات الدينية السرية.
المعلومات المذكورة من قبل الكاتبة شحيحة، لدرجة أنك تنتهي من هذا الجزء باسئلة أكثر حتى من بداية قراءتك للكتاب، و لا تجد لهذه الاسئلة أجوبة مرضية لترضي فضولك. تتحفظ الكاتبة عن ذكر رأيها الشخصي عن هذه الجماعة لسبب ما، حتى بعد خروجها منها و لا أعلم هل سبب هذا التحفظ هو الخوف او ما الى ذلك، و لكن يصعب علي تصديق بأن علاقة الكاتبة انتهت بهذه الجماعة التي أضاعت عقدين من عمرها بالترهات و الخرافات بطريقة ودية و من دون أي حنق من طرف الكاتبة.
المثير للاهتمام في تجربة الكاتبة هي فترة انضمامها لهذه الجماعة و هي في بداية نشوءها و هذا يجعلها في نظري من أكثر التجارب اهتماماً، لان غالبية التجارب المذكورة من قبل المنشقين من هذه الجماعة هي من أشخاص ورثوا معتقداتهم من أهاليهم و بالغالب لم يختاروها بأنفسهم.
الجزء الثاني من الكتاب كان سرد و حشو ممل جداً بلا فائدة تذكر، لا تروقني هذه النوعية من الكتابات بالمرة.
أقرأ النسخة المنقحة والمضافة من الكتاب الصادرة في 2022. وأقرأها بعد أن أطلعت بشكل وافي على خلفية وقصة جماعة الأمر. وأعتقد أن هذا مهم لسد فراغات غير بسيطة في سرد خلفية جماعة الأمر.
الجزء الأول من الكتاب تسرد فيه الكاتبة بشكل موجز كيف انخرطت في الجماعة وكيف صارت جزءا منها لمدة 16 عاما الى ان وصلت الى لحظة الانعتاق. وهذا هو الجزء الذي اضافته الكاتبة للطبعة الجديدة من الكتاب.
الجزء الثاني هو تحليل الكاتبة لتشكّل ذاتها في الجماعة، للأغلفة والأسيجة التي طوقتها وجعلتها جزء من الجماعة. تقول الكاتبة انها ارادت كتابة (تشكلات الذات) وليس سيرة الذات، وأنها لأجل الانفكاك ارادت تحليل كيف تشكل الغلاف. بهذه الحدود، تبدو النصوص عميقة في بيان كيف تسيطر الجماعة على الفرد وتلغي ذاته كفرد خارج الجماعة.
يتركك الكتاب بشعور الجوع الى شيء مفقود، وهو بالتحديد الغوص في عمق لحظة الانعتاق وبيان أسبابها. لكن الكاتبة تقدم جوابا يقف على السطح، أي سعي الذات لتكون حرّة، سعيها للاختلاف وطرح الأسئلة، خارج الجماعة.
السرد جميل وعرض الافكار جذاب، دفعني لإنهاء الكتاب سريعا.
(كالتي هربت بعينيها) كتاب لباسمة القصاب تروي فيه سيرتها مع جماعة السفارة بدءا من التحاقها بالجماعة بداية التسعينات وانتهاءا بانفصالها عنها سنة ٢٠٠٤م وهذي النسخة الثانية اللي طبعت مؤخرا وفيها إضافات على النسخة الأولى حسب ما وصلني.
غمرتني مشاعر الحنين لفترة التسعينيات وبداية الالفية وانا اقرأ هالكتاب، الفترة الي شهدت مخاض عسير ونهاية سعيدة مفعمة بالأمل ما ينساها جيلنا جيل الثمانينات.
القارئ عند انتهاءه من قراءة هالنوع من الأعمال عادة ما تصير عنده مشاعر سلبية تجاه الطرف المعني وعادة ما يتوقع الأسلوب الحاد للكاتب في تناوله للموضوع ولكن على العكس من ذلك حسيت ان الكاتبة ما تحمل كراهية او مشاعر بالغة في السلبية تجاه الجماعة المعنية.
كذلك طرحها كان محايد وجمعت فيه بين السرد والتحليل، النصف الأول من الكتاب يغلب عليه السرد والنصف الثاني يغلب عليه التحليل.
عجبني أسلوب الكاتبة وتعابيرها القوية والامثلة البليغة اللي اعتمدتها في إيصال فكرتها ولعل الصفحات ٢٣٧-٢٣٩ أبلغ مثال على ذلك.
تعرضها للجماعة في هالكتاب اقتصر على ذكر تاريخها والأساليب اللي اتبعوها في نشر أفكارهم. واعتقادي الشخصي هو ان هدف الكاتبة من نشر هالعمل هو مشاركة تجربتها والدعوة إلى منح الأفراد حرية البحث والاستقلال في اتخاذ القرار بعيدا عن روح الوصاية وهي بذلك لا تعترض على أسلوب جماعة السفارة فقط وانما تعترض على بيئات التعصب جميعها وهي البيئات المميزة لمجتمعاتنا بمختلف اطيافها.
الكتاب شيق وانهيته في يوم ونص، وكنت أتمنى لو الكاتبة ركزت اكثر على التفاصيل والاحداث بحيث تشبع فضول القارئ تجاه هالموضوع الشائك واللي شغل وما زال بال الكثير. انصح به (٣.٥ نجوم).
إذا كنت تبحث عن كتاب يعرض تحقيقاً عن جماعة الأمر، نشأتهم وتطورهم وشخصياتهم.. فليس هذا هو الكتاب المناسب... هذا الكتاب يستعرض تجربة شخصية لكاتبته بالدخول في هذه الجماعة ومعايشتها لسنوات ومن ثم الخروج منها.. هذه التجربة وأثرها على حياة الكاتبة كأثر الفراشة.. فكل حدث حدث لك في الماضي هو السبب لما وصلت إليه اليوم...
تتكلم الكاتبة في هذا الكتاب عن - دوافع الكتاب وتعريف الجماعة - ثلاثة مفاهيم أساسية للجماعة ( رحم مريم – الرغبة المستحيلة – الحلم ) - كتب الشيخ محمد فوزي والسيد حسن الأبطحي وما تحويه من غيبيات وقصص إتصال بالامام وناجي النجار كتاب الجزيرة الخضراء ومثلث برمودا ، كتاب يوم الخلاص، وكتاب ملائكة الغيب قادمون ، هي من الكتب المتداولة بكثرة بين هذه الجماعة - الطاعة والإنقياد والإمتثال للأمر دون سؤال .. قد يسأل البعض عن ماهية هذه الجماعة ويستزيد من معرفة التفاصيل .. بينما أعضاء الجماعة أنفسهم لا يعرفون الكثير إلا الانصياع للأوامر في سبيل تحقيق الغاية والحلم - فهم الذات وانعدام الذات مع الجماعة وظهور الذات في الخروج من الجماعة - نظرية أثر الفراشة
تعاطفت مع قصتها إنسانياً الكتاب كما قال آخرون هو سيرة فكرية وليست ذاتية. وأستطيع فهمه أكثر إذا أخذت بأحد احتمالين إما أن يكون الكتاب موجّه لأصدقاء الكاتبة من داخل التنظيم او خارجه كمحاولة لإيضاح فكرتها لمن لم يساعدها الشرح المطوّل لهم بأن يتفهّموا موقفها من الإنضمام للتنظيم ومن الإنسحاب منه. وأما الاحتمال الآخر هو كونها مثلما هي قالت في نهاية الكتاب أن التجارب السيئة عبر الزمان تجعلها أقوى وهي لا تستذكر الماضي لتتوجع او تبكي عليه او تريد شطبه بل هي تقدّر ماضيها وتعتبره تأثير رفة جناح الفراشة الآخر. أيضاً الكتاب محاولة لتعزية النفس وتسكينها من صدمة الانخراط. أعجبني فيه أن الكتاب ممكن قراءته بعد تجربة حُب فاشلة أو علاقة انسانية وانتهت فهي نوعاً ما تُساهم في فهم الذات التي اكتشفت للتو مدى الانخراط المجنون الذي كانت به وأنها لا ترغب أن تكون منخرطة فيه بعد الآن لأنه يؤثر على جوانب أخرى في ذاتها ويحطمها. لا يفوتني ذكر الروعة اللغوية وجمال الاستعارات والتوريات التي تم استخدامها.
الكتاب كان يفترض به أن يكون عرض لتجربة شخصية للأسف اختلطت فيه شيء من سرد التجربة الشخصية والكثير الكثير من العرض التحليلي للتجربة الشخصية، إضافة إلى الاستخدام المفرط للتعابير والتوصيفات البلاغية.. طوال فترة قراءتي كنت دائماً ما أتساءل إذا كنت أقرأ (عرض قصة لتجربة حياتية اجتماعية) أم أمام رواية تتفنن الكاتبة في عرض عضلاتها اللغوية والبلاغية، لدرجة أني في بعض الأحيان أضيع وأفوّت أو يصعب علي فهم الفكرة وسط الكلمات والاستعارات المستخدمة. أتصور أن هذا الكتاب وطريقة أسلوب الكتابة فيه ليس كل شخص بامكانه استيعاب ما بين سطوره، وهذا الاحساس وصلني عن طريق عرض (الحلقة الحوارية) التي تم نشرها في احدى الصحف المحلية بالبحرين وكان ضيوفها دكاترة وكتّاب على مستوى عالٍ من الثقافة والفكر، والذين أفصحوا بأنفسهم ما يدلل على ما تقدمت به.
عموماً الحمدلله الذي هدى الكاتبة إلى سواء السبيل وإلى الابتعاد عن الطريق الذي كانت عليه وأسأل الله أن يتم عليه نعمته عليها بالهداية إن شاء الله.
كلما أتنقل بين صفحات هذا الكتاب تراودني فكرة المآسي التي حلت بنا بسبب نظرية المهدي فالتاريخ سجل صفحات من دم بإسمه قطعا أنها فاقت من سيأتي المهدي لينقذهم.
بالنسبة للكتاب فقد أتقنت الكاتبة نظرتها التحليلية الناجمة عن خبرتها مع الجماعة لأكثر من ١٦ سنة و للمتحمسين في قراءة قصو درامية فهذا الكتاب لن يصلح لكم. فالجانب السردي يندر بينما حاولت الكاتبة من خلال الأسطر فهم الحالة النفسية و الثقافية التي يمر بها من ينتمي لمثل هذه الجماعات ابتداءا من عملية التقديس و فرض سور دوغمائي وقتل تدريجي لفطرة الأسئلة ثم تتناول الكاتبة التعريف التي وصلت إليه لمبدأ الحقيقة و الذات التي يتم تحريفها و سحقها في مثل هذه الجماعات.
يوجد في الكتاب بعض الفقرات المملة المكررة و ذلك لأنه تم تجميعه من أكثر من نسخة و مقال.
كان لدي توق كبير لقراءة الكتاب ولكني أحبطت قليلاً بعد قراءته فكانت لدي العديد من الأسئلة والتساؤلات حول جماعة الأمر وأهدافها ووسائلها في العمل والوصول إلى مختلف الجماعات أو التأثير فيها قد لا تكون الكاتبة على علم بتلك الأمور كون الجماعة سرية وتسري السرية على المنضمين للجماعة والناظرين من الخارج على حد سواء لكن ذلك لا يخفي انتهاج الكاتبة نوع من الحذر في التعاطي مع الأمر ولكن المميز في الكتاب لغته التي تكاد تكون شعراً..
الكتاب يتكون من أربعة فصول، المهم منها بالنسبة لي هما الفصل الأول -وفيه تسرد الكاتبة تجربتها مع الجماعة- والفصل الأخير. الفصل الثالث أسوأ ما في الكتاب ولم أستطع إكماله؛ إذ شعرت فيه أن الكاتبة أعادت إنتاج طريقة الكتابة الأدبيّة المطلسمة الشائعة في الجماعة التي خرجت منها.
الكاتب استخدم اسلوب غير مباشر في الطرح، لمح الى حوادث بدون تفاصيل مثل التأسيس في السجن. لكن لم يعطي تفاصيل كافية. عندما تصل للهامش، تجد حسين مرهون كتب بوضوح أكثر من الكاتب الأساسي للكتاب.. كون الكاتبة اختلطت في المجموعة لمدة 16 عام يعني انها تملك الكثير من المعلومات، لكن الواضح من الكتاب ان الكاتبة مازالت تريد التحفظ على ما تعرفه.
من الناحية الانشائية والادبية للكتاب فالكاتبة موفقة جدا.
مع خبرتي القرائية الصغيرة.. يمكنني القول أنه حينما يلتمس الكاتب في مقدمة كتابه عدم فرض نوع معين من الفهم عند قراءة الكتاب فإنه متأكد بنسبة كبيرة بأن عدداً غير بسيط من الناس سيسوقونه في سياقات معينة قد و قد لا تخدم أجندات معينة..
يؤسفني أنه تم الزج بهذا الكتاب في الصراع القائم بين جمعية التجديد و مضادينها دون أن يمنح محتواه الحق الكافي من النظر و التحليل و القراءة النقدية، و هو أمر حاولت الكاتبة الفرار منه بالتمهيد لكن جناحي الفراشة الرقيقين لما يسعفانها أمام فوضى العواصف المتداخلة
اللغة الشعرية في الكتاب مرتفعة، و الكاتبة بررت ذلك بطرح رؤيتها حول الكتابة كأداة لمعالجة هذه التجربة و كون النشر لم يكن النية الرئيسية من فعل الكتابة
الجميل في الأمر أن الكاتبة لم تنظر إلى هذه التجربة من منطلق الصحيح و الخطأ، و إنما حاولت تفكيكها و تحليلها باعتبارها شكلت جزءاً لا يمكن الاستهانة به من تكوينها كونها استغرقت من عمرها 16 سنة مستعينة بالكثير من الأفكار حول الجماعات و آلية عملها و خصائصها و العوامل المرتبطة بطرق تشكلها و بقاءها
لم تسهب الكاتبة كثيراً في طرح رؤى و أفكار جماعة الأمر و ارتكزت بدرجة أكبر على وصف هيكليتها، و ذلك ربما لأن هذا لم يكن غرضها من الكتابة في الأساس، الأمر الذي ولد لدي المزيد من الأسئلة و من ضمنها ما طرح في ختام الكتاب حول توجه الجماعة إلى تأسيس الصورة المدنية منها و المتمثلة في جمعية التجديد الثقافية